منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31 Dec 2007, 10:20 AM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي بشرى::الطرق الصوفية::مقتطفات من تصدير نشرة جمعية العلماء الجزائريين، بقلم العلاّمة الإبراهيمي

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلقد وفقني الله جلا و علا أن أقرأ رسالة قيمة والتي كانت بعنوان "الطرق الصوفية::مقتطفات من تصدير نشرة جمعية العلماء الجزائريين، بقلم العلاّمة الإبراهيمي " فلأهميتها بحثت عنها في شبكة النت فوجدتها ولله الحمد
العلامة محمد البشير الإبراهيمي
(1306 ـ 1385هـ = 1889 ـ 1965م)
هو محمد بن بشير بن عمر الإبراهيمي ، مجاهد جزائري ، من كبار العلماء . انتُخِبَ رئيساً لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين . وُلِدَ ونَشَأَ بدائرة سطيف (اصطيف) في قبيلة ريغة الشهيرة بأولاد إبراهيم (ابن يحيى بن مساهل) من أعمال قسنطينة ، وتفقّهَ وتأدّب في رحلة إلى المشرق سنة (1911) فأقام في المدينة المنورة إلى سنة 1917 وفي دمشق إلى حوالي 1921 وعاد إلى الجزائر وقد نشطت حركةُ صديقه العلاّمة (عبد الحميد بن محمد بن باديس) وأصبح له نحو ألف تلميذ ، وأنشأ جمعية العلماء سنة 1931 وتولى ابن باديس رئاستها والإبراهيمي النيابة عنه .
ثمّ أُبعِد الشيخ الإبراهيمي من قِبل سلطات الاحتلال الفرنسي إلى صحراء وهران سنة 1940 وبعد أسبوع من وصوله إلى المعتقل توفّي الشيخ ابن باديس ، وقرر رجال الجمعية انتخاب الإبراهيمي لرئاستها . وبقي الشيخ الإبراهيمي سجيناً في معتقل (آفلو) من سنة 1940 إلى 1943 ثمّ أطلق سراحه ، فأنشأَ في عامٍ واحد 73 مدرسة بل كتَّاباً ، وكان الهدف نشر اللغة العربية ؛ وجعل ذلك عن طريق تحفيظ القرآن الكريم ، إبعاداً لتدخل سلطات الاحتلال .
وتهافت الجزائريون على بناء المدارس فزادت على 400 مدرسة . فهال ذلك المستعمر الفرنسي الذي كان يصب كل جهوده في فَرْنَسة وتنصير الشعب الجزائري ؛ فقام باعتقال الشيخ الإبراهيمي وزجِّه في السجن العسكري سنة 1945 ومارس عليه أصناف التعذيب المتوحشة !
وبعد الإفراج عنه قام بجولات في أنحاء الجزائر لتجديد النشاط في إنشاء المدارس والأندية ، بهمّة لا تعرف الكلل ، ثم استقرّ سنة 1952 في القاهرة ، واندلعت الثورة الجزائرية الكبرى سنة 1954 فقام برحلات إلى الهند وغيرها لإمدادها بالمال ، وعاد إلى الجزائر بعد انتصارها ، فلم يجد مجالاً للعمل بسبب تسلّط العلمانيين والاشتراكيين على الحكم ؛ فانزوى إلى أن توفي ، رحمه الله .
وكان من أعضاء المجامع العلمية العربية في القاهرة ودمشق وبغداد ، في ذلك الوقت الذي لا يتمكن من نيل العضوية فيها إلاّ فحول العلماء . والشيخ الإبراهيمي صاحب حسّ أدبي مرهف وذو شاعريّة فيّاضة وله شعرٌ جميل منه "ملحمة" في تاريخ الإسلام والمجتمع الجزائري والاستعمار ، في ستة وثلاثين ألف بيت ما زالت مخطوطة!! وكان مشهوراً بقوة الحافظة حيث كان يحفظ أصول الأدب ككتاب أدب الكاتب ، والبيان والتبيين ، والأمالي للقاري ، وله من العمر أربعة عشرة سنة .
وقد تتلمذ على كبار علماء المغرب والمشرق ! وتخرّج على يديه علماء كبار أيضاً .
وفي إحدى زياراته لدمشق درّس تحت قبة النسر في الجامع الأموي الحديث النبوي ، وانبهر الناس عندما رأوه يروي الأحاديث مسلسلة الإسناد منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانت له مقالات رائقة ينشرها في جريدة البصائر الصادرة عن الجمعية بالجزائر وهو رئيس تحريرها ، فجُمِعت المقالات في كتاب "عيون البصائر" وهو مطبوع . وسيدهش القارئ له من روعة بيان الشيخ وسعة علمه وغزارة مادّته .
والعلاّمة الإبراهيمي من خطباء الارتجال ، المفوّهين ، الذين يغرفون الكلام غرفاً من معين تراث هذه اللغة وأدبها .
وله كتبٌ ما زالت مخطوطة ، منها "شعب الإيمان" في الأخلاق والفضائل ، و"التسمية بالمصدر" و"أسرار الضمائر العربية" و"كاهنة الأوراس" قصة روائية و"نشر الطي من أعمال عبد الحي" ابن عبد الكبير الكتاني ، في نقد سيرته .
وقد خصّه الأستاذ محمد الطاهر فضلاء ، بجزء مستقل من كتابه "أعيان الجزائر" سمّاه ((الإمام الرائد محمد البشير الإبراهيمي )) مطبوع في 225 صفحة . انتهى

" الأعلام " للزركلي 6/54 . بتصرف مع بعض الزيادات .
مقتطفات من تصدير نشرة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بقلم العلاّمة محمد البشير الإبراهيمي
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه مقتطفات باهرات، وكلمات زاكيات، من تصدير العلامة الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي لنشرة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والتي تعرّض فيها للعديد من القضايا التي تمس الدعوة الإسلامية في الجزائر والعالم الإسلامي، واقتصرنا منها على قضيّة الصوفيّة والمتصوّفة، التي أبان فيها أيما بيان، وفتح مستغلقها بأبسط عبارة وأجمل بيان، وشخّص المرض فيها وجعله ظاهراً للعيان، ووصف الدواء الشافي منها لكل إنسان، فلله درّه من طبيب معالج عرف الداء والدواء، ولم يبخل به على الأمّة بل أسرع بوصفه ليغدو رجالها أصحاء.كل ذلك بعبارة جامعة مانعة تدل على سعة الاطلاع وقوة الفهم وإحكام العلم. فيقول رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين و إمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
{
ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين}
آمنت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبسيدنا محمد نبياً ورسولاً........................

لتحميل كلمة العلامة الإبراهيمي تفضل بالضغط هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 13 Nov 2010 الساعة 11:16 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01 Jan 2008, 10:36 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

دفع شبهة ونقض فرية في هذا المقام

سيقول بعض الناس : إن ما ذكرتموه من آثار الطرق السيئة كله صحيح وهو قليل من كثير ؛ ولكن هذه الطرق لم يعترها الفساد والإفساد إلا في القرون الأخيرة ؛ وأنتم ـ معشر المصلحينـ تذهبون في إنكاركم على ما قبل هذه القرون، وتتناولون فيما تكتبون وما تخطبون وما تدرسون ـ المحدثين والقدماء والأصول البعيدة والفروع القريبة ـ حتى بسطتم ألسنتكم بالسوء إلى مقامات وأسماء كانات قبل اليوم كحمام الحرم ولعل خصومكم يكونون أدنى للرجوع إلى الحق لو سكتم لهم عن هذه الأسماء.

لهذا القائل نقول : _ بعد شكره على الاعتراف ببعض الحق ـ غن الجزء الأخير من كلامك مقتبس مما يشنع به علينا خصوم الإصلاح وهو أننا ننبش القبور ولا نحترم الأموات وننكر كرامات الأولياء ومراتبهم (من غوثية وقطبانية) إلى أكاذيب يلفقونها وأراجيف يتناقلونها عنا. فاسمع يا هذا :

إن حجة الإسلام قائمة ، وميزانه منصوب، وآدابه متمثلة في سيرة الصحابة والتابعين ؛ وإننا لا نعرف في الإسلام بعد قرونه الثلاثة الفاضلة ميزة لقديم على مُحْدث ولا لميت على حي ؛ وإنما هو الهدى أو الضلال، والاتباع أو الابتداع ؛ وليست التركة التي ورَّثَناها الإسلام عبارة عن أسماء تطفوا بالشهرة وترسب بالخمول ويقتتل الناس حولها كالأعلام، أو يفتنون بها كالأصنام. وإنما ورَّثَنا الحكمة الأبدية، والأعمال الناشئة عن الإرادة، والعلم المبني على الدليل.

وإن المسلمين غلو في تعظيم بعض الأسماء غلوا منكراً فأدّاهم ذلك الغلو إلى نوع غريب من عبادة الأسماء نعاه القرآن على من قبلنا ليعظنا ويحذرنا ما صنعوا.

وقد عزل عمر خالد بن الوليد وقال خشيت أن يفتتن به الناس.

