منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Aug 2017, 11:54 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي المختصر النفيس بذكر مؤلفات الشيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله



الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على من أرْسلَه الله رحمةً للعالمينَ، وعلى آلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلى يومِ الدِّينِ، أمَّا بعدُ:
فقد ترك الشّيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله آثارا جليلة كانت حصيلة جهاده وكفاحه ضد الجهل والبدع والخرافات، إلا أن هذه الآثار معظمها إملاآت أملاها الشيخ على طلبته بالجامع الأخضر، أو مجموعة مقالات كتبها على مجلة الشهاب، ولكنها لم تذهب مهب الرياح، فلله الحمد والمنة أن سخر له تلامذة نسخوا ما حفظوه عن إمامهم وجمعوا تلك الأعمال ونشروها، ومع قلتها فهي كثيرة النفع بغزارة مادتها العلمية وأسلوبها الباهر، ويرجع سبب قلة التأليف عند ابن باديس هو انشغاله بتأليف الرجال كما أثر عنه رحمه الله، فقاعدة ابن باديس هي: «شغلنا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب»، فقد كان رحمه الله منشغلا وإخوانه من جمعية العلماء المسلمين ببناء المدارس وتعليم الأجيال وتربية الأمة والعمل على مكافحة الأمية في أوساط الشعب وتوفير الوسائل المادية والبشرية لنجاح هذا المشروع الضخم، زيادة على انشغاله بمصارعة الاستعمار ومكافحة خطر المشعوذين والدجالين من الصوفية والطرقيين الذين كانوا يثبطون العزائم وينشرون الخرافات بتأييد فرنسا.
وما سأذكره الآن في هذا المقال هو ما أملاه أو ما كتبه رحمه الله على مجلة الشهاب، حيث قمت بجمع جميع المؤلفات المنسوبة إليه سواء كانت من إملائه أو من منشوراته على مجلته دون ترتيب في الجمع، أي ما ستراه من تريتب لم أضعه حسب سنة الإملاء أو النشر بل هو ترتيب عشوائي، ثم قمت بوضع نبذة مختصرة حول كل كتاب حتى يتجلى للقارئ معرفة ما كتبه أو ما أملاه الشيخ طيلة مسيرته العلمية، فنسأل الله التوفيق والسداد.

مؤلفات الشيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله:

1 - إملاء في مصطلح الحديث:

