منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 11 Jun 2014, 02:19 PM
أبو عبد الكريم نبيل بن عدان أبو عبد الكريم نبيل بن عدان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 4
افتراضي الغيــرة: أنواعها و ضوابط ذلك

الغـــيرة
نواعها و ضوابط ذلك
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فقال الله تعالى:{قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن و الإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} الأعراف 33 .
و عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه , و ليس أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش" (البخا
ري 4634 و مسلم 2760 ).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إن الله يغار ،
و المؤمن يغار فغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه"
. (البخاري 5223 و مسلم 2761).
و عنه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"المؤمن يغار والله أشد غيرة". ( مسلم 2761 )
فدلت هذه الأحاديث وغيرها مما في معناها على أمور:
ـ منها إثبات صفة الغيرة لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وهو قول أهل
السنة والجماعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان صفة الغيرة و إثباتها لله عز وجل: "ونحن نعلم بالاضطرار أنا إذا قدَّرنا موجودين أحدهما عنده قوة يدفع به الفساد و الآخر لا فرق عنده بين الصلاح والفساد كان الذي عنده تلك القوة أكمل، ولهذا يذم من لا غيرة له على الفواحش كالديوث، ويذم من لا حمية له يدفع بها الظلم عن المظلومين، ويمدح الذي له غيرة يدفع بها الفواحش و حمية يدفع بها الظلم، ويعلم أنَّ هذا أكمل من ذلك، ولهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم الربَّ بالأكملية في ذلك فقال في الحديث الصحيح :”لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها"، و قال:” أتعجبون من غيرة سعد ؟ أنا أغير منه و الله أغير مني"اهـ ( مجموع الفتاوى 2/ 119 -120 ) .
ـ و منها إثباتها للمؤمن، و أصل الغيرة يدل على صلاح و إصلاح و منفعة، ذكر نحوه ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (2/404)، ومعلوم أن العرب أغير من غيرهم، قال الآلوسي - رحمه الله - : :لأنهم كانوا أشدَّ الناس حاجة إلى حفظ الأنساب، ولذلك اعتنوا بضبطها غاية الاعتناء، لما امتنعوا عن سلطان يقهرهم و يكف الأذى عنهم ليكونوا به متظافرين على من ناوأهم متناصرين على من شاقهم و عاداهم، حتى بلغوا بألفة الأنساب تناصرهم على القوي و تحكموا به حكم المتسلط المتشطط، فإنَّ الرحم إذا تماست تعاطفت، والغيرة أساس ذلك، ومنها ينشأ ضبط الأنساب وحفظها كما لا يخفى، فإنها ثوران الغضب حماية على إكرام الحرم، وجعل الله سبحانه هذه القوة في الإنسان سبباً لصيانة الماء وحفظ الأنساب، ولذلك قيل: كل أمَّة وُضعت الغيرة في رجالها وُضعت الصيانة في نسائها" اهـ (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب 1/ 104)، و هذا مشاهد معلوم.

و إذ قد بلغ بنا المقام هذا فلا مناص من تأصيل مع شيء من التَّفصيل:
قال ابن القيم- رحمه الله - : :الغيرة نوعان: غيرة من الشيء و غيرة على الشيء، والغيرة من الشيء هي كراهة مزاحمته و مشاركته لك في محبوبك، والغيرة على الشيء هي شدَّة حرصك على المحبوب أن يفوز به غيرك أو يشاركك في الفوز به. اهـ (مدارج السالكين 3/36 ).

