منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 31 Dec 2015, 04:37 PM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي الفوائد الحسان المستخرجة من حديث النعمان لشيخنا الفقيه الأصولي أبي عبد الرحمن


بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد:
فهذه بعض الفوائد التي قيدتها من شرح شيخنا العزيز أبي عبد الرحمن عبد المجيد جمعة-حفظه الله- لحديث النعمان بن بشير-رضي الله عنه-، وكان الشرح ضمن دورة شعبة العامر، التي أقيمت
يومي الجمعة 13 ربيع الأول 1437 ه الموافق 2015/12/25 م والسبت 14 ربيع الأول 1437 هـ
فنسأل الله جل وعلا أن يحفظ شيخنا، وأن يجزل له المثوبة، وأن يرزقه الله الصحة والعافية، وأن يثبتنا جميعا وإياه على الإسلام والسنة.


عَنْ أَبِيْ عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بِشِيْر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ:(الحلالُ بَيِّن-وفي رواية قال: إنَّ الحلالَ بيِّن؛ بأداة التأكيد- والحرام بيِّن، وبينهما أمور مُشَبَّهات-وفي لفظ مُشْتَبِهات- لا يَعلمُهُن َّكثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشُبُهات-أو المُشَبَّهات- فقد استبرأ لدينه وعرضه، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضْغة إذا صَلَحَت صَلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)
رواه الشيخان في صحيحيهما.
-هذا الحديث عظيم، وقد اتفق العلماء على عظم قدره، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام حتى قال بعضهم: أنه ربع الدين، وقال بعضهم أنه ثلث الدين، وقد قال إمام السنة الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله-: أصول السنة عندنا؛ ثلاثة أحاديث:
1-حديث عمر؛ "إنما الأعمال بالنيات".
2-وحديث النعمان؛" الحلال بين..."وهو حديثنا هذا.
3-وحديث عائشة رضي الله عنها؛ "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
-قال أبو داود-صاحب السنن-:"كتبت أربعة آلاف حديث، و رأيت أن هذه الأحاديث تدور على أربعة أحاديث:
1- حديث عمر؛ "إنما الأعمال بالنيات".
2- وحديث النعمان؛" الحلال بين..."وهو حديثنا هذا.
3-وحديث أبي هريرة-رضي الله عنه-:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"
4-وحديث أنس بن مالك-رضي الله عنه-:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه".
-سبب عظم هذا الحديث، وعلو مكانته؛ أنه جمع الأحكام، وحصرها في ثلاثة أقسام، وأنه بين أن صلاحَ الأعمال وفسادَها؛ بصلاح القلوب وفسادِها.
-لا شك أن مثل هذه الأحاديث من أعلام النبوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي، منها-قال-: أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا.
-الجوامع الكَلِم: هي الكلمات القليلة، التي تحمل المعاني الكثيرة، والفوائد الغزيرة.
مثل: "إنما الأعمال بالنيات" ، "الحلال بين والحرام بين" ، "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" ، "لا ضرر لا ضرار" ،"العجماء جرحها جبار"...لهذا عليه الصلاة والسلام أفصح الناس، وأفصح العرب، وأفصح من نطق بالضاد.
-تضمن هذا الحديث قواعد كلية، وأصولا مهمة من أصول هذا الدين، ولهذا لم يبالغ من عده ربع الدين أو ثلثه-على خلاف بين أهل العلم-
-المرء بحاجة إلى مثل هذه القواعد النبوية العلمية؛ أشد من حاجته إلى طعامه وشرابه؛ بل إلى نفسه الذي يتنفس به؛ لأنها ترسم الخطوط العريضة والقواعد الثابتة للسائر إلى الله عزوجل؛ فيسير على بصيرة من دينه؛ على خطى ثابتة، لا يزيغ عنها إلى أن يلقى الله عزوجل غير مبدل ولا مغير، ولا يزيغ ذات يمين وذات شمال؛ فهو يتبع صراط الله المستقيم، ويجتنب السبل الذي اتباعها تجنبه عن سبيل الله عزوجل، على حد قوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله).
-هذا الحديث؛ كل طرف من أطرافه يُعَد قاعدة مهمة من قواعد الدين.
-قوله صلى الله عليه وسلم: (الحلال بين والحرام بين): هذه كلمة جامعة، نافعة؛ تتضمن المعاني الكثيرة، والفروع المتنوعة.
قوله:(الحلال): والحلال: هو ضد الحرام؛ فهو بين، واضح، محض، معروف عند الناس؛ لاستفاضته وانتشاره.
-هذا الحلال إما أن يكون نص عليه:
1-القرآن: كقوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث).
2-النبي صلى الله عليه وسلم: (أحل لنا ميتتان، ودمان).
3-إجماع الأمة.
4-القياس، وإلحاق الشبيه بالشبيه.
فهذا الحلال بيِّن لا يختلف فيه اثنان، وهو يعم:
1:المطاعم.
2-المشارب.
3-الملابس.

