02 Oct 2014, 09:10 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
|
|
مبحث في اختلاف العلماء في حكم إفراد يوم الجمعة بالصوم
فكرهه أحمد ، قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي عن أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه ، و أما أن يفرد فلا . قلت : رجل كان يصوم يوماً و يفطر يوماً ، فوقع فطره يوم الخميس ، و صومه يوم الجمعة ، و فطره يوم السبت ، فصار الجمعة مفرداً ؟ قال : هذا إلا أن يتعَّمد صومه خاصة ، إنما كُرِه أن يتعمد الجمعة .
و أباح مالك و أبو حنيفة صومه كسائر الأيام ، قال مالك : لم أسمع أحداً من أهل العلم و الفقه و من يُقتدي به ينهى عن صيام يوم الجمعة ، و صيامه حسن ، و قد رأيت بعض أهل العلم يصومه ، و أراه كان يتحراه . قال ابن عبد البر : اختلفت الآثار عن النبي صلى الله عليه و سلم في صيام يوم الجمعة ، فروى ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، و قال قلما رأيته مفطراً يوم الجمعة …
و الأصل في يوم الجمعة أنه عمل بر لا يُمنع منه إلا بدليل لا معارض له .
قال ابن القيم : قد صح المعارض صحةً لا مطعن فيها البتة ، ففي الصحيحين عن محمد بن عباد ، قال : سألت جابراً : أنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم (2) و في صحيح مسلم عن محمد بن عباد قال : سألت جابر بن عبد الله ، و هو يطوف بالبيت : أنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم و ربَّ هذه البَنيَّة (3) .
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يُصوم يوماً قبله ، أو يوماً بعده "(4) .
و في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، و لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " .
و في صحيح البخاري عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها يوم الجمعة و هي صائمة ، فقال : " أصمت أمس ظ قالت : لا . قال : فتريدين أن تصومي غداً ؟ قالت : لا . قال : فأفطري " .
قال الحافظ في الفتح :
" و هذه الأحاديث تقيد النهي المطلق في حديث جابر و تؤيد الزيادة التي تقدمت من تقييد الإطلاق بالإفراد ، و يؤخذ من الاستثناء جوازه لمن صام قبله أو بعده ، أو اتفق وقوعه في أيام له عادة بصومها ، كمن يصوم الأيام البيض أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة ، و يؤخذ منه جواز صومه لمن نذر يوم قدوم زيد مثلاً أو يوم شفاء فلان ".
علة كراهة صوم يوم الجمعة :
قال ابن القيم في الزاد : و ذكر ابن جرير عن مغيرة عن إبراهيم أنهم كرهوا صوم الجمعة ليقووا علي الصلاة . قلت - أي ابن القيم - : المأخذ في كراهيته :
ثلاثة أمور ، هذا أحدها ، و لكن يشكل عليه ، زوال الكراهية بضم يوم قبله ، أو بعده إليه .
و الثاني : أنه يوم عيد ، و هو الذي أشار إليه صلى الله عليه و سلم ، , قد أورد علي هذا التعليل إشكالان :
أحدهما : أن صومه ليس بحرام ، و صوم يوم العيد حرام .
و الثاني : أن الكراهة تزول بعدم إفراده .
و أجيب علي الإشكالين ، بأنه ليس عيد العام ، بل عيد الأسبوع ، و التحريم إنما هو لصوم عيد العام ، و أما إذا صام يوماً قبله ، أو يوماً بعده ، فلا يكون قد صامه لأجل كونه جمعة و عيداً ، فتزول المفسدة الناشئة من تخصيصه ، بل يكون داخلاً في صيامه تبعاً ، و علي هذا يجمل ما رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده و النسائي و الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود إن صح قال : قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفطر يوم الجمعة . فإن صح هذا تعين حمله علي أنه كان يدخل في صيامه تبعاً ، لا أنه كان يفرده ، لصحة النهي عنه …
و المأخذ الثالث :
سد الذريعة من أن يُلحق بالدَّين ما ليس فيه ، و يوجب التشبه بأهل الكتاب في تخصيص بعض الأيام بالتجرد عن الأعمال الدنيوية ، و ينضم إلي هذا المعنى : أن هذا اليوم لما كان ظاهر الفضل علي الأيام ، كان الداعي إلي صومه قوياً ، فهو في مظنة تتابع الناس في صومه و احتفالهم به ما لا يحتفلون بصوم يوم غيره ، و في ذلك إلحاق بالشرع ما ليس منه ، و لهذا المعنى – و الله أعلم – نهي عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي ، لأنها من أفضل الليالي ، حتى فضَّلها بعضهم علي ليلة القدر ، و حكيت رواية عن أحمد ، فهي في مظنة تخصيصها بالعبادة فحسم الشارع الذريعة ، و سدًّها بالنهي عن تخصيصها بالقيام . و الله أعلم .
-----------------------------------------------
المصدر : موقع المنبر - ملتقى الخطباء -
http://www.alminbar.net/fiqhaljuma/s...B9%D9%84%D9%89
|