منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 18 Jul 2011, 04:26 PM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي إبراز الحكم من حديث ( تَدَاعَى عَلَيكُمُ الأُمَم ) الشيخ عبد المجيد جمعة - حفظه الله -



بسم الله الرحمن الرحيم



إبراز الحكم من حديث «تَدَاعَى عَلَيكُمُ الأُمَم»


الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة - حفظه الله -









عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم -: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟! قال: «بَلْ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ». فقال قائل: يا رسول الله! وما الوَهَن؟ قال: «حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ».
أخرجه أبو داود (4299) وأحمد (37/82) بإسناد جيّد.
وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لثوبان: «كَيفَ أَنتَ يَا ثَوبَانُ! إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيكُمُ الأُمَمُ كَتَدَاعِيكُم عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنهُ؟». قال ثوبان: بأبي وأمِّي يا رسول الله! أَمِنْ قلَّةٍ بنا؟ قال: «لاَ؛ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِن يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنُ». قالوا: وما الوهَن يا رسول الله؟! قال: «حُبُّكُمُ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ القِتَالَ».
أخرجه أحمد (14/331). وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/563): «وإسناده جيّد»، كذا قال، وهو من تساهله؛ لأنَّ فيه علتين:
أولاهما:
عبد الصَّمد بن حبيب الأزدي، ضعّفه أحمد والبخاري، وقالا: «ليّن الحديث»؛ وقال يحيى بن معين: «ليس به بأس». كما في «ميزان الاعتدال».
الثانية:
أبوه حبيب بن عبد الله، مجهول كما في «التقريب»؛ لكن يشهد له ما قبله.
والحاصل أنَّ الحديث صحيح بمجموع هذه الطرق والشاهد. وانظر «الصحيحة» (958)، ومقالاً للشيخ الألباني في تخريج الحديثفي «مجلة التمدُّن الإسلامي» (24/421 - 426).
وقد تضمّن هذا الحديث العظيم فوائد جمّة وحِكمًا بليغة، أبرزها فيما يلي:
الأولى:
قوله: «يُوشِكُ»، أوشك من أفعال المقاربة، وهذا يدلّ على قرب وقوع الفعل، ويكون ذلك بعد وفاته – صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ وأمّا في حياته – صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ فإنَّ الله نصره بالرعب، وقذف في قلوب أعدائه الوهن، وإن تداعوا عليه كما في غزوة الخندق. وهذا يتضمّن أنّ هذا الأمّة تكون منصورة ما كانت على عهد النبوة، وذلك بالاستقامة على دينها، والتمسّك بكتاب ربّها وسنّة نبيّها – صلَّى الله عليه وسلَّم -، مهما تحالف عليها أعداؤها. ولهذا لما أخرج هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - الدنيا من قلوبهم، وأحبّوا الموت في سبيل الله تعالى، نصرهم الله سبحانه، ومكّنهم في الأرض، وشتّت شمل عدوهم، ومزّقهم كل ممزّق، وقذف في قلوبهم الرعب.
ويشهد لهذا ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: «لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِم لاَ يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُم حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُم عَلَى ذَلِكَ» رواه مسلم (1924).
الثانية:
وفيه ما كان عليه النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - من الشفقة على أمّته، وخوفه عليها من الفتن، وتحذيره منها، وقد وصفه الله - عزَّ وجلَّ - في كتابه فقال: +عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ_؛ ويشهد له ما رواه عروة بن الزبير أنّ زينب بنت أبي سلمة حدّثته عن أمّ حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش - رضي الله عنهنّ -: «أنّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل عليها فزِعًا يقول: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ! وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها. قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: «نَعَمْ؛ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» متفق عليه.
الثالثة:
وفيه إشارة إلى أنّ من أسباب تسلّط الكفّار على المسلمين، وقوعَ الفتن بين المسلمين، وذلك بالخروج عن أئمّتهم، وتشهير السيوف في وجوهم. قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على حديث «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ»: «المراد بالشرّ ما وقع بعده من قتل عثمان، ثمّ توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في الحديث الآخر»، ثم ذكر حديث ثوبان. انظر «فتح الباري» (13/107).
