منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04 Aug 2014, 07:20 AM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي المنهج القويم والطريق المستقيم

بسم الله الرحمن الرحيم



المنهج القويم والطريق المستقيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
كان العرب قبل البعثة ـ بل والناس جميعا إلا بقايا من أهل الكتاب[1] ـ في جاهلية جهلاء وظلمة ظلماء، لا يعلم شدتها وجسامتها إلا رب الأرض والسماء، فكانوا يعبدون مع الله غيره، فيصرفون خالص حقه إلى بعض خلقه، من دعاء وذبح ونذر وخوف ورجاء وغيرها من العبادات التي لا تصلح إلا له سبحانه، فعباداتهم كانت شركية، وأعمالهم بدعية، ومعاملاتهم على الظلم والعدوان مبنية، الشرك صار شعارهم ودثارهم، والقول على الله بلا علم منهجهم وسبيلهم، والإحداث في العبادات شغلهم وديدنهم، والميتة والخبائث أكلهم وطعامهم، والفاحشة والزنا سبيلهم وطريق قضاء وطرهم، وبالعدوان والظلم والربا تكسبهم وتجارتهم، كما أنهم كانوا يقطعون الأرحام ويسيئون الجوار ويعتدون على الضعفاء ويسفكون الدماء، وغير ذلك من الفساد الذي ظهر وانتشر في البشرية جمعاء.
فاشتدت حاجة الناس في ذلك الزمان إلى من يخلصهم من ضلالهم، ويفكهم عن كفرهم وغيهم، فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن أسباب الشقاء والبلاء إلى أسباب السعادة والفرح والسرور، فامتثل أمر ربه وبذل في تحقيق ذلك جهده ووسعه، حتى ظهر دين الله وانتصر، وساد الخير وعم وانتشر*
قال الله تعالى:"لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)" سورة البينة.
قال العلامة السعدي رحمه الله في ( تيسير الكريم الرحمن ):" يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: من اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
{ مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرًا.
{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة"
انتهى.
فلم يمت نبينا صلى الله عليه وسلم إلا والدين قد كمل والنعمة قد تمت قال الله تعالى:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" (من الآية 3 من سورة المائدة).
ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده.
ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى ربى رجالا تركهم من خلفه، يحملون رسالته، ويذبون عن دينه، وينافحون عن سنته، ويحفظون عهده، ويلتزمون نهجه وطريقته، فلم يبدلوا أو يغيروا، ولم يحدثوا أو يبتدعوا، ولم يزيدوا أو ينقصوا، بل كانوا على الصراط المستقيم، والنهج القويم رضي الله عنهم وأرضاهم، وصلى الله على من علمهم ورباهم.
لقد أخرج الله برسوله صلى الله عليه وسلم جيلا هم خير جيل، وطائفة على خير هدي وسبيل، ألا وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، خير الناس على الإطلاق، وأفضل من برأ بعد الأنبياء والمرسلين الملكُ الخلاق، أهل المنزلة التي لا ترام والمرتبة التي لا تطاق.
من أثنى عليهم الله في كتابه، ومدحهم ورغب في إتباع طريقهم النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، وجاءت الوصية باقتفاء آثارهم من بعضهم، وذكر بعض الأئمة الإجماع على وجوب الانتساب إليهم والاستنان بسنتهم.
أهل الإحسان في جنبهم مسيئون، والعباد إذا وزنوا بهم يطيشون، والمنفقون مهما بذلوا عطاءهم لا يبلغون، والمجاهدون بالنسبة إليهم لا يذكرون، والعلماء إذا ذكروا معهم عالة عليهم فيما يقعدون ويؤصلون، حبهم لله صادق، وإتباعهم لنبيهم في كل شؤونه أمر محقق، شعارهم عند شرع الله سمعنا وأطعنا، وعند قدر الله حمدنا وصبرنا، يرغبون في الخير إذا رُغِّبوا، ويرهبون من الله إذا رهبوا، إذا أمرهم الله استجابوا، وإذا نهاهم انتهوا وتجنبوا، عند الدعاء يلبون، وعند المنع يحتسبون، أوصافهم جليلة، وخصالهم نبيلة، ومهما أراد المحب أن يصفهم فلابد أن يقصر في مدحهم والثناء عليهم، ولأجل هذا لا يوجد في الثناء عليهم ومدحهم وبيان علو قدرهم ومنزلتهم وأنه يجب على المسلم إتباعهم والاقتداء بهم أفضل مما جاء في كتاب ربنا سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
بعض ما جاء في كتاب الله من مدحهم والثناء عليهم والترغيب في سلوك سبيلهم:
1- قال الله تعالى:"وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)"سورة التوبة.
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج 4 ص 94 وما بعدها[2] بنوع من الاختصار:
"فوجه الدلالة أن الله أثنى على من اتبعهم، فإن قالوا قولا فاتبعهم متبع عليه قبل أن يعرف صحته فهو متبع لهم، فيجب أن يكون محمودا على ذلك، وأن يستحق الرضوان...." إلى أن قال"... أن الآية قُصد بها مدح السابقين والثناء عليهم، وبيان استحقاقهم أن يكونوا أئمة متبوعين..." إلى أن قال:"... وأما قوله:" بِإِحْسَانٍ" .... لكن الاتباع لهم اسم يدخل فيه كل من وافقهم في الاعتقاد والقول، فلابد مع ذلك أن يكون المتبع محسنا بأداء الفرائض واجتناب المحارم؛ لئلا يقع الاغترار بمجرد الموافقة قولا، وأيضا فلابد أن يحسن المتبع لهم القولَ فيهم، ولا يقدح فيهم، اشترط الله ذلك لعلمه بأن سيكون أقوام ينالون منهم. وهذا مثل قوله تعالى بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار:" وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا" سورة الحشر من الآية 10" إلى أن قال:"..... وأيضا فإنه إذا قيل ( فلان يتبع فلانا، واتَّبع فلانا، وأنا متبع فلانا ) ولم يقيد ذلك بقرينة لفظية ولا حالية فإنه يقتضي اتباعه في كل الأمور التي يتأتى فيها الاتباع؛ لأن من اتبعه في حالٍ وخالفه في أخرى لم يكن وصفه بأنه متبع أولى من وصفه بأنه مخالف؛ ولأن الرضوان حكم تعلق باتباعهم، فيكون الاتباع سببا له؛ لأن الحكم المعلق بما هو مشتق يقتضي أن ما منه الاشتقاقُ سببٌ، وإذا كان اتباعهم سببا للرضوان اقتضى الحكم في جميع موارده، ولا اختصاص للاتباع بحال دون حال.." إلى أن قال:" ... وإذا كان رضوانه إنما هو في اتباعهم، واتباع رضوانه واجب، كان اتباعهم واجبا...".
