منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 Jan 2018, 04:12 PM
عبد المجيد جمعة عبد المجيد جمعة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 33
افتراضي الجواب عن الجواب وردع الطَّاعن العَيَّاب - جواب على رسالة خالد حمودة - ( الحلقة الثالثة )




الجواب عن الجواب وردع الطَّاعن العَيَّاب


-جواب عن رسالة خالد حمودة ومن كان وراءه-


الحلقة الثالثة

أولا: قوله: «أمّا الجواب الإجمالي عن أسئلة الشيخ فهو أنّه لا يلزم من دفاعي عن محمد أنّني أنصر وأقرّ كل ما يقوله هو وينشره، هذا ما عليه النّاس جميعاً».
- والجواب من وجوه :
أولها: أنّ الذي عليه البُلَغاء أنّ الكلام يُراعى فيه المطابقة لمقتضى الحال والمقام؛ بحيث يكون وِفق الغرض الذي سِيق له؛ فأنت أثنيت عليه في مقام النَّقد والرَّد، فيقتضي موافقته على ما هو عليه. وهذا يدلّ على أنّك تكتب ما خطر ببالك، ولا تراعي قواعد الكتابة؛ ويدلّ أيضا على جهلك بقواعد البلاغة.
الوجه الثاني: أنّ قولك هذا فيه تناقض، إذ تصرّح أنّه لا يلزم من دفاعك عنه أنّك تنصره وتقرُّه؛ والحال أنّك في جوابك تنصره وتقرُّه، وما ترى فيه أنّه جانب الصواب تبحث له عن تأويلات فاسدة للاعتذار له.
الوجه الثالث: قوله: «هذا ما عليه الناس جميعا» جوابه: أنّ الذي عليه الناس هو مطابقة كلامهم لمقتضى أحوالهم.
وأيضا اعتبرت نفسك كأنّك من أهل الاستقراء التَّام في معرفة النَّاس، فسبرت أحوالهم، واستقرأت أقوالهم فخرجت بتلك النَّتيجة.


ثانيا: قوله: «وسيأتي أنّك أردت إلزامي بذكر أخطائه في مقام الثَّناء وإلَّا كان ذلك على منهج الموازنة الفاسد، وأنّ الشيخ ربيعا ردّ عليك وأنكره».
- والجواب من وجهين:
أولهما: أنّك أثقلت جوابك بـ«إلزامي»، و«يلزمني»؛ ولازم المذهب ليس بمذهب، وإلا للزم تكفير النَّاس بكلامهم. قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله في «درء تعارض العقل والنقل» (8/108): «ولكن لازم المذهب ليس بمذهب وليس كلّ من قال قولاً التزم لوازمه التي صرّح بفسادها، بل قد يتّفق العقلاء على مقدّمة، وإن تناقض بعضهم في لوازمها».
وأيضا لو أخذت بإلزامك، لقلت لك: إنّ جوابك يستلزم الردّ على الشيخ ربيع بن هادي؛ لأنّه قرأ الرسالة، وأقرّ ما فيها؛ وكذا الردّ على الشيخ محمد بن هادي؛ فالردّ على الكاتب يستلزم الرد على المقرّ له.
الوجه الثاني: وقوله: «وأنّ الشيخ ربيعا ردّ عليك»، وقلت في موضع آخر: «فلهذا لمّا أردت التوسّع في النكاية وألصقت بي منهج الموازنة أنكر ذلك شيخنا الإمام ربيع –حفظه الله- وقال: «هذ ليست موازنة، هذا ظلم»، كما أثبتَّ ذلك في حاشية رسالتك، فجزى الله شيخنا الإمام خير الجزاء»
والجواب عنه: أنّي ما كنت أعلم أنّك غبيٌّ سيّئ الفهم إلا هذه اللّحظة؛ ولعلّه صدق فيك قول أخي بلال يونسي: «عاميٌّ يحسن القراءة». لكن أنا أنصفك وأرفع مستواك قليلاً فأقول: طالب علم سيّء الفهم (وسيّء الأدب).
فقصد الشيخ ربيع أنّ ما ذكرته ليس هو موازنة بل هو ظلم؛ يعني أنّه أشدّ من الموازنة، لا كما فهمتها.
وَكَم من عائبٍ قولاً صَحيحًا *** وآفَتُهُ منَ الفَهْمِ السّقيمِ
ولكِنْ تأخُذُ الآذانُ مِنْهُ *** على قَدَرِ القَرائحِ والعُلُومِ