وتجمعه قاعدة قرآنية؛ وهي قوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات)
ف "كل طيب؛ من الملابس،والمشارب، والمطاعم، والمعاملات، والعقود، والتصرفات؛ فهو حلال"؛ فيدخل في:
1- المأكولات: العسل، والخضراوات، والفواكه.
2-الملابس: ما يستر العورة مما أباحه الله عزوجل.
3-العقود: عقد النكاح، وعقد البيع، وغيرها من العقود.
4-المشارب: الماء، وأنواع العصيرات، والعسل، وغير ذلك.
فهذا كله حلال؛ فهو واضح.
-ويقابله: الحرام: وهو ضد الحلال؛ وهو:
1-ما حرمه الله عزوجل في كتابه: كقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير).
2-ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته؛ لأن ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما حرمه الله عزوجل؛ لأن الله عزوجل أمر بطاعة الرسول، والرسولُ صلى الله عليه وسلم بَلَّغ كلامَ الله عزوجل،إذ قال في الحديث: (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه)، فأوتي القرآن، وأوتي السنة.
فمما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله-قد أمسك الذهب الحرير-فقال: ( هذان حرام على ذكور أمتي).
3-انعقاد الإجماع على تحريم شيء من المحرمات؛ ويعرف الحرام إما:
1-بالتنصيص بكلمة: حرَّم، أو حَرَامٌ.
2- أو بالنهي عن الفعل أو الأمر باجتنابه؛ كقوله تعالى في الخمر: (فاجتنبوه).
3- أو النهي عن قربانه؛ كقوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا).
4- أو يترتب عليه وعيد؛ كقوله تعالى: (ويل للمطففين).
5-أو يترتب عليه عقابٌ؛ كحدٍ، أو تعزيرٍ.
كل هذه الأمور من معاني الحرام، وتجمعها قاعدة قرآنية؛ وهي: قوله تعالى: (ويُحَرِّمُ عليكم الخبائث).
فكل خبيث؛ من المطاعم، أو المشارب، أو الملابس، أو العقود، أوالتصرفات؛ فهو: حرام.
-من المطاعم: مثل: الخنزير، والميتة.
-من المشارب:مثل: الخمر، والنبيذ المسكر، والبنج؛ ويلحق به الدخان.
-من الملابس:مثل: الحرير بالنسبة للرجل، أو اللباس الضيق الذي يحجم العورة أو يكشفها.
-فهذه قاعدة قرآنية، تعتبر قضية كلية؛ تجمع المسائل الكثيرة؛ التي لا تكاد تحصى.
ف "كُلُّ طَيِّبٍ حلال، وكُّلُّ خَبيثٍ حرام".
6-أو مادلَّ عليه القياس، أو إلحاق الشبيه بالشبيه؛ كإلحاق المخدرات بالخمر، بجامع بينهما؛ وهو: الإسكار.
-قال بعضهم إذا كان الخمر أم الخبائث؛ فإن المخدرات، أمُّ أمِّ الخبائث؛ فهي جدته.
لأن تأثير المخدرات في إسكار العقول، أشد من تأثير الخمر، كما هو واقع، مشاهد.
فهذه جملة من المحرمات، وهذه الأشياء عمت بها البلوى؛ بمعنى أن أكثر الناس يعلمون أكثر هذه الأشياء؛ فهي واضحة، بيِّنة، مستفيضة.لكن هناك أمور، ومسائل، أو أشياء؛ هي بين الحلال، وبين الحرام، خفي حكمها؛ ل:
1-خفاء دليلها.
2-عدم وجود الدليل الصريح المنصوص عليها.

