منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 May 2012, 03:09 AM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي مُرْشِدُ الخَائِض في صَلاَةِ السَّادِلِ والقَابِض [الجزء الأول]

بسم الله الرحمن الرحيم


مُرْشِدُ الخَائِض في صَلاَةِ السَّادِلِ والقَابِض


الحمد لله المرسل خاتم الأنبياء، فأتمَّ بقبضه شريعته الغرَّاء، وتركها نقية بالغة الحسن والصَّفاء، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد الحنفاء، وعلى آله وصحبه أهل الوفاء، أما بعد:
فإن مسألة القبض في الصلاة من أكثر المسائل تجاذبا في المذهب، بين مثبِتٍ لسُنِّيَّةِ القبض، ومن للسَّدل ذَهَبَ. وإن عناية المالكية بهذه الجزئية التي حكمها الاستحباب بالكم الهائل من التواليف ليعرب عن نقيضين: تحرر فقهي، وتعصب مذهبي، على اختلاف المشارب وتباين المدارك؛ إذ منهم من نبغ في التأليف، وخدم المسألة خدمة بارعة بنفس أصولي نفيس، مستندا لقواعد المذهب ومسالك الترجيح المعتمدة؛ كالشيخ المسناوي وابن عزوز، ومنهم من اكتفى بالنقل عن سابقه دون زيادة تحقيق أو استدلال وثيق، ومن القوم من أشهر سوط التَّقريع، وركب غمار التَّشنيع، وكتاب مايابي من ذاك الصَّنيع.
وعليه سأحاول الخوض في غمار المسألة والكشف عن حرفها، وتتبع ما سطر فيها من مطبوع ومخطوط، وقد أحكم على الكتاب بما يقتضي المقام، وحيث لم أطلع على الكتاب اكتفيت بذكر عنوانه ومؤلفه، مع العزو إلى مكان تواجده.
تعريف القبض:
لغة:القاف والباء والضاد أصل واحد صحيح يدل على شيء مأخوذ، وتجمع في شيء([1]).
اصطلاحا:أخذ اليمنى باليسرى واضعا لها تحت الصدر وفوق السرَّة([2])، وعبَّر عنه بعض علماء المغرب والأندلس بمصطلح التكتيف([3]).
تعريف السَّدل:
لغة: السين والدال واللام أصل واحد يدل على نزول الشيء من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ ساترا له([4]).
اصطلاحا:إرسال اليدين للجَنْبِ([5]).
تحرير محل النزاع:
اتفق علماء المالكية على مشروعية اعتبار هيئة معينة لليدين في الصلاة، ثم اختلفوا في صفة تلك الهيئة؛ فمنهم من قال بسدلهما، ومنهم من ذهب إلى اعتماد القول بقبضهما.

