منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08 Apr 2015, 12:44 AM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي بوكروح [ وأمثاله ] والعبادة المفقودة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه كلماتٌ يسيرات، أذكّر بها نفسي وإخواني في هذا المنتدى السلفيّ الطيّب المبارك، تكونُ دليلا إن شاء الله تعالى لتحقيق عبادةٍ غابت لدى كثير من المنتسبين إلى الإسلام اليوم، فصاروا إلى ما نرى من التطاول على المُسَلّمات من ديننا، المعلومةِ من الدين بالضرورة، فأصبحنا نسمع ونرى بين الفينة والأخرى عبر وسائل الإعلام ظهورَ بعض الجهلة يتكلمون في دين الله تعالى بجرأة تُشَيّبُ الولدان، والله المستعان، هذه العبادةُ هي عبادةُ من رضِيَ بالله ربّا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وبالإسلام دينا، ألا وهي عبادةُ الانقيادِ والخضوعِ للهِ وحكمه.

وظيفةُ الدِّين

إن أعظمَ وظيفةٍ يقوم بها الدّينُ ـ لمن تديّن وتمسّك به ـ أن يكون الدّينُ مقوِّما لسلوكه وأخلاقه، وعبادته وعقيدته، على منهاج الله عزوجل ورسوله صلى اله عليه وسلم، مُخرجاً العبدَ من دواعي الهوى، ومن مألوف العادة، إلى أمْرِ الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، حيث يُلقي العبد المسلمُ قلبَه لربّه جلّ وعلا يُصرّفه كيف يشاء، ويضعه حيث يريد، هذه هي وظيفة الدّين الأولى، بل هي وظيفته الأساس.
وعلى هذا الصراط السّويّ المستقيم يسير المُوّفقون، وبهذا الميزان يستطيع المسلمُ أن يَحكُمَ على نفسه بنفسه، أهو متمسّكٌ بدين ربّه حقّا ؟ أم هي دعاوى فارغاتٌ لا حقيقة من ورائها ؟؟
العبدُ المسلمُ إذا أسلم قلبَه لله سبحانه، وعظّم أمرَه ونهيَه، فقد أسلم حقّا، وإذا ما نازعَ ربّه تعالى في أمره ونهيه، وفي قضائه وقدَره، فأيّ مسلم هذا ؟ يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله [ الوابل الصيّب ]: أول مراتبِ تعظيمِ الحقّ عزّ وجلّ تعظيمُ أمره ونهيه، وذلك لأنّ المؤمن يعرف ربَّه عزّ وجل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى كافة الناس ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه، وإنما يكون ذلك بتعظيم أمرِ الله عزّ وجل واتباعه، وتعظيم نهيه واجتنابه، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي.

عبادةُ الانقيادِ لله والخضوعِ لحكمه


من العبادات القلبية المهمّة، الانقيادُ لله تعالى والخضوعُ لحكمه، هذه العبادة عدّها العلماء من شروط قبول كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، بل هي داخلة في مسمّى الإسلام، الذي هو " الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله " [ شرح الأصول الثلاثة للشيخ العثيمين رحمه الله ]
قال تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[النساء: 65] قال الإمام ابن كثير رحمه الله [ تفسير القرآن العظيم ]: يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكّمَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا؛ ولهذا قال: { ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } أي: إذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة.
وقال تعالى { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[النور: 51] قال الإمام السّعدي رحمه الله [ تيسير الكريم الرحمان ]: أي: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ } حقيقةً، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم حين يُدعون إلى اللهِ ورسولهِ ليحكم بينهم، سواء وافق أهواءهم أو خالفها، { أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي: سمعنا حُكمَ الله ورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعةً تامةً، سالمةً من الحرج.
{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } حصر الفلاح فيهم، لأن الفلاحَ الفوزُ بالمطلوب، والنجاةُ من المكروه، ولا يفلح إلا من حَكَّمَ اللهَ ورسولَه، وأطاع اللهَ ورسولَه.
وقال تعالى في آية أخرى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }[الأحزاب: 36] قال الإمام الشوكاني رحمه الله [ فتح القدير ]: ومعنى الأية: أنّه لا يحل لمن يؤمن بالله، إذا قضى الله أمرا، أن يختار من أمرِ نفسِه ما شاء، بل يجب عليه أن يُذعن للقضاء، ويُوقِفَ نفسَه تحت ما قضاه الله عليه.

من رَضيَ بالله ربّا وبمحّمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام دينا لَزِمه الانقياد

عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا. [رواه الترمذي وصحّحه الألباني]
وعن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه. [رواه مسلم]
يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله [ مدارج السالكين ]: وهذان الحديثان عليهما مدارُ مقاماتِ الدّين، وإليهما تنتهي، وقد تضمنا الرضى بربوبيته سبحانه وألوهيته، والرضى برسوله، والانقيادَ له، والرضى بدينه، والتسليمَ له، ومن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصّديقُ حقّا، وهي سهلة بالدعوى واللسان، وهي من أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان.

