منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 05 Aug 2011, 06:12 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي الإلحاد في الأسماء الحسنى (من سلسلة بحوثي الجامعية)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهذا هو البحث الثاني -بإذن الله عز وجل- من: سلسلة بحوثي الجامعية، الموسوم بـ: الإلحاد في الأسماء الحسنى.

والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل...


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله عبد الله ; 05 Aug 2011 الساعة 06:14 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05 Aug 2011, 06:19 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

الإلحاد
في
الأسماء الحسنى

المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:
فإن الله أمر المؤمنين بالإيمان به في غير ما موضع من كتابه الكريم، فقال جل وعلا : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[النساء:136]، وقال سبحانه وتعالى: { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:186]، إلى غيرها من الآيات الدالة على وجوب الإيمان بالله.
وإن من أهم ما يتضمن الإيمان بالله تعالى – الذي هو أول أركان الإيمان وأعظمها – التعرف عليه سبحانه بأسمائه وصفاته، معرفة يتبعها العمل بآثارها على منهاج أهل السنة والجماعة.
وإن مما يبين أهمية موضوع أسماء الله الحسنى أمورا كثيرة، منها:
1- أن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق، لأن شرف العلم بشرف المعلوم.
2- أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته، وخوفه ورجائه، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه الحسنى والتفقه في فهم معانيها.
3- أن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى مما يزيد في الإيمان، كما قال عبد الرحمن السعدي –رحمه الله-: "إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية،وتوحيد الأسماء والصفات، وهذه الأنواع هي روح الإيمان ورَوحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه ".
4- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم، لأنه كما قال ابن القيم –رحمه الله-:
"مفتاح دعوة الرسل، وزبدة رسالتهم، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله، إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها إلى آخرها".

فإنه على أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان، وهو أصل الدين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه لا يتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه، فهذه المعرفة لازمة لانعقاد أصل الإيمان وهي مهمة جدا للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه، وصلاح معتقده
فالمعرفة لأسماء الله وصفاته وأفعاله توجب للعبد التمييز بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا يليق به ووصفه بما هو أهله من الجلال والإكرام.

ولما كان باب الإلحاد في الأسماء هو قلب هذا الباب ومحور النزاع مع الخصوم فيه فإن من الواجب على المسلم أن يدرس مسائل هذا الباب ويتعمق في فهمها وفق ما ورد في الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.

أهم أسباب اختيار البحث:

وقد دفعني لاختيار هذا العرض مجموعة من الأسباب والتي أذكر منها:

1- عظم أمر الإيمان بأسماء الله الحسنى، إذ غن معرفتها هو اصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها، وذلك لشرف متعلقها وعظمة وشدة الحاجة إلى معرفتها –كما تقدم-.
2- فشوّ الشرك في هذا الباب وظهور الإلحاد فيه، حتى يكون المرء على حذر منه وحيطة في دينه وعقيدته.
3- الرغبة في إثراء معلوماتي ومعارفي، خاصة بهذا الجانب المهم من الدين ألا وهو العقيدة وبالأخص أسماء الله الحسنى.
4- إفادة إخواني الطلبة وتوضيح أمور هي من صلب إيمان العبد حيث لا يصح إيمانه إلا بمعرفتها.

وهنا أطرح هذه التساؤلات:
فما معنى الإلحاد؟ وكيف يكون الشخص ملحدا في أسماء الله ..؟ وما أنواعه؟ وما منهج اهل السنة والجماعة في هذا الباب؟
ومن منطلق توضيح هذا الأمر، أحببت جمع شتات تلك المسائل وترتيبها، وقد سميت البحث "الإلحاد في الأسماء الحسنى" مترسما الخطة التالية:

خطة البحث:

وقد قسمت البحث إلى مقدمة وأربع مطالب وخاتمة:
فالمقدمة: ذكرت فيها أهمية البحث وأسباب اختياره والخطة والمنهج المتبعان فيه.
المطلب الأول: التعريف بمصطلحات البحث.
المطلب الثاني: الإلحاد في الأسماء الحسنى من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة.
المطلب الثالث: أنواع الإلحاد في الأسماء الحسنى.
المطلب الرابع: منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء الحسنى إجمالا.
فالخاتمة: ذكرت فيها ملخص نتائج البحث.

الطريقة المعتمدة في البحث:
- سلكت المنهج
-حرصت قدر الإمكان على جمع المادة العلمية، واستعمال الأسلوب السهل في طرحها.
- اعتمدت المراجع المتقدمة والأصلية في البحث.
- عزوت الآيات إلى سورها وذكرت رقمها، مع الحرص عل الرسم العثماني للمصحف.
- خرجت الأحاديث الواردة في البحث.

