منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 22 May 2019, 07:46 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي في الإجتْهاد في العشر الأواخر ولَيْلَة القدر.









في الإجتْهاد في العشر الأواخر ولَيْلَة القدر

للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


الحمدُ لله عالمِ السِّر والجهر، وقاصِمِ الجبابرةِ بالعزِّ والقهر، مُحْصِي قطراتِ الماءِ وهو يَجْرِي في النَّهْر، وباعثِ ظلامِ الليلِ ينسخُه نورُ الفجر، موِفِّر الثواب للعابدِينَ ومكملِّ الأجْر، العَالمِ بخَائَنَةِ الأعينِ وخافية الصدر، شَمل برزقِه جميعَ خلقِه فلَم يْترُكِ النملَ في الرَّمْلِ ولا الفرخَ في الْوَكر، أغنى وأفْقَرَ وبحِكْمَتِهِ وقوع الغِنَى والفَقر، وفَضَّل بعضَ المخلوقاتِ على بعض حتى أوقاتَ الدَّهر، لَيلةُ القدْر خيرٌ مِنْ ألفِ شهر.

أحمدُه حمداً لا مُنتَهى لعَدَدِه، وأشكره شكراً يسْتجلِبُ المزيدَ من مَددِه، وأشهد أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وحده لا شريكَ له شهادةَ مخْلِص في مُعْتَقَده، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي نَبع الماءُ منْ بينَ أصابع يدِه صلى الله عليه وسلّم وعلى أبي بكرٍ صاحبه في رخائِه وشدائده، وعلى عمرَ بن الخطاب كهْفِ الإِسلامِ وعَضُدِه، وعلى عثمانَ جامِع كتاب الله ومُوحِّدِه، وعلى عليٍّ كافي الحروبِ وشجعَانِها بِمُفْرَدِه، وعلى آلِهِ وأصحابِه المحسنِ كلٌ منهمْ في عملِه ومقصِده، وسلَّم تسليماً.

إخواني: في هذِه العشرِ المباركة ليلةُ القَدْرِ الَّتِي شرَّفها الله على غيرها، ومَنَّ على هذه الأمّة بجزيل فضلها وخيرها، أشادَ الله بفضلها في كتابة المبين فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(5)رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(6)رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ(7)لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ(8)} [الدخان: 3- 8].

وصفَها الله سبحانَه بأنّها مباركةٌ لكَثْرةِ خيرِها وبَركتِها وفضلها، فمِن بركتها أنَّ هذا القرآنَ المباركَ أُنْزِلَ فيها ووصَفَها سبحانَه بأنّه يُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم، يعني يفصَل من اللّوح المحفوظِ إلى الْكَتَبةِ ما هو كائنٌ مِنْ أمرِ الله سبحانَه في تلك السنةِ من الأرزاقِ والآجالِ والخير والشرِّ وغير ذلك من كلِّ أمْرٍ حكيمٍ من أوامِر الله المُحْكَمَةِ المتْقَنَةِ التي ليس فيها خَلَلٌ ولا نقصٌ ولا سَفَهٌ ولا باطلٌ ذلك تقديرُ العزيز العليم. وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ(4) سَلامٌ هِي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)} [القدر: 1- 5].

الْقَدرُ بمعنَى الشرفِ والتّعظيم أوْ بمعنى التّقديرِ والقضاءِ، لأنَّ ليلةَ القدر شريفةٌ عظيمةٌ يقدِّر الله فيها ما يكون في السنةِ ويقضيهِ من أمورِهِ الحكيمةِ {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} يعني في الفضل والشرفِ وكثرةِ الثواب والأجر. ولذلك، كانَ مَنْ قامَهَا إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه.

{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} الملائكة عبادٌ من عباد الله قائمون بعبادته ليلاً ونهار {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19، 20] يتنزّلون في ليلة القدر إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة {وَالرُّوحُ} هو جبريل عليه السلام خصَّه بالذكر لشرفه وفضله. {سَلامٌ هِي} يعني أنّ ليلة القدر ليلةُ سلامَ للمؤمنين من كلّ مخوف، لكثرة مَن يعتقُ فيها من النار، ويَسْلمُ مِنْ عذابِها. {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} يعني أنّ ليلة القدرِ تنتهي بطلوعِ الفجرِ لانتهاءِ عملِ الليلِ به.

