منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » مــــنـــتــدى الـــلـــغـــة الــعــربـــيـــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 Jun 2010, 01:44 AM
أبو عبد الرحمن حمزة أبو عبد الرحمن حمزة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 250
افتراضي اصطياد الأضداد من لغة الضاد للأستاذ محمد قالية

اصطياد الأضداد من لغة الضاد
للأستاذ محمد قالية


الحمد لله حق حمده والصلاة والسّلام على نبيه وعبده،أفصح من نطق بالضاد وخير من دلّ على الخير العباد.

أمّا بعد، فإن في كلام العرب أضرب من الكلام، وفي هذا العدد أردت أن أجمع من نوع من كلامهم بعض الكلمات المتضادة في المعنى والمتّحدة في اللّفظ، وهذا النّوع يسمّى بالأضداد التي نقلت عن العرب وهي موجودة في الوحي حيث نجد الكلمة الواحدة تدل على معنيين مختلفين بل متضادين وذلك مثل الجلل يراد به الأمر العظيم ويراد به كذلك الشيء اليسير. ومثله ألفاظ كثيرة نتعرف عليها ممّا يدلّنا على أنّ لغة العرب لغة ثرية قويّة لا كما يقول أهل الزّير واحتقار العرب الذين قالوا إنّ الكلمة الواحدة إذا كانت تدلّ على معنيين متضادين، فهذا يدلّ على نقصان حكمة العرب وقلّة البلاغة فيهم وعدم فصاحتهم. وقد ردّ هذا القول كثير من فطاحلة العلماء كابن الأنباري الذي يقول: "ويظنّ أهل البدع والزّيغ والإزراء بالعرب أنّ ذلك كان من نقصان حكمتهم وقلّة بلاغتهم وكثرة الالتباس في محاوراتهم... إلى أن قال... فإذا إِعتَوْرَ اللّفظة الواحدة معنيان مختلفان لم يعرف المخاطَب أيّهما أراد المخاطِب، فبطل بذلك معنى تعليق الاسم على المسمّى. قال: " فأُجيبوا على هذا الذي ظنّوه وسألوا عنه بضروب من الأجوبة: أحدهنّ أنّ كلام العرب يصحّح بعضه بعضا، ويرتبط أوّله بآخره ولا يعرف معنى الخطاب منه إلاّ باستيفائه واستكمال جميع ألفاظه فجاز وقوع اللّفظة على المعنيين المتضادين، لأنّها يتقدّمها ويأتي بعدها ما يدلّ على خصوصيّة أحد المعنيين دون الآخر، ولا يراد بهذه اللّفظة في حال التكلم والإخبار إلا معنى واحدا، فمن أمثلة ذلك كلمة "جلل" في قول الشاعر:

كل شيء ما خلا الموت جلل .... والفتى يسعى ويلهيه الأمل

فدلّ ما تقدّم قبل "جلل" وما تأخر بعده على أن معناه كل شيء ما خلا الموت (يسيـر).

ولا يتوهّم ذو عقل وتمييز أن "الجلل" معناه ها هنا (عظيـم) الذي هو ضد يسيـر.

وقال شاعر آخر وهو الحارث ابن معلة:

فلئن عفوت لأعفونّ جللا .... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

قومي همُ قتلوا أُميم أخي ..... فإذا رميت يصيبني سهمي

فدلّ الكلام على أنّ المراد: (فلئن عفوت لأعفونّ عفوا عظيما) لأنّ الإنسان لا يفخر بصفحه عن ذنب يسيـر حقير، فلمّا كان اللّبس في هذين زائلا عن جميع السائلين، لم يُنكَر وقوع الكلمة الواحدة على معنيين مختلفين في كلامين مختلفي اللّفظين.



وكما في كلمة "ظنّ" التي هي من الأضداد، تدلّ على اليقين وتدلّ على الشكّ، كما في قول الله أصدق القائلين: (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة: ٢٤٩، أراد الذين يتيقّنون ذلك. فلم يذهب وهم عاقل أن الله عزّ وجلّ يمدح قوما يشكّون في لقاءه. وقال تعالى حاكيا عن يونس عليه السّلام: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الأنبياء: ٨٧، والمعنى: ( رجى ذلك وطمع فيه ) ولا يقول مسلم أنّ يونس تيقّن أنّ الله لا يقدرُ عليه أي لا يضيق عليه.

قال ابن الأنباري: " ومجرى كلمات الأضداد، مجرى الكلمات التي تقع على المعاني المختلفة، وإن لم تكن متضادة فلا يعرف المعنى المقصود منها إلاّ بما يتقدّم الكلمة ويتأخّر بعدها، ممّا يوضّح تأويلها.

والكلمات المتضادات نوع قليل عند العرب، كما قال المبرّد في كتاب (ما اتّفق لفظه واختلف معناه) يبيّن أنواع الكلام عندهم: " من كلام العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللّفظين واختلاف المعنيين، فأمّا اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين فقولك: (ذهب وجاء، وقام وقعد، وتكلّم وسكت، وجمل وناقة، ويوم وليلة) وهذا هو الكثير في كلامهم الذي لا يحصى.

