منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 22 Aug 2015, 03:22 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تحف العناية بكتاب "البداية والنهاية" (5) (فوائد متعلقة بكتاب الله تعالى)

::: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم :::
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعد:

فهذه هي الحلقة الخامسة من «خزانة تُحف العناية بكتاب "البداية والنِّهاية"» ولا يزال الكلام متواصلا عن (الفوائد المتعلِّقة بكتاب الله تعالى) وأوَّلها:

· وجهان في إعراب قوله تعالى: "إلَّا امرأتَك"

«قال الله تعالى: ﴿قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾[هود:81].

قوله: ﴿إلا امرأتَك﴾ على قراءة النَّصب يحتمل أن يكون:

1- مستثنى من قوله: ﴿فأسر بأهلك﴾ كأنه يقول: إلا امرأتك فلا تسر بها.

2- ويحتمل أن يكون من قوله: ﴿ولا يلتفت منكم أحد﴾ إلا امرأتك أي: فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم، ويقوي هذا الاحتمال قراءة الرَّفع.

ولكن الأول أظهر في المعنى، والله أعلم».[1/ 420].

· معنى "سجيل" في قوله تعالى: ﴿وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل﴾

«قال الله تعالى: ﴿وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل﴾[الحجر: 74]؛ والسِّجيل: فارسي معرَّب، وهو الشَّديد الصَّلب القوي».[1/ 421].

· التَّحذير من مشابهة قوم لوطٍ عليه السَّلام

«قال تعالى: ﴿فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم﴾[الذاريات: 35 - 37]. أي: تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة وخشي الرحمن بالغيب، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فانزجر عن محارم الله، وترك معاصيه وخاف أن يشابه قوم لوط، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم، وإن لم يكن من كلِّ وجه فمن بعض الوجوه؛ كما قال بعضهم:

فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم ... فما قوم لوط منكم ببعيد
فالعاقل اللبيب الخائف من ربه الفاهم يمتثل ما أمره الله به عز وجل، ويقبل ما أرشده إليه رسول الله من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال، والجواري من السراري ذوات الجمال، وإياه أن يتبع كل شيطان مريد فيحق عليه الوعيد، ويدخل في قوله تعالى: ﴿وما هي من الظالمين ببعيد﴾[هود: 83]».[1/ 424].

· شعيبٌ عليه السَّلام خطيب الأنبياء

كان بعض السلف يسمي شعيبا "خطيب الأنبياء" يعني: لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته، وقد روى إسحاق بن بشر، عن جويبر، ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبا قال: ذاك خطيب الأنبياء».[1/ 429].

قلت: وقد أفادني شيخنا أبو البراء –وفقه الله- أنَّ ذلك من أجل الموضع في سورة هود من قوله تعالى: ﴿وإلى مدين أخاهم شعيبًا﴾ الآيات.

· أجرى الله عزَّ وجلَّ على يدي شعيب عليه السلام آياتٍ لم تنقل إلينا تفصيلًا

«قال تعالى: ﴿وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم﴾[الأعراف: 85]، أي: دلالة وحجة واضحة، وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به، وأنه أرسلني، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلا، وإن كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالا».[1/ 429].

· نهى شعيبٌ عليه السَّلام قومه عن قطع الطريق الحسية الدنيوية والمعنوية الأخروية

«قال الله تعالى: ﴿ولا تقعدوا بكل صراط توعدون﴾[الأعراف: 86]، كانوا يأخذون العشور من أموال المارة، وقال إسحاق بن بشر، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كانوا قوما طغاة بغاة يجلسون على الطريق يبخسون الناس يعني يعشرونهم، وكانوا أول من سن ذلك ﴿وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا﴾[الأعراف: 86]، فنهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية والمعنوية الدينية».[1/ 430].

· الحلال مبارك وإن قلَّ، والحرام ممحوق وإن كثر

قال الله تعالى: ﴿ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ﴾[هود: 85-86]، قال ابن عباس، والحسن البصري: ﴿بقية الله خير لكم﴾ [هود: 86]، أي: رزق الله خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف، وقال ابن جرير: ما فضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل، والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف، قال: وقد روي هذا عن ابن عباس، وهذا الذي قاله وحكاه حسن، وهو شبيه بقوله تعالى: ﴿قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث﴾[المائدة: 100] يعني: أن القليل من الحلال خير لكم من الكثير من الحرام فإن الحلال مبارك وإن قل، والحرام ممحوق وإن كثر، كما قال تعالى: ﴿يمحق الله الربا ويربي الصدقات﴾[البقرة: 276]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الربا وإن كثر فإن مصيره إلى قل» رواه أحمد أي: إلى قلة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا، وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما، وكذبا محقت بركة بيعهما».[1/ 431].