وفي هذه السورةِ الكريمةِ فضائلُ متعددةٌ لليلةِ القدرِ:

-الفضيلةُ الأولى: أنّ الله أنزلَ فيها القرآنَ الَّذِي بهِ هدايةُ البشرِ وسعادتُهم في الدُّنَيا والآخرِهِ.
-الفضيلةُ الثانيةُ: ما يدُل عليه الاستفهامُ من التّفخيم والتّعظيم في قولِه: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}.
-الفضيلةُ الثالثةُ: أنَّها خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ.
-الفضيلةُ الرابعةُ: أنَّ الملائكةَ تتنزلُ فيها، وهُمْ لاينزلونَ إلاَّ بالخيرِ والبركةِ والرحمةِ.
-الفضيلةُ الخامسةُ: أنّها سَلامٌ، لكثرةِ السلامةِ فيها من العقابِ والعذابِ بما يقوم به العبدُ من طاعةِ الله عزَّ وجلَّ.
الفضيلة السادسةُ: أنَّ الله أنزلَ في فضِلِها سورةٌ كاملةً تُتْلَى إلى يومِ القيامةِ.

من فضائل ليلةِ القدرِ، ما ثبتَ في الصحيحين من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: «مَن قَامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه»، فقوله: إيماناً واحتساباً، يعني إيماناً بالله وبما أعدَّ اللهُ من الثّوابِ للقائمينَ فيهَا واحتساباً للأجرِ وطلب الثّواب. وهذا حاصلٌ لمنْ علِمْ بها ومَنْ لم يعلَمْ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لَمْ يَشْترطِ العلمَ بهَا في حصولِ هذا الأجر.

ليلةُ القدرِ في رمضانَ، لأنَّ الله أنزلَ القرآنَ فيهَا وقد أخْبَرَ أنَّ إنزالَه في شهرِ رمضانَ، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]. فبهذا تَعَيَّن أنْ تكونَ ليلةُ القدرِ في رمضانَ، وهي موجودةٌ في الأمَم وفي هذه الأمّةِ إلى يومِ القيامةِ، لما روى الإِمامُ أحْمَدُ والنسائيُّ عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنّه قال: «يا رسولَ الله أخْبرنِي عن ليلةِ القَدْرِ أهِي في رمضانَ أمْ في غيرهِ؟ قال: بلْ هِي في رمضانَ. قال: تكونُ مع الأنبياءِ ما كانُوا فإذا قُبِضُوا رُفِعَتْ أمْ هي إلى يومِ القيامةِ؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة» [52] (الحديث).

لَكِنْ فضلُها وأجْرُها يختَصُّ، والله أعَلْمُ، بهذه الأمّةِ كما اختصّتْ هذه الأمّة بفضيلة يوم الجمعة وغيرها من الفضائل ولله الحمدِ.

ليلةُ القَدْر في العشر الأواخر من رمضانَ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «تَحَرَِّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخر من رمضانَ»، متفقٌ عليه. وهي في الأوْتار أقْرب من الأشفاعِ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «تحرّوا ليلةَ القدرِ في الْوِترِ من العشرِ الأواخر من رمضان»، رواه البخاري. وهي في السَّبْعِ الأواخرِ أقْرَبٌ، لحديث ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ رجالاً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أُرُوا ليلةَ القدرِ في المنام في السبعِ الأواخر فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «أرَى رُؤياكُمْ قد تواطأت (يعني اتفقت) في السبعِ الأواخرِ فمن كانَ مُتَحرِّيَها فَلْيتحَرَّها في السبعِ الأواخرِ»، متفق عليه.

ولمسلم عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «التمِسُوَها في العشر الأواخر (يعني ليلةَ القدْرِ) فإن ضعف أحدُكم أو عجز فلا يُغْلَبَنَّ على السبعِ البواقِي». وأقربُ أوْتارِ السبعِ الأواخرِ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ لحديثِ أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: «والله لأعلم أيُّ ليلةٍ هي الليلةُ التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقيامِها هي ليلةُ سبعٍ وعشرينَ»، رواه مسلم.