حكاية الأقوال: تنحصر أقوال علماء المذهب في مسألة القبض في خمسة

القول الأول: القول باستحباب القبض في النَّفل والفرض وترجيحه على السَّدل. وهو قول مالك في الواضحة، وسماع القرينين عبد الله بن نافع وأشهب، ومُطَرِّف، وابن الماجشون، وابن وهب، وابن زياد، وابن عبد الحكم، وابن حبيب، وسحنون ويعزى إلى أهل المدينة، وإليه ذهب القاضي عبد الوهاب، وابن عبدوس، وابن أبي زيد، وابن بشير، واختاره محقِّقو المذهب من بينهم ابن عبد البر، واللَّخمي، وابن رشد، وحفيده أبو الوليد، وابن العربي، والقاضي عياض، وابن الحاجب، والقرافي، والرّجراجي، والقرطبي، وابن عبد السَّلام، وابن شاس، وابن عرفة، وابن الحاج، والموَّاق، والقلشاني، وابن جزي، والقباب، والثَّعالبي، والسّنوسي، وأحمد زَرُّوق، والسَّنهوري، والأجهوري، والعيَّاشي، والخِرْشي، والشَّبَرْخيتي، وعبد الباقي، ومحمد ابنه، والمسناوي، والبُنَّانيّ، وسلَّمه الرّهوني مع دقة انتقاده، والسّوداني، والعدوي، والدّردير، والدّسوقي، والصّاوي، والأمير، وحجازي، وعلّيش، وابن حمدون، والسّفطي، والشَّيخ محمد كنون، وغيرهم([6]).
القول الثاني: القول بالكراهة مطلقا. وهو قول آخر لمالك، ومذهب المدونة التخصيص بالفريضة، ورجَّح في البيان والتَّحصيل الكراهة فيهما إلا إن طال القيام([7]).
القول الثالث: القول بالإباحة والتَّخيير بين القبض والسَّدل. هو قول مالك في سماع القرينين كما نقله ابن رشد في البيان، وجاء مثله عن أشهب([8])، واختاره ابن عبد البر في الكافي([9]).
القول الرابع: القول بمنعه فيهما. حكاه الباجي عن العراقيين في إحدى رواياتهم، وتبعه ابن عرفة. وهو من الشذوذ بمكان كما صرَّح المسناوي([10]).
القول الخامس: استحباب السّدل. لرواية ابن القاسم في المدونة، ونسب إلى السّهرودي، والزَّرقاني، الرُّهوني، وكنون، وشهّره الخِرشي، والتتائي، والدردير، واختاره ابن عاشر([11]).
ومَرَدُّ هذه الأقوال إلى قولين؛ الأول: القول باستحباب القبض، الثاني: القول باستحباب السدل، وحاصل استدلال الفريقين نلخصه في الآتي:

أولا: الأحاديث الواردة في القبض والإرسال

احتج المستدلّون للقبض بالأحاديث الواردة في ذلك وهي نحو من عشرين حديثا عن نحو ثمانية عشر صحابيا؛ منها حديث سهل بن سعد قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة»([12])، وعن وائل بن حُجر في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وفيه: «ثم الْتَحَفَ بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى»([13]). أما القائلون بالإرسال فعمدتهم حديث المسيء صلاته وحديث أبي حميد الساعدي([14]) ووجهه أنه بيَّنَ فيهما المستحبات والواجبات ولم يذكر القبض ومجرد العموم كاف في مطلق الاحتجاج([15])، ورُدَّ حديث سهل بكونه منسوخا ويدل عليه عمل راويه بخلافه فهو أدرى بمرويه.
ويرفع الخلاف ما جاء في الموطأ فهو عمدة المالكية، قال مالك: باب وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، ثم ساق حديثين في الباب([16]). وقاعدة المذهب: أن قول مالك في الموطأ مقدم على قوله في غيره، وأن مالكا لم يدخل في كتابه إلا الأحاديث التي عليها العمل. قال الهسكوري: «إنمّا يفتى بقول مالك في الموطأ، فإن لم يجده في النازلة فبقوله في المدونة»([17]).