أمثلةٌ عجيبةٌ في الانقياد لله تعالى
المثال الأول: قال تعالى عن نبيّه إبراهيم عليه السلام { ربّ هب لي من الصالحين } إلى قوله { فلمّا أسلما وتلّه للجبين }[الصافات: 100 ـ103] فلمّا أسلما: أي استسلما وانقادا طاعةً لله عزوجل، وامتثالا لأمره، فإبراهيم عليه السلام لما أُمِر بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام امتثل وانقاد، وإسماعيل عليه السلام لم يَجزَعْ، وإنما حثّ أباه على تنفيذ أمرِ ربّه تعالى.
المثال الثاني: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمّا نزل تحريمُ الخمرِ: اللهم بيّن لنا في الخمرِ بيانَ شفاء، فنزلت التي في المائدة { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر } إلى قوله { فهل أنتم منتهون } فدعي عمر فقرئت عليه فقال انتهينا انتهينا. [رواه الترمذي وصححّه الألباني]
المثال الثالث: وذلك لمّا نزلت آية الحجاب، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شَقَّقْنَ مروطَهنّ فاختمرن بها. [رواه البخاري]

حقيقةُ الانقيادِ من خلال ما تقدّم


يبيّنها الإمام ابن القيّم رحمه الله بقوله [ مدارج السالكين ]: هو الخلاص من كلّ شبهةٍ تعارضُ الخبرَ، أو شهوةٍ تعارضُ الأمرَ، أو إرادةٍ تعارضُ الإخلاصَ، أو اعتراضٍ يعارضُ القَدَرَ والشرع.

جَهَلةُ المسلمين يعترضون على المُسَلّمَات


من أشد ما بلي به المسلمون في هذه الأزمنة الأخيرة، والسنوات الخدّاعة، التي يُخوّن فيها الأمين، ويُؤتمن فيها الخائن الاعتراض على نصوص الكتاب والسنة، وعدم الانقياد لأوامر الله ونواهيه، وإثارة الشبهات حول الأحكام الشرعية، لماذا يا تُرى ؟ فالجواب: أنه لما كان في نصوص الكتاب والسنة، ما يخالف شهوات بعض الناس وشبهاتهم، إن لم نقل ديانتهم ؟ كان تلقيهم لتلك النصوص والأحكام مصحوباً بنوع من التردد، مع التثاقل والحرج في صدورهم، فدفعوا تلك الأحكام الشرعية بالكلية، أو حرّفوها عن دلالتها في سبيل تحقيق شبهاتهم وشهواتهم.
هذا المزلق الخطير لا يستغرب حين يصدر ممن ليس لهم حظ في الإسلام من اليهود والنصارى وأشياعهم فهم كما قال الله تعالى { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }[النساء: 89]
ولكنّ الغريب في ذلك أن تجد بعض المسلمين ممن فرحوا بما عندهم من العلم الدنيوي، فأخذوا يزنون النصوص الشرعية بميزان عقولهم، فما وافق عقولهم قبلوه، وما لم يوافق عقولهم حّرفوه بما يوافق الهوى، فجعلوا عقولهم حاكمةً على الشرع، فلم يعد لهذه النصوص الشرعية في قلوبهم تعظيما أو انقياداً، وهذا كله مخالف لما يجب أن يكون عليه العبد المسلمُ الذي رضي بالله ربّا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وبالإسلام دينا، من التسليم والانقياد لله وأحكامه.

أيها الجهلةُ المعترضون

ـ لو حقّقتم عبادة الانقياد لله، والخضوع لحكمه، لَوَسِعَكم ما جاء في الكتاب والسنة، ووسِعَكم ما فهمه سلفنا الصالح.
ـ لو حقّقتم الانقياد لما اتهمتم الأحكام الشرعية وأدلتها، بل كان الأولى بكم أن تتهموا فهومَكم بالقصور، وعقولَكم بعدم الإدراك.
ـ لو حقّقتم ذلك لما خالفتم الأحكامَ التي تضمنتها النصوص بباطنكم ولا بظاهركم، ولا بفعلكم ولا بحالكم، ولم تجدوا إلى خلافها سبيلا من سُبُل التحايلِ والترخّصِ بتتبعِ فتاوى المتساهلين، أو المضلين [ وما أكثرهم في زماننا ].
ـ لو حقّقتم الانقياد لما اعترضتم على الشرع بوضع القوانين المخالفة لشريعة ربّ العالمين.

ما أكثر ما نسمع تلك الأصوات البائسة

ـ التي تنادي بإعطاء المرأة حقّها وحريّتها، من خلال المطالبة بالنظر في مسائل الميراث والطلاق، التي بينّها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أتم بيان وأكمله.
ـ والتي تنادي بإعادة النظر في ترتيب سور القرآن الكريم، وقد بيّن سلفنا الصالح من عهد الصحابة رضي الله عنهم هذا الأمر أحسن بيان.
ـ والتي ستنادي، وتنادي بما يُخالف شرعنا الحنيف، سنة الله ولن تجد لسنة الله تحويلا ولن تجد لسنة الله تبديلا.

وقفةٌ أخيرة

قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }[المائدة: 3] ديننا دينٌ شاملٌ كاملٌ، صالحٌ لكلّ زمان ومكان، يشمل جميعَ مناحي الحياة الدينية والدنيوية، فلا يحتاج إلى استدراكِ مستدركٍ، بل بقي لمن رضي به دينا أن ينقاد لأوامر ربّه تعالى ونواهيه ويستسلم.
وهذا بخلاف أهل النفاق، فإن حالهم مع أوامر الله تعالى الصدودُ والردُّ وعدمُ الانقياد، قال تعالى { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا }[النساء: 61]
نسأل الله عزوجل أن يرينا الحقّ حقّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

كتبه أبو سهيل محمد: 18/جمادى الثانية/1436
07/04/2015

التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل محمد القبي ; 08 Apr 2015 الساعة 10:40 AM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, دعوة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013