ونحن حين نحكم على الأشياء نحكم عليها بآثارها. وآثار هذا الغلو في المسلمين كانت الشر المستطير والتفرق الماحق.

ونحن إذ ننكر إنما ننكر الفاسد من الأعمال، والباطل من العقائد، سواء علينا أصدرت من سابق أم من لاحق، ومن حي أم من ميت. لأن الحكم على الأعمال لا على العاملين ؛ وليس صدور العمل الفاسد من سابق بالذي يحدث له حرمة أو يصيره حجة على اللاحقين ؛ بل الحجة لكتاب الله ولسنة رسوله فلا حق في الإسلام إلا ما قام دليله منهما واتضح سبيله من عمل الصحابة والتابعين بهما، أو إجماع العلماء بشرطه على ما يستند عليهما. وبهذا الميزان فأعمال الناس إما حق فيقبل أو باطل فيرد.

وقد روى الثقاة عن الإمام مالك أنه من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد خان الرسالة لأن الله يقول :{اليوم أكملت لكم دينكم.........}الآية فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون ديناً.

وإنكاره على الإمام عبد الرحمن بن مهدي وضعَ الرداء أمامه في الصلاة وعدّه ذلك من الحَدَث معروف. وحكايته مع الرجل الذي سأله عن الإحرام من مسجد المدينة وقال له: إنما هي بضعة أيام أزيدها ؛ واستشهاد الإمام بقوله تعالى: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} كل ذلك معروف مشهور.

* * *

ومع أننا نعلم أن الطرق منتشرة في العالم الإسلامي وأن آثارها فيه متشابهة وإنما هي السبب الأقوى في كثير مما حل به من الأرزاء والنكبات وكثيراً ما كانت مفتاحاًَ لاستعمار ممالكه ؛ فإن حربنا موجهة أولاً وبالذات إلى طرقيّة الشمال الإفريقي وبينها من الوشائج ما يجعلها كالشيء الواحد. فعلى مقدار هؤلاء الذين نعرف جنسهم وفصلهم وفرعهم، وأصلهم، نفصل القول، وإلى هذا الهدف نسدد السهام.

والأمر بيننا وبينهم من يوم شنت الغارة دائرٌ على أحوال وسائر على مراحل ينتقلون بنا من إحداها إلى الأخرى ولا نزال نطاردهم وهم يلتجؤن من ضيّق إلى أضيق إلى الآن.

وذلك أننا لما أنكرنا عليهم باطلهم الذي يرتكبونه باسم الدين ؛ زعموا أن الطريق هي الدين. ولما نقضنا لهم هذه الدعوى تَنَزّلوا فزعموا أن لها حبلاً واصلاً بالدين وسنداً متصلاً بالسلف. ولما بيننا لهم أن الحبل مقطوع وأن السند منقطع، قالوا إن هذه الطرقية مرت عليها قرون ولم ينكرها العلماء، فبينا لهم أن عدم إنكار العلماء الباطل لا يصيره حقاً ؛ ومرور الزمن عليه لا يصيره حقاً. وقلنا لهم إذا كان سلفكم في الطرقية يعملون مثل أعمالكم فهم مبطلون مثلكم. وإذا كانوا على المنهاج الشرعي فليسوا بطرقيين. ونحن نعلم من طريق التاريخ لا من طريق الشهرة العامة أن بعض أصحاب هذه الأسماء الدائرة في عالم التصوف والطرق كانوا على استقامة شرعية وعمل بالسنة ووقوف عند حدود الله، فهم صالحون بالمعنى الشرعي، ولكن الصلاح لم يأتهم من التصوف أو الطرق وإنما هو نتيجة التدين.

وفي مثل هؤلاء الصالحين الشرعيين إنما نختلف في الأسماء فنحن نسميهم صالحي المؤمنين وهم يسمونهم صوفية وأصحاب طرق، فياويلهم ! إن طريقة الإسلام واحدة، فما حاجة المسلمين إلى طرق كثيرة ؟

ثم ما هذا التصوف الذي لا عهد للإسلام الفطري النقي به، إننا لا نقرّه مظهراً من مظاهر الدين، أو مرتبة عليا من مراتبه، ولا نعترف من أسماء هذه المراتب إلا بما في القاموس الديني : النبوة والصدّيقية والصحبة والاتباع، ثم التقوى التي يتفاضل بها المؤمنون، ثم الولاية التي هي أثر التقوى، وإن كنا نقرّه فلسفة روحانية جاءتنا من غير طريق الدين ونرغمها على الخضوع للتحليل الديني.

وهل ضاقت بنا الألفاظ الدينية ذات المفهوم الواضح والدقة العجيبة في تحديد المعاني حتى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة التي يتسع معناها لكل خير ولكل شر ؟!

ويميناً لو كان للمسلمين ـ يوم اتسعت الفتوحات وتكونت (المعامل) الفكرية ببغداد ـ ديوان تفتيش في العواصم ودروب الروم ومنافذ العراق العجمي لكانت هذه الكلمة من (المواد الأولية) المحرمة الدخول..... فقد أصبحت هذه الكلمة التي غفلوا عنها أُمَّاً ولوداً تلد البر والفاجر، ثم تمادى بها الزمن فأصبحت قلعة محصنة تؤوي كل فاسق وكل زنديق وكل ممخرق وكل داعر وكل ساحر وكل لص وكل أفاك أثيم، وانظر طبقات الشعراني وما طبع على غرارها من الكتب، تجد أصناف المحتمين بهذه القلعة ـ وهم ببركة حمايتها ـ طلقاء من قيود الشريعة.

وإن هذه القلعة لهي المعقل الأسمى والملاذ الأحمى لأصحابنا اليوم فكل راقص صوفي، وكل ضارب بالطبل صوفي، وكل عابث بأحكام الله صوفي، وكل ماجن خليع صوفي وكل مسلوب لعقل صوفي، وكل آكل للدنيا بالدين صوفي، وكل ملحد في آيات الله صوفي وهلم سحباً.

أفيجمل بجنود الإصلاح أن يدعوا هذه القلعة تحمي الضلال وتؤويه ؟ أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملة صادقة شعارهم (لا صوفية في الإسلام ) حتى يدكوها دكاً وينسفوها نسفاً ويذروها خاوية على عروشها !

إن احترام الصوامع و الأديرة لأن فيها قوماً فحصوا رؤوسهم وحبسوا نفوسهم، مشروط بما إذا لم تكن مأوى للمقاتلة وإلا زال احترامها.

* * *

والحقيقة أن الطرقيين أرادوا أن يصبغوا طرقهم بالقدسية الدينية فانتحلوا لهل هذه الأباطيل وأعطوها خصائص الدين كلها ؛ ألم تر انهم يعدون الخروج من طريقة ولو إلى طريقة أخرى كالارتداد عن الدين يموت فاعله على سوء الخاتمة. قبّحهم الله. فما هو إلا خروج من ضلالة إمّا إلى هدى وإما إلى ضلالة أشنع.

ولما فضحناهم من هذه النواحي كلها لجأوا إلى العامة يستصرخوها باسم الغيرة على الأوائل......... وإن كثيراً منهم ليعني بالأوائل أباه القريب وجده ؛ وقد كان في هؤلاء الأوائل الذين يعنونهم من ينتحل ظواهر من التدين ؛ وفيهم من يفعل فعل الأبالسة. ونحن أدركنا كثيراً منهم وبلونا أخبارهم فوجدنا ظواهر مموهة على بواطن مشوهة. وأكبر جرحة دينية فيهم عندي إقرارهم لتلك الأماديح الشعرية الملحونة التي كان يقولها فيهم الشعراء المتزلفون وينشدونها بين أيديهم في محافلهم العامة وفيها ما هو الكفر أو دونه الكفر من وصفهم بالتصرف في السموات والأرضين وقدرتهم على الإغناء والإفقار وإدخال الجنة والإنقاذ من النار، دع عنك المبالغات التي قد تغتفر، كل ذلك وهم ساكتون، بل يعجبون لذلك ويطربون ويثيبون المادح علماً منهم أن ذلك المديح دعاية مثمرة تجلب الأتباع وتدر المال، ولو كانوا على شيء من الدين لما رضوا أن يسمعوا تلك الأماديح وهم يعلمون كذبها من أنفسهم ويعلمون أن فيها تضليلاً للعامة وتغريراً بعقائدها، وإن تلك الأماديح المنشورة بين الناس في وطننا هذا هي سر انتشار الطرقية وتغوُّلها فيه، وقد سمعنا الكثير منها ولنا فيها وفيمن قيلت فيه فلسفة خاصة سنفردها بالكتابة في فرصة أخرى إن شاء الله.

وبالجملة فهذا الطراز الطرقي الذي أدركناه من آباء وأبناء يجمعهم قولك طلاب دنيا وعبّاد شهوات، ولو أكلوا أموال الناس بالباطل من غير أن يتخذوا الدين شباكاً لهان أمرهم على الناس ولاتقوهم بما يتقون به اللصوص، ولوَكَلْنَاهم نحن إلى القوانين والوَزَعَة ؛ فأما أن يعبثوا بالدين كل هذا العبث وبما حرم الله من أعراض المسلمين وأحوالهم ثم يريدون أن نسكت عنهم كما سكت العلماء من قبلنا فلا والله ولا كرامة.

