منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 25 Dec 2011, 08:45 PM
نقادي محمد سفيان نقادي محمد سفيان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر، تلمسان
المشاركات: 41
افتراضي التجدد في الصفات والأفعال. للعلامة أمان الجامي- رحمه الله-

مبحث التجدد في الصفات والأفعال
قبل أن أقول شيئاً من عند نفسي ومن فهمي أستحسن أن أنقل هنا قطعة قصيرة من كلام الإمام الطحاوي في عقيدة مفسرة بكلام الشارح وموضحة.

قال الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة: "ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً"، وهذا كلام موجز جداً، ولكنه مليء يحمل في طياته معنى عظيماً وعميقاً.

قال الشارح - وهو يشرح هذا الكلام ويوضحه: أي أن الله سبحانه وتعالى، لم يزل متصفاً بصفات الكمال، صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، فلا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفاً بضده.

ثم قال الشارح: ولا يرد على هذه (القاعدة) صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها، كالخلق والتصوير، والإحياء والإماتة والقبض، والبسط والطي والاستواء، والإتيان والمجيء والنـزول والغضب والرضى، ونحو ذلك مما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الإمام مالك رضي الله عنه ورحمه لما سئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} سورة طه آية: 5. كيف استوى؟ فقال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". ثم قال الشارح: "وإن كانت هذه الأفعال تحدق في وقت دون وقت كما في حديث الشفاعة: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله" في الصحيحين البخاري ومسلم.

