منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 29 Mar 2018, 08:03 AM
أبو همام عبد القادر حري أبو همام عبد القادر حري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 102
افتراضي (( من فقه عدم الإلتفات -٢- ))

بسم الله الرحمن الرحيم

من فقه عدم الالتفات (2)

الحمد لله مسبغ النعم , ومشرِّع القيم , خالق الناس من عدم , ذي الجلال والإكرام والطول والإنعام ,وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على المبعوث رحمة للأنام,وعلى الآل والصحب الكرام ,وبعد:
فهذه فوائدُ فتح الله بها أُضيفها إلى ماسبق ذكره ممّا يتعلق بفقه عدم الالتفات :

[الدعوة إلى الله دون التفات إلى المخالفين أو المخذِّلين]

قال الله تعالى: "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ "(الحجر94).
وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ : أي :لا تبالِ بهم، ولا تلتفت إِلى لومهم على إِظهار أمرك.(زاد المسير).
كان النبي صلى الله عليه وعليه وعلى آله وسلَّم يدعو إلى الله ولا يبالي بأحد من المعارضين من أهل الشرك والنفاق كما في حديث رواه أحمد وغيره بسند حسن عن ربيعه بن عباد الدِّيلي، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصرَ عيني بسوق ذي المجاز يقول: "يا أيها الناس، قولوا: لا إِله إِلا الله تُفْلحوا"! ويدخل في فجاجها، والناس مُتقصِّفون عليه، فما رأيت أحدًا يقول شيئًا، وهو لا يسكت، يقول: "أيها الناس، قولوا: لا إِله إِلا الله تُفْلحوا"! إِلا أن وراءه رجلًا أحول، وضيء الوجه، ذا غديرتين، يقول: إِنه صابئ كاذب، فقلت: من هذا؟ قالوا: محمَّد بن عبد الله، وهو يذكر النبوّة، قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمّه أبو لهب .

-ويؤخذ من هذا أن الذين يلتفتون إلى من يعارضهم في دعوتهم فيشتغلون بهم أو ينقطعون عن الدعوة تماما بسببهم ليسوا على الجادة السوية ولا على الطريق المرضية , وهذا نبينا صلى الله عليه وعليه وعلى آله وسلَّم لا يلتفت إلى أبي لهب ولا يبالي به وهو من خلفه يكذّبه ويصد الناس عن دعوته.

[الاستقامة تقتضي عدم الالتفات ]:

[ا] قال الله تعالى :"فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"
1- قال بن كثير : يَأْمُرُ تَعَالَى رَسُولَهُ وَعِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ.أه ,فكان من فقه عدم الالتفات الثبات على سلوك طريق الاستقامة .

2- والنهي عن الركون للظالمين المنحرفين عن طريق الاستقامة لقَوْلهُ بعدها مباشرة : {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} قال ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلَا تَمِيلُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] ، فَقَالَ: لَمْ يَرُوغُوا رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ.(وهذا تعبير مناسب إذ لازم الاستقامة أن لا يلتفت كالتفات الثعلب وجاء النهي عن هذا في الصلاة ).

[ب]- قال الله تعالى :"وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

1- تضمَّنت الآية بعد الحثِّ على اتِّباع الصراط المستقيم , النَّهي عن اتِّباع سبل الشياطين وهي الخطوط التي خطّها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم على جنبتي الصراط وقال "على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ",و هي أبواب الحرام من شبهات وشهوات حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم من محاولة الاقتراب منها , كما في الحديث " وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ، قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ." فمنِ التفتَ إليها لا يأمن على نفسه منَ الافتتان بها وولوجها.

2- ينبغي صرف النَّظر عن أبواب الحرام المتمثلة في الشبهات والشهوات وقطع الأسباب الموصلة إليها فالدَّجال يُنأَ عنه , والمجذوم يُفرُّ منه ,ومتاع الدنيا لا يُلتفت إليه. قال الله تعالى : "وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى "(طه131).

[الاستقامة إقبال والالتفات إدبار] :

[ج] –قال الله تعالى :"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ" (الأنفال15)
- التَوَلي يومَ الزَحْفِ من الكبائر وهذا إحجام في موضع الإقدام والتفات مذموم وصاحبه ملوم من المخذولين الذين يولّون الأعداء أدبارهم وقد اصطف الموفَّقون يقابلون الأعداء بصدورهم .اللهمَّ اجعلنا منهم ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .

[عدم الالتفات إلى ما يصدُّ عن أمر الله ]:

[د]-قال الله تعالى :فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)

- أضجع إبراهيم ابنه إسماعيل عليه وعلى أبيه السلام ليذبحه امتثالا لأمر الله ولم يلتفت إلى داعي الهوى والنفس والشيطان .
ذكر البغوي : {فَلَمَّا أَسْلَمَا} انْقَادَا وَخَضَعَا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
{وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} كبَّه لِوَجْهِه عَلَى جَبِينِه لئلا ينظرَ فِي وَجْهِه فتدركُهُ رِقَّةٌ تَحُولُ بَيْنَه وَبَيْنَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

[ه]- أخرج البخاري في صحيحه من قصة هاجر وإسماعيل حيث جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسِقاء فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل؛ فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها .. فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا. ثم رجعت.

1- ترك إبراهيم عليه الصلاة والسلام زوجته وابنه الرضيع في مكان قفر موحش لا أنيس فيه ولا شيء بأمر الله وانطلقَ قاصداً حيث ُوجهَّه ربُّه وهو لا يلوي على أحدٍ ولو كان أقرب قريب .

2- عدم التفاته إليها مع شدّة إلحاحها, لقوّته في دين الله وكمال انقياده وإقباله على أمر مولاه. .

3- إجابة إبراهيم لهاجر بعدما نادته ثلاثًا وسألته آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم,فما زادها فوق هذه الكلمة والظاهر والله أعلم أنه لم يلتفت إليها.فاعتبر بهذا وبحال من قالوا " شغلتنا أموالنا وأهلونا " نسألك اللهم العافية.

4- التفات إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعدما أمن أن لا أحد يراه سوى الباري جلّ في علاه,هو استقبال لبيت الله وإقبال بوجهه على الله وهذا التفات مشروع إلى قبلة الداعين , كما جاء في الحديث :
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.

والموضوع لا زال قابلا للبسط أكثر كالتفات القلب إلى المخلوقين بالرياء وطلب المحمدة ,والتفات العين إلى الحرام والله "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" , والالتفات إلى التلميح "مابال أقوام " وترجيحه أحيانا على التصريح "بئس خطيب القوم أنت ",ولكل مقام مقال والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

كتبه أبو همام عبد القادر حري
صبيحة الخميس 11رجب 1439
29مارس 2018


التعديل الأخير تم بواسطة أبو همام عبد القادر حري ; 29 Mar 2018 الساعة 12:54 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 Mar 2018, 08:53 AM
خالد أبو علي خالد أبو علي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 473
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 Mar 2018, 11:51 PM
أبو الهيثم تقي الدين الأخضري أبو الهيثم تقي الدين الأخضري غير متواجد حالياً
ثبّته الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: الجزائر حرسها الله
المشاركات: 158
افتراضي

الدعوة إلى الله -تكون- دون التفات إلى المخالفين أو المخذِّلين وإلى ترك الكذابين
وبالمقابل فهي تكون بمصاحبة الصالحين والإنكباب على الراسخين والمواضبة على الواضحين
فجزاكم الله خيرا شيخنا أبا الهمام على النصح المبين
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, الإلتفات, الحلقةالثانية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013