فهذه تتمة لما عرض من قبل من رسالة عبارات موهمة/للدكتور محمد بن عمر بازمول
ومن هذه العبارات الموهمة:
قول بعضهم: "الإناء إذا كان ملآناً فإنه لا يقبل الزيادة".
يقول بعض الناس هذه العبارة عندما يريد أحد أن يناقشهم ويطالبهم بالأدلة على صدق دعواهم، فإنه يقول: لا فائدة من ذكر الأدلة لك، وبيان ما نعتقد؛ لأن قلبك ملآن كالإناء الملآن فإنه لا يقبل الزيادة. وبهذه العبارة يردون المناصحة ولا يقبلونها.
وهي عبارة موهمة ذات معنى باطل؛ إذ يلزم منها أن دعوة الأنبياء لقومهم أهل الشرك والضلال لا فائدة منها، ويلزم منها تعطيل باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصواب أن يدعو المسلم من يراه على باطل يدعوه إلى الحق، ويبلغ ما لديه، امتثالاً لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل:125)، ولقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات:55)، ولقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} (الغاشية:21-24).
والقلب إذا أراد الله هدايته نفعه ما يسمعه من الزواجر والنواهي والترغيب والترهيب، وأحدث فيه هزة تزيل عن قلبه الرين، وتكشف حجب الشهوات والشبهات، ويتسرب نور الإيمان والهداية إليه. ومن لم يرد الله هدايته لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من الهوى.