شرح باب خصال الفطرة منظومة السبل السوية (يتبع)

[عامر مداني]

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :

فهذا باب خصال الفطرة من منظومة السبل السويّة للشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله- والتي قام بشرحها الشيخ زيد بن

هادي المدخلي -رحمه الله- , يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
-----------------------------------------------------------------------
عشر من الفطرة نص الأثر [54] هي السواك ثم قلِّم الظفر

وقص شارب مع الإعفاء [55] للحية كذا انتقاص الماء

والنتف للإبط وحلق فاعلم [56] لعانة والغسل للبراجم

كذا الختان ثم الاستنشاق معْ [57] مضمضة والشك في الأخرى وقعْ

------------------------------------------------------------------------
قال الشارح -رحمه الله تعالى- :

قوله(عشر من الفطرة نص الأثر) المراد بالفطرة هنا السنّة , و خصال الفطرة بهذا المعنى كثيرة جدّا لا يستطاع حصرها في هذه التعليقات المختصرة.

و قد ذكر الناظم علينا و عليه رحمة الله في هذه الأبيات الأربعة عشر خصال من خصال الفطرة جاء منصوصا عليها في كتب السنة المعتبرة.فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : عشر من الفطرة : قص الشارب و إعفاء اللحية و السواك و استنشاق الماء , و قصّ الأظافر , و غسل البراجم , و نتف الإبط و حلق العانة و انتقاص الماء(1) قال زكريا(2) قال مصعب (3)بن أبي شيبة : ونسيت العاشرة إلّا أن تكون المضمضة (4)
وقيل العاشرة الختان وهو اختيار الناظم.
وهذه العشر منصوص عليها في الحديث و التي أودعها الناظم في تلك الأبيات الأربعة خليقة بالحديث عنها بالتفصيل وهي :

الأول : السواك
والسواك هو الآلة التي يدلك بها الفم ليطيبه و يزيل الصفرة التي تلصق بالأسنان و غيرها ممّا يعلق بالفم,و أفضل آلات السواك : عود الأراك لما يحتوي عليه من منافع وما يمتاز به من مميزات لاتوجد في غيره إذ أنّ من خواصه أنّه يقتل الجراثيم الموجودة في الفم و التي تسبب كثيرا من أمراضه و أمراض الأسنان على اختلاف أنواعها , ومنها أيضا أنّها توجد بها أملاح معدنية ومواد عطرية ذات رائحة ذكية ومواد سكرية مختلفة و مواد أخرى سواها , وقد تكون آلة السواك غير عود الأراك مما يحصل به المقصود كعود البشام وفرشة الأسنان الحديثة و نحوها ممّا يستعمل في إزالة أوساخ الفم.
أهميته :

و لأهمية السواك في شريعة الإسلام فقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحةترغّب فيه و ترشد إلى استعماله في كل وقت و حين .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لولا أن أشقّ على أنتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة(5) متفق عليه

و جاء في البخاري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثرت عليكم من السواك(6) أي في الترغيب فيه و الحثّ عليه .
و في سنن النسائي من النصوص عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب(7)

و غيرها من النصوص كثيرة و كلّها تدل على أنّ السواك خصلة عظيمة من خصال الفطرة المستقيمة ومستحب في جميع الأوقات , وذلك بحسب القدرة و الإمكان و الحاجة غير لأنّه لم يكن واجبا و قد كاد : لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة
قال النووي(8) رحمه الله : ( السواك مستحب في جميع الأوقات و لكنّه في خمسة أوقات أشدّ استحبابا - عند الوضوء و عند الصلاة وعند قراءة القرآن وعند الإستيقاظ من النوم وعند تغيّر الفم.)(9)
-------------------------------------------------------------------
أقول(الناقل) :
ولا يجوز الاستهزاء بشعائر الإسلام ومن جملتها السواك الذي حثّ عليه الشرع الشريف فمن استهزأ به أو بمن يستعمله فقد ردّ أمرا شرعيا وأنكر سنة نبوية وذلك دليل ضعف الإيمان وضعف العقل والتفكير , وقد قال تعالى : < ومن يعظّّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب>
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في السّر و العلن و أن يميتنا على الإسلام والسنّة . ||يتبع إن شاء الله||
---------------------------_______________________________________

(1) أحمد في المسند ج 1 ص 188
و البخاري في كتاب الطهارة باب لا يستنجى بروث ج1 ص 47بلفظه
و الترمذي في كتاب الطهارة باب ماجاء في الإستنجاء بالحجرين ج 1 رقم 17 ص17
و النسائي في كتاب الطهارة باب الرخصة في الإستطابة بحجرين ج 1 ص 39-40
(2) هو زكريا بن أبي زائدة الهمداني الواداعيأبو يحيى الكوفي ثقة من تلاميذ أبي إسحاق السبيعي ومن شيوخ وكيع بن الجرّاح كانت وفاته سنة 147 أو 148 أو 149 وهو من الطبقة السادسة كما في تقريب التهذيب ص 261
(3) هو مصعب بن أبي شيبة بن جبير بن شيبةبن عثمان العبدلي المكّي لين الحديث من الخامسة و قد وثقه بعضهم .تهذيب ج 10 ص 162تقؤيب ج 2 ص 251
(4) رواه أحمد ج 4 ص 264
و مسلم في باب خصال الفطرة ج 3 ص 147 النووي
و أبو داوود في كتاب الطهارة باب السواك من الفطرة ج 1 ص2 عن عائشة
و الترمذي في كتاب الأدب باب ماجاء في تقليم الأظافر ج 5 ص 19
(5)رواه أحمد في مسنده ج 1 ص 80 و في مواضع أخرى
والدارمي في كتاب الصلاة ج 1 ص 174
و البخاري في كتاب الجمعة باب 8 ج 1 ص 214
ومسلم في كتاب الطهارة باب 42ج 3 ص142 النووي
و الترمذي في كتاب الطهارة باب السواك ج1 ص 34-35 عن زيد بن خالد الجهني بزيادة و لأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل
(6)رواه أحمد في مسنده ج3 ص 143
و الدارمي في السواك باب السواك ص 174
و أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب 8 ص 214
و النسائي في كتاب الطهارة باب 5 ج1
(7)رواه الإمام أحمد في مسنده ج 1 ص3 عن أبي بكر و كذا ص 10 كذلك
و الدارمي في كتاب الوضوء باب 10 ص 174
و البخاري في كتاب الصوم باب 27 ص234
والنسائي في كتاب الطهارة باب 4 ج1
(8) هو الحافظ الأوحد شيخ الإسلام أبو زكريا بن يحيى بن شرف الدّين الشافعي صاحب التصانيف الكثيرة النافعة ولد سنة 631و كانت حياته حياة تحصيل للعلم ونشر له , كانذا زهد و حفظ وورع توفي في 24 رجب 676هجرية رحمه الله
(9)انظر المجموع شرح المهذب ج1 ص 272 و مابعدها .