منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 15 Feb 2010, 01:16 AM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي لقط الدرر من مناهج أهل الأثر

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، وبعد ..
فهذا جمع موجز مختصر لبعض الأدلة من الكتاب و السنة ، و انتقاء لشيء من عبارات العلماء و الأئمة من المتقدمين و المتأخرين في بعض مسائل أصول الدين .
محمد جميل حمامي
القدس

لقط الدرر من مناهج أهل الأثر



الأولى : من هم أهل السنة و الجماعة ؟!

قال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : [ هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه اعتقاداً وقولاً ، وسموا بذلك لتمسكهم بالسنُّة ولاجتماعهم عليها ] ( مجموع فتاوى الشيخ العثيمين 4/260 )
و قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : [ و السُّنَّة هي : الطريق المسلوك ، فيشمل ذلك التسمك بما كان عليه هو و خلفاؤه الراشدون من الاعتقادات و الأعمال و الأقوال ، و هذه هي السَّنَّة الكاملة ، ولهذا كان السلف قديماً لا يطلقون اسم " السنة " إلا على ما يشمل ذلك كله، و روي معنى ذلك عن الحسن و الأوزاعي و الفضيل بن عياض ] ( جامع العلوم و الحكم 1/263)
و قال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله : [ قولهم فلان على السنة و من أهل السنة ، أي هو موافق للتنزيل و الأثر في الفعل و القول ، لأن السنة لا تكون مع مخالفة الله ومخالفة رسوله ] ( الحجة في بيان المحجة 2/384)
قال ابن مسعود رضي الله عنه [ إنما الجماعة ما وافق الحق و إن كنت وحدك ] ( رواه البيهقي و اللالكائي )
و قيل يا رسول الله ! أيُّ الناس خير ؟! فقال ( أنا ؛ و الذين معي ؛ ثم الذين على الأثر ، ثم الذين على الأثر ) ثم كأنه رفض من بقي ( رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها ستكون فتنة ) فقالوا كيف لنا يا رسول الله ؟ قال ( ترجعون إلى أمركم الأول ) ( رواه الطبراني وهو حديث صحيح ) و قد تواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، - فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم : من هي يا رسول الله ؟! فيقول : ( الجماعة ) أو ( هم الذين على ما أنا عليه اليوم أنا و أصحابي ) ]
قال ابن تيمية : [ ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة و الجماعة .. و أما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ و التفرق و البدع و الأهواء ، ..فإن أهل الحق و السنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية : أهل الحديث و السنة ، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أعلم الناس بأقواله و أحواله و أعظمهم تمييزاً بين صحيحها و سقيمها و أئمتهم فقهاء فيها و أهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها تصديقاً وعملاً وحباً و موالاة لمن والاها ومعادة لمن عاداها ] (بتصرف من الفتاوى 3/346 )
و قد اتفقت كلمة أهل العلم على أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة وهم السلف الصالح وهم أهل السنة و الجماعة ، قال ابن المديني [ هم أصحاب الحديث و الذين يتعاهدون الرسول صلى الله عليه وسلم ويذبون عن العلم ] [رواه الترمذي] ، و قال ابن المبارك [ هم عندي أصحاب الحديث ] ، وقال الإمام أحمد [ إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم ] و تواتر هذا التفسير عند العلماء كابن حبان و الآجري و البغدادي و الحاكم و النووي وابن قتيبة و البغوي و غيرهم كثير كثير يصعب حصرهم .
" فأهل السنة هم الذين درجوا على منهاج النبوة ، ولم ينفصلوا عنه ولا لحظة زمنية واحدة لا باسم ولا برسم ، فليس لهم شخص ينتمون إليه سوى النبي صلى الله عليه وسلم ومن قفى أثره ، وليس لهم رسم ومنهاج سوى ( منهاج النبوة : الكتاب و السنة ) وليس لهم جماعة من المسلمين بل ( جماعتهم المسلمون ) ... فأهل السنة و الجماعة هم الذين يمثلون الامتداد الطبعي للإسلام في مجموعه وصفائه ، وللمسلمين في اجتماعهم و ائتلافهم ...و لمّا حصلت تلك الفرق منتسبة إلى الإسلام منشقة عن العمود الفقري للمسلمين ظهرت الألقاب الشرعية المميزة لجماعة المسلمين لنفي الفِرَق و الأهواء عنهم ، سواء ما كان ثابتاً لهم بأصل الشرع : ( الجماعة ) ، ( جماعة المسلمين ) ، ( الفرقة الناجية ) ، ( الطائفة المنصورة ) أو بواسطة التزامهم بالسنن أمام أهل البدع ولهذا حصل الربط بالسلف الأول :
( السلف ) ، ( أهل الحديث ) ، ( أهل الأثر ) ، ( أهل السنة و الجماعة ) " ( بتصرف من كتاب حكم الانتماء إلى الفرق و الأحزاب و الجماعات الإسلامية للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله )

وحتى تكون منهم يجب أن تلتزم بجميع خصالهم وتعتقد عقيدتهم، قال الإمام البربهاري : [ ولا يحل لرجل مسلم أن يقول فلان صاحب سنة حتى يعلم أنه اجتمعت فيه خصال السنة ، و لا يقال له صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها] ( شرح السنة 128 )

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 Feb 2010, 01:22 AM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

الثانية : منهجهم في أسماء الله وصفاته


يُثبت أهل السنة و الجماعة لربهم كل ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء و الصفات ، ويؤمنون بها على حقيقتها وظاهرها على الوجه اللائق به عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
و الأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر ، فمن ذلك ما روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) إلى قوله تعالى : ( سميعا بصيرا ) ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة رضي الله عنه : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها ويضع إصبعيه ) [برقم 4728 و قال الألباني صحيح الإسناد ]
وكذلك ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( .. فيكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ) [وهو في الصحيحين ]
و حديث أبي رزين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه ، قال : قلت : يا رسول الله ! أويضحك الرب ؟ قال : نعم ، قلت : لن نُعدم من رب يضحك خيراً ) [رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني ]
و أيضاً سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية أين الله فأجابت في السماء ، و إقراره جوابها .[ رواه مسلم وغيره ]
ويدل بما لا يدع مجالاً للشك على ذلك أن القرآن العظيم نزل مبيناً واضحاً ظاهراً فمن المحال أن يكون أعظم ما فيه وهو صفات الرب خافياً لا يهتدى إليه إلا بتأويل متكلف أو مجاز محدث ، فلا ريب أن الأصل في الكلام هو حمله على حقيقته ، ولذلك لم تختلف كلمة الصحابة قط في صفة من صفات الله ولم يتنازعوا في تأويلها ولم يرد عنهم تأويل شيء منها بل أجمعوا على إقرارها كما جاءت و إثبات حقائقها لله عز وجل على الوجه اللائق به تبارك و تعالى .
قال العلامة محمد صديق حسن خان : ( ومن صفاته سبحانه : اليد و اليمين و الكف و الإصبع و الشمال و القدم و الرجل و الوجه و النفس و العين و النزول و الإتيان و المجيء و الكلام و القول و الساق و الحقو و الجنب و الفوق و الاستواء و القوة و القرب .. و الضحك و التعجب و الحب و الكره و المقت و الرضا و الغضب و السخط و العلم و الحياة و القدرة و الإرادة و المشيئة و الفوق و المعية و الفرح إلى غير ذلك مما نطق به الكتاب و السنة ، فأدلة ذلك مذكورة فيها ، فكل هذه الصفات تساق مساقاً واحداً ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقية ، لا تشبه صفات المخلوقين ، ولا يمثل ولا يعطل ولا يرد ولا يجحد ولا يأول بتأويل يخالف ظاهره)[ قطف الثمر من عقيدة أهل الأثر 76 و أنظر أدلة ذلك كله في كتاب الواسطية وشروحها خاصة شرح العثيمين ]
و قانون هذه المسألة ما قاله الإمام مالك بن أنس لما سئل كيف استوى الرحمن على العرش : ( الكيف منه غير معقول ، و الاستواء منه غير مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة ) [رواه أبو نعيم وابن عبد البر و البيهقي وغيرهم و صححه الذهبي وابن حجر ]
وما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه : ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن و وردت بها السنة و ننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال : { ليس كمثله شيء } ) [ ذكره الذهبي في السير 20/348 ]
قال الإمام ابن عبد البر حاكياً الإجماع على ذلك : ( أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن و السنة و الإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك) [ التمهيد 7/131 ]
فأهل السنة عندما يثبتون هذه الصفات لله عز وجل لا يثبتونها على صورة تشبه ما عليه المخلوق قال العلامة صالح الفوزان : ( الله سبحانه و تعالى منزه عن مشابهة الخلق { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } { ولم يكن له كفواً أحد } فهو سبحانه منزه عن مشابهة خلقه ، وإن كان له أسماء وصفات تشترك مع أسماء و صفات الخلق في اللفظ و المعنى لكن في الحقيقة و الكيفية لا تشابه بينهما)
و قال الإمام أبو اسماعيل الصابوني [ت 449هـ] واصفاً أهل السنة : ( يثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم .. وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ).[ كتابه عقيدة السلف صفحة 3 ]
فكن أيها الفاضل العاقل على يقين من هذا وبصيرة لتكن من أهل الحق وتجانب أهل الباطل .


