منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 18 Jan 2019, 04:22 PM
خالد فضيل خالد فضيل غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 49
افتراضي العواصم من القواصم (نقد لبعض أقوال ومواقف الدكتور محمد علي فركوس في هذه الفتنة)




العواصم من القواصم
(نقد لبعض أقوال ومواقف الدكتور محمد علي فركوس في هذه الفتنة)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فهذه مقالةٌ أردت أن أبين فيها بعضَ القواعد والمسائل التي انتشرت في هذه الفتنة، منها ما هو مخالف لما جاء به الكتاب والسنة، ومنها ما نُزّل غير منزله، ووضع في غير موضعه، فأردّ فيها الحق إلى نصابه، وأربط المسبب بأسبابه، وأُظهر ما فيها من الغلط، من غير وكْس ولا شطط، حتى لا يضيع العلم، وينطفئ نوره تحت ركام الجهالات، وظلمات التعصبات، ممتثلا أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تردّ الجهالات إلى الكتاب والسنة(1)، والله من وراء القصد، وهو الموفق الهادي إلى سواء السبيل.

المسألة الأولى
لا يُنسب إليه ما ليس في موقعه

من القواعد الباطلة ما نشرته إدارة موقع الشيخ فركوس في موقعه قائلة:
تنبيه مُهِم
تُنهي إدارةُ موقعِ الشيخ أبي عبد المُعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ إلى علم الجميع أنَّ كُلَّ فتوى أو جوابٍ أو مقالٍ أو منشورٍ، كتابيًّا كان أو شفهيًّا أو على برامج التواصل ومواقعه، يُنقَل على لسان الشيخ دون إذنه؛ فإنه لا يُعتمَد عليه ولا يُنسَب إليه حفظه الله، ما لم يَرِدْ ذِكرُه في موقعه الرسميِّ بنصِّه ولفظه، دون تصرُّفٍ ببترٍ أو تغييرٍ أو إضافةٍ. وشكرًا.
الجزائر في: ظ،ظ© رمضان ظ،ظ¤ظ£ظ©ï»« الموافق ï»ں: ظ*ظ¤ يونيو ظ¢ظ*ظ،ظ¨م".


وهذه قاعدة باطلة، وهي من القواعد التي ينتهجها جماعة الإخوان والسياسيون ليكون لهم حجة في براءة ذمتهم من كل قول يقولونه، فينشرون ما يشاءون مما لا يريدون أن يتحملوا تبعاته، ثم تجدهم يتربصون فإن كان لهم الأمر قالوا: ألم نكن معكم، بل نحن القادة، وإن لم يكن الأمر لهم قالوا: نحن بريئون من ذلك القول.
وهذه الطريقة صار يسلكها جماعة ممن يُنسب إلى العلم، وهي من أعظم الطرق التي فرّقوا بها بين أهل السنة فيما هو حاصل الآن، فهذا عبد المجيد جمعة يقول القول، ويطعن في أهل العلم والسنة، حتى إذا انتشر نفى أن يكون قاله لكي لا يحمل تبعاته، ثم بعد مدّة يرجع إليه فيقرره، ظنا منه أن القلوب قد ألِفت باطله، وكان هذا سبب رجوع كثير من الناس عن طريقته، لأنهم سمعوا منه القول الأول، وسمعوا منه نفيه وتكذيب من ينسبه إليه، فعلموا أن الرجل يمتهن الكذب، ولو تدبرت إدارة الشيخ فركوس هذه القاعدة لعلموا بطلانها، وإبطالها لعلم الشيخ خارج مجلسه.
فأما بطلانها فإن علماء السلف والخلف ممن هم أعلى منزلة وعلما من الشيخ لم يشترط أحد منهم هذا الشرط خشية التحريف، بل كانوا يذكرون في مجالسهم العلم فيحمله الناس عنهم، وقد يقع في النقل بعض الغلط، وهذا كثير في نقل كلام العلماء في الفقه والاعتقاد والأصول واللغة وغيرها من العلوم، والغلط عليهم أعظم من الغلط على الشيخ فركوس، لأن الغلط عليهم قد يُتّخذ دينا يتبعه أمة من الناس، أما الغلط على الشيخ فركوس فإن الأصل أن طالب العلم يدرك غلط المسألة بأدنى نظر من غير اعتبار لثبوتها عن الشيخ أم لا؟ وهذا أكثر ما فيه من المفسدة أن ينسب الغلط إلى الشيخ، بخلاف الغلط على مالك والشافعي وأحمد وابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن هم أعلى منهم، فإن الغلط عليهم فيه نسبة الغلط للدين، لتَتَابع العلماء على الأخذ عنهم فضلا عن عامة الناس، ومع هذا لم يشترط العلماء في النقل عنهم ما اشترطته هذه الإدارة.

كما أن أصل ردّ الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم من أرباب البدع لخبر الآحاد هو نفس أصل ردّ إدارة الشيخ فركوس ِلما لم يوجد في موقع الشيخ من علم، فأبطل أهل البدع الاعتماد على الحديث في بعض جوانب الدين لتشكُّكهم في نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطلت الإدارة نسبة الكلام للشيخ فركوس بدعوى التشكك في صحته عن الشيخ، فكان السبيل واحدا، إلا أن أهل البدع استثنوا ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما إدارة الشيخ فركوس فإنها لم تستثن هذا، فكانت أوغل في الغلط، ولقد علم الناس بالتواتر طعن الشيخ فركوس في أناس من أهل السنة_منهم علماء_ وهذا ما لا يوجد في موقعه، كما علم الناس مدحه لأناس من أهل البدعة وهذا ما لا يوجد في موقعه أيضا، فهل يُنفى مثل هذا عنه مع أنه يُنقل عنه تواترا عن مجالس مختلفة كثيرة، وبعضه سمعه الناس مسجلا بصوته، وإذا أبطل مثل هذا فهل يُلام أهل البدع في ردّهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والأصل واحد!؟
ثم إن كلام الشيخ فركوس ليس بأعظم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُشترط فيه هذا الشرط الباطل الذي يؤدي إلى الباطل، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: فإن مذهب أهل العلم الذي استقروا عليه هو جواز رواية الحديث بالمعنى في غير أحاديث الأذكار المتعبد بها، وهم المعروفون بتعظيم كلام النبي صلى الله عليه وسلم والمحتاطون له، فكيف يشترط في كلام الشيخ فركوس ما هو أعلى وأعظم مما يشترط في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يشترط العلماء هذا الشرط في كلام الله سبحانه، فيكفي بيانا لشناعة هذا الشرط أن يلزم منه أنه يجوز رواية كل كلام بالمعنى ما عدا القرآن العظيم، وكلام الشيخ فركوس.
ومما ينبغي لطالب الحق أن ينظر فيه لمعرفة بطلان هذه الشروط أنه إذا جاز للشيخ فركوس أن يشترط هذه الشروط فإنه يجوز لغيره كذلك أن يشترطها، وينتج عن ذلك من المفاسد أن يبتدع الرجل بدعة ويحدث شركا أو محدثة فينشره في الناس ولا يُنسب إليه، ثم بعد ذلك يُسدّ باب الردّ على أهل الأهواء والباطل، لعدم العلم بالقائل أو تنصله من قولته، ولهذا كانت ميزة دعوة الأنبياء ومن تبعهم من أهل العلم والسنة الجهر بالحق والعلم، وأن لا سرّ في دعوتهم، وكان من علامة دعوة أهل البدع السرّ والكتمان لما يدعون إليه.
وأما إفسادها لعلم الشيخ خارج مجلسه فلينظر من يستفتي الشيخ فركوسا، هل تطاوعه نفسه للعمل بفتوى الشيخ، والشيخُ يتبرأ من نسبة تلك الفتاوى لنفسه، وهل هذا إلا مخالفةٌ لمقصد الشريعة من نشر الدين، وإبطالٌ لعلم الشيخ.
ومن حقق النظر في هذا الشرط علم بطلانه بأكثر مما ذُكر.

