منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 Jan 2008, 04:34 PM
عبد الغني بن أحمد الأثري عبد الغني بن أحمد الأثري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: المغرب / مدينة الداخلة حرسها الله
المشاركات: 74
إرسال رسالة عبر MSN إلى عبد الغني بن أحمد الأثري إرسال رسالة عبر Skype إلى عبد الغني بن أحمد الأثري
افتراضي من الولي /للشيخ محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله تعالى

(تفريغ من شريط)



الحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه و رحمته وبركاته على ذاك النبي الكريم و الرسول الأمين و على آله وأصحابه أجمعين و بعد،

حديثي معكم أيها الإخوة حديث يتمناه كل مسلم فمن منا لا يرغب و لا تتوق نفسه بأن يكون وليا من أولياء الله تعالى. ما من مسلم إلا و تتوق نفسه ليكون وليا من أولياء الله تعالى. الناس أمام الله بين ولي و بين عدو لا ثالث لهما و كل منا نتمنى بتوفيق الله تعالى أن نكون من أوليائه. لدي حديث شريف حديث قدسي يخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم ويحكيه عن ربه فيقول النبي صلى الله عليه و سلم فيما يحكي عن ربه سبحانه و تعالى: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب . من عادى لي انتبهوا لهذه الإضافة من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب. قبل أن نعرف إلى ما، أو نخوض فيما أشرت إليه كيفية اكتساب الولاية: كيف يكون الإنسان وليا لله، فلنعرف من الولي؟
لئلا يختلف الناس في تعريف الولي، تولى الله سبحانه و تعالى بنفسه تعريف الولي: { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62-63] . وصف الولي بوصفين اثنين المؤمن التقي الذي يخاف الله و يراقبه و يعظم الله و يعظم تعاليمه و شرعه و يعظم رسوله و يوقره و يتبع سنته و يقف عند حدوده هذا هو الولي. الولاية بفتح الواو لا الولاية: الولاية سلطان، الولاية بمعنى المحبة.

الولاية أيها الإخوة أمر مكتسب ليست كالنبوة.النبوة بالاصطفاء الله هو الذي يصطفي من شاء من عباده ليكون نبيا رسولا واسطة بينه و بين عباده في التبليغ و التعليم و الهداية أما الولاية فأمر مكتسب.

كيف تكتسب الولاية؟
يقول الله سبحانه و تعالى في هذا الحديث القدسي:(ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه). أول ما تبدأ أول خطوة لتسير إلى الله و لتكون ولي الله تؤدي ما افترضه الله عليك. ما افترضه الله عليك أمران اثنان: فعل و ترك. فعل ما أوجبه الله عليك جميع ألوانه و ترك ما حرمه الله عليك هذا أول السلم تمتثل جميع المأمورات و تجتنب جميع المنهيات. بعد ذلك، تبدأ في الإكثار من النوافل و إذا أكثر العبد من النوافل أحبه الله. النوافل أيضا تشمل نوافل الصلاة، نوافل الصيام، نوافل الإنفاق و الحج و العمرة و جميع ما يحبه الله و يرضاه و ليس من الواجبات، تؤدي جميع هذه النوافل و تقوم بها فإذا فعل ذلك أحبه الله. من أدى الفرائض بامتثال المأمورات و اجتناب المنهيات و أكثر من النوافل أحبه الله. هذا هو الأمر المطلوب أن تكون محبوبا عند الله أي صرت وليا من أولياء الله تعالى.

(و لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه) إذا وصل إلى هذه الدرجة صار لا يطلب من الله طلبا إلا و يعطى و لا يستعيذ إلا و يعاذ (و لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه). عند ذلك يقول الله سبحانه و تعالى إذا أكثر من النوافل( كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها). كيف ذلك؟
يأتي تفسير ذلك في آخر الحديث فبه يسمع و به يبصر و به يبطش و به يمشي، أي يوفقه الله توفيقا خاصا بحيث لا يسمع إلا ما يرضي رب العالمين، لا يسمع إلى ما حرمه الله: تأنف نفسه أن يسمع إلا ما يحبه رب العالمين ولا يبصر إلا في مرضاة الله تعالى لا ينظر و لا يطلق عينيه إلا في مرضاة الله فيغض بصره عما يبغضه الله فبه يسمع و به يبصر و به يبطش لا يمد يده إلا في مرضاة الله تعالى يبطش و يصرع و يجاهد و يقاتل و لا يمشي إلا في مرضاة الله تعالى أي يكون موفقا في جميع حركاته وسكناته لشدة المراقبة و لشدة المحبة. يحب الله محبة صادقة و محبة الله تعالى روح الإيمان من رزقه الله محبته فأحبه و أحب شرعه و أحب نبيه و أحب ما جاء به نبيه عليه الصلاة و السلام محبة صادقة و راقب الله سرا و علنا و خشي الله في الخلوة و الجلوة، صار وليا صادقا من أولياء الله تعالى.

