جزاكم الله خيرا.
وهذا كلام نفيس للعلامة الطاهر بن عاشور -رحمه الله- له علاقة بالموضوع - وقد اقتطعت منه ما وضعته في الموضوع الأصلي، فقال في معرض كلامه عن استمداد علم التفسير في المقدمة الثانية من مقدمات تفسيره "التحرير والتنوير" (21/1) :
"وأما استعمال العرب ، فهو التملي من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وأمثالهم وعوائدهم ومحادثاتهم ، ليحصل بذلك لممارسة المولد ذوق يقوم عنده مقام السليقة والسجية عند العربي القح ، والذوق كيفية للنفس بها تدرك الخواص ، والمزايا التي للكلام البليغ ، قال شيخنا الجد الوزير : وهي ناشئة عن تتبع استعمال البلغاء فتحصل لغير العربي بتتبع موارد الاستعمال والتدبر في الكلام المقطوع ببلوغه غاية البلاغة ، فدعوى معرفة الذوق لا تقبل إلا من الخاصة ، وهو يضعف ويقوى بحسب مثافنة ذلك التدبر اهـ .
ولله دره في قوله " المقطوع ببلوغه غاية البلاغة " المشير إلى وجوب اختيار الممارس لما يطالعه من كلامهم ، وهو الكلام المشهود له بالبلاغة بين أهل هذا الشأن ، نحو المعلقات والحماسة ونحو نهج البلاغة ومقامات الحريري ورسائل بديع الزمان .
قال صاحب المفتاح قبيل الكلام على اعتبارات الإسناد الخبري " ليس من الواجب في صناعته وإن كان المرجع في أصولها وتفاريعها إلى مجرد العقل ، أن يكون الدخيل فيها كالناشئ عليها في استفادة الذوق منها ، فكيف إذا كانت الصناعة مستندة إلى تحكيمات وضعية ، واعتبارات إلفية ، فلا بأس على الدخيل في علم المعاني أن يقلد صاحبه في بعض فتاواه إن فاته الذوق هناك إلى أن يتكامل له على مهل موجبات ذلك الذوق اهـ .
ولذلك أي لإيجاد الذوق أو تكميله لم يكن غنى للمفسر في بعض المواضع من الاستشهاد على المراد في الآية ، ببيت من الشعر ، أو بشيء من كلام العرب لتكميل ما عنده من الذوق ، عند خفاء المعنى ، ولإقناع السامع والمتعلم اللذين لم يكمل لهما الذوق في المشكلات .
وهذا كما قلناه آنفا شيء وراء قواعد علم العربية . وعلم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها ، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن"
التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 15 Apr 2014 الساعة 02:14 PM
|