ولعل أسخف طور مر على الطرقية في تاريخها هو هذا الطور الأخير فقد أصبح من أحكامها أن شيخ الطريقة لا يلد إلا شيخ طريقة، وهم ـ قطع الله دابرهم ـ لا يعرفون من السنة إلا تناكحوا تناسلوا.. إلخ فكثر نسلهم وكثرت بكثرته (مشايخ الطرق) وأصبح أمر هذه المشيخة لا يتوقف على تربية ولا تسليك ولا إجازة، وإنما يتوقف على قاعدة (خبز الأب للابن ) أو على شيء آخر وهو التولية الحكومية مثل ما نعلم عن مصر وتونس والجزائر من صدور الإرادات السَّنِية والأوامر العلية والمراسيم الحكومية بولاية المشيخة الطرقية، فياللسخرية........

وأغرب من هذا أننا رأينا لأول مرة في تاريخ الطرقية شيخ طريقة بالانتخاب عند الطائفة العليوية المجددة العصرية (المودرن).

* * *

إننا لا نحمل لهؤلاء المشائخ ولا لأولادهم ولا لأحفادهم حقداً ولا نضغن عليهم شيئاً، ولا ننفس عليهم مالاً من الأمة ابتزوه، ولا جاهاً على حسابها أحرزوه، وليس بيننا وبينهم تراتٌ قديمة، ولا ذحولٌ[1]متوارثة، ولا طوائلُ مغرومة، وإنما هو الغضب لله ولدينه وحرماته أنطقنا فقلنا وشننّاها غارة شعواء على الآباء والأبناء مادام هذا الغصن من تلك الشجرة، ولو كنا من الشعريات بسبيل لقلنا مع القائل :

لا أذود الطير عن شجر قد بلوت المرَّ من ثمره.

* * *

[1]
ـ الذَّحْلُ : الثأر والحقد.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 22 Feb 2010 الساعة 10:26 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01 Jan 2008, 10:36 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

موقف العلماء المسلمين من الطرقية

مبدأ جمعية العلماء المسلمين هو الإصلاح الديني بأوسع معانيه، الذي كان يعمل له المصلحون فرادى ؛ وإنما كانوا مسيرين بفكرة لا تستند على نظام، فأصبحوا مسيرين بتلك الفكرة نفسها مستندة على نظام مقرر وبرنامج محرر.

وقد كان حال المصلحين مع الطرق ما علمه القاري من الفصول السابقة.


فلما تأسست جمعية العلماء لم يزيدوا على تلك الحال ولم ينقصوا منها، لأن هؤلاء المصلحين لا يعملون مسالمين ومحاربين إلا عن إيمان وعقيدة، وعقيدتهم في الطرق هي أنها علة العلل في الإفساد ومنبع الشرور، وإن كل ما هو متفشٍّ في الأمة من ابتداع في الدين، وضلال في العقيدة، وجهل بكل شيء وغفلة عن الحياة، وإلحاد في الناشئة، فمنشؤه من الطرق ومرجعه إليها كما علمت بعض ذلك من فصل آثار الطرق السيئة وستعلم بعضه.

فلا يجهلَّن جاهل، ولا يقولن قائل : إن المصلحين شغلوا أوقاتهم بالطرق، واستنفذوا قوتهم في مقاومتها حتى ألهتهم عن كل شيء، وربما كان فيما شُغِلوا عنه ما هو أحق بالاهتمام مما شغلوا به، وهذه نقطة يجب إيضاحها دفعاً للأوهام.

إننا علمنا حق العلم بعد التروي والتثبت ودراسة أحوال الأمة ومناشئ أمراضها ؛ أن هذه الطرق المبتدعة في الإسلام هي سبب تفرق المسلمين لا يستطيع عاقل سلم منها ولم يبتَلَ بأوهامها أن يكابر في هذا أو يدفعه، وعلمنا أنها هي السبب الأكبر في ضلالهم في الدين و الدنيا، ونعلم أن آثارها تختلف في القوة والضعف اختلافاً يسيراً باختلاف الأقطار، ونعلم أنها أظهر آثاراً وأعراضاً وأشنع صوراً ومظاهر في هذا القطر الجزائري والأقطار المرتبطة به ارتباط الجوار القريب منها في غيره، لأنها في هذه الأقطار فروع بعضها من بعض، ونعلم أننا حين نقاومها نقاوم كل شر، وإننا حين نقضي عليها ـ إن شاء الله ـ نقضي على كل باطل ومنكر وضلال، ونعلم زيادة على ذلك أنه لا يتم في الأمة الجزائرية إصلاح في أي فرع من فروع الحياة مع وجود هذه الطرقية المشؤومة ومع مالها من سلطان على الأرواح والأبدان ومع ما فيها من إفساد للعقول وقتل للمواهب.

إن كاتب هذه الأسطر قُدِّر له أن يقيم في الحجاز سنوات عديدة في العهد العثماني ؛ والحجاز معرض الأمم الإسلامية ؛ فرأى أن هذه الطرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام، ورأى أنها تختلف في التعاليم والرسوم والمظاهر كثيراً ولا تختلف في الآثار النفسية إلا قليلا ً، وتجتمع كلها في نقطة واحدة وهي التخدير والإلهاء عن الدين والدنيا.

ولقد ـ والله ـ كنت أرى المسلمين المختلفي الأقطار والأجناس واللغات يجتمعون في حرم رسول الله وفي مهبط الوحي الجامع، فلا أجد بينهم ذلك الأنس الذي كان يجده المسلم حين يلتقي بالمسلم، ولا أقرأ في وجوههم تلك البشاشة التي كانت تسابق الألسنة إلى التحية ؛ فلا أعلل تلك الظاهرة الجافية بتباعد الديار، إذ لو كان الشعور بالأخوة صادقاً صحيحاً لكان بعد الدار أدعى إلى الشوق والحنين في الغيب وإلى كرم اللقاء وبشاشة الوجه في المشهد، ولا أعلله باختلاف اللغات لأن النفوس والوجوه والأسارير لا تحتاج إلى ترجمان.

ولكنني كنت أعلل هذا اللقاء العابس بما أحدثته فينا المفرقات الروحية ـ وهي الطرق والمذاهب ـ من تنافر عظم على الزمان حتى جعل الأخوة أعداءً.

وكم كنت أمتعض حين كنت أرى الحنفي لا يصلي خلف الشافعي، والشافعي لا يصلي خلف المالكي، بل كنت أمتعض لتعدد الأئمة من أصله، ولتعدد الحلق الطرقية التي لا تجمع الناس لمدارسة علم، وإنما تجمعهم لتحكيم وهْمٍ، وأقول في نفسي إذا لم تجتمع قلوبنا في حرم رسول الله على دين الله، فهل ينفعنا اجتماع الأبدان ؟

ونعود إلى موضوعنا فنقول : إن جمعية العلماء لم تنفق أوقاتها كلها ولم توجه قواتها بأجمعها إلى هذه الجهة فقط كما يتوه بعض الواهمين، بل إن للجمعية برنامجاً إصلاحياً عملياً حكيماً، وهي موزعة أعمالها على فصوله، معطية كل فصل ما يستحقه واقفة في كل عمل عند ما يتهيأ لها من وسائله، ويتيسر من أسبابه، ولو لم يتجهم لها الزمن، ولم تصادمها العقبات المتنوعة، ولم تقف في وجهها العوائق المتكررة، لسارت في جميع فروع الإصلاح التي يشملها برنامجها سيراً حثيثاً، ولكنها تحمد الله على تلك المكاره التي شددت من عزائمها وسددت من خطاها، وأكملت من حنكتها، وزادتها ثباتاً في الحق أضعاف ما تحمده على المحابِّ التي تسرّ وقد تغرُّ.

* * *

موقف جمعية العلماء من البدع والمنكرات العامة

وقفت جمعية العلماء المسلمين من البدع العامة والشعائر المستحدثة كبدع المساجد، وبدع الجنائز، وبدع المقابر، وبدع الحج، وبدع الاستسقاء وبدع النذور، كما وقفت من بدع الطرق وضلالات الطرق وقفة المنكر المشتد الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، في وقت استحكمت فيه هذه البدع حتى أصبحت ديناً مستقراً، وعقيدة راسخة، فغيرت بالقول، وأغارت بالفعل، وبينت بالدليل، وقارعت بالحجة، وطبقت بالعمل. وكان في أعمال أعضائها أسوة حسنة للناس ؛ وشعارها في هذا الباب أن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة.

وقد أقرَّ الله عينها بإماتة بدع كثيرة، وإحياء سنن كثيرة، وإنها لترجو ـ بمعونة الله ـ أن تقضي على البقية الباقية من البدع برغم صراخ المبطلين، وعويل المستغلين، وفقها الله وسدد خطاها.