لأن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع، ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن، ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلماً بالأمس لا يقال: إنه حدث له الكلام، ولو كان غير متكلم لآفة كالصغر والخرس ثم تكلم، يقال: حدث له كلام، فالساكت لغير آفة يسمى متكلماً بالقوة، بمعنى أنه يتكلم إذا شاء، وفي حال تكلمه يسمى متكلماً اهـ. شرح الطحاوية ص: 127-128.
وفي ضوء كلام الإمام الطحاوي: "ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه" إلى آخره، ثم كلام الشارح الذي أوضح المسألة بما لم يترك مجالاً للتساؤل أو التردد، نستطيع أن نقول: إن صفات الله تعالى ثابتة أزلاً وأبداً، ولا تتجدد سواء في ذلك صفات الذات – والأمر فيها واضح- أو صفات الفعل على ما تقدم، وفي ضوء ذلك نقول: إن تجدد صفات الفعل في وقت دون وقت لا يقال فيه: إنه تعالى اتصف بصفة كان فاقدها، أو كانت ممتنعة في حقه، أو فعل فعلاً كان ممتنعاً في حقه، كما يزعم بعض أهل الكلام المذموم، بل الفعل ممكن في حقه تعالى، في كل وقت لأنه لا يجوز أن يعتقد أنه تعالى كان معطلاً عن الفعل في وقت من الأوقات، لأن الفعل كمال، وعدمه نقص بمعنى أن الفعل كان ممتنعاً، ثم انقلب من الامتناع الذاتي، إلى الإمكان الذاتي، كما تقول المعتزلة: ومن إذا أراد أن يفعل فَعَلَ، ولا مانع له من الفعل، فهو فاعل باشَر الفِعْل، أو لم يباشر على ما تقدم في صفة الكلام، ولعل قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} سورة البروج آية: 16 يدل على هذا المعنى. وأحسب أن هذا ما يعنيه القائلون باستمرارية أفعال الرب تعالى، وأبديتها، بل وأزليتها، كما يقول ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وجمهور أهل العلم. وهذا المعنى وارد شرعاً وعقلاً كما ترى، وكيف يسوغ عقلاً أن يعتقد أن الله تعالى كان معطلاًعن الفعل في لحظة من اللحظات، فمن الذي يمنعه ويحول بينه وبين أن يفعل ما يشاء إذا شاء؟‍‍‍‍‍‍‍!! سبحانه وتعالى عما يزعمه المعطلون علواً كبيراً.
وهنا مسألة في غاية الأهمية وهي أن بعض نفاة الصفات أو نفاة صفات الفعل قد يتذرع إلى نفي هذه الصفات بقولهم: لا يليق بالله أن نصفه بحلول الحوادث بذاته تعالى، هكذا يجملون القول، فيسلم السني للنافي ذلك على إجماله، ظناً منه أنه نفى عن الله سبحانه ما لا يليق بجلاله، ثم يحاول النافي أن يلزم السني نفي صفات الفعل، وهو غير لازم له عند التحقيق، ولكن السني أتي من تسليمه هذا النفي المجمل، وهو أنه تعالى لا تحل به الحوادث، فلو استفسر السني واستفصل لما ألزمه. ولذلك لا ينبغي استعمال هذه الألفاظ المجملة لا نفياً ولا إثباتاً، إلا بعد بيان المعنى المراد.
ومسألة حلول الحوادث بذاته من المسائل، أو من التعبيرات التي أحدثها المتكلمون، وخاضوا فيها، وخدعوا بها من لا يفطن لأساليبهم، وهو تعبير لا وجود له لا في الكتاب، ولا في السنة لا نفياً ولا إثباتاً، وغير معروف عن سلف الأمة، وهذا النفي قد يكون صحيحاً بعد التفسير لأنه إن أريد به بأنه لا يحل بذات الله المقدسة شيء من المخلوقات المحدثة، أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن له من قبل، فهذا النفي صحيح على ما تقدم في معنى التجدد.
وإن أريد بالنفي أن الله تعالى لا يفعل ما يشاء، ولا يتكلم بما شاء، إذا شاء، ولا يفرح ولا يغضب، ولا يرضى كما يليق به في ذلك كله، أي لا يوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله من الصفات التي ذكرناها وغيرها كالاستواء والنـزول، والمجيء لفصل القضاء يوم القيامة فهذا النفي باطل. ولا يقال: إن من يثبت هذه الصفات، وما في معناها يقول بحلول الحوادث بالله تعالى، لأن التعبير اصطلاح جديد ابتدعه علماء الكلام بعد نشأة علم الكلام، وانتشاره في صفوف المسلمين المتأخرين (الخلف)، ولا ينبغي أن نجعل هذا الاصطلاح الحديث قاعدة نبني عليها نفي صفات الله التي وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله الأمين، ودرج المسلمون الأولون من الصحابة والتابعين على إثباتها، والإيمان بها دون أن يَشِذّ فردٌ منهم، ولله الحمد والمنة على ذلك.
ومما له صلة بهذه الفقرة مسألة: هل الصفة زائدة على الذات، أو هل هي غير الذات أم لا؟ وهذا أيضاً من الأساليب التي أحدثها علماء الكلام، ولا عهد لعلماء السلف بهذا الأسلوب، بل السلف يكرهون مثل هذه الألفاظ المجملة، رغبة منهم في الوقوف مع النصوص، وعدم الخروج منها في هذه المطالب الإلهية العظيمة.
أما المتأخرون من أتباع السلف الذين اضطروا إلى الخوض مع أهل الكلام للذود عن العقيدة، وللحفاظ عليها فإنهم قالوا: إن أريد بقولهم بأن الصفة غير الذات أو زائدة على الذات أن هناك ذاتاً مجردة قائمة بنفسها، منفصلة عن الذات، فهذا غير صحيح.
وإن أريد أن الصفات زائدة عن الذات بمعنى أن للذات معنى غير معنى الصفة ومفهوم الصفات زائد على مفهوم الذات، بيد أنها لا تنفك عن الذات، فهذا صحيح.
ولكن لا ينبغي استخدامه إلا عند الحاجة، ومع التفصيل والبيان وبدون ذلك يعتبر خوضاً لا طائل تحته، والله أعلم.
ومن هذا القبيل مسألة: هل الاسم غير المسمى، أو عين المسمى إذ قد يراد بالاسم المسمى نفسه، كأن يقال: الله مجيب الدعوات، الله لطيف بعباده، وقد يطلق الاسم مراداً به اللفظ المنطوق ذاته، كأن يقال: الله أكبر من ألفاظ الأذان أو الله أكبر كلمة يدخل بها في الصلاة مثلاً. وقد تقدم هذا البحث عند الكلام على الأسماء الحسنى في الباب الأول فليراجع.
وعلى كل حال، إن هذا النوع من الخوض قد يضطر إليه الإنسان المعاصر وهو كاره على حد قولهم: (مكره أخاك لا بطل).
وبعد أن استعرضنا أنواع الصفات المصطلح عليها عند السلف والخلف وأدركنا أثناء الاستعراض أن هناك صفات مجمعاً على إثباتها عند جميع الصفاتية سلفاً وخلفاً، وهناك صفات يختلفون فيها، حيث يرى السلف إثباتها، وإمرارها كما جاءت، شأنها عندهم شأن الصفات الأخرى المثبتة بإجماع الطرفين، بينما يرى الخلف وجوب تأويلها، والخروج بها من ظاهرها.
ففيما يلي نخص هذا النوع بالحديث لنحاول أن نعرف المعنى العام لكل صفة من تلك الصفات عند السلف مع تفويض كنهها وحقيقتها إلى الله سبحانه على منهجهم الواضح الذي سبق أن أوضحناه، ولنرى تكلف الخلف بالتأويل الذي هو تحريف الكلم عن موضعه تحت العنوان الآتي.
الصفات الإلهية في الكتاب والسنة
في ضوء إثبات و التنزيه
للدكتور محمد أمان بن علي الجامي
ص 143/148


التعديل الأخير تم بواسطة نقادي محمد سفيان ; 25 Dec 2011 الساعة 08:59 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التجددفي الصفات, الجامي, توحيد, عقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013