المسألة الثانية
قاعدة: من اختلف فيه فإنه يهمش

ومن القواعد التي انتشرت، وشاع ذكرها، وذاع صيتها قول الشيخ فركوس -حفظه الله ووفقه لكل خير -: "من اختلف فيه فإنه يهمش"، وهذه قاعدة باطلة، فإن الخلاف في الرجل راجع إلى مسائل شرعية مبيّنة في الكتاب والسنة فالواجب الحكم بهما، وتنزيلهما على ما اختلف فيه، فيحكم بالحق، والله عز وجلّ قال:{إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} ولم يقل له لتهمش المختلف فيه، وقال:"{فاحكم بينهم بما أنزل الله} و قال سبحانه:{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} والنصوص متكاثرة في الدلالة على هذا المعنى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) [البخاري رقم 2444].
كما أن عمل أهل الحديث يخالف هذا، وهم القدوة في فنّهم وبهم الأسوة، فإنهم رحمهم الله بيّنوا قواعد الجرح والتعديل، ومتى يقبل الجرح ومتى يردّ، وقد كتب الحافظ أبو عبد الله الذهبي كتابه "الميزان" بيّن فيه الضعفاء، وذكر أقواما تُكلم فيهم بما لا يوجب ضعفهم فذبّ عنهم رحمه الله، وشنع على من تكلم فيهم كما تراه عند ذكره الإمام أبا الحسن علي بن المديني رحمه الله[3/140]، والحافظ أبا محمد ابن أبي حاتم الرازي[2/587]، ولو أننا اتبعنا قاعدة المهمِّش لأبطلنا علم أئمة الحديث وقواعدهم، وحكمنا على كل من تُكلّم فيه بالتهميش، ومثل هذا يغني عن ردّه حكايته.
وأوغل منه في الخطأ والزلل ما نُسب إليه وعُمل به من أنه :"لو جاء المهمش بحق فإنه لا يقبل منه"، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان على خلاف هذه الحال، فقد ثبت عنه أنه قال لأبي هريرة رضي الله عنه عن الشيطان: (صدقك وهو كذوب) [البخاري رقم 2311]، وقبِل قول اليهود لما أنكروا على المسلمين قولهم: "ما شاء الله وشاء محمد" [أحمد رقم 20694]، وضحك صلى الله عليه وسلم تصديقا لقول أحد أحبار اليهود، وقال الله تعالى عن المشركين: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون} فذكروا حجتين: أولاهما التقليد والتعصب للآباء والأشياخ، والأخرى أن الله أمرهم بتلك الفاحشة، فأبطل الله قولهم في الثانية لأنها كذب عليه، وسكت عن الأولى تصديقا لقولهم، ولهذا كان من طريقة أهل السنة في باب الاعتقاد أنهم يقبلون من معاني الألفاظ ما جاءت به الشريعة ويردّون ما لم تأت به الشريعة، مع توقّفهم في إطلاق ذلك اللفظ نفيا وإثباتا لأجل ما يحتمله النفيُ من نفيٍ للحق، أو الإثباتُ من إثباتٍ للباطل.
بل أخبر الله سبحانه أن هذه القاعدة من قواعد اليهود الذين لا يقبلون إلا ما جاء من جماعتهم، قال سبحانه حاكيا قولهم: {قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق}، وقد ذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه "مسائل الجاهلية" هذا المعنى فقال: (المسألة الثامنة والعشرون: أنهم لا يقبلون من الحق إلا الذي مع طائفتهم: "قالوا نؤمن بما أنزل علينا" الآية، قال العلامة الآلوسي رحمه الله في شرحه ص36: (ولا شكّ أن هذا من خصال الجاهلية، وعليها اليوم كثير من الناس، لا يعتقد الحق إلا معه، لاسيما أرباب المذاهب، يرى أهل كل مذهب أن الدين معه لا يعدوه إلى غيره، وكل حزب بما لديهم فرحون
وكل يدّعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقرّ لهم بذاكا
والحزم أن ينظر إلى الدليل، فما قام عليه الدليل فهو الحق الحري أن يتلقى بالقبول، وما ليس عليه برهان ولا حجة ينبذ وراء الظهور، وكل يؤخذ من قوله ويردّ إلا من اصطفاه الله لرسالته".

فانظر إلى كلام العلماء وقد جعلوا هذه القاعدة من قواعد أهل الجاهلية، وقد ذكرها الله عن اليهود، وانظر إلى تأصيل من أصل لها على أنها من منهج السلف ومن طريقة أهل السنة!