-مشتبهات؛ لأنها اشتبه حكمها على الناس؛ فصاروا لا يدرون أهي من القسم الأول؛ وهو: الحلال المحض، أم من القسم الثاني؛ وهو: الحرام المحض.
-فهذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الحلال المحض.
القسم الثاني: الحرام المحض.
القسم الثالث: الأمور المُشكَلة، المشتبهة.
-سبب هذا الاشتباه إما:
1-لقلة العلم.
2-لقصر الفهم.
3-للتقصير في البحث عن حكمها.
-يرجع هذا الاشتباه:
1-إما لخفاء الدليل:
ويمكن أن يقال هنا: أن البيان نوعان:
-بيان جلي واضح: فهذا يعلمه أكثر الناس.
-بيان خفي:هذا البيان لا يعلمه أكثر الناس.
وسبب الخفاء:
1-إما لعدم وجود الدليل:بمعنى أن الناس لم يقفوا على دليل لهذه المسألة؛ فيخفى عليهم حكمها.
2-وإما لاختلاف العلماء.
-ومن رحمة الله على عباده أنه لم يخفى هذا القسم الثالث على عباده مطلقا؛ لأن الشريعة قد أكملها الله عزوجل؛ فليس فيها شيء خفي،ليس فيها شيء أهمله الله عزوجل (وما كان ربك نسيا)،( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا)؛ فتعالى الله عزوجل عن العبث، وتعالى وتنزه عن اللعب.
-فهذا الاشتباه ليس في ذاتها؛ إنما هو على الناس.
-وهذا النوع يعلمه العلماء، وفي هذا إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يعلمها كثير من الناس).قوله: (كثيرٌ من الناس) مفهومه: أن قليلا من الناس يعلمون أحكام المتشابه.
فأحكام المتشابه يعلمها العلماء؛ لأنهم أوتوا علما، وفهما في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهم ملكة فقهية، وذوق علمي؛ يستطيعون استنباط الأحكام من النصوص الشرعية، وإذا عرضت عليهم نصوص ظاهرها التعارض؛ أمكنهم أن ينفذوا ببصيرتهم في مثل هذه النصوص للتوفيق بينها والجمع بينها.
-ولربما قد تخفى بعض هذه الأمور على بعض أهل العلم؛ إما لخفاء الدليل عليه؛ فليس كل العلماء بلغهم الأحاديث؛ فهذا عمر ابن الخطاب رضي الله خفي عليه حديث الاستئذان ثلاث؛ فإن أذن لك و إلا فارجع، فلأن تخفى على غيره من العلماء ممن دونه؛ أولى و أحرى. المهم أن الحق لا يضيع، وأن الله عزوجل قد تكفل بحفظ دينه، وبيان شريعته، فإذا خفي الحكم على بعض أهل العلم؛ فإنه لا يخفى على غيرهم؛ لأن هذه الأمة معصومة.
-ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم هذه المتشابهات، وكيف يتعامل معها الإنسان المسلم، وبين طوائف الناس في التعامل معها.
قال صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)؛ أي ابتعد عنها، واجتنبها، وتركها؛ احتياطا لدينه، وتورعا؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه.
-فإذا جاءتك مسألة مُشْكَلَة، مشتبهة، لا تعلم حكمها، ولم تجد من تسأله عن حكمها، فكيف تتعامل معها؟
فمن تركها، واجتنبها؛ فقد طلب السلامة لدينه وعرضه.
(استبرأ) أي طلب البراءة، والسلامة لدينه، وعرضه.
لدينه من الطعن؛ فلا يتهم بأنه ينتهك الحرام أو يتعد حدود الله عزوجل.
ويأمن من الطعن في عرضه، لأن العرض محل المدح أو الذم.
فمن اجتنب هذه المتشابهات فقد سلم دينه من النقص، وسلم عرضه من الطعن.
مثاله: قد يأتيك بلحم مُذكى، وأنت رأيت أن الشاة قد ذُكيت، فهذا حكمه حلال زلال.
لكن إذا اختلط هذا اللحم بالميتة، فصرت لا تعلم أهو من الميتة أم هو من المذكى، اختلط عليك؛ فصار من المتشابه؛ فيتعين عليك اجتنابه من باب ( دع ما يريبك إلى مالا يريبك).
-وهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم؛ يدع ما لا بأس به خشية ما به بأس.
-إذا اختلطت الأجنبية بالمحرمية؛ بالأخت من الرضاعة؛ فهنا الاحتياط والورع أن تُترك.
-يحل الزواج من الأجنبية إذا كانت بمفردها، لكن إذا اختلطت الأجنبية بالأخت؛ فصار الإنسان لا يميز بينها وبين أخته من الرضاعة، فإن الورع والاحتياط هو ترك الجميع.
- الأصل في النساء والأبضاع الحرمة، ولا تحل إلا بيقين.
-مثال: إذا وجد الإنسان ماء طاهر؛ فهو حلال زُلال؛ يحل شربه ويحل الوضوء به، وإذا شككت فيه فالأصل أنه طاهر؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، لكن إذا اختلط هذا الماء الطاهر بالماء المغصوب مثلا-على القول بعدم جواز الوضوء بالماء المغصوب- أو اختلط بالنجس، وصار غير متميز عندك؛ فهنا الاحتياط والورع هو تركه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نجتنب المتشابهات.
-هذه القاعدة النوبية مهمة جدا تَحُلُّ كثيرا من الاشكالات والنوازل التي تنزل على الناس.
-قاعدة: إذا كان هذا الحلال، فالأصل أنه حلال؛ فيرجع إلى الحل، واليقين لا يزول بالشك.
وإذا كان هذا حرام فالأصل فيه أنه حرام فيترك.
إذا التبس عليكم وأشكل، فيُنظر؛ إذا كان أصله الحل فيرجع إلى هذا الأصل، وإذا كان أصله الحرمة فيرجع إلى هذا الأصل، فإذا أشكل عليكم فالورع تركه واجتنابه، ومن تركه فقد استبرأ لدينه وعرضه. وهذا هو الصنف الممدوح. فهما صنفان:
الصنف الممدوح: وهو الذي يتقي الشبهات ويجتنبها ويبتعد عنها.
الصنف المذموم: هو الذي لا يبالي بالمتشابهات، ينتهكها ويقع فيها فهذا الصنف حتما سيقع في الحرام، وذلك لأحد أمرين اثنين:
1-يعتاد المتشابهات وذلك باقترافها؛ فإنه يسهل عليه أن يقع في الحرام.
2-يحتمل أن يكون هذا المتشابه من الحرام.

