منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام » ركن الخطب المنبريّة والدروس العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02 Mar 2013, 11:31 AM
ابو يحي عبد العلي الزارزي ابو يحي عبد العلي الزارزي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 17
افتراضي حقوق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم (2)

حقوق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم (2)
عباد الله: عرفنا في الجمعة الماضية فضل الصحابة ومكانتهم عند الله وعند رسوله، وعرفنا بعض حقوقهم، ومن أعظم حقوقهم وهو من الواجبات علينا وليس تفضلاً منا، اتباعهم والاقتداء بهم فيما هو من دين الله 1، والأدلة على وجوب ذلك متكاثرة في الكتاب والسنة.
وقد تجد يا عبد الله هذه الخطبة مليئة بالأدلة الشرعية وأقوال السلف، وذلك لأن هذه المسألة -اتباع السلف- وقع فيها خلاف، وهو على أشده في هذه الأيام على صفحات الجرائد والقنوات الفضائية، حيث يدعي أقوام أن اتباع السلف، ليس بواجب فهم رجال ونحن رجال، واتهموا أتباع السلف ومنهجهم بالدخيل على البلد وجعلوه في كفة واحدة مع الشيعة والخوارج والقادينة وغيرها من الطوائف الضالة، والدعاوى ما لن تقم عليها بينات أبناؤها أدعياء.
فالمراد بهذه الخطبة بيان أن اتباع السلف واجب وليس ذلك من التعصب لأحد، وإن كان تعصبا فهو للنبي ص.
ﭧ ﭨ ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮁ ﮂﮃ[النساء].
فهذه الآية الكريمة تبين بيناً واضحاً لا يحتمل أدنى تأويل وجوب إتباع سبيل المؤمنين، وقد قرن الله / بين مشاققة الرسول ص، وبين إتباع غير سبيل المؤمنين، فكل من يتبع غير سبيل المؤمنين يكون مشاققاً للرسول ص، وقد توعد الله سبحانه كل من خالف سبيل المؤمنين بجهنم وساءت مصيراً أعاذنا الله منها، والمقصود بسبيل المؤمنين الذي يجب على كل مسلم أن يتبعه، هو سبيل الصحابة ي.
وقال 1: ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ[التوبة].
وهذه الآية فيها إخبار من الله سبحانه يتضمن المدح الدال على الوجوب، فقد امتدح الله سبحانه طائفتين من الناس، الطائفة الأولى وهم المهاجرون والأنصار، وقد جاء السياق في مدحهم مطلقاً بلا قيد، والطائفة الثانية وهم الذين اتبعوهم، وقد جاء المدح مقيداً بقيدين اثنين، أولهما: الإتباع، ثانيهما: وصف الإتباع بالإحسان، وهذا دليل واضح على أن المقصود بسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة ي.
فلا يحصل المرء رضا ربه عليه إلا باتباع الصحابة بإحسان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وﭧ ﭨ ﭽﭧ ﭨ ﭩﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ [الفاتحة].
في هذه الآية دليل على أنه لا يمكن للإنسان أن يسلك الطريق المستقيم إلا باتباع طريقة من أنعم الله عليهم، ومن هؤلاء بلا شك ولا ريب الصحابة ي.
قال ابن القيم :: "فكل من كان أعرف للحق وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم، ولا ريب أن أصحاب رسول الله ص وي هم أولى بهذه الصفة من الروافض، ...ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله ص"[1].
وفي هذا تنصيص منه : على أن أفضل من أنعم الله عليه بالعلم والعمل هم أصحاب رسول الله ص فيجب إتباعهم والإقتداء بهم.
وﭧ ﭨ ﭽ...ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [آل عمران].
قال ابن القيم :: "ووجه الاستدلال بالآية أنه تعالى أخبر عن المعتصمين به؛ بأنهم قد هدوا إلى الحق، فنقول: الصحابة ي معتصمون بالله، فهم مهتدون، فإتباعهم واجب"[2].
وقال 1:...ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ...[لقمان].
قال ابن القيم :: "وكل من الصحابة منيب إلى الله، فيجب إتباع سبيله، وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله، والدليل على أنهم منيبون إلى الله تعالى أن الله تعالى قد هداهم وقد قال:...ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ[الشورى]"[3].
وقد حض النبي ص وأمر باتباع أصحابه ي لأنهم خير من استقام على دين الله بعد نبيهم ي أجمعين، فالذي لا يتبعهم لا يكون متبع للنبي ص وإن زعم ذلك لأن الدين جاء من طريقهم، فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ بقَالَ: أَلاَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَامَ فِينَا فَقَالَ: «أَلاَ إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ في النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ في الْجَنَّةِ، وَهِىَ الْجَمَاعَةُ»[4].
تأمل وصف الفرقة الناجية بالجماعة، ولم يصفها بتمسكها بالكتاب والسنة، مع أنها لا يمكن أن تخرج عنهما قط، وفي ذلك تنبيه وإشارة إلى الجماعة التي فهمت الوحيين، وعملت بهما على مراد الله ورسوله، ولم يكن يومئذ جماعة إلا أصحاب رسول الله ص، ولهذا صحح بعض أهل العلم الرواية: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي"[5].