يتبع ..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 Feb 2010, 02:45 PM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

الثالثة : منهجهم في إفراد العبودية لله


التوحيد هو أول واجب دعا إليه الرسل ، و هو أصل دعوتهم كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: من الآية36)
و التوحيد هو أعظم حق لله تعالى على عبيده ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) [ الصحيحين ]
قال شيخ الإسلام : ( التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده ، بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله ،ولا يعبدوا إلا إياه ،ولا يتوكلوا إلا عليه ،ولا يوالوا إلا له ، ولا يعادوا إلا فيه ، ولا يعملوا إلا لأجله ، وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية) ا.هـ
وهذا النوع من التوحيد – إفراد الله بالعبادة – هو الذي وقع فيه النـزاع من قديم الدهر وحديثه و هو الذي أرسلت الرسل لتقريره ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات:56)
قال الإمام ابن جرير الطبري : ( .. لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخق عبادته إلا الله الذي هو خالق الخلق ومالك كل شيء ) [ جامع البيان 26/53]
و قال الإمام القرطبي : ( أصل الشرك المحرم اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية وهو الشرك الأعظم وهو شرك الجاهلية ) [ تفسير القرطبي 5/118]
و قال الإمام الألباني : ( الشرك في الألوهية أو العبودية وهو أن يعبد مع الله غيره من الأنبياء و الصالحين كالاستغاثة بهم وندائهم عند الشدائد ونحو ذلك ) [شرح الطحاوية 7 ]
قال العلامة صالح الفوزان : ( يجب صرف العبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء حي أو ميت؛ كما يفعل اليوم عند الأضرحة المبنية على القبور؛ فإن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد؛ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ولا غيرهم‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ‏}[ النساء :116]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}[ الجن : 18 ] ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا‏}[ النساء :36 ]) [ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد 32 ]

و أدلة هذا الأصل الأصيل كثيرة بحمد الله ، لا ينكر ذلك إلا رجل طمس على قلبه وبصره و العياذ بالله ، وقال {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (المؤمنون:117) وقال : { وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} (يونس:106)
و قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ) [ الترمذي ] و قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) [ البخاري ] و الدعاء هو العبادة كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز صرف شيء منه لغير الله .

ولا يغرنك قول الزائغين ! أنهم يتقربون إلى الله بنبي أو وليّ ولا يعبدوهم ! فهذا عين حجة كفار قريش قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس:18) )و إذا أمر الله نبيه أن يقول : { قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} (الجـن:21) و أن يقول : {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (لأعراف:188) فهو في حق غيره أولى بالمنع .

فيجب الإهتمام بهذا الأمر والاجتهاد في تعليمه للناس فهم في جهل منه ، وهذا إبراهيم عليه السلام يخاف على نفسه الشرك فيدعو ربه {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (ابراهيم:35) وقد بوب الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم – وحريّ بكل مسلم أن يديم النظر في هذا السفر المبارك – باب الخوف من الشرك .
وقد أخبر النبي في غير ما حديث أن الشرك سيقع في أمته ومن هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد الأوثان ) [ صحيح الجامع7295 ] . قال الإمام الألباني في كتابه تحذير الساجد : ( ففي هذه الأحاديث دلالة قاطعة على أن الشرك واقع في هذه الأمة فإذ الأمر كذلك فيجب على المسلمين أن يبتعدوا عن كل الوسائل و الأسباب التي قد تؤدي بأحدهم إلى الشرك )
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 Mar 2010, 12:51 PM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