* * *

وإنك لا تبعد إذا قلت إن لِفُشوِّ الخرافات وأضاليل الطرق بين الأمة أثراً كبيراً في فشوِّ الإلحاد بين أبنائها المتعلمين تعلما أوروباوياً، الجاهلين بحقائق دينهم، لأنهم يحملون من الصغر فكرة أن هذه الأضاليل الطرقية هي الدين، وأن أهلها هم حملة الدين، فإذا تقدم بهم العلم والعقل لم يستسغها منهم علم ولا عقل، فأنكروها حقاً وعدلاً، وأنكروا معها الدين ظلماً وجهلاً، وهذه إحدى جنايات الطرقية على الدين.

أرأيت .... إن القضاء على الطرقية قضاء على الإلحاد في بعض معانيه وحسم لبعض أسبابه.

* * *

جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كما هي

نسمع نغمات مختلفة ونقرؤها في بعض الأوقات كلمات مجسمة صادرة من بعض الجهات الإدارية أو الجهات الطرقية تحمل عليها الوسوسة وعدم التبصر في الحقائق من جهة، والتشفي والتشهير من الجهة الأخرى، هذه النغمات هي رمي جمعية العلماء تارة بأنها شيوعية، وتارة بأنها محرَّكة بيد خفية أجنبية، وتارة بأنها تعمل للجامعة الإسلامية أو العربية، أو تعمل لنشر الوهابية، والطرقيون لا تهمهم إلا هذه الكلمة الأخيرة فهي التي تقض مضاجعهم وتحرمهم لذيذ المنام، وحالهم معها على الوجه الذي يقول فيه القائل :

فإذا تنبه رعته وإذا غفا سلت عليه سيوفك الأحلام



وكيف لا يحقدون على هادمة أنصابهم وهازمة أحزابهم ؟ فتراهم لأضغانهم عليها يريدون أن يسبّوها فيسبوننا بها من غير أن يتبينوا حقيقتها أو حقيقتنا والقوم جهال ملْتَخُّون[1]من الجهل وحسبهم هذا......

أما الجهات الإدارية فيهمهما كل شيء، ويعنيها كل شيء، وكل شيء في المنطق الإداري محتمل الوقوع، ولو كان من القضايا التي لا تلازم بين طرفيها، ولو لم تظهر الإدارة في كثير من المواقف بتأييد الطرقية والتحيز لها لقلنا فيما ترمينا به هو حزم السياسة والسلام، وقد اطلعنا على كثير من تقاريرها السرية المتعلقة بنا، فرأينا العجب العجاب، ولسنا نلوم الإدارة على تحريها واحتياطها، وتشددها واشتراطها، بقدر مانلومها على جهل وَزَعَتها وأشراطها، ـ فعجيب والله ومؤلم والله ـ أن تعتمد في التحري علينا وعلى دروسنا ومحاضراتنا رجالاً لا يفقهون فقه اللغة العامية ومغازيها فضلاً عن العربية الفصحى ؛ ونحن قوم لساننا عربي فصيح نصرفه في وجوه القول المختلفة، ونديره على حقائق اللغة ومجازاتها ومترادفاتها ومشتركاتها، ونُسيمه في حكمها وأمثالها وسائر تصاريفها وأحوالها. أفيجوز في حكم الإنصاف أن تؤخذ التقارير عنا من قوم هذا شأنهم ؟ نقول " الجهد" فيفهمون "الجهاد" ونقول " الأساس" فيفهمون " السياسة
"، فإن قالت الإدارة إنهم محلّفون ( كما قال لي كبيرٌ إداري فاوضته في هذا الأمر ) فهي أول من يعلم أن التحليف قد يمنع من الكذب ولكنه لا يمنع أبداً من الجهل باللغة....

سمعنا تلك الكلمات وقرأناها وعلمنا أنها نتائج تقارير سرية تبذل فيها جهود وأموال، وعلمنا المغازي التي ترمي إليها والدوافع التي حملت عليها وفهمنا أنها استنباطات واختلاقات لا قيمة لها لأنه لا وجود لها، وإنما يراد بها التهويل والتضليل ومآرب أخرى ؛كما يهول على الأطفال بالغول وما لا حقيقة له، ونحن قد شببنا عن طوق الطفولة فلم نعر هذه الكلمات التفاتاً، ولا شغلتنا بجواب ولا أصغت منا صاغية، ولا صدتنا عن عمل، ولا أوهنت لنا عزيمة، ولا فلت لنا حدّاً، ولا بالينا بقائليها بالةً.

أما الطرقيون فلعلمنا أنهم رمونا بالكفر فكيف بما دونه ؟ وأما الجهات الأخرى فلعلمنا أن سبيلها الحجة والدليل، فلندعها حتى تقيم الدليل.

ولكن مع هذا كله يجب أن نقول هنا كلمة في حقيقة هذه الجمعية طالما قلناها وهي عملها مترجماً في سطر، ومداها محصوراً في شبر، كما يقال للشمس : هي الشمس، فيكون ظهورها هو علة تعيينها ونورها هو سبب تبيينها.

جمعية العلماء جمعية علمية دينية تهذيبية، فهي بالصفة الأولى تعلم وتدعو إلى العلم وترغب فيه وتعمل على تمكينه في النفوس بوسائل علنية واضحة لا تتستر، وهي بالصفة الثانية تعلّم الدين والعربية لأنهما شيئان متلازمان وتدعو إليهما وترغّب فيهما وتنحو في الدين منحاها الخصوصي وهو الرجوع به إلى نقاوته الأولى وسماحته في عقائده وعباداته، لأن هذا هو معنى الإصلاح الذي أسست لأجله ووقفت نفسها عليه وهي تعمل في هذه الجهة أيضاً بوسائل علنية ظاهرة.

وبمقتضى الصفة الثالثة تدعو إلى مكارم الأخلاق التي حض الدين والعقل عليها لأنها من كمالهما، وتحارب الرذائل الاجتماعية التي قبّح الدين اقترافها وذم مقترفيها ؛ وسلكت في هذه الطريق أيضاً الجادة الواضحة.

وبهذه الصفة تعمل لترقية فكر المسلم بما استطاعت، وترشده إلى الأخذ بأسباب الحياة الزمنية، وتريه ما يتعارض منها مع الدين ومالا يتعارض.

فالجمعية ـ بهذا الوصف الحقيقي لها ـ أداة ممن أدوات الخير والصلاح، وعامل لا يستهان به من عوامل التربية الصالحة والتهذيب النافع، وعون صالح لأولي الأمر على ما يعملون له من هناء وراحة، تشكر أعماله ولا تنكر.

ولئن قالوا : إن هذه الجمعية فرقت الأمة... لنقولن: ومتى كانت هذه الأمة مجتمعة حتى يقال إن الجمعية فرقتها ؟

إن لأمة كانت فرقاً شتى كلها على الباطل والضلال، فجاءت جمعية العلماء فردت تلك الفرق إلى فرقتين، إحداهما على الحق والهدى، هذه هي الحقيقة، لا ما يهذي به قصار النظر صغار العقول .

والجمعية فيما وراء هذا مرتبطة بالعالم الإسلامي أفراداً وشعوباً بما يترابط به المسلمون من حقائق دينهم ومظاهره، وهذه ناحية ارتباط طبيعية ذاتية، وصلة اشتباك روحية فطرية يلتقي عليها المسلمون كلهم في مشارق الأرض ومغاربها، كما يلتقي العقلاء كلهم على معقول واحد من غير أن تتلاقى الأجسام أو تتناقل الأقدام أو تتراسل الأقلام.

وفيما عدا هذا فالجمعية جزائرية محدودة بحدود الجزائر، مربوطة بقانون الجزائر، لأن أعضاءها كلهم من أبناء الجزائر.

فهل فهم الخراصون ؟ لا يسرنا أن يفهموا، ولا يسوؤنا أن يجهلوا أو يتجاهلوا. اهـ







انتهى باختصار من مقدمة نشرة جمعية العلماء في الجزائر، بقلم العلاّمة محمد البشير الإبراهيمي.

[1] ـ التخَّ عليه الأمر : اختلط ، فهو ملْتَخٌّ. ويٌقال : سكرانُ ملتخٌّ : لا يفهم شيئاً لاختلاط عقله.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 22 Feb 2010 الساعة 10:19 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 Feb 2008, 11:12 AM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

يرفع للفائدة
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05 Dec 2009, 10:02 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين و إمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

{ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين}

آمنت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبسيدنا محمد نبياً ورسولاً.

