منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 01 Nov 2016, 06:29 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تحف العناية بكتاب "البداية والنهاية" (13)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعدُ:

فهذه هي الحلقة الثالثة عشرة من سلسلة «خزانة تحف العناية بكتاب "البداية والنهاية"»، أستأنفها بحول الله وقوَّته مستمدًّا توفيقه وإعانته، وأولها:

· فائدةٌ في ضبط حديث وبيان اختيار شيخه المزِّي رحمه الله في ذلك

«روى الإمام مسلم من حديث الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الشَّيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا. فيقول إبليس: لا والله، ما صنعت شيئا. ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله. قال: فيقربه ويدنيه ويلتزمه، ويقول: نعم أنت».

يروى بفتح النُّون بمعنى: نَعَم أنت ذاك الذي تستحقُّ الإكرام.

وبكسرها أي: نِعْمَ منك.

وقد استدلَّ به بعض النُّحاة على جواز كون فاعل نِعْمَ مضمرًا، وهو قليلٌ؛ واختار شيخنا الحافظ أبو الحجاج الأوَّلَ، ورجَّحه، ووجَّهه بما ذكرناه، والله أعلم».[1/ 138]

· اختيار الحافظ رحمه الله في تعليل النَّهي عن الجلوس بين الظِّلِّ والشَّمس

«في "السُّنن" أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس بين الشمس والظل، وقال: «إنه مجلس الشيطان».

وقد ذكروا في هذا معاني; من أحسنها:

أنَّه لما كان الجلوس في مثل هذا الموضع فيه تشويه بالخلقة فيما يرى كان يحبه الشيطان لأنَّ خلقته في نفسه مشوَّهة وهذا مستقرٌّ في الأذهان، ولهذا قال تعالى: ﴿طلعها كأنه رءوس الشياطين﴾[الصافات: 65]...فإنَّ النُّفوس مغروزٌ فيها قبح الشَّياطين، وحسن خلق الملائكة، وإن لم يشاهدوا، ولهذا قال تعالى: ﴿طلعها كأنه رءوس الشياطين﴾[الصافات: 65]، وقال النسوة لما شاهدن جمال يوسف: ﴿حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم﴾[يوسف: 31]».[1/ 146]

· ثناؤه على كتاب "مكائد الشَّيطان" لابن أبي الدنيا رحمه الله

«قد قال تعالى: ﴿إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير﴾[فاطر: 6].

فالشيطان لا يألو الإنسان خبالا جهده وطاقته في جميع أحواله وحركاته وسكناته، كما صنف الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا رحمه الله كتابا في ذلك سماه "مصائد الشيطان" وفيه فوائد جمَّة».[1/ 151]

· أربع تشريفاتٍ لآدم عليه السَّلام واجتماعها في حديثين

«...فهذه أربعُ تشريفات:

1. خلقه له بيده الكريمة.

2. ونفخه فيه من روحه.

3. وأمره الملائكة بالسجود له.

4. وتعليمه أسماء الأشياء.

ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى، وتناظرا، كما سيأتي: «أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء». وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة».[1/ 168]

قلتُ: وقد وردت مفرَّقة في كتاب الله تعالى في مواضع كما ذكرها الحافظ –رحمه الله- قبل حصره لها؛ قال تعالى: ﴿فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين﴾[الحجر: 29] وفيها الثلاث الأول، وقوله تعالى: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾[البقرة: 31] وهي الرَّابعة.

· الخلافُ في الملائكة المأمورين بالسُّجود وترجيح الحافظ رحمه الله

«قد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم، أهم "جميع الملائكة" كما دل عليه عموم الآيات، وهو قول الجمهور، أو المراد بهم "ملائكة الأرض" كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك، عن ابن عباس، وفيه انقطاع، وفي السِّياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجَّحه، ولكن الأظهر من السِّياقات الأول، ويدل عليه الحديث: «وأسجد له ملائكته» وهذا عموم أيضا، والله أعلم».[1/ 172]

· التَّحقيق في مسألة احتجاج آدم موسى عليهما السَّلام والردُّ على القدرية والجبرية

«قد اختلفت مسالك النَّاس في هذا الحديث:

- فردَّه قوم من القدرية لما تضمَّن من إثبات القدر السَّابق.

- واحتجَّ به قوم من الجبرية، وهو ظاهرٌ لهم بادي الرأي; حيث قال: «فحج آدم موسى» لما احتج عليه بتقديم كتابه، وسيأتي الجواب، عن هذا.

- وقال آخرون: إنَّما حجَّه لأنَّه لامه على ذنب قد تاب منه، والتَّائب من الذنب كمن لا ذنب له.

- وقيل: إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم.

- وقيل: لأنه أبوه.

- وقيل: لأنهما في شريعتين متغايرتين.

- وقيل: لأنهما في دار البرزخ، وقد انقطع التَّكليف فيما يزعمونه.

والتَّحقيق: إنَّ هذا الحديث روي بألفاظ كثيرة بعضها مرويٌّ بالمعنى وفيه نظر، ومدارُ معظمها في "الصحيحين" وغيرهما على أنَّه لامَه على إخراجِه نفسَه وذريته من الجنَّة. فقال له آدم: أنا لم أخرجكم، وإنَّما أخرجكم الذي رتب الإخراج على أكلي من الشجرة، والذي رتب ذلك، وقدره وكتبه قبل أن أخلق هو الله عز وجل، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلي أكثر ما أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها، وكون الإخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلي، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه، وله الحكمة في ذلك فلهذا حج آدم موسى.

