28 Dec 2010, 12:21 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 112
|
|
لعلك تقصد هذه الأرجوزة البديعة الهزلية
قال البشير -رحمه الله- : وبَعْدُ : فقد داعبْنَا بهذه الرّواية , ثلاثة أساتذة , هم لنا أبناء , وهم فيما بينهم إخوة كلّهم أُدَباءٌ , فعسَى أن تكون حافزةً لِهِمَمَهِم في التّدريب على هذا النّوع الرّاقي من الأدب الهزلي .
ولو نظمت هذه الرّواية في عصور الإقبال على الأدب , لطارت كلَّ مطارٍ , وتلقّاها الرّواة والنّقلةُ , بما تستحقّهُ من إجلالٍ
صور الاستدعاء من المدير:
إلى الفَتَى عَبْدِ الحَفيظِ الجنَّانْ *** أَدامَهُ المَولى الحَفيظُ المِنَّانْ
مُؤدِّبِ الصِّبيانِ في مَدْرستي*** و حَامِلِ الأَثقالِ من غطرسَتي
مَسْكنُهُ في زَنْقةٍ لا تُعرفُ*** إذْ طُمِسَتْ من جَانِبيْها الأَحْرُفُ
وَوَسْمُهُ إِمساكُ قَرنِ الثَّورِ *** في يدهِ كَنَافخِ في الصُّورِ
و هذهِ عَلامَةٌ مُنفَصلِه*** تتْبَعُها عَلامَةٌ مُتَّصله
ثُمَّ إلى الشَّيخِ الأَدِيبِ الكَاتِبْ*** المُرتَقِي لأسْفَلِ المَرَاتِبْ
المُرتَضى مُحمدِ بن العَابِدْ*** لازال في جُهدِ الشَّقا يُكابِدْ
مُفَسِّرِ القرآنِ للأَطفالِ*** من سُورة الرَّعدِ إلى الأَنفَالِ
مُقَرِّرِ القواعدِ المُقرَّره*** و حافظِ المَسائلِ المُكرَّره
مَقَرَّهُ أنْ ليسَ ذا مَقَرِّ*** يَقيهِ من حَرِّ لَظَى و القرِّ
وَوسْمُهُ الإقْعاءُ في مَنَاخرِه*** و فَتحَةٌ ظَاهِرةٌ في آخِره
بَعدَ سَلاَمٍ مُحْكَمٍ مَرْبُوطِ *** و قَهوةٍ بِالتِّينِ و البلُّوط
و سُكَّرٍ من الرِّمالِ مُجْتَلبْ *** و لَبَنٍ منِ الجِمَالِ مُحْتَلبْ
و سُفْرَةٍ قد جَمَعتْ حُبُوبَا*** الفُولَ و الخُرْطانَ و الكُبُوبَا
و قِدْرَةٍ قد ضُمِّنتْ أخلاَطا*** اللِّفتَ و التَّرْفَاس و البَطاطا
في غُرْفَةٍ تُضَاءُ بِالنُّجُومِ*** أو شُرْفَةٍ تُقْذَفُ بِالرُّجُومِ
أَرْجُوكُما أنْ تَحضُرا سَريعا*** لِتدفَعا خَطْبًا دَهَى مُرِيعا
في السَّاعةِ التي أكونُ فيها*** مُرَفَّهًا في عِيشتي تَرفِيها
في يومِ تِسْعٍ من شُباطَ المَاضي*** لأنَّني أكونُ فيه (فَاضي)
في مكتبي المشهور عند النّاسِ*** من أرض قجّالٍ إلى مكناسِ
فإن جهِلتُم فاسألا أيّ صبي*** يرِحْكُما مِن العنا والتّعب
وأعْطياهُ خمسةً منقُوبهْ *** وقد تفصّى قائِبٌ مِن قُوبهْ
حاشِيةٌ- والشّرطُ أن تتّفقا*** قبل المجيئِ ثمّ لا تفترقا
وتتْبعا الأوامِرَ المسْطورهْ*** هُنا كإبْلِ في الفلا مقْطُورَهْ
لا تصْحبا العِصِيَّ والدَّبابِسَا*** والحجرَ الصّلْدَ الثّقيلا اليابساَ
والمُوسَ والقادومَ والفُؤوسَا*** وكلَّ شيْئٍ يشْدَخُ الرُّؤوسَا
ولتخْلعا نعليْكُمَا في الخارِجِ*** في الخُطْوةِ الأولى منَ المعارِجِ
وتَطْرُق البَاب الصّغِيرَ طرْقاً*** طرْقَ دُهاةِ الأنكَلِيزِ الشّرقاَ
وبسْمِلاَ وكبِّراَ وحوْقِلاَ*** والْتَزِمَا الصّمْتَ ولا (تُشَقْلِلاَ)
فإنْ أذِنتُ فادْخُلاَ عنْ عجَلِ*** وإنْ سَكَتُّ فاذْهبَا في خَجَلِ
ولْتَدْخُلاَ بحَسَبِ الحُرُوفِ *** والِميمُ قبْلَ العَينِ فِي (المعْرُوفِ )
هذا ومَن كَانَ طَوِيلَ الأنْفِ*** فلْيَتَربّصْ سَاعَةً في الكُنْفِ
يرتاضُ بِالتّنفُّسِ العَمِيقِ *** ويَصِلُ الزّفيرَ بِالشّهيقِ
وهَذِهِ وَرَقَةُ اسْتِدْعَاءِ*** كَأنّهَا شَهَادَةُ اسْتِرْعَاءِ
