منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 21 Mar 2020, 08:37 PM
عبد المجيد تالي عبد المجيد تالي غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 33
افتراضي بين الحقيقة والوهم

بَين الحَقِيقَةِ والوَهْمِ

بسم الله الرحمن الرحيم
كثر القيل والقال في رأس أهل التَّفريق ومبارك الفُرقة؛ ريحانة البلد وعالم إفريقية، وكثرت الأَوْسِمَة والنَّياشين الوهمية؛ ولا غرابة في ذلك، إن كان للتعصب مركباً وللتقديس مسلكاً، لكن أنْ تُعقد المقارنة والمشاكلة بين علَم للدِّين وإمام هدىً، ومجدِّد للدَّعوة وبين مفرِّق مضلِّل فلا!! وألفُ لا.

من عجائب التَّنظير في بيت أهل التَّفريق أنْ يطلق على «الدكتور فركوس» أنه «ابن تيمية الجزائر». هكذا! بكلِّ برودة وبكلِّ ثقةٍ، مع أنَّ الذي هو أعجب منه أن تأريخ هذه الأمة شَهِد علماء أجلَّاء وحفَّاظ أتقياء، ونصحاءَ أوفياء من تَلامذة هذا العلَم أو غيرِهم كانوا على قدرٍ من العِلم وحظٍّ، وفي الدعوة إليه أصحاب سبقٍ ويدٍ، ولم نسمعْ أو نقرأ من قال في بعضهم هو: ابن تيمية زمانه أو بلدِه! فإن كان للغباء في العلم مدخلٌ وفي الترتيب سبيلٌ فلا بأس إذن.

ولتفنيد هذا الزعم الباطل ودفع هذا التلبيس السَّمج؛ لا بأس أن نلفت النظر إلى بعض المزايا والفضائل لنبرز الفَرق الشاسع بله السَّاحق؛ لعل البعض يرعوي عن منطقه وغلوِّه أو يَكتشف تمويه وتلبيس غيرِه، ومن ثَمَّ ينزل الناس منازلَهم ويقيمهم في مراتبِهم.

فما أضرَّ بالدعوة -دعوة الرسل عموماً- إلا إلبَاس الباطل لباس الحقِّ؛ وهي عادة في أهل الغضب فما لكم لا تعقلون!! وقد حذِّرتموهم.

يقول -سبحانه وتعالى-: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)} [سورة آل عمران].

وإلى ذلك أقول: ...
 
الأولى:

جاء في «ذيل طبقات الحنابلة» (4: 504) للحافظ زين الدِّين عبدالرحمن بن رجب الحنبلي رحمه الله:

يحكى عن القدوة أبي عبدالله محمد ابن قوَّام أنَّه كان يقول: «ما أسلَمت معارفُنا إلا على يَدِ ابنِ تيمية» (1).

وابن قوَّام رحمه الله هو: العالم الزاهد، القدوة الربَّاني، الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ أبي بكر بن قوَّام البالسي، كان محب للحديث، وذا صدقٍ وإخلاصٍ وتمسُّك بالسُّنَن. توفي رحمه الله: سنة (718هـ) (2).

ومثل هذا ما قاله الحافظ العلم ابن قيم الجوزية رحمه الله في «الكافية» (ص: 129- 130) (3):

«فصل: في بيان كذبهم ورميهم أهل الحقِّ بأنهم أشباه الخوارج، وبيان شِبههم المحقَّق بالخوارج»، بعد أن ذكر مذاهب القوم وما رموا به أهل الحقِّ؛ ما نصه:

يا قومِ والله العظيم نصيحةً **** من مشفقٍ وأخٍ لكم مِعْوَانِ

جرَّبت هذا كلَّه ووقعتُ في **** تلك الشِّبَاك وكنتُ ذا طَيَرانِ

حتَّى أَتاح لي الإلهُ بفضلِه **** مَن ليْس تُجْزِيه يَدِي ولسانِي

حَبْرٌ أَتى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا **** أهلًا بمَن قد جاءَ من حَرَّانِ

