(والصُّلحُ خَيْرٌ)
#بشرى
بسم اللّه والصلاة والسلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
قال تعالى : { إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } [ الحجرات: 10] ؛ و قال تعالى : { وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } [ الأنفال : 1] ؛ بِتوفيقٍ من اللّه وكرمِهِ ومَنِّهِ وفضلِهِ وبعد حَوالِي ستَّة ساعاتٍ من الأخذِ والرَد ، نُبشِرُ إِخواننَا أنهُ تمَّ الصُلح بين الإِخوة السلفيِّين الأثريِّين السُنِيِّين أصحَاب المنهج الواحد في مدينة سطيف - حرسها اللّه تعالى - والعودة إلى صفحة بَيضاء نقيَّة بإِذنِ اللّه ، وقد تمَّ تقيِّيد بَعض النِقاط العالِقة كي نعرضِها على أحَد مشايِخنا كي يَتِمَّ الحُكمُ لِمن يرجِعُ لهُ الحق فيها ، وسَيكُون الإلتِزَامُ مِنَ الطَرفين بِما يحكُمُ بِهِ الشيخ إن شاء الله ، وكان هذا المجلِس المبارك إن شاء اللّه تعالى في أحد بيوت إِخواننا الأَفَاضِل وقد أكرمنا - جزاه اللّه خيرا - ويَشهد اللّه أنَّ الصُلح أفرحَنَا وَأَثلَجَ صدورَنَا وقد صدق من قال :" الإجتماعُ رحمة والخلاف عذاب " (الإجتماع على الحق طبعًا )؛ والحمد للّه الذي بنعمِهِ تتِمُّ الصالِحَات ،وأضعُ بين أيدِي إخواني كلام نفيسٌ يحتاج أن نقرأه بتدبر وتمعَّن ، فالحاجة إليه شديدة ، قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -:
" فإذا قال قائل : كيف يمكن أن يزيل الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه ؟
- فالجواب : يستطيع الإنسان أن يتخلص من ذلك بما يلي :
- أولا : أن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المآثم ، وفوات الخير حتى إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين والخميس ، فإذا كان بين اثنين شحناء قال : « أنظروا هذين حتى يصطلحا »، أي : الرب عز وجل لا ينظر في عملك يوم الاثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء .
- ثانيا : أن يعلم أن العفو والإصلاح فيه خير كثير للعافي ، وأنه لا يزيده ذلك العفو إلا عزا ؛ كما قال النبي ﷺ : « ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا » .
- ثالثا : أن يعلم أن الشيطان ـ وهو عدوه ـ هو الذي يوقد نار العداوة والشحناء بين المؤمنين ؛ لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين ويفرح إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم ، فإذا ذكر الإنسان المنافع والمضار فإنه لا بد أن يأخذ ما فيه المصالح والمنافع ، ويدع ما فيه المضار والمفاسد .
- فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر ، فإنك تعزها في الحقيقة ؛ لأن من تواضع لله رفعه ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وجرب تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت ، وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب ، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة ، فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم ، ويأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه ، أي لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك الشيطان : احمله على الشر ، مع أن المشروع أن يحمل الإنسان كلام إخوانه على الخير ما وجد له محملا ، فمتى وجدت محملا للخير فاحمله على الخير ، سواء في الأقوال أو في الأفعال ، ولا تحمله على الشر ، وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ يحمل الفعل أو القول على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على أخيه ، ويتابع أخاه ، وينظر ماذا فعل ؟ وماذا قال ؟ فتجده دائما يحلل أقواله وأفعاله ، وليته يحمله على الأحسن ، أو على الحسن ، ولكن على السيء والأسوء ، وذلك بإيحاء الشيطان ـ والعياذ بالله ـ ،
- والذي يجب على المؤمن إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد قرائن قوية تمنع حمله على الخير ، فهذا شيء آخر ، فلو صدر مثل هذا من رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد فلا بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه ، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر ، فإذا وجد في كلامه ، أو في فعاله ما يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح ،
- وربما يصاب هذا الرجل الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من يتابعه هو بنفسه ، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته " (1)
تنبيه :
من باب قولِهِ صلى اللّه عليه وسلم :" لا يشكرِ اللّه من لا يشكُرِ النَّاس " ، فإنَّ صاحِب المُبادرة والصُلحِ بينَ إخوانِنَا هو الأخ الحبيب أبو عبد اللّه رمزي بن مسعود فراج السطايفي -وفقه اللّه - فقد سعى في لَمِ الشَمل ، واجتهدَ كثيرًا كي يحصُلَ هذا الصُلح بين إخوانِهِ ، فجزاه اللّه خيرًا وغفرَ اللّه لهُ ولوالديه وجعل سعيهُ في موازين حسناتِهِ.
-آمين-
فاللّهُم جنبنا الفِتن ومُضِلاتِهَا ،واللّه الموفق .
وكان هذا ليلة ۱٩ من ربيع الثاني ۱٤٣٧ الموافق 29 جانفي 2016
(1) انظر : (الشرح الممتع) (٢٠٦/٥ - ٢٠٨) .
كتبه: يعقوب بن مسعود الجزائري .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس يعقوب الجزائري ; 31 Jan 2016 الساعة 04:17 PM
|