الولاية كما قلنا تكتسب بهذه الطريقة. الولاية ليس أمرا موروثا. لا يوجد في الإسلام بيت ولي حتى يكون كل من ينتسب إلى هذا البيت وليا من أولياء الله تعالى كما يقولون بالعافية، سواء امتثل أو لم يمتثل، آمن أو لم يؤمن، عمل صالحا أو لم يعمل، طالما ينتسب إلى البيت الفلاني فهو ولي؟ هذا أمر لا يقره الإسلام. قد يكون الرجل كافرا فيكون الولد وليا. لا عبرة إلى أصل الإنسان و فصله: أنت الذي تكتسب الولاية، فكبار الصحابة آباؤهم ماتوا في الجاهلية و هم من كبار أولياء الله تعالى. ثم إن الولاية أيها الإخوة، لا فرق بين الولاية أو بين الولي و بين النبي من حيث المعنى بل الأنبياء هم من كبار الأولياء و في طليعة الأولياء. أولو العزم من الرسل و خاتمهم و أفضلهم محمد صلى الله عليه و سلم في طليعة الأولياء.الولاية ليست بالأمر الهين: أولئك هم الأولياء حقا ثم من يتبعهم و يعمل بسنتهم و يسلك منهجهم هؤلاء هم الأولياء.

إذا عرفنا معنى الولاية و عرفنا بأن الله تولى تعريف الولي و عرفنا كيف نكتسب الولاية، إذا علينا أن نعمل، و كيف نعمل؟ نبدأ بالعلم: العلم قبل القول و العمل. لا بد أن يرفع الإنسان رأسه ليتعلم ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم. مستحيل أن يصير العبد وليا لله وهو جاهل بما جاء به محمد رسول الله عليه الصلاة و السلام. إذا لا بد من العلم. العلم قبل القول و العمل. و ليس معنى التعلم أن تترك أعمالك، أن تترك الناس أعمالها، فتدخل الجامعات و المعاهد و المدارس لتتعلم. العلم الذي يتعلمه كثير من الناس من هذه الطرق النظامية علم دنيوي يفيدك في دنياك لكن العلم الذي ينفعك عند الله و تصير به وليا من أولياء الله تعالى ممكن أن تتعلم من المساجد، ممكن أن تتعلم من العلماء الموجودين بين أيديكم، ترتب لك درسا على شيخ من المشايخ: درسا في العقيدة، درسا في التفسير، درسا في الحديث، درسا في اللغة العربية تتعلم. أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام ليسوا بجامعيين، كيف تعلموا؟ منهم التجار و منهم المزارعون و لكن كانوا يتناوبون مجلس رسول الله عليه الصلاة و السلام في ذلك المسجد: ينزل من العوالي فرد أو فردان يحضرون درس رسول الله عليه الصلاة و السلام، حديثه كله درس، يجلسون إليه فيسمعون فيحفظون فيرجعون إلى من وراءهم فيبلغونهم، و في الليلة المقبلة ينزل عدد آخر و هكذا يتعلم أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام، بعضهم بالحفظ فقط لا يقرؤون و لا يكتبون: أبو هريرة الذي تسمعونه، حافظ هذه الأمة، من أحفظ الصحابة على الإطلاق لا يقرأ و لا يكتب، يحفظ بشهادته على نفسه، زميله عبد الله ابن عمر ابن العاص يقول هو خير مني لأنه يقرأ و يكتب و لكنه أكثر منه حفظا. أريد أن أقول: تعلم العلم النافع الذي تكتسب به الولاية و تتقرب به إلى الله و تكون من أوليائه بإمكان كل فرد أن يتعلمه. إذا نظمت أوقاتك، جعلت من أوقاتك ولو نصف ساعة لتتعلم و لئلا تبقى جاهلا. أحذرك أيها المسلم أن تبقى جاهلا عما جاء به رسول الله عليه الصلاة و السلام إذا ما حظك من رسول الله عليه الصلاة و السلام إذا كنت تجهل ما جاء به النبي عليه الصلاة و السلام، ما حظك منه؟ يجب وجوبا عينيا على كل مسلم و مسلمة أن يتعلم العلم الضروري.العلم علمان: علم ضروري لا يسع مسلما أو مسلمة جهله و علم كفاية. تعلمك كيف تعبد ربك و كيف تتبع نبيك محمدا صلى الله عليه و سلم و كيف تعامل إخوانك المسلمين في البيع و الشراء و كيف تعامل جيرانك و كيف تتجنب ما حرم الله عليك و تمتثل المأمورات، العلم الذي تعرف به هذه المعاني علم ضروري لا يسع مسلما جهله و بدون هذا العلم مستحيل أن تكون وليا من أولياء الله تعالى، إن أولياؤه إلا المتقون، ما التقوى؟ التقوى امتثال المأمورات و اجتناب المنهيات. إذا كنت لا تعلم ما هو المأمور به و ما هو المنهي عنه، كيف تكون وليا من أولياء الله تعالى؟ مستحيل. إذا خلاصة الأمر: التعلم. و التعلم كان صعبا في الماضي و الناس كانت ترحل: يرحل الرجل من هنا إلى صنعاء، و كان يضرب المثل بصنعاء في البعد (لا بد من صنعاء ولو طال السفر) لبعد صنعاء، لطلب حديث. يسافر شخص إلى الشام، إلى العراق يطلب حديثا واحدا أو ليصححه. أما الآن، فبين أيديكم في كل مدينة في مساجدكم علماء. كون الناس يزهدون في العلم الديني و يتعلمون ما يعيشون به في هذه الحياة. نحن لا نحرم أن يتعلم المرء ما يتعيش به: العلم الدنيوي. قد يتعلم، قد يخترع، قد يعمل، لكن لا يجوز له أن يجهل العلم الديني الذي به يصير وليا من أولياء الله تعالى و من أتباع محمد رسول الله عليه الصلاة و السلام.