2- قال الله تعالى:" قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)" سورة البقرة.
فهذه الآية جعلت إيمان الصحابة مع إيمان الرسول صلى الله عليه وسلم ميزانا يوزن به إيمان سائر الخلق، فمن آمن كإيمانهم كان من المهتدين الموفقين ومن ترك الإيمان كإيمانهم وقع في الشقاق المبين وخالف السبيل القويم.
فمن اتبع الصحابة رضي الله عنهم الذين وجه هذا الخطاب إليهم كان مهتديا، وكان طريقه عند الله مرضيا، ومن خالفهم وتنكب صراطهم كان ضالا منحرفا، سالكا طريقا معوجا.
3- قال الله تعالى:" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)" سورة الفتح.
وهذه الآية واضحة الدلالة حتى أنها لا تحتاج لتعليق عليها؛ لشدة وضوحها في الثناء عليهم، وتعديلهم، وبيان مكانتهم وفضلهم، وأن ذلك ليس بقاصر على كتاب الله سبحانه بل هو موجود حتى في الكتب المتقدمة.
4- قال الله تعالى:" قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى" سورة النمل من الآية 59.
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج 4 ص 100:
قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أبي مالك: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
عن ابن عباس: { وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه، رضي الله عنهم.
قلت: والآيات في مدحهم والثناء عليهم وأمر المسلمين بلزوم طريقهم وسبيلهم كثيرة وكثيرة جدا نكتفي بهذا الذي تقدم منها.
أما بالنسبة للأحاديث فسأذكر بعضها إن شاء الله تعالى:
1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته » رواه البخاري ( 2652 ) ومسلم (2533).
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج 4 ص 104:
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير القرون قرنه مطلقا، وذلك يقتضى تقديمهم في كل باب من أبواب الخير.....
2- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله: كأنها موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا ؟ فقال:" عليكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فان كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى.
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج 4 ص 107:
فقرن سنة خلفائه بسنته، وأمر باتباعها كما أمر باتباع سنته، وبالغ في الأمر بها حتى أمر بأن يعض عليها بالنواجذ، وهذا يتناول ما أفتوا به وسنوه للأمة وإن لم يتقدم من نبيهم فيه شيء، وإلا كان ذلك سنته، ويتناول ما أفتى به جميعهم أو أكثرهم أو بعضهم لأنه علق ذلك بما سنه الخلفاء الراشدون، ومعلوم أنهم لم يسنوا ذلك وهم خلفاء في آن واحد، فعلم أن ما سنه كل واحد منهم في وقته فهو من سنة الخلفاء الراشدين.
3- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، فجلسنا، فخرج علينا فقال:"ما زلتم هنا ؟". قلنا: يا رسول الله صلينا معك ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال:" أحسنتم أو أصبتم". قال: ثم رفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء. فقال:" النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء أمرها، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" أخرجه مسلم ( 2531 ).
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج 4 ص 104:
ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النجوم إلى السماء، ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم، وأيضا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم، وحرزا من الشر وأسبابه، فلو جاز أن يخطئوا فيما أفتوا به ويظفر به من بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنة للصحابة وحرزا لهم، وهذا من المحال.
- قلت: والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا، ولكني أكتفي هنا بما أوردت رغبة في الاختصار والله الموفق.
- قال الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه المعنون بـ: ( الكفاية في علم الرواية ):" والأخبار في هذا المعنى تتسع، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم، المطلع على بواطنهم، إلى تعديل أحد من الخلق له، فهم على هذه الصفة إلاّ أن يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل إلاّ قصد المعصية، والخروج من باب التأويل، فيحكم بسقوط العدالة، وقد برأهم الله من ذلك ورفع أقدارهم عنه، على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرنا لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبدا. هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء"