ومن كذَّب بهذا الحديث فمعاند; لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وناهيك به عدالة وحفظا وإتقانا، ثم هو مروي عن غيره من الصحابة، كما ذكرنا.

ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفا فهو بعيد من اللفظ والمعنى، وما فيهم من هو أقوى مسلكا من الجبرية، وفيما قالوه نظر من وجوه:

أحدها: أنَّ موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب منه فاعله.

الثاني: أنه قد قتل نفسا لم يؤمر بقتلها، وقد سأل الله في ذلك بقوله: ﴿رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له﴾[القصص: 16] الآية.

الثالث: أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد لانفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله، فيحتج بالقدر السابق، فينسد باب القصاص والحدود، ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار، وهذا يفضي إلى لوازم فظيعة.

فلهذا قال من قال من العلماء بأنَّ جواب آدم إنما كان احتجاجا بالقدر على المصيبة لا المعصية. والله تعالى أعلم بالصواب، وهو حسبي ونعم الوكيل».[1/ 197-199]

· زيادةٌ في حديث: "لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح..."

«...وقد رواه أبو حاتم، وابن حبان في "صحيحه" فقال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد لله. فحمد الله بإذن الله. فقال له ربه: يرحمك ربك يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فسلم عليهم فقال: السلام عليكم. فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه، فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم. وقال الله ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت. فقال: اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته فقال: أي رب ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. وإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه، وإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم لم يكتب له إلا أربعون سنة، قال: يا رب ما هذا؟ قال: هذا ابنك داود. وقد كتب الله عمره أربعين سنة، قال: أي رب زد في عمره. فقال: ذاك الذي كتب له. قال: فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة. قال: أنت وذاك، اسكن الجنة. فسكن الجنة ما شاء الله، ثم هبط منها، وكان آدم يعد لنفسه، فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عجلت قد كتب لي ألف سنة. قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة. فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، فيومئذ أمر بالكتاب والشُّهود» هذا لفظه.

قلت: رواه ابن حبَّان في "صحيحه" برقم (6168) قال شعيب الأرنؤوط: «إسناده قويٌّ على شرط مسلمٍ، وهو في كتاب «التَّوحيد» لابن خزيمة (ص67)».

وأفادني الشَّيخ خالد حمودة –حفظه الله- أنَّ إخراجَ ابن خزيمة له في كتاب «التوحيد» يدل على صحته.

· تعامل ابن كثير –رحمه الله- مع المنامات ولو صحَّت!

«وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها: مغارة الدم؛ مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب، فالله أعلم بصحة ذلك.

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن كثير؛ وقال: إنه كان من الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، وهابيل، وأنه استحلف هابيل أن هذا دمه فحلف له، وذكر أنه سأل الله تعالى أن يجعل هذا المكان يستجاب عنده الدعاء فأجابه إلى ذلك، وصدقه في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: إنه، وأبا بكر، وعمر يزورون هذا المكان في كل يوم خميس.

وهذا منام لو صح عن أحمد بن كثير هذا لم يترتب عليه حكم شرعي، والله أعلم».[1/ 219-220]

· تنبيه الحافظ ابن كثير –رحمه الله- على عيبٍ من عيوب القافية

«ذكر أهل التواريخ والسير أن آدم حزن على ابنه هابيل حزنا شديدا، وأنه قال في ذلك شعرا، وهو قوله فيما ذكره ابن جرير، عن ابن حميد:

تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيحُ
تغير كل ذي طعم ولون ... وقل بشاشة الوجه المليحِ
فأجيب آدام:

أبا هابيل قد قتلا جميعا ... وصار الحي كالميت الذبيحِ
وجاء بشرة قد كان منها ... على خوف فجاء بها يصيحُ
وهذا الشعر فيه نظر، وقد يكون آدم عليه السلام قال كلاما يتحزن به بلغته، فألفه بعضهم إلى هذا، وفيه إقواء، والله أعلم».[1/ 220-221]

· حسن يوسف على الشَّطر من حسن آدم عليه السلام

«قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: «فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن» قالوا: معناه أنَّه كان على النِّصف من حسن آدم عليه السلام.

وهذا مناسب فإنَّ الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه فما كان ليخلق إلا أحسن الأشياء».[1/ 228]

قلت: وقد زادَ –رحمه الله- في (1/ 472): ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه، ويوسف كان على النصف من حسن آدم ولم يكن بينهما أحسن منهما، كما أنَّه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة امرأة الخليل عليه السَّلام.

آخرها؛ والحمد لله رب العالمين.

فتحي إدريس
1/ صفر/ 1438


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 02 Nov 2016 الساعة 12:07 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01 Nov 2016, 08:12 PM
أبو فهر وليد أبو فهر وليد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 115
افتراضي

ماشاء الله !
عودةٌ موفقةٌ- ! أسألُ اللَّهُ أن يوفقكَ لمزيدٍ منَ العطاءِ أخي أبا حذيفَة فتحي (آمين).
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01 Nov 2016, 11:41 PM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي فتحي و بارك في ما تنشر .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فتحي إدريس

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013