بدِماءِ الأبرِياء والآمِنِين والنِساء والأطفَال والشُيوخ ﴿المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ والمُؤمِنُ من أمِنَهُ الناسُ على دِمائهم
وأعراضِهم ﴾ فهل أمِن الناس على دِمائهم وأعراضِهم مِن جرَائِمِ هؤُلاء ؟ لا واللهِ ، إنهُم كانوا يَتَنَكّرُون بِزيّ الشُرطة والجيش
ويُوقِفون السيارات في أماكِن نائية ويُنزِلون النِساء والعَواتِق والأبكَار ويَأخُذُوهُنَّ إلى الجِبال كسبايَا والعِياذُ بالله ، ويَستَبِيحون
لأنفُسِهم الزِنا بِبَناتِ المُسلِمين والعِياذُ بالله ، ويَقتُلون ولا يرقُبونَ في مُؤمِن إلًا ولا ذمة ، ما الذي يَحمِلُهُم على هذِه القَسوَة ؟ وما
الذي يَحمِلُهم على هذِه الجرائِم ؟ إنَهُ الفِكر القدِيم الجدِيد المُتجدِد ، إنَهُ الفِكرُ الخارِجي التَكفيري لأنهُم ما استَباحوا دِماءَ هؤلاء إلا لمّا
حَكَموا عليهِم بالكُفرِ والرِدة ، فعِندا هؤلاء دِيارُ المُسلِمين كلُها ديارُ حرب لأنها لا تحكُم بالإسلام ولأنها توالِي الكفار فكفَّروا
المُجتَمعات والحكومات وكفروا الأنظِمة والمُوظفين الذينَ يَشتغِلون في الحُكُومات لأنهُم أعوان لهم ، وما عَلِم هؤلاء أنهُ لا يجوزُ تكفيرُ
مسلِمٍ إلا بتوفُر شروطٍ وانتفاء موانع وأنهُ ما لم ينقُض شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمد رسولُ الله فإنهُ لا يُكفَّر وإنهُ معصومُ الدّم لا
يجوزُ سفكِ دمِه ولا نَهب مالِه ولا الاعتداء على عِرضه لقولِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حَرَام ﴾ ثم إنهُم
جهلة كمَا وصَفهُم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قديمَا ﴿حُدَثَاءُ أسنَان سُفَهاءُ أحلام﴾ ومسألَةُ التكفِير تحتَاجُ إلى أئمة راسِخين في
الدّين ليسَ هؤلاء ، ولعلكم رَأيتُموهم هؤلاء الذينَ فَجَّروا أنفُسَهم ـ صبيَ صِغار ـ دونَ العِشرين ، بل ربمَا لم يتَجاوَز أحدُهم السابِع
عشرة ، بُرمِجوا وغُرّرَ بهِم ، غُسِّلت أدمِغَتُهم فأصبَحوا قنابِل موقُوتة ، ثم وُجِّهوا وقيلَ لهُم : إنّ هذا العمَل شهادة وإنّ هذا العمل
بُطُولة وإنّ هذا العملَ جِهاد ، وانظروا إلى هذا التوقِيت يا عبادَ الله لتعلَموا أنّ هناكَ مؤامرَة حقِيرة و خبيثَة ، أعلنَت دُولُ الكُفر
والطغيان عن إنشَاء قِيادَة موحّدة في إفريقيَا ، ثم تَأتِي هذِه التفجِيرات مُتاخِمة لحُدُود بلادِ الغرب ليفزَع الغرب ويَقُول إنّ ناقُوس
الخطَر قد دقّ بلادِنا ولِهذا يَجب أن نتدَخّل في شُؤون هذه البُلدان بدعوة مُكافَحَة الإرهاب واستئصالِه ، فكَم أعطى هؤلاء الجهلَة
الطُغَام أعداءَ الإسلام مبَرِرَات في احتِلال أرضِ المُسلِمين ، هل سَقَطت أفغانستان إلا مِن وراءِ الحماقَات وهل سقطت العراق أيضا ؟
وهل تَدُخُل الدُول الغربية في دارفُور وفي الصُومال وفي لُبنان ومُستقبلا في المغرِب العربي والعِياذ بالله إلا من وراءِ هذه الأفعَال
الرَعنَاء .