ثالثا: قوله: «فثبت بحمد الله تعالى أنّ دفاعي عن أخي لا يجعلني مقرّا بأخطائه ناصرا لها، وهذا كاف في الجواب لمن عقل».
وجوابه:

أنّ من عقل يعلم أنّ هذا تناقض، ومغالطة؛ إذ كيف تعتبر نفسك أنّك غير مقرّ بأخطائه، وأنت تدافع عنها بأدنى تأويلات.


رابعا: قوله: «ومحمد كغيره يخطئ ويصيب، إن أصاب نقول له: أصبت، ونثني على إحسانه، وإن اخطأ نقول له: أخطأت، وننصحه...» وقوله: «.... وهي أنّ السلفي الذي لم يخالف أصلا من أصول السنة فهو –وإن أخطأ- أخونا ننصحه ونقوّمه قدر ما نستطيع....».
والجواب من وجوه:
أوّلها: أنّ هذه مغالطة، لأنّك تعلم أنّ سماحة والده الشّيخ لزهر سنيقرة قد نصحه، وشدّد عليه في ذلك؛ فأبى إلا أن يعقّ الوَلَدُ والدَه، ويتمرّد التلميذُ على شيخه.
الوجه الثاني: أنّ هذا مسلّم به، لكن إنْ أبى قبول النصيحة، وأصرّ على خطئه، يجريعليه الحكم الشرعي؛ إمّا بالزجر أو الهجر، حتى يتوب ويرجع.
الوجه الثالث: أنّ عدم قبول النصيحة ينبئ عن التكبّر والتطاول والغرور؛ وقد بيّن النبي صلى حقيقة الكبر فقال: «الكبر بطر الحقّ وغمط الناس» رواه مسلم (147). قال الإمام النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (2/90): «بطر الحقّ هو دفعه وإنكاره ترفّعًا وتجبّرا». وهذا الذي بُلِيَ به صاحبك؛ بل ابتليتما به.


خامسا: قوله: «... أنّك قلت في ثنائي على أخي محمد: «بل حسبك أنّك كتبتها بقلم غير سلفي، لأنّ الحكم على الرجل بحاضره، وليس بماضيه، والأمور بالخواتيم». والجواب: أنّ الواقف على هذا الكلام يظن أني قلت عن أبي معاذ: كان وكان، فحكمت بماضيه ولم أتعرض لحاضره، مع أنّ نصّ كلامي: «إنّ أخي أبا معاذ ....» فكيف تحكم عليّ بعد هذا بأنّني كتبتُ التغريدة بقلم غير سلفي، لأنّي حكمت على الرجل بماضيه!!».
والجواب من وجهين:
أحدهما: أنّ هذه من الخيانة العلمية، إذ تنقل بعض الكلام، وتخفي الآخر؛ فبقية كلامك –والذي عنيتُه بالردّ- هو: «وحسبه أنه: قض مضاجع المروّجين للرّفض والتشيّع في بلادنا، ونبّه الناس إلى مكرهم وخطرهم ، وله إسهام كبير في فضح الإعلام المغرض. وله في الانتصار لمشايخنا أيام فتنة فالح وقفة مشهودة بعدما ناوأهم الأكثرون وتنكروا لهم...».