المسألة الثالثة
قاعدة: التعديل إذا جاء بعد الجرح لا يقبل

ومن القواعد الباطلة قوله في أول أيام الفتنة لطلاب الجامعة: "التعديل إذا جاء بعد الجرح لا يُقبل"، وحكاية هذه القاعدة أيضا يغني عن ردّها، ولكن فئاما من الناس أولعوا بها والله المستعان، مع أنها قاعدة لم يسبق إليها أحد من العالمين، ولا طرقت سمع الأئمة المحدثين من المتقدمين والمتأخرين، وهذه كتب الجرح والتعديل، وكلام الحفاظ في الرجال وقواعد تمييز العدول من المجروحين، كلهم يذكر ما قيل في الرجل من جرح وتعديل، فيُوثق الرجل ويأتي بعد ذلك من يجرحه، ويُجرح الراوي ويأتي بعد ذلك من يوثقه أو يذب عنه، وهذا أحمد قد وثق محمد بن حميد الرازي، فاجتمع بعد ذلك به أبو حاتم وأبو زرعة وابن وارة فجرحوه فقبل كلامهم، و تكلم النسائي في أحمد بن صالح المصري وابن معين في الشافعي فلم تقبل الأمة كلامهما، وهذا باب واسع، والغلط فيه ليس من جنس غلط أهل الصنعة، وإنما هو غلط من لم يعرف هذا العلم البتة، وقد قال أحمد رحمه الله: "لا تقل قولا ليس لك فيه إمام"، والبدع تنشأ صغارا ثم تعود كبارا.

المسألة الرابعة
حكم بالظنّ

ومن أسوء أقوال الشيخ فركوس التي نُقلت عنه وهي مسجلة بصوته: (هذا من أي منطلق؟ نحن ننظر، الجرح لا بد أن يكون مفسرا، كون الأمر جاء نتيجة نزاع ونتيجة نفوس، لا نقيم له وزنًا، نحن على ما نحن عليه سائرون).
وهذا حكم بالظن،{وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، فإن كلام الشيخ ربيع بن هادي من أول الأمر مع الشيخ محمد بن هادي إنما هو مطالبته بالأدلة، لأن الكلام لابد أن يكون بعلم، والعلم هو ما قام عليه الدليل المعتبر شرعا، وأما تحذيره منه فإنه لما خالف طريقة السلف، واتبع هواه في تحذيره من السلفيين، والطعن عليهم، وتفريق كلمة أهل السنة، ولم يذكر دليلا شرعيا معتبرا =حذّر منه العلامة ربيع بن هادي المدخلي، فأين هو الأمر النفسي؟!
ثم إن أئمة العلم والجرح والتعديل لا يردّون أقوال العلماء بمثل هذا، بل يبيّنون أن كلام فلان في فلان لا يُقبل لأنه تكلم فيه بسبب غير مقبول في هذا الباب، كالحسد والتنافس ونحوها، قال الصنعاني رحمه الله: (الأولى أن يناط رد كلام المتعاصرين بعضهم في بعض بمن يعلم بينهما مانع من عداوة أو تحاسد أو منافسة أو نحوها مما يقع بين الأقران) [توضيح الأفكار2/97]، وهذا لأننا لو رددنا كلام من لم نعلم منه ذلك لكنا قد رددنا علم الجرح والتعديل قديما وحديثا، ومن نظر في حال أهل البدع أدرك أنهم من أوسع الناس استعمالا لهذا من غير بيّنة، وغرضهم في ذلك ردّ أحكام أئمة أهل السنة على أهل البدع من أشياخهم، ولهذا تجد من أعظم الناس تقريرا لهذه القاعدة تاج الدين ابن السبكي حتى يردّ على الإمام أحمد ونظرائه من الأئمة طعنهم في أهل الأهواء، فيجعل كلام أحمد في الكرابيسي والحارث المحاسبي وابن كلاب وغيرهم من كلام الأقران، وأيّ قرن كان لهؤلاء في مقابلة الإمام أحمد؟! وكذلك استعمالات أهل البدع في هذا الزمان، كلما حذّر عالم من مبتدع قالوا: كلام أقران، وبينهما أمور شخصية، من غير أن يبيّنوا، فهلّا بين لنا الشيخ فركوس الفَرق بين دعواه في هذه المسألة ودعوى أهل البدع.
ولو أن ناظرا نظر بعين العلم والعدل لردّ كلام الشيخ فركوس في مشايخ الإصلاح بسبب كونه كلاما مبنيا على أمور شخصية، وذلك لأن مما تواتر نقله عن الشيخ فركوس قوله: (يريدون أن يأتوا برجل من الغرب ويجعلوه أعلم مني)، وهذا الكلام مع أنه يُزْرِي بقائله -وقد كان أكثر من سمعه عن الشيخ من العقلاء يودّون أن يربأ الشيخ بنفسه عن مثله- فإنه يدلّ على أن كلامه إنما هو دفاع عن شرفه ومنزلته وعزّته، لا عن أمور منهجية أخذها عليهم، وابن حنفية له من الأخطاء المتعلقة بالشريعة ما يجلّ عن أن يُنتقد بمثل ما انتقده به الشيخ فركوس، لكن الشيخ عظُم عليه هذا فبقي يكرره في مجالسه، فكلامه في مشايخ الإصلاح بمثل هذا مما يتفق الناس على أنه جرح لغرض غير معتبر شرعا فلا يقبل.

المسألة الخامسة
"يزكي من لا يعرفهم"