واعلم يا عبد أن كل الطوائف الضالة اليوم التي تدعي الإسلام تقول: أنها على الكتاب والسنة، لكن الذي يفضحها هو طريقة الصحابة في فهم الكتاب والسنة، فكل طائفة وفرقة تفهم الكتاب والسنة على ما يخترعه لها منظروها، لكن من فهمهما بفهم الصحابة عصم من الزيغ والضلال.
وعن الْعِرْبَاضُ بن سارية ا قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً؛ ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!! كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟، فَقَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»[6].
والشاهد هنا في الجمع بين اتباع السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين المهديين -عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ-، وهذه وصية النبي ص لهذه الأمة مما يدل على أن هذا المنهج عريق وليس بحدث، وانظر كيف جعل النبي ص التمسك بهذا المنهج نجاة من الإختلاف الحاصل في الأمة.
قال الشاطبي :: "فقرن ص سنة الخلفاء الراشدين بسنته، وأن من اتباع سنته اتباع سنتهم، وأن المحدثات خلاف ذلك، ليست منها في شيء، لأنهم ي فيما سنوا؛ إما متبعون لسنة نبيهم ص نفسها، وإما متبعون لما فهموا من سنته ص في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله، لا زائدة على ذلك"[7].
وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري ا قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْنَا: لَوِ انْتَظَرْنَا حَتَّى نُصَلِّي مَعَهُ الْعِشَاءَ فانتظرنا فخرج علينا فقال: "ما زلتم هاهنا؟ قُلْنَا: نَعَمْ نُصَلِّي مَعَكَ الْعِشَاءَ قَالَ: أَحْسَنْتُمْ، أَوْ قَالَ: أَصَبْتُمْ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: النُّجُومُ أَمَنَةُ السَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا أَنَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أتى أمتي ما يوعدون"[8].
قال النووي :: "وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون"؛ يعني؛ من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه، وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم، وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك، وهذه كلها من معجزاته ص"[9].
عباد الله: الصحابة ي منارة لأهل الإيمان يهتدون بهم في ظلمات الشبهات والشهوات، وزينة وبهاءً للإسلام في الصدر الأول ورجوما وشوكاً في حلوق أهل البدع والأهواء.
وفي الحديث إشارة إلى أن الأمة أصابها ما أصابها من الفتن بعد ذهاب الصحابة وترك الناس لنهجهم وطريقتهم، فمن أراد أن ترجع الأمة إلى صفائها ونقائها وبهائها فعليه بنهج الصحابة فإنه أمان من الفتن والبدع والمضلات، وهذا ما نبه عليه إمام دار الهجرة -الإمام مالك --: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم ديناً"، وهذا أمر مشاهد فأكثر الناس أمناً في دينهم وطمأنينة وراحة وسعادة وثباتا هم أهل السنة، وهم أبعد الخلق عن البدع ومضلات الفتن.
فمن كان على منهجهم y فهو في أمنة في هذه الدنيا من البدع والحوادث والفتن، وفي الآخرة هو في أمان من النار بإذن الواحد القهار، ومعنى هذا أن الذي لا يتمسك بمنهج الصحابة y فهو واقع لا محالة في البدع والحوادث والفتن، وفي الآخرة هو متوعد بالنار.
ومن الضلال البين والجهل العريض أن يقال: الصحابة ليسوا إلا نقلة أخبار وليس لهم فقه ولا معرفة بأحكامها؟!، نتج من ذلك قول من قال: "مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم".
وفي هذه العبارة تناقض بيِّن يدل على جهل قائلها، فكيف تكون السلامة مع الجهل، ففيه تفريق بين العلم والسلامة وهذا جهل مركب، لأن السلامة لا تكون إلا مع العلم، فإذا كان مذهبهم -رحمهم الله- أسلم فهو أعلم بلا شك، ومذهب غيرهم لا تتحقق به السلامة والنجاة أبداً.
فمذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم، ومذهب الخلف الذين خالفوا هذا المنهج مخالف للعلم ومجانب للصواب وسبب للهلاك.
"فهؤلاء محجوبون عن معرفة مقادير السلف، وعمق علومهم، وقلة تكلفهم، وكمال بصائرهم، وتالله ما امتاز منهم المتأخرون إلا بالتكلف والاشتغال بالأطراف التي كانت همة القوم مراعاة أصولها، وضبط قواعدها، وشد معاقدها، وهممهم مشمرة إلى المطالب العالية في كل شيء، فالمتأخرون في شأن والقوم في شأن آخر، وقد جعل الله لكل شيء قدراً".
عباد الله: لو نظرنا في أقوال أهل العلم وعلى رأسهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان لوجدناه حاضة على اتباع السلف والتحذير الشديد من اتباع الأخلاف وبدعهم ومناهجهم المنحرفة.