متن مفيد في مصطلح الحديث أملاه الشيخ رحمه الله على طَلَبَتِه المبتدِئين في فنِّ مصطلحِ الحديثِ بالجامع الأخضر بقسنطينة، ضمنه ما لا يستغني عنه المبتدئون في هذا الفن من أنواع علوم الحديث، حررها «بعبارة مختصرة وهي من المطولات مأخوذة ومعتصرة، وهذا شأن الراسخين في العلم؛ فإنهم إذا بلغوا منه مبلغا اختصروا العلم في ورقات بأوجز العبارات»(1).
انتهى الشيخ رحمه الله من إملائه في صفر سنة (1355ه)، حيث كتب في انتهاء الإملاء: «انتهى، ابن باديس في صفر سنة (1355هـ)، هذه بعض الإملاءات في مباديء العلوم الإسلامية، التي كان يمليها أستاذنا الإمام عبد الحميد بن باديس على طلابه في الجامع الأخضر بقسنطينة (1355هـ-1935م)» (2)، وفي نسخة الشيخ الحركاتي: «وهذا آخر ما أملاه لنا الأستاذ باديس على سبيل الاختصار، وما هو في الواقع إلا مقدمة للمطولات، والحمد لله ابتداءً وانتهاءً، وكان الفراغ منه في 30 صفر سنة 1355هـ»(3).
نشر هذا الإملاء لأول مرة بتحقيق الدكتور عمار طالبي عن نسخة خطية هي تملك محمد الصالح رمضان رحمه الله فيما أعلم ولكن للأسف لم أتحصل على هذه النسخة ولم أرها بل سمعت عنها فأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقني للحصول على نسخة من هذه الطبعة، وعن نسخة عمار طالبي انتشر الإملاء الذي شرحه غير واحد من طلبة العلم منهم محفوظ بن عامر حفظه الله.
هذا؛ وقد جاء إملاؤه رحمه الله على وجازته سهل العبارة، حسن المباني، كثير الفوائد والمعاني، جيد الأسلوب والعرض، من كتب أهل العلم منتقى، ومن معين علمهم الصافي مستقى، يدل على اطلاعه رحمه الله على علم الحديث ومصنفاته، وكلام فرسان ميدانه وحماته – إما أصالة وإما واسطة – فتارة تجده يوافق الحافظ ويخالف ابن الصلاح، وتارة يوافق السيوطي ويخالف الحافظ(4).
ويذكر الأستاذ محمد حسين فضلاء رحمه الله قصة لطيفة وقعت أثناء عزم الشيخ رحمه الله على إملاء هذا المختصر فقال: «وأذكر هنا ملاحظة قد طرأت عقب الانتهاء من تدريس «أصول الفقه» فقد عزم الأستاذ على تعويض المادة بفن «مصطلح الحديث»، ورغبنا نحن معشر طلبة القسم تعويضها بإحدى قصائد المعلقات السبع، فكتبنا رسالة باسم طلبة القسم في اليوم الذي تقرر فيه الشروع في «مصطلح الحديث» نبدي رغبتنا، فأخذت الرسالة، وطرقت باب مقصورته مستأذنا بالدخول، فأذن لي، ودخلت، فوجدته مضطجعا على حشية يعد درسه ويحضره.
قلت: سيدي أقدم لكم هذه الرسالة باسم الطلبة. قال: ضعها على المكتب، فوضعتها حيث أمر وانصرفت. فما هو إلا بعض الوقت حتى خرج إلينا، واقتعد كرسيه، مفتتحا درسه في فن «مصطلح الحديث» الذي استغرق فيه خمسين دقيقة في التعريف به مع الشرح والتحليل، والتقديم، وحين انتهى منه طوف بنظرته المشوبة بالابتسام من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين صامتا، ثم قال:
ياقوم لم أهجركم لملالة *** مني ولا لمقال واش حاسد.
لكنني جربتكم فوجدتكم *** لا تصبرون على طعام واحد.
ثم قام وانصرف، وكان البيتان أبلغ جواب على المقترح والرسالة. لكنه رحمه الله ما طالت المدة حتى سارع في تلبية رغبتنا، فأدرج ضمن البرنامج قصيدة «زهير بن أبي سلمة»، وكنا نتلقى درسها في سدة المسجد، حيث أن قاعته مشغولة»(5).

الشروحات المطبوعة على هذا الإملاء:

- شرح أبو إبراهيم زواوي الملياني المعروف بـ: «مراتب التأسيس في شرح إملاء ابن باديس في مصطلح الحديث»، عن دار الفرقان، الجزائر، بتقريظ وتقديم أبو محمد أكرم زيادة.
- شرح محفوظ بن عامر المعروف بـ: «نيـل المنـح بشرح إملاء الشيخ ابن باديس في علم المصطلح»، عن دار الفضيلة الطبعة الأولى كانت سنة: 1431هـ/2010م، والطبعة الثانية كانت سنة: 1433هـ/2012م، عن دار الفضيلة والدار الأثرية للنشر والتوزيع المصرية، بتقديم الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله، وذكر الشارح حفظه الله أن شيخنا عبد المجيد جمعة حفظه الله راجع الرسالة، ونبه تنبيهات قيمة وتوجيهات نيرة استفاد منها الشارح في شرحه(6).