سمع الناس كلاما مسجلا بصوت الشيخ فركوس يطعن فيه على الشيخ ربيع بأنه: "يزكي من لا يعرفهم"، وهذا إذا أُخذ على الرجل فإنه يجعل أحكامه لا منزلة لها، لأن الرجل إذا عُرف بتساهله في المدح أو القدح لم يُعتمد على قوله كما هو معلوم عند أهل العلم بالحديث.
ثم من قال إن هؤلاء لا يعرفهم؟ والحال أن كلّ من عرفهم وعرف الشيخ فركوسا علم علم اليقين أنهم جالسوا الشيخ ربيعا أضعاف مجالسة الشيخ فركوس له، فضلا عن مجالسة الشيخ عبيد -الذي لم يره الشيخ فركوس قطّ- وغيره من المشايخ، فلئن زعم زاعم أن الشيخ ربيعا لا يعرفهم إلا بواسطة؛ فكيف يقال في معرفته للشيخ فركوس(2).
وإذا نظرنا إلى ميزان الشيخ فركوس في الجرح والتعديل وجدناه يطعن فيمن يطعن فيه أو يظن أنه يطعن فيه، فمن ذلك طعنه في أناس منحرفين كالحجوري و بوروبي وغيرهم.
وممن طعن فيهم الشيخ لظنه أنهم يطعنون فيه -والظن أكذب الحديث- الشيخ خالد حمودة؛ بل أفتى لأهل مسجده بعدم السعي لإرجاعه إليه، فهل هذا شريعة ربانية، أم تحيّن فرصٍ للانتصار للنفس، وقد علم الناس موضوع دروس الشيخ خالد في ذلك المسجد، وأنها لا تخرج عن كلام متعلق بآية أو حديث، وأكثره متعلق بتوحيد أو فقه عبادةٍ يتعبد الناس بها ربهم، لكن الشيخ وضع جنابه في كفة، ووضع نشر الإسلام في كفة، فرجحت كفة جنابه وطاشت كفة تعليم الناس الدين (3).
ولم يكن أئمة الدين وعلماء المسلمين على هذا النحو، ومن نظر في سير العلماء رأى العجب في تقديم مصلحة الدين على مصلحة الذّب عن أعراضهم، بل جاء الإسلام بالجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله مع ما فيه من بذل النفوس والمهج.
وأما تزكية من يظهر له الاحترام والودّ والتعظيم _ ولو كان منحرفا _ فهو ما فعله الشيخ مع محمد حاج عيسى و لزهر وجمعة وغيرهم ممن دخل معهم.
وما قضية أسامة بن عطايا الفلسطيني عن القوم ببعيدة، فإن تزكية مثل هذا أو السكوت عنه في فتنه لأجل أنه يحترمك ويعظمك أو لأنه عدوّ عدوّك = عار وشنار على صاحبه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا حلف في الإسلام"[مسلم رقم: 2530].
ونظير قضية أسامة الفلسطيني ما فعله الشيخ فركوس مع ناصر زكري الذي زار الجزائر وقدَّمه الشيخ للناس فجلس زكري على كرسي الشيخ فركوس، فمن هو ناصر زكري!؟ وما علمه!؟، وقد علم السلفيون أن العلم دين، فلينظروا عمن يأخذون دينهم، كما علموا أن ناصر زكري يطعن في الشيخ ربيع وغيره، لكن ما دام يثني على الشيخ فركوس هو وابن عطايا -ولو بالكذب(4)- فإنهما يقدَّمان، ولا يهم بعد ذلك فِعالهما، ويُستقبل المنحرفون الذين يعظمون الشيخ كعبد الحميد الحجوري وعدة فلاحي الرافضي، ولا يهم منهجهم وعقيدتهم ما دامت سيرتهم مع الشيخ حسنة، ويا ليت الشيخ فركوسا نزّل مشايخ الإصلاح منزلة الرافضي الذي جلس معه، فجلس معهم في هذه الفتنة كما جلس مع الرافضي عدة فلاحي؛ فلعلّ الله أن يكتب فيها خيرا.