لا تَخْتَصُّ ليلةُ القدرِ بليلةٍ معيّنةٍ في جميعِ الأعوامِ بل تَنتَقِّلُ، فتكونُ في عامٍ ليلةَ سبع وعشرينَ مثلاً وفي عام آخرَ ليلة خمسٍ وعشرينَ تبعاً لمشيئةِ الله وحكمتِه، ويدُلُّ على ذلك قولُه صلى الله عليه وسلّم: «الُتمِسُوها في تاسعةٍ تبقى في سابعةٍ تبقَى في خامسةٍ تبقَى»، رواه البخاري. قال في فتح الباري: أرجح الأقوال أنّها في وترٍ من العشرِ الأخيرِ وأنّها تَنْتَقِلُ. أهـ.

وقد أخُفَى الله سبحَانه عِلْمَها على العبادِ، رحمةً بهم، ليَكْثُر عملُهم في طلبها في تلك الليالِي الفاضلةِ بالصلاةِ والذكرِ والدعاءِ، فيزدادُوا قربةً من الله وثواباً، وأخفاها اختباراً لهم أيضاً ليتبيّنَ بذلك مَنْ كانَ جادَّاً في طلبها حريصاً عليها مِمَّنْ كانَ كسلانَ متهاوناً، فإنَّ مَنْ حرصَ على شيءٍ جدَّ في طلبِه وهانَ عليه التّعبُ في سبيلِ الوصولِ إليهِ والظّفر به، وربَّما يظهرُ اللهُ عِلْمَهَا لبعضِ الْعبَادِ بأماراتٍ وعلاماتٍ يرَاهَا كما رأى النَبيُّ صلى الله عليه وسلّم علامتَها أنّه يسجُدُ في صبيحتِها في ماءٍ وطينٍ فنزل المطرُ في تلك الليلةِ فسجد في صلاةِ الصبحِ في ماءٍ وطينٍ.

إخواني: ليلةُ القدرِ يُفْتح فيها الْبَاب، ويقرَّبُ فيها الأحْبَابُ، ويُسْمَع الخطابُ، ويردُّ الجواب، ويُكْتَبُ للعاملينَ فيها عظيمُ الأجرِ، ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألف شَهْر، فاجتهدُوا رحمكم الله في طلبِها، فهذَا أوانُ الطَّلب، واحذَرَوا من الغفلةِ، ففي الغفلة العَطَب.

تَوَلَّى العُمُر في سَهْوٍ وفي لَهْوٍ وفي خُسْر
فيا ضيعةَ ما أَنْفَقْـ ـتُ في الأيّام من عُمْري
وما لِي في الَّذِي ضيَّعْـ ـتُ من عمريَ من عُذْرِ
فما أغْفَلَنَا عن واجبـ ـاتِ الحمدِ والشكرِ
أمَا قد خَصَّنا اللهُ بشهرٍ أيِّما شهرِ
بشهرٍ أنْزَلَ الرحمـ ـنُ فيهِ أشرفَ الذِّكْرِ
وهل يُشبِهُه شهرٌ وفيه ليلةُ القدرِ
فكمْ مِنْ خَبرٍ صَحَّ بما فِيها من الخير


رَوَيْنَا عن ثقاتٍ أنَّهـ ـا تُطْلَبُ في الوِتر
فطُوبى لأمْرىءٍ يطلُـ ـبُهَا في هِذِه العَشرِ
فَفِيْهَا تنزلُ الأملاكُ بالأنوار والبرِ
وقد قَالَ سلامٌ هيَ حتى مَطْلعِ الفجرِ
ألاَ فادَّخِروها إنِّـ ـها من أنْفَسِ الذُّخر
فكمْ مِنْ مُعْتَقٍ فيها من النارِ ولا يَدْرِي


اللَّهُمَّ اجْعلْنَا ممّن صامَ الشهر، وأدركَ ليلةَ القدرِ، وفاز بالثوابِ الجزيلِ الأجرِ.

اللَّهُمَّ اجْعلْنَا من السابقينَ إلى الخيراتِ، الهاربينَ عن المنكَرات، الآمنينَ في الغرفات، مع الَّذِينَ أنعمتَ عليهم وَوَقَيْتَهُمْ السيّئاتِ، اللَّهُمَّ أعِذْنا من مُضلاَّتِ الفتنِ، وجنّبنا الفواحشَ ما ظهَرَ منها وما بطَن.

اللَّهُمَّ ارزُقْنَا شكرَ نعمتِك وحسنَ عبادتكَ، واجْعلْنَا من أهل طاعتِك وولايتك، وآتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنَا عذَابَ النار، واغفر لنَا ولوالِدِينا ولِجميعِ المسلمينَ برحمتك يا أرحمَ الرَّاحمين. وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين.

