منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13 Nov 2017, 11:04 AM
محمد مزيان محمد مزيان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 42
افتراضي الشجاعة في قول الحق



الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:

فإن الشجاعة خلقٌ كريم، نبيلُ الطبع، خلق يحمل النّفس على الفضائل، ويحرسها من الاتّصاف بالرّذائل. ولذا تجد الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متَّسِعَ القلب.

ولهذا جاءت الآيات في كتاب ربنا تحثّ المؤمنين على الشّجاعة، يقول سبحانه: " وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " . ويقول سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ" . ويقول سبحانه: " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَة ".

وأفضل من اتصف بهذا الخلق هم الأنبياء والمرسلون، وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. فلقد كان أشجع الناس. قال أنس رضي الله عنه:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ. وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا " . متفق عليه

ومن شجاعته صلّى الله عليه وسلّم ما كان منه يوم حنين، ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رجلا قال له: " يا أبا عُمارة أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرّ، إن هوازن كانوا قوما رماة، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا فأقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام فانهزم الناس فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلته البيضاء وهو يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره بعد سياق هذا الحديث: " وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّجَاعَةِ التَّامَّةِ، إِنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فِي حَومة الوَغَى، وَقَدِ انْكَشَفَ عَنْهُ جَيْشُهُ، هُوَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى بَغْلَةٍ وَلَيْسَتْ سَرِيعَةَ الْجَرْيِ، وَلَا تَصْلُحُ لكرٍّ وَلَا لفرٍّ وَلَا لِهَرَبٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا أَيْضًا يَرْكُضُهَا إِلَى وُجُوهِهِمْ وينوِّه بِاسْمِهِ لِيَعْرِفَهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ " .اهـ

هكذا كانت شجاعة النبّي صلى الله عليه وسلم. فالواجب علينا أن نتأسّى بالنبّي صلى الله عليه وسلم في شجاعته، وأن نحذر من التهور والجبن الذين هما بضد الشجاعة.
قال ابن القيم –في كتابه الفروسية-: " ولما كانت الشجاعة خلقا كريما من أخلاق النفس ترتب عليها أربعة أمور وهي مظهرها وثمرتها الإقدام في موضع الإقدام والإحجام في موضع الإحجام والثبات في موضع الثبات والزوال في موضع الزوال. وضد ذلك مخل بالشجاعة وهو إما جبن وإما تهور وإما خفة وطيش " .

فالتهور يوقع صاحبه في المهالك وهو يظن نفسه شجاعا، لأنه اندفاع بلا رأي.
والجبن مرض مهلك، يقعد عن معالي الأمور. وهو من أسوء صفات الرجال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع " . رواه أبوداود. جبن خالع أي: يخلع القلب ويستولي عليه.
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الجبن، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك أن رسول الله كَانَ يَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَال " .

فمن أراد أن يكون شجاعا فعليه أن يحذر من الجبن والتهور، وعليه أن يكون على الحق، فصاحب الحق وحده هو الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم. لأنه يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويعلم أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا وأن الفرج مع الكرب. وهو متوكّل على ربّه سبحانه، مصاحب لأهل الحق لأنهّم هم أهل الشّجاعة وأما أهل البدع فهم أهل الجبن والخزي والضلال.

ومتى اكتسب المسلم هذا الخلق الرفيع، كان صدّاعا بالحق غير كاتم له. فالمسلم لا يجوز له أن يكتم الحق خوفا من الناس. قال صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه". رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
قال الشيخ الألباني: وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس، أو طمعا في المعاش. فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب والشتم، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي ومخالف للنبي صلى الله عليه وسلم. السلسلة الصحيحة.
ويؤكد هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى يقولَ: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله عبدا حجته قال: يا رب وثقت بك، وفرِقت من الناس. رواه ابن ماجه
فمتى تحلى المسلم بالشجاعة لم يخف في الله لومة لائم، وقال كلمة الحق ولو كان مرا. فإذا جبن الإنسان ترك قول الحق وانتعش فيه خلق المداهنة بمخالطة الفساق وأهل الأهواء والبدع من غير إنكار عليهم. والله المستعان.

نسأل الله تعالى أن يمن علينا بخلق الشجاعة وأن يجنبنا الجبن والتهور. ونسأله سبحانه كلمة الحق في الرضا والغضب.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله سنيقرة ; 13 Jan 2018 الساعة 09:46 AM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, الشجاعة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013