الحَمَاسَة لا تكفي يا عبادَ الله ، لابُد من التعُقُّل والحِكمة ، لا بُدّ العودة إلى الله ، لا بدّ من الكوابِح الإيمانية التي تَكبَح التَهور ، هل
أصبَحت بِلاد المُسلمين خَنَادِق قِتال ، تَركوا اليهود وتركوا أعداء الله في ميَادِين القتال واشتَغلوا بالمُسلمين ، تمامًا كما أخبر النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنهُم قديمَا حيثُ قال ﴿يَقتُلُون أَهلَ الإسْلام وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأوْثَان ﴾ هذا شَأنهُم لأنّهم يقُولون لأنّ هؤلاء
البدءُ بِهِم أولى ، هؤلاء هُم أعوانُ الكفار ولِهذا نبدأ بِهِم وما يعلَمُ أنهم بأفعالِهم هذه الخرقاء يَجلِبون أعداء الإسلام لاحتلال بِلادِ
المُسلمين ، وكمَا قالَ بعضُ أهلِ العلم ﴿لا للإسلامِ نصَروا ولا للكُفر كسَروا﴾ أقولِ قولِ هذا واستغفر الله . .
الحَمدُ للهِ ربّ العالمِين وأفضلُ الصةِ وأتَمُّ التسليم على المبعُوثِ رحمةً للعالمين وعلى آلهِ وصحبِهِ الطيبين الطاهِرين .
إنّ هذِه الأفعَال الشَنِيعَة ، وهذِه الجرائِم القَبيحَة إنه ليندى لها الجَبِين وتَقشَعِرُ منها الأبدَان ، إنها جرائِم ما أنزَل الله بهَا مِن سُلطان ،
ليست مِن اللهِ في شيء ، فالإسلام حرّمَ الضِرَار قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿لا ضَرَرَ ولا ضِرَار﴾ وهذا فيهِ إضرارٌ بالمُسلِمين ،
الإسلام حرّمَ إيذاء الآخَرين فكيفَ بالمُؤمِنين وكيف بالمُسلمين ، الإسلام دينُ رحمة وهذِه الأفعال تتنافى مع الرحمَة والنبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ يقول ﴿مَن لا يَرحَمْ لا يُرْحَم﴾ ويَقول ﴿إنَّ الرحمَةُ لا تُنزَعُ إلا مِن شَقي﴾ وهؤلاء أشقِياء إذ استَهدَفوا المُسلِمين وروعوا
الآمنِين وأخَافوا الناس والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ﴿فَكَيْفَ بِرَوعَةِ المؤمِن﴾ وأيضًا زَعزعُوا أمنَ البِلاد وأخافوا العباد ضربٌ
من أعظَمِ الفسَاد قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾ فأيُّ فسادٍ أعظمُ من هذا الفساد
مهما جيّشنا مِن الجُيوش ومهما أعدَدنا من الإعدَادات المادية والحِسية والتِقنية والمُراقبة وأجهِزةِ الإنذَار المُبَكِر وغيرُ ذلِك ، إذا لم نُحي
الإيمان في النُفوس الذي يكبح جماح النُفوس ويُوقِفُها عند حُدود الله ، لا يُمكن أن يقوم أمنٌ في بلادِ المُسلِمين ، ولِهذا حاجَتُنا إلى
الإيمان أشدُ مِن حاجَتِنا إلى الطعامِ والشرابِ ، ولِهذا حينما أقصت الدول العَربية والإسلامِية الإسلام وجَعَلتهُ على الرُفُوف دفعت ثمنًا
باهظاً ، لأنّ من نصرَ دينَ الله نصَرَهُ الله ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ ومع كلِ ذلِك فليسَ هناكَ ما يبرِرُ لهؤلاء القتَلَة
والتَكفِيريين أن يخرُجوا بالسلاح ، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ﴿مَن حَمَلَ عَلَيْنَا السِلاح فَلَيسَ مِنّاَ﴾ من قتل نفسهُ بحديدة
فهو يتوجّأُ بِها في بَطنِه في نارِ جَهنم خالداً مُخلداً يومَ القِيامَة ، لزَوالُ الدُنيا أهونُ عندَ الله مِن قتلِ رجلٍ مُسلِم ، نظر عُمَرُ إلى الكعبَة
فقال ﴿ما أعظَمَكِ وما أعْظَمَ حُرمَتَكٍ عِندَ الله غَيرَ أنّ حُرمةَ دَمِ المُسلِم أعظَم عِندَ اللهِ مِنك﴾ .
