نصيـــحـــة

[محمد بن شريف التلمساني]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد:
فقد انتشرت في هذه الأيام فتنة بين بعض مشايخنا وطلابهم وهذا حاصل في كل مكان وفي كل زمان، ولكن مما يأسف إليه القلب أنه يوجد من يؤجج الفتن بينهم مما يصل إلى التجريح والطعن وما إلى ذلك، أو يستغله في الطعن في مشايخنا الكرام وطلابهم حسدا من عند أنفسهم وزيادتًا للفتن أو ليبينوا للناس أنهم على حق وغيرهم مخالف لهم.
و من أولائك المبتدعة المنحرفون الضالون (الحلبيون)، فقد نشر أحد المفتونين بهذا المنهج الضال عنوان باسم: *(صراع الغلاة)، وهو عبارة عن مقال نشره الشيخ عبد المجيد جمعة نسأل الله أن يديم صحته وعافيته .
و أنا لست بصدد الرد على هذا المفتون الذي نشر هذا المقال لأني لست أهلا لذلك والكل يعرف قدره ويلزم حده.
و لكن أنصح إخوتي السلفيين في التريث وعدم الخوض في مثل هذه الأمور وتركوا هذه الأمور لأهلها وهؤلاء مشايخنا بيننا نرفع الأمر لهم، و شيخنا أزهر سنيقرة بيننا لا يملُ و لا يكلُ من توجيه أبنائه فرجعوا إليه.
أيها الأحبة اتقوا الله فإن أهل البدع يستغلون خلافاتكم في تبرير انحرافاتهم، ويستغلون هذه الفرص في تبرير مذهبهم الخبيث و هو معلوم عند من عرف الحلبي و الرمضاني ومن على شاكلتهما وغير ذلك من المخططات التي لا يعلمها إلاّ رب العالمين
و أقول لأهل الفتن والبدع قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ﻓﺄﻫﻞ اﻟﻴﻘﻴﻦ ﺇﺫا ابتلوا ﺛﺒﺘﻮا؛ وبخلاﻑ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﺈﻥ اﻻﺑﺘﻼء ﻗﺪ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺃﻭ ﻳﻨﻘﺼﻪ).
و قال شيخ الإسلام: (ﻗﺪ ﺫﻡ الله ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻫﻞ اﻟﺘﻔﺮﻕ ﻭ الاختلاف ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ببعضه ﺩﻭﻥ بعض).
و أنصح نفسي وإخوتي بعدم نشر المنشورات حتى تتأكدوا، فيوجد من يكذب على الشيخ عبد المجيد ويحرف الكلام
سواء في السؤال أو الجواب فتنبهوا، ولا تنشروها حتى تعرضوها على مشايخكم و رجعوا إليهم، فإنهم يعلمون ملا تعلمون
و اشتغلوا بطلب العلم فو الله لا فلاح ولا سعادة إلا بطلاب العلم، وبذلك يتحقق الإيمان و به يتبين لك ما لا يتبين لغيرك من أهل الأهواء والبدع، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (إﻥ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻐﻴﺮﻩ؛ ﻭلا سيما ﻓﻲ اﻟﻔﺘﻦ ﻭﻳﻨﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﺣﺎﻝ اﻟﻜﺬاﺏ اﻟﻮﺿﺎﻉ على الله ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ؛ ﻓﺈﻥ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺃﻛﺬﺏ ﺧلق الله ﻣﻊ ﺃﻥ اﻟله يجرﻱ على ﻳﺪﻳﻪ ﺃﻣﻮﺭًا هائلة و مخاريق ﻣﺰﻟﺰﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺭﺁﻩ اﻓﺘﺘﻦ ﺑﻪ؛ ﻓﻴﻜﺸﻔﻬﺎ الله للمؤمن ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺬﺑﻬﺎ ﻭﺑﻄﻼﻧﻬﺎ، ﻭكلما ﻗﻮﻱ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ القلب ﻗﻮﻱ اﻧﻜﺸﺎﻑ اﻷﻣﻮﺭ ﻟﻪ؛ ﻭﻋﺮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻣﻦ بواطلها، ﻭكلما ﺿﻌﻒ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺿﻌﻒ اﻟﻜﺸﻒ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺮاﺝ اﻟﻘﻮﻱ ﻭ اﻟﺴﺮاﺝ اﻟﻀﻌﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ المظلم).
و في الختام أنقل لك هذا الكلام من كتاب الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول فيه: (فَمَنْ تَكَلَّمَ بِجَهْلٍ، وَبِمَا يُخَالِفُ الْأَئِمَّةَ، فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَيُؤَدَّبُ عَلَى الْإِصْرَارِ، كَمَا يُفْعَلُ بِأَمْثَالِهِ مِنْ الْجُهَّالِ، وَلَا يُقْتَدَى فِي خِلَافِ الشَّرِيعَةِ بِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا عَنْهُ الْعِلْمُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا تَنْظُرُ إلَى عَمَلِ الْفَقِيهِ، وَلَكِنْ سَلْهُ يَصْدُقُك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ).

فهذه نصيحة أكتبها لإخوتي فمن رأى خطأً فلينبهني،ورحم الله عبدا أهدى إلي عيوبي