منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 23 Jul 2016, 01:30 PM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي رفع الخناجر على المدح الفاجر للحاكم الجائر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد يخلط البعض بين الدعاء لولاة الأمور وبين المدح والثناء عليهم.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله في ((شرح حديث لبيك اللهم لبيك)): ((كثيرا ما يمدح من لا يستحق المدح)) اهـ.
فمدح الظلمة ظلم، ليس من السلفية في شيء سوء كانوا حكاما ومحكموين، فكيف بمن يزيد الطين بله فيمدحه كاذبًا.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم)) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
أما الدعاء بخير والصلاح لولاة الأمور - سواء كانوا بررة أم فجرة - فواجب شرعي، وسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أخرج مسلم في ((الصحيح)) عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم)).
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((وقوله: ((ويصلون عليكم وتصلون عليهم)) الصلاة هنا بمعنى الدعاء يعني تدعون لهم ويدعون لكم)) اهـ.
والدعاء لولاة الأمور من النصيحة لهم، فعن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) أخرجه مسلم.
قال الإمام ابن باز رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)): ((أما النصيحة لأئمة المسلمين فبالدعاء لهم والسمع والطاعة لهم في المعروف والتعاون معهم على الخير وترك الشر وعدم الخروج عليهم)) اهـ.
فالدعاء بالخير والصلاح للحاكم وولي الأمر سواء كان برا أم فاجرا من أصول أهل السنة والجماعة، وهذا متقرر عند سلفنا الصالح.
يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: (لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في الإمام(.
والمعنى المراد من هذه الكلمة كما في (( شرح السنة(( للبربهاري: ((إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني، وإذا جعلتُها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد)) اهـ.
من أجل هذا كان الإمام أحمد بن حنبل يقول: ((وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق – أي: الإمام - في الليل والنهار - والتأييد، وأرى ذلك واجباً علي)) أخرجه الخلال في ((السنة)).
أما الثناء الفاجر والمدح الكاذب للحكام وولاة الأمر، لأغراض دنيئة، فهذا ليس من الشرع في شيء.
وهذا الإمام أحمد رحمه الله يعيش في زمن ثلاثة من الخلفاء – المأمون والمعتصم والواثق – وهم الذين فتنوا الناس في دينهم وأظهروا البدعة وامتحنوا الناس في بدعة خلق القرآن، وهو وغيره من أئمة الإسلام يوصون بالصبر والسمع والطاعة، وقد ناله منهم صنوف من العذاب.
ومع هذا لم نسمع أن الإمام أحمد يمدح أو يثني على أحد من هؤلاء الخلفاء.
بل نجد بعض الصحابة - رضوان الله عليهم جميعا – عاشوا تحت حكم الحجاج الظالم ولم نعلم أنهم مدحوه.
قال النووي رحمه الله في ((المجموع شرح المهذب)): ((يكره في الخطبة أشياء ...
ثم قال: ومنها المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم وكذبهم في كثير من ذلك كقولهم السلطان العالم العادل ونحوه)) اهـ.
وقال العلامة عبد الله، بن عبد الرحمن أبو بطين رحمه الله كما في ((الدرر السنية في الكتب النجدية)): ((ما في بعض الخطب، من الثناء والمدح بالكذب. وولي الأمر إنما يدعى له، لا يمدح لاسيما بما ليس فيه؛ وهؤلاء الذين يمدحون في الخطب، هم الذين أماتوا الدين، فمادحهم مخطئ، فليس في الولاة اليوم من يستحق المدح، ولا أن يثنى عليه، وإنما يدعى لهم بالتوفيق والهداية)) اهـ.
وسئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله كما في ((موقعه الرسمي)) ((هل يجوز مدح الإمام أو المبالغة في مدحه أمام الرعية، أم يكفي بأن يأمر الناس بالصبر ولزوم السمع والطاعة وعدم الخروج؟
الجواب: يلزمه الصمت وإذا أردا أنه يبين للناس يبين أن حكم الإسلام طاعة ولاة الأمور والسمع والطاعة لهم ولاة أمور المسلمين والسمع والطاعة لهم بما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم والصبر على ما يحصل منهم من خطأ لا يصل إلى حد الكفر، نعم)) اهـ.
على الرابط التالي:
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14254
وقال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله كما في شريط ((وقفات مع كلمات لابن مسعود -رضي الله عنه-)): ((لكن الدعاء شيء والمدح شيء آخر. المدح لا يجوز؛ لأنه يراد به الدنيا.
وأما الدعاء فيراد به صلاح الدين والدنيا والآخرة، فالدعاء مبعثه أمر شرعي لله.
وأما المدح فلأهله مقاصد مختلفة، ولهذا العلماء يدعون ولا يمدحون مدحاً مطلقاً، قد يثني بعضهم بثناء خاص مقيد لظهور فائدة عمل عمله ولي الأمر؛ لكن هذا على الاستثناء ليس قاعدة مطَّردة يثني لتشجيعه على الخير وترغيبه فيه وحثه عليه.