ثانيا: رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة

جاء في المدونة ما نصُّه: باب الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد؛ قال: وسألتُ مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئُ على الحائط فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني، وأما في النافلة فلا أرى به بأسا. قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط. قال: وقال مالك: إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد - وكان لا يكره الاعتماد-. قال: وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فليصنعه. قال: وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصَّلاة قال: لا أعرف ذلك في الفريضة -وكان يكرهه- ولكن في النَّوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه.
قال سُحنون: عن بن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة»([18]).
استدلَّ القائلون بالسَّدل بظاهر قول مالك: «لا أعرف ذلك في الفريضة» على كراهة القبض، وحملت الكراهة على ثلاثة تأويلات ذكرها خليل في المختصر بقوله: «وسدل يديه، وهل يجوز القبض في النَّفل أو إن طوَّل، وهل كراهته في الفرض للاعتماد أو خيفة اعتقاد وجوبه أو إظهار خشوع؛ تأويلات»([19]).
أما القائلون بالقبض فلهم مسالك في تأويل ما جاء عن مالك:
المسلك الأول:
في إجمال خليل للتَّأويلات الثلاث. قالوا: أما الثاني والثالث فممتنع لانسحابهما على النفل، فيلزم الأول وهو قصد الاعتماد. فيصار إلى القول بالكراهة إذا قصد الاعتماد؛ بالنظر إلى علة الحكم وهو تعليل بغير المظنة، ذلك أن قصد الاعتماد يدور مع العلة وجودا وعدما وغير ملازم لها.
المسلك الثاني:
في اعتبار نسق المدونة. إذ ينبئ على تخصيص الكراهة بقصد الاعتماد لقوله-سحنون: الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد، ثم أورد مسائل في ذلك منها القبض، أعقبه بذكر أثر عن غير واحد من الصحابة «أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة». قال الشيخ ابن عزوز: «وبه تعرف مراد ابن القاسم بالكراهة إلى أين توجه، ومراد سحنون وهو المتلقي إملاء المدونة، لله درّه ما أدق نظره وما أبصره بحسن تنسيق الإفادة، حيث خشي أن تؤخذ الكراهة التي رواها عن ابن القاسم مطلقة مغفولا عن قيدها بقصد الاعتماد -وقد وقع-، فأعقبها بثبوت سنيتها إشعارا بطرفي المسألة رحمه الله»([20]).
المسلك الثالث:
في اصطلاح قول مالك لجنس المشروع: «لا أعرفه».قال ابن رشد في تفسير إنكار مالك: «أنكر وجوبَه وتعيُّنَه، لا أن تركَه أحسنُ من فعله، لأنه من السُّنن التي يستحب العمل بها عند الجميع» ([21]). ونحو هذا التأويل لابن بشير وابن العربي لكل إنكار مالك لما هو من جنس المشروع([22]).

ثالثا: الاحتجاج بعمل أهل المدينة

احتج القائلون بالسَّدل بعمل أهل المدينة، ذلك أن مالكا ترك العمل بالقبض رغم روايته حديثه في الموطأ، فهو من قبيل الخبر المعارض لعمل أهل المدينة، وتدل عليه رواية ابن المسيّب بذلك([23]).
أُجيبَ عن هذا الاعتراض بمسلكين: تأسيس، وتنصيص.
أما التأسيس:
في تحرير القول بحجية عمل أهل المدينة؛ إذ المعتبر فيه إجماعهم لا مجرد عملهم كما حققه فحول المذهب.
أما التَّنصيص: فمن وجهين:
الأول: في إثبات دعوى الإجماع:
لم يدَّعِ أحد من أهل الكتب المعتمدة أن السَّدل من عمل أهل المدينة قبل التتائي، وحكاه الدردير ولم يثبته، ومثله الصاوي ثم كرَّ عليه، وتبع التتائي محمد عليش فيفتح العلي المالك. وادعاه محمد عابد في القول الفصل وابن مايابى في إبرام النقض، ولم يثبت عن مدنيي السلف المعتبر إجماعهم سوى قيل عن ابن المسيّب وحده، قال الشيخ الغماري: «إن عمل أهل المدينة بالسَّدل لم ينقله أحد من خلق الله، وإنما صار عملا لهم بعد مرور ألف سنة عليهم وهم في قبورهم!»([24]).
الثاني: في نقض دعوى الإجماع:
أن عمل السلف من الصحابة والتابعين لا زال على القبض ولم يرد السّدل عن أحدهم قط، بل تواطأ المدنيون في رواية القبض عن مالك إمام أهل المدينة([25]).