أقسم ما كنت أدري لمَ فاضت نفسي بهذه الآية عندما أخذت القلم لأكتب هذا التصدير لنشرة جمعية العلماء ؟

و لمَ جاشت بهذا الاعتراف الشامل لكليات الإيمان في هذا الوقت ؟

ولكنني بعد أن كتبت الآية وسجلت الاعتراف وضعت القلم ورجعت لنفسي أسألها فيما بيني وبينها :

بأي شعور كانت مغمورة أو أي انفعال كان يساورها حين أَمْلَت على القلم هذه الآية ؛ وحين فاضت بهذا الإقرار الذي لا داعي إليه من مثلها في مثل هذا الوقت ؟ فخفقت خفقاً هي أشبه شيء بلفتة المذعور كأنها تبحث عن هذا الشعور في الماضي المتصل بالحال ؛ وتبَيَّن لي أنها كانت سابحة في جوٍّ من التفكير في حال المسلمين واستعراض ماضيهم السعيد وحاضرهم الشقي ؛ وتلمُّس الأسباب و العلل لهذا الانحطاط المريع، بعد ذلك الارتفاع السريع. وكأنها وقفت بعد ذلك الاستعراض موقف الحيران المدهوش تسأل :

كيف يشقى المسلمون وعندهم القرآن الذي أسعد سلفهم ؟

أم كيف يتفرقون ويضلون وعندهم الكتاب الذي جمع أولهم على التقوى ؟

فلو أنهم اتبعوا القرآن وأقاموا القرآن لمَا سخر منهم الزمان وأنزلهم منزلة الضِّعة والهوان.

ولكن الأولين آمنوا فأمِنوا ؛ واتبعوا فارتفعوا. ونحن... فقد آمنا إيماناً معلولاً، واتّبعنا اتباعاً مدخولاً. وكلٌ يجني عواقب ما زرع.

ثم أدركتْها الرهبة فلجأتْ إلى الابتهال فالتقى اللسان والقلم على هذه الآية :

{ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين}.

* * *
.......... ولكن ما هو القرآن الذي نكرره في كل سطر ؟

أهو هذه (الأحزاب الستون) أو (الأجزاء الثلاثون) التي نحفظها وننفق على حفظها سنوات الطفولة العذبة، وسنوات الشباب الزهر، ثم لا يكون حظنا منه عند هجوم الكِبَر إلا قراءته على الأموات بدريهمات ! واتخاذه جُنّة من الجِنَّة وغير ذلك من الهنات الهينات؟

إن كان هو هذا فلمَ لم يفعل فعله في الأولين ؟ ولِمَ نرى حفّاظه اليوم ـ على كثرتهم ـ أنقى الناس من هذه المعاني التي كان القرآن يفيضها على نفوس حفّاظه بالأمس؟

ونجدهم دائما في أخريات الناس أخلاقاً وأعمالاً حتى أصبحوا هدفاً لسخرية الساخر؛ يتكسبون بالقرآن فلا يجديهم، ويقعون في المزالق فلا يهديهم، مع انهم يقرؤون فيه {إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.

فنعم: إن القرآن هو هذه الأحزاب الستون التي نقرؤها اليوم بألفاظها وحروفها ونقوشها منقولاً بالتواتر القطعي محفوظاً بحفظ الله من كل ما أصاب الكتب السماوية من قبله من النسيان والتبديل وتحريف الكلم عن مواضعه.

كَبُرَ بتواتره عن الإسناد والمسندين، وشهادة المعدلين والمجرحين. قد نَيَّفَ على ثلاثة عشر قرناً ولم يشك المسلمون في حرف منه فضلاً عن كلمة ؛ وفي الأرض عدد حصاها أعداءٌ له يتمنّون بقاصمة الظهر أن لو ينطفي نوره، ويسْتسرّ ظهوره. ويرضخون في سبيل محوه من الأرض بما كسبت الأيدي واحتقبت الخزائن من الأموال، وبما أخرجت بطون النساء من الرجال، وبما أنتجت القرائح من مكر واحتيال، وكيد ومِحال. فلم ينالوا منه نيلاً إلا مِضضاً تنطوي عليه جوانحهم، ووغراً تنكسر عليه صدورهم، وشَجى تنثني عليه لهواتهم، وحقداً تغلي مراجله في نفوسهم. وقد أبقاهم الله وأبقى لهم منه المقيم المقعد وهم بهذه الحال وهو بهذه الحال إلى يومنا هذا.

فلينم المسلمون ملء جفونهم، ولينعموا بالاً من هذه الناحية، وليعلموا أن القرآن أتى من قبلهم.....

ولكن سرَّ القرآن ليس في هذا الحفظ الجاف الذي نحفظه، ولا بهذه التلاوة الشلاء التي نتلوها، وليس من المقاصد التي أنزل لتحقيقها تلاوته على الأموات، ولا اتخاذه مكسبة، والاستشفاء به من الأمراض الجسمانية.

وإنما السر كل السر في تدبره وفهمه، وفي اتباعه والتخلق بأخلاقه. ومن آياته: {كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدَّبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}، ومن آياته :{اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون } { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه } { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها}.

هذه هي الطريقة الواحدة التي اتبعها المسلمون الأولون فسعدوا باتباعها والاستقامة عليها. وهذا هو الإسلام متجلياً في آيات القرآن. دين واحد جاء به نبي واحد عن إلهٍ واحد. وما ظنك بدين تحفّه الوحدة من جميع جهاته؟ أليس حَقيقاً أن يسوق العالم إلى عمل واحد وغاية واحدة واتجاه واحد على السبيل الجامعة من عقائده وآدابه ؟ أليس حقيقاً أن يجمع القلوب التي فرقت بينها الأهواء، والنفوس التي باعدت بينها النَّزَغات، والعقول التي فرّق بينها تفاوتُ الاستعداد ؟

بلى والله إنه لحقيقٌ بكل ذلك.


[ يتبع... ]
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 Dec 2009, 10:58 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي


إن الإسلام في جوهره لأصلاحٌ عام مَنَّ اللهُ به على العالم الإنساني بعد أن طغت عليه غمرة حيوانية عارمة اجتاحت ما فيه من فطرة صالحة ركّبها ربُّ العالمين، وما فيه من أخلاق قيمة وشرائع عادلة قررها الهداة من الأنبياء والمرسلين والحكماء المصلحين، وصحبتها غمرة وثنيّة وقفت في طريق الفكر فعاقته عن التقدم وابتلته بما يشبه الشلل، وقطعت الصلة بين الإنسان وبين خالقه، وعبَّدت بعضَه لبعض ؛ ثم عبّدته للأصنام وعبّدته للأوهام، ولكنَّ اللهَ تداركَهُ برحمته فجاءه بالإسلام بعد أن مدَّت هذه الغمرات مدَّها، وبلغت حدَّها. واستشرف لحالٍ خير من حاله ونور يجلو ظلمته. وكان ذلك النور هو الإسلام.

وكان مستقر الدين من نفوس البشر تتعاوَرُه نزعتان مختلفتان وهما التعطيل المحض والشرك. وكان العالم كله يضطرب بين هاتين النزعتين وقد ملكتا عليه أمره فلا تسلمه المهلكة منها إلاّ الموبقة. ولم يسلم من شرهما حتى الملِّيون الكتابيون. فجاءه الإسلام بالدواء الشافي وهو التوحيد الخالص مؤيداً بالأدلة التي تبتدئ من النفس. وإن نظرة في النفوس حين تتجلى بغرائبها ؛ ونظرة في الآفاق حين تتعرض بعجائبها لتفضيان بصاحبهما إلى اليقين الذي لا شكَّ بعده. وهذا هو ما حُرِمَه البشر قبل نزول القرآن فوقفوا في الطرفين المتناقضين من شرك وتعطيل.
وهذا هو ما دعا إليه القرآن فهداهم به إلى سواء السبيل.

تفرق أهل الكتب السماوية في الدين قبل الإسلام

تلتقي الأديان السماوية في كلمة سواء ومقصد أعلى وهو جمع أهلها على الهدى والحق ليسعدوا في الدنيا ويستعدوا لسعادة الآخرى بهذا جاءت الأديان المعروفة وبهذا نزلت كتبها.

والقرآن الذي هو المهيمن عليها يخبرنا بان كتاب موسى إمام ورحمة وان الله تعالى أنزل التوراة والإنجيل هدى للناس وأنهما جاءا بما جاء به القرآن من الدعوة إلى عبادة إله واحد والرجوع إليه وحده فيما يعلو كسب البشر، ومن بث التآخي بين الناس وعدم استعباد بعضهم للبعض، ومن الأمر بالخير والنهي عن الشر، ويخبرنا أن من وصايا الله الجامعة لتلك الأمم على ألسنة رسلها هي أن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه وأن تلك الأمم لم تحفظ وصية الله فتفرقت في الدين شيعاً وجعلت السبيل الوحيد سبلاً واختلفت في الحق من بعد ما جاءها من العلم والبينات فقامت عليها الحجة وحقت عليها كلمة الله وكان عاقبة أمرها خسراً.
والقرآن يبدئ ويعيد في هذا الباب ويقص علينا من مبادئ بني إسرائيل ومصائرهم ومواردهم ومصادرهم ما فيه مزدجر كل ذلك لنعتبر بأحوالهم ولا نسلك الطريق الذي سلكوا فنهلك كما هلكوا ؛ ولم يأل نبينا صلى الله عليه وسلم أمته نصحاً وإبلاغاً في هذا الباب وكيف لا وقد أنزل عليه ربه { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} فكان أخشى ما يخشاه على أمته أن يدب فيها داء الأمم قبلها فتختلف كما اختلفت وتتفرق في الدين كما تفرقت، وقد وقع ما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم، فتفرقت أمته في الدين ولعن بعضها بعضاً باسم الدين وأكل بعضها مال بعض باسم الدين وانتهكت الأعراض والحرمات باسم الدين واتَّبعت سَنَنَ من قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، ولم تنتفع بتلك العظات البالغة والنذر الصادعة من كلام الله وكلام رسوله حتى حقت عليها الكلمة وصارت إلى أسوأ حال من الخزي والنكال.