فهذا الصنف إذا أساء الناسُ الظن به فلا يلومن إلا نفسه؛ لأنه عرض عرضه للقدح؛ وذلك بإتيان المتشابهات، وانتهاكها.
-فائدة عظيمة في قوله تعالى: (تلك حدود الله فلا تقربوها) فأمرنا الله عزوجل أن لا نقرب حدوده، والآية الأخرى أن لا نتعدى، فحدود الله ينبغي أن لا تقابل بالقربان، ولا بالتعدي.
القربى: إذا كانت محرمة؛ فيجتنبها؛ لأن المرء إذا قارب الشيء يوشك أن يقع فيه.
والتعدي: كـأن يزيد على حد الحلال بالزيادة والطغيان.
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا-وكثيرا ماكان يضرب النبي صلى الله عليه وسلم الأمثال؛ لتنزيل الشيء المعقول منزلة المحسوس: (، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه) أي مثل الواقع في المتشابهات،كمثل الراعي الذي يرعى بغنمه حول حمى الملك الذي توعد كل من يقرب محميته.
-إذا كان الراعي يخشى أن يقع في محمية الملك، فالأولى والأحرى أن يخشى من الوقوع في محمية الله عزوجل؛ وهي حدوده.
قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن لكل ملك حمى)
ألا: حرف تنبيه؛ أي: انتبه إلى هذا الأمر العظيم؛ وهو إتيان المتشابهات.
(ألا وإن حمى الله محارمه) فكرر حرف التنبيه؛ زيادة في التنبيه.
-كل ما تقدم من اجتناب المتشابهات أو الوقوع فيها؛ ينتهي إلى قاعدة وهي: قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مُضْغة إذا صَلَحَت صَلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله) وهنا تنبيه ثالث؛ إشارة إلى عظم الأمر.
مضغة: هي قطعة لحم، وسُميت مضغة لأنها بقدر ما يمضغها المرء بأسنانه؛ فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بالقلب؛ لأنه قطعة لحم، ومع ذلك فإن أمره عجيب؛ لأنه محل الأوامر والنواهي، ومحل الإيرادات والتصورات.
(ألا وهي القلب) وهنا تنبيه رابع.
فإذا صلح القلب صلحت الجوارح وإذا فسد القلب فسدت الجوارح.
والسر في هذا الأمر أن اجتناب المتشابه أو الوقوع فيها بحسب صلاح القلب وفساده.
-القلب سمي قلبا لشدة تقلبه
-التعامل مع هذه المتشابهات لها تأثير عجيب في صلاح القلب وفي فساده.
-لا ينجو هذا القلب يوم القيامة إلا إذا كان سالما من الشبهات، وسالما مرض الشهوات.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحمن رحال ; 31 Dec 2015 الساعة 04:57 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31 Dec 2015, 05:13 PM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي

من فوائد هذا الحديث:
1- فيه دليل على أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم حلال، وقسم حرام، وقسم متشابه.
2- فيه أن التحليل والتحريم من الشرع، وليس باتباع الهوى؛لقوله: (الحلال بين والحرام بين).
3- ليس في الشريعة أمر غامض؛ فالشريعة واضحة؛ كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها؛ وإذا كان فيها شيء من الغموض فذلك بحسب حَجْب نور العلم على قلوب الناس؛ فإذا حجب عنهم نور العلم؛ فإنها تخفى عليهم حقائق الشريعة ومقاصدها؛ فإنها واضحة بينة.
4- فيه الحث على فعل الحلال، واجتناب الحرام، وترك المتشابهات؛ لأن قوله: (الحلال بين)هذا خبر؛ غرضه الأمر؛ أي: افعلوا الحلال.وقوله: (الحرام بين)أي: اجتنبوا الحرام.
5- فيه أنه ليس في الشرع شيء لا يُعلم، وإن خفي على أكثر الناس؛ فإنه لا يكون حكمها خَفِيا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يعلمها كثير من الناس) فمفهومه: أن قليلا من الناس يعلمون هذه الأشياء.
6- في أن العلماء الراسخين في العلم؛ الذين أوتوا فهما سليما؛ في النصوص الشرعية، وقدرة، وملكة فقهية، و عليمة؛ لاستنباط الأحكام والفوائد؛ يعلمون أحكام المتشابه.وفي هذا فضيلة للعلماء؛ فإنهم يعلمون أحكام الله عزوجل، ولا يقعون في المتشابه فيتعين الرجوع إليهم عند حدوث الحوادث و النوازل.
7- فيه فضل العلم؛ لأن بالعلم تعلم أحكام المتشابه؛ فتجنبها ولا تقع فيها، أما من لم يؤت علما، وتلَبَّس بالجهل؛ فيُخشى عليه، ولا يأمن أن يقع في المتشابهات؛ وإذا وقع في المتشابهات؛ فإنه لم يستبرئ لدينه ولا لعرضه.
8- أن الحق لا يكون مهجورا أبدا، فالحق موجود، وإن خفي على بعض الناس، ومُحال أن يُخفي الله عزوجل الحق على الناس؛ لأن هذه الأمة معصومة؛ ولهذا قال العلماء: إن إجماع الأمة معصوم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
9- فيه أن هذا الحديث أصل في الورع والاحتياط للدين، واجتناب ما به شبهةن أو به تهمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام).
10- فيه إشارة أن المباح الحلال؛ لا ينبغي اجتنابه تورعا-كما يفعله الصوفية ومن سلك مسلكهم-؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحلال بين).
11- فيه إشارة إلى أن أكثر الناس لا يعلمون، ويؤيده قوله تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)؛ وفي هذا دلالة على أن الحق لا يعرف بالكثرة، فالحق يعرف بالدليل ولا يعرف بكثرة الناس.قال صلى الله عليه وسلم: (لا يعلمها كثير من الناس) وفي المقابل مدح القلة،قال الله عزوجل: (وقليل من عبادي الشكور) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة).
12- وفيه وجوب اجتناب المتشابهات، والابتعاد عنها، وقد أكثر العلماء الذين رووا هذا الحديث، فخَرَّجوه في باب البيوع؛ كما فعل أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري، وترجم له ب: باب اجتناب المتشابهات؛ لأن المعاملات أو البيوع تكثر فيها التهمة، ويكثر فيها المتشابهات؛ ولهذا لابد أن يحتاط المرء لدينه؛ وإلا فإن هذا الحديث يدخل في أكثر أبواب الفقه؛ فيدخل في النكاح، ويدخل في الصيد، ويدخل في الأطعمة، ويدخل في سائر العقود والتصرفات.
13- وفيه أن من لم يتق المتشابهات ويجتنبها؛ فإنه قد عرَّض نفسه للطعن؛ في دينه، وفي عرضه.
14- فيه الحث على حفظ الدين، وحفظ العرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فقد استبرأ لدينه وعرضه).
15- فيه عِظم العرض؛ فلا يترك عُرضة ليُتكلم فيه؛ بالذم، أو القدح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عطف العرض على الدين؛ فذكر الدين، وذكر العرض، ولم يذكر شيئا آخر؛ ولهذا كان من مقاصد الشريعة حفظ هذه الأمور الخمسة، فقالوا: حفظ الدين، وحفظ العرض، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العقل.
16- فيه إشارة إلى حكمة الله عزوجل في إيجاد المتشابهات في أحكامه؛ حتى يبتلي عباده، ويختبرهم؛ حتى يتميز المتورِّع من غير المتورع.
17- وفيه وجوب تعظيم الله عزوجل، وتقديره، والتأدب معه؛ لقوله: (ألا وإن حمى الله محارمه).
18- وفيه إشارة إلى أن المصيب من المجتهدين واحد.
19- وفيه استحباب ضرب الأمثال لتقريب المعقول من المحسوس.
20- وفيه أصل لسد باب الذرائع، وسد كل الطرق المفضية إلى الحرام.
21- وفيه قوله: (فقد استبرأ لدينه وعرضه) أصل في الجرح والتعديل؛ لأن من انتهك المتشابهات فقد عرَّض نفسه للطعن في دينه، وعرضه، فدل على وجوب جرح هؤلاء المخالفين، أو تعديل هؤلاء الثقات، وباب الجرح والتعديل أمره عظيم في شريعة الإسلام؛ فبه حفظت السنة، ومُيِّزت بين السليم والسقيم، وبين المرفوع والموضوع، وبالجرح والتعديل مُيِّز بين العالم من المتعالم، وبين الداعي من الدَّعِّي، ولا ينكره إلا من في قلبه مرض، ولولا هذا العلم ما حُفظت السنة، وما وصلت إلينا غضا طريا؛ كما خرجت من فيِّ النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينكره إلا جحود معاند جاهل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وجاهل أيضا بسنة الله الكونية، ولولا الجرح والتعديل لخطبت الزنادقة، وأهل البدع على المنابر.
22- وفيه الحث على إصلاح القلب، وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان؛ لأن صلاح القلب وفساده بهذه الأعمال.
23- وفيه تأثرٌ عظيم الكسب الحلال والكسب الحرام؛ فالكسب الحلال من أسباب صلاح القلب، والكسب الحرام من أسباب فساد القلب.
وغير ذلك من الفوائد.-اضطر الشيخ لتركها لضيق الوقت-