رابعا: المنازعة في تشهير أحد القولين

من قواعد التَّرجيح المتجاذبة بين علماء المذهب؛ والتي سُلِكَتْ لدفع تعارض الأقوال: خلافهم في تقوية القول المشهور على الراجح، أو تقديم الرَّاجح على المشهور، وهذا الأخير استقر عليه اصطلاح المذهب، فإن الراجح هو ما قوي دليله، والمشهور ما كثر قائله([26])، وقيل إن المشهور هو قول ابن القاسم في المدونة([27]).
وإنما قُدِّمَ الراجح لأن قوته نشأت من الدليلنفسه من غير نظر للقائل، أما المشهور فنشأت قوته من القائل. قال القرافي: «وكان مالك يراعي ما قوي دليله لا ما كثر قائله»، وقال ابن خورز منداد: «مسائل المذهب تدل على أن المشهور ما قوي دليله، وأن مالكا رحمه الله كان يراعي في الخلاف ما قوي دليله، لا ما كثر قائله»، ومثله عن ابن العربي وابن عبد السلام ([28]).
وعليه تنازع الفريقان في تقديم أحد القولين؛ فذهب الفريق الأول إلى تشهير القول بالسَّدل لكثرة قائله، ولكونه رواية ابن القاسم في المدونة، والقاعدة عندهم «إذا اختلف الناس عن مالك؛ فالقول ما قال ابن القاسم»([29]). ويدلُّ على سلامة هذا القول تصدير خليل له في المختصر، حيث قال: «وسدل يديه، وهل يجوز القبض في النَّفل أو إن طوَّل»([30]) فكان مما تجب به الفتوى كما بيَّنه في خطبته([31]).
وقد اعترض الفريق الثاني على هذا الاستدلال بما يلي:
أولا:
تقرير وجوب العمل بالرَّاجح وتقديمه على المشهور كما حققه أساطين المذهب.
ثانيا:
عدم التَّسليم بتشهير القول بالسَّدل لكثرة القائلين به، ذلك أن أكثر علماء المذهب قائلون بالقبض كما حققه ابن عزوز، إذ أفاض في تسمية القائلين بالقبض ففاق بهم الخمسين. وعليه فقد اجتمع في القبض قوة الدَّليل وكثرة القائل.
ثالثا:
تحرير القول فيما اختلف فيه عن مالك. بان أن مالكا وأصحابه قائلون بالقبض إلا ما انفرد به ابن القاسم، فتُرَجَّحُ رواية الأكثر على رواية الأقل.
بل إن ابن القاسم قد فارق مالكا! ويدل عليه قول سحنون: «أنا عند ابن القاسم بمصر وكتب مالك تأتيه»([32]). والمدنيون الذين رووا القبض عن مالك حاضرون وفاته، وقد سئل مالك: لمن هذا الأمر بعدك؟ قال: «لابن نافع»([33]). فتبيَّن بهذا رجوع مالك عن القول بالسَّدل على ظاهر رواية ابن القاسم-، والعمل على ما رواه أهل بلده الملازمون له إلى وفاته([34]).
هذا أهم ما استدل به الفريقان، بالإضافة إلى أدلة أخرى كالقول بالنسخ، والاحتجاج بجريان العمل، وشرع من قبلنا، وهي مبسوطة في كتب هذا الشأن، والتي سيرد ذكرها في فيما يلي.

سبب الخلاف:

أرجع ابن رشد سبب الخلاف في المسألة إلى اختلاف الآثار الناقلة للقبض من عدمه، حيث قال: «والسَّبب في اختلافهم أنه قد جاءت آثار ثابتة نُقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسَّلام، ولم يُنقل فيها أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى، وثبت أيضا أن الناس كانوا يؤمرون بذلك»([35]).
والأظهر أن سبب الخلاف هو رواية المدونة التي ظاهرها كراهة القبض؛ ذلك أن السَّدل لم يُعرف في أحد من المذاهب خلا المالكي، وأن القائلين به مستندون إلى قول مالك غير معتنين بالآثار المروية إلا لاستدلال موافق لمشربهم([36]).
وأما ما ذكره بعضهم أن الخليفة المنصور ضرب الإمام على يده، فشُلَّت فكان منه أن سدل؛ فهي رواية واهية، لا زمام لها ولا خطام!

* ذكر المؤلفات التي عنيت ببحث مسألة القبض عند المالكية.