ولعل لتلك الأمم الكتابية ما يشبه العذر في المصير الذي صارت إليه لضياع كتبها التي هي منبع الهداية بين التحريف والتبديل والنسيان والتأويل، أما هذه الأمة فإن حبل الله المتين فيها ممدود وباب الفقه فيها مفتوح غير مسدود ووارد منهله العذب غير مخلى ولا مطرود، ولكن تناوله أولهم بالتأويل وآخرهم بالتعطيل حتى اتخذوه مهجوراً وجعلوا تفسيره وفهمه أمراً محظوراً، فحُرِموا ما فيه من شفاء ورحمة وعلو وحكمة وبلاغ وبيان وهدي فرقان ونور وحياة وعصمة ونجاة وباقيات صالحات، فلم يزالوا لاهين بالانتساب الصوري إليه حتى دلتهم حوادث الدهر عليه فاستشعروا وهم بين براثن من السباع البشرية تتخطف وصوالجة من الأمم الغالبة تتلقف غيبة هاديه الذي كان يهيب بالأرواح إلى العز وفقد حاديه الذي كان يسوق النفوس إلى الكرامة واختفاء نوره الذي كان يجلو البصائر ويزيل الغمم، فاقبلوا يتلمسونه، وانثالوا عليه يتحسسونه يرجون منه ما يرجو المدلج الحيران من انبلاج الفجر وراعي السنين الغبر من انهلال القطر ؛ وقد قوى أملنا في رجوعهم إليه وإقبالهم عليه ما نراه من اصطباغ الحركة الإصلاحية الحديثة بالصبغة القرآنية فهي سائرة إلى غايته داعية غليه مرشدة به مستدلة بآياته، به تصول وبه تحارب وعليه تحامي ودونه تنافح، وما الحركة الإصلاحية في يومنا هذا بضئيلة الأثر ولا هي بقليلة الاتباع وإن هذا لموضع الرجاء في رجوع المسلمين إلى القرآن.
[ يتبع... ]
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 Feb 2010, 10:19 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

أي شباب الإسلام : حملة الأمانة ومستودع الآمال وبناة المستقبل وطلائع العهد الجديد خذوها فصيحة صريحة لا تتستر بجلباب ولا تتوارى بحجاب إن علّتكم التي أعيت الأطباء واستعصت على حكمة الحكماء هي من ضعف أخلاقكم ووهن عزائمكم فداووا الأخلاق بالقرآن تصلح وتستقم، وأسُوا العزائم بالقرآن تقوَ وتشتد.


وإن الذي قعد بأمتكم عن الصالحات وأعدها لها في أخريات القافلة هو اختلاف قلوبها وتشتت أهوائها فاجمعوا على القرآن آخرها كما جمع محمد صلى الله عليه وسلم أوّلها ينتج لكم هذا الآخر ما أنتجه ذلك الأول من عزائم شداد وألسنة حداد وهمم كبيرة وعقول نيرة.


وإن أول أمتكم شبيه بآخرها عزوفاً عن الفضائل وانغماساً في الرذائل فلم يزل بها هذا القرآن حتى أخرج من رعاة النعم رعاة النعم وأخرج من خمول الأمية أعلام العلم والحكمة فإن زعم زاعم أن الزمان غير الزمان. فقولوا : ولكن الإنسان هو الإنسان.


وإن هذا القرآن وسع الحياة الأبدية فبينها حتى فهمها الناس واعتقدوها وسعوا لها سعيها فكيف لا يسع حياتكم هذه... ؟


أي شباب الإسلام :إن الأوطان تجمع الأبدان وإن اللغات تجمع الألسنة وإنما التي يجمع الأرواح ويؤلفها ويصل بين نكرات القلوب فيعرفها هو الدين.
فلا تلتمسوا الوحدة في الآفاق الضيقة ولكن التمسوها في الدين والتمسوها من القرآن تجدوا الأفق أوسع، والدار أجمع، والعديد أكثر، والقوى أوفى.

بدء تفرق المسلمين في الدين


أقام سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام واستقاموا على طريقته أتم استقامة ؛ وكانوا يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، لا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل ؛ وكانت أدواتهم لفهم القرآن، روح القران وبيان السنة ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء للدين قد بلغ من نفوسهم غايته وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل.


أدبهم قوله تعالى { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وقوله تعالى {فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول} فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله والى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة.


وكان العلماء هم المرجع الأعلى للعامة في كل مايحزبها من شؤون دينها يرجعون إليهم بلا عصبية ويصدرون عن رأيهم بلا عصبية. وكان العلماء يمثلون الاستخلاف الديني والوراثة النبوية تمام التمثيل يقودون الأمة بالحق إلى الحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولاتأخذهم في الله لومة لائم.


وأول ما نشئ في المجتمع الإسلامي من جراثيم التفرق في الدين الكلام في القدر والخوض في الصفات، وقارن ذلك حدوث الخلاف في الخلافة هل هي شعبة من الدين تفتقر إلى تنصيص من الشارع، أو هي مصلحة دنيوية ترجع إلى اختيار أهل الرأي من الأمة. وقد سبق الخلاف العمليُّ الخلافَ العلمي في هذه المسألة.وهي المعترك الأول الذي اشتجرت فيه الآراء حتى تطرفت بعد أن اشتجرت فيه الرماح حتى تقصفت.كما أنها أول مسألة امتزجت فيها الأنظار الدينية بالأنظار الدنيوية (أو السياسية) كما يقولون اليوم. وفي هذا المعترك نبتت جرثومة التعصب الخبيثة.


ثم توسعت الفتوحات وبسط الإسلام ظله على كثير من الممالك التي كانت لها أثارة من عمران وشيء من سلطان ودانت له كثير من الأمم وفي كل أمة طوائف دخلت في الإسلام وهي تحمل أوزاراً من بقايا ماضيها. وما كادت هذه المجموعات البشرية تمتزج ويفعل الإسلام فيها فعله ؛ حتى ظهرت عليها أعراض التفرق.


فظهر أصحاب المقالات في العقائد وأحدثوا بدعة التأويل الذي هو في الحقيقة تحريف مسمى بغير اسمه. وتوفرت الدواعي لظهور المذاهب الفقهية والمذاهب الكلامية والمذاهب الصوفية في أزمنة متقاربة ؛ وكان لترجمة الفلسفة اليونانية والحكمة الفارسية والهندية أثر قوي في تعدد المذاهب الكلامية والصوفية بما أتت به الأولى من بحث في الإلهيات على الطريقة العقلية الصرفة وبما غذت به المتكلمين من الأنظار المختلفة وأمدتهم به من طرائق الجدل وقوانينه ؛ وهذا هو مبدأ التفرق الحقيقي في الدين، لأن المتكلمين يزعمون أن علومهم هي أساس الإسلام، والصوفية يقولون إن علومهم هي لباب الشريعة وحقيقتها.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 23 Mar 2010 الساعة 12:57 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 Mar 2010, 02:55 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

أما المذاهب الفقهية فحدوثها ضروري وطبيعي مادامت السنة لم تجمع ؛ وبعد جمعها لم تكن وافية بالتنصيص على الوقائع الجزئية، ومتونها وأسانيدها بعد خاضعة للتزكية والتجريح لأنها لم تنقل بطريق التواتر، وما دامت مدارك المجتهدين الذين هم المرجع في هذا الباب متفاوتة بالقوة والضعف في الاستنباط ووجوه القياس وعلله ومادامت الوقائع التي تناط بها الأحكام لا تنضبط ؛ وقد استحدث العمران أنواعاً جديدة من المعاملات الدنيوية لا عهد للإسلام الفطري بها، وصوراً شتى من المعايش ووجوه الكسب لم تكن معروفة، فمن سماحة التشريع الإسلامي ومرونته أن تتناول هذه المستحدثات الجديدة بأنظار جديدة، وتستنبط من أصوله أحكاماً لفروعها. وكل هذا لا حرج فيه وليس داخلاً فيما نشكوه بل نحن أول من يقدر قدر تلك الأنظار الصائبة والمدارك الراقية ويقيمها دليلاً على اتساع التشريع الإسلامي لمصالح الناس، وصلاحيته لجميع الأزمنة وينكر على من سدَّ هذا الباب على الأمة فزهدها في استجماع وسائله. ونحن أول من يقدر قدر أولئك الأئمة العظام الذين هم مفاخر الإسلام.