1- قال ابن مسعود ا: "«مَن كانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد ص، كانوا أفضلَ هذه الأمة، وأبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ولإقامة دِينه، فاعرِفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم»"[10].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -: "...[وهذا] كلام جامع بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ببر القلوب، وبين فيه كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم، وبين فيه تيسر ذلك عليهم وامتناعهم من القول بلا علم بقلة التكلف"[11].
2- قال أبو العالية :: "تعلموا الإسلام، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الإسلام يميناً ولا شمالاً، وعليكم بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء"[12].
وقال أيضاً: "عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يفترقوا"[13].
3- قال الأوزاعي :: "اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم"[14].
وقال أيضاً: "عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول، فإن الأمر ينجلي حين ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم"[15].
4- قال البربهاري : في شرح السنة: (46): "واعلم -رحمك الله- أنه لا يتم إسلام عبد؛ حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد ص فقد كذبهم، وكفى به فرقة وطعناً عليهم، وهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه".
5- قال الإمام أحمد : في أصول السنة (25): "وأصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ص، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين".
6- قال الإمام عبد الحميد بن باديس :: "الإسلام إنما هو في كتاب الله وسنة رسوله ص وما كان عليه سلفها من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق"[16].
عباد الله: مما سبق كله نستنتج الفوائد التالية:
1- أي عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله r لا تكون عبادة أبداً، فضلاً على أن تكون عبادة مقبولة، فهي ليست من الدين في شيء، بل هي إلى البدعة أقرب منها للسنة، ومما يؤكد لك هذا يا عبد الله ما وقع من مناظرة عبد الله ابن مسعود t لأفراخ الخوارج في مسجد الكوفة حيث قال: "... ما هذا الذي أراكم تصنعون"؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: "فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم ص متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة"؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير قال: "وكم من مريد للخير لن يصيبه..."الحديث[17].
تأمل كلام ابن مسعود t ومعناه؛ لو كان ما أنتم عليه من هدي النبي r لسبقكم إليه الصحابة، وها هم متوافرون بين أيديكم ولا يفعلونه فدل على بطلانه.
فمن لم يقتدي بالصحابة فهو أحد رجلين كما بينه ت:
- أنه على ملة أهدى من ملة محمد r، وهذا ممتنع فلم يبق إلا.
- أنه أت بابا من أبواب الضلالة.
وتأمل كذلك ما وقع من مناظرة عبد الله بن عباس ب للخوارج الذين تمردوا على علي ص حيث قالوا له: فما جاء بك؟ قلت (عبد الله ابن عباس): "أتيتكم من عند صحابة النبي r؛ من المهاجرين والأنصار لأبلغكم ما يقولون" وفيه: "وليس فيكم منهم أحد"[18].
فجعل t عدم وجود واحد من الصحابة y معهم من أوضح الأدلة على ضلالهم.
وهذا أصل عظيم إذا عرفه السالك فقد عرف الخير كله، فإذا نظرت في أهل البدع قديما وحديثا لا تجد فيهم من ينسب بدعته إلى الصحابة، إلا من اشتهر بالكذب عليهم فهذا لا عبرة به، أما بالنقل الصحيح فأنى لهم ذلك.
ولو انتقلنا جيلا بعد جيل من بعد جيل الصحابة لوجدنا العلماء الربانيين -رحمهم الله- جعلوا منهج الصحابة y هو الدليل على منهج الرسول ص، وأوجبوا الإقتداء بهم y.
2- أن الحق محصور في الصحابة حتى فيما اختلفوا فيه؛ فإذا اختلفوا على قولين فلا يجوز لمن بعدهم أن يأتي بقول ثالث فضلاً عن رابع لأن الحق محصور فيهم y.
قال ابن القيم -: "ومن المحال أن يخطئ الحق في حكم الله خير قلوب العباد بعد رسول الله r ويظفر به من بعدهم، وأيضا فإن ما أفتى به أحدهم وسكت عنه الباقون كلهم فإما أن يكونوا قد رأوه حسنا أو يكونوا قد رأوه قبيحا، فإن كانوا قد رأوه حسنا فهو حسن عند الله، وإن كانوا قد رأوه قبيحا ولم ينكروه لم تكن قلوبهم من خير قلوب العباد وكان من أنكره بعدهم خيرًا منهم وأعلم وهذا من أبين المحال"[19].
3- لا يجوز لأحد من المسلمين أن يقلد صحابي واحد بعينه مهما كان لأنه ليس بمعصوم، ولكن الإقتداء يكون بمجموعهم لأنهم لا يجتمعون على ضلالة، قال ص: «إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله على الجماعة....»[20].
اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا متقبلاً، اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