فالإنكار على الحكّام بالخروج عليهم - بأي وسيلة من وسائل الخروج - أساس كلّ فتنة وشرّ. ومن تأمّل ما يجرى في العالم الإسلامي القديم والحديث من الفتن ما ظهر منها وما بطن، أيقن أنّه بسبب هذا، فإنّه طلب تغيير منكر بهذه الوسائل فتولّد منه ما هو أنكر وأكبر منه.
ثمّ إنّ هؤلاء الكفّار يثيرون هذه الفتن بين المسلمين، ويحمون الوطيس ليبرّروا تدخّلهم العسكري في ديار المسلمين، فيتداعى بعضهم بعضا على قصعتهم ليتقاسموا ثرواتهم، والله المستعان.
الرابعة:
وفيه دلالة على أنّ هؤلاء الكفّار ملّتهم واحدة، وهي تآلفهم وتوحّدهم على المسلمين، لقوله: «تَدَاعَى عَلَيكُمُ الأُمَمُ»، أي بأن يدعو بعضهم بعضا، والتداعي الاجتماع ودعاء البعض بعضا، فهم وإن كانوا مختلفين، وبينهم عداوة شديدة، فإنّهم على محاربة الإسلام وأهله متّفقون، قال تعالى: +وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيْءٍ_، وقال سبحانه: +وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ_.
الخامسة:
وفيه إشارة إلى أنّ هؤلاء الكفّار، قد انطووا على الحقد الدفين والبغض الشديد للمسلمين، ولهذا شبّههم النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - في شراستهم بالأكلة الجياع التي اجتمعت على القصعة، تنهش لحمها من كل جانب.
وإنّ التاريخ ليشهد عليهم ما فعلوه بالمسلمين في الماضي والحاضر من الجرائم العظام، والإبادات الجماعية في مختلف الدول الإسلامية.
السادسة:
وفي إشارة إلى أنّ هؤلاء الكفّار سيحتلّون ديار المسلمين، ويعيثون فيها فسادا، وذلك بكسر شوكتهم، واستباحة بيضتهم، وسلب ممتلكاتهم، والاستلاء على ثرواتهم، لقوله: «كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا».
السابعة:
وفيه من أعلام النبوة، حيث أخبر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أمر غيبي، وهو ما يصيب هذه الأمّة بعد وفاته، فوقع طبق ما أخبر به، فهو دليل قاطع على أنّه – صلَّى الله عليه وسلَّم - يتكلّم بمحض الوحي، قال تعالى: +وَمَا يَنطِقُ عَلَى الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى_، فقد تداعت أمم الكفر على المسلمين، ووقعت أكثر الدول الإسلامية تحت نير الاحتلال، وذاقت منها ألوان العذاب، كما في الحروب الصليبية، واجتياح التتر البلاد الإسلامية، ونحو ذلك. وفي العصر الحديث ظهرت هذه العلامة بصورة أوضح لا تخفى على أحد، حيث تحالف هؤلاء الكفّار - على اختلاف مللهم ونحلهم - على الخلافة الإسلامية فأسقطوها، وقسّموا العالم الإسلامي إلى دويلات متنافرة متناطحة، فسهل عليهم احتلالها، فتقاسموها، وقدّموا فلسطين بعدما مزّقوا الشام شامة الإسلام - إلى اليهود على طبق من ذهب. ولا يزالون متحالفين متداعين على العالم الإسلامي لتمزيقه، ونهب ثرواته، والاستلاء على خيراته، وإلى الله المشتكى.
الثامنة:
وفيه أنّ من أشراط الساعة تداعي الأمم الكافرة على أهل الإسلام.
التاسعة:
وفيه من حسن تعليم النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -، وذلك بضربه الأمثال المحسوسة للتقريب بها المعاني المعقولة، لقوله: «كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، ولقوله: «غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيلِ».
