منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 26 Jun 2017, 05:38 AM
أبو أنس عبد الحميد الليبي أبو أنس عبد الحميد الليبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
الدولة: دولة ليبيا.
المشاركات: 61
افتراضي الرفق في الدعوة

(( الرفق في الدعوة ))

الحمد لله رب الله العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد.
روى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علموا ويسروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت)(1)
و عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرفق لا يكون في شى ء إلا زانَهُ، ولا ينزع من شيء إلا شَانَهُ )(2)
تأمل أخي الداعية إلى الله ما في هاذين الحديثين من أخلاق جمة،
وتوجيه نبوي شريف في حرص النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في دعوة الناس إلى هذا الدين العظيم ،والمتمثل اليوم في منهج السلف الصالح اعتقاداً وقولًا وعملاً ،وهكذا يجب أن يكون السلفي الداعي إلى الله على بصيرة بما يدعو إليه، وأن يكون حريصاً كل الحرص على دعوة الناس إلى هذا المنهج العظيم الذي والله لا نجاة لهذه الأمة الإسلامية إلا بالتمسك به والرجوع إليه.
والمتأمل في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) يرى الرفق و الرحمه والحكمة في الدعوة إلى الله ،وهذه هي الطريقة النبوية الشريفة في إصلاح الأخطاء ،وعلاجها.
وهذه بعض مواقفه عليه الصلاة والسلام في العامل مع الناس.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول اللَّه إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول اللَّه : مَه مَهْ[3]، قال: قال رسول اللَّه : (لا تزرموه )[4].(دعوه) فتركوه حتى بال، ثم إن رسول اللَّه دعاه فقال لـه: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر اللَّه عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن)، أو كما قال رسول اللَّه قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه[5] عليه.(6)
وقد ذكر البخاري أن هذا الرجل هو الذي قال:(اللَّهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً)،عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قام رسول اللَّه وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللَّهم ارحمني ومحمداً ،ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي قال للأعرابي: (لقد حجرت واسعاً) يريد رحمة اللَّه.(7)
وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا : مه مه، فقال : ادنه ، فدنا منه قريبا ،قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء)(8)
وفي هذه المواقف من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام دروس وعبر لمن أراد أن يدعوا إلى الله عز وجل فعليه أن يكون رحيماً ورفيقاً وحكيماً في دعوة الناس إلى الله عز وجل.
يقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}(9)
يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله في تفسيره.
فإن كانت دعوته إلى الله بقسوة وعنف وخرق، فإنها تضر أكثر مما تنفع، فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسناداً مطلقاً، إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس، لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل، وأتباعهم وهو مستلزم للأذى من الناس، لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة.اهـ (10)
ويقول العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره على هذه الآية الكريمة أيضاً
أي: ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح [بِالْحِكْمَةِ] أي: كل أحد على حسب حاله وفهمه وقبوله وانقياده.
ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل و البداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين، فإن انقاد بالحكمة، وإلا فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب.اهـ(11)
فتأمل رعاك الله هذه المواقف والأحاديث النبوية الشريفة من الرسول صلى الله عليه وسلم في حرصه على دعوة الناس إلى الإسلام بالرفق ،واللين ،والموعظة الحسنة ،وكذلك الأئمة الأعلام على هذا الطريق ،والله عز وجل يأمرنا أن نتأسى برسوله عليه الصلاة والسلام في جميع شؤون الحياة.
قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (12)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير عند هذه الآية:
هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.اهـ (13)
فنسأل الله جل وعلا لنا ولكم جميعاً التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه:
أبو أنس عبد الحميد بن علي الليبي
عصر الأحد
بتاريخ 11 / ذو القعدة / 1437 من الهجرة النبوية
الموافق 14 / 8 / 2016 ميلادي




تقديم :
الشيخ الوالد سالم بامحرز حفظه الله وبارك فيه.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
رسالة طيبة مباركة أخي أبو أنس عبد الحميد حرياً أن تنشر ويطلع عليها الدعاة إلى الله وفقك الله وسددك وبارك في جهودك الطيبة.
كتبه :
أبو أنور سالم بامحرز.
25/1/1438 هـ
.................................................. ........
الحاشية :
(1) ) رواه البخاري في الأدب المفرد برقم (245)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1375)
(2) صحيح الترغيب والترهيب برقم (2665)
(3) مَهْ مَهْ : كلمة زجر.
(4) لا تُزْرِمُوهُ : أي لا تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع.
(5) فَشَنّهُ : بمعني صبه عليه.
(6) رواه مسلم برقم (285)(ص 194/ الجزء 3) مع شرح النووي على مسلم (ص 195ـ197ـ الجزء3)
(7) رواه البخاري مع الفتح ،كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم (حديث رقم 6010/ص 452 ـ 453/ج 10
(8) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (م ج 1 برقم (645)
(9) [سورة النحل الآية 125]
(10) انظر تفسير الشنقيطي (ص 133 /ج 2)
(11) انظر تفسيره السعدي.
(12) [سورة الأحزاب الآية 21]
(13) انظر تفسير ابن كثير (ص 480/ج 3)

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متميز, الدعوة, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013