هذا النص الذي أخفيته، ولم تظهره في جوابك؛ وهو من الخيانة العلمية، والتلبيس على القرّاء، والمغالطة في الجواب.
فهل حالك إلا كحال ما رواه مسلم (1699) عن عبد الله بن عمر: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بيهودي ويهودية قد زنيَا، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء يهود، فقال: ما تجدون في التوراة على من زنى؟ قالوا: نسوّد وجوههما، ونحملهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما، قال: فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين. فجاءوا بها فقرؤوها حتى إذا مرّوا بآية الرّجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرّجم، وقرأ ما بين يديها، وما وراءها، فقال له عبد الله بن سلام: وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ فليرفع يده. فرفعها فإذا تحتها آية الرّجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَرُجِمَا. قال عبد الله بن عمر: كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه»؟!
الوجه الثاني: أنّ قولك: «وله في الانتصار لمشايخنا أيام فتنة فالح وقفة مشهودة» كذب صريح، إذ كلّ من يعرفكما يعلم ويشهد أنّكما ممّن خاض في فتنة فالح الحربي، وأوغل في أعراض المشايخ والدعاة؛ وعلى رأسهم شيخنا الكريم العلامة محمد علي فركوس، وكنتما ممّن هجره –وقتئذ-؛ فأمّا أنت فجئت إليه وتحلّلت منه؛ وأمّا صاحبك محمد فلم يفعل ذلك إلى حدّ كتابة هذه الأسطر؛ فهذه هي وقفته المشهودة. وأنّى له أن يفعل ذلك؟! فقد طعن فيه، وتطاول عليه (وذلك من سوء خلقه) ولم يتحلّل منه، واكتفى بتقديم اعتذار بارد، هو أولى أن يعتذر له؛ والله المستعان.
ولعلّ هذا -في قاموسك- تحريش، لكن في التاريخ وواقع الأمر تنبيه وتذكير.



سادسا: قوله بعدما نقل كلامي: «كذا قال: «كلام خاص في مجموعة مغلقة» هل صارت الدعوة السلفية صوفية إخوانية..» فقال: «فهذا من المدهشات، لأنّ من العلم المستفيض الذي لا يخفى على من هو دونك بمراحل أنّ من العلم ما لا يجوز أن يحدّث به عامة الناس، وقد بوّب البخاري رحمه الله على ذلك: «باب من خصّ بالعلم قوما دون آخرين كراهية أن لا يفهموا» ...»
والجواب عنه من وجوه:
أولها: أنّ المدهشات هو قياسك الجلسات السرّية والمجموعات المغلقة، وما يبثّ فيها من الغمز واللمز على تخصيص قوم بالعلم دون آخرين؛ وهل هذا إلا من قياس الشبه، وهو من القياس الفاسد الذي ذمّه السلف، وقالوا: أوّل من قاس إبليس؛ وذلك في قوله تعالى حكاية عنه: {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}. ولم يذكره سبحانه إلا على المبطلين؛ كما قال تعالى إخبارًا عن إخوة يوسف أنهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل أخيهم: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} يعني أنّ ذاك قد سَرِق فكذلك هذا، فهو مقيس على أخيه.
وكذلك المشركون، قاسوا الربا على البيع، و{قالوا إنّما البيع مثل الربا}؛ وقاسوا الميتة على المذكاة في إباحة الأكل؛ كما في «إعلام الموقعين» (1/115).
الوجه الثاني: أنّ الإمام البخاري ذكر العلّة في الترجمة، فقال: «كراهية أن لا يفهموا» أي لأجل كراهية عدم فهم القوم الذين هم غير القوم الذين خصّهم بالعلم؛ فترك بعض النّاس من التخصيص بالعلم لقصور فهمهم؛ كما في «عمدة القاري» (2/204).
ولهذا استشهد بأثر علي رضي الله عنه أنّه قال: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبّون أن يكذّب الله ورسوله».
وقد نقلتَ هذه العلّة، وأبيت إلا أن تنـزّلها على غرف صاحبك المغلقة؛ وكأنّه خصّ فيها قومًا بالعلم النافع، والعمل الصالح. وصدق الله سبحانه: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
الوجه الثالث: وقوله: «لأنّ من العلم المستفيض الذي لا يخفى على من هو دونك بمراحل أنّ من العلم...» فيه ركاكة في الأسلوب كركاكة فهمك وركاكة أدبك.


