استدّل أهلُ العلم بآية البَاب ـ أي الآيةِ السابِقة ـ على أنّ سُورة الأنعام نزلَت قَبلَ سورة النحل ، قال العلاَّمةُ محمّد الأمين الشَّنقيطي في
(( العذب النَّمير من مجالس الشَنقيطي في التّفسير )) ( 2 / 625ـ 626 ) : " أمّا جُلُّ سورة الأنعام فهيَ نازِلةٌ في مكَّة قَبل الهِجرة بلاَ
خِلاف بين العُلماء ، وهيَ نازِلةٌ قبلَ النَّحل بلا شكّ ، والنحل من القرآن المكِّي على التحقيق ، وقد دلَّ القُرآن في موضعين أنَّ سورة الأنعام
نَزلت قبل سورة النَّحل :
أحدهما : قولُه في سورة النَّحل : ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ ﴾ ( النحل 118 ) ، فهذا المحرَّمُ
المَقصوصُ من قبل المُحالِ عليه هو النَّازِلُ في سورةِ الأنعام بالإجماع في قوله : ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا ﴾ ( الأنعام 146 ) .
الثاني : أنّ الله قالَ في سورةِ الأنعام هَذه : ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا ﴾ ( الأنعام 148 ) ، فبيَّنَ أنَّهُم
سَيقولونَه في المُستقبل بدلالَة حَرف التَّنفيس الذي هوَ السِّين ، ثمَّ بيَّن في سورة النَّحل أنَّ ذلك الموعودَ بهِ في المستقبل وقَع وثبتَ في سورة
النَّحل ، حيثُ قال : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ﴾ ( النحل 45 ) ، فدلَّ على أنّها بعدها " .
من كتاب
من كل سورة فائدة
للشيخ عبد المالك بن أحمد الرمضاني