وصفت لكم كيف كان الصحابة يتعلمون و علينا أن نتعلم بطريقة أسهل من تلك الطرق، مثل أن نطلب في كل مسجد من مساجدنا عالما من العلماء. كل حي يطلب عالما من العلماء و طالب علم في مساجد الأحياء، فنرتب لنا دروسنا: أول ما نبدأ بالعقيدة لأن العقيدة أساس الإيمان. الإيمان يبدأ بالعقيدة. يتألف الإيمان من عمل القلب و قول اللسان و عمل الجوارح. عمل القلب هو العقيدة إذاً فلنتعلم ما نعتقده في ربنا سبحانه و تعالى و ما نعتقده في أنبياء الله و في كتب الله و في اليوم الآخر أي معلومات تسمى المطالب الإلهية كل ما يتعلق برب العالمين، مطالب أو معلومات تتعلق بالأنبياء و تسمى النبوات و معلومات تتعلق باليوم الآخر تسمى شؤون المعاد. نبدأ بهذه، ثم نتعلم شروط الصلاة، واجبات الصلاة و أركان الصلاة، و نتعلم كيف نعامل إخواننا المسلمين في هذه الحياة لئلا نسيء، نتعلم الأعمال التي تتعلق بأعمالنا اليومية في البيع و الشراء لئلا نقع في المحرمات و لا نعامل الناس بالربويات و غير ذلك. هذه العلوم بإمكاننا أن نتعلم بأبسط و بأقرب الطرق حتى نكتسب بذلك ولاية الله تعالى و بدون هذا العلم لا يمكن أن يكون العبد وليا لله. لم يتخذ الله وليا جاهلا لأن الجاهل لا يعلم ما يقربه إلى الله و ما يبعده عن الله لذلك، لا أكثر عليكم و لا أطيل، إنما وصيتي الخاصة و نصيحتي الخاصة، الدين النصيحة، أن نشتغل بالعلم و أن نتعلم و ألا نضيع أوقاتنا في الملاهي. تلك الأوقات التي تضيع في الملاهي فلنصرفها في تعلم ما أوجبه الله علينا سبحانه و تعالى و أسأل الله لي و لكم علما نافعا و عملا صالحا مقبولا و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و آله و صحبه.
سائل يسأل، في آخر هذا الدرس لا بد من الإجابة على بعض الأسئلة: هل الخضر من أولياء الله تعالى و هل هو حي؟
الجواب: اختلف أهل العلم في: هل الخضر ولي أو نبي؟ أرجح القولين عندي أنه نبي. راجع ما جاء في قصته في سورة الكهف مما يدل على أنه نبي و لكن المسألة محل اختلاف. و إذا قلت هذا الراجح عندي، دائما المسائل الخلافية، إذا قال طالب علم هذا هو الراجح، أمر نسبي. قد يكون بالنسبة لغيري أنه ولي. أما كونه حيا، لا ليس بحي. الدليل: كل من أدرك رسول الله عليه الصلاة و السلام بعد مبعثه يجب عليه أن يؤمن به و يتبعه. لو كان الخضر حيا، لأخبر النبي عليه الصلاة و السلام أنه جاءه فآمن به و اتبعه. يقول النبي عليه الصلاة و السلام: (لو كان أخي موسى حيا لما وسعه إلا إتباعي). الله أخذ العهد و الميثاق على جميع الأنبياء و أتباعهم أن يؤمنوا بهذا النبي الكريم و يتبعوه. و لما لم نعلم أن الخضر جاء إلى النبي عليه الصلاة و السلام و آمن به، أيقنا تماما أنه مات قبل ذلك، و الله أعلم.