العاشرة:
وفيه الحثّ على ضرب الأمثال والأشباه، وإلحاق النظير بنظيره، لتوضيح المعنى وتقريب المعقول من المحسوس، وقد قال الله تعالى: +وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ_ [العنكبوت: 43]؛ فإنّ هذا من حسن التعليم وأدب العلم، فينبغي على المعلّم أن يبيّن المعاني بالأشياء المحسوسة.
الحادية عشر:
وفيه دلالة على صحّة إثبات القياس في الأحكام، قال الإمام ابن القيم في «إعلام الموقعين» (1/130): «وضرب الأمثال وصرفها في الأنواع المختلفة، وكلّها أقيسة عقلية، ينبّه بها عباده على أنّ حكم الشيء حكم مثله، فإنّ الأمثال كلّها قياسات، يعلم منها حكم الممثل من الممثل به. وقد اشتمل القرآن على بضعة وأربعين مثلا، تتضمّن تشبيه الشيء بنظيره والتسوية بينهما في الحكم».
الثانية عشر:
وفيه من حسن تعليم النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - أيضا، وذلك أنّه يذكر الشيء أولا مجملا، ليستجمع عقول أصحابه، فيصغون إلى ما سيقوله، ثم يفصلّه ويذكر سببه. لقوله: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ...» ثم سكت، فلمّا سأله أصحابه عن سبب التداعي، أجاب بقوله: «بل أنتم يومئذ كثير» وذكر بقية الحديث. وكذا قوله: «وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ» ثم بيّن حقيقة الوهن.
الثالثة عشر:
وفيه بيان حرص الصحابة على العلم، وسؤالهم النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم - ومراجعتهم له، وشدّة خوفهم من الفتن، ومدى صدقهم لنبيّهم – صلَّى الله عليه وسلَّم -، لقولهم: ومن قلّة نحن يومئذ؟.
الرابعة عشر:
وفيه دلالة على أنّ النصر، ليس بكثرة العدد، وقوّة المدد، بل بتأييد الله تعالى وعونه، لقوله: «ومِن قلّة نحن يومئذ»، فبيّن أن سبب التداعى ليست هي قلّة عددكم، لأنّ الله تعالى نصر المسلمين وهم قلّة ذلّة في غزوة بدر ، قال تعالى: +لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُم أَذِلَّةٌ_، وكذا في غزوة الخندق، وقد تحزّب عليهم أعداؤهم. بينما ألحق بهم الهزيمة في غزوة حنين لما اغترّوا بقوّتهم وكثرة عددهم، قال تعالى: +وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم فَلَمْ تُغْنِ عَنكُم مِنَ اللهِ شَيئًا_، وهذه العبرة لأولئك الذين جعلوا معايير النصر هي التكتّلات والتحزّبات والتباهي بكثرة الأتباع.
الخامسة عشر:
فيه إشارة إلى أنّ هذه الأمّة ستكون أكثر الأمم عددًا، ولكن لا تنفعها كثرتها ما لم تتمسّك بدينها.
السادسة عشر:
وفيه استحباب ذكر الحكم وبيان سببه، لقوله: «بَلْ أَنتُمْ كَثِيرٌ...» الحديث.
السابعة عشر:
فيه ذمّ الكثرة، وأنّها ليست ميزانا للانتصار كما تقدم، لقوله: «بَلْ أَنتُم يَومَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُم غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيلِ».
الثامنة عشر:
قوله: «غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيلِ»، الغثاء، هو ما يحمله السيل الجارف من الزَّبَد والوَسَخ وغيره. وفي هذا إشارة إلى تفرّقهم وضعف أحوالهم وقلّة شجاعتهم، ودناءة قدرهم وسفاهة أحلامهم، وأنّهم وإن كانوا أضعاف أضعاف أعدائهم، لا يعبأ الله بكثرتهم، لأنّ الغثاء يذهب جفاء.
وفيه ردّ على الذين يهتمّون بتجميع الناس، وإن اختلفت عقائدهم وتباينت مشاربهم.