2 – أصول الفقه آيات وأحاديث الأحكام من أمالي الإمام ابن باديس:

وهو كتاب في الفقه أملاه الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله على طلبته في الجامع الأخضر بقسنطينة، مقسما إياه إلى خمسة كتب، الأول منه: كتاب الطهارة، ثم يليه كتاب الصلاة، ثم كتاب الزكاة ثم يأتي بعده كتاب الصيام، وختم بكتاب الحج.
ومنهج ابن باديس في هذا الإملاء هو على طريقة التبويب للمسائل الفقهية ثم ذكر الأدلة من القرآن والسنة، فيذكر الباب ثم يأتي بآية يستدل بها ثم يعقبها بحديث أو أكثر في الباب، فجاءت طريقته موافقة لطريقة السلف في التأليف، هذا ومع صغر حجمه جاء مختصرا مفيدا لا يستغني عنه الكبير ولا الصغير.
وقام بنشره والتعليق عليه تلميذه الأستاذ محمد الحسن فضلاء رحمه الله سنة: 1405هـ/ 1985 م.
ويذكر الأستاذ فضلاء في مقدمة الكتاب كيف نشأت فكرة إخراجه للناس فقال: «وحين عدت إلى مذكراتي، مذكرات الصبا ... عدت إلى هذه المذكرات لأراجعها واستخلص سمينها من غثها، وصوابها من خطئها، فعثرت من بينها على غرر كنت محتفظا بها طيلة خمسين سنة خلت لم تعبث بها يد الضياع، فقررت أن أبرزها إلى النور، وأضعها بين يدي الجمهور – من شبابنا المثقفين-
وجدت كتبا ثلاثة أو أربعة، ومختلفات أخرى... وهذه الكتب الأربعة هي عبارة عن إملاآت كان يمليها الأستاذ عبد الحميد ابن باديس على طلبته يربيهم بها، وينمي معارفهم وأفهامهم ومداركهم بمدلولاتها ومقاصدها.
فكتاب «أصول الفقه» هذا كان يلقى درسا وإملاء على طلبة السنة الثالثة، وقد تلقيته كاملا بحيث لم يفتني منه شيء، وهو ما أوليته عنايتي، فكتبته وأخرجته وعلقت عليه وشرحت ما ألهمني الله إلى شرحه، وبذلت قصارى الجهد في تصحيح مادته وأحاديثه»(7).
وللأسف فهذا الكتاب طبع مرة واحدة ولا توجد له نسخة جديدة الطبع، فنسأل الله أن يوفق الباحثين على إخراجه وطبعه طبعة جديدة.

3- رسالة جواب عن سوء مقال:

هي رسالة في الرد على أحد الطرقيين الغلاة وهو ابن عليوة المستغانمي صاحب تلك الأبيات الدنيئة في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول ابن عليوة:
إن مت بالشوق منكد *** إن تبق في هجري زائد
من هو بالملك موحد *** عبس بالقــــول تســـــــــاعد
ما عذر ينـــــــــــــــــــجيك *** للــــمولى ندعيــــــــــــــــــــــــــــــــــك
ينظر في أمــــــــــــــــــــــريك *** ما نرجوه فيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك
فرُفعت هذه الأبياتُ السابقةُ إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى بعد نشرها في ديوان ابن عليوة المطبوع في تونس عام 1920م، المشحون بالدعوة إلى مبدأ الحلول وحدة الوجود فانبرى الشيخ ابن باديس للردّ عليها بعد أن استخار الله تعالى فكتب هذه الرسالة النافعة الموسومة ﺑ : «رسالة جواب سؤال عن سوء مقال»، نشرها سنة 1922م عن المطبعة الجزائرية الإسلامية، طبعت على نفقة حزب الإصلاح الديني، ثم طبعت هذه الرسالة ضمن آثار الشيخ جمع وترتيب الدكتور عمار طالبي، وأعاد نشرها الشيخ أحمد حماني رحمه الله في كتابه الحافل: «صراع بين السنّة والبدعة»، وحرّر دراسة قيّمة حولها، ثم أعاد طبعها الأستاذ محمد الصالح رمضان، وطبعها طبعة محققة تحقيقا علميا، واعتنى بها تخريجًا وتعليقًا، أبو عبد الرحمن محمود الجزائري، بلا دار نشر، ط1: 1426هـ/2004م.
وهذه الجوهرة الفريدة في الرد على القبوري المستغانمي قرظها مجموعة من العلماء هم:
1 - الشيخ محمد النخلي رحمه الله.
2 - الشيخ بلحسن النجار المفتي المالكي.
3 - الشيخ الطاهر بن عاشور عميد مجلس الشورى المالكي بتونس وقاضي الجماعة بها سابقا.
4 - الشيخ الصَّادق النيفر قاضي الجماعة بتونس.
5 - الشيخ معاوية التميمي المدرس بالزيتونة.
6 - الشيخ شعيب بن عبد الله القاضي سابقا بتلمسان والمتقاعد الآن.
7 - الشيخ المولود بن الوهوب المفتي المالكي بقسنطينة والمدرس بمدرستها.
8 - الشيخ العابد بن احمد بن سودة القرشي خطيب المسجد الإدريسي بفاس وقاضي الجديدة سابقا.
9 - الشيخ محمد العربي المدرس بالقرويين.
10 - الشيخ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر السودي القرشي المدرس بالقرويين بفاس.

