منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 26 Jun 2017, 02:58 AM
عبد الباسط لهويمل عبد الباسط لهويمل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 96
افتراضي فَرحتان

بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ مما يبصره العبد في أجواء العيد المبارك من مظاهر السرور والحبور ، والإجتماع والتآخي ، وصلة الأرحام ، والتداعي للطعام والشراب مع الأهل والأقارب والصحب، وبذل الندى ، وكف الأذى ، لأمر مفرح ، تنشرح له الصدور، وتأنس به النفوس ، وتلتذ به الأعين
، فإن تآلف القلوب واجتماعها وطرح الخصومات والجدال، والعفو عن المظالم ودفن الإحن ، لمقصد عظيم من مقاصد الشريعة الغراء فيما نصّت عليه من الشرائع المحكمة ، فإن الدين دعوة إلى الإجتماع والتآلف على منهاج النبوة ، فإن من أسبابها يكون التمكين ، والنصرة لعباده المؤمنين ، قال تعالى ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) وقال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )
وإن فرحة العيد من الفرحة المعجلة للمسلم ، التي تدوم آثارها وبركتها بالشكر والإستقامة ، وتزول بالكفران والمعاصي، وصمام الأمن التمسك بالسننَ الأول للسلف الصالح، فهو مقود للصلاح الدنيوي والآخروي ، ولا يكون ذلك إلا بالكتابِ والسُّنة النبوية ، والإجتماع على ذلك ، فإن الإجتماع المحمود والأمر المقصود هو تآلف القلوب والأبدان على الأمر والنهي الإلهي .
والمتأمل في مظاهر الفرحة المباركة في هذا اليوم الطيب ، لا بد أن يوازن بين الفرحتين ، وبين النعيمين ، فيستشعر العبد ما يكون من أمر الآخرة لعباد الله المتقين ، من مظاهر الفرحة الكاملة والكرامة التامة لهم ، واجتماعهم في خير المنازل ، وتآخيهم ، جلاسا على السرر ومتكئين على الأرائك تغمرهم الغبطة وتتنزل عليهم السكينة وتحفهم الملائكة ، في جنات ونهر ، يأكلون مما لذّ وطاب ، ولهم في تلكم الجنان ما يشتهون ويقال لهم :"
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ "لا جرم أن ذلك هو الفوز المبين ، و الملك الذي لا يبلى ، والخلد الطيب ، وكل ذلك مما لا يخطر على قلب بشر ، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.)
وللصائم فرحتان ، فالأولى يوم فطره ، في كل ليلة رمضانية ، فاللفظ يتناول الجميع ، كل ليلة ، وقد يراد منه يوم العيد ، ومن أجلّها فرحة الفطر الأكبر ، يوم العيد المبارك ، وقد أخرج الإمام مسلم والإمام أحمد من حديث أبي هريرة -رضى الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"للصائم فرحتان: فرحه حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه".وفي رواية: "وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه".
ولا يعارض هذا أن يكون للعبد المؤمن في جميع أعماله الصالحة فرحتان فرحة تليِّ كل طاعة ومعروف بما يجازي الله عزّ وجل عبده من الحسناتِ والثواب العاجل ، من النعم النفسية والحسيّة ، كالطمأنينة والسكينة ، والسعادة ، وبسط للرزق ، وتفريج الكربات وجمع الأمر ولملمة ما تفرق منه ، وأما الفرحة الأخرى فهي يوم لقاء ربه عزّ وجلا من حيث أنه استجاب للدعوة وآمن بالله واليوم الآخر، واستقام على السَنن الشرعي وأخذ بالأسبابِ في السننَ الكونيِ ، فجمع بين الحُسنيين ، من غير إفراط ولا تفريط .
وهذه الفرحة الكبـرى إنما تعقب الحياة الدنيا من التكليف والإبتلاء ، ومن عظيم غايتها إخلاص العبادة لله الواحد الجبار ، والمجاهدة بالنفس والمال ، والصبر على الفضائل والمكاره ، والإمساك عن المعاصي والشهوات ، ومفارقة الأهواء ، واجتناب المُضلات ، فكانت الفرحة والبهجة يومئذ أجل وأعظم ، ويهون عندها كل صعب وعسير ، حتى تكون أحزان الدنيا وهمومها والبلاء الواقع فيها لا يعدل الثواب المحصّل ، بل أحزان الدنيا في الآخرة شىء لا يذكر ألبتة كما أن أفراح الدنيا في الآخرة ليست بشيء لا لأهل الإيمان ولا لأهل الكفر والعصيان فالنعمة مضاعفة والمحنة عظيمة، يومئذ يرى المؤمنون هوان الدنيا وخفة بلائها ، كما يرون فضل الآخرة و عظيم ثوابها ، فلا يحزنون ولا يخافون ، وإن كان لا بد منه فلن يكون إلا على ما فاتهم من تحصيل الحسنات وتكثيرها ومجانبة السيئات وتقليلها ، وهم مع ذلك مجازون بما يرضيهم ويُدفع عنهم ما يسوؤهم ويخزيهم.
و ثواب الآخرة اعظم درجة من بلاء الدنيا ومن ثوابها المعجّل معا ، ويصّدق ذلك قوله تعالى (وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى )﴾ وقوله تعالى (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ) وفي الصحيح قال البخاري حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا شبابة بن سوار الفزاري حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد فقال يا رسول الله أقاتل أو أسلم قال:" أسلم ثم قاتل "فأسلم ثم قاتل فقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"عمل قليلا وأجر كثيرا") و الآثار و الشواهد في هذا الباب كثيرة لا حصر لها .
الشاهد قياس الفرحة الصغرى بالفرحة الكبرى ، واستشعار الغائب من النعيم بالشاهد طلبا للثواب الأكمل والفرحة الأتم وإن كان الغائب مما لا يخطر على قلب بشر ، ولا تحيط به مدارك العقلاء والأذكياء ، وقد ثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله –موقوفا : ليس في الجنَّة شيءٌ ممَّا في الدُّنيا إلا الأسماء ـ رواه البيْهقي، وصحَّحه الألباني.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الباسط لهويمل ; 26 Jun 2017 الساعة 10:36 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فرحتان, فوائد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013