والمذاهب الفقهية في حد ذاتها ليست هي التي فرقت المسلمين، وليس أصحابها هم الذين ألزموا الناس بها أو فرضوا على الأمة تقليدهم، فحاشاهم من هذا، بل نصحوا وبينوا وبذلوا الجهد في الإبلاغ وحكّموا الدليل ما وجدوا إلى ذلك السبيل، وأتوا بالغرائب في باب الاستنباط والتعليل، والتفريع والتأصيل ؛ ولهم في باب استخراج علل الأحكام، وبناء الفروع على الأصول، وجمع الأشباه بالأشباه، والاحتياط ومراعاة المصالح ما فاقوا به المتشرعين من جميع الأمم.



وإنما الذي نعده في أسباب تفرق المسلمين هو هذه العصبية العمياء التي حدثت بعدهم للمذاهب والتي نعتقد أنهم لو بعثوا من جديد إلى هذا العالم لأنكروها على أتباعهم ومقلدتهم وتبرؤوا إلى الله منهم ومنها لأنها ليست من الدين الذي ائتمنوا عليه ولا من العلم الذي وسَّعوا دائرته، وكيف يرضون هذه العصبية الرعناء ويقرون عليها مقلِّدَتهم ؟! ومن آثارها فيهم جعل كلام غير المعصوم أصلاً وكلام الله ورسوله فرعاً يذكر للتقوية والتأييد إن وافق، فان خالف أُرغم بالتأويل حتى يوافق. وهذا شر ما بلغته العصبية بأهلها. ومن آثارها فيهم معرفة الحق بالرجال ؛ ومن آثارها فيهم اعتبار المخالف في المذهب كالمخالف في الدين يختلف في إمامته ومصاهرته وذكاته وشهادته إلى غير ذلك مما نعد منه ولا نعدده.



وقد طغت شرور العصبية للمذاهب الفقهية في جميع الأقطار الإسلامية، وكان لها أسوأ الأثر في تفريق كلمة المسلمين. وإن في وجه التاريخ الإسلامي منها لندوباً.



أما آثارها في العلوم الإسلامية فإنها لم تمدها إلا بنوع سخيف من الجدل المكابر لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ ولا عاصم من شرور هذه العصبية إلا صرف الناشئة إلى تعليمٍ فقهي يستند على الاستقلال في الاستدلال، وإعدادها لبلوغ مراتب الكمال وعدم التحجير عليها في استخدام مواهبها إلى أقصى حد.
[ يتبع... ]


التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 23 Mar 2010 الساعة 03:10 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 Apr 2010, 04:00 PM
حاتم خضراوي حاتم خضراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: بومرداس
المشاركات: 1,115
إرسال رسالة عبر Skype إلى حاتم خضراوي
افتراضي

جزاك ربي خيرا أخي أبا فوزي.


يرفع..
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 Jun 2010, 03:14 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

وأما المذاهب الكلامية فلم يكن أثرها بالقليل في تفرّق المسلمين وتمزق شملهم ولكنها لما كان موضوعها البحث في وجود الله واثبات صفاته وما يجب له من كمال وما يستحيل عليه من نقص ـ كل ذلك من طريق العقل ـ كانت دائرتها محدودة وكان التعمق فيها من شان الخواص ؛ وقعد بالعامة عن الدخول في معتركها إحساسها بالتقصير في أدواته من جدل وعقليات يحتاج إليها في مقامات المناظرة والحجاج. فليس علم الكلام كعلم التصوف مطية ذلولاً يندفع لركوبها العاجز والحازم. فالتصوف شيء غامض يسعى إليه بوسائل غامضة ؛ ويسهل على كل واحد ادعائه والتلبيس به،فان خاف مدعيه الفضيحة لم يعدم سلاحاً من الجمجمة والرمز وتسمية الأشياء بغير أسمائها، ثم الفزع إلى لزوم السمت والتدرع بالصمت والإعراض عن الخلق والانقطاع والهروب منهم مادام هذا كله معدوداً في التصوف وداخلاً في حدوده. ولا كذلك علم الكلام الذي يفتقر إلى عقل نير وقريحة وقادة وذكاء نافذ ويحتاج منتحله إلى براعة ولسن ومران على المنطق ومقدماته ونتائجه وأقيسته وأشكاله. ولم كل هذه العدد ؟ كل هذه العدد للمناظرات وما تستلزمه من إيراد ودفع وإفحام وإلزام. وأين العامة من هذا كله ؟ لذلك لم يكن لها من حظ هذا العلم إلا معرفة أسماء بعض الفرق والانتصار لها انتصار تقليدياً.
ولذلك كانت آثار التفريق الناشئة عن هذه المذاهب الكلامية قاصرة على طبقات مخصوصة ولم تتغلغل في العامة كما تغلغلت آثار التصوف.
وقد انقرضت تلك الفرق وانقرض بانقراضها سبب جوهري من أسباب التفرق بل مات بموتها شاغل طالما شغل طائفة من خيرة علماء المسلمين ببعضهم وجعل بأسهم بينهم شديداً وألهاهم بما يضر عما ينفع.
تلاشت تلك الفرق ولم تبق إلا أخبار معاركها الجدلية في كتب التاريخ، وإلا آراؤها المدونة في كتبها فتنة للضعفاء وتبصرة للحصفاء، ولم يبق من تلك الأسماء التي كونت قاموساً في الأنساب إلا اسمان يدوران في أفواه العامة وأشباه العامة ويستعملونهما في أغراض عامية وهما :" أهل السنة والمعتزلة ".
ومن المحزن أن دراسة علوم التوحيد حتى في كلياتنا (الراقية) كالأزهر والزيتونة لا تزال جارية على تلك الطرائق وفي تلك الكتب ولا تزال تقرر فيها تلك الآراء ولا تزال تذكر فيها أسماء تلك الفرق التي لم يبق لها وجود، ويستعرض سيدنا المدرس تلك الآراء ثم يدحضها ويقيمها ثم ينقضها، وتقتطع أوقات الطلبة المساكين في ذلك..ويا ضيعة الأعمار.
أما الشبهات التي يوردها كل يوم ملاحدة العصر ومبشروا المسيحية على الإسلام، ويفتنون بها العلماء فضلاً عن العوام فإن كلياتنا (العلمية الدينية) ومدرسيها لا يعيرونها أدنى اهتمام، ولايعمرون بها وقت الطلبة...فياللفضيحة...
وإذا نحن وازنا بين ما أجداه علينا علم الكلام وبين ما خسرناه بسببه وجدنا الخسارة تربو على الربح ؛ فتوحيد الله مقرر في القرآن بأجلى بيان وأكمل برهان، وصفاته لا يطمع طامع أن يأتي في إثباتها بأكمل مما أتى به القرآن وطريقة القرآن في التنزيه أقوم طريقة وقد جرى عليها الصحابة فكانوا أكمل الناس توحيداً مع انهم لا يعرفون الجوهر والعرض وهل يبقى زمانين ؟ ولا الكم ولا الكيف بمعانيها الفلسفية الدقيقة. وعلى هذا فما معنى إضاعة الوقت وإعنات النفس في معرفة هذا العلم المسمى بعلم الكلام ؟
ولو كان هذا العلم المستحدث ذا قواعد طبيعية لا تنقض كقواعد الحساب أو الهندسة مثلاً لخف ما يلقى الناس في تعلمه من عناء ولكننا رأينا تلك القواعد تتهاوى في المناظرات القولية أو القلمية كفقاقيع الماء فلا يكاد يبني الباني حتى ينبري له هادم ينقض ما بنى ويتبر ما علا.
فواأسفاه على تلك الحملات العنيفة التي كانت جهاداً ولكن في غير عدو، ووالهفاه على ذلك النقع المثار وقد انجلى عن غير فتح ولا غنيمة، وواحسرتاه على ذلك الذكاء الذي كانت تكاد تشف له حجب الغيب ؛ ذكاء أبي بكر الباقلاني، وفخر الدين الرازي، وأبي الهذيل، وابن المعلم ؛ وقد ضاع فيما لا تعود على الإسلام منه عائدة، ولا تنحبر له منه فائدة.
وإنك لتطالع تفسير الرازي مثلا فتتلمح من جملته ذكاء يشع وقريحة تتقد وألمعية تكاد تنتزع منك بنات صدرك فتظن أن سيكشف لك عن الجهات المتصلة بنفسك من القرآن ويجلي لك سنن الله في الأنفس والآفاق وإذا بالظن يخيب والفال يكذب إذ ترى تلك القوى مصروفة إلى جهة غير التي تريد، وترى الرجل وقد غُلِب على ذكائه، وجرفته العادة التي تملكته إلى الآراء والعقليات وإثارة الشبهات. وترى ذلك الذهن العاتي يتخبط في مضائق هي دون قدر القرآن ودون قيمة ذلك الذهن حتى ليسف فيزعم لك ـ مثلاً ـ أن أولي العلم في قوله تعالى {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملئكة وأولو العلم قائماً بالقسط} هم أهل الأصول...
ونحن نعتقد أن الرجل وأمثاله من الأذكياء ما أتوا إلا من غرامهم بهذه المباحث الكلامية واستهتارهم[1] فيها. ويميناًَ لو أن تلك الجهود التي تفرقت على الكلام تألفت على جهة عقلية أخرى لفتحت في العم فتحاً أغر زاهراً ولتعجلت به الفخر بالإسلام وأهله.
أما المذاهب الصوفية فهي أبعد أثراً في تشويه حقائق الدين وأشد منافاة لروحه وأقوى تأثيراً في تفريق كلمة المسلمين لأنها ترجع في أصلها إلى نزعة غامضة مبهمة تسترت في أول أمرها بالانقطاع للعبادة والتجرد من الأسباب والعزوف عن اللذات الجسدية والتظاهر بالخصوصية. وكانت تأخذ منتحليها بشيء من مظاهر المسيحية وهو التسليم المطلق وشيء من مظاهر البرهمية وهو تعذيب الجسد وإرهاقه توصلاً إلى كمال الروح زعموا. وأين هذا كله من روح الإسلام وهدي الإسلام ؟ ولم يتبين الناس خيرها من شرها لما كان يسودها من التكتم والاحتراس حتى جرت على ألسنة بعض منتحليها كلمات كانت ترجمة لبعض ما تحمل من أوزار ؛ فراب أئمة الدين أمرها، وانفتحت أعين حراس الشريعة فوقفوا لها بالمرصاد، فلاذ منتحلوها بفروق مبتدعة يريدون أن يثبتوا بها خصوصيتهم؛ كالظاهر والباطن والحقيقة والشريعة إلى ألفاظ أخرى من هذا القبيل لا تخرج في فحواها عن جعل الدين الواحد دينين.
وما كاد السيف الذي سل على الحلاج وصرعى مخرقته يُغمَد ويوقن القوم أنهم أصبحوا بمنجاة من فتكاته حتى أجمعوا أمرهم وأبدوا للناس بعض مكنونات أسرارهم ملفوفة في أغشية جميلة من الألفاظ، ومحفوفة بظواهر مقبولة من الأعمال.
وحاولوا أن يصلوا نحلتهم تلك، بعُجرها وبُجَرها، بصاحب الشريعة أو بأحد أصحابه فلم يفلحوا وافتضحت حيلتهم وانقطع الحبل من أيديهم فرجعوا إلى ادعاء الكشف وخرق الحجب والاطلاع على ما وراء الحس إلى آخر تلك (القائمة) التي لا زلت تسمعها حتى من أفواه العامة وتجدها في معتقداتهم.
ثم أَمِرَ أمْرُ هذه الصوفية وتقوّت على الزمن والتقت مع الباطنية وغيرها من الجمعيات التي تبني أمرها على التستر على طبيعة دسّاسة وعرق نزّاع ومزاج متحدّ، واختلطت تعاليم هذه بتعاليم تلك وتشابهت الاصطلاحات وابتلي المسلمون من هذه النحل بالداء العضال..
وقد اتسع صدرها بعد أن تعددت مذاهبها، واختلفت مشاربها في القرون الوسطى والأخيرة من تاريخ الإسلام فانضوى تحت لوائها كل ذي دخيلة سيئة وعقيدة رديئة حتى أصبح التصوف حيلة كل محتال، وحيلة كل دجال. وإن هذه الطرق المنتشرة بين المسلمين والتي تربو على المذاهب الفقهية عداً،كلها ـ على ما بينها من تباين الأوضاع واختلاف الطباع وتنافر الأتباع ـ تنتسبُ إلى هذا التصوف، ولكنه انتساب صوري اسمي، وشتان ما بين الفرع وأصله.
فمبنى التصوف في أغلب مظاهره- كما أسلفنا- على الانقطاع والزهد في الدنيا والتجرد والتقشف ورياضة النفس على المشاق وفطمها عن الشهوات، ومبنى هذه الطرق في ظاهر أمرها وباطنه على حيوانية شرهة لا تقف عند حد في التمتع بالشهوات والانهماك في اللذائذ واحتجان الأموال من طريق الحرام والحلال واصطياد الجاه وحب الظهور والاختلاط بأهل الجاه وإيثارهم والتزلف إليهم.