هذا وإن أول الشكر وآخره، ومبدأ الحمد ومنتهاه لولي الحمد ومستحقه، ذي المنن الوفيرة، له الأسماء الحسنى والصفات العلا، فله سبحانه الحمد حمدا لا منتهى لحده.
وبعد شكر المولى عز وجل، أرى لزاما علي أن أزجي الشكر الجزيل، والثناء العطر إلى كل من أعانني على إتمام هذا العمل المتواضع، بإسداء نصيحة أو بشحذ همة ولو بكلمة طيبة، وأخص بالذكر الأستاذة الكريمة التي حرصت على هذا البحث وألزمتني به نصحا منها لي عل الخير وعلى كل ما فيه نفع لي، زادها الله حرصا وسددنا أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05 Aug 2011, 06:29 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

المطلب الأول:
التعريف بمصطلحات البحث

نلاحظ أن عنوان البحث يتركب من ثلاث كلمات، مما يدفعنا إلى التعرف على معاني كل منها على حدى:

أولا: تعريف الإلحاد:

أ‌- لغة:
اللام والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على ميلٍ عن استقامةٍ، يقال: ألْحَدَ الرّجلُ، إذا مال عن طريقةِ الحقِّ والإيمان، وسمِّي اللَّحدُ لأنّه مائلٌ في أحد جانِبَيِ الجَدَث، يقال: لحَدْت الميِّتَ وألحدت، والمُلْتَحَد: الملجأ، سمِّي بذلك لأنَّ اللاجئ يميل إليه(1) ، وأَصل الإِلحادِ المَيْلُ والعُدول عن الشيء(2) .
وقد ذكر عن الكسائي أنه كان يفرّق بين "الإلحاد" و"اللحٍْد"، فيقول في "الإلحاد": إنه العدول عن القصد، وفي "اللحد" إنه الركون إلى الشيء(3) .
ب‌- اصطلاحا:
قال ابن القيم: "حقيقة الإلحاد فيها؛ العدول بها عن الصواب فيها، وإدخال ما ليس من معانيها فيها، وإخراج حقائق معانيها عنها"(4) .
قال شيخ الإسلام: "فَإِنَّ لَفْظَ " الْإِلْحَادِ " يَقْتَضِي مَيْلًا عَنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ بِبَاطِلِ"(5) .

ثانيا: تعريف الأسماء الحسنى:
وهو مركب إضافي من كلمتين: الأسماء، والحسنى.
أ‌- لغة:
الأسماء: جمع اسم، وهو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة(6) .
واشتقاق الاسم قيل : من " الوسم " ، و " السمة " وهي العلامة ، فالأسماء سمات ، وعلامات للمسميات يعرف بها الشيء من غيره(7) .
الحسنى: تأْنيث الأَحسن يقال الاسم الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى، والحُسْنُ ضدُّ القُبْح ونقيضه(8) ، والحسن الجمال وكل مبهج مرغوب فيه(9) .
ب‌- اصطلاحا:
قال ابن عثيمين: أي: البالغة في الحسن أكمله، لأن اسم التفضيل يدل على هذا، فأسماء الله تعالى بالغة في الحسن أكمله، وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديرًا(10) .

قال الفوزان: أي حسان، قد بلغت الغاية في الحسن، فلا أحسن منها؛ لما تدل عليه من صفات الكمال ونعوت الجلال؛ فهي أحسن الأسماء وأكملها(11) .

قال ابن الوزير اليماني: الحسنى جمع الأحسن، لا جمع الحَسَن، وتحت هذا سر نفيس وذلك أن الحسن من صفات الألفاظ ومن صفات المعاني، فكل لفظ له معنيان حسن وأحسن، فالمراد الأحسن منهما حتى يصح جمعه على حسنى، ولا يفسر بالحسن منهما إلا الأحسن لهذا الوجه، مثال الأول وهو اللفظ الذي له معنيان اسم النور... وهما نور الأبصار ونور البصائر(12) .

ـــــــــــــــــــــــــ

1 - أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة،، تح: عبد السلام محمد هارون، د ط ( دار الفكر- 1399هـ - 1979م) ج 5، ص 236.
2 - ابن منظور ، لسان العرب، ط1 (دار صادر - بيروت- ) ج3، ص 388.
3 - محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن تح: أحمد محمد شاكر، ط1 (د ب، مؤسسة الرسالة، 1420 هـ - 2000 م) ج13، ص 28.
4- محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تح: محمد حامد الفقي، ط2 ( بيروت، دار الكتاب العربي،1393-1973) ج1 ص 30.
5 - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى ، أنور الباز - عامر الجزار، ط3 (د ب، دار الوفاء، 1426هـ /2005م) ج12 ص124.
6 - علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، تح: إبراهيم الأبياري، ط1 (بيروت، دار الكتاب العربي، 1405) ص:40.
7 - الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، تح: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش،ط2 (بيروت، المكتب الإسلامي، 1403هـ - 1983م)ج5 ص29.
8 - لسان العرب، 13/ 140.
9 ـ المعجم الوسيط 1/174.
10 - محمد بن صالح العثيمين، القول المفيد على كتاب التوحيد ،ط2 (المملكة العربية السعودية، دار ابن الجوزي، 1424هـ) ج2 ص314. والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ، ط3 (المدينة المنورة، الجامعة الإسلامية ،1421هـ/2001م) ص:8.
11 - صالح بن عبد الله الفوزان، الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد، (جامعة محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ-1990م) ص:109.
12 - ابن الوزير اليماني، إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد، ط2 (بيروت، دار الكتب العلمية، 1987م) ص:166.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05 Aug 2011, 06:37 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

المطلب الثاني:
الإلحاد في الأسماء الحسنى من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة

إن مما لابد أن نذكره هنا أن لمعرفة حقيقة الإلحاد في الأسماء الحسنى سبيلان:

الأول: ذكر النصوص والأقوال المصرحة بذلك، والثاني: معرفة الطريق المستقيم وتقريره وتوضيحه حتى تستبين سبيل الملحدين.

