منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 02 Oct 2019, 10:49 AM
الطيب عزام الطيب عزام غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 22
افتراضي الصدق أولا - الشيخ الفاضل توفيق عمروني -حفظه الله-

( الصِّدقُ في الأقوال هو عنوانُ العزَّة والاستقَامَة، وطريقُ سعَادة الفَرد والجماعَة ، ما فرَّط فيه أحدٌ إلاَّ وعلَتْهُ الذِّلَّة والمهانةُ ، وكانَ عُرضةً للتَّغيُّر والتَّلوُّن ، فلا يُرفَع للمَرء قدرٌ ، ولا تطيبُ له حياةٌ ، ولا يدومُ له ثباتٌ ولا ذكرٌ إلاَّ بالصِّدق ، فمَن لزمَ الصِّدقَ عانقَه الخير ، ومَن تعَوَّد الكذبَ سهُلَ عليه كلُّ شرٍّ ، قال النَّبيُّ ﷺ : « إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصْدُقُ حتَّى يُكتَب صِدِّيقًا ، وإنَّ الكذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ ، وإنَّ الفُجورَ يهْدِي إلى النَّارِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ كذَّابًا ».
ومن أعظَم الرَّزايا أن يتلوَّث لسانُ المنتَسب إلى العِلم بالكذب ، فيَزول عنه نورُ الصِّدق ومهابتُه ، وتُرفَع الطُّمأنينَة من حديثه ، ويُحرَم ثمرةَ العِلم وهي العَمل به وتعليمُه ، وقَد يُعاقَب بنسيان ما تعلَّمَه ، وانسدادِ باب علم كانَ يطلبُه ، فحريٌّ بكلِّ مَن رامَ العلمَ أن يتعلَّم الصِّدقَ أوَّلاً ، ففي « شُعب الإيمان » (4567) قال حاتم ابن يوسُف : أتيتُ بابَ الفُضَيل بن عيَاض فسلَّمتُ عليه ، فقُلتُ : يا أبا عليٍّ معي خمسَة أحاديث ، إنْ رأيتَ بأنْ تأذَن لي فأقْرَأ عليكَ ، فقال لي : اقْرأ فإذَا هُو ستَّةٌ ، فقَال لي : أُفٍّ ، قُمْ يا بُنيَّ ، تعَلَّم الصِّدْقَ ، ثُمَّ اكتُبِ الحديثَ » ، فأنكَر عليه ما قَد يَتجاوزُ عنه كثيرٌ منَ النَّاس ، لكنَّها التَّربية الصَّحيحَة الَّتي لا تتَساهَل أبدًا في أمر الصِّدق ، لينشَأ المتعلِّم مَصُونَ اللِّسان مِن آفةِ الكذب ، الَّتي لو تسرَّبت إليه لأفسَدَت عليه حاضرَه ومُسْتَقبلَه العِلمي ، وجُرحَ جرحًا لا يبرَأ ، لأنَّ العلمَ لا يرتَفعُ فيه إلاَّ الصَّادقُون ، ففي «الجامع لأخلاق الرَّاوي» (1010) : «سُئل الإمام أحمَد : بمَ بلَغ القومُ حتَّى مُدِحُوا ؟ قالَ : بالصِّدقِ» ، فعَلى المنتَسب إلى العِلم والدَّعوة أن يحتاطَ لدينِه ويتَجنَّبَ الكذبَ في جدِّه وهزلِه ، ولا يتوسَّع في استعمال المعاريض والتَّورية ، فتُساء به الظُّنون ، وتَنْفر منه القُلوب ، ولا يعجَل في ترويج الأخبَار ، إلَّا بعد التَّبيُّن والتَّثبُّت ، فمَن كانَ هذَا دأبَه رُجي له أن يبلُغَ مراتِبَ الإمامَة في الدِّين ، ومحلَّ الثِّقة في العِلم ، وإلاَّ فلا يتعنَّ ، قال الإمامُ مالك : «إعلَمْ أنَّه ليسَ يسْلَمُ رجُلٌ حدَّثَ بكُلِّ ما سمِع ، ولا يكونُ إمامًا أبدًا وهُو يُحدِّثُ بكُلِّ ما سمِعَ» ، فمَن أراد أن يسلَم منَ العَطب ، ولا يُوصَف بالكذب ، فليُمسك لسانَه عن نشْر كلِّ ما سَمع ، ففي الحديثِ الصَّحيح : «كفَى بالمَرءِ كذِبًا أنْ يُحدِّثَ بكُلِّ ما سمِعَ» ، قال النَّووي : «فيه الزَّجْرُ عنِ التَّحديثِ بكُلِّ ما سمعَ الإنسانُ ، فإنَّهُ يسمَعُ في العادةِ الصِّدقَ والكذِبَ ، فإذَا حدَّثَ بكُلِّ ما سمعَ فقَد كذَب لإخبَارِه بمَا لم يكُن» ، وصار بذلكَ كاذبًا لروايته إيَّاه ، وإنْ لم يتعمَّدْهُ ، لأنَّ الكذبَ هو إخبَارٌ عَن أمر على خلافِ الواقع .) .

منشور في العدد (62) من مجلة الإصلاح .

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013