------------------------------------------------------------------------

[52] رواه أيضا الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ونقل عن الذهبي أنه أقره. والله أعلم.










رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 May 2019, 07:25 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي







ليلة القدر هي أفضل الليالي

لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله


السؤال:

بمناسبة ليلة القدر نود من سماحتكم التحدث لعامة المسلمين بهذه المناسبة الكريمة؟

الجواب:

ليلة القدر هي أفضل اللّيالي، وقد أنزل الله فيها القرآن، وأخبر سبحانه أنّها خير من ألف شهر، وأنّها مباركة، وأنّه يُفْرَقُ فيها كلّ أمر حكيم، كما قال سبحانه في أول سورة الدخان: "حم ۝ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۝ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۝ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۝ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ۝ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ۝" [الدخان:1-6].

وقال سبحانه: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۝ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۝ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ۝ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ۝" [القدر:1-5]

وصحّ عن رسول الله ﷺ أنّه قال: "مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"[1] متّفق على صحّته. وقيامها يكون بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير.

وقد دلّت هذه السورة العظيمة أنّ العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ممّا سواها، وهذا فضل عظيم ورحمة من الله لعباده، فجدير بالمسلمين أن يعظّموها وأن يحيوها بالعبادة، وقد أخبر النبي ﷺ أنّها في العشر الأواخر من رمضان، وأنّ أوتار العشر أرجى من غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في كل وتر"[2].

وقد دلّت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ: أنّ هذه الليلة متنقّلة في العشر، وليست في ليلة معيّنة منها دائمًا، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى اللّيالي، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع. فمَن قام ليالي العشر كلّها إيمانًا واحتسابًا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها.

وقد كان النبي ﷺ يخص هذه الليالي بمزيد اجتهاد لا يفعله في العشرين الأول. قالت عائشة رضي الله عنها، كان النبي ﷺ: يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها. وقالت: كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجدّ وشدَّ المئزر وكان يعتكف فيها عليه الصلاة والسلام غالبًا، وقد قال الله عزّوجلّ: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" [الأحزاب:31].

وسألته عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها، قال: قولي: اللّهم إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعفو عنّي[3].

وكان أصحاب النبي ﷺ (رضي الله عنهم أجمعين)، وكان السلف بعدهم، يعظّمون هذه العشر ويجتهدون فيها بأنواع الخير.

فالمشروع للمسلمين في كلّ مكان أن يتأسّوا بنبيّهم ﷺ وبأصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وبسلف هذه الأمّة الأخيار، فيحيوا هذه اللّيالي بالصلاة، وقراءة القرآن، وأنواع الذكر والعبادة، إيمانًا واحتسابًا، حتى يفوزوا بمغفرة الذنوب، وحطّ الأوزار، والعتق من النار، فضلًا منه سبحانه وجودًا وكرمًا.

وقد دلّ الكتاب والسُّنَّة أنّ هذا الوعد العظيم ممّا يحصل باجتناب الكبائر، كما قال سبحانه: "إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا" [النساء:31].

وقال النبي ﷺ: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" [4] خرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وممّا يجب التّنبيه عليه أنّ بعض المسلمين قد يجتهد في رمضان ويتوب إلى الله سبحانه ممّا سلف من ذنوبه، ثم بعد خروج رمضان يعود إلى أعماله السيّئة، وفي ذلك خطر عظيم. فالواجب على المسلم أن يحذر ذلك، وأن يعزم عزمًا صادقًا على الاستمرار في طاعة الله، وترك المعاصي، كما قال الله عزّوجلّ لنبيّه ﷺ: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" [الحجر:99]، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" [آل عمران:102] وقال سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ۝ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ۝" [فصلت:30-32].

ومعنى الآية أنّ الّذين اعترفوا بأنّ ربّهم الله وآمنوا به وأخلصوا له العبادة واستقاموا على ذلك، تبشّرهم الملائكة عند الموت بأنّهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنّ مصيرهم الجنّة من أجل إيمانهم به سبحانه، واستقامتهم على طاعته، وترك معصيته، وإخلاص العبادة له سبحانه، والآيات في هذا المعنى كثيرة كلّها تدلّ على وجوب الثبات على الحق، والاستقامة عليه، والحذر من الإصرار على معاصي الله عزّوجلّ. ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ۝ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۝ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ۝" [آل عمران:133-136].