أولا: ذكر النصوص والأقوال المصرحة بذلك:

لم ترد آيات صريحة في المنع والتحذير من الإلحاد في الأسماء الحسنى سوى ماجاء في آية الأعراف:
قال تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف:180]
روى ابن ابي حاتم: عن ابن عباس: الإِلْحَادُ، أَنْ دَعَوُا اللاتَ وَالْعُزَّى فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وعنه كذلك: التَّكْذِيبُ.
وعن الاعمش: يُدْخِلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا.
وعن عطاء: الإِلْحَادُ: الْمُضَاهَاةُ(1) .
وروى الطبري: عن ابن عباس: مثل ما سبق.
وعن مجاهد: اشتقوا "العزى" من "العزيز"، واشتقوا "اللات" من "الله".
وعن قتادة: يلحدون؛ يشركون(2) .
قال البغوي: "قال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله: تسميته بما لم يُسَمَّ به، ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجملته: أن أسماء الله تعالى على التوقيف..." (3) .
قال شيخنا أبو بكر الجزائري: "فقد أخبر تعالى فيها بأن الأسماء الحسنى له تعالى خاصة لا يشاركه فيها أحد من خلقه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مائة اسم إلا اسما أي تسعة وتسعون اسما ووردت مفرقة في القرآن الكريم ، وأمر تعالى عباده أن يدعوه بها يا الله ، يا رحمن يا رحيم يا رب ، يا حي يا قيوم ، وذلك عند سؤالهم إياه وطلبهم منه ما لا يقدرون عليه ، كما أمرهم أن يتركوا أهل الزيغ والضلال الذين يلحدون في أسماء الله فيؤوّلونها، أو يعطلونها، أو يشبهونها، أمر عباده المؤمنين به أن يتركوا هؤلاء له ليجزيهم الجزاء العادل على ما كانوا يقولون ويعملون، لأن جدالهم غير نافع فيهم ولا مُجدٍ للمؤمنين ولا لهم
"(4) .

ثانيا: معرفة الطريق المستقيم وتقريره وتوضيحه:

قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:55].
قال أبو بكر الجزائري: "أي مثل هذا التفصيل نفصل الآيات مستقبلاً لبيان الهداية الإلهية ليهتدي من أراد الله له الهداية وقد طلبها ورغب فيها، ولتستبين وتتضح سبيل المجرمين، فلا تُتبع وَيَنْهى عن أتباعها، لأنها طريق الهلاك والدمار"(5) .

قال ابن عثيمين: "ولا يعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة، لأنه كما قيل : بضدها تتبين الأشياء. فالاستقامة في باب أسماء الله وصفاته أن نجري هذه الأسماء والصفات على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، على القاعدة التي يمشي عليها أهل السنة والجماعة في هذا الباب، فإذا عرفنا الاستقامة في هذا الباب فإن خلاف الاستقامة هو الإلحاد"(6) .

قال تعالى: { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } [الرعد:30]
عن قتادة وابن جريج ومقاتل أن الآية نزلت في مشركي مكة لما رأوا كتاب الصلح يوم الحديبية ، وقد كتب فيه علي رضي الله عنه : " بسم الله الرحمن الرحيم " ، فقال سهيل بن عمرو : ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة .
ومنهم من قال : « سمع أبو جهل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " يا الله يا رحمن " ، فقال : إن محمدا ينهانا عن عبادة الآلهة وهو يدعو إلهين ، فنزلت ».
وعن بعضهم أنه لما قيل لكفار قريش : { اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ } قالوا : { وَمَا الرَّحْمَنُ } فنزلت (7) . وقيل غير ذلك مما يطول .
روى ابن جرير أيضا عن ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ساجدا يقول : " يا رحمن، يا رحيم " ، فقال المشركون : هذا يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعو مثنى مثنى. فأنزل : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا }[الفرقان:60] (8) .
وقال تعالى:{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } [الإسراء:110]،
وقال:{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }[طه:8]،
وقال:{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا }[مريم:65]،
وقال:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[الشورى:11]،
وقال:{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[الحشر:22-24]،
وفي الصحيحين: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ». وَزَادَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ »(9) .

وفُُسِّّر الإحصاء في الحديث بأشياء وجماع ذلك ثلاثة أمور، الإتيان بها مجتمعة هو معنى الإحصاء:
الأول: حفظها.
الثاني: معرفة معانيها.
الثالث: التعبد لله جل وعلا بها.