- الكتاب الأول:
شفاء السَّالك في إرسال مالك.تأليف الملا علي بن سلطان محمدالقاري الحنفي، المتوفى سنة 1014هـ.
أصله مباحثة جرت بين الشَّيخ القاري وبعض الأفاضل عن مأخذ مالك في قوله بالإرسال، حيث استند إلى تحرير القرطبي للمسألة، ثم عمد إلى الإيراد الثاني وهو: السَّدل تجنبا للاعتماد المنهي عنه في حديث أبي داود([37])، واجتهد في دفع التَّعارض الوارد مع ما روي في الصحيحين من القول بالوضع، معتذرا للإمام في اجتهاده، مما يدل على أنه لم يطلع على أمهات الفقه المالكي ولم يتتبع أصول المسألة وأطرافها كما أفاده ابن عزوز([38]).

-الكتاب الثاني: رسالة في الرَّد على علي القاري تأليف الشيخ محمد مكين
، ذكرها المحبي في ترجمة القاري بقوله: «واعترض على الإمام مالك في إرسال اليد في الصلاة وألف في ذلك رسالة فانتدب لجوابه الشيخ محمد مكين وألف رسالة جواباً له في جميع ما قاله ورد عليه اعتراضاته»([39]).

-الكتاب الثالث: نصرة القبض والرَّد على من أنكر مشروعيَّته في
صلاة الفرض. تأليف الشيخأبي عبد الله محمد المسناوي الفاسي، المتوفى سنة 1136هـ.
قسَّم المسناوي رسالته إلى ثلاثة مباحث؛ المبحث الأول: في حكم القبض في صلاتي النَّفل والفرض، حكى الخلاف القائم في المذهب وحرَّر القول فيه، ثم ضرب بسهم وافر في الاحتجاج للقبض، وساق الأدلة القاضية بمشروعيته. المبحث الثاني: في القول بالتَّقليد وما ورد في القول بالانتقال من مذهب إلى آخر من تخفيف وتشديد. أما المبحث الثالث: في رَدِّ ما عُدَّ لنَقْضِ القَبْضِ، من ذلك القول بعدم روايته عن الإمام مالك، أو عدم مشهوريته، وجريان العمل بخلافه عند أهل المغرب. يجدر القول إن المسناوي قد خدم المذهب خدمة جليلة؛ بجمعه شتات المسألة، وتحريره موطن النّزاع، مع الإسهاب في الانتصار لسنة القبض.

-الكتاب
الرابع: الدَّليلالواضح لبيان أن القبض في الصَّلوات كلها مشهور واضح، لأبي عبد الله المسناوي، مطبوع.

-الكتاب الخامس: رسالة في القبض
، تأليف محمد بن أبي بكر الديماني المالكي المتوفى سنة1166هـ، جمع فيها جملة من أحاديث القبض، وكلام المالكية في المسألة([40]).

-الكتاب السادس: شِفَاءُ الصَّدر بأَرْيِ المسائل العشر
، تأليف الشيخ محمد بن علي السنوسي الخطابي الجزائري، المتوفى سنة 1276هـ.
أورد الخطابي عشر مسائل يكثر حولها النزاع في المذهب، من ذلك مسألة القبض في الصلاة، إلا أنه اكتفى بحكاية الخلاف الذي حرره ابن عرفة، ناقلا ذلك عن المسناوي، ومختصرا لما أورده في رسالته نصرة القبض.

-الكتاب السَّابع: تبصرة القضاة والإخوان في وضع اليد وما يشهد له من البرهان
: تأليف الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالكي المتوفى سنة 1303هـ، طبع بمطبعة بولاق سنة 1286هـ، وتوجد منه نسخة مخطوطة بالمكتبة الأزهرية، فهرس الفقه المالكي برقم: (303450)، ونسخة ثانية بمركز جمعة الماجد للتراث؛ فهرس الفقه المالكي برقم(249) ([41]).