فاللهُ يَجْزِيه الذِي هو أهلُه **** من جنَّة الَمأْوى مع الرِّضْوَانِ

قَبَضَتْ يَدَاه يَدِي وسَارَ فلَم نَرِمْ (4) **** حتَّى أَرَانِي مطلَع الإيمانِ

ورأَيت أعلَام المدينةِ حولَها **** يَزَكُ (5) الهدَى وعساكرُ القرآنِ

ورأَيت آثاراً عظيماً شأنُها **** محجوبةٌ عن زُمْرَة العمْيانِ

ووَرَدْتُ رأسَ الماءِ أبيضَ صافياً **** حصباؤُه كلآَلئِ التِّيجانِ

ورأَيت أكوازاً هناكَ كثيرةً **** مثلَ النُّجوم لواردٍ ظَمْآَنِ

ورأَيت حوضَ الكوثرِ الصَّافِي الذي **** لا زَال يَشْخَبُ فيه ميزَابانِ

إلى آخر ما قال رحمه الله.

فكان ذلك تغييراً جذرياً في حياته رحمه الله وأوسع له، ولذا كان مما أُثر عن السَّلف رضي الله عنهم: «إنَّ من سعادة الحدَث والأعجمي أنْ يوفقهما الله لعالم من أهل السنَّة». وقولهم: «إنَّ من نعمة الله على الشاب إذا نَسَك أنْ يُؤَاخِي صاحبَ سنَّة يَحْمِلُه عليها» (6).

وقول ابن قوَّام رحمه الله ؛ وهو مَن هو: «ما أسلَمت معارفُنا إلا على يَدِ ابنِ تيمية» أي: ما انقادت وأطاعت، وصحت واستقامت إلا على يدِ هذا الإمام رحمه الله ، لمَ كان يَبُثُّه رحمه الله بين أهل الورى من نور الوحي ومعارفه، لأن ما كان سائداً عند أهل زمانه خلاف ذلك، حيث كثر الشرك والزندقة، ورفَعت البدعة عقيرَتها، وقلَّت معالم النُّبوة والدِّين.

والمراد بـ«المعارف» هنا: الدينية منها؛ وبالأخصِّ ما تعلَّق منها بالله -سبحانه- بأصل دينه، وذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، والنُّبوات ومعالمها ونحو ذلك؛ كل ذلك بسبب ما أصابها من خلطٍ وضلال وسوءِ تصوُّر بسبب استحكام الباطل وكثرة أهله وأنصارِه.

فصحَّت تلك «المعارف» واستقامت بسبب دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فهل صحت واستقامت معارف المراجيج المهابيل من مصعفقة التفريق، أو مَن غرِّر به من عوام السَّلفيين حقًّا على يدِ «شيخ الفُرقة» و«عالم إفريقية» كما يحلو لهم أنْ يسمُّوه؟!!!

سؤال مستغربٌ!! لكنه هو الواقع الذي ما له من دافع. هل فعلًا هؤلاء المراجيج صحَّت معارفهم -أو فلنقل: أسلَمت- بما ردَّد كثير من أبواقهم ومن هو على شاكلتِهم، بدعوة هذا الشيخ الذي قال يوما: لو منعوني من التدريس بالمساجد لخرجت إلى الزقاق والطرقات أو كلمة نحوها!! يقصد للدعوة والتعليم (7).

هذا هو القول! لكن العمل غيرُ ذلك، وفي الذِّكر الحكيم: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) } [سورة الصف]. ولسنا في حاجة إلى مناقشتهم في بعض هذا! فقد كشف الكثير من المشايخ والطلَّاب زيفَ هذه الدعوة.

لكن الملحوظ على «شيخ الفُرقة» أنه هو: من كان سبباً في إفساد كثير من معارف أتباعه ومن أحسن الظن به؛ لا في أَسْلَمتها، وذلك بعوامل كثيرة؛ منها:

-التَّهميش، وما أدراك ما بدعةُ التَّهميش!! وما أفسدت من معارف وتصورات في أوساط المراجيج وأصحاب حسن الظن بـ«ابن تيمية» الـ«falso».

