منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 Dec 2015, 12:58 AM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي تحذير المسلمين من الاحتفال بأعياد المشركين خُطبةٌ لفضيلة الشيخ الدكتور رضا بوشامة حفظه الله

تحذير المسلمين من الاحتفال بأعياد المشركين


الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لأقوم سبيل وشرع لنا الدين القويم، رضي لنا الإسلام دينًا وشرعًا ومنسكًا، نحمده على نعمائه ونشكره على عطائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق من شاء من عباده إلى الصراط المستقيم، وأظلّ من شاء من الأمم عن الهدى والدين، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله تركنا عن المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك، المبشّر برضى الله عن عباده المسلمين المؤمنين بعد أن هداهم للحقّ المبين.
روى مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نحنُ الآخرون الأوّلون يوم القيامة، ونحن أوّل من يدخل الجنّة بَيْدَ أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحقّ ) (1) .
نحمده سبحانه على هذه النّعمة العظيمة، نعمة الهداية إلى الدّين الصحيح، فاشكروه على ما هداكم، فأكثر النّاس قد ظلُّوا عن دينه وحادوا عن شريعته، فاستوجبوا غضبه وسخطه وهدى القليل منهم { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف: 103 ]، فكنتم من هذا القليل بفضل الله تعالى عليكم وهدايته لكم { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ } [ البقرة: 198 ].
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أمّا من قبلنا من الأمم عباد الله فقد ضلّوا عن الهدى واتّبعوا طريق الردى، أنزل عليهم الكُتب وأرسل إليهم الرسل وأقام عليهم الحجج، فكفروا بالله وعصو رسله إلاّ قليلاً منهم.
ومن هؤلاء الضّالين النصارى التي ضلّت عن دين المسيح عليه السلام، وجرى عليها ما جرى على الأمم التي حادت عن الطريق ووقع في دينها التحريف والتبديل والإحداث والتغيير، وتقرّبت إلى الله بزعمها بما لا يُحبّه ولا يرضاه من الأقوال والأعمال والعبادات والشعائر، فاعتقدوا في نبيّ الله عيسى عليه السلام بأنّه ابن الله وبأنّه هو الله وبأنّه ثالث ثلاثة، { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [ التوبة: 30 ]، { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ المائدة: 17 ]، { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا } [ النساء: 171 ].
فهذه الأمّة عباد الله كفرت بالله واتّخذت الوثنيّة شعارها، حرّفوا دين الأنبياء وابتدعوا ما لم يأمرهم به الله، { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ الحديد: 27 ].
فسقوا وخرجوا عن دينه وشرعه، ومما ابتدعته هذه الملّة الضّالّة عباد الله: الإحتفال بعيدين اثنين في آخر كلّ عام ميلادي، وهذان العيدان من أعظم شعائر الدّين عند النصارى وهي من الأعياد المحدثة التي ليست من دين المسيح عليه السلام، فيحتفلون بما يزعمون بأنّه عيد ميلاد المسيح عليه السلام المُسمّى: الكريسمس، وبعده يحتفلون بعيد رأس السّنة الميلاديّة، ولهم في هذين العيدين الكبيرين عندهم جُملةٌ من الشعائر والأعمال الباطلة المشتملة على أنواعٍ من الشركيّات والشُّبهات المُضلّة والشّهوات المُحرّمة والاعتقادات الفاسدة، فمن ذلك أنّهم في احتفالهم بعيد مولد المسيح مع أنّه لم يثبت لدى مؤرّخيهم النّصارى يوم مولده عليه السلام والخلاف بينهم في عامه كبيرٌ جدًّا فكيف بشهره ويومه، بل إنّ الله تعالى في كتابه أشار أنّ مولده كان في وقتٍ تنضج فيه الثّمار والتمور ولا يكون إلاّ عند اشتداد الحرّ، فقال عن مريم عليها السلام { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) [ مريم: 23-24-25 ].