فنسأل الله أن يوفّقنا وجميع المسلمين في هذه اللّيالي وغيرها لما يحبّه ويرضاه، وأن يعيذنا جميعًا من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، إنّه جواد كريم[5].

---------------------------------------------------------------

1- رواه البخاري في (الصوم) باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا برقم 1901، ومسلم في (صلاة المسافرين) باب الترغيب في قيام رمضان برقم 7060.
2- رواه البخاري في (الاعتكاف) باب الاعتكاف في العشر الأواخر برقم 1986، 1992، والترمذي في (الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) باب ما جاء في ليلة القدر برقم 792.
3- رواه الترمذي في (الدعوات) باب في عقد التسبيح برقم 3513.
4- رواه مسلم في (الطهارة) باب الصلوات الخمس والجمعة على الجمعة برقم 233.
5- من ضمن أسئلة موجهة لسماحته من مندوب صحيفة (الجزيرة) بالطائف بتاريخ 24/9/1407هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 15/ 425).





الصور المرفقة
نوع الملف: jpg وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم.jpg‏ (76.3 كيلوبايت, المشاهدات 2488)
نوع الملف: jpg وسارعوا.jpg‏ (85.9 كيلوبايت, المشاهدات 3108)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 May 2019, 07:01 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي











هل صادفتَ ليلة القدر -يامسلم-

فسألتَ الله -رِضَاه- والجنّة، والنّجاة من النّار؟!!!!!



السؤال:

كيف يعرف الإنسان المسلم أنّه قد صادفته ليلة القدر مع تحرّيه اللّيالي المذكورة عنه صلى الله عليه وسلم؟

الجواب:

ذلك أمر وجداني يشعر به كلّ مَن أنعم الله تبارك وتعالى عليه برؤية ليلة القدر، لأنّ الإنسان في هذه الليلة يكون مقبلاً على عبادة الله عز وجل، وعلى ذكره والصلاة له، فيتجلّى الله عزّ وجل على بعض عباده بـشعور ليس يعتاده حتى الصالحون، لا يعتادونه في سائر أوقاتهم.

فهذا الشّعور هو الّذي يمكن الاعتماد عليه، بأنّ صاحبه يرى ليلة القدر، والسيّدة عائشة- رضي الله عنها -قد سألت الرسول عليه الصلاة والسلام سؤالاً ينبّئ عن إمكان شعور الإنسان برؤيته لليلة القدر، حينما توجّهت بسؤالها للنّبي عليه الصلاة والسلام بقولها: (يا رسول الله! إذا أنا رأيت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: قولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّـِي).

ففي هذا الحديث فائدتان:

الفائدة الأولى: أنّ المسلم يمكن أن يشعر شعوراً ذاتياً شخصياً بملاقاته لليلة القدر.
والفائدة الثانية: أنّه إن شعر بذلك فخير ما يدعو به هو هذا الدّعاء: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّـِي).

وقد جاء في هذه المناسبة في كتابنا هذا الترغيب في بعض الدروس المتأخّرة: أنّ خير ما يسأل الإنسان ربّه تبارك وتعالى هو العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

نعم. هناك لليلة القدر بعض الأمارات والعلامات المادية، لكن هذا قد لا يمكن أن يرى ذلك كلّه مَن يرى ويعلم ليلة القدر، إلاّ أنّ هذه العلامات بعضها يتعلّق بالجوّ العام الخارجي، كأن تكون -مثلاً- الليلة ليست بقارّة ولا حارّة، فهي معتدلة ليست باردة ولا هي حارّة، فقد يكون الإنسان في جو لا يمكنه من أن يشعر بالجو الطبيعي في البلدة.

كذلك هناك علامة لكن هي بعد فوات وقت ليلة القدر، تلك العلامة تكون في صبح تلك الليلة حين تطلع الشمس، حيث أخبر عليه الصلاة والسلام بأنّها تطلع صبيحة ليلة القدر كالطّست -كالقمر- ليس له شعاع، هكذا تطلع الشمس في صبيحة ليلة القدر، وقد رُئي هذا من بعض الناس الصالحين ممّن كان يهمّهم رؤية أو ملاحظة ذلك في كثير من ليالي القدر.