سابعا: قوله: «على أنّ من يعرفك يشهد أنّك من أكثر الناس فعلا لهذا الذي تنكره ....».
الجواب من وجوه:
أحدها: أنّ هذا ما أملاه عليك شيوخك المستورون بعدما استقدم رضا أحمدَ بوقليع الرُّحَيْلي والرمضاني الجَلْد إلى دار الفضيلة بموافقة بعضهم لينتزعوا منه الاعترافات، ويتتبّعوا العثرات، ويقفوا ما عليّ من المؤاخذات –كما فعلوا مع الإمام جغلول في قضية الشيخ لزهر-، وزعموا أنّه جاء بمفرده، ورواية أخرى أنّه أُخْبِر بأيام اجتماعهم، فصادف يوما من تلك الأيام، ورواية أخرى كذا وكذا؛ اختلفت الروايات، والله يعلم أنّ اجتماعهم به كان بتوافق وتواطؤ؛ ولم أُخْبر، ولم أُعلم بهذا اللِّقاء – مع أني المعني به -، بل لم يذكر ولم يطرح موضوعه حتى يوم اجتماعنا في دار الفضيلة، حتى فتحت أنا القضية، وناقشتهم فيها.
وهي فرية تلقّفوها من أحمد بوقليع، ولقّنوها لك؛ كما تلقّفوا منه ما زعمه أبو الدر داء الخلفي (ع.ع) أنّ عليَّ ديونًا كثيرة، وأنّ أصحابها يطالبونني بها؛ ووالله الذي لا إله غيره إنّه لمحض كذب وافتراء، وقد فضح الله تعالى قائلها؛ على أنّ الاستدانة والاستقراض ليست عيبًا في الرجل، فقد توفي النّبي صلى الله عليه وسلم ودرعُه مرهون عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير.
الوجه الثاني: أنّ هذه دعوى كاذبة
والدعاوي إن لم تقيموا لها *** بيّنات أصحابها أدعياء
الوجه الثالث: وقوله: «... وكم وكم» مشعر بأنّك تستقرأ أحوالي، وتتبع آثاري؛ والله تعالى يقول: {ولا تقف ما ليس لك به علم}. وقولك: «والله الموعد» أقول: نعم، وانتظر إنّا منتظرون.
الوجه الرابع: أنّ التّهمة مبنيّة على أنّه ينقل عنّي أني أجرّح الرجل، وينقل عنّي أنّي أعدّله؛ وهذا ليس بقدح، ولا تناقض، بل يدلّ على التحرّي والإنصاف والرجوع إلى الحقّ وعدم التعصّب للرأي؛ فهؤلاء حفّاظ الحديث وأئمّة النقد، تنقل عنهم أقوال مختلفة في راوٍ واحد؛ وذلك لأسباب كثيرة، من أهمّها تغيّر حال الراوي، فقد يعدّل الحافظ الناقد راويًا، ثم يقف على سبب يوجب جرحه، أو يطرأ عليه جرح في الراوي فيجرّحه؛ وعكسه صحيح؛ فيتغيّر اجتهاد الحافظ الناقد من تجريح أو تعديل بحسب حال الراوي.
قال السخاوي في «فتح المغيث» (2/36): «أمّا إذا كانا (يعني القولين المتعارضين) من قائل واحد؛ كما يتّفق لابن معين وغيره من أئمّة النقد، فهذا قد لا يكون تناقضًا، بل نسبيًّا في أحدهما، أو ناشئًا عن تغير اجتهاد؛ وحينئذ فلا ينضبط بأمر كلّي، وإنْ قال بعض المتأخرين: إنّ الظاهر أنّ المعمول به المتأخّر منهما إن عُلِم، وإلا وجب التوقّف».
وله نظائر كثيرة، منها:
- أنّ الإمام أحمد؛ ذكر جرير بن حازم فقال: كان حافظًا. وقال مرّة: في حديثه شيء. «العلل» (136)
- ويحيى بن معين قال: أبو معشر البراء يوسف بن يزيد ضعيف الحديث. وقال مرّة أخرى: صالح. كما في «من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال (رواية طهمان)» (ص 28).
وقال أبو زرعة كما في «الضعفاء في أجوبته على أسئلة البرذعي» (3/967): «الحكم بن عبد الله بن إسحاق الأعرج البصري؛ قال عنه: ثقة. وقال مرّة: فيه لين».
ومن ذلك أحوص بن جواب؛ قال يحيى بن معين: ليس بذاك القوي. وقال مرّة: ثقة. كما في «ميزان الاعتدال».
- ومن ذلك أسامة بن زيد الليثي. قال ابن الجوزي: اختلفت الرواية عن ابن معين، فقال مرّة: ثقة صالح، وقال مرّة: ليس به بأس. وقال مرّة: ترك حديثه بأخرة. «المصدر السابق».
ومن ذلك إسماعيل بن زكريا الخلقاني؛ قال أحمد: ما به بأس. وقال مرّة: حديثه حديث مقارب. وقال مرّة: ضعيف الحديث. «المصدر السابق». ونظائر ذلك أكثر من أن يحصر.