4- تحقيق كتاب العواصم من القواصم لابن العربي:

هو كتاب للقاضي ابن العربي الفقيه المالكي، وقف على طبعه وتصحيحه في جزأين – الجزء الأول 1345 هـ/1926 م – الجزء الثاني 1946 هـ/1927 م، عن المطبعة الجزائرية الإسلامية.
وقد اعتمد على هذه الطبعة الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله عند طبعه لمبحث الصحابة من هذا الكتاب منبها على ذلك في المقدمة فقال رحمه الله: «وكتابه –أي ابن العربي – «العواصم من القواصم» من خيرة كتبه، ألفه سنة: (536)، وهو في دور النضج الكامل بعد أن امتلأت الأمصار بمؤلفاته وبتلاميذه الذين صاروا في عصرهم أئمة يهتدى بهم. وهذا الكتاب في جزأين متوسطي الحجم، ومبحث الصحابة الذي نقدمه لقرائنا هو أحد مباحث جزئه الثاني (من ص: (98)، إلى ص: (193)، من طبعة المطبعة الجزائرية الإسلامية في مدينة قسنطينة بالجزائر سنة: 1374)، وكان قد وقف على تلك الطبعة شيخ علماء الجزائر الأستاذ عبد الحميد بن باديس رحمه الله»(8).
وقد اعتمد الشيخ ابن باديس في تحقيه لهذا الكتاب على نسخة يتيمة مخطوطة بجامع الزيتونة، حيث يقول الدكتور عمار طالبي في مقدمة تحقيقه لكتاب العواصم النسخة الكاملة: «... ويمكن القول بأن هذا الكتاب الأصيل في روحه وأسلوبه، في مضمونه، وفي شكله يرى النور في صورته الكاملة المحققة لأول مرة، إذ سبق أن نشره شيخ النهضة الجزائرية عبد الحميد بن باديس (1889-1940م) في جزئين معتمدا في ذلك على نسخة يتيمة مخطوطة بجامع الزيتونة...»(9).

5- مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير وهو المعروف بتفسير ابن باديس:

هذا هو العنوان الذي كان يضعه الأستاذ الرَّئِيسُ عبد الحمد بن باديس- رحمه الله- لما يكتبه بقلمه البليغ في تفسير بعض الآيات القرآنية الجامعة ويجعله فواتح لأعداد مجلة «الشهاب» وهي لمع لامعة في التفسير، يتمنى قارئها عند كل جملة منها لو أن الأستاذ أتمّ تفسير القرآن كله كتابة، كما أتمّه درسًا على تلك الطريقة وبذلك التحليل، إذ يرى أسلوبًا مشرق الجوانب بنور العلم لا يفوقه في الروعة إلا حسن فهم كاتبه للقرآن(10).
طبعه أول مرة أحمد بوشمال سنة1397هـ/ 1948م، مصدرة بكلمة ضافية بقلم العلامة البشير الإبراهيمي، ثم أعيد طبعه على يد الأستاذ محمد الصالح رمضان بمشاركة الأستاذ توفيق محمد شاهين المصري، عن دار الكتاب الجزائري بالجزائر، وطبع بمطبعة الكيلاني بالقاهرة سنة 1384هـ/1964م، ثم أعادت وزارة الشؤون الدينية بالجزائر طبعه سنة: 1402هـ/ 1982م، مصدرة بكلمة لوزير الشؤون الدينية آنذاك وهو الأستاذ عبد الرحمن شيبان، ثم أعيد طبع النسخة التي جمعها محمد الصالح رمضان، وتوفيق محمد شاهين، وقام بتحقيقها والتعليق عليها وإخراج آياتها وأحاديثها: أحمد شمس الدين، وهي نسخة مصورة نشرتها دار الكتب العلمية ببيروت، كانت الطبعة الأولى منه سنة: 1416هـ/1995م، والطبعة الثانية كانت: سنة: 1424هـ/ 2003م، ثم أعاد طبعه وتحقيقه تحقيقا عليما، بتخريج أحاديثه وآثاره: أبو عبد الرحمن محمود الجزائري سنة:1430هـ/ 2009م.
وقد انتهج الشيخ ابن باديس في تفسير القرآن ومعرفة معانيه منهج الراسخين في العلم من أئمة السلف الذين لا يرتاب في كمال علمهم، وأئمة الخلف الذين درجوا على هديهم.
ويتلخص هذا المنهج في تفسيرهم القرآن بالقرآن والسنة بالسنة، وإلا فبأقوال الصحابة رضي الله عنهم، وإلا فبأقوال التابعين رحمهم الله، وإلا فبلغة العرب التي نزل بها الوحي.
وقد سار الإمام على هذا المنهج الصحيح في تفسيره، وطبقه أحسن تطبيق(11).
وأما الخطوات التي اتبعها الشيخ رحمه الله في تفسيره للقرآن، فتتمثل فيما يلي:
أ – تمهيد يضع القارئ في جو النص القرآني المراد تفسيره؛ معتمدا في ذلك على سبب نزول الآية أو الآيات المفسرة، أو رابطها بما سبقها، أو بذكر ما يثير انتباه القارئ إلى القضية التي تعالجها الآية الكريمة.
ب – شرح لغوي للمفردات الأساسية، شرحا يساعد القارئ على قهم مضمون النص، بيسر ووضوح.
ج – تحليل مركز للعبارات والتراكيب، ليبرز خصائص الأسلوب العربي.
د – إيضاح المعنى العام للنص، إيضاحا لا يشوبه إيجاز مخل، ولا إسهاب ممل.
هـ - استخراج ما في النص القرآني من حقائق وقيم مختلفة: كونية، واجتماعية، وأخلاقية، ونفسية، وسياسية، واقتصادية، وتاريخية، وتشريعية؛ مع استطراد – أحيانا – في الجمع والتحقيق، والغوص والتدقيق، والتأصيل والتفريع، والتعليل، والتحليل، والتنبيه والتنويه والتوجيه، وتطريزها بالفوائد العلمية والنكت البلاغية ونحوها.
وتتضح للقارئ الكريم، معالم هذه المنهجية، مشتملة على هذه العناصر، كليا أو جزئيا، فيما تضمنه هذا السفر الجليل، من تفسير آيات بينات من القرآن الكريم(12).

6- مجالس التذكير من حديث البشير النذير:

هذا هو العنوان الذي كان يضعه الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله لما يكتبه بقلمه البليغ في شرح بعض الأحاديث النبوية الصحيحة، ويجعله فواتح لأعداد مجلة الشهاب، سائرا فيها على «طريقة أهل الحديث في الاعتناء بتخريجها والحرص على تنوير القارئ بمراتبها من الصحة أو الحسن، أو الضعف المنجبر بالشواهد والمتابعات»(13).
وهو أثر علمي نفيس، ودرة غالية، وجوهرة ثمينة، يتمنى قارئها لو أن الشيخ أتم شرح الصحيحين أو أحدهما، أو الموطأ كله كتابة: كما أتمه درسا في بضع عشرة سنة، على تلك الطريقة الفذة، وبذلك التحليل الوافي، والأسلوب الرصين(14)، فنعيش مع الإمام محدثاً كما عشنا معه مفسرا بارعا، فالذي يخفى على كثير من القراء أن ابن باديس كان أيضا «محدثا جهبذا، ونقاداً ألمعيا، ومحققا بارعا، وصيرفيا بصيرا، يفلي الأسانيد وينقد المتون، ويتتبع أقوال أهل الصنعة وأساطين الفن في الرواة جرحا وتعديلا، ويحكم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا، قبولا وردا، ويستنبط – مما ثبت منها – الأحكام، ويستخرج الفوائد، ويستجلي المعاني والعبر، ويلتقط من نصوصها الدرر»(15).
هذا؛ وقد كانت أول طبعة لهذا السفر العظيم، طبعة وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة: 1403هـ/ 1983م، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لوفاة الشيخ ابن باديس رحمه الله، مقسمة إلى خمسة أقسام: فأما القسم الأول: مجالس التذكير من حديث البشير النذير، وأما الثاني: أحاديث في أغراض مختلفة، والثالث: موضوعات متصلة بالسنة، والرابع: موضوعات متصلة بصاحب السنة، والخامس: الملحقات، وقد اعتمد في هذه النسخة على الأحاديث النبوية التي شرحها الإمام ابن باديس في مجلته الشهاب، تحت عنوان : مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير وحديث البشير النذير، كما اعتمد في هذه الطبعة على كل ما عثر عليه من آثاره المكتوبة، حول السنة النبوية وصاحبها، صلى الله عليه وسلم، المنثورة منها والمنظومة؛ مما نشر في مجلته الشهاب، وفي جرائد جمعية العلماء، المتعاقبة في الصدور، كالسنة والبصائر وغيرها(16).
ثم أعيد طبعه سنة:1435هـ/ 2014م، عن دار الفضيلة، بتحقيق: أبي عبد الرحمن محمود الجزائري، وهي طبعة جيدة أحسن من الطبعة الأولى من ناحية التحقيق والتعليق، وتخريج الأحاديث والآثار، كذلك من ناحية الترتيب فقد قام المحقق بترتيب المجالس المذكورة في مجلة الشهاب وترتيبها ترتيبا يراعى فيه زمن نشرها، كما ضم لها بعض المقالات المنشورة بقلم الشيخ ابن باديس في باب القصص الديني وغيره في المجلة نفسها، كملاحق، لصلتها بحديث البشير النذير صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة(17)، كما قام المحقق بالإبقاء على عناوين المجالس كما هي في الأصل، غير عنوانين، فإنهما بقلمه وهما:
1- السيادة في البر لمن ساد البحر.
2- حماية الأعراض من التهم.
كما يلاحظ كذلك على هذه الطبعة أنها لا تحتوي القسم الثاني من طبعة الوزارة، وقد علل المحقق ذلك بقوله: أن هذا القسم ليس بقلم الإمام ابن باديس، بل من إعداد الشيخ مبارك الميلي كما صرح بذلك في رسالة الشرك ومظاهره حين قال في (ص: 76 من الطبعة المحققة باعتناء أبي عبد الرحمن محمود): «وسبق أن كتبنا في ردها – بما عطل من صحف جمعية العلماء – فصولا تحت عنوان: آثار وأخبار: أن حماية الدين لا تكون إلا بالعلم، وأن أصل علم الدين الكتاب والسنة»(18).
هذا وقد سار ابن باديس رحمه الله في هذه المجالس على منهج علمي متين يتمثل في الخطوات التالية:
أ- تمهيد: يهيئ القارئ لإدراك الموضوع الذي يعالجه الحديث النبوي.
ب- السند: يذكر فيه الرجال الذين رووا الحدث، ومصادره ورتبته العلمية والعملية.
ج- المتن: يتعرض فيه إلى ألفاظ الحديث وعباراته، وإلى مختلف الروايات التي ترد بها بعض الأحاديث.
د- الألفاظ والتراكيب: يشرح ألفاظ- الحديث شرحا لغويا يبرز معانيها، في عبارات واضحة، تساعد على فهم الحديث، متعرضا- في بعض الأحيان- إلى ما يتصل ببعض التراكيب من قواعد اللغة وبلاغتها، لمزيد من الإيضاح والبيان.
ه- المعنى: يعمد فيه إلى إيضاح المعنى العام للحديث، يستوعب عناصره الأساسية، ويتعرض لمختلف الأوجه التي ترد بها بعض الأحاديث، في تركيز واعتدال.
و- استنباطات: يستنبط مما يرشد إليه الحديث النبوي من حقائق وأحكام وقيم مختلفة، نفسية وأخلاقية واجتماعية وتاريخية وتشريعية وكونية؛ مطبقا ذلك كله على البيئة الجزائرية والأمة الإسلامية، والمجموعة الإنسانية، على غرار منهاجه في تفسير القرآن الكريم.
وهذه الخطوات، كما نرى، منهجية تربوية شاملة، تربط الماضي بالحاضر، وتطبق الأحكام المستنبطة على الواقع العملي، وتوجه إلى مواطن القدوة والأسوة، ببيان ما قامت عليه الأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، من علل وأسباب، وما ترمى إليه من حكم ومقاصد، كل ذلك بأسلوب عربي مبين، تتقبله القلوب والعقول بالرضا والانشراح، والاقتناع بأن مبادئ الإسلام، هي الكفيلة بإسعاد المؤمنين العاملين بهديها، من الأفراد والجماعات، في كل زمان ومكان(19).



