الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
يسرني أن أستهل الكتابة في هذا المنتدى المبارك(1) بذكر مواقف مؤثرة من حياة فقيه الزمان الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - انتقيتها من كتابين نفيسين في ترجمة الشيخ - رحمه الله - كتاب "الإمام الزاهد ابن عثيمين" للدكتورناصر الزهراني، وكتاب "الجامع لحياة الشيخ العثيمين" للشيخ وليد الحسين.
الموقف الأول: حدث به ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن صالح العثيمين قال: "أرسل الأمير عبد الإله بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة القصيم سيارة جديدة أمريكية هدية إلى الشيخ، فلمَّا قدم الشيخ إلى البيت وإذا بالسيارة بجوار البيت فأخبر عنها فبقيت عند البيت خمسة أيام لم تتحرك، ثمَّ اتَّخذ الشيخ قراره وقال لابنه عبد الله: "تأخذ السيارة إلى الأمير وتشكره على صنيعه، وتخبره أنني غير محتاج إليها"، فرُدَّت السيارة إلى الأمير علمًا أنَّه لدى الشَّيخ سيارة قديمة من النوع الرخيص، فلم يكن يهتم بمظهر مركبه، وتوفي الشيخ وهو متمسك باقتناء سيارته القديمة.
الموقف الثاني: كان - رحمه الله - إذا احتاج إلى أن يملأ قلمه بالحبر من الدواة من مكتبة الجامعة ليقوم باستعماله فيما يخص عمل الجامعة؛ فإنه قبل أن ينصرف يفرغ ما تبقى من قلمه من الحبر في الدواة لأنه يخص الجامعة.
الموقف الثالث: يدل على قمة ورعه في الفتيا وذلك في مسألة الإبر المغذية (الجلوكوز)؛ ففي إحدى المحاضرات ذكر الحكم فيها فاعترضه أحد الحاضرين برأي طبي يتضمن في حكمه خلاف ما أفتى به الشيخ، فأعلن الشيخ توقفه عن الحكم حتى يسأل شيخه العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، ثم عاد في اليوم الثاني بإجابة شيخه ولم يتأخر عليهم.
الموقف الرابع: وهو من عجائب ورعه عندما يتغيب عن إمامة الجامع الكبير في عنيزة حيث كان يتقاضى راتبا شهريا مقابل إمامته للجامع؛ فإنه يدفع مقابل تغيبه ولو كان يوما واحدا لمن استخلفه في الإمامة، وكذلك إذا تأخر عن العمل عندما كان يدرس في المعهد العالي في عنيزة ولو لبضع دقائق أثبت ذلك في سجل الحضور وكتب أمامه بغير عذر.
الموقف الخامس: يقول الشيخ عقيل بن عبد العزيز العقيل: سلمني الشيخ كيسا كبيرا فيه أموال جمعت لصالح المسلمين خارج المملكة، ولما خرجت من بيته وأردت أن أركب السيارة وإذا بالشيخ يقبل علينا قائلا: يوجد نصف ريال في الكيس انتبهوا إليه لئلا يقع".
الموقف السادس: يحكي هذا الموقف الشيخ خالد بن عبد الله الحمودي عن الشيخ - رحمه الله -، وهو يدل على رقة قلب الشيخ وشدة تأثره بالموعظة وكان هذا الموقف قبيل وفاته في أحد المجالس حيث تليت قصيدة عن ذكر الموت فبكى الشيخ بكاء شديدا، وهو يسأل الله قائلا: "اللهم أعنا على الموت ...، اللهم أعنا على الموت".
الموقف السابع: صلى الشيخ في الحرم المكي، وعند خروجه استقل سيارة تكسي يريد التوجه إلى منى، وأثناء الطريق أراد السائق أن يتعرف على الراكب فقال له: من الشيخ؟ فأجابه الشيخ محمد بن عثيمين، فأجابه السائق: أنت الشيخ ابن عثيمين؟ ظنا منه أنه يمزح معه، فقال: نعم، فقال السائق وهو يهز رأسه متعجبا من جرأته في تقمص شخصية الشيخ ابن عثيمين، فقال الشيخ للسائق: ومن الأخ؟ فأجاب السائق: أنا الشيخ عبد العزيز بن باز، وكان ذلك في حياة الشيخ ابن باز مفتي عام المملكة فأجابه الشيخ لكن الشيخ ابن باز ضرير، ولا يمكن أن يسوق سيارته ولما تبين للسائق أنه الشيخ ابن عثيمين اعتذر منه، وكان في غاية الحرج وهذا يدلنا على تواضع الشيخ ومداعبته لعامة الناس.
===================
(1) الذي يعتبر إحدى الجهود التي يبذلها مشايخنا الأفاضل من أجل نشر العلم والدعوة إلى الله، جزى الله خير الجزاء الإخوة القائمين على هذا المنتدى، وجعل عملهم هذا في ميزان حسناتهم، إنه سميع مجيب الدعاء.
(يتبع)