· الصفة المحمودة العظيمة وضدُّها المردودة الذَّميمة

قال الله تعالى حاكيًا قول شعيبٍ عليه السلام لقومه: ﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه﴾[هود: 88]، أي: لست آمركم بالأمر إلا وأنا أول فاعل له، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه، وهذه هي الصفة المحمودة العظيمة وضدها هي المردودة الذميمة، كما تلبس بها علماء بني إسرائيل في آخر زمانهم، وخطباؤهم الجاهلون قال الله تعالى: ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون﴾[البقرة: 44]، وذكرنا عندها في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يؤتى بالرجل فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه. أيتخرج أمعاؤه من بطنه فيدور بها، كما يدور الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه»، وهذه صفة مخالفي الأنبياء من الفجار والأشقياء، فأما السادة من النجباء والألباء من العلماء الذين يخشون ربهم بالغيب فحالهم كما قال نبي الله شعيب: ﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت﴾[هود: 88]، أي: ما أريد في جميع أمري إلا الإصلاح في الفعال والمقال بجهدي وطاقتي ﴿وما توفيقي﴾[هود: 88] أي في جميع أحوالي ﴿إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب﴾[هود: 88]، أي: عليه أتوكل في سائر الأمور وإليه مرجعي ومصيري في كل أمري».[1/ 432-433].

· وفاقٌ بين قول قوم شعيب عليه السلام وقول كفار قريشٍ للنبي صلى الله عليه وسلَّم

قال الله حاكيًا قول قوم شعيب عليه السَّلام: ﴿قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول﴾[هود: 91]، أي: ما نفهمه ولا نتعقله لأنا لا نحبه ولا نريده، وليس لنا همة إليه ولا إقبال عليه، وهو كما قال كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون﴾[فصلت: 5] وهذا من كفرهم البليغ وعنادهم الشنيع.[1/ 435].

· الوفاق بين العذاب والسِّياق في قصة مدين

قلت: وهذه الدرَّة النَّفيسة قد نشرتها من قبلُ في هذا المنتدى المبارك مع تتمَّة في مقال بعنوان: "الوفاق بين العذاب والسِّياق في قصة مدين مع تتمة في أن الجزاء من جنس العمل".



فتحي إدريس
7/ذو القعدة/1436

يتبع إن شاء الله


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 22 Aug 2015 الساعة 03:37 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 Aug 2015, 06:54 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي - فتح الله لك و عليك -

فوائد قيمة وتحف منمقة ، زادتنا علما ونفعا- جعلها في ميزان حسناتك -
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 Aug 2015, 09:21 AM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

جزاك الله خيرا .. أسأل الله أن يزيدك من فضله ..
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 Aug 2015, 11:23 AM
ابوعبيدة عبدالوهاب الهمال ابوعبيدة عبدالوهاب الهمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 316
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 Aug 2015, 04:32 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظكم الله إخواني الكرام على مروركم الطيِّب؛ ومتابعتكم.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 Aug 2015, 10:13 AM
شعبان معتوق شعبان معتوق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: تيزي وزو / معاتقة.
المشاركات: 331
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي فتحي على هذه الفوائد النافعة، المتعلِّقة بكتاب الله تعالى، وفَّقك الله و أعانك على إتمامها.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 Aug 2015, 11:15 AM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي


حفظك الله أخي الحبيب، و زادك علما و فضلا و عملا، جزاك الله خيرا.
واصل وفقك الله، فنحن في انتظار المزيد.
كما أشكر شيخك حفظه الله و رعاه على ما يبذله من مجهودات كبيرة :
اقتباس:
أبو البراء –وفقه الله-
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31 Aug 2015, 03:38 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزى الله الأخوين الكريمين شعبانَ ويوسفَ على مرورهما الطيِّب، أكرمكم الله وبارك فيكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فوائد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013