ولكنّهم قومٌ لا يعقلون فابتدعوا هذا العيد المكذوب الذي يقترفون فيه ألوانًا من العقائد الباطلة من الشرك بالله والكفر به في دعواهم أنّ المسيح بن الله أو ثالث ثلاثة أو هو الله على اختلافهم في ذلك، ويقرؤون قصة المولد من انجيلي مَتَّى ولوطا ويتبادلون الهدايا والتهاني به، وخصُّوا الأطفال بهدايا ما يُسمّى البابا نويل وهو راهبٌ يزعمون أنّه يعيش في القطب الشمالي ويحضر ليلة هذا العيد ليضع لُعبًا للأطفال النّصارى وهم نائمون، ويتّخذون شجرة الميلاد التي هي من رموز عيدهم وهو مأخوذٌ من الوثنيّين الذين يعتقدون أنّ الشجرة رمزٌ للحياة السَّرمدية وغير ذلك من ألوان البدع والخرافات، وليس الغرضُ عباد الله، ليس الغرضُ هو إملاء ما هم عليه من الدّيانات فهم أهل ضلالٍ وجهل، لكن الذي يُؤسفُ له أنْ تمتدَّ هذه العقائد الباطلة إلى أُمّة الدّين الحقّ فتراهم يتسارعون ويتفنّنون في طُرق الاحتفال بهذه الأعياد الشّركيّة، فيتشبّهون بأُمّة الضّلال في أفعالهم وأقوالهم وهيئاتهم (ومن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم) (2)، فكيف بمن رضي وآمن واعتقد ما هم عليه من الباطل والكُفر والعياذ بالله نسألُ الله السّلامة والعافية، خاصّةً أنّ هذه الإحتفالات وشعائرها بدأت تدخل إلى بيوت المسلمين في كل مكان، عبر البثّ الفضائي والإعلام بشتّى وسائله فعمّت بها البلوى وكثُر الواقعون في آثامها المُغترُّون بزُخرفها، فالحديث عنها والتحذير منها من النصيحة لعامّة المسلمين حمايةً لجناب الشّريعة والتوحيد وعودًا بالأمّة إلى عهدها المجيد مُكتفيةً بما شرع الله تعالى لها من الأعياد والشّعائر مُستغنيةً عن تقليد للأمم الضالّة في أعيادها الوثنيّة المُحدثة، { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) } [ الجاثية 18-19 ]، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي المُتّقين والعاقبة لهم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
عباد الله: إنّ العبد المؤمن مستمسكٌ بدينه القويم منقادٌ لأوامر الله وطاعته ميّزه الله على سائر الملل والنِّحل بإنّ هداهُ إلى الصِّراط المُستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } [ الحج: 67 ]، { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ }
[ المائدة: 48 ]
والله تعالى قد بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بشِرعةٍ ومنهاجٍ مُخالفٍ لشرعة ومنهاج الأمم الكافرة، فشرع له من الأفعال والأقوال ما يباين ويخالف سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر عليه الصلاة والسلام أُمّته بمُخالفتهم في الهدي الظاهر فضلاً عن الهدي الباطن لأنّ المُشاركة في الهدي الظاهر تُورث تناسبًا وتشاكُلاً بين المُتشابهين يقود إلى موافقةٍ في الأخلاق والأعمال، وكُلما كان القلب أتمّ حياةً وأعرف بالإسلام كان إحساسه بمُفارقة اليهود والنصارى باطنًا وظاهرًا أتمّ، وبُعدهُ عن أخلاقهم أشدّ، ولذلك جاء التحذير من مُشابهتهم ومُوالاتهم واتّخاذهم أولياء فحذّر اللهُ المُؤمنين ونهاهم عن ذلك فقال: { ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ المائدة: 51 ]،
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( من تشبّهَ بقومٍ فهو منهم )، : فهو منهم في القدر المشترك الذي شابهم فيه فإن كان كُفرًا فهو كُفر وإن كان معصيةً فمعصية أو شعارًا لها كان حكمه كذلك، وقد أخبر الصادقُ المصدوق عليه الصلاة والسلام أنّ أقوامًا من هذه الأمّة سيتّبعون سبيل الأُمم قبلهم من اليهود والنصارى في كُلِّ شؤونهم ويجعلونهم قبلتهم التي يولون لها وجوههم، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ( لتتبعنّ سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه )، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: ( فمن؟ )، رواه البخاري ومسلم (3)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تأخُذ أُمّتي بأخذِ القرون قبلها شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراع )، فقيل يا رسول الله: كفارس والرُّوم؟ فقال: ( ومَن النّاسُ إلاَّ أولائك؟ ) (4) ، فعُلم بخبرهم الصّدق أنّه في أُمّته عليه الصلاة والسلام قومٌ مُستمسكون بهديه الذي هو دين الإسلام الحقّ وقومٌ مُنحرفون إلى طريق اليهود أو إلى طريق النّصارى وقد يكون هذا الإنحراف كُفرًا وقد يكون فِسقًا وقد يكونُ معصيةً، وما كان إلاّ بتزيين شياطين الإنس والجنّ، فلذلك أُمر العبد بدوام دعاء الله سُبحانه الهداية إلى الإستقامة التي لا يهوديّة فيها ولا نصرانية، فما بالِ كثيرٍ منّا اليوم قد تبع هَديهم واستنّ بسَننهم وقلّدهم في عباداتهم وعاداتهم وأعيادهم فما من عيدٍ يحتفلون به إلاّ وللمسلمين فيه أوفر النّصيب من الحرص على إقامته والإحتفال به بأنواعٍ من المُنكرات والمُحرّمات: من شُربٍ للخُمور وهتكٍ للأعراض واقليدٍ لمن نهى الله عن مشابهتهم والرّكون إليهم، بل تختلطّ بهذه الأعياد الكثيرُ من المُعتقدات النّصرانيّة الباطلة التي يأباها العقل السويّ فضلاً عن المنهج النبويّ ويا للعجب كيف أنّ الكثير من أبناء ملّتنا بل ويدينون بديننا يرضون لأنفسهم وأهاليهم وأبنائهم الإنجرار وراء هذه الدّيانات الباطلة والعقائد المُزيّفة، يُنفقون عليها الأموال الطائلة للمشاركة فيها بالأسفار والشراء والإهداء ويتباهون بذلك وهم مُتّبعون لشرّ الخلق عند الله سبحانه ففي الصحيحين عن عائشة أنّ أُمّ سلمة رضي الله عنهما ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسةً رأتها بأرض الحبشة يُقال لها مارية فذكرت له ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أولائك قومٌ إذا مات فيهم العبدُ الصالح (أوقال: الرجل الصالح) بَنو على قبره مسجدًا وصوّروا فيه تلك الصّور إولائك شِرارُ الخَلق عند الله ) (5) ، كيف لا يكونون كذلك وكنائسهم لا تخلوا من صور مريم وعيسى عليهم السلام بزعمهم ومن صور جَرجِس وبُطرُص وغيرهم من القدّيسين عندهم وأكثُرهم يسجدون للصُّور، بل حكم الله تعالى عليهم بأنّهم شتموه وسبُّوه وما كان لهم ذلك، ففي الصحيح عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( قال الله: كذَّبني ابنُ آدم ولم يكن له ذلك وشَتمني ولم يكُن له ذلك، أمّا تكذيبه إيّايّ أنْ يقول: إنّي لن أُعيدهُ كما بدأتُه وأمَّأ شتمُه إيّايَ أنْ يقول: إتَّخذَ اللهُ ولدا وأنا الصّمدُ الذي لم أَلِد ولم أولد ولم يكُن لي كُفُؤًا أحد ) (6) ، ويُروى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنّهُ قال فيهم أهينوهم ولا تظلموهم فلقد سبُّوا الله عزّ وجلّ مَسبّةً ما سبَّه إيّاها أحدٌ من البشر، فكيف تحتفلُ يا عبد الله المسلم بعيد من دينهم مبنيٌّ على الكُفر بالله وشتمه فتُهنّئهم بهذه الأعياد الكُفريّة أو تُشاركهم فيها أو تُقلّدهم جاهلاً أو مُتاجهلاً لذلك، { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) } [ آل عمران: 19 ]
{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [ آل عمران: 85 ]
وأختم حديثي بقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ( والذي نفسُ مُحمدٍ بيده لا يسمعُ أحدٌ من هذه الأمّة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثمّ يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلاّ كان من أصحاب النّار ) (7) ، فالواجب على النّصارى وغيرهم من الكُفّار إتّباع ملّتنا وديننا والإيمان بنبيّنا لا أنْ نكون ذَنَبًا لهم في كُلِّ صغيرٍ وكبير.
نسأل الله الهداية إلى الطريق المستقيم وأنْ يُبعدنا من طُرق أهل الظلالة والعنان والحمدُ لله ربِّ العالمين.