وفيه إشارة إلى أنّ هناك قلّة، ينفع الله تعالى بها، وهي الطائفة المنصورة، المتمسّكة بدينها، لأنّ الماء بمخالطة الأرض إذا سال، لا بد من أن يحمل السيل من الغثاء زبدًا عاليًا على وجه السيل، فيقذف الماء الغثاء، ويستقر فيه الماء الذي به النفع، ويدلّ عليه قوله تعالى: +أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا_ إلى قوله: +فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرضِ_.
التاسعة عشر:
وفيه دلالة على أنّ هؤلاء الكفّار من أجبن خلق الله، فإنّهم لا يقاتلون المسلمين إلا جميعا، وأنّهم يهابونهم، وذلك لقوّة إيمانهم وشدّة تعلّقهم بربّهم، قال تعالى: +لَأَنتُم أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لاَ يَفْقَهُونَ_، وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» [متفق عليه من حديث جابر]، فإذا ترك المسلمون أسباب القوّة، وهي الإيمان الصحيح، نزع الله تعالى الرعب من قلوب الكفّار، لقوله: «وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ الْمَهَابَةَ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ».
ففيه العبرة لمن يدعو إلى تجميع الناس وتكتيلهم، قبل تصحيح عقائدهم وتثبيت الإيمان في قلوبهم.
العشرون:
وفيه تقرير لسنّة الله الكونية التي لا تجد لها تبديلا، ولا تجد لها تحويلا، وذلك من حيث ربط الأسباب بمسبّباتها، فإنّ من أخذ بأسباب الوهن والضعف، وهي: حبّ الدنيا وكراهية الموت، نفذت فيه سنّة الله الكونية، ووُكِلَ إلى الدنيا، وبُلِيَ بالوهن والضعف، فمن يهن يسهل الهوان عليه، لقوله: «وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». قالوا: وما الوهن؟ قال:«حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوتِ».
فمن أخذ بأسباب النصر نصره الله، ومن أخذ بأسباب الوهن أهانه الله.
الحادية والعشرون:
وفيه التحذير من الذنوب والمعاصي، وأنّها من أهمّ أسباب تسليط الكفّار على المسلمين.
الثانية والعشرون:
وفيه ذمّ الدنيا والركون إليها، لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»، وهما أمران متلازمان، فإنّ حب الدنيا يلزم كراهية الموت.
الثالثة والعشرون:
وفيه التحذير من التكالب على الدنيا والتنافس فيها، فإنّها من أهمّ أسباب الهزائم التي تلحق بالمسلمين، وإلباسهم لباس الخوف والذلّ والهوان، لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِذَا تَبَايَعْتُم بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُم أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُم بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيكُم ذُلاًّ لاَ يَنزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» [رواه أبو داود (3464) عن ابن عمر، وهو حديث صحيح بطرقه. انظر «الصحيحة» (11)].
فإذا أرادت الأمة الإسلامية أن تنتصر على عدوّها فلتطلّق الدنيا، ولتخرجها من قلبها، فإنّ سلف الأمّة ما انتصروا على أعدائهم إلا لما جعلوا الدنيا في أيديهم، ولم يجعلوها في قلوبهم.
الرابعة والعشرون:
وفيه ذمّ ترك الواجبات كالجهاد، لقوله في الرواية الثانية: «حُبُّكُمُ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ الْقِتَالَ»، وأنّه من أسباب الذلّ والهوان، ويشهد له حديث ابن عمر السابق.
الخامسة والعشرون:
وفيه فضل جهاد الكفّار، وأنّه من أسباب النصر والتمكين، وبقاء عزّة المسلمين.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 19 Jul 2011 الساعة 11:59 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 Jul 2011, 09:09 PM
مهدي بن الحسين
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بارك الله في الشيخ عبد المجيد و بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 Jul 2011, 12:00 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظ الله الشيخ الموقر
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 Jul 2011, 03:32 AM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي

بارك الله فيك و جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 Jul 2011, 02:14 AM
بودراس محمد بودراس محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 28
افتراضي

بارك الله في الشيخ عبد المجيد
و جزاك الله خيرا على هذا النقل
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, تداعى عليكم الأمم, عبدالمجيدجمعة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013