الخلاصة:
ونخلص من هذا الذي تقدم إلى:
أ- أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فطريق الصلاح هو اتباع الكتاب والسنة وعلى فهم سلف الأمة، فالسلف إنما انصلح حالهم باتباعهم لكتاب ربهم وسنة نبيهم وبما فهموه منهما، فمن أراد أن ينصلح حاله فعليه بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن بشرط أن يكون على فهم من نفعهم فهمهم ولم يضرهم، وجمعهم ولم يشتتهم، وأسعدهم ولم يشقهم، ألا وهو فهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
ب- أن كل من طعن في الصحابة وانتقص من قدرهم ليس على الإسلام الصحيح، ولا على الدين الواضح الصريح، ولو تظاهر به، وادعاه لنفسه؛ لأنه لا يمكن أن يكون مسلما من يطعن بل ويكفر من مدحه الله في كتابه، وأثنى عليه في محكم تنزيله، فإن مثل هذا الفعل فيه معارضة عظيمة لله، ومناقضة صريحة لخبر الإله، وهذه المعارضة والمناقضة كما لا يخفى ردة عن الإسلام مستقلة، ومروق عن الدين واضح الدلالة.
- فليس من الإسلام الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتقاص منهم بل ولعنهم وتكفيرهم، لأن ذلك معارض كما تقدم للآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الصحيحة التي جاءت في مدحهم والثناء عليهم.
-ووالله إن الإنسان ليعجب كل العجب كيف يتجرأ الروافض – عليهم من الله ما يستحقون - على الطعن فيهم ومناقبهم الدالة على فضلهم أكثر من أن تحصر، كما أن إيمانهم وبلاءهم في الإسلام أشهر من أن يذكر.
ت- أنه يجب على كل مسلم أن يسير على دربهم، وأن يقتفي أثرهم، وأن يفهم الإسلام على وفق فهمهم، ولذلك فكل فرقة أو طائفة أو حزب أو جماعة فهموا الإسلام كتابا وسنة على خلاف فهمهم فهم منحرفون عن الصراط المستقيم، والدين القويم، بقدر مخالفتهم لهديهم، وبعدهم عن سبيلهم.
ث- أنه ينبغي لمن سلك سبيلهم واقتفى أثرهم أن يعلن به، ويدعو إليه، لأن ذلك حق لا يستحى منه، كيف وقد ذكر شيخ الإسلام الإجماع على ذلك حيث قال رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 4 ص 149:" لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا..." وفي كلام شيخ الإسلام هذا ما يدل على جواز التسمي بالسلفية والانتساب إليها؛ ففيه الرد على كل من ينكر هذه النسبة ويحاول التشغيب على المنتسبين إليها والمتسمين بها.
ج- أنه لا سبيل إلى الصلاح والإصلاح والانتصار على الأعداء إلا بلزوم منهجهم وعدم مخالفتهم في هديهم؛ لأنهم الطائفة الوحيدة من أمة رسول الله التي تحقق الخير على أيديها، وارتفعت رايات الإسلام عالية في زمنها، واندحرت جيوش الكفار في الدنيا بقتالها وجهادها، فمن أراد أن يفلح كفلاحها ويفوز كفوزها ويعزه الله كما أعزها فعليه أن يتبع هديها، ويسير على دربها.
ح- أن طريق الإسلام الصحيح هو ما كان عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، لأنه هو الذي رباهم عليه نبيهم، ولقنهم إياه رسولهم، ومات وهو بسبب تمسكهم به واستقامتهم عليه راض عنهم، فمن أراد أن يتمسك بالإسلام الذي أمرنا به الملك العلام فعليه بطريقهم وسبيلهم، وليحذر كل ما فيه مخالفة لهم وانحراف عن هديهم؛ لأنه ليس من الإسلام الذي بعث به النبي عليه الصلاة والسلام.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتب: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
يوم الأحد:
7 شوال 1435 هـ
03 / 08 / 2014 م





1- عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:" ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان وإن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت: يا رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة قال: استخرجهم كما أخرجوك وأغزهم نغزك وأنفق فسننفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك " رواه مسلم.

[2]- طبعة دار الكتب العلمية ترتيب وضبط محمد عبد السلام إبراهيم.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 05 Aug 2014 الساعة 10:52 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05 Aug 2014, 10:53 AM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله أيها الفاضل على مقالك القويم
فهو من المقالات التي تميز التصفية عن غيرها
فالحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05 Aug 2014, 01:20 PM
ياسين بن أباجي ياسين بن أباجي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 45
إرسال رسالة عبر Skype إلى ياسين بن أباجي
افتراضي

بارك الله فيك أخانا, ونفع الله بما كتبت, وجعله الله في ميزان حسناتنا أجمعين
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05 Aug 2014, 02:27 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل عبد الصمد على مقالك النافع المفيد، والحمد لله أن شرفنا بالانتساب إليهم والسير على نهجهم واقتفاء آثارهم، فنسأله المزيد من فضله وأن يثبتنا إلى يوم نلقاه.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05 Aug 2014, 10:18 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا وثبتنا وإياك على الصراط المستقيم
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06 Aug 2014, 12:18 PM
أبو أمامة حمليلي الجزائري أبو أمامة حمليلي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: مدينة أبي العباس غرب الجزائر
المشاركات: 409
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري
افتراضي

أحسن الله إليكم أخانا الفاضل عبد الصمد ، و قد اشتقنا للقياكم في مدينة بن باديس كما عودتمونا .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 Aug 2014, 10:39 AM
مصباح عنانة مصباح عنانة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: أم البواقي
المشاركات: 220
افتراضي

جزاك الله خيراً ونفع بك أخانا أبا عبد السّلام
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, القويم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013