و هنا سؤال في غاية الغرابة وهذا سؤال الخرافيين يقول: هل هذا الكلام صحيح: الأولياء خاضوا البحر، وقف الأنبياء بساحل البحر؟
لو كان القائل بهذا الكلام يفكر في المعنى، هذا الكلام خطير على إيمانه لأن في هذا انتقاص للأنبياء، أي تحليل هذا الكلام: إن الأنبياء دون الأولياء. و الأولياء خاضوا بحرا، أي بحر؟ بحر العلم أو البحر الهندي، البحر الأحمر أو غيره، أي بحر؟ بحر الولاية؟ إن كان بحر الولاية و بحر العلم، الأولياء ما وصل إليهم من العلم و الهدى إلا من طريق الأنبياء. الأنبياء سفراء الله إلى خلق الله و الأولياء لم يكونوا أولياء إلا باتباع الأنبياء. فرق بين الأولياء المطلع عليهم وبين الأنبياء. و هذا الكلام خطير جدا على من يقول هذا، إن كان يعتقد أن الأولياء أفضل من الأنبياء و أكثر علما، هذا أمر خطير لكن لا يقوله جاهل لا يدري ماذا يقول. كثيرا ما ينقل مثل هذا الكلام من كتب المتصوفة. المتصوفة معروفون بالجهل لذلك لا تنخدعوا بهم.

الأسئلة كلها حول الأولياء، السؤال الثالث يقول: ما حكم الإسلام في من يذهب إلى الأولياء و يطلب منهم الذرية...إلخ؟
إن كان الولي الذي ذهب إليه وليا من أولياء الله تعالى ليطلب منه الدعاء ليرزقه الله الذرية الصالحة و الرزق الواسع والعمل الصالح، يدعو له: هذا جائز. هذا يسمى التوسل بالصالحين. طلب الدعاء من الصالحين يسمى التوسل بالصالحين ولا معنى للتوسل بالصالحين إلا هذا المعنى. إذا قيل: هل يجوز التوسل بالصالحين؟ نقول نعم. ما معنى التوسل بالصالحين؟ طلب الدعاء منهم لا أقل ولا أكثر.
إن كان السؤال يعني: شخص يحتاج إلى ذرية صالحة ذهب إلى شخص يعتقد فيه الصلاح و التقى فقال له: يا أخي، يا عبد الله، ادع الله لي أن يرزقني ربي ذرية صالحة. هذا طيب جدا، هذا هو التوسل بالصالحين ولا يعرف في الإسلام التوسل بالصالحين إلا بهذا المعنى.