المسألة السادسة
عملي وحدي يساوي عملهم وزيادة

من شنيع ما نقل عن الشيخ فركوس قوله: (عملي وحدي يساوي عملهم وزيادة)، يقصد مشايخ الإصلاح مجتمعين، وهذا معنًى جاء عن السلف النهي عنه، وفي كتاب الله تعالى: "يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين"، وقيل للإمام أحمد: "جزاك الله عن الإسلام خيرًا، قال: بل جزى الله الإسلامَ عني خيرًا؛ من أنا وماَ أنا!؟"، وهكذا السلف لما غلب عليهم الإخلاص وعرفوا قدر ربهم استقلّوا أعمالهم في جنبه، قال ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام رحمه الله يقول: العارف لا يرى له على أحد حقًا، ولا يشهد له على غيره فضلًا، ولذلك لا يعاتب ولا يطالب ولا يضارب،... وكان كثيرًا يقول: (مالي شيء، ولا مني شيء، ولا فيَّ شيء. وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت: أنا المُكدِّي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدِّي)
وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول: (والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعدُ إسلاما جيدًا) [مدارج السالكين 1/519].
فإن قال قائل: قد ثبت عن السلف من مدحهم لأنفسهم عند الحاجة ما ثبت، قلنا: نعم ثبت هذا عن عثمان رضي الله عنه وعن غيره، لكن إنما كان نصرة للدين لما طعنوا عليه فيه، ولم يكن الغرض مدح نفسه وتحقير إخوانه كما هو حال هذه الكلمة التي لها أخوات.
أقول هذا على فرض التسليم بصحة تلك المقالة، وإلا فإن الناظر في أحوال طلبة العلم في الجزائر يجد استفادتهم من مشايخ الإصلاح أعظم بمراحل كثيرة من استفادتهم من الشيخ فركوس، وبيان ذلك أن دروس المشايخ وكثير من طلبة العلم منتشرة مشتهرة في فنون شتى، أعظمها ما يتعلق بتوحيد الله وتفسير كتابه وتفسير أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك شرح متون العلم التي يتدرج بها الطلبة في إدراكهم للعلم وتحصيله، ومنها أيضا التعليق على المطولات في العلم، وهذه هي طريقة العلماء السابقين والمعاصرين في تعليم العلم، كلّ هذا مع ما يبذلونه في الدورات العلمية من تعليم ووعظ ونصح وإرشاد، وما يبذلونه من محاضرات في كل مناطق البلد شرقها وغربها شمالها وجنوبها، هذا كله ودروسهم مسجلة مبثوثة معلومة يستفيد منها كل من أرادها ولو بعُد المكان والزمان.
أما الشيخ فركوس فدروسه إنما هي أسئلة وأجوبة لعدد معين لا يكاد يسمعها إلا من كان قريب المكان منه، وهذا مما يشاركه فيه إخوانه من المشايخ؛ وبعضهم قد يفوقه في عدد أجوبة المستفتين، ومع هذا فالشيخ لا يرضى بالتسجيل ولا أن يَنسب إليه من حضر مجلسه الكلامَ، فكيف يقارن بين هذا وذلك في مجال الدعوة إلى الله؟!
ولو نظر الشيخ لعلم أن إخوانه المشايخ باذلون علمهم للصغير والكبير من طلبة العلم والمستفتين، يصل إليهم السائل وصولا ميسورا، شأنهم شأن مشايخهم من العلماء الذين أدركوهم وأخذوا عنهم من علمهم وهديهم.
كما أن مشايخ الإصلاح وعموم طلبة العلم يشرحون في باب الاعتقاد المتون التي كتبها أئمة أهل السنة، ولم يكن فيها غبش، ككتب شيخ الإسلام وتلامذته ومحمد بن عبد الوهاب وتلامذته، وهي التي يربون عليها طلبة العلم حتى ينشأ جيل سني على طريقة من سلف.
أما الشيخ فلا يكاد يعرف عنه عناية بتلك الكتب شرحا وتدريسا وتعليقا وتفهيما، مع أن مجلسه قابل لذلك، فليته يعتني بمثل هذا، فإنه أساس الدين وقاعدته، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن يكتب كتابا في الفقه، فأجاب السائل بأن الناس قد كتبوا في الفقه، لكن مسائل الاعتقاد هي التي تحتاج إلى بيان.
نعم؛ ذِكر الشيخ بالثناء والمدح والفضل هو الذي يغلب ذِكر غيره، فانتشار الصِيت للشيخ، وانتشار العلم والإفادة للمشايخ وطلبة العلم المجدّين.
وليس الغرض بيان التفاضل، فإن تعليم الناس دينهم سبيل الأنبياء التي يتنافس فيها المتنافسون، والمخلص لله تعالى لا يرى لنفسه منّة في مثل هذا، بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي) [البخاري رقم: 6306]، وقال الله تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله)، وفي صحيح البخاري [4104] عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ، أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: «أَبَيْنَا أَبَيْنَا»، وقال السلف: "لا يعجب بعمله إلا قدري".
ومما يتعلق بهذا الباب وهو من الغلو الواضح ما جاء في مقال نشر في موقع الشيخ بعنوان: "تنبيه أُولي البصائر في ردِّ مقولةِ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر»: "فإنَّ كُلِّ مُنصِفٍ لم يحجب الحقدُ بصرَه غطاءً، ولم يمنع الحسدُ بصيرتَه غشاءً، لَيدرِك ـ بأدنى نظرٍ وأقلِّ تأمُّلٍ ـ أنَّ الشيخ أبا عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ مِنْ أكثر الشخصيَّات الدِّينية في زماننا هذا ـ إِنْ لم يكن أكثرَهم ـ علمًا وعطاءً لبلده الجزائر، على وجه الإطلاق"، وهذا مع ما فيه من المدح والغلو فإنه كذب، لأن أخْذ أهل الجزائر دينهم إنما هو عن علمائهم، كالألباني وابن باز وابن عثيمين وربيع والعباد والفوزان وعبيد الجابري ونحوهم، وهم الذين بينوا للناس طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكلموا في فنون العلم، أما الشيخ فركوس فإن له علمه وفضله، لكن لم يكن أكثر الناس عطاء لأهل الجزائر، وأما أكثرهم علما فالعلوم متفاوتة، وهو عارف ببعض العلوم؛ غير عارف بعلوم أُخَر، ثم أصل العلم والعطاء هو علم التوحيد، ولك أن تنظر فيما أعطاه الشيخ لبلده في هذا الباب، وقارنه بما شرحه وبينه غيره من المشايخ وطلبة العلم في هذا البلد، فإن طالب العلم في مسجده إذا شرح كتاب التوحيد أو الواسطية ومسائل الجاهلية فإنه يكون قد تطرق إلى أضعاف ما هو في كتب الشيخ وموقعه من مسائل الاعتقاد، وهذا يرشدك إلى غيره مما يبين بطلان كلام صاحب المقال.
ومما جاء في المقال المذكور من الغلو الشنيع، قول صاحب المقال: "حُقَّ لأهل وطنه مِنْ إخوانه وأبنائه أَنْ يتجاوزوا مرحلةَ الإعجاب بشخصيَّته الدِّينيَّة وآثاره العلمية إلى مرحلة الفخر والاعتزاز بكونهم أحَدَ أبناءِ هذا الوطنِ العزيز الغالي، الذي يتضمَّن ـ في جَنَباتِه ـ عَلَمًا هذه آثارُه، وتلك ثمارُه"، وهذا غلو لا تأتي به الأديان، ولا يكاد يصدر إلا من جاهل بالشرع أو صاحب بهتان، وهل يجد الناس كبرياء وعظمة أكبر من هذا، ومتى أمر الله عز وجلّ بالفخر بالأوطان والاعتزاز بها لأجل ما يوجد في جنباتها من أشخاص، وهل هذا إلا فعل أهل الجاهلية التي جاء الإسلام بمحوها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَايَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ" [مسلم رقم: 934].
كما أن هذا نظير فخر القبوريين الذين يزعمون أنهم من أهل بلدة الولي الفلاني، وهذا الغلو قد يفتح بابا من أبواب الشرك، فإن شرك قوم نوح إنما نشأ بمثل هذا، ثم صار جذعا.
وهذا هو الفخر الذي قال الله فيه: "إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا" وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولايبغي أحد على أحد}[مسلم: 2865]، وترك التواضع ولزوم الفخر لاشك موصل صاحبه إلى البغي.
وأمر الله سبحانه بالفرح والاعتزاز بدين الإسلام، قال الله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}، ومن أعظم ما يُبتلى أهل العلم بالحرص على جمعه من حطام الدنيا حبُّ المدح والرياسة، قال الحافظ الزاهد ابن رجب رحمه الله: "ومن علامات العلم النافع أنه يدل صاحبه على الهرب من الدنيا، وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات العلم النافع، فإذا وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته، بحيث أنه يخشى أن يكون مكراً واستدراجاً، كما كان الإمام أحمد يخاف ذلك على نفسه عند اشتهار اسمه وبعد صيته.
ومن علامات العلم النافع أن صاحبه لا يدعى العلم ولا يفخر به على أحد ولا ينسب غيره إلى الجهل إلا من خالف السنة وأهلها، فإنه يتكلم فيه غضباً للَّه لا غضباً لنفسه، ولا قصداً لرفعتها على أحد.
وأما من علمه غير نافع فليس له شغل سوى التكبر بعلمه على الناس وإظهار فضل علمه عليهم ونسبتهم إلى الجهل وتَنَقُّصهم ليرتفع بذلك عليهم، وهذا من أقبح الخصال وأرداها"
[فضل علم السلف ص8].
وهذا الغلو الباطل ليس من كلام الشيخ، ولكنه نُشر في موقعه، فانتشر بين الناس ولم يحذفه ولا ردّ ما فيه من الباطل، وهذا خلاف عمل أهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي لم يقم منه: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) [البخاري رقم: 435]، قالت عائشة رضي الله عنها: "يحذّر ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره"، فدفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيته سدّا لذريعة الغلو والشرك _كما ذكرت عائشة رضي الله عنها_، ولولا هذا السبب لكان قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملة قبور المسلمين، وهذا فيه بيان سدّ ذريعة الشرك، وبيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، وهذا المعنى مقلوب في ذلك المقال من الجهتين:
أولا: أن فيه ذريعة إلى الشرك.
ثانيا: أن الكلام الذي جاء في المقال ليس بعده فخر ولا تعاظم، فقد بلغ الغاية في ذلك.
وليقارن طالب الحق بين هذا الموقف وبين موقف الرجل الصالح الشيخ عبد المحسن العباد الذي نشر عنه بعض الناس في غير بلده مقامات في الورع، فنصح صاحبها وردّها على قائلها، مع أنها ليست من الغلو في شيء، وهكذا يفعل عباد الله الصالحون.
ومن جميل ما يُوقف عليه في هذا الباب ما أجاب به العلامة حافظ الحكمي بعض من مدحه؛ فقال رحمه الله:

عادت عليكم تحيات مضاعفة***أما المديح فما لي حاجة فيه
ولست أرضاه في سر ولا علن***ولست أصغي إلى من قام يُنشيه
إذ يورث العبد إعجابا بسيرته***وما جناه من الزلات ينسيه
مالي وللمدح والأملاك قد كتبوا***سعيي جميعا ورب العرش محصيه
ولست أدري بما هم فيه قد سطروا***وما أنا في مقام الحشر لاقيه
وما مضى لست أدري ما عملت به***وما بقى أي شيء صانع فيه
وما اغتراري بأهل الأرض لو مدحوا***وفي السماوات ذكري لست أدريه
إياكمو أن تعيدوا مثلها أبدا***فاستقبل النصح مني حيث أمليه

ومن خزايا هذه الفتنة المنبنية على التعظيم والتقديس أن انتشرت صور لمكتبة الشيخ وكرسيه، وفيها إشارة إلى تعظيمه، وهذا الفعل من مُقدِّسي الشيخ نظير فعل أهل الجاهلية في تعظيمهم لآثار الأنبياء والصالحين، وهو الذي كان سبب حدوث الشرك في العالم، من لدن نوح عليه السلام إلى زمننا هذا، وقد عقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بابا في كتاب التوحيد قال فيه: "باب ما جاء في أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين".

المسألة السابعة
يتنكّرون لأهل بلدهم

مما تواتر عن الشيخ شدّة ذمه لأهل قطره بأنهم يتنكّرون لأهل بلدهم، وهذا لا يكاد يصدر إلا ممن يرى نفسه أنه أهل لأن يعظَّم، وإذا سمع منه المتعلم ذلك فإنه يستقر في قلبه، فلا يكاد يرضى بعد ذلك إلا بالتبجيل، والذي عليه العلماء قديما وحديثا هو هضمهم لأنفسهم، وتربية طلابهم على ذلك، وهو الذي جاءت به النصوص، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالقُرْآنِ فِي أَمْرِي" [البخاري رقم: 2661].
ولو نظر الشيخ فركوس إلى تاريخ العلماء الذين لا يُذكر معهم في هذه البلاد وما جاورها لجزم أنه لم ينل أحد من التقديم والتكريم والثناء والتمجيد مثل ما ناله هو، والنبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن مثل هذا، وفي الحديث القدسي: "الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَدْخَلْتُهُ جَهَنَّمَ" [أحمد رقم 8894 من حديث أبي هريرة].
وكم من موقف حكم فيه الشيخ فركوس بأنه سوء أدب معه، ولو نظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لوجد من يعامل النبي صلى الله عليه وسلم بمثله أو أشدّ ولم يقع عند أحد منهم أنه سوء أدب، وليعتبر بالأحاديث التي يجيء الأعرابي فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيها فيشدد عليه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرى ذلك تنقُّصا له ولا هضما لنبوته.
ولهذا فإن الشيخ فركوسا لم يُسِغ كلام الشيخ عبد الغني لما وصف أخانا مرابطا بالمشيخة في صوتية موضوعها الذبّ عن الشيخ فركوس، فراح يشنع على الشيخ عبد الغني بأنه شيَّخ مرابطا كما شيخني، وهذا حدّ لا يكاد يُوصل إليه في العظمة، مع أن الشيخ عبد الغني لم يعطف اسم فركوس على اسم مرابط حتى يقال أنه سوى بينهما، ولو فعل ذلك لم يكن فيه محذورا، لأن هذا خاص بالله العظيم رب العالمين، الذي جاء في حقه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أجعلتني لله ندّا، بل ما شاء الله وحده"، بل رضي الله وهو رب العالمين أن يوصف بأنه سميع بصير، وسمى سبحانه خلقه بذلك، فقال:"إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً" وقال سبحانه:"إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً"، والشيخ فركوس لم يرض أن يشاركه مرابط في وصف المشيخة!.
والله عز وجلّ قال:"نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون" فعطف مَن ادّعى الربوبية على نبي من أولي العزم من الرسل، ولم يكن فيه تنقص لموسى عليه السلام، ولا رفعة لفرعون قبحه الله.
والذي عهدناه عن علماء الأمة المتقدمين منهم والمتأخرين أن هممهم أعلى من مثل هذا.

