الرد البديع من الإمام ربيع على من قال
"إذا كانت الغلبة في الزمان أو المكان لأهل الشر والباطل فلا يشرع الهجر"
الحمد لله المتعزز بكماله المتقدس بجلاله ، المتفضل بجوده وأفضاله ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ونبيه الذي بالهدى ودين الحق أرسله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وعلى صحابته المقتدين بفعاله
[1]
أما بعد
فقد جاء عن الإمام المبجل ربيع السنة ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الباري ومتعه بالصحة والعافية وأطال عمره في خدمة السنة ـ في كتابه " بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال " ( 40 ـ 42 ) أنه قال
قولك
(( إذا كانت الغلبة في الزمان أو المكان لأهل الشر والباطل فلا يشرع الهجر إلا في الأحوال الخاصة ))
(ب) قولك ( لا يشرع ) يحتمل أنه لا يجوز إنكار المنكر في حال غلبة أهل الباطل في الزمان والمكان مهما كان نوع هذا المنكر ولو كان كفرا وشركا فهذا لا يسلم به
ويحتمل أن تريد بهذا القول أنه يرخص لأهل الحق بأن لا يواجهوا أهل الباطل الأقوياء في هذه الحال فهذا يسلم به ، لكن كان ينبغي أن تحرر عبارتك وتوضحها لئلا يفهم منها ما لا تقصده
(ج) إن الأنبياء ومن سار على نهجهم من العلماء يدعون إلى الحق والتوحيد وينكرون الباطل والشرك في أي زمان ومكان ولا يبالون بقوة أهل الباطل والشرك والضلال مهما بلغوا من القوة والقرآن مليء بقصص الأنبياء التي واجهوا فيها أهل الشرك والكفر والكبرياء
ومنها مواجهة إبراهيم خليل الله للنمرود وقومه ، ومواجهة كليم الله موسى لفرعون وقومه
زمنها موجهات العلماء : مواجهة الإمام أحمد لدولة المأمون والمعتصم والواثق الخلفاء العباسيين ومعهم القضاة والأمراء من رؤوس الجهمية والمعتزلة
ومنها مواجهة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه كابن القيم وابن عبدالهادي وغيرهما للأشعرية والصوفية والدولة والقوة بأيديهم
ومنها مواجهة الإمام محمد بن عبدالوهاب ومن معه لقوى الشر والباطل حتى قامت له دولة إسلامية قوية
ولم يأخذ هؤلاء بهذه الرخصة ، بل أخذوا بالعزيمة ، ورأوا أن الأخذ بالعزيمة هو الواجب ، وان هذا من أعظم الجهاد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الجهاد كلمة عدل ـ وفي رواية ـ حق عند سلطان جائر
[2]
وفي هذا العصر نهض أهل السنة في مختلف البلدان بالدعوة إلى الله ويصبرون على ما يواجهون في تلك البلدان التي تكون القوة والغلبة فيها لأهل البدع والباطل فلا يصدهم ذلك عن مواصلة الدعوة والصبر على ما يلاقونه من الأذى
فيصدق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"
[3]
(د) ثم إن ما ذكرته لا ينطبق على واقع هذا العصر وأهله
1 فالقوة والظهور في بلاد الحرمين والحمد لله لأهل السنة السلفيين والصّغارُ على أهل الأهواء ، ولهذا تراهم يتسترون ببدعهم ويلبس كثير من أهل الأهواء لباس السلفية والسنة
2 في بلاد الكفر من دول أروبا وأمريكا وغيرها قد أعطوا في دساتيرهم وقوانينهم حرية الكلمة في كل المجالات للكفار والمسلمين ، فالكفار يستغلون هذه الحرية للطعن في الإسلام وأهله ومن شاؤا ممن يخالفهم من أهل مللهم
والمبتدعة يستغلون هذه الحرية في تشويه الحق وأهله وفي نشر ضلالاتهم وأباطيلهم
وأهل السنة يستغلون هذه الحرية في نشر ما عندهم من السنة والحق وفي رد الباطل والهجمات على الإسلام
ومجالات هذه الحرية كثيرة جدا كالصحف والمجلات والمواقع الفضائية وشبكات المعلومات الدولية ( الإنترنت
فأين أنت من هذا الواقع ؟ فكان يجب أن تشجع أهل الحق على نشر ما عندهم من الحق وعلى الرد على أهل الباطل الذين عرفنا بالتجارب الطويلة أن لين الجانب والسكوت عنهم لا يزيدهم إلا عتوا وتمردا ، لا سيما إذا وجد من يحابيهم ويدافع عنهم وعلى كل حال فاستشهادك بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتنزيله على هذا العصر في غير محله .ا.هـ
والحمد لله رب العالمين
([1]) الخطبة الثانية من كتاب " قيام رمضان / ص 11 " للعلامة المحدث عبدالرحمن المعلمي رحمه الله
([2]) ورد من طرق عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة ، حديث ( 491 ) وهو كما قال
([3]) أخرجه البخاري حديث ( 3641) ، ومسلم حديث ( 1920)
الرد البديع من الإمام ربيع على من قال " إذا كانت الغلبة في الزمان أو المكان لأهل الشر والباطل فلا يشرع الهجر " - المنبر الإسلامي
وإنّ من بديع كلام فضيلة الشيخ العلامة ربيع – حفظه الله- ما ذكره في مواضع مختلفة ، مما يُفهم منه -صراحة- مراعاة المصلحة والمفسدة في هذا الباب كما هو صريح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكذلكم ما اشتهر من كلام الإمام الألباني – رحمة الله على الجميع- فمنها قول الشيخ ربيع – حفظه الله- لما سئل : هل أتباع المبتدع .. هل يلحقون به فى الهجر ؟
فأجاب الشيخ -سدده الله ومتعه بالصحة والعافية- : المخدوع منهم يُعلم يا أخوة ،لاتستعجلوا ، علموهم وبينوا لهم ، فإن كثيراً منهم يريد الخير حتى الصوفية، والله لو هناك نشاط سلفى ، لرأيتهم يدخلون فى السلفية زرافات ووحداناً فلا يكن القاعدة عندكم بس هجر .. هجر .. هجر .. هجر .. الأساس الهجر!