التَّكَتُّم على الحقائق الواضحة البيِّنة، والرَّمي لأهل الخير والصلاح بالباطل؛ بلَه وبَهتهم تارةً أخرى.

ادعاؤُه طَوْيَ ملف الفُرقة التي أحدثَها في أوساط شباب الأمة، وباركها بقوله ودعوته مرة أخرى.

مباركتُه الكذبَ والكذَّابين؛ بلَه والوقوع فيه تارةً حتى صار محلَّ تعجب عند أهل الخير والصلاح.

–وقبل هذا وذاك! السُّكوت المُطْبِق عن الإيضاح والبيان بالوسائل المشروعة والطرق العلمية الواضحة، التي ترفع الغُبن عن شباب الأمة، وتَكشف عنه زيف الباطل والضلالة، في عجائب وغرائب لا تصدر عن منتسب للعلم وسِلْكه إلَّا من «ابن تيمية الجزائر» كما قيل!!

فهل كان شأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومنهجه، شأن الريحانة ومنهجه حتى تُعقد له هذه المقارنة والمشاكلة والمشابهة، سبحانك ربِّي هذا بهتان عظيم.

يوضحه الميزة الثانية: ...
 
الثانية:

جاء في «المدخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية» (8)، ما نصه:

«من نظر في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وجد أن الله -سبحانه- قد منحه أسباب القُوَّة (9) التي تُبنى عليها قبَّة النصر؛ وهي:

الثباتُ، واللَّهجُ بذكر الله تعالى، وطاعةُ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والاتفاقُ مع أنصار الإسلام والسنة، والصبر، وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [سورة الأنفال]» اهـ.

وأحاول هنا: التركيز على ما علَّمته بخطِّ، أما ما لم أعلِّمه فلا أريد الخوض فيه أو التطرُّق له؛ لا لعدم أهميته ولكن لاعتبارات أخرى.

أما «طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم»: فهل حقيقةً «الدكتور فركوس» هو: شبيه بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الأصل العظيم في «فُرقته» تحقيقاً وتطبيقاً والتزاماً؟!!

فليتأمل المراجيج المهابيل ومن أحسن الظن بهذا الرجل في هذه الحقيقة، وهذه المشابهة والمقارنة والمشاكلة؛ بله والتنظير الذي يدعيه الأبواق ووقود هذه الفتنة!!

هل وجدتم في دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله التَّعمية والتَّلبيس؛ بله والتَّدليس والكَذب، سبحانك ربِّي ما شهدنا إلا بما علمنا؛ وإنَّ لنشهد أنَّ الرجل كان أهلًا للصِّدق والإخلاص والجهادِ في سبيلِك، وهذه آثارُه منها نَنْهل وبها نَتعلم، وعليها في فهم هذه الدَّعوة المباركة المعوَّل، وعلى ذا وجدنا علماءَنا سلفاً وخلفاً.

فهل ارتقت دعوة «شيخ الفُرقة» عندكم إلى هذا المستوى حتى عقدْتم لنا المشابهة والمشاكلة، أم أنَّ الزمن عندكم زمن لُبْس وذَرٍّ للرماد في الأعين العمش، لربط الولاء وجمهرة الرعاع؟!!

أما «الثبات والصبر» فهذه من أخصِّ خصائص وُرَّاث دعوة النُّبوة، ولقد حاز منهما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القدح المعلَّى والنصيب الأوفر، وتأريخ دعوتِه شاهدٌ حافل بذلك، فهل حاز ذلك «شيخ الفُرقة» و«ابن تيمية الجزائر»؟!!

فأين ثباتُه وأين صبُره؟ أم أنكم تحدِّثونا عمَّن لم نَعرف أو نَخبره. ثم هل من آثار هذه المراتب العليَّة «الثبات والصبر» في الدِّين تفريق أبناء الأمة؛ أفهمونا لا أبَ لكم، لقد حيَّرتم العقلاء وأخلطْتم الأوراق على من أَسْلَموكم عقولَهم وأفئدتَهم.