أما المدح فإنه ليس من صنيع السلف الصالح، وإنما من صنيعهم الدعاء؛ لأن الدعاء مما يرجى به صلاح دينه، وإذا صلح دين ولي الأمر صلح به شيء كثير.((
على الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=Wx6-pns4y1I
وبهذا يتلخص أنه ليس من الإسلام المدح بالكذب لولاة الأمور ويزداد الأمر قبحا إذا كان الحاكم ظالما ويزيد في القبح أذا كان أمامه، وخاصة مَن كان هذا حاله وديدنه.
أخرج مسلم في ((الصحيح)) عن همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثا على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحصباء.
فقال له عثمان: ما شأنك.
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)).
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((المادح هو الذي يسمع منه مرة بعد أخرى لكن المداح كلما جلس عند إنسان كبيرا أو أميرا أو قاضيا أو عالما أو ما أشبه ذلك)) اهـ.
تنبيه:
بعض أهل العلم فصل مسألة المدح فجوز حالات ومنع أخرى.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((هل ينبغي للإنسان أن يمدح أخاه بما هو فيه أو لا وهذا له أحوال:
الحال الأولى: أن يكون في مدحه خير وتشجيع له على الأوصاف الحميدة والأخلاق الفاضلة فهذا لا بأس به لأنه تشجيع تشجيع لصاحبه فإذا رأيت من رجل الكرم والشجاعة وبذل النفس والإحسان إلى الغير فذكرته بما هو فيه أمامه من أجل أن تشجعه وتثبته حتى يستمر على ما هو عليه فهذا حسن وهو داخل في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
والثاني: أن تمدحه لتبين فضله بين الناس وينتشر ويحترمه الناس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أما أبي بكر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث ذات يوم قال: ((من أصبح منكم صائما)) فقال أبو بكر: أنا. فقال: ((من تبع منكم جنازة)) قال أبو بكر: أنا. فقال: ((من عاد اليوم مريضا)) فقال أبو بكر: أنا. وذكر أشياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)). وكذلك لما حدث أنه من جر ثوبه خيلاء لن ينظر الله إليه قال أبو بكر: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي علي إلا أن أتعاهده فقال: ((أنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء)). وقال لعمر: ((إن الشيطان ما سلكت فجا إلا سلك فجا غير فجك)) يعني: إذا سلكت طريقا فإن الشيطان يهرب منه ويذهب إلى طريق آخر كل هذا لبيان فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما هذا لا بأس به.
الثالث: أن يمدح غيره ويغلو في إطرائه ويصفه بما لا يستحق فهذا محرم وهو كذب وخداع مثل أن يذكر رجلا أميرا أو وزيرا أو ما أشبه ذلك ويطريه ويصفه بما ليس فيه من الصفات الحميدة فهذا حرام عليك وهو أيضا ضرر على الممدوح.
الرابع: أن يمدحه بما هو فيه لكن يخشى أن الإنسان الممدوح يغتر بنفسه ويزهو بنفسه ويترفع على غيره فهذا أيضا محرم لا يجوز)) اهـ.
تنبيه آخر:
قد يحمل البعض كلامي هذا من لا يفقه الكلام، أن فيه دعوة للخروج على ولاة الأمر وقد يسبق هذا الفهم السقيم أن قصدي بها خطوة للأمام لتكفير الحكام الذين لا يحكمون بما شرع الله عز وجل أو عندهم ذنوب ومعاص لا تصل إلى حد الكفر.
فتكفير المسلم أمر خطير جدا، فقد زلت فيه أقدام وضلَّت فيه أفهام.
وهذا المقام لا يحسن الوقوف عليه إلا من رسخت قدمه في العلم وعلا كعبه في الفقه.
والسلفية ليس بها الخروج على الحاكم المسلم وإن كان ظالما وفاجرًا ومبتدعًا.
كما أن السلفية ليس بها التزلف للحاكم الجائر بالمدح الفاجر.
فالسلفية وسط بين الغلو والجفاء وبين الإفراط والتفريط.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 15 شوال سنة 1437 هـ
الموافق لـ: 20 يونيو سنة 2016 م

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 Jul 2016, 08:21 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أحمد على هذا المقال المسدد.
وحبذا لو تلطفت في العنوان .
واقترح عليك عنوان : ظبط الحناجر في مدح الحاكم الجائر.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 Jul 2016, 04:30 AM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي

آمين وجزاك الله خيرا أخانا أبا عبد السلام.
واقتراحك ابلغ وطيب بارك الله فيك.
محبكم عزالدين.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05 May 2017, 10:13 PM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06 May 2017, 10:44 AM
نورالدين قاسم نورالدين قاسم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 50
افتراضي

أحسن الله إليك
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06 May 2017, 03:33 PM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي

وفيك بارك الله أخي بلال.
وأحسن الله إليك أخي نورالدين.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, معاملةولاةالأمور

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013