أَمْضَيْتُهَا مِنْ تَحْتُ لاَ مِن أَعْلَى*** كَمَا لَبِسْتُ فِي الأَخِيرِ النّعْلا
والحَقُّ لاَ يحْتاجُ للتَّرْقِيعِ*** لَاسِيَّمَا مِن صَاحِبِ التّوقِيع
وَلَمْ أُطِلْ خُنْفُسَتِي كَالْحَافِظِي *** وَإنّمَا خُنْفُسَتِي ابْنُ حَافِظِ
الجلسة الأولى :
( مكتب المدير : أوراق مبعثرة , أقلام مغبرة , وصولات معلَّمة بالأحمر , المدير على كرسيه , الجنّان واقف , ابن العابد مُقعْمِز )
المدير :
حمداً لمن جمعكم ( في البِيرُو ) *** وهْو بما تنوونهُ خبيرُ
وصلواته على البشير *** ما صفّر القطارُ في أشير
وما جرى المحراثُ في الهنشير *** وهبّت الرياح في أمشير
وهذه براعةُ استهلال *** منيرة في القصد كالهلال
والشّكر لي إذ كنتُ في الجمع سببْ *** وكان لي فيه وجِيفٌ وخببْ
يا أيها الإخوان أهلا ( بيكمْ) *** إني قبل الابتدا أنبيكمْ
بواجباتٍ اسمها النظام *** قد سنّها الأماثلُ العظامُ
ابن العابد :
أعوذُ بالرحمن من ذي الكلمهْ *** فإنها تصُخُّ سمعي
المدير : *** ولمهْ ؟
ابن العابد :
لأنها ذاتُ معانٍ مؤلمه *** وأنها تثيرُ ذكرى مظلمه
المدير :
بيّن لنا معنى وخلّ الذكرى *** فجمعنا يُحدث منها ذكرى
ابن العابد :
إن الرئيس في كلام العُرب *** من شُجّ في يافوخِه بالضّربِ
الجنّان :
دعنا من اللغة والإغراب *** فيها فتلك شيمة الأعرابِ
وانظر إلى التنكيت في قول الخطيبْ *** فإن ذكرى البؤس شيئ لايطيب
وليس من مكارم الأخلاق *** تعريضُ ذي الغنى بذي الاملاق
المدير : لا تبتئس فكلنا بئيسُ ***
الجنّان : *** قياسه وكلنا رئيسُ
ابن العابد :
انظر إليه كيف قال لكمُ *** ولم يقُل منكم فماذا تحكُمُ ؟
الجنان :
أنا أرى أن الرئيس قد حكم *** لنفسه ومالنا إلاّ البكمْ
أوحى له المكتبُ والكرسيُّ *** منزلة ما نالها إنسيّ
وكل حال للمآل يرمزُ *** فانظر فأنت القاعدُ ( المُقعْمِزُ)
المدير :
التزموا النظام ياإخواني *** فأنتم في الخير من أعواني
ونحنُ جمعٌ ***
الجلالي :
بل أقل الجمعِ *** كما أتى في الدليل السّمعِ
المدير :
والجمعُ لا بد له من قائدْ *** يقوده لتحصل الفوائدْ
الجلالي :
أعوذ بالله من القيادهْ *** وإن غدت في عصرنا سيادهْ
قد كنتُ عند قائدٍ مأفونِ *** في مَاءَةٍ تنسبُ للفكرونِ
دريتُ منه الفعل واشتقاقهْ *** كما علمت السُمّ وانتشاقهْ
المدير :
انتقلوا بنا إلى المفيد *** من عمل موفّق سديد
وعيِّنوا الرئيس حتى نشرعا *** في القصد مما رمته ونُسرِعا
فالأمرُ محتاج إلى التنجيز *** بسرعةٍ في زمنٍ وجيز
وليس في زيادة الكلامِ *** إلاّ زيادة من الملامِ
فاجتهدوا في غسل هذا العارِ *** من قبل أن يُخلد في الأشعار
وقبل أن تدهمنا القوافي *** بوطأةٍ شرورها ضوافي
فتعتدي ربوعنا عوافي *** تجري بها الروامسُ السّوافي
الجلالي :
تُخيفنا بالعار والأشعارِ ** * ولستُ من حلْيهما بالعار
وليس فيهم شاعرٌ سَواءي *** والشعراءْ كلهم ورائي
أخيفهم طُرّاً ولا أخافُ *** وطالما ساجلتهم فخافوا المدير:
أنا النذير فاسمعوا نصيحتي *** وأرهفوا أسماعكم لصَيْحتي
فالشرُّ لا يُدفع بالتعاجُز *** عن دفعه والبُعد والتحاجُزِ
والدمّ لا يثغسل بالأبوال *** والنّار لا تُدفع بالأقوال
قوموا جميعا متناصرينا *** مُستبصرين مُتظافرينا
لتَتّقوا مَسَبّة وبَهدلهْ *** قدّ جَلّلَت .....