أليس بـ«الثبات والصبر» تُنال الإمامة في دين! أم أن «الثبات والصبر» في قاموسكم وموازينكم مولِّدات للفُرقة والفتنة في الدِّين؛ اللَّهم إنَّا نبرأُ إليك من جهل الجاهلين.

أما «الاتفاق مع أنصار الإسلام والسنَّة»: فهذه بمنأى عنكم وعن شيخكم، فماذا أبقى «ابن تيمية» الـ«falso» لـ«أنصار الإسلام والسنَّة» في الجزائر حتى يقال هو: مشابه لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في دعوته؛ من حيث «الاتفاق مع أنصار الإسلام والسنَّة».

يا جماعة سأريحكم هذا الرجل لم يكن على اتفاق مع أنصار السنَّة حتى قبل هذه الفتنة والفُرقة التي أحدثها فضلًا عن أن يكون كذلك بعدها، فأنتم لم تعرفوا الرجل حقَّ المعرفة حتى تَعقدوا له هذه المشابهة والمشاكلة!!

هذا الرجل في تعامله مع القضايا الدعوة شبيه برجل بُعث من أيام الحرب العالمية من قبل المخابرات العسكرية؛ هذا رجلٌ «لا يترك حتى لاطراس» (10) فإن أَرَدْتم فهم هذا فعليكم بما كتب في موقعه في (19-09-1439هـ).

إن الناظر في حال «ابن تيمية الجزائر» يجد أنَّ الرجل صار حاله «اِيشَفْ» كما يقال عندنا؛ وذلك كلُّه بسبب غطرسته الفكرية وحبِّ النفس وبعده عن معالم منهاج النبوة.

فكيف لمن هذا حاله وهذا منهجه وهذه دعوته يكون كابن تيمية «الأصل»؟ يا قوم لقد ظلمتم صاحبَكم وشيخكم بجهالاتكم قبل أنْ تَغيضوا خصومَكم، فاتقوا ربَّكم في شيخكم أوَّلا، وفي مَن تُلَبِّسون عليهم من أهل صفِّكم ثانياً، أقول هذا من باب تخفيف الموازين عنكم؛ وهذا جزء من النَّصيحة لأن من «باب القدر» فلنا رحمتُكم، ألا ترون إلى شفقتنا بكم وعليكم.

وحقيقٌ بشيخكم أن يخرج عن صماته «المصطنع» وتهميشه «المفتعل» فيكتب شيئاً أو يقول قولًا يخفِّف فيه ورطةَ التأريخ عنه، فالتأريخ -كما يقال- لا يرحم وقد دخلَه من بابه الضَّيِّق، فالتأريخ يا «دكتور» سيدوِّن فتنتك، وسيدوِّن صماتَك، وسيدوِّن تلاعبَك وتواطأَك على هذه المخازي العلمية والدَّعوية، فارحم نفسك وابرأ إلى الله تعالى من فعلتك، واعلم بعد أنه لن تنفعك قولتك يوما: اثبتوا معنا.

أعقلتم بعد «الثبات» عند ابن تيمية «الأصل»، و«الثبات» عند «falso»!!
 
الثالثة

قال تلميذه الواسطي في «التذكرة والاعتبار»: «تُستجلي النُّبوة المحمَّدية من دعوته» اهـ (11).

الواسطي هو: أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر الواسطي الحِزَّامي، الزاهد القدوة العارف، عمادُ الدِّين أَبُو العَبَّاس، ابن شيخ الحِزَّامِيِّين (657- 711هـ) رحمه الله.