[1] ـ استهتر بالشيء : أولع به واهتم به.


[ يتبع... ]

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 01 Jul 2010, 10:50 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي



أحسنت أخي الفاضل
واصل وصلك الله بحبله .
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01 Jul 2010, 07:13 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

بارك الله فيك أخي العزيز خليل....
و نحن لازلنا ننتظر ما دبجته يداك أخي الحبيب...
محبك يوسف ....
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13 Nov 2010, 11:26 AM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي


آثار الطرق السيئة في المسلمين

خذ ماتراه ودع شيئاً سمعت به [1]........

ليعذرنا الشاعر الميت أو أنصاره من الأحياء إذا استعملنا مصراع بيته في ضد قصده، فهو يريد أن المشهود، أكمل من المفقود، ونحن نريد العكس ؛

فإن أبوا أن يعذرونا احتججنا بأن الشاعر المرحوم هو الذي جنى على مصراعه ؛ فقد أرسله مثلاً وهو يعلم أن الأمثال " كالكومينال " إرثٌ مشاع، وقِصاع بين جياع ؛ تتناهب وتتواهب.


ولم كل هذا الصراع على مصراع


وأمثال قومي في البلاد كثير ؟...........


ومع ذلك فلم يحضرني منها الآن إلا كل قبيح اللفظ فأنا متمسك بحجتي في المصراع برغم أنف الشاعر ورغم أنوف أنصاره خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به........


والمقصود واضح فإن قارئ هذا العنوان ربما تحلب ريقه طمعاً في أن ننقل له الغابر من الأخبار، والمدون في الأسفار من هذه الآثار، فتقاضانا الكسل من جهة والحرص على تعجيل النفع له من أخرى أن نحيله على ما يراه مع مطلع كل شمس من هذه الآثار السيئة التي شتتت شمل المسلمين وفرقت كلمتهم وفككت روابطهم وتركتهم أضحوكة الأمم وسخرية الأجيال بعد أن أفسدت فطرتهم وأقفرت نفوسهم من معاني الخير والرجولة.


فإذا تأمل ملياً وجد في الشهود مايغنيه عن التطلع للماضي المسموع واستفاد في آن واحد عبرة الحاضر وعظة المستقبل ؛ وكفانا مؤونة الإفاضة والاستقصاء، لأنه يعلم من الدراسة اليسيرة لهذا الحاضر المشهود أن كل ما يراه في المسلمين من جمود وغفلة وتناكر وقعود عن الصالحات ومسارعة في المهلكات فمرده إلى الطرق ومأتاه مباشرة أو بواسطة منها فلا كانت هذه الطرق ولا كان من طرَّقها للناس.


ومن مكرها الكُبَّار أن تعمد إلى العلماء وهم ألْسِنة الإسلام المنافحة عنه فترميها بالشلل والخرس، وتصرفها في غير ما خلقت له. فقد ابتلت هذه الطرق علماءَ الأمة في القديم بوساوسها وأوهامها حتى سكتوا لها عن باطلها ثم لم تكتف منهم بالسكوت بل تقاضتهم الإقرار لها والتنويه[2] والتمجيد ؛ وابتلتهم في الحديث بدريهماتها ولقمها حتى زادوا على السكوت والإقرار، الاتّباع والانتساب، والوقوف بالأعتاب، حتى أصبحنا نرى العالم المؤلف يعرِّف نفسه للناس في صدر تأليفه بمثل قوله : فلان المالكي مذهباً، الأشعري عقيدة، التيجاني طريقة !


وفي وقتنا هذا بلغ الحال بالطرق أنها أذلّت العلماء إذلالاً و استعبدتهم استعباداً، ولم ترض منهم بما رضيَه سلفها من سلفهم من حفظ الرسم واللقب وإبقاء السمة والمكانة بين العامة، بل أغرت العامة بتحقيرهم وإذلالهم.


[1] ـ صدر بيت لأبي الطيب المتنبي وعجزه :

وفي طلعة البدر ما يغنيك عن زحل


[2] ـ نوّه بالشيء : أشاد به ومدحه.


[ يتبع... ]
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, محمدالبشيرالإبراهيمي, الصوفية, دعوة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأدلّة النقلية على أنّ دعوة جمعية العلماء الجزائريين كانت دعوة سلفية بشير ابو عبد الرحمن الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 6 15 Mar 2008 08:23 AM
كلمات منيرة من مشايخ جمعية العلماء الجزائريين السلفية أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 18 Jan 2008 05:13 PM
بشرى للسلفيين الجزائريين فقط خدمة جديدة للأنترنت في الجزائر معبدندير مــــنـــتــدى الـكـمـبـيـوتـر والإنترنــــــــت 18 12 Jan 2008 10:33 PM
دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها أبو تميم يوسف الخميسي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 03 Jan 2008 05:23 PM
منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .. عبدالكريم الجزائري الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 5 29 Oct 2007 09:00 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013