المسألة الثامنة
تعديل الفتاوى من غير تنبيه

ومما يدخل في هذا الباب وهو مضرّ بالدين ما يفعله الشيخ فركوس من تغيير في الفتاوى التي في الموقع بعد أن يُبيّن له الغلط من غير تنبيه ولا بيان للخطأ القديم من الصواب الحادث، وفي هذا مفاسد ومحاذير متعددة:
منها كراهته أن ينسب لنفسه الغلط، وليس هذا من شأن أئمة الدين.
ومنها أنه يكون سببا لتهمة الناس بالتقوّل على الشيخ، وهم برآء من ذلك، وإنما ذنبهم أنهم نقلوا فتوى للشيخ كان الشيخ قد رجع عنها بعد مدّة، فعدّل في موقعه أو في كتابه من غير أن يبين.
ومنها أن بعض الناس يطلع على الفتوى الأولى أو الطبعة الأولى للكتاب، ويبقى عليها، فلا يبلغه أن الشيخ رجع عن ذلك الخطأ.
وأعظم ما يقع فيه الغلط ما كان في باب المعتقد، فإن الشيخ من طريقته في كلامه عن مسائل الاعتقاد أنه ينقل عن أهل السنة، وينقل أيضا عن الأشاعرة أو من تأثر بهم، فأحيانا ينقل عنهم كلاما فيه تعطيل، أو تأصيل لقول فاسد، من غير أن ينتبه له، ثم قد ينبّهه غيره فيعدّل كلامه في الموقع من غير بيان أنه قال ذلك، فيقرأ بعض الناس الخطأ ولا يبلغهم الصواب فيعتقدونه، ويقرأ بعضهم الصواب بعد تعديله فيكذّبون من نقل عنه الخطأ، مع أن من نقل عنه الخطأ مصيب في نقله، ومن نقل عنه الصواب مصيب في نقله، وإنما الخطأ من الشيخ إذ لم يبيِّن.
وقد كان هذا من الشيخ في مواضع:
1ـ فمن ذلك مسألةٌ صفة السمع والبصر لله تعالى، قال الشيخ فركوس في طبعته الأولى من"إمتاع الجليس" ص79-80: "نقل ابن حجر تعليق الكرماني على الأحاديث الواردة التي أوردها البخاري في باب (وكان الله سميعا بصيرا) ما نصه: "الْمَقْصُودُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَحَادِيثِ إِثْبَاتُ صِفَتَيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَهُمَا صِفَتَانِ قَدِيمَتَانِ مِنَ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَعِنْدَ حُدُوثِ الْمَسْمُوعِ وَالْمُبْصَرِ يَقَعُ التَّعَلُّقُ [وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَالُوا إِنَّهُ سَمِيعٌ يَسْمَعُ كُلَّ مَسْمُوعٍ وَبَصِيرٌ يُبْصِرُ كُلَّ مُبْصَرٍ فَادَّعَوْا أَنَّهُمَا صِفَتَانِ حَادِثَتَانِ وَظَوَاهِرُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ ترد عَلَيْهِم]".
قلت: هذا الذي بين معكوفين من كلام الكرماني هو معتقد أهل السنة، والكرماني نسبه إلى المعتزلة، وأما قوله: "فادّعوا أنهما صفتان حادثتان" فهو إلزام على حسب مذهبه بما لا يلزمُ حقيقةً، كنسبتهم أهل السنة إلى التشبيه، والشيخ فركوس نقل هذا الكلام، ثم حذف ما بين معكوفين في طبعته الثانية عام 1435، ولم ينبه على ذلك ولا أشار إليه. على أن ما تركه من كلام الكرماني ليس مذهب أهل السنة، بل هو جار على أصل الأشعرية، وقد نبه الشيخ على ذلك في الطبعة الثانية.
2ـ ومن ذلك أنه ذكر في بعض مقالاته أن آيات الصفات من المتشابه، وقد بُيّن له ذلك فحذفه من غير أن يبيِّن، فتفطن له بعض الناس فنشره، وبيّن أن الشيخ فركوس عدلّ من غير بيان، فاضطر الشيخ ليكتب بيانا يبرئ ساحته ويلصق الخطأ بموقعه، وهذا مع ما فيه فإنه مما يجعل الناظر في كلام الشيخ غير عالم عمن يأخذ دينه؛ أهو عن الشيخ أم عن موقعه!؟(5).

المسألة التاسعة
لايطعن في الشيخ لزهر إلا مبتدع

مما نُقل عن الشيخ فركوس قوله: "لايطعن في الشيخ لزهر إلا مبتدع"، وهذا مما كان ينبغي للشيخ أن يجلّ نفسه عنه، فإن المحنة التي قال عنها أهل العلم إنها بدعة هي المحنة الجاهلية الحزبية كهذه، فإن الرجل الذي يكثر زللـه وخطؤه وكلامه في شرع الله بغير علم لا يجوز إلا الطعن فيه، والتحذير من غلطه، على هذا أجمع أهل الإسلام قاطبة، وحال لزهر معلوم لمن جعل الشرع قائده، وكان ناصحا للمسلمين، ولم يتلوث بعصبية.
ولننظر في حال هذا الرجل الذي يقول عنه الشيخ فركوس إنه لا يطعن فيه إلا مبتدع، ولنعرض شيئا من أعماله على الكتاب والسنة، ليعلم الواقف على هذا الكلام أيّ الفريقين كان أنصح للمسلمين؛ آلذي حذر منه كالشيخ ربيع ومن معه، أم الذي مدحه ودافع عنه.
فمن ذلك ما أراد به لزهر تحريف الدعوة السلفية من دعوة ربانية تدعو إلى توحيد الله وتكبيره وإجلاله وكثرة ذكره إلى دعوة شبيهة بدعوة المتصوفة والرافضة التي تدعو إلى إجلالٍ وتعظيمٍ للمشايخ وكثرة ذكر لهم، وانظر إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وما فيها من المعاني تجدها كلها في هذا المضمار، وانظر إلى دعوة العلماء وما كتبوه ذبّا عن الدين أو تعليما لأهله تجد أساسها الدعوة إلى الله، وكذلك دروس العلماء المعاصرين من أهل السنة تجد فيها الدعوة إلى الله ودينه، بخلاف مجالس لزهر؛ فإنها دعوة إلى توقير وتقديس العلامتين المحمدين!! وكثرة التباكي عليهما، وكأن الله عز وجل حصر دينه في هذين الرجلين، أو كأن تقديسهما هو تحقيق للشهادتين، والإخلال بذلك نقض لقاعدة الدين، أوَ ليس هذا تحريف لمنهجٍ جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه على ذلك أئمة أهل السنة من بعده، أوَ ليس قد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم بعض ما قاله لزهر في الشيخ فركوس ومحمد بن هادي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان" [أبو داود، رقم: 4806]، وقال صلى الله عليه وسلم :"يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجلّ" [أحمد، رقم: 12551].

ولو أن لزهر شنع على من يطعن في الله ربّ العالمين ويسبّه ببعض ما شنع به على من يراهم يطعنون في الشيخ فركوس لأقلع _إن شاء الله_ كثير من هؤلاء عن سبّ الله تعالى.
هذا فضلا عما أُخذ عليه من كلام في العلم والشرع بغير علم، وطعنه في العلماء أمثال الشيخ العلامة ربيع بن هادي والشيخ عبيد الجابري ومن سماه كبير الصعافقة الشيخ عبد الله البخاري، وكذلك طعنه بالجملة في بطانة شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز مع أن بعضهم من أكابر علماء أهل السنة، وطعنه في بطانة العلامة ربيع، وطعنه في مشايخ الإصلاح الذين يفوقونه في كل أنواع العلوم، وتزكيته للمنحرفين ودفاعه عنهم، وترويجه لكتب أهل البدع رغم نصح الناصح، وزجر الزاجر، وفضح الفاضح، وغيرها من البوائق.
وقد علم الشيخ بكثير من هذا، ومع ذلك لم يثنه هذا عن الثناء عليه بمثل هذا ما دام لزهر سخَّر حياته لذكر الشيخ فركوس والثناء عليه.