الرابعة : منهجهم في مسائل الإيمان و الكفر


يرى أهل السنة أن الإيمان لا يكون في القلب فقط بل يكون في القلب و اللسان و الجوارح ، و يرون أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل : ( الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، كما جاء في الخبر ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) [ السلسلة الصحيحة 84 ]، فقال العلامة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله معلقاً على هذا الأصل من أصول أهل السنة : ( فالإيمان قول وعمل ؛ قول القلب و اللسان و عمل القلب و الجوارح ، أو تقول : الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، هذا هو الإيمان عند أهل السنة )[ أصول السنة للإمام أحمد مع شرحها للشيخ ربيع 59 ]
وقال الإمام مالك : ( الإيمان قول وعمل يزيد و ينقص ) [ الانقاء 34 ] وهو مروي عن الشافعي كما في مناقبه [1/387]
وهذا قول العلماء النجباء ، بل نقل الإمام ابن عبد البر الإجماع على هذا الأصل فقال : ( أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل ، ولا عمل إلا بنية ، و الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ) [ التمهيد 9/239] ، و قال الإمام الشافعي : ( كان الإجماع من الصحابة و التابعين و من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : الإيمان قول وعمل ونية ) [الإيمان لابن تيمية 197 ]
و الكتاب و السنة ناطقان بهذا قال تعالى {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ }(الفتح الآية4) وقال:{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً }(مريم الآية76)
وكذلك يرى أهل السنة أن الإيمان يتبعض ، فالإيمان عندهم شعب و درجات ، قال شيخ الإسلام : ( إن الإيمان يتبعض فيذهب بعضه ويبقى بعضه ، كما في قوله عليه الصلاة و السلام : ( يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ) [ البخاري ] ولهذا مذهبهم أن الإيمان يتفاضل ويتبعض ) [ مجموع الفتاوى 18/270] ويدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع و سبعون شعبة ) [ الصحيحين ]
و يرون – كذلك – جواز الاستثناء في الإيمان ، قال شيخ الإسلام : ( و أما مذهب سلف أصحاب الحديث كابن مسعود و أصحابه و الثوري و ابن عيينة و أكثر علماء الكوفة ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة ، و أحمد بن حنبل و غيره من أئمة السنة ، فكانوا يستثنون في الإيمان ، وهذا متواتر عنهم ) [ الفتاوى 7/438] ولو أردنا نقل نصوص السلف في هذه المسألة لطال الأمر .
قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (المؤمنون:60) وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء فقالت : يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ، ويخاف أن يعذب ؟ ، قال : ( لا يا ابنة الصديق ، ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق و يخاف أن لا يقبل منه ) [ السلسلة الصحيحة 1/255]

ولا يوقعون حكم التكفير على مسلم إلا إذا دل الكتاب و السنة على كفره دلالة واضحة صريحة بينة لا لبس فيها ولا خفاء ، فليس كل فعل أو قول وصفته النصوص بالكفر يكون المراد بالوصف الكفر المخرج من الملة ، فالكفر كفران أصغر و أكبر .
وهو أنواع : كفر جحود وتكذيب و إباء و شك و نفاق و إعراض و استهزاء و استحلال .
قال الإمام الشوكاني ( اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار )
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) [مسلم ] ، و قال للصحابي - الذي قتل المشرك بعد تلفظه بالشهادتين اجتهاداً منه أنه قالها ليهرب من القتل – منكراً عليه : ( هلا شققت عن قلبه ! ) [ مسلم ]
فالتكفير أمره خطير لا ينبغي أن يرتقيه كل أحد ، فلا يتجاسر عليه إلا خواص أهل العلم ، يوقعون التكفير على من وقع في الكفر بعد تحقق الشروط فيه و انتفاء الموانع عنه ، و الواقع اليوم أن غلماناً ارتقوا هذا الصعب ! وحكموا على الناس بالكفر لشبهة خارجية و لوثة حرورية تدنسوا بها ، فاربأ بنفسك عنهم ، وعليك بتقريرات العلماء الكبار ، و المسألة تحتاج بسط أكثر لا تتسع له هذه السطور ، فاقرأ ما سطره الإمام الألباني في كتابه ( فتنة التكفير ) مثلاً و غيره من إخوانه علماء أهل السنة كالأئمة ابن باز و العثيمين و غيرهم .