وفي سنن ابن ماجه: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا إنه وتر يحب الوتر من حفظها دخل الجنة وهي الله الواحد الصمد الأول الآخر الظاهر الباطن الخالق البارئ المصور الملك الحق السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم اللطيف الخبير السميع البصير العليم العظيم البار المتعال الجليل الجميل الحي القيوم القادر القاهر العلي الحكيم القريب المجيب الغني الوهاب الودود الشكور الماجد الواجد الوالي الراشد العفو الغفور الحليم الكريم التواب الرب المجيد الولي الشهيد المبين البرهان الرءوف الرحيم المبدئ المعيد الباعث الوارث القوي الشديد الضار النافع الباقي الواقي الخافض الرافع القابض الباسط المعز المذل المقسط الرزاق ذو القوة المتين القائم الدائم الحافظ الوكيل الفاطر السامع المعطي المحيي المميت المانع الجامع الهادي الكافي الأبد العالم الصادق النور المنير التام القديم الوتر الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال زهير فبلغنا من غير واحد من أهل العلم أن أولها يفتح بقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى» .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: "والذي عوَّل عليه جماعةٌ من الحفاظ: أنّ سرد الأسماء في هذا الحديث مُدرَج فيه"(10) .

وفي حديث ابن مسعود الذي صحَّحه ابن حبَّان: "أسألك بكلّ اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسَك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك"(11) .

قال شيخ الإسلام: "ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه وله سبحانه في كل لغة أسماء وهي في اللغة العربية أسماء كثيرة"(12) .

وقال: "الأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله : نفيا وإثباتا فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه"(13) .

وقال ابن القيم: "وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها"(14) .
قال النووي في شرح حديث "الدين النصيحة": "أما النصيحة لله تعالى فمعناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشريك عنه وترك الإلحاد في صفاته ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها وتنزيهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص..." (15) .

ــــــــــــــــــــــ

1 - عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تفسير القرآن العظيم ، تح: أسعد محمد الطيب،د ط ( صيدا، المكتبة العصرية )ج5 ص1623.
2 - ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن 13/ 282-283.
3 - الحسين بن مسعود البغوي، معالم التنزيل 3/307، تح: عبد الله النمر وآخرون، ط4 ( د ب، دار طيبة للنشر والتوزيع،1417 هـ - 1997 م).
4 - أبو بكر بن جابر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير2/265، ط5 ( د ب، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، 1424هـ/2003م).
5 - أيسر التفاسير 2/67.
6 - محمد بن صالح العثيمين، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، ط: الأخيرة ( د ب، دار الوطن- دار الثريا، 1413 هـ) 1/158.
7 - ذكر هذا الآثار البغوي في تفسيره 4/318.
8 - جامع البيان في تأويل القرآن 17/580.
9 - محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، الجامع الصحيح المختصر ، تح: د. مصطفى ديب البغا، ط3 ( بيروت، دار ابن كثير، 1407 – 1987) رقم: 2585. و مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، الجامع الصحيح ، د ط (بيروت، دار الجيل مع دار الأفاق الجديدة) رقم: 6986 واللفظ له.
10 - إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تح: سامي بن محمد سلامة، ط2 (د ب، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420هـ - 1999م).
11 - محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ، تح: شعيب الأرنؤوط ، ط2 (بيروت، مؤسسة الرسالة، 1414 – 1993) ج3 ص253 برقم: 972.
12 - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، درء تعارض العقل والنقل، تح: محمد رشاد سالم، (الرياض، دار الكنوز الأدبية ، 1391هـ) ج2 ص115.
13 - ابن تيمية، مجموع الفتاوى 3/03.
14 - محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، تح: هشام عبد العزيز عطا وآخرون، ط1 (مكة المكرمة، مكتبة نزار مصطفى الباز، 1416هـ – 1996م) ج1 ص177 .
15 - يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 2/38، ط2 (بيروت، دار إحياء التراث العربي، .1392هـ).

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله عبد الله ; 05 Aug 2011 الساعة 06:46 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05 Aug 2011, 06:48 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

المطلب الثالث:
أنواع الإلحاد في الأسماء الحسنى(1)


