مسألة التساهل في الإسناد في فضائل الأعمال
الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على نبينا الأمين، و على آله الطاهرين، و صحبه الأبرار الصادقين.أما بعد،
فمن المسائل التي اختلف فيها أئمة الحديث، مسألة : التساهل في أحاديث فضائل الأعمال و الترغيب و الترهيب، و قد تطفلت على بعض الكتب المصنفة في المصطلح قصد الانتفاع و التفقه في هذه المسألة، و قد جمعت ما تيسر جمعه في ورقات، و تقصدت الاختصار فيه، ثم رأيت تعميم الفائدة، و زيادة الاستفادة من إخواني الأفاضل أعضاء هذا المنتدى الطيب المبارك.
أئمة الحديث قد اختلفوا في مسألة التساهل في أسانيد أحاديث فضائل الأعمال على ثلاثة أقوال :
1 _ من منع مطلقا.
2 _ من أجاز مطلقا.
3 _ من أجاز بشروط.
القول الأول : و هو قول من منع مطلقا، و به قال :
_ ابن العربي المالكي.
_ محمد بن إسماعيل البخاري.
_ مسلم بن الحجاج.
_ يحي ابن معين.
_ أبو زرعة الرازي.
_ أبو حاتم الرازي.
_ ابن أبي حاتم.
_ شيخ الإسلام ابن تيمية.
_ أبو سليمان الخطابي.
_ أبو محمد ابن حزم.
_ الإمام الشوكاني.
_ صديق حسن خان.
_ الإمام الألباني.
_ العلامة بن عثيمين.
_ العلامة مقبل الوادعي.
أدلة أصحاب هذا القول :
1 _ أن هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم، و إسناد العمل إليه يوهم ثبوته.
2 _ أن هذا يؤدي إلى ظن من لا معرفة له بالحديث أنه صحيح.
3 _ قول النبي صلى الله عليه و سلم : "من قال عني فليقل حقا أو صدقا، و من تقول علي ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن ماجه و حسنه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه (35).
4 _ أنه لا دليل على هذا التفصيل.
5 _ أن من العلماء من يستنبط الأحكام الشرعية من الأحاديث المروية في الترغيب و الترهيب.
6 _ أن هذا من أكبر الأسباب التي حملت الناس على الابتداع في الدين.
القول الثاني : و هو قول من أجاز مطلقا، أي : يعمل به في الحلال و الحرام، و الفضائل، و غيرها، و هو قول :
_ أبي داود.
_ أبي حنيفة.
_ مالك بن أنس.
_ محمد ابن إدريس الشافعي.
و يشترطون شرطين :
1 _ أن يكون الضعف فيه غير شديد؛ لأن ما كان ضعفه شديدا فهو متروك عند كافة العالماء.
2 _ ألا يوجد في الباب غيره، و ألا يوجد ما يعارضه.
القول الثالث : و هو قول من أجازه في فضائل الأعمال بشروط، و به قال :
_ أحمد بن حنبل.
_ سفيان الثوري.
_ سفيان ابن عيينة.
_ أبو زكريا العنبري.
- عبد الرحمن بن مهدي.
_ ابن المبارك.
_ ابن عبد البر.
_ نقل النووي الإجماع على هذا في الجزء الذي جمعه في جواز القيام.
شروطهم :
1 _ ألا يشتد ضعف الحديث، و هذا الشرط نقل العلائي الاتفاق عليه.
2 _ أن يندرج تحت أصل معمول به يشهد له أو قاعدة كلية.
3 _ ألا يعتقد ثبوته.
4 _ ألا يشهر بين الناس.
5 _ ألا يتعلق بالحلال و الحرام أو العقائد.
6 _ ألا يعارض دليلا صحيحا.
7 _ ألا يعتقد سنية ما يدل عليه.
تنبيه مهم : من العلماء من قال أن المراد من قول هؤلاء هو الضعيف في اصطلاح المتقدمين، و هو الحسن في اصطلاح المتأخرين.
و هذا القول فيه نظر؛ فإن الحسن يحتج به مطلقا في العقائد، و الأحكام، و الفضائل، و غيرها.
مصادر و مراجع المسألة :
_ الكفاية للخطيب (ص 151).
_ النكت للزركشي (ص 245).
_ مقدمة ابن الصلاح (ص 210).
_ جامع بيان العلم لابن عبد البر (ص 37).
_ تدريب الراوي للسيوطي (1/503-504).
_ الأربعون النووية (ص 15).
_ التقييد و الإيضاح للعراقي (1/549).
_ محاسن الاصطلاح للبلقيني (ص 234).
_ شرح ألفية السيوطي محمد آدم الإثيوبي (1/380).
_ شرح اختصار علوم الحديث للوادعي (ص 175-176).
_ الحديث الضعيف و حكم الاحتجاج به لعبد الكريم الخضير (ص 249).
_ المحرر في مصطلح الحديث لحمد العثمان (ص 117).
_ الباعث الحثيث لأحمد شاكر (1/276).
_ صحيح الترغيب و الترهيب للإمام الألباني (1/47).
_ صحيح و ضعيف الجامع للإمام الألباني (1/50).
رحم الله الأموات منهم و غفر لهم، و حفظ الأحياء و سددهم.
نفعنا الله بما علمنا و علمنا ما ينفعنا، و زادنا علما.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد، و على آله و صحبه أجمعين.