-الكتاب الثامن: تقييد الرَّد على من يقبض في صلاة الفرض
، لعبد الله بن خضرا قاضي فاس المتوفى سنة 1323هـ، طبع مع فتوى في المسألة لأحمد بن خياط الزكَّاري المتوفى سنة 1343هـ، محفوظ بالخزانة العامة بالرباط برقم (1724د) ([42]).

-الكتاب التَّاسع: المبرة في أن القبض في الصلاة هو مذهب إمام دار الهجرة
، تأليف الشيخ محمد المكي بن عزوز([43]). ولعل المؤلف قصد كتابه هذا في قوله: «ولسنا الآن بصدد بيان ما تحرر بالنظر من خلاف الأيمة في الأمور المتعلقة بوضع اليدين، وقد حررناه في غير هذا بموازنة الأدلة وأوضحنا الأصوب في ذلك» ([44]).

-الكتاب العاشر: هيئة النَّاسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام
مالك، تأليف الشيخ محمد المكي بن عزوز المتوفى سنة 1334هـ.
هذا الكتاب من أَجَلِّ ما أُلِّفَ في الباب، ذلك أن صاحبه هو الشيخ المكي بن عزوز المتبحر في الفنون، والمدرك لمبالغ الظنون. استهله بمقدمة في وجوب الصَّدع بالحق المعلوم، وقسَّمه إلى عشرة أبواب؛ تعاطى فيها تفصيل ما أجمل، وتوضيح ما أشكل في مسألة القبض، حيث أفاض في تسمية القائلين باستحباب القبض بجمع لم يسبق إليه، وقرَّر عدم جواز الإفتاء بكراهة القبض في الصلاة إلا مقرونا بقصد الاعتماد، لأنه المرجَّح من تأويلات الكراهة، وبيَّن ثبوت القبض عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا بصفة تبلغ حدَّ التواتر، ثم تقصّى ما استُدِلَّ به للسَّدل؛ وبيَّن ضعفه وغرابته وعدم ثبوته في السنة، ولا عن أحد من الصحابة إلا ما روي ضعيفا عن ابن الزبير رضي الله عنه-، بل ثبت عنه خلافه، أما ما جاء عن الأيمة فلا يصلح للاحتجاج، ثم بيَّن معنى الراجح والمشهور وأن القبض اجتمع له قوة الدليل وكثرة القائل. أهم ما انفردت به هذه الرّسالة عن غيرها هو الطابع الفقهي المتين المبني على قواعد الأصول ومسالك الترجيح المعتمدة في المذهب، فكانت بحق أصلا في الباب خدم بها الشيخ مذهب مالك خدمة جليلة، وكلُّ من كتب بعده فهو عليه عالة.

-الكتاب الحادي عشر: نصرة الفقيه السالك على من أنكر مشهوريَّة السَّدل في مذهب الإمام
مالك. تأليف الشَّيخمحمد بن يوسف الحيدري التُّونسي الشهير بالكافي، والمتوفى سنة 1380هـ.
تصدى الشَّيخ الكافي في هذه الرسالة للرَّد على كتاب هيئة النَّاسك لابن عزوز، واجتهد في إثبات ما نفاه صاحب الهيئة، كما استدل للسّدل بالحديث والأثر، وبيَّن أن المشهور ما كثر قائله، وقَرَّرَ وجوب الإفتاء بالسَّدل ولو بان ضعفه لجريان العمل به. وهذا تجاوز من المؤلف، وذلك من وجهين: الأول في إثبات دعوى إجراء العمل بنصٍّ ظاهر؛ حيث بان أن أكثر علماء المغرب قائلون بالقبض، الثاني: في اعتبار شروط إجراء العمل؛ فإن قُصِرَ العمل على أهل المغرب لم يجز تعديته إلى محل غيره، ثم تحقق المصلحة القاضية بإجراء العمل وإلا وجب الرجوع إلى المشهور، ثم النظر في مُجْري العمل والبحث في أهليته إِذْ اشترطوا فيه الاجتهاد، وهذا مفتقَد في دعواه([45]).