ثامنا: قوله: تعليقا على كلام صاحبه محمد: «سأحاول في هذه العجالة أن أمدّ للحائر في ظلمات الزيغ ....» «فأقول: لم يظهر لي وجه الخطأ والمخالفة في هذا الكلام!! .... وليس كلامه بأبلغ من تسمية ابن القيم كتابه في الرد على النصارى بـ«هداية الحيارى»!»
الجواب عنه من وجوه:
أولها: أنّه لم يظهر لك وجه الخطأ... لجهلك وسوء فهمك، فكان عليك أن تسأل لتتعلّم وتفهم، فإنّما شفاء العي السؤال؛ لكن أنت طلبت العلم لتكون مجتهدًا ومستقلاًّ برأيك، لا لتكون إمّعة؛ فظهر عليك أثر اجتهادك، واستقلالك بالرأي، وغرورك وعُجْبك بنفسك.
الوجه الثاني: أنّه لم يظهر لك وجه الخطأ لتشابهكما فيه، من حيث غروركما، وتطاولكما، وإعجابكما بأنفسكما؛ والنظير يلحق بنظيره، والشبيه بشبيهه، والطيور على أشكالها تقع.
الوجه الثالث: أنّ من المدهشات (حسب لغتك) أن تجعل كلام صاحبك محمد ليس بأبلغ من تسمية ابن القيم كتابه في الردّ على النصارى بـ«هداية الحيارى»! ثم أخذت في التكلّف، والتنطّع، والتأويل الفاسد لإظهار أوجه التشابه بينهما.
الوجه الرابع: أنّ صاحبك محمدًا نصب نفسه مجدّدًا، ومنظّرا، ومجتهدا، ومخلّصًا، وهاديًا، ورافعا...؛ وهذا ظاهر على صفحات كلامه لمن عقل (حسب لغتك) الذي لم يظهر لك وجه الخطأ فيه. قال ابن القيم في نونيته:
والناس أكثرهم فأهل ظواهر *** تبدو لهم ليسوا بأهلِ مَعَانِ
فَهُمُ القُشور وَبِالقشور قوَامهم *** واللّبُ حظُّ خلاصة الإنسان