_________________

(1) رواه مسلم (855)، وفي رواية أخرى في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نحن السابقون الأولون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم) (البخاري: 896) و (مسلم:855).
(2) أخرج الإمام أحمد في «مسنده» (5114، 5115، 5667)، وأبوداود في «سننه» (4031)، وابن أبي شيبة (4/575)، وعبد بن حميد في «مسنده» (848)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1199)، والطبراني في «مسند الشَّاميِّين» (216)، والطَّحاوي في «مشكل الآثار» (1/125)، وابن عبد البر في «التمهيد» (11/76)، وتمام في «فوائده» (770)، وابن الأعرابي في «معجمه» (1137)، والدينوري في «المجالسة» (147) من طُرُقٍ عن أَبي النَّضْرِ، حدَّثنا عَبدُ الرَّحمنِ بنُ ثَابِتٍ، حدَّثنا حسَّانُ بن عَطِيَّةَ عن أبي مُنِيبٍ الجُرَشِيِّ عن ابنِ عمرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي؛ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
صحَّح إسناده العراقي في «تخريجه للإحياء» (851)، وجوَّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (ص269)، وقال الذَّهبي في «السِّير» (15/509): «إسناده صالح»، كما حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في «الفتح» (10/271)، والألباني في «الإرواء» (1269).
(3) رواه البخاري ( 3269 )، ومسلم ( 2669 ).
(4) رواه البخاري ( 7319 ).
(5) رواه البخاري ( 427 )، ومسلم ( 528 ).
(6) رواه البخاري ( 4974 ).
(7) رواه مسلم ( 153 ).

_________________

(*) خُطبةٌ لفضيلة الشيخ الدكتور رضا بوشامة حفظه الله تعالى وكانت في نفس هذا الشهر قبل سنتين 1435ه / 2013م .
تمّ تفريغها مساء اليوم بفضل الله ومنته فجزى الله خيرًا شيخنا الدكتور رضا بوشامة ويسّر الله رجوعه للمنبر والحمد لله رب العالمين .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو العباس منصور كمال ; 29 Dec 2015 الساعة 02:34 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 Dec 2015, 11:29 AM
أبو ميمونة منور عشيش أبو ميمونة منور عشيش غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: أم البواقي / الجزائر
المشاركات: 582
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء أخي الفاضل على هذا النّقل النّافع والتّفريغ المتقن، وحفظ الله الشّيخ الدّكتور رضا بوشامة، وزاده علما وعملا ونفع به، آمين..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 Dec 2015, 02:40 PM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي

وجزاك خيرا أخي الكريم وبارك فيك وشكر لك حسن ظنك بإخوانك وتشجيعك لهم

حاولت مرارًا وتكرارًا رفع الملف الصوتي مع التفريغ لكن للأسف لم أوفق في ذلك، فمن كان بإمكانه ذلك فليرفعها ليكتمل العمل ولتعم الفائدة وجزاكم الله خيرًا.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 Dec 2015, 06:53 PM
إسحاق بارودي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بارك الله فيك أخي أبا العباس
وهاهي صوتية خطبة الشيخ رضا بوشامة حول تحذير المسلمين من الإحتفال بأعياد المشركين : تحميل
مأخوذة من موقع الشيخ : من هنا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 Dec 2015, 12:59 PM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي

أحسنت صنعا أخي الكريم اسحاق بارودي وجزاك الله خيرا وشكرا لك مساهمتك ومساعدتك لإخوانك
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30 Dec 2015, 02:46 PM
أبو عبد الرحمن عبد اللطيف أبو عبد الرحمن عبد اللطيف غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 230
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 Dec 2015, 03:30 PM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي

وجزاك بالمثل أخي الحبيب أبا عبد الرحمن
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013