أم المؤمنين ( عائشة بنت الصديق رضي الله عنها ) - قصيدة -
بسم الله الرحمن الرحيم
أم المؤمنين
( عائشة بنت الصديق رضي الله عنها )
متى بلغ الهلال الى الكمال***فلن يبقى طويلا في اعتدال
فبعد جميل ما تمّ انتقاص***وإثر البدر منزلة الهلال
هي الدّنيا وما فيها استواء***سوى شبح يميل إلى اعتلال
فكم آلت لنقص أخت فخر***وكم سفلت بآخرها الأعالي
ألم تلمم على الأمم الخوالي***فآلت بعد عزّ للزّوال
وعاد المجد بالأسياد ذلا***وبدّلت الميامن بالشّمال
وفي قومي متى ذكروا لذكرى***تروع قلوب ابناء الرّجال
أرقت لها بأوجاع وحزن***وآهات تمزّقها اللّيالي
يجول بخاطري اضغاث فكر***ثقيل قد تمكّن من خيالي
أنطمع في المديح وأن نزكّى***على الوجه المرونق بالجمال
وفينا من بني الفسّاق قوم***كمثل الجنّ في سوء الفعال
وأخزاهم وأرذلهم يقينا***لوارثة المجوس بلا نزال
ورافضة القبائح كيف كانت***طوائفهم فهم شرّ الغوالي
حمير أو كلاب أم ذئاب***متى حضروك فاضرب بالنّعال
أسائلكم أيا قومي فقولوا***فقلبي بات يحرق بالسّؤال
أتشتم أمّكم ياخير قرن***وما منكم مجيب أو مبالي
وفيكم من يقابلها بعذر***وردّ كاد يأفل من هزال
فإنّي قد أقول وليس قولي***بقدر مقام غيري في النّزال
ولكّني أرى جرما سكوتي***على غيّ وزور في المقال
ألا فلتقبلوا عذري إذا ما***أتى دون المقام من الكمال
لعل الحرف من قولي ونظمي***يشوّق من رآه الى القتال
عليّ القدر موفور السّجايا***قليل الذّم محمود الفعال
حباها الله من برّ وتقوى***وحصّنها الكريم عن الزّيال
فلازمت الطّريق بغير ميل***وحادت عن بنيّات الضّلال
حصان ليس يدركها ملام***رزان ليس تسقط بالسّفال
ولو لحظ الفويسق ما دهاها***لبدّل ما قضى حالا بحال
ولو أحصى فضائلها لعدّت***متى كيلت بحبّات الرّمال
فتاة الزّهد كم ألفت قياما***ومن صامت فأوفت بالوصال
ومن زهدت فباعت كل بخس***من الدّنيا قريب للزّوال
بجنات النّعيم وذاك بيع***عزيز ليس يدرك في المثال
ومن زكّت بيوم ألف الف ***أتفتن بعد ذاك بثقل مال
وهل يكفيك قول من رسول***كريم من أولي العزم العوالي
بأنّ أحب ناطقكم يقينا***لصاحبة الفضائل والمعالي
ووالدها لخير النّاس قدرا***وأرفعها مكانا بالرّجال
وفاطمة دعاها أن أحبّي***حبيبته فلانت للسّؤال
تزوّجها النّبيّ وقد رآها***برؤيا في المنام كخير فال
ورؤيا الأنبياء بريد وحي***فليست كالسّراب وكالخيال
وما طلب الرّسول زواج بكر***سواها ذات قدّ أو جمال
وخيّرت النّساء بنصّ وحي***فخيّرت النّبيّ ولم تبالي
فذي زوج النّبي بدار خلد***كما ذكر ابن ياسر ذو الخلال
وقد خصّ النّبيّ لها دعاء***لمغفرة الذنوب بكلّ حال
وكم نزل القرآن عليه ملقى***بحجر كم تفرّد بالكمال
فذا حجر به قبض المفدّى***بنفسي ثمّ والدتي ومالي
وقبر للرّسول ببيت سكنى***كريمتنا لرمز للوصال
وفي لفظ الصّحيح لفضل أمي***كفضل للثّريد على الغلال
وللشّيخين مرفوعا سلام*** لجبريل المسلّم بالسؤال
يبلّغة الكريمة خير عبد***به عرف الصّواب من الضّلال
كذا الزّهريّ أنفذ قول صدق***فأقسط في الكلام وفي المقال:
لو اجتمع النّساء بكف وزن***لفاقت علمهنّ بلا جدال
وفي نقل الحديث بها تجلّى***تفضّلها على جلّ الرّجال
روت ألفا وألفا ثمّ زادت***على مئة فأربت كلّ عال
وحازت بعدهنّ بحور شعر***وطبّ ثمّ فقه بالحلال
ويوم الإفك فاقت كلّ حيّ***بصبر فاستقلّت بالنّوال
وقد نزل الكتاب لها شهيدا***يبرّئها المهيمن ذو الجلال
وفي فتوى لمالك : من دهاها***كحدّ الكفر يضرب بالصّقال
فذا ردّ القرآن بغير جهل***ودون الكره أوغل في السّفال
وقد نقل اتّفاق القوم فيها***حفيد المجد فاسمع للمقال
وذا حكم الاله لها بأنّا***بنوها دون ربّات الدلال
فأين العقل ممّن سبّ أما***بلا جرم حوته ولا وبال
بقول قد سمعت له دويا***يهدّ الصّخر من قمم الجبال
يغير على الغوافل دون حقّ***ويخفي الشّمس من غيم الظّلال
سقى الأرض النّقية كلّ قبح***فبالغ في الدّناءة والثّفال
وطاوعتم له أمرا فكنتم***كمثل العير تأخذ بالعقال
ومن تبع الأراذل عاش حتما***مديد الدّهر يرتع في السّفال
ومن عشق المعالي ذاك يوما***سيبلغها وإن سهر اللّيالي
تيقّن يا فتى الفجّار أني***فسيح الصّدر ممدود المجال
ولولا أن أخاف الله ربّي***لذقت الويل من بعد النّكال
فطيب القول بعد العمر يبقى***وسوء الخلق ينذر بالزّوال
ترقّب إن رجعت وإن رجعنا***هجاء ما سبقته بالمثال
ورعدا ثمّ برقا ثمّ غيما***وصخرا سوف يمطر كالنّبال
وقد أعذرت عذرا بعد عذر***فلا تصف الملامة في المآل
.
التعديل الأخير تم بواسطة مراد قرازة ; 05 Mar 2015 الساعة 12:12 PM
|