فَعلينا أنْ نتقي الله وأنْ نحذَر هؤلاء أنْ لا يَنْدَسُّ إلى بُيوتِنا ، نحذر هؤلاء على أنْ يَلعَبوا بِعقولِ أبنائنا ، أنْ تنظُر لابنك مَن يُماشي
وماذا يقرَأ ، إني أخشى على الشَباب مِن الفكرِ التكفيري ، لقد أشغَلُونا هؤلاء عن أعدائنا الظاهِرين من يهُود ونصارى ومُحاربين
ومنافقين ومن باطِنيين ، يقتُلون المُسلمين شرّ قِتلَة ويُريدون بثّ سُمُومهم في المنطقة لحربها على الصراط المُستقيم وإتباع سبيلِ المُجرِمين
لا إتباع سبيلَ المُؤمنين الأولين مِن الصحابة والتًابعين وأتباعِهم إلى يومِ الدّين ، فاتقوا الله عبادَ الله واعلموا أنّ هذه الأعمالِ والجرائِم
ليسَت من الإسلامِ في شيء وليست من الدّين في شيء والإسلامُ منها بَرَاء ، فعليكُم بما كان عليهِ المُصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وأصحابُه الكِرام وآلُ بيتهِ الطاهرِين ، عليكُم بالعلم فإن العلم هو البصيرة ، إنّ العلم واللجوء إلى العُلماء في أيامِ الفِتن هُو المُعتَصم
مِن الفِتن هو المُخرج من المِحَن هو الذي يَقِينا هذه الأفكار الخبيثة الضالة المُضلة التي سَتَجلِبُ لبلادِ المُسلمين الذُل والصهار والعار
والشنار وستُعطي مُبَرِرَات لأعدائِهم أن يتسلطوا عليهِم وأن يُقاتِلُوهم باسمِ الإسلام فيضطّر كثيرٌ مِن المُسلمين إلى ان يتعاوَنوا مع
هو الشيخ الدكتور المقرئ؛ محمد بن موسى بن حسين آل نصر؛ وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل مالك بن عوف النصري من بني نصر من قبيلة هوازن من الطائف .
ـ ولادته:
ولد في مخيم بلاطة في مدينة نابلس الواقعة في فلسطين سنة (1374 هـ - 1954م).
ـ أسرته ونشأته وطلبه للعلم:
نشأ في بيت صلاح ودين، وكان جده إماماً معروفاً في بلده بالصلاح والتقوى. ولد والده في مدينة يافا في فلسطين هاجر وأسرته من (مدينة يافا) إثر نكبة (1948)، وسكنوا في مخيم بلاطة؛ وبحكم كون أبيه مزارعاً انتقل إلى أريحا حيث أنهى دراسته الابتدائية، ثم نزلوا غور الأردن، وهناك أنهى دراسته الإعدادية، ثم سكن الزرقاء، وفيها أنهى دراسته الثانوية. ثم رحل الشيخ في طلبه للعلم إلى المدينة النبوية، وهناك التحق بالجامعة الإسلامية وحصل على شهادة البكالوريوس سنة (1401هـ)؛ تخصص قراءات وعلوم القرآن. وحصل على الماجستير من جامعة البنجاب (عام 1984م) في الباكستان بتقدير (جيد جداً) في العلوم الإسلامية. وحصل أيضاً على ماجستير من وفاق الجامعات الباكستانية بتقدير (ممتاز) في العلوم الإسلامية واللغة العربية.