نشأ «أحمديًّا» وكان أبو كذلك شيخا في الطريقة، فأنقذه الله -جل وعلا- بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال الزين ابن رجب رحمه الله في «ذيل الطبقات» (12):

«قدم دمشق، فرأى الشيخ تقي الدين ابن تيمية وصاحبه، فدلَّه على مطالعة السيرة النبوية، فأقبل على سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام، فلخصها واختصرها، وأقبل على مطالعة كتب الحديث والسنة والآثار، وتخلى من جميع طرائقه وأحواله، وأذواقه وسلوكه، واقتفى آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه، وطرائقه المأثورة عنه في كتب السنن والآثار، واعتنى بأمر السنة أصولا وفروعا، وشرع في الردِّ على طوائف المبتدعة الذين خالطهم وعرفهم من الاتحادية وغيرهم، وبين عوراتهم، وكشف أستارهم، وانتقل إلى مذهب الإمام أحمد..

إلى أن قال رحمه الله: «وكان الشيخ تقي الدِّين ابن تيمية يعظِّمه ويجلُّه، ويقول عنه: هو جنيد وقته. وكتب إليه كتابا من مصر أوله «إلى شيخنا الإمام العارف القدوة السالك»» اهـ.

كان محبًّا لأهل الحديث، معظِّما لهم، سالكاً مذهب السَّلف الصالح في الصفات يُمِرُّها كما جاءت رحمه الله (13).

فهو حسنة من حسنات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذن.

أما نصه في «التذكرة والاعتبار» (ص: 44)، فقال رحمه الله:

«ما رأينا في عصرنا هذا من تُستجلي النُّبوة المحمَّدية وسنَّتها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، بحيث يشهد القلب الصحيح أن هذا هو: الاتباع حقيقةً» اهـ (14).

وقبله قال رحمه الله وهو: يعدِّد بعض فضائلِه لإخوانه:

«فوالله، ثم والله، ثم والله، لم يُرَ تحتَ أديم السماء مثلُ شيخِكم: علماً، وعملًا، وحالًا، وخلقاً، واتباعاً وكرماً وحلماً؛ في حقِّ نفسِه، وقياماً في حقِّ الله عند انتهاك حرماتِه، أصدق الناس عقداً، وأصحُهم علماً وعزماً، وأنفذُهم وأعلَاهم في انتصار الحقِّ وقيامِه همَّةً، وأسخَاهم كفًّا، وأكملُهم اتباعاً لنبيِّه صلى الله عليه وسلم» اهـ.

وقال قبل رحمه الله مظهراً لنعمة الله تعالى شاكراً لها حاثًّا على شكرها؛ وهي: أن أقام لهم هذا العَلم:

«واشكروا الله تعالى عليها، وهو: أنْ أقام لكم في هذا العصر مثل سيدنا الشيخ الذي فتح الله به أقفال القلوب، وكشف به عن البصائر عمَى الشبهات وحيرة الضلالات، حيث تاه العقل بين هذه الفرق، ولم يهتد إلى حقيقة دين الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن العجب أنَّ كلًّا منهم يدَّعي أنه على دين الرسول، حتى كشف الله لنا ولكم بواسطة هذا الرجل عن حقيقة دينه الذي أنزله من السماء وارتضاه لعباده» اهـ (15).

قوله رحمه الله «تُستجلى»: من جلا الشيء جلوةً وجلاءً، جاء في «مقاييس اللغة» (16): «الْجِيمُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ: أَصْلٌ وَاحِدٌ، وقياسٌ مُطَّرِدٌ، وهو: انْكِشَافُ الشَّيْءِ وَبُرُوزُهُ».

فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نظر ابن شيخ الحِزَّامِيِّين رحمه الله لم يُر مثله، لا في علمٍ، ولا عملٍ، ولا حالٍ، ولا .. وهو: أنفذُهم وأعلاهم في انتصار الحقِّ وقيامه، و..

وهو في نظره رحمه الله: ممن تنكشف النُّبوة المحمَّدية وسنَّتُها من أقواله وأفعاله، ودعوتِه، وبه انكشف حقيقة الدَّين الذي أنزله الله من السماء وارتضاه لعباده، وأنه ممن يشهد القلب الصحيح» منه «أن هذا هو: الاتباع حقيقة» تأمَّلوها جيدا.