وأمّا اختلاف اللفظين والمعنى واحد فقولك: ( ظننت وحسبت، وقدت وجلست، وذراع وساعد، ذهب و مضى) وفي هذا المعنى قال ابن الأعرابي أبوا العبّاس: "كلّ حرفين (لفظين) أوقعتهما العرب على معنىً واحد ففي كل واحد منهما معنىً ليس في صاحبه ربّما عرفناه فأخبرنا به وربّما غمض علينا فلا نلزم العرب جهله".

وأمّا اتفاق اللّفظين واختلاف المعنيين كقولك: وجدت شيئا إذا وجدت ضالّتك، ووجدت على الرّجل من الموجدة في النّفس، ووجدت فلانا كريما أي علمته، وكذلك: ضربت زيدا وضربت مثلا، وضربت في الأرض إذا أبعدت.

وكذلك كلمة الأمّة تقال للجماعة وتقال لتبّاع الأنبياء، والصّالح الذي يؤتمّ به كإبراهيم، والدين أمّة، والمتفرّد بالدّين أمّة، والحين من الزّمان أمّة (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) يوسف: ٤٥.

ومنه: قضى بمعنى حتم وأمر وأعلم وفرغ وأتمّ. فهذه ألفاظ اختلفت وأصلها واحد.



- ومن كلامهم الأضداد التي وردت عن العرب وفي القرآن والحديث فكثرت حتّى أوصلها علماء هذا الفنّ إلى ما يزيد على أربع مائة وستّين (460) كلمة متضادة المعنى، ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر مجموعة:

منها كلمة " ظنّ "، التي تقع على الشك وعلى ضدّه اليقين، فأمّا دلالتها على الشكّ فأكثر من أن تحصى شواهده، ومنه قوله تعالى: (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) الجاثية: ٣٢ . وقوله تعالى: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) الحشر: ٢ .

وأمّا الظن بمعنى اليقين فمنه قوله تعالى: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ) الحاقة: ٢٠، أي علمت وتيقّنت. وكذلك قول الله تعالى: (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ) القيامة:٢٨، أي تيقنّ.

ومن الأضداد "حسب " تكون بمعنى الشك وبمعنى اليقين، فمن مجيئها معنى قول الله تعالى: (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا ) المائدة: ٧١، فحسبوا هاهنا من باب الشك، وفي معنى اليقين قول لبيد:

حسبت التقى والجود خير تجارة ..... رباحا إذا ما المرء أصبح قافلا

حسبت معناه تيقّنت ذلك، وقافلا أي راجعا.

ومن الأضداد لفظ "القرء"، يقال للطّهر قرء وللحيض قرء. ويقال القرء هو الوقت الذي يجوز أن يكون فيه حيض، ويجوز أن يكون فيه طهر، قال الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة: ٢٢٨.

ومن الحجّة لمن قال القرء هو الحيض حديث النبي صلى الله عليه وسلّم للمرأة: {دعي الصّلاة أيّام أقرائك } والصلاة لا تترك أيام الطهر.

ومن حجّة من قال القرء هو الطّهر قول الأعشى في ديوانه:

وفي كل عام أنت جاِشمُ غزوةٍ ..... تشدُّ لأقصـاها عزيـم عزائكا

مٌوَرّثةٍ مـالاً وفي الأصل رفعةً ..... لما ضاع فيها من قروء نسائكا

معناه لما ضيّعت من أطهار النساء فلم تغشهنّ في الطّهر، مفضّلا الغزو الذي أورثك المال والرّفعة.



ومن الأضداد كلمة "البَيْن" تفيد معنى الفراق ومعنى الوصال. فإذا كان المقصود بالبين الفراق كان مصدرا كقول كعب ابن زهير:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ..... متيّمٌ إثرها لم يٌفدا مكبول

أي ذهبت وفارقت. والفقهاء يقولون (بانت المرأة من زوجها) إذا انفصلت منه بطلاق.

وأمّا البين المقصود به الوصل شاهده قوله تعالى: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) الأنعام: ٩٤. في قراءة ابن كثير وابن عامر وأبي عمر وحمزة "بَينُكم" بالضّم أي "وصلكم"، وكذلك قول قيس ابن ذريح:

لعمرك لولا البين لانقطع الهوى ..... ولولا الهوى ما حنّ للبين آلف

أي لولا الوصل.

وقال ابن مالك:

البَين وصل وفراق مستبيــن ..... وما من الرّاء إلى المرء بِين



ومن الأضداد "بعت"، يقال بعت الشيء على المعنى المعروف عند النّاس، وبعت الشيء إذا ابتعته (أي اشتريته)، قال قطرب: شريت بمعنى بِعت. وقال حذيفة رضي الله عند موته: { بيعوا لي كفنا } أي اشتروه.



و"اشتريت" كذلك من الأضداد، يقال اشتيرت الشيء على معنى قبضته وأعطيت ثمنه، وهو المعنى المعروف عند النّاس، ويقال "اشتريت" وشريته إذا بِعته، كما في قوله تعالى: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ) يوسف: ٢٠. (أي باعوه )

وقال الله عزّ وجلّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) البقرة: ٢٠٧. (أي من يبيع نفسه).

وقال الشاعر:

فإن كان ريب الدّهر أمضاك في الأُلى .... شروا هذه الدّنيا بجنات الخلد

(أي باعوا هذه الدّنيا ).

ولا تزال قائمة الأضداد طويلة نتعرّف على بعضها في عدد آخر إن شاء الله تعالى.



إعداد: محمد قـالية

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013