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحمن رحال ; 01 Jan 2016 الساعة 05:08 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31 Dec 2015, 09:57 PM
محمد بلوافي محمد بلوافي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 60
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي عبدالرحمان وزادك من فضله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 31 Dec 2015, 10:21 PM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي

آمين وإياك أخي الكريم محمد.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01 Jan 2016, 07:41 PM
أبو تميم محسن أبو تميم محسن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 47
افتراضي

جزاك الله خيرا عبد الرحمان وحفظ الله شيخنا عبد المجيد جمعة وسلمه من كل سوء ومكروه
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01 Jan 2016, 08:41 PM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي

وجزاك خيرا أخي أبا تميم
شكرا لك على التشجيع.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02 Jan 2016, 10:24 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا عبد الرحمن ودمت مفيدا لإخوانك - بارك الله في همتك ونشاطك -
وحفظ الله شيخنا عبد المجيد جمعة ومتعه الله بالصحة والعافية .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02 Jan 2016, 11:07 AM
عبد الرحمن رحال عبد الرحمن رحال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر / بسكرة.
المشاركات: 347
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي جابر على حسن ظنك، وتشجيعك.
حفظ الله شيخنا عبد المجيد.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02 Jan 2016, 11:21 AM
أبو أنس محمد عيسى أبو أنس محمد عيسى غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 415
افتراضي

بارك الله فيك وجعل ما قدمت في ميزان حسناتك،
وحفظ الله الشيخ الوالد الأصولي الدكتور عبد المجيد جمعة.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
حديث, شروح

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013