قال ابن القيم(2) :
"الإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:
أحدها: أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة.
الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك.
وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه، وقولهم يد الله مغلولة، وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته.
ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها، كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين، فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها، فكلاهما ملحد في أسمائه، ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد، فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب.
وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر.
وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا.
فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها، وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وغرقت بهم طرقه.
وبرّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ولم يجحدوا صفاته ولم يشبهوها بصفات خلقه ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظا ولا معنى بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئا من التشبيه وتنزيههم خاليا من التعطيل لا كَمَنْ شبَّهَ حتى كأنه يعبد صنما أو عطَّلَ حتى كأنه لا يعبد إلا عَدَمًَا.
وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل توقد مصابيح معارفهم { مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ } [النور 35] فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب
".
وقال أيضا(3) : "وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها وحقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها".
وقال كذلك: "فالإلحاد إما بجحدها وإنكارها وإما بجحد معانيها وتعطيلها وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات الباطلة وإما بجعلها أسماء لهذه المخلوقات المصنوعات... ثم قال: فنفي معاني أسمائه من أعظم الإلحاد فيها والإلحاد فيها أنواع هذا أحدها" (4) .
وقال القرطبي:
"والإلحاد يكون بثلاثة أوجه:
أحدها: بالتغيير فيها كما فعله المشركون، وذلك أنهم عدلوا بها عما هي عليه فسموا بها أوثانهم؛ فاشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: بالزيادة فيها.
الثالث: بالنقصان منها؛ كما يفعله الجهال الذين يخترعون أدعية يسمون فيها الله تعالى بغير أسمائه، ويذكرون بغير ما يذكر من أفعاله؛ إلى غير ذلك مما لا يليق به... ثم قال: ومعنى الزيادة في الأسماء التشبيه، والنقصان التعطيل، فإن المشبهة وصفوه بما لم يأذن فيه، والمعطلة سلبوه ما اتصف به، ولذلك قال أهل الحق: إن ديننا طريق بين طريقين، لا بتشبيه ولا بتعطيل. وسئل الشيخ أبو الحسن البوشنجي عن التوحيد فقال: إثبات ذات غير مشبهة بالذوات، ولا معطلة من الصفات. وقد قيل في قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ} معناه اتركوهم ولا تحاجوهم ولا تعرضوا لهم
"(5) .
قال ابن العربي:
"وَالْإِلْحَادُ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ : بِالزِّيَادَةِ فِيهَا ، وَالنُّقْصَانِ مِنْهَا ، كَمَا يَفْعَلهُ الْجُهَّالُ الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ أَدْعِيَةً يُسَمُّونَ فِيهَا الْبَارِي بِغَيْرِ أَسْمَائِهِ وَيَذْكُرُونَهُ بِمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ أَفْعَالِهِ ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ ؛ فَحَذَارِ مِنْهَا ، وَلَا يَدْعُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إلَّا بِمَا فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ"(6) .
قال النحاس:
" ومعنى يلحدون في أسمائه على ضربين أحدهما أن يسموا غيره إلها والآخر أن يسموه بغير أسمائه"(7) .
وجماعها: أربعة أنواع:
1- أن ينكر شيئاً منها، أو مما دلت عليه الصفات، كما فعل المعطلة.
2- أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه، كما فعل المشبهة.
3- أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، لأن أسماء الله توقيفية كتسمية النصارى له "أبا " وتسمية الفلاسفة إياه " علة فاعلة " ونحو ذلك.
4- أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كاشتقاق" اللات "من الإله و" العزى" من العزيز
(8) .

ـــــــــــــــــــ

1- قسم العلماء الإلحاد إلى أقسام عدة، واختلفت تقسيماتهم فيه، وهذا الاختلاف بني على تفصيل بعضهم في التقسيم، وإجمال البعض الآخر، فمن العلماء من عدها خمسة أنواع كابن القيم، ومنهم من عدها ثلاثة وهذا كذلك: ابن القيم والشيخ حافظ حكمي[قلت: والقرطبي.]، ومنهم من عدها اثنين كالنحاس، وابن عربي (نقلا من: عبدالله بن صالح بن عبد العزيز الغصن، أسماء الله الحسنى ،ط1، الرياض، دار الوطن 1417هـ، ص:108) .
2 - بدائع الفوائد ج1 ص181.
3 - محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تح: د. علي بن محمد الدخيل الله، ط3 (الرياض، دار العاصمة، 1418 – 1998)ج1 ص217.
4 - محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تح: محمد حامد الفقي، ط2 (بيروت، دار الكتاب العربي، 1393 – 1973) ج1 ص29-30.
5 - محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تح: هشام سمير البخاري، د ط (المملكة العربية السعودية، دار عالم الكتب، 1423هـ/ 2003م) ج7 ص328-329.
6 - محمد بن عبد الله ابن العربي، أحكام القرآن، تح: علي بن محمد البجاوي، ط2 ( د ب، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1387هـ)ج2 ص805.
7 - أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، إعراب القرآن ، تح: د.زهير غازي زاهد، (بيروت، عالم الكتب، 1409هـ- 1988م)ج2 ص165.
8 - محمد بن صالح العثيمين، مجموع الفتاوى والرسائل ج4 ص23.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله عبد الله ; 05 Aug 2011 الساعة 06:52 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05 Aug 2011, 07:07 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

المطلب الرابع:
منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء الحسنى إجمالا(1)



تنبيه:
منهج السلف في الأسماء هو منهجهم في الصفات لا فرق، فأسماء الله أعلام وأوصاف، وأسماء الله دالة على صفات كماله، ولذلك قال أهل العلم: إن من شرط صحة الإيمان بالاسم: إثبات الاسم، وإثبات ما دل عليه من الصفة، وإثبات الحكم المترتب على هذه الصفة (الذي يعبر عنه بالأثر).
وقد كان السلف –رضوان الله عليهم- في ذكرهم معتقد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات،
لا يذكرون الأسماء الحسنى غالبا، وإنما يكتفون بذكر الصفات،
وذلك محمول على أحد وجهين:

أ- إما لأنه ما من اسم إلا ويتضمن صفة.

ب- أو لأن الخلاف في الأسماء خلاف ضعيف، لم ينكره إلا غلاة الجهمية والمعتزلة.