-الكتاب الثاني عشر: أعذب المقال في أدلَّة الإرسال
، لمحمد عابد، أفاده الكافي في نصرة الفقيه السالك (12).
-الكتاب الثَّالث عشر: القول الفصْل في تأييد سُنَّة السَّدل
. تأليف الشَّيخ محمدعابد، المتوفى سنة 1341هـ.
انبرى الشيخ محمد عابد للرَّدِّ على رسالة هيئة الناسك لابن عزوز، ويختلف عن سابقه من حيث عنايته بالصناعة الحديثية. إذ سعى في إبطال القول بالقبض، بزعمه أن أحاديثه كلها بين مضطرب وموقوف وضعيف، ثم عمد إلى تضعيف ما قرره ابن عزوز من مشهورية القبض متأولا كلام الأيمة، وزعم أن السَّدل في المذهب بلغ حدَّ التَّواتر وصار من قبيل المعلوم الضَّروري! يعاب على الشَّيخ عابد اعتماده على أقوال المتأخرين، وإهماله لأقوال المتقدِّمين في اعتبار مسالك التَّرجيح وتقرير قواعد المذهب. أما ما ذهب إليه من وجوب التَّقَيُّدِ بقول الإمام؛ معارضة صريحة للنّصوص القاضية باتّباع الدليل، وعدم مفارقته إذا ظهر؛ لازمه القول بعصمة الأيمة، وهذا منتقد. وما جرَّه إلى ذلك إلا نزعة التقليد الطاغية على كتابه.

-الكتاب الرَّابع عشر:
الحجة البيضاء على إثبات استحباب السدل وكراهية القبض في الصلاة، تأليف المهدي محمد الوزاني، المتوفى سنة 1342هـ، محفوظ بالخزانة الملكية برقم(5160) ([46]).

-الكتاب الخامس عشر: الحُسام المُنْتَضِد المسنون على من قال إن
القبض غير مسنون، تأليف عبد الرحمن بن جعفر الكتاني المتوفى سنة 1334هـ، مطبوع.

-الكتاب السَّادس عشر: سلوك السَّبيل الواضح في أن القبض في الصَّلوات كلّها مشهور وراجح،
لأبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة 1345هـ([47]).

تم الشطر الأول من البحث على أمل وصله بنظيره، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
مجلة الإصلاح العدد 28.


-- ------------------------
([1]) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (5/50).
([2]) انظر: شرح الخرشي على خليل (1/286)، منح الجليل لعليش (1/262)، حاشية الدسوقي (1/250)، الشرح الكبير للدردير(1/250).

([3]) هيئة الناسك (56).

([4]) معجم مقاييس اللغة (3/149).

([5]) انظر الشرح الكبير للدردير (1/250).

([6]) انظر حاشية البناني على الزرقاني (1/214)، هيئة الناسك (154).

([7]) البيان والتحصيل (1/394).

([8]) المرجع السابق (1/395).

([9]) الكافي في فقه أهل المدينة المالكي (1/206).

([10]) المنتقى شرح الموطأ (2/302).

([11]) القول الفصل لتأييد سنة السّدل (35).

([12]) صحيح البخاري برقم (707).

([13]) صحيح مسلم برقم (923).

([14]) حديث أبي حميد الساعدي في صفة الصلاة رواه أبو داود برقم (730)

([15]) نصرة الفقيه السالك (14).

([16]) الموطأ برقم (375-376).

([17]) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (1/73).

([18]) المدونة (1/169).

([19]) مختصر خليل (30).

([20]) هيئة الناسك (82).

([21]) البيان والتحصيل (1/361).

([22]) انظر هيئة الناسك (83). قال العلاوي: قوله «لا أعرفه»: أي لا أعرف كون الإنسان يقصد الاعتماد على يديه، وإذا وقع ونزل، فلا يعجبني هذا القصد في الفريضة، ولا بأس بذلك في النافلة ولو قصده، فلا يلزمه حينئذ ترك القبض بل تصحيح القصد. نور الإثمد في سنة وضع اليد عل اليد (26).