سافر إلى باكستان لمدة ثلاث سنوات؛ حفظ فيها القرآن الكريم، والتقى بالشيخ عطاء الله حنيف، ولازمه لمدة شهر، وأجازه الشيخ في أسانيد الكتب التسعة، والتقى أيضاً بالشيخ بديع الدين الراشدي، وأجازه بثبته في كتب الحديث، وكانت بينه وبين الشيخ مراسلات.
حصل على شهادة الدكتوراة في التفسير وعلوم القرآن بتاريخ(27 / 7 / 1997م) من جامعة القرآن بأم درمان بالسودان؛ وكان موضوع الأطروحة: ((اختيارات الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام ومنهجه في القراءة)) وحصل على تقدير (ممتاز).
وكانت بداية معرفته بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني في أوائل السبعينات من خلال كتبه: ((صفة صلاة النبي ))، و((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد))، و((السلسلة الصحيحة))، و((السلسلة الضعيفة)) وغيرها. وسـافر إلى دمشق الشام في أواسط السـبعينات؛ وهناك التقى بالشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في المكتبة الظاهرية؛ حيث طرح عليه أسئلة إثر شبه ألقاها بعض أهل البدع من التكفيريين؛ فأجابه الشيخ ـ رحمه الله ـ إجابات شافية، وعندما هاجر الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ إلى الأردن، واستقر فيها، لزمه الشيخ حتى وارى جسده التراب.
ـ مشاهير شيوخه:
1 ـ العلامة الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ.
2 ـ الشيخ عبد الفتاح القاضي؛ شيخ القراءات ـ رحمه الله ـ.
3 ـ الشيخ عطاء الله حنيف ـ رحمه الله ـ.
4 ـ الشيخ بديع الدين الراشدي ـ رحمه الله ـ.
ـ ثناء العلماء عليه:
أثنى عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وكان يقدمه للإمامة في بيته وفي الأسفار؛ وكان دائماً يقول: ((معنا إمامنا)).
وكان الشيخ ـ رحمه الله ـ يرسل إليه الطلبة لتلقي القراءات عنه. وأثنى عليه ـ أيضاً ـ الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عندما سمع قراءاته في مكتبه وقال: ((قراءتك طيبة، وليس فيها تكلف ولا تعسف، وأثنى عليه خيراً)). وزكاه الشيخ ـ أيضاً ـ ليشارك في توعية الحجاج.
ـ جهوده الدعوية:
1 ـ عقد حلقات تعليم القرآن وأحكام التجويد.
2 ـ من مؤسسي مجلة (الأصالة)، وكان رئيساً لها منذ صدورها وحتى الآن، وكان من محرريها، وكتابها.
3 ـ من مؤسسي مركز الإمام الألباني للدراسات المنهجية والأبحاث العلمية - ونائبا لمدير المركز .
4 ـ المشاركة في المؤتمرات الإسلامية، واللقاءات الدعوية، والدورات العلمية في عدد من دول العالم، مرات متعددة؛ مثل: أمريكا، بريطانيا، فرنسا،اندونيسا … وغيرها.
5 ـ عمل مع وزارة الأوقاف الأردنية (إماماً وخطيباً ومدرساً للقراءات ومدققاً للمصحف ومحكماً للمسابقات) منذ عام (1981 ـ 1987م).
6 ـ تولى تدريس مادة التجويد وعلوم القرآن والتفسير في جامعة العلوم التطبيقية ـ كلية الآداب، قسم الشريعة ـ حتى عام (2000م).
7 ـ انتدب للعمل في البحرين تحت إشراف مركز الدعوة والإرشاد السعودي لمدة أربع سنوات منذ عام (1987 ـ 1991م) .