أما ما يفعله العوام: يا سيدي فلان أريدك بالذرية، يا سيدي فلان أريدك بمصيبة نزلت، يا سيدي فلان...إلخ. نداء الأولياء في زعمهم و الاستغاثة بهم و طلب الطلبات منهم، هذا ليس بتوسل، هذه تسمى استغاثة في لغة الإسلام. الاستغاثة دعاء و الدعاء هو العبادة. بل الاستغاثة أدق من الدعاء العادي: الاستغاثة دعاء المضطر. كون الإنسان يطلب من مخلوق ما، نبيا كان أو وليا، مالا يملكه إلا رب العالمين: هذا شرك أكبر في باب العبادة. يجب أن نفرق بين التوسل و بين الاستغاثة. أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام كانوا يتوسلون برسول الله عليه الصلاة و السلام. هذا سؤال يجب أن تفهموه: كيف كان الصحابة يتوسلون بالنبي عليه الصلاة و السلام؟ يطلبون منه الدعاء في مواقف حرجة. حصل قحط في عهد رسول الله عليه الصلاة و السلام، أي جفاف شديد بلغتنا اليوم، و كبار الصحابة، مع محبتهم لرسول الله عليه الصلاة و السلام يهابونه، لم يقولوا شيئا إلى أن جاء أعرابي ذات مرة ورسول الله عليه الصلاة و السلام يخطب خطبة الجمعة. دخل أعرابي فمشى بين الصفوف إلى أن وصل تحت المنبر، فرفع بصره إلى النبي عليه الصلاة و السلام قائلا: يا رسول الله.عندما يقول الإنسان يا رسول الله ماذا يتوقع المسلمون اليوم؟ يقولون هذا الذي يتوقعون لكن انتبهوا ماذا قال الأعرابي: يا رسول الله، هلكت الأموال و انقطعت السبل، ادع الله يغيثنا. هذا هو توسل بالصالحين. الأعرابي، ساكن البادية، بدوي يأتي من البادية، فيعلم هذا العلم، يعلم لكل ذي حق حقه: يا رسول الله، هلكت الأموال و انقطعت السبل فادع الله يغيثنا. فقطع النبي صلى الله عليه و سلم خطبة الجمعة و رفع يديه، فبالغ في الرفع إلى أن ظهر بياض إبطيه لأن القوم كانوا يلبسون البردة اليمنية: إزار مزركش و رداء مزركش، ليس عليهم جلابيب. رفع يديه و بالغ في الرفع حتى ظهر بياض إبطيه فجعل يقول: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ثلاث مرات. يقول راوي الحديث أنس ابن مالك خادم رسول الله عليه الصلاة و السلام: خرجت سحابة صغيرة من وراء جبل السلع. جبل السلع، عندما تذهبون إلى مسجد القبلتين، و أنتم خارجون من المدينة، على اليسار جبل صغير يقال له جبل السلع. يقول ليس بيننا و بين جبل السلع دار، نرى الجبل و نرى ما يخرج من وراء الجبل. خرجت سحابة صغيرة من وراء جبل السلع فارتفعت و توسطت فأمطرت حالا. فرسول الله عليه الصلاة و السلام في الخطبة جدب. انتهت الخطبة و قضيت الصلاة و خرجت الناس إلى بيوتهم في المطر. واستمر المطر من الجمعة إلى الجمعة حتى خافوا على أموالهم و أنفسهم. يقول أنس: في الجمعة المقبلة، دخل أعرابي من الباب نفسه. قيل له هل هو الأعرابي الأول أو غيره قال لا أدري المهم أعرابي. و مشى بين الصفوف إلى أن وصل تحت المنبر و رفع بصره إلى النبي عليه الصلاة و السلام و قال: يا رسول الله، هلكت الأموال و انقطعت السبل، ادع الله يرفعها عنا. فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يقول: اللهم حوالينا و لا علينا. اللهم على الآكام و الضراب و بطون الأودية و منابت الشجر. يقول الراوي: كلما يشير النبي عليه الصلاة و السلام إلى جهة فيقف المطر من تلك الجهة إلى أن وقف تماما وهو في خطبة الجمعة: علامان من علمات النبوة في أسبوعين متتاليين. فخرجت الناس بعد الصلاة في الشمس. لما جاء عام الرمادة، هذا محل الشاهد في عهد عمر، حصل قحط كهذا القحط. معناه لم يحصل بعد ذلك لا في آخر عهد النبي عليه الصلاة و السلام و لا في عهد أبي بكر. قحط شديد و جفاف شديد جدا في عام يقال له عام الرمادة في عهد عمر. تعالوا بنا: ماذا فعل عمر؟ فعمر هو عمر و هل ذهب عمر إلى قبر النبي عليه الصلاة و السلام ليتوسل به و يطلب منه المدد؟ فعمر يعرف أن الجسد الشريف معقود في القبر كما دفن عليه الصلاة و السلام إلى وقتنا هذا، إلى أن يبعثه الله، جسد النبي عليه الصلاة و السلام معقود في كفنه لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. مع ذلك هل ذهب ليتوسل بالنبي و يطلب منه الدعاء؟ لا، لأنه في الحياة البرزخية. لا يطلب الدعاء من النبي إلا في الحياة الدنيوية أو يوم القيامة. ما طلب منه شيئا، ماذا فعل؟ فعمر يؤمن بأن جاه النبي عليه الصلاة و السلام أعظم من جاه جميع الأنبياء. و قد سمعتم في قراءة الإمام في موسى (و كان عند الله وجيها)، و قال الله في عيسى (وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين). فجاه النبي عليه الصلاة و السلام أعظم من جاه موسى و عيسى و غيرهم لأن الله أثبت أنه إمامهم في ليلة الإسراء و المعراج لما أحياهم و جمعهم في بيت المقدس و صلى بهم إماما و اكتسب لقب: إمام المرسلين. هذا النبي الكريم عليه الصلاة و السلام، الصحابة يؤمنون بجاهه، الإيمان بجاهه واجب، و هل توسلوا بجاهه؟ لا. هل يشرع التوسل بذلك الجاه العظيم؟ لا. ماذا فعل عمر؟ جمع الناس في ميدان فقال، هذه القولة محل الشاهد من القصتين لنربط بين القصة الأولى و الثانية، قال: اللهم، إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك برسولك فتسقينا، إشارة إلى القصة السابقة، الآن نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. و في الحضور العباس ابن عبد المطلب. قال: قم يا عباس فادع الله. فقام العباس فدعا الله، فأجاب الله دعوته، و سقى الله العباد و البلاد. المفروض عمر هو الذي يدعو لأنه الخليفة، لكن آثر العباس لقربه من رسول الله عليه الصلاة و السلام: عمه. فعمر يقول: كنا نتوسل إليك بنبيك. كيف توسلوا به؟ طلبوا منه الدعاء. وهو الآن طلب الدعاء من العباس. إذا نتعلم من لغة عمر معنى التوسل بالصالحين: طلب الدعاء من الحي الصالح حياة دنيوية لا حياة برزخية. و هذا مستقر....؟؟ أيما رجل تظن فيه الصلاح، لك أن تطلب منه الدعاء فيدعو لك. يقال فلان توسل بالصالحين، هذا وارد. إذاً، إذا فهمنا معنى التوسل، لا نقول للصالحين أغيثونا، خذوا بأيدينا، نريد منكم الذرية، نريد كذا... لا.هذا نريده من الله، يطلبون لنا من الله الذرية و المطر و غير ذلك من الخيرات. هكذا نتوسل بالصالحين.