- يتبع -

======

(01): من مقدمة نيل المنح لمحفوظ بن عامر بتصرف يسير.
(02): نيل المنح لمحفوظ بن عامر (ص:93).
(03): المصدر السابق.
(04): انظر مقدمة نيل المنح لمحفوظ بن عامر بتصرف يسير.
(05): أصول الفقه آيات وأحاديث الأحكام من أمالي الإمام ابن باديس (ص:10 -11).
(06): مقدمة نيل المنح (ص: 14).
(07): أصول الفقه آيات وأحاديث الأحكام من أمالي الإمام ابن باديس (ص:9 -10).
(08): مقدمة تحقيق العواصم من القواصم لمحب الدين الخطيب رحمه الله (ص:50) مكتبة السنة.
(09): مقدمة تحقيق العواصم من القواصم للدكتور عمار طالبي (ص:5) مكتبة دار التراث –القاهرة.
(10): من كلام الإبراهيمي عند تصديره لمجالس التذكير التي جمعها أحمد بو شمال رحمه الله، انظر آثار الإبراهيمي (2/254).
(11): انظر مقدمة مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، طبعة أبو عبد الرحمن محمود (1/22).
(12): انظر مقدمة مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، ط. الشؤون الدينية بقلم عبد الرحمن شيبان (ص:12)، وانظر مقدمة أبو عبد الرحمن محمود (1/25).
(13): مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص:14) تحقيق أبي عبد الرحمن محمود.
(14): مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص:40) تحقيق أبي عبد الرحمن محمود.
(15): مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص:10) تحقيق أبي عبد الرحمن محمود.
(16): انظر مقدمة مجالس التذكير من حديث البشير النذير بقلم الأستاذ عبد الرحمن شيبان (ص:22) طبعة وزارة الشؤون الدينية.
(17): مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص:46) تحقيق أبي عبد الرحمن محمود.
(18): مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص:45)، الحاشية رقم (02)، بتحقيق أبي عبد الرحمن محمود.
(19): انظر مقدمة مجالس التذكير من حديث البشير النذير بقلم الأستاذ عبد الرحمن شيبان (ص:22-23) طبعة وزارة الشؤون الدينية

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 Aug 2017, 10:02 PM
منصور خيرات
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

جزاكَ اللهُ خيرًا أخِي بِلَال؛ أحسنتَ صُنعًا.