([23]) انظر القول الفصل في تأييد سنة السدل (31)، إبرام النقض لما قيل من أرجحية القبض (62).

([24]) رفع شأن المنصف السالك وقطع لسان المتعصب الهالك في إثبات سنية القبض في الصلاة على مذهب الإمام مالك، للشيخ أحمد بن الصديق الغماري (16).

([25]) انظر هيئة الناسك (118-121).

([26]) انظر جواهر الإكليل للأبي (1/4)، حاشية الدسوقي (1/20)، وكشف النقاب الحاجب عن مصطلح ابن الحاجب لابن فرحون (68-72)، ومنح الجليل لعليش(1/20).

([27]) كشف النِّقاب الحاجب (62).

([28]) انظر أحكام القرآن لابن العربي (2/114)، نور البصر في شرح المختصر للهلالي (124)، مواهب الخلاق على شرح لامية الزقاق (2/237)، هيئة الناسك (133)، نظم المعتمد من الكتب والفتوى «بوطليحية» للنابغة الغلاوي (114).

([29]) تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام (1/49).

([30]) مختصر خليل (30).

([31]) انظر نصرة الفقيه السالك (15) وما بعده.

([32]) الديباج المذهب (160).

([33]) ترتيب المدارك (2/356).

([34]) انظر هيئة الناسك (133، 146).

([35]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/137).

([36]) يدل عليه قول الكافي: «إن حضرة الأستاذ-ابن عزوز- ليس مالكي المذهب بل هو مجتهد يتبع ما صح عنده من الآثار!، وإنما ينتسب لمالك تسترا كما فعل غيره قبله!!». وقال: «وكنت اجتمعت مع بعض علماء اليمن سنة ألف وثلاث مئة وستة وعشرين؛ فتذاكرنا مليا حتى سألني عن حضرة الأستاذ، فقلت له: أعرفه، فأثنى عليه وقال لي: إنه يعجبني حيث لم يتعصب لمذهب، وإنما مذهبه الحديث. ولا واحدة من المسائل يقول بها مالكي، فلو أظهر مذهبه وقال: لم يثبت عندي السدل وإنما ثبت عندي القبض، لأراح نفسه وأراح الناس.فلا يلتبس حينئذ على الناس». نصرة الفقيه السالك (43،50).

([37]) عن ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل فى الصلاة وهو معتمد على يده»، أخرجه أبو داود برقم (994).

([38]) وتبعه في ذلك المحقق فلم يحقق! فإن السدل لم يأت عن الإمام قطّ إذا عرفت تقييده بقصد الاعتماد، ولم يختص المتأخرون بهذا التأويل كما زعم المحقق، كيف وسحنون بَوَّبَ له بقوله: الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد، ثم ذيله بذكر حديث القبض!

([39]) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (3/186).

([40]) الصَّوارم والأسِنَّة في الذَّبِّ عن السُّنَّة لأبي مدين (71).

([41]) انظر إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون للبغدادي (1/222).

([42]) معلمة الفقه المالكي (285).

([43]) كشف الظنون (2/424).

([44])انظر كشف الظنون لحاجي خليفة (2/424)، هيئة الناسك (140).

([45]) انظر شروط العمل بما جرى به العمل في نظم المعتمد من الكتب والفتوى عند المالكية (110).

([46]) معلمة الفقه المالكي (285).

([47]) فهرس الفهارس للكتاني (1/517).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 May 2012, 09:37 PM
أبو عبد الرحمن حسني السطائفي أبو عبد الرحمن حسني السطائفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر ::.سطيف.::
المشاركات: 75
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن حسني السطائفي
افتراضي

حياك الله أخي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 May 2012, 01:50 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم
قد وقفت على ما سطره سفبان بن عكشة الباتني من ملحوظات وما ادعاه من سرقات -ومقاله محفوظ عندي- وما منعني من التعقيب إلا انشغالي بما هو أهم من ذلك..
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, المالكيةوالقبض, صلاة, صفةالصلاة, فقه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013