يبدو لي بأني أطلت. لعل الله يمن علينا بزيارة أخرى، و خشية الملل، أكتفي بهذا المقدار على أن نعود مرة أخرى لإكمال ما نريد أن نقوله و ما نريد أن نقوله كثير خصوصا في باب التوسل و الاستغاثة لكن كما يقال خير الكلام ما قل و دل، و أسئلتكم تكون محفوظة عندي لتحفظ لنا العودة إن شاء الله بتوفيق الله سبحانه و تعالى و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 Jan 2008, 05:04 PM
أبو أنس عبد الهادي أبو أنس عبد الهادي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: الجزائر - مدينة سعيدة
المشاركات: 361
افتراضي

جزاك الله خيراً..

ورحم اللهُ العلامةَ محمد أمان رحمة واسعة..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 Jan 2008, 12:09 PM
عبد الغني بن أحمد الأثري عبد الغني بن أحمد الأثري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: المغرب / مدينة الداخلة حرسها الله
المشاركات: 74
إرسال رسالة عبر MSN إلى عبد الغني بن أحمد الأثري إرسال رسالة عبر Skype إلى عبد الغني بن أحمد الأثري
افتراضي

وجزاك أخي الكريم
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الجامي, الولي, توحيد, عقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هكذا ينبغي أن يعاملوا ... موقف عظيم لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله للشيخ خالد الظفيري محمود الليبي السلفي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 2 19 Jan 2008 12:23 PM
ثلاثة أشرطة، شرح ثلاثة الأصول، للشيخ الفقيه محمد العثيمين رحمه الله أبو أنس عبد الهادي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 3 06 Jan 2008 08:31 AM
نبذة صغيرة عن "الفتوى الحموية لشيخ الإسلام" من كلام العلامة أمان الجامي -رحمهما الله- أبو أنس عبد الهادي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 4 16 Dec 2007 11:14 PM
لقائل أن يقول: ما بالك والأشاعرة؟!! - للشيخ أمان الجامي رحمه الله أبو أمين مختار الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 14 Dec 2007 04:48 PM
خطبة جمعة للشيخ عبد السلام برجس رحمه الله تعالى حاجة الأمة إلى أهل العلم محمود الليبي السلفي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 09 Dec 2007 02:40 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013