الجلّلالي :
أنا أفضُّ الشَّقْللهْ.
الجنان :
بكلمة تَثني الفصيح مُفحَما *** الحق سدّى والبيان ألحما
إن الجماعة وما أسعدهم *** وعن سبيل السوء ما أبعدهم
أعني بهم جماعة التعليم *** وعصبة التهذيب في الاقليم
قد وضعوك أيها المدير *** في رتبة أنت بها جدير
وفيهم لِعارِفِ الفضل أُسى*** ومن يحِد عن نهجهم فقد أسا
المُدير:
صرّح أَبِنْ فالخَير في التَّصريح *** قد تبرأُ العِلّة بالتّشرِيحِ
الجنان :
أقولها فصيحة صريحه *** قاطعة لصاحِبي مريحه
أنت امرؤٌ تصلح للرئاسه *** وأنت أهل الحذقِ والكياسه
وأنت تدري بالقضاء الفصل *** من أين يُؤكل ( الدماغُ المَصْلي )
وهذه فرع عن الاداره *** فخذهما بالحق عن جداره
وهكذا فليكنِ المدير
الجلّالي: *** وهكذا فلْيكُنِ البِنديرُ
المدير:
مالَكَ لا تَفْتَأُ تزدريني *** وبكلام السّوء تعتَرينِي
أما علِمت أنّني أَميرُك *** وأنّني مِن قبل ذا مُديرُكْ
الجلّالي:
كذبتَ بل يمِيرُني لساني *** والعلمُ نِعم الذُّخرُ للإنسان
أما تَراني كُلّ يوم أكدحُ *** به كأنّي في صَفاة أقدَحُ
لولاهُ ما رقَقتُم عَلَيّا *** ولا تَرامَى خُبزُكمْ إِليّا
وأنت لولاهُ لما عاملتَني *** ولا بِقول طيّبِ جاملْتَنِي
بل أنت لولاهُ لما عَرفتَني *** وكُنتَ في بَعض الزُّبا جَرفتَنِي
وأنتَ لولا حِرفتي حذَفتَني *** ومِن صخور راشد قذَفتَنِي
وأنتَ لا تَميرُ حتّى هِرّه *** يُشبِعُها من الطّعامِ بُرّة
وأنتَ لا تقدرُ أن تميرَا*** حِمارَة تُعلِفُها الغَميرَا
الجنّان :
وهِمْتَ حقّاً في الذي فهمتَ *** وفي خيالِ الشعراء همتَ
إنّ الرئيسَ يا أبا عُمارَه*** لم يردِ المَيْرَ بلِ الامارَه
سياقُهُ على المراد مشتملْ*** ولفظُهُ للمَعْنَيَيْنِ محتملْ
الجلّالي:
واحَرَبَا فهذِه أكبَر مِنْ *** تِلكَ وبِدّعائها أنا قَمِنْ
فانظر تَجِد مخايلَ الإمارَة *** في هيِِِأَتِي واضحة الأمارَة
ولَو صَحا الدّهر لَصرتُ ملِكا *** وما نَهجت شرّ نهج سُلَكا
وأرضنا ضمّت رُفاةً لنبِي *** فإذا طلبْتُ المُلكَ لم أُؤَنّبِ
أمّا المُدير فأراه يدّعِي *** ما لا يُواتيهِ كدعوى الضفدعِ
أغرّه أن كان مِن قَجّال؟ *** وأنّها بالقُرب من أَقجال
وهْي مجالُ النزعة الدّعيَّة *** ومسترادُ الدّعوة الشيعيّة
جِبالها كانت كمثل المهدِ *** لحفظ مال الفاطميّ المهدي
هيهات ما أقجالُ من قجَّال *** إلّا كجزِل الشِّعرِ في الأَزِجالِ
وأهلُ قَجّال إذا تَسامَوا *** للمجدِ عن منهاجِه تَعَامَوا
يَأتُون في فَخراهم بِمَسعُودْ *** كَما أتى الوَغى بِسيف من عُود
وذِكْرُه في الذّكر غيرُ مشْهُودْ *** وليس في تاريخنا بالمَعْهودْ
يَدعونه يا قالِعَ الفُرسان*** وجالبَ الأُسود في الأرسانِ
لَغوٌ من الصّراح المَين قد جَرى *** لسان الجاهلين قد سَرَى
ولم يُزحزح أَكفَلا عن سَرجهِ *** ولا استَفزّ ثَعْلبَا من حَرْجِهِ
وفَخْرُهُم في عصرنا باثنيْنِ ... من خيرة الرجال دون مَيْن
لكنّهم شانوهما بالإسمِ ... والإسمِ للرجال مثل الوَسْمِ
إن كانت هذه القصيدة هي المطلوبة ....فسأتبع بقيتها إن شاء الله
|