... يتبع
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 Mar 2010, 12:55 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

أحسن الله إليك أخي الحبيب؛ واصل وصلك الله بحبله
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12 Mar 2010, 03:40 PM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

حياك الله أخي العزيز الفاضل ..
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 Mar 2010, 03:43 PM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

الخامسة : القرآن و السنة بفهم سلف الأمة


قال عز وجل : { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً } (النساء:115) و قال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عَضُّوا عليها بالنواجذ و إياكم ومحدثات الأمور ) [ السلسلة الصحيحة 2735 ] هذا قانون النجاة و السلامة ، ففيه الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم و تحريم مخالفته وتحريم البدع ، وكذلك اتباع سبيل الصحابة رضي الله عنهم واتباع فهمهم ، فهنا أصلان مهمان بهما ينعقد رسم الدين ، وبضدهما ينفرط عقده :
الأصل الأول : [ تجريد المتابعة للرسول وتحريم البدع ] :
فاعلم أن اتباع الرسول هو أصل الأصول فكما وحدت المرسِل وحد المرسَل ،قال عز وجل :{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (الحشر:7) وقال:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }(المائدة: 3) وقال :{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(النور: 63) ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :( تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) [السلسلة الصحيحة 937] وقال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [متفق عليه] وقال : ( خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة ) [رواه مسلم] وقال : ( من رغب عن سنتي فليس مني ) [البخاري] وقال : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم به كتاب الله وسنتي ) [رواه البيهقي] قال ابن عمر : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) وقال : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) وقال ابن عباس ( اتبع ولا تبتدع ) قال الإمام ابن القيم : ( ولا دين إلا ما شرعه الله فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم الدليل على الأمر ) [ إعلام الموقعين ] ، فالبدع كلها شرّ وضلال ، لا خير فيها أبداً مثل ما يفعله الجهال كالاحتفال بمولد النبي أو الهجرة أو الإسراء و المعراج أو مثل من يخصص وقتاً معيناً بعبادة بعبادة معينة دون دليل أو من يزيد القراءة قبل الأذان أو يلزم نفسه بحزب وورد مخترع ومن ذلك بدعة الذكر الجماعي و البدع في الأمة كثيرة أصابتها بتخمة وحولتها عن السنة فكل بدعة تظهر تموت في قبالتها سنة.

الأصل الثاني : [ فهم النصوص على ما فهمه الصحابة ] :
قد شهد الله لمنهج الصحابة بالخيرية فقال:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } (آل عمران: 110) وزكاه النبي فقال: ( خير الناس قرني ) [البخاري] ، وحث الله على اتباع سبيلهم عز وجل :{ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ}[البقرة: 137] وهو منهج أثبت أنه الأوحد القادر على تخليص البشرية من آلامها ، فهو المنهج المثالي وهو أمانها قال صلى الله عليه وسلم ( أصحابي أمنة لأمتي ) [رواه مسلم]؛قال الإمام البربهاري : ( فانظر رحمك الله كلّ من سمعت من كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تَعْجَلَّنَ ، ولا تدخلنّ في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبت فيه أثراً عنهم فتمسك به ، ولا تُجاوزه ..) قال العلامة الفوزان: ( فكلام الصحابة هو الميزان ،لأنهم تلاميذ الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر قولهم في الآية بماذا فسروها ،وفي الحديث بماذا شرحوه ،تأخذ من كلامهم وتفسيرهم لأنهم أقرب إلى الحق ممن جاء بعدهم لأنهم تلاميذ الرسول،وسمعوا التأويل و التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقوه منه فهم أقرب الناس إلى الحق، ولا عبرة بقول من يقول: إنّ الصحابة لا عبرة بهم! هم رجال و لهم أفكارهم ،ونحن رجال ولنا أفكارنا ،والزمان تغير!)ا.هـ [شرح السنة مع تعليق الفوزان] ، فلا يجوز فهم القرآن و السنة إلا على ما فهم أصحاب النبي وما لقنوه لأتباعهم ، أما هذه البدعة المحدثة – الفهم العصري لنصوص الدين ! – ما هي إلا قول على الله ورسوله بلا علم ! و ما هي إلا ضلال ليفهم كل واحد القرآن والسنة على هواه ومشتهاه ؛ قال الإمام أحمد رحمه الله : ( أصول السنة عندنا التسمك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و الاقتداء بهم وترك البدع ) وقال ( كل قول لم تسبق إليه فهو مظنة الخطأ )
قال الإمام مالك : ( من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً )



يتبع بإذن الله ...
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, دررأهل الأثر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013