أهل السنة والجماعة يثبتون من الأسماء الحسنى ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوزون فيها التوقيف، فلا مجال للعقل فيها، لأنها من الأمور الغيبية، والأمور الغيبية لا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة، فلا يجوز إثبات شيء من الأسماء إلا ما أثبته الشرع، ولا نفي ما أثبته الشرع.
قال الإمام الخطابي عليه رحمة الله:
"ومن عِلم هذا الباب أعني الأسماء والصفات ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط: أنه لا يتجاوز فيها التوقيف".
وقال الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي عليه رحمة الله:
"ومذهب السلف رحمة الله عليهم الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه التي وصف بها نفسه في آياته وتنزيله، وعلى لسان رسوله، من غير زيادة عليها، ولا نقص منها".
وقال رحمه الله : "ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه، بلا حد ولا غاية { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11]، ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه، لا نتعدى ذلك.. ولا نتعدى القرآن والحديث.. وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار، والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله، وسنة رسوله".
ولا يتم الإيمان بالاسم عند أهل السنة والجماعة إلا بثلاثة أركان: الإيمان بالإسم، وبما دل عليه من معنى، وبما تعلق به من أثر.
1- فالركن الأول: وهو الإيمان بالاسم يتضمن:
أ‌- إثبات الاسم حقيقة لله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وقد اتفق جميع أهل الإثبات على أن الله حي حقيقة، عليم حقيقة، قدير حقيقة، سميع حقيقة، بصير حقيقة.
ومن الإيمان بالإسم: الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى منزه عن مماثلة المخلوقين، لقوله تعالى:
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُوقوله تعالى:{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا }[مريم:65]، ولأنه قد علم من طريق المشاهدة أن بعض المخلوقات تتفق في الأسماء، وتختلف في الحقيقة والكيفية، فنشاهد –على سبيل المثال- أن للإنسان يدا ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم، هذا بين المخلوقين أنفسهم، وأما بين الخالق والمخلوق فوضوح التباين أجلى وأقوى، فإن الأسماء تتفق وتتماثل، ولا يعني تماثلها تماثل المسميات، بل تختلف باختلاف الإضافة والتخصيص، فما أضيف لله فلا يدخل في معناه المخلوق، بل هو خاص به سبحانه، فما أضيف المخلوق فلا يدخل في معناه الخالق، بل هو خاص بالمخلوق، وإنما تتماثل الأسماء عند الإطلاق فقط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا من المسلمين، وعند الاختصاص يقيّد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق، ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يفهم منها ما دل عليه بالمواطأة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص".
ثم يسرد رحمه الله بعض النصوص القرآنية الموضحة اتفاق الاسمين عند الإطلاق، واختلافهما عند الإضافة والتخصيص، مثل تسمية الله نفسه حيا في قوله:{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }[البقرة:255]، وتسمية بعض عباده حيّا في قوله:{ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ }[الروم:19]، وليس الحي كالحي، وكذلك سمى الله نفسه عليم حليما، وسمى بعض عباده عليما حليما، فقال سبحانه : { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }[النساء:12]، وقال: { وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ }[الذاريات:28]، وقال: { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }[الصافات:101]، وليس العليم كالعليم ولا الحليم كالحليم، وسمى نفسه سميعا بصيرا، فقال: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا }[النساء:58]، وسمى بعض خلقه سميعا بصيرا، فقال:{ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا }[الإنسان:02]وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.
بهذا القدر يتبين لنا أن اتفاق الأسماء عند الإطلاق لا يعني اتفاق المسميات عند الإضافة والتخصيص، وبهذه القاعدة يرد على المشبهة(3) القائلين بمشابهة صفات الخالق لصفات المخلوقين، ويرد على المعطلة الذين نفوا الأسماء والصفات وأولوها من التشبيه.
والعصمة في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل.
جـ- ومن تمام الإيمان بالاسم: الإيمان بأن أسماء الله حسنى بالغة في الحسن كماله وغايته، قال تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }[الأعراف:180]، وذلك لأنها متضمنة صفات الكمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالا ولا تقديرا.
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الإسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
2- وأما الركن الثاني من أركان الإيمان بالإسم فهو:الإيمان بما دل عليه الإسم من معنى، ويتضمن:
أ- الإيمان بأن للأسماء معاني معلومة واضحة، وأن لكل اسم معنى يخصه غيرالاسم الآخر، وليس معنى الاسم هو الذات فقط، إلا أن تلك الأسماء غير معومة الحقيقة والكيفية.
فإن كان القول في المعنى، فالمعاني معلومة لنا واضحة جلية، وأما إن كان القول في الحقيقة والكيفية، فنتوقف في ذلك لعدم إدراكنا لها، ونُمرّ النصوص كما جاءت بلا كيف، وقد حكى ابن قدامة المقدسي عليه رحمة الله إجماع السلف على ذلك.
وقد كان السلف رضوان الله عليهم، يفوّضون علم الحقائق والكيفيات في الصفات إلى الله سبحانه وتعالى، مع إثبات اللفظ والمعنى لله سبحانه وتعالى.
ب- ويتضمن الإيمان بما دل عليه الإسم من معنى كالإيمان بأن أسماء الله أعلام وأوصاف، فهي اعلان باعتبار ما دلت عليه من المعاني، قال تعالى:{ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[الأحقاف:08]، وقال:{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ }[الكهف:58]، فإن الآية الأولى أثبتت أن اسم الله (الرحيم)، وفي الآية الثانية أثبتت صفة الرحمة التي تضمنها اسم الله (الرحيم).
وهذه الأسماء الكثيرة كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله، مع تنوع معانيها، فهي مترادفة من حيث الذات، لدلالتها على مسمى واحد وهو الله عز وجل، ومتباينة من جهة الصفات، لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص، فأسماء الله مثل (الغفور، الرحيم، العزيز، الحكيم) كلها لمسمى واحد، لكن معنى الغفور غير معنى الرحيم، ومعنى العزيز غير معنى الحكيم، وهكذا.
وإثبات هذه الأسماء بمعانيها، دال على صفات الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يتضح بأمور:
أولا: أن نفي معاني أسماء الله الحسنى من أعظم الإلحاد فيها، قال تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[الأعراف:180].
ثانيا: أنه لو لم تكن الأسماء الحسنى ذوات معان وأوصاف لكانت جامدة كالأعلام المحضة التي لم توضع لمسماها باعتبار معنى قام به.
ولو كانت الأسماء أعلاما جامدة لا تدل على معنى، لما كان هناك فرق بين اسم واسم، فلا فرق بين اسم الرحمن، واسم الجبار، فلا يلحد في اسم دون اسم، ولو كانت الأسماء أعلاما جامدة لا معاني لها لما اقر المشركون ببعض الأسماء مثل: الخالق، الرازق، وامتنعوا عن بعضها مثل الرحمن.
ثالثا: الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى دون السوأى، وإنما يتميز الاسم الحسن عن الاسم السيئ بمعناه، فلو لم تكن أسماء الله متضمنة صفات الكمال المطلق لله، لما كانت أسماء حسنى بالغة في الحسن.
جـ- ويتضمن الإيمان بما دل عليه الاسم من معنى: أن هذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن من ظاهر النص، وأنه ليس للنص معنى يخالف هذا الظاهر، وهذا الظاهر يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه من الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في السياق، ومعنى آخر في سياق آخر.
فنؤمن بالاسم، وبما دل عليه من معنى، وأن هذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن مما يليق بجلال الله وعظمته من ظاهر النص.
وأما الركن الثالث من أركان الإيمان بالاسم فهو: الإيمان بما يتعلق به من آثار، وهذا الأثر هو الحكم والمقتضى، وهو ليس عاما في جميع الأسماء ، فإن أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد فإنه يُثبَت الاسم، وما دل عليه من معنى –كما سبق في الركنين السابقين- ، وبما دل عليه من حكم ومقتضى، مثل: اسم الله (الرحيم)، متضمن لصفة الرحمة، ويتعلق به الأثر.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " فانظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة، فبرحمته أرسل إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل علينا كتابه، وعلمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة وبصرنا من العمى، وأرشدنا من الغي، وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا لصالح ديننا ودنيانا، وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار..."
وإن دلت الأسماء على وصف لازم غير متعد، فإن هذه الأسماء تتضمن أمرين فقط، وهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل، وثبوت الصفة التي تضمنها الاسم لله عز وجل، وليس لها أثر أو حكم، لأنه وصف لازم لا يتعدى إلى الغير، مثل اسم (الحي)، وهو متضمن لصفة (الحياة) لله عز وجل.
وختامها من تسنيم: قال ابن القيم رحمه الله في النونية:

فصل في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

أسماؤه أوصاف مدح كلها *** مشتقة قد حملت لمعان
إياك والإلحاد فيها أنه *** كفر معاذ الله من كفران
وحقيقة الإلحاد فيها الميــل *** بالإشراك والتعطيل والنكران
فالملحدون إذا ثلاث طوائف *** فعليهم غضب من الرحمن
المشركون لأنهم سموا بها *** أوثانهم قالوا اله ثان
هم شبهوا المخلوق بالخلاق *** عكـس مشبه الخلاق بالإنسان
وكذلك أهل الاتحاد فإنهم *** أخوانهم من أقرب الإخوان
أعطوا الوجود جميعه أسماءه *** إذ كان عين الله ذي السلطان
والمشركون أقل شركا منهم *** خم خصصوا ذا الاسم بالأوثان
وذاك كانوا أهل شرك عندهم *** لو عمموا ما كان من كفران
والملحد الثاني فذو التعطيل إذ *** ينفي حقائقها بلا برهان
ما ثم غير الاسم أوله بما *** ينفي الحقيقة نفي ذي بطلان
فالله سائلنا وسائلهم عن الا *** ثبات والتعطيل بعد زمان
فأعد حينئذ جوابا كافــــيـــا *** عند السؤال يكون ذا تبيان
هذا وثالثهم فنافيها و نــــــا *** فى ما تدل عليه بالبهتان
ذا جاحد الرحمن رأسا لم يقر *** بخالق أبدا ولا رحمن
هذا هو الإلحاد فاحذره لعـ *** ـل الله أن ينجيك من نيران
وتفوز بالزلفى لديه وجنة المـ *** ـأوى مع الغفران والرضوان
لا توحشنك غربة بين الورى *** فالناس كالأموات في الحسبان
أو ما علمت بأن أهل السنة *** الغرباء حقا عند كل زمان
قل لي متى سلم الرسول وصحبه *** والتابعون لهم على الإحسان
من جاهل ومعاند ومنافق *** ومحارب بالبغي والطغيان
وتظن أنك وارث لهم وما *** ذقت الأذى في نصرة الرحمن
كلا ولا جاهدت حق جهاده *** في الله لا بيد ولا لسان
منّتك والله المحال النفس فاسـ *** ـتحدث سوى ذا الرأي والحسبان
لو كنت وارثه لآذاك الألى *** ورثوا عداه بسائر الألوان