[1]: مدارج السالكين: (1/94).

[2]: إعلام الموقعين: (4/ 103).

[3]: إعلام الموقعين: (4/100).

[4]: صحيح؛ رواه ابو داود: 4597، وهو في السلسلة الصحيحة: 204.

[5]: صحيح؛ الترمذي: 2641، الصحيحة: 1348.

[6]: صحيح؛ ابي داود: 4609، الترمذي: 3676، ابن ماجة: 43.

[7]: الاعتصام: (1/104).

[8]: صحيح؛ مسلم: 2531، صحيح ابن حبان: 7249.

[9]: شرح النووي على مسلم: 16/83.

[10]: أخرجه ابن عبد البر : في جامع بيان العلم وفضله (2/97).

[11]: منهاج السنة النبوية: (2/79).

[12]: شرح أصول الاعتقاد: (1/58)، المروزي في السنة: 8، والآجري في الشريعة: 19.

[13]: أخرجه أبو نعيم في الحلية: (2/218).

[14]: الآجري في الشريعة: (2/673).

[15]: مختصر العلو للذهبي: 138.

[16]: آثار الإمام عبد الحميد بن باديس :: (5/73).

[17]: صحيح؛ رواه الدارمي: 204، وهو في الصحيحة: 2005.

[18]: أخرجه الحاكم في المستدرك: 2656، قال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم.

[19]: إعلام الموقعين: (4/139).

[20]: صحيح؛ صحيح الجامع الصغير: (1848).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03 Mar 2013, 01:08 PM
ابو يحي عبد العلي الزارزي ابو يحي عبد العلي الزارزي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 17
افتراضي

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "«مَن كانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد ص، كانوا أفضلَ هذه الأمة، وأبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ولإقامة دِينه، فاعرِفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم»
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013