وكان كذلك رحمه الله بشهادة مَن تلمذ له أو من عاصره وأتى بعده؛ فهو: من أصَّل للسلفية وقعَّد، وأحياها بعد دُرُوس معالمها في الأمة، فهل صَنع «ابن تيمية» الـ«falso» صُنْعه أو بعض بعض صُنْعه؟!!

ألا يستحيي أقوام من ربِّهم تعالى أنْ لبَّسوا على غيرهم مثل هذا التَّلبيس، وعمُّوا عليهم مثل هذه التَّعمية، والله ما قال أهل الخير «هذه المقولة» في خِيرَة أهل هذا العصر بلا منازع؛ وهم: فضيل الشيخ العلم عبدالعزيز بن باز، والعلم المحدث فضيلة الشيخ محمد نار الدِّين الألباني، وفضيلة الفقيه المبرَّز محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله وأسكنهم فسيح جنانه، فكيف بـ«شيخ الفُرقة»؟

فاربعوا عن أنفسكم وارحموا عقول أتباعكم، فأنتم تحرقون ما بقي فيهم ولهم.

فأيُّ معالم من النُّبوة المحمَّدية وسنَّتها استجليتموها من «ابن تيميتكم» هذا، ودعوته!! أبجهله بأصول المنهج السَّلفي وقواعدِه، أم بأصل الملَّة المحمَّدية (17)، أم بجهوده العلمية المزيَّفة (18)، أم بتحليلاته وتوجيهاته «الزنقوية» (19)، أم بتقريراته في مسائل الأسماء والأحكام (20)، والقائمة طويلة، والأيام حبْلى كما يقال.

فمن أين جاءكم التَّجانس بين الرجلين؛ فانقدح التنظير في عقولكم وفكركم في المنهجين والدَّعوتين بله والعِلْمين؟!!
وفي هذا القدر من ميزات هذا العَلم الهمام ما ينبئ عن غيره؛ وغيرُه كثير، ولأجل ذاك الغير توالت كلمات أهل العلم والدِّين توجيهاً ونصحاً لدراسة ومدارسة كتبه والاعتناء بها تأملا ونظرا وتدبرا.

وفي الختام أقول:

هذه هي كلمات أهل العلم والدِّين في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهذه هي آثاره في الملَّة المحمَّدية، وهؤلاء الأعلام ممن قضى نحبَه وما بدَّل تبديلا، سالكين في ذلك منهج إخوانهم في الدِّين من سادات المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم المولى -سبحانه وتعالى-: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [سورة الأحزاب].

لا كلمات الرَّعاع ممن لا يرقب في الله كَلِمَه، ولا كلمات الأبواق المفسدين الباحثين عن الولاء الزائف، ولا بكلمات رؤوس التفرقة ممن كان لا يعرف لهذا الرجل -أعني: فركوسا- قدراً حتى جمعتهم المصلحة، فأمثال هؤلاء لا تُؤمن عليهم الفتنة فكيف إذا وقعوا فيها وصاروا من مؤجيجيها؟!!

وفي الأثر: «من كان مستنًّا فليستنَّ بمَن قد مات، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمن عليه الفتنة».

ألا فليفق هؤلاء الملبَّس عليهم ممن ما زال فيهم بصيصٌ من معالم السنَّة السَّنية، ممن انخدع بمثل هذه الإشاعة؛ والفتن موطن الإشاعات ومنبتها، فأفيقوا إخوتي! وإيَّاكم أن تَغُرَّكم مثل هذه الدعايات الباطلة الزائفة، والزموا غرز العلماء الأكابر وتوجيهاتهم، فإنها العصمة بعد الله تعالى ورحمته.

واللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء وأهل الغفلة والزيغ منا، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه.