أرجُو أن لا تنسَى إكمالَ هذا المَوْضُوعِ الجَمِيلِ، فوَاللهِ قَدِ اسْتَمْتَعْتُ وأنا أقرئُ، وأقُولُ في نفسِي: (( أرجُو أن لا ينتهِي هذا المقالُ الجَمِيلُ )).

وأكثَرُ ما أعجبنِي؛ هُوَ إبرازُ الصُّورَةِ العِلْمِيَّةِ للعلَّامةِ المُصلحِ ابنِ بادِيس - رحمهُ اللهُ تعالى - في عِدَّة فنُون منَ العِلمِ، كالحديثِ والفِقْهِ وغيرِ ذلكَ ممَّا تمَّ ذكرُهُ وممَّا سيأتِي ذكرُهُ - إن شاءَ اللهُ تعالى -.
ولا أحسبُ أن يفُوتَكَ - بإذن الله تعالى - إملاؤُهُ - رحمهُ اللهُ تعالى - في أُصُولِ الفِقْهِ؛ فلعلَّكَ تذكُرُهُ فيمَا يأتِي - بإذنِ اللهِ جلَّ وعلَا -.

وَلَعَلَّ طَلَبَةَ العِلْمِ يَجِدُونَ في هذه المُؤلَّفاتِ مَا يُخرِجُونَ منهُ بُحُوثًا، خاصَّةً ما يتعلَّقُ بالتَّفْسِيرِ أوْ ما يتعلَّقُ بعِلْمِ الحَدِيثِ مِنْ حَيثُ عِلْمِ المُصْطَلَحِ أوْ مِنْ حَيْثُ شَرْحِ الْحَدِيثِ.


وَلِي عَوْدَةٌ - بإذنِ اللهِ تعالى - بعدَ إتمامِكَ لما بدأتَهُ، يسَّرَ اللهُ لكَ ذلكَ. آمِينَ.

أخُوكَ.

التعديل الأخير تم بواسطة منصور خيرات ; 17 Aug 2017 الساعة 10:03 PM سبب آخر: خطأٌ إملائيٌّ في كلمةٍ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 Aug 2017, 10:05 PM
منصور خيرات
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وَأُجَدِّدُ لكَ شُكْرِي، إذْ لَمْ أكُنْ على عِلْمٍ بأنَّ الإمامَ ابنَ بادِيس - رحمهُ اللهُ تعالى - لهُ مُؤَلَّفٌ اعتَنَى فِيهِ بالْفِقْهِ.
فجزاكَ اللهُ خيرًا.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 Aug 2017, 07:22 PM
محمد سيف الدين جنايحي محمد سيف الدين جنايحي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
المشاركات: 5
افتراضي

عنوان الكتاب: أصول الفقه آيات وأحاديث الأحكام من أمالي الأستاذ الإمام عبد الحميد بن باديس*.
المؤلف: عبد الحميد بن باديس*.
المحقق: محمد الحسن فضلاء*.
حالة الفهرسة: مفهرس فهرسة كاملة*.
سنة النشر: 1405 - 1985*.عدد المجلدات: 1*.
رقم الطبعة: 1*.
عدد الصفحات: 94*.
الحجم )بالميجا(: 6*.
تاريخ إضافته: 19 / 08 / 2017*.

https://archive.org/download/osaaaau...saaaauiahb.pdf
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 Aug 2017, 12:33 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي الحبيب بلال بريغت فدائمًا تتحفُنا بالمواضيع المفيدة النَّافعة لا سيَّما ما كان متعلِّقا بجمعيَّة العلماء المسلمين، وإنَّ الكلام عن العلَّامة ابن باديس -رحمه الله- لكلامٌ شيِّقٌ، والتنقُّل بين آثاره ومؤلفاته -رحمه الله- يرفع الهِمَمَ ويحيي في النَّفس الجدَّ في الطَّلب، وقد أجدت في عرض المادَّة العلميَّة وأحسنت التَّعريف بمصنَّفاته -رحمه الله-، فبارك الله فيك على هذه الخدمة، وأرجو أن تتمَّها فأعانك الله وسددك ووفَّقك.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 Aug 2017, 06:35 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

وفيكم بارك الله جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013