ـــــــــــــــــ

1- جلُّ المطلب نقلا من: عبد الله بن صالح الغصن، أسماء الله الحسنى ص: 47-56.
2- المشبهة: اسم لطوائف متعددة، وهم الذين شبهوا الله بخلقه، وهم صنفان: صنف شبهوا ذات البري بذات غيره، وأول ظهور التشبيه من هذا النوع صدر عن الروافض الغلاة، وصنف شبهوا صفاته بصفات غيره، منهم المعتزلة البصرية، والكرامية.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05 Aug 2011, 07:08 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

الخاتمة



الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف خلق الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

ففي نهاية هذا البحث الذي حرصت فيه – قدر إمكاني- على تركيز المادة و وضوحها، أبين ما توصلت إليه من نتائج أهمها:

1- أن أسماء الله تعالى كلها حسنى.
2- وأنها بالغة في الحسن الكمال، فهي كاملة الحسن وليس فيها ما يتضمن النقص أو الشر.
3- و أسماء الله توقيفية، لا تؤخذ من غير النصوص الشرعية الواضحة.
4- وأنها خاصة به تعالى لا يشاركه فيها أحد من خلقه.

5- والإلحاد في الأسماء الحسنى هو الميل بها عن حقيقتها، وإدخال ما ليس من معانيها فيها.
6- أنه لا يعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة.
7- وأن لله -جل شأنه- تسعة وتسعين اسما وأن من أحصاها دخل الجنة.
8- وأن المراد بالإحصاء في الحديث: حفظها ومعرفة معانيها والتعبد لله جل وعلا بها.

9- والإلحاد أربعة أنواع:
- إنكار شيء منها، أو مما دلت عليه.
- جعلها دالة على تشبيه الله بخلقه.
- تسمية الله بما لم يسم به نفسه.
- الاشتقاق منها أسماء لمعبودات أخرى.

10- منهج السلف في الأسماء هو منهجهم في الصفات.
11- أن أركان الإيمان بالاسم ثلاثة: الإيمان بالاسم، وبما دل عليه من معنى، وبما تعلق به من أثر.

12- أن اكتفاء السلف بالصفات عند ذكرهم معتقد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات محمول على أحد وجهين: إما لأنه ما من اسم إلا ويتضمن صفة، أو لأن الخلاف في الأسماء خلاف ضعيف، لم ينكره إلا غلاة الجهمية والمعتزلة.

قال ابن القيم(1) :
"ونحن نختم الكتاب بإشارة لطيفة إلى الفروق بين هذه الأمور إذ كل فرق منها يستدعي بسطه كتابا كبيرا فالفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد المعطلين أن توحيد الرسل إثبات صفات الكمال لله على وجه التفصيل وعبادته وحده لا شريك له فلا يجعل له ندا في قصد ولا حب ولا خوف ولا رجاء ولا لفظ ولا حلف ولا نذر بل يرفع العبد الأنداد له من قلبه وقصده ولسانه وعبادته كما أنها معدومة في نفس الأمر لا وجود لها البتة فلا يجعل لها وجودا في قلبه ولسانه
وأما توحيد المعطلين فنفي حقائق أسمائه وصفاته وتعطليها ومن أمكنة منهم تعطليها من لسانه عطلها فلا يذكرها ولا يذكر آية تتضمنها ولا حديثا يصرح بشيء منها ومن لم يمكنه تعطيل ذكرها سطا عليها بالتحريف ونفى حقيقتها وجعلها اسما فارغا لا معنى له أو معناه من جنس الألغاز والأحاجي على أن من طرد تعطيله منهم على أنه يلزمه في ما حرف إليه النص من المعنى نظير ما فر منه سواء فإن لزم تمثيل أو تشبيه أو حدوث في الحقيقة لزم في المعنى الذي حمل عليه النص وإن لا يلزم في هذا فهو أولى أن لا يلزم في الحقيقة فلما علم هذا لم يمكنه إلا تعطيل الجميع فهذا طرد لأصل التعطيل والفرق اقرب منه ولكنه مناقض يتحكم بالباطل حيث أثبت لله بعض ما أثبته لنفسه ونفى عنه البعض الآخر واللازم الباطل فيهما واحد واللازم الحق لا يفرق بينهما
والمقصود أنهم سموا هذا التعطيل توحيدا وإنما هو إلحاد في أسماء الرب تعالى وصفاته وتعطيل لحقائقها
".

وفي الختام فهذا جهد المُقِلِّ، أسأل الله أن يبارك فيه، وينفعني به، وأن يعيذني من فتنة القول والعمل، و صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــ

1- محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، الروح ، د ط (بيروت ، دار الكتب العلمية، 1395 – 1975) ص261.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله عبد الله ; 05 Aug 2011 الساعة 07:18 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05 Aug 2011, 07:12 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

أسأل الله الكريم ذو الجلال والإكرام أن يتقبل هذا العمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, الإلحادفي الأسماءالحسنى, توحيد, عقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013