تاسعا: قوله: «وأمّا يمينك وقسمك على أنّها لو قيلت لشيخ الإسلام ابن تيمية لتبرّأ منها فرجم بالغيب، وتهويل أيضا، وهو كقسمك فيما يأتي في جواب سؤالك الثالث»
الجواب من وجهين:
أولهما: قوله: «... فرجم بالغيب» يدلّ على جهلك بالأثر، ولغة العرب، وقد استويت أنت مع ذيّاك الهارف الجارف الذي رماني بأنّي لا أعلم أبسط مسائل الاعتقاد بسبب قولي: «لو عاد الألباني من جديد لتبرّأ من الحلبي»، وزعم أنّها رجم بالغيب، فبنى عليها مقاله المشؤوم([1]). وجوابه: أنّ هذا سائغ في اللغة، وهو أنّه خرج مخرج التّأكيد والمبالغة. قال الفرزدق:
ولو كان حيًّا مالكٌ وابن مالكٍ *** إذن أوقدا نارين يعلو سناهما
«الكامل في اللغة والأدب» (178)؛ ونظائره كثيرة.
وقد جرى على لسان السّلف فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النّساء لمنعهنّ كما مُنِعت نساء بني إسرائيل» رواه البخاري (869) ومسلم (445). فهل قال أحد من أهل العلم أنّ عائشة ادّعت علم الغيب وتقوّلت على النبي ؟!
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري» (8/41): «تشير عائشة رضي الله عنها إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يرخّص في بعض ما يرخّص فيه حيث لم يكن في زمنه فساد، ثم يطرأ الفساد ويحدث بعده، فلو أدرك ما حدث بعده لما استمر على الرخصة، بل نهى عنه؛ فإنّه إنما يأمر بالصلاح، وينهى عن الفساد».
وشبيه بهذا: ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر، وَعُمر من خروج الإماء إلى الأسواق بغير خمار حتى كان عمر يضرب الأَمَة إذا رآها منتقبة أو مستترة، وذلك لغلبة السّلامة في ذلك الزمان، ثم زال لك وظهر الفساد وانتشر، فلا يرخّص حينئذ فيما كانوا يرخّصون فيه».
ومن ذلك قول جرير: «قال لي مغيرة: جالس أبا حنيفة تفقه فإنّ إبراهيم النخعي لو كان حيًّا لجالسه». «تاريخ الإسلام» (9/312).
وهذا الإمام أبو جعفر الطّحاوي الذي انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر؛ كان شافعيًّا يقرأ على أبي إبراهيم المزني، فقال له يومًا: والله لا جاء منك شيء. فغضب أبو جعفر من ذلك، وانتقل إلى ابن أبي عمران، فلما صنّف «مختصره» (يعني مختصر المزني)، قال: رحم الله أبا إبراهيم لو كان حيًّا لكفّر عن يمينه». كما في «سير الأعلام» (11/362). قال الحافظ ابن حجر في «اللسان» (1/275) معلّقا عليه: «يعني الذي حلفه أنّه لا يجيء منه شيء؛ وتعقّب هذا بعض الأئمّة بأنّه لا يلزم المزني في ذلك كفّارة؛ لأنّه حلف على غلبة ظنّه. ويمكن أن يجاب عن أبي جعفر بأنّه أورد ذلك على سبيل المبالغة».
وهذا الشيخ الألباني قال مرّة -كما في «سلسلة الهدى والنور»-: «لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حيًّا لنهى عن شرب الدخان عند الذهاب إلى المسجد كما نهى عن أكل الثوم والبصل» أو معنى كلامه.
الوجه الثاني: قوله: «وهو كقسمك فيما ...»؛ وقوله في موضع آخر: قوله: «وقد حلفت يمينا أخرى ...». وجوابه أنّ القسم شرع لتوكيد المقسم عليه وتقريره وإثباته، وتحقيقه؛ كما هو مقرّر في علم البلاغة؛ وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه أقسم بأنواع القسم في مجالات كثيرة، وميادين مختلفة، لا تكاد تحصى ولا تستقصى؛ كقوله: «والله»، «والذي نفسي بيده»، «والذي نفس محمد بيده».
وجرى عليه عمل السلف فكانوا يحلفون حتي في المسائل العلمية والفقهية. فقال عثمان بن عفان: «والله لأحدّثنكم حديثًا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يتوّضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها» رواه مسلم (227).
وعن ابن عمر، قال له قيس: «يا أبا محمد لو مسست ذكرك، وأنت في الصلاة المكتوبة أكنت منصرفا وقاطعا صلاتك لتتوضّأ؟ قال: نعم، والله إن كنت لقاطعًا صلاتي ومتوضّئًا» «مصنف عبد الرزاق» (1/116). ولو استقرئت الأثار لخرجت في مجلّدات.
وجمع أبو الحسين ابن أبي يعلى «المسائل التي حلف عليها أحمد بن حنبل».


عاشرا: قوله: «على أنّ ابن تيمية قد قيل فيه ما هو أكثر من هذا ولم يتبرّأ منه». والجواب عنه من وجهين:
أولهما: أنّك تقيس صاحبك على شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فهذا من الظلم ما لا يخفى.
ألم ترَ أنّ السيف ينقص قدره *** إذا قيل إنّ السيف أمضى من العصا
الوجه الثاني: أنّ قياسك فاسد؛ لأنّ ما استشهدت به من أقوال أهل العلم فإنّما هي شهادة منهم في شيخ الإسلام ابن تيمية؛ وهي شهادة حقّ؛ بينما صاحبك قال ذلك عن نفسه، وَشَهد أنّه: «سأحاول في هذه العجالة أن أمدّ للحائر في ظلمات الزيغ، بعض حبائل النجاة المنسوجة من نصوص الشرع وآثار السلف، تخلص الآخذ بها –بإذن الله- من غياهب الفتن والشكوك والأوهام، وترفعه إلى مراتب العقل والفهم والثبات»؛ وقد قال تعالى: {ولا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى}.

يتبع ...