ليس المهمّ بالنسبة للمتعبّد التّمسّك بمثل هذه الظواهر، لأنّ هذا الظّواهر هي عامّة، هذه طبيعة الجو، لكن لا يستوي كل مَن عاش في ذلك الجو ليرى ليلة القدر، ومَن عاش في صفاء النفس في لحظة من تلك اللحظات في تلك الليلة المباركة، بحيث أنّ الله عزّ وجل يتجلّى عليه برحمته وفضله، فيلهمه ويؤيّده بما سبق وبغيره.

والعلامات المادية هي علامات لا تدلّ على أنّ كلّ مَن شاهدها أو لمسها قد رأى ليلة القدر، وهذا أمر واقعي، ولكن الناحية التي يجدها الإنسان في نفسه من الصفاء الروحي، والشعور برؤيته لليلة القدر، وتوجّهه إلى الله بسؤاله بما شرع، هذه هي الناحية التي ينبغي أن ندندن حولها ونهتمّ بها، لعلّ الله عز وجل أن يتفضّل بها علينا. ......









الصور المرفقة
نوع الملف: jpg ليلة القدر خير من ألف شهر.jpg‏ (99.2 كيلوبايت, المشاهدات 2614)
نوع الملف: jpg كيف يعرف المسلم أنّه صادف ليلة القدر.jpg‏ (84.3 كيلوبايت, المشاهدات 2294)
نوع الملف: jpg معنى خير من ألف شهر.jpg‏ (83.1 كيلوبايت, المشاهدات 1811)
نوع الملف: jpg استحباب الاغتسال في العشر الأواخر من رمضان.jpg‏ (194.5 كيلوبايت, المشاهدات 2802)
نوع الملف: jpg من علامات ليلة القدر.jpg‏ (92.0 كيلوبايت, المشاهدات 2233)
نوع الملف: jpg مَن شارف نهاية المضمار.jpg‏ (100.1 كيلوبايت, المشاهدات 2405)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 May 2019, 03:42 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي









علامات ليلة القدر.

للعلاّمة السّلفي الجزائري عبدالحميد بن باديس رحمه الله.


عن ابن عباس: أنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال في ليلة القدر: «ليلة سمحة طلقة، لا حارة ولا باردة، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء».
أخرجه أبو داود الطيالسي نقله ابن كثير (9: 257)

تعليق:

الأحاديث في تعيين ليلة القدر كثيرة متضاربة، والصّحيح أنّها في رمضان.. والرّاجح أنّها في العشر الأواخر منه.

وهذه العلامات التي ذكرها الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- ليلة القدر ليس فيها أنّ السّماء تنشق وأنّه يظهر فيها ألوان من نور، كلّ نور له لون خاصّ إلى غير ذلك من خرافات العوام.

وانّ ممّا يؤسف المؤمن أنّ الأوقات المفضّلة في ديننا قد غمرناها بـالخرافات وصرفنا نفوسنا عمّا يُراد فيها من الطّاعات، فحرمنا من خير كثير. وقلّما تجد وليا صالحاً أو وقتا فاضلا إلاّ وهو محاطًا بخرافات تعين ابليس على إبراز قسمه في الاغراء. وتقف حجر عثرة أمام الداعي المرشد إلى الصراط المستقيم.

وانّ ممّا يؤسف المؤمن أنّ هذا الشّهر، شهر رمضان، الذي جمع الله لنا فيه بين الصيام والقيام، وأودع فيه أفضل ليالي العام، يقطعه أكثرنا في اللّهو والقمار والنّوم والشّجار.

أيّها المسلمون:

طهّروا عقولكم من الخرافات ونوِّروا قلوبكم بالطاعات، وانتهزوا فرصة الأوقات المفضلات، ولا تهملوها، فتعود عليكم بـالحسرات.

اللّهمّ صَلِّ على مَن أنزلت عليه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}.

المصدر:

آثار ابن باديس/ المجلد الأوّل. الجزء الثّاني. الصفحة: 330.




قالوا:

اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر على أقوال كثيرة ، حتّى وصلت الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولاً كما في " فتح الباري " ، وأقرب الأقوال للصّواب أنّها في وتر العشر الأخير من رمضان. فعن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ). رواه البخاري ( 2017 ) – واللفظ له - ومسلم ( 1169 ) .

والحديث: بوَّب عليه البخاري بقوله: "باب تحرّي ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

قوله – أي : الإمام البخاري - ‏:‏ "باب تحرّي ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر": في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة منه بعينها، وهذا هو الّذي يدلّ عليه مجموع الأخبار الواردة فيها ‏.‏

" فتح الباري " ( 4 / 260 ) .