الأساس هداية الناس ، إدخال الناس فى الخير ، قضية الهجر قد تفهم غلطاً ،إذا هجرت الناس كلهم من يدخلون فى السنة ؟ الهجر هذا يا أخوتاه ، كان في أيام الإمام أحمد .. الدنيا مليئة بالسلفية ، وإذا قال الإمام أحمد فلان مبتدع سقط ، أما الآن عندك السلفية كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود , الأساس عندكم هداية الناس ، وإنقاذهم من الباطل ، تلطفوا الناس وادعوهم وقربوهم يكثر إن شاء الله سواد السلفيين وتكسبوا كثيراً من الناس ، أما أنت ( منتفخ ) وهكذا ، وكل الناس ضالون، ولاتنصح ولاشيء، ولابيان ، غلط ..
هذا معناه سد أبواب الخير فى وجوه الناس ، فلا تكن عندكم بس زجر .. زجر الهجر ، إذا قال اهجروا ، ممكن واحد مبتدع يرجع ، يضطر يرجع ، يشوف الدنيا كلها قدامه سلفيين فيضطر للرجوع ..
أما الآن يلتفت كدا مايرى سلفيين ، راح مع الناس ... فتنبهوا لهذه الأشياء. تكون القاعدة عندكم الأساس
هي هداية الناس، وإدخالهم في السنة ، وإنقاذهم من الضلال ، هذه هي القاعدة عندكم ، واصبروا واحملوا وكذا وكذا ، بعدين آخر الدواء الكي، أما تكون من أول مرة ! هذا غلط بارك الله فيكم .
فليكن القاعدة عندكم هو انتشال الناس ، والله كثير من الناس فيهم الخير ، يريدون الخير ، ايروحون للمساجد ايش يبغون ؟ يريدون الجنة يا إخوة ، يريدون الخير .. لكن الأساليب، خلوا أساليبكم حكيمة ، والله الأساليب الحكيمةا لرحيمة الذى يشعر أنك ما أنت متعال عليه ، إذا شعر إنك متعال عليه ما يدخل معك، ما يريد منك الحق، لكن تواضع له، ألن جانبك، ترفق به ، ادعوه بالحكمة ، وإن شاء الله كثير من الناس يدخلون ،كانت الهند كلها خرافيين قبوريين ، وجاء أهل الحديث بالعلم والحكمة ،
كسبوا الملايين بحكمتهم وعلمهم ، ثلاثة .. أربعة من كبار تلاميذ الشيخ :
نذير حسن ، قلبوا الهند رأساً على عقب ، بحكمتهم وعلمهم ، واحد منهم ابتلاه الله !
جاء مبتدع وضربه بالمِعْوَل، حتى خلص مات فى نظره ، وجاءوا وأخذوا هذا المجرم وأودعوه السجن ، أول ما فاق هذا الرجل من غشيته ، قال : هذا الذى ضربني .. فين راح ؟
قالوا : أودعوه فى السجن .. قال : أبداً ما يُسجن ،خلص أنا عفيت عنه ..
قالوا : خلص سجنوه .. أبوا يفكوه .. كان ينفق على أولاد المجرم .. لما خرج من السجن دخل فى السلفية ، من كبار المجرمين ! كان واحد اسمه ( أبو المحجوب ) فى السودان ، أول من نشر السلفية فى السودان ،
كان يظل يضربونه ، ويسحبونه برجله ، ويرموه خارج المسجد ، أول ما يفيق يضحك، لا يحقد على أحد ، ولا ينتقم ، ولا شيء ، يضحك ويبتسم ، ودخل ناس كثير من مشايخه فى الدعوة السلفية ! الشاهد أنا ما أبغى توصلون إلى هذا المستوى ، لكن أبغى عندكم شيء يا إخوة من الحكمة والحلم والصبر والقصد الطيب، وأن القصد هداية الناس بارك الله فيكم، والله بالأخلاق الحكيمة ، والحلم
يقبلون الناس على دعوتكم .. وإذا كان ماعندكم إلا الجفاء والشدة (( ولوكنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ))..هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، قال له الله هكذا ! يا إخوة بارك الله فيكم ، بعض إخواننا عندهم هذه الشدة الزائدة ، التى تخرج من السلفية ما تدخل ، تخرج تطارد من السلفية ما تدخل أحد، هذا موجود الآن .. فهؤلاء المطاردين .. عليهم أن يتوبوا لله عزوجل ، وأن يحسنوا أخلاقهم ، وأن يكونوا هداةً إلى الله عز وجل بارك الله فيكم .عليكم بهذه الأساليب ، لاتكن القاعدة عندكم هجر ... هجر ... هجر ... هجر وبس ، الهجر مشروع لكن إذا نفع .. أنت في عهد أحمد أهجر ، لكن في عهد من أنت ؟ بارك الله فيكم ، فلا بد من الحلم والصبر .. بارك الله فيكم ، وتقريب الناس إلى الخير وإدخالهم فيه
(من شريط سجل فى رمضان سنة 1423 )
كما أن للشيخ – حفظه الله- كلام طيب في رسالة مفرغة من شريط حول الحث على المودة والائتلاف