و تنقسم بالنَّظر إلى المتصف بها أيضا إلى قسمين: غيرة الحق تعالى على عبده، وغيرة العبد لربه لا عليه، قال ابن القيم - رحمه الله - : "فأما غيرة الرب على عبده فهي أن لا يجعله للخلق عبدا بل يتخذه لنفسه عبدا، فلا يجعل له فيه شركاء متشاكسون بل يفرده لنفسه و يضن به على غيره و هذه أعلى الغيرتين". اهـ (مدارج السالكين 3/36).
و أما غيرة العبد لربه فتنقسم باعتبار متعلقها إلى نوعين هما كما قال ابن القيم-رحمه الله-: "غيرة من نفسه و غيرة من غيره، فالتي من نفسه أن لا يجعل شيئا من أعماله و أقواله و أحواله و أوقاته و أنفاسه لغير ربه، والتي من غيره أن يغضب لمحارمه إذا انتهكها المنتهكون و لحقوقه إذا تهاون بها المتهاونون.اهـ (مدارج السالكين 3 /36 ).
وههنا تنبيه مهم و هو أن غيرة العبد على الله من أبطل الباطل و أعظم الجهل وربما أدت بصاحبها إلى معاداته و هو لا يشعر، و إلى انسلاخه من أصل الدين والإسلام، وربما كان صاحب شرا على السَّالكين إلى الله من قطَّاع الطرق، بل هو من قطاع طريق السالكين حقيقة، وأخرج قطع الطريق في قالب الغيرة، وأين هذا من الغيرة لله التي توجب تعظيم حقوقه و تصفية أعماله وأحواله لله؟ فالعارف يغار لله والجاهل يغار على الله. اهـ ( مدارج السالكين 3/36 ).

لطيفة: قال ابن القيم - رحمه الله - : ”و غيرة العبد من نفسه أهم من غيرته من غيره، فإنَّك إن غرت من نفسك صحَّت لك غيرتك لله من غيرك، وإذا غرت له من غيرك ولم تغر من نفسك فالغيرة مدخولة معلولة ولابد، فتأملها وحقِّق النظر فيها" اهـ ( مدارج السالكين 3/36 ).

وتنقسم الغيرة أيضا باعتبار تعلق المدح بها و الذم إلى غيرة ممدوحة و غيرة مذمومة:
فعن جابر بن عتيك مرفوعا :"إن من الغيرة ما يحب لله ومن الغيرة ما يبغض الله ومن الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة". (رواه أحمد و أبو داود والنسائي وحسنه الألباني في الإرواء برقم 1999).
و الحديث خاص بما يكون من الغيرة بين الزوجين فتكون محمودة في الشرع إذا كان ثَّم ريبة وإلا فهو فاقد لها و هذه من الدياثة، وتكون مذمومة إذا لم يكن ريبة، فما أحوجنا إلى ضبط ذلك فقد انجر بسببه مفاسد فإلى الله المشتكى!

هذا، ولما كان البحث في الغيرة يتطلب أوسع مما سطرت و أبسط مما زبرت، وكل
ذلك لست من فرسانه لقلت بضاعتي و ضآلة زادي لكن حسب كل امرئ ما أطاقه، فمن رأى فيه نقصا أكمله، ومن رأى به خللا أصلحه، و الله الكفيل بأن يثيبه على ذلك.
وصلَّى الله وسلَّم على محمد وآله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


كتبه : أبو عبد الكريم نبيل محمد بن عدان
.
بلعباس في 2 شعبان 1345 هجري، الموافق لـ : 31 مايو 2014 نصراني.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 12 Jun 2014 الساعة 09:01 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 Jun 2014, 02:38 PM
أبو أمامة حمليلي الجزائري أبو أمامة حمليلي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: مدينة أبي العباس غرب الجزائر
المشاركات: 409
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو أمامة حمليلي الجزائري
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
مرحبا بك أخي الفاضل أبو عبد الكريم في هذا المنتدى الطيب ، مفيدا و مستفيدا .
نسأل الله أن يجعلك مفتاح خير مغلاق شر .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 Jun 2014, 04:06 PM
أبو يونس دراوي لعرج أبو يونس دراوي لعرج غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 153
افتراضي

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
فرحت بمشاركتك أخي أبا عبد الكريم
أسأل الله جل وعلا أيوفقك لخير الدنيا و الآخرة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12 Jun 2014, 09:02 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا الكريم على هذه المقالة المتميِّزة.
أسأل الله أن يوفقها لأمثالها وأزيد.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, أخلاق, تزكية, غيرة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013