وقال أيضاً:

قال العلماء: الحكمة من إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عيّنت لها ليلة لاقتصر عليها، كما تقدّم نحوه في ساعة الجمعة .

"فتح الباري" ( 4 / 266 ) .

...

وعليه : فلا يمكن لأحدٍ أن يجزم بليلة بعينها أنّها ليلة القدر وخاصّة إذا علمنا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبر أمّته بها ثم أخبرهم أنّ الله تعالى رفع العلم بها .

فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: (إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ) .

رواه البخاري ( 49 ) .

(تَلاحَى) أي تنازع وتخاصم .

قال علماء اللّجنة الدائمة :

أمّا تخصيص ليلة من رمضان بأنّها ليلة القدر: فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها واللّيلة السّابعة والعشرون هي أحرى اللّيالي بليلة القدر، لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا .

" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 413 ) .


منقول، بتصرّف في اختيار الأهمّ.





السؤال:

هل ليلة القدر ثابتة في ليلة معينة من كل عام، أم أنها تنتقل من ليلة لأخرى من الليالي العشر في العام الآخر، نرجو توضيح هذه المسألة بالأدلة
؟

الجواب:

الشيخ: ليلة القدر لا شك أنّها في رمضان لقول الله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾، وبين الله تعالى في آية أخرى أنّ الله أنزل القرآن في رمضان، فقال عز وجل: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴾، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأول من رمضان، يرجو ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأواسط، ثم رأى صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان، ثم تواطأت الرؤيا على عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنّها في السبع الأواخر من رمضان، فقال: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر من رمضان، فمَن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر». وهذا أقل ما قيل فيها. ولحفظها في زمن معيّن، أقول: هذا أقلّ ما ورد فيها، أي: من الحرص فيها بزمن معيّن.

وإذا تأمّلنا الأدلة الواردة في ليلة القدر، تبيّن لنا أنّها تنتقل من ليلة إلى أخرى، وأنّها لا تكون في ليلة معينة كل عام، فالنبي عليه الصلاة والسلام رأى ليلة القدر، أو أُورِيَ ليلة القدر في المنام، وأنّه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وكانت تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين، وقال عليه الصلاة والسلام: «التمسوها في ليالي متعدّدة من العشر»، وهذا يدل على أنّها لا تنحصر في ليلة معيّنة،

وبهذا تجتمع الأدلة ويكون الإنسان في كل ليلة من الليالي العشر يرجو أن يصادف ليلة القدر، وثبوت أجر ليلة القدر حاصل لمَن قامها إيماناً واحتساباً، سواء علم بها أم لم يعلم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». إذا علم أنّه قامها، فلا يشترط في حصول ثواب ليلة القدر أن يكون العامل عالماً بها بأيّ حال، ولكن مَن قام العشر الأواخر من رمضان كلّها، فإنّنا نجزم بأنّه قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً. سواء في أول العشر، أم في وسطها، أم في آخرها.

للاستماع:

http://binothaimeen.net/upload/ftawamp3/Lw_161_13.mp3











جمع وترتيب: أم وحيد بهية صابرين. غفر الله لها ولوالديها.

تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	إنا أنزلناه في ليلة القدر.png‏
المشاهدات:	1569
الحجـــم:	440.0 كيلوبايت
الرقم:	6766  
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg اللهم بلغنا ليلة القدر.jpg‏ (34.2 كيلوبايت, المشاهدات 1775)
نوع الملف: jpg الاجتهاد في العشر الأواخر.jpg‏ (140.8 كيلوبايت, المشاهدات 2003)
نوع الملف: jpg التهيّأ لليلة القدر.jpg‏ (139.8 كيلوبايت, المشاهدات 2009)
نوع الملف: jpg ليلة القدر يفتح فيها الباب.jpg‏ (105.8 كيلوبايت, المشاهدات 4235)
نوع الملف: jpg بدعة الاحتفال بليلة سبع والعشرين.jpg‏ (43.2 كيلوبايت, المشاهدات 1634)
نوع الملف: jpg سبع وعشرون أرجى الليالي للية القدر.jpg‏ (99.6 كيلوبايت, المشاهدات 2126)
نوع الملف: jpg قلوب المتقين لهذا الشهر تحنّ.jpg‏ (80.0 كيلوبايت, المشاهدات 2180)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013