([1]) وكنت قد عزمت وشرعت في الرد عليه، وبيان جهله وحقده في مقال سمّيت: «إلجام الهارف عز الدين الجارف»؛ ثم تركته وأعرضت عنه حتى لا أرفع عقيرته.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد المجيد جمعة ; 15 Jan 2018 الساعة 12:57 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 Jan 2018, 04:15 PM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فضيلة الشيخ عبد المجيد على مابينت وأوضحت في هذا الرد العلمي المتين، فبارك الله في جهودك ونفع بعلمك وأدبك سائر أبنائك وإخوانك.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى صهيب ; 11 Jan 2018 الساعة 07:10 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 Jan 2018, 04:15 PM
عبد الله سنيقرة عبد الله سنيقرة غير متواجد حالياً
عفا الله عنه
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 268
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا وبارك فيكم .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 Jan 2018, 04:41 PM
أبو خليل عبد الرحمان أبو خليل عبد الرحمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 133
افتراضي

بارك الله في شيخنا أبي عبد الرحمان ، و أجزل له المثوبة آمين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 Jan 2018, 04:43 PM
أبو حذيفة الجمعي قريشي أبو حذيفة الجمعي قريشي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: برج بوعريريج الجزائر حرسها الله بالتوحيد والسنة
المشاركات: 102
افتراضي

جزاكم الله خيراً شيخنا وبارك فيكم وسدد خطاكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 Jan 2018, 04:47 PM
أبو محمد صدام البسكري أبو محمد صدام البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
الدولة: الجزائر
المشاركات: 110
افتراضي

جزاكم الله خيراً شيخنا
وبارك فيكم وفي علمكم وعملكم
وسدد خطاكم على الحق
وجعل الجنة مثوانا ومثواكم .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 Jan 2018, 05:11 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا وبارك فيكم وفي جهادكم
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 Jan 2018, 05:12 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا الوالد
أعانكم الله وسددكم ووفقكم
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 Jan 2018, 05:12 PM
عسوس محمد فتحي عسوس محمد فتحي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: وادي رهيو-الجزائر
المشاركات: 75
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا و بارك فيك وأحسن إليك بكل خير و أسدل عليك من نعيم الدنيا و ثواب الأخرة و زادك من كريم منه وفضله
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 Jan 2018, 05:17 PM
أبو معاوية محمد أنور زروقي أبو معاوية محمد أنور زروقي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
الدولة: مدينة سطيف
المشاركات: 64
افتراضي

الله أكبر ،لافض فوك ولا افلح شانئوك شيخنا الحبيب وجزاكم الله خيراً فقد استفدنا العلم والأدب من هذه المقالات شيخنا الغالي،
فجزاكم الله خيراً ونصر بكم السنة وأهلها.
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 Jan 2018, 05:19 PM
أبو عبد الرحمن ياسين الهيص أبو عبد الرحمن ياسين الهيص غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 20
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا وجزاك الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء انت واخوانك العلماء بحق أينما كانوا
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11 Jan 2018, 05:19 PM
أبوعبيد الله عبد الله مسعود أبوعبيد الله عبد الله مسعود غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2016
المشاركات: 76
افتراضي

حاشاك ثم حاشاك شيخنا الجليل أبا عبد الرحمن
ولكن الحق سبحانه يُطمئِنُنا أنه يحمي الحق ويُعليه قائلا:"فأما الزبدُ فيذهبُ جفاءً وأما ما ينفعُ الناس فيمكثُ في الأرض"


-------------------------------------------------

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبيد الله عبد الله مسعود ; 11 Jan 2018 الساعة 05:29 PM
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 Jan 2018, 05:20 PM
نسيم منصري نسيم منصري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
الدولة: ولاية تيزي وزو حرسها الله
المشاركات: 1,038
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا و بارك فيك وفي أنفاسكم وأحسن إليك وأطال عمركم في طاعته و نفع بكم
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11 Jan 2018, 05:23 PM
أبو مصعب يوسف دقيش أبو مصعب يوسف دقيش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
الدولة: سطيف
المشاركات: 7
افتراضي

بارك الله فيكم شيخنا وأحسن إليكم وزادكم من فضله نسأل الله لكم الاعانة والتوفيق والسداد
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11 Jan 2018, 05:24 PM
أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: الجزائر /باتنة /قيقبة
المشاركات: 590
افتراضي

جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, متميز, ردود, عبد المجيد جمعة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013