وكتب أخوكم ومحبكم: عبدالمجيد تالي

عصر يوم السبت: 16-05-1441هـ
الموافق لـ: 11-01-2020هـ



الحواشي:

(1) وانظر: «المدخل لآثار شيخ الإسلام ابن تيمية» (ص: 6).
(2) انظر: «ذيل تاريخ الإسلام» (ص: 196- 197) للحافظ الذهبي رحمه الله.
(3) (ص: 129- 130) ط/عالم الفوائد، وانظر غر مأمور ما كتبه الشيخ بكر أبو زيد في كتابه «ابن قيم الجوزية حياته وآثاره» (ص: 130- 134).
(4) من «رامَهُ يَريمُهُ رَيْماً، أي: بَرْحَه. يقال: لا تَرِمْهُ، أي: لا تبرحه». «الصحاح» (5: 1939).
(5) اليَزَك: طلائع الجيش فارسي معرب. انظر: «الكافية» (2: 571).
(6) رواهما أبو القاسم الطبري اللالكائي رحمه الله في «أصول الاعتقاد» (1: 136)، برقم/(26و27)، ط/الرياشي.
(7) أقول: مع أن هذا محل نظر، مع ما تيسر في هذا الزمن من وسائل متاحة، لكن هكذا هي دغدغة المشاعر؛ المهم «دع البئر بغطاه» كما يقال في المثل العامي.
(8) (ص: 20) ط/عالم الفوائد.
(9) يقصد القوة العلمية والعملية، التي هي: أصل سعادة العبد والكمال الإنساني. وهذه القوة بنوعيها أصل عظيم وقاعدة شريفة لمن تأملها وتدبرها، وعليها أكثر الدندن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية في مواطن من مصنفاتهما، بل جعل ابن القيم رحمه الله شيخه رحمه الله مضرب المثل فيها، كما بين ذلك في «طريق الهجرتين» له.
فأين «ابن تيمية الجزائر» من النوع الأول من تلك القوة؛ حتى لا نفتح الكلام في النوع الثاني منها.
(10) وأستسمحكم العبارة، لم أجد لها إلا هذه.
(11) انظر: «المدخل إلى آثار شيخ الإسلام» (ص: 55).
(12) (4: 381- 382).
(13) انظر: «الذيل على الطبقات» (4: 383).
(14) «العقود الدرية» (ص: 376) ط/عالم الفوائد.
(15) «التذكرة والاعتبار» (ص: 39- 40).
(16) (1: 468).
(17) في تقريره لقضية الحاكمية على وفق منهج القطبية.
(18) في قضية السرقات العلمية.
(19) في تسجيلاته المسربة.
(20) في قضية التسليم والإهداء لأعوان الأمن، وغير ذلك.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 Mar 2020, 09:19 PM
أبو سّلاف بلال التّمزريتي أبو سّلاف بلال التّمزريتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
الدولة: الجزائر
المشاركات: 94
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخ عبد المجيد، وعند عقد المقارنة بين أبي العباس ابن تيميّة -رحمه الله- وبين شيخ الفرقة وريحانتهم التي لا عطر فيها ليخطر بالبال قول القائل:
أما رأيت أنَّ السّيف ينقصُ قدرُه
إن قيل: إنَّ السّيف أمضى من العصا
والله لست أدري كيف للسان ابن تيميتهم مُخرسا، مهينٌ لا يكاد يُبين، كلامه غمغمة وكدكدة وإبهامات وإجمالات، أعن هذا يُقال: ابن تيمية، حشاك يا أبا العباس أن يكون هذا العييُّ شيخ (الڨبة) شبيهك، كفانا الله أمره بما شاء.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 Mar 2020, 10:50 PM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا مااستقل يمان!
فركوس رأس التفريق يقارن بابن تيمية! هذا لا يكون إلا عند المراجيج المهابيل.
جزاك الله خيرا شيخنا عبد المجيد.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 Mar 2020, 12:29 PM
كريم بنايرية كريم بنايرية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2019
المشاركات: 113
افتراضي

لقد فضحت الأيام أقواما كانو متسترين وماذاك الا لخلل عندهم لم يعالجوه أو لسوء قصد نووه فكان الله لهم بالمرصاد.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013