أما أهل العلم قديما وحديثا فلم يكونوا يتقارضون المدح بينهم، ولا كانوا يحبونه ولا كانوا يرضونه أبدا.
ولو أن الشيخ نظر في كلام أهل السنة وعملهم في هذا الباب لبان له الحقّ واضحا جليا، فإن السلف قرّروا أن من علامة أهل البدع الطعن في أهل الأثر، فجعلوا هذا الفعل علامة يعلم بها المبتدع لما حواه قلبه من بدعة، فإذا جاء الطعن في أهل الأثر كان ذلك دليلا على أنه من أهل البدع، كأن يقول المعتزلي عن أحمد وأصحابه إنهم جبرية، فإن هذا دليل على أنه قدري، أو يقول الخارجي عن أعلام أهل السنة مرجئة، فيكون دليلا على كونه خارجيا، ولو لم يُعرف عنه ذلك من قبل صريحا، وهذا الطعن إن قصد به أهل السنة عموما فإنه يكون علامة على بدعة الطاعن، لأنه لم يطعن فيهم إلا لكونهم أهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن قصد به أفراد أهل السنة فيُنظر، فإن كان لأجل ما معه من السنة كان أيضا مثل سابقه، وأما إن كان الطاعن والمطعون فيه من أهل السنة جميعا فلا أحد يزعم أن الطاعن مبتدع، أو أن طعنه علامة على البدعة، أوَ ما ترى أن عددا من السلف والخلف طعن بعضهم في بعض فلم يقل أحد منهم قولتكم هذه، فهذا حماد بن سلمة الذي قال فيه أحمد: "من تكلم في حماد فاتهمه على الإسلام" قد تكلم في حفظه_في مواضع_ جماعة من العلماء، ولم يكونوا مقصودين بكلام أحمد، وهكذا مالك مع ابن أبي ذئب، وابن معين مع الشافعي، وكذلك في كل عصر ومصر، لكن البُعد عن كتب السلف وما يريدونه من كلامهم يوقع في مثل هذه الورطات، وهذه المسألة أوضح من أن توضح، ولكننا صرنا إلى زمان نحتاج فيه إلى مثل هذا والله المعين.

المسألة العاشرة
حياته كلها توبة وتراجع

ومن عجائب هذه الفتنة أن الشيخ فركوسا يقول عن لزهر: "حياته كلها توبة وتراجع"، ولو تمعن الشيخ فيما يقول لعلم أن هذا يوجب عليه التحذير منه لا الدفاع عنه، لأن مما تقرّر عند أهل العلم بالحديث وغيرهم أن من كان هذا حاله لا ينبغي أن يُتديّن بقوله، ولا أن يقتبس نور علم النبوة منه، فإن دين الله أشرف من ذلك وأعظم وأعزّ، قال أحمد بن سنان:"كان ابن مهدي لا يترك حديث رجل إلا رجلا متهما بالكذب، أو رجلا الغالب عليه الغلط".
وقال أبو موسى محمد بن المثنى: سمعت ابن مهدي يقول:"الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة، فهذا لا يترك حديثه، وآخر يهم والغالب في حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه".
وقال أبو بكر بن خلاد: سمعت ابن مهدي يقول:"ثلاثة لا يؤخذ عنهم: المتهم بالكذب، وصاحب بدعة يدعو إلى بدعته، والرجل الغالب عليه الوهم والغلط"[شرح علل الترمذي لابن رجب 1/109_110]، وكثرة الوهم والغلط وعدم الرجوع إلى الصواب مما قد عُلم عن لزهر، وانتشر واشتهر.
فكيف يجمع المريد للحق والصواب بين موجب التحذير منه وتحريم ذلك في محل واحد!؟

المسألة الحادية عشرة
غالقين عليه

ومما يتعلق بهذا الباب من جهة النقيض ما سُمع بصوت الشيخ فركوس من كلامٍ عن الشيخ ربيع وطعن فيه، كقوله: "غالقين عليه"، وهذا الكلام الذي قاله الشيخ فركوس مريدا به ردّ كلام الشيخ ربيع هو حجة كلّ مصعفق في هذه الفتنة، وقد اتفق عليها الرؤوس الأربعة وسُمعت منهم بأصواتهم، فإن قال قائل: إنما يريدون بذلك بيان عذر الشيخ حتى لا يحكموا عليه بالصعفقة، ولا يأمروا بتهميشه، قيل لهم: جوابكم من جهات:
أولا: ذكر الله تعالى عن المنافقين أنهم لما أرادوا الطعن في أحكام النبي صلى الله عليه وسلم قالوا هو أذن، قال الله تعالى: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن}، قال ابن كثير رحمه الله: (ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام فيه ويقولون: "هو أذن" أي: من قال له شيئا صدَّقه، ومن حدَّثه فينا صدقه، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا، روي معناه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة) [3/17]، فسماه الله أذية، وذكر العلامة ابن سعدي رحمه الله بعض وجوه الأذية فقال: (ومنها: قَدْحُهم في عقل النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم إدراكه وتفريقه بين الصادق والكاذب).
فهذا بيان واضح بدلالة القرآن على أن هذا الكلام طعن وأذية، وهو عين ما قاله الشيخ فركوس وغيره، أوَ ليس الشيخ ربيع أولى من لزهر بقول الشيخ فركوس: "لا يطعن فيه إلا مبتدع"، فانظر -يا رعاك الله- كيف انقلبت الموازين عند هؤلاء، وهكذا من ترك الحق لابدّ أن يتقلب نظره، ويتثعلب فكره.
ثانيا: العالم ولو كان في عزلة فإنه عالم، وليس من شرطه أن يُفتح عليه أو يُغلق، بل الواجب عليه أنه إذا سئل أجاب بما يعلمه من الشرع ولو لم يلابس تلك المسألة بنفسه، وهكذا كان حال النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده، يأتيهم السائل فيسأل فيجيبونه وهم في مكانهم، كما فعل ابن عمر مع القدرية، وهكذا حال الشيخ ربيع فإنه يسأل عن أقوال وأفعال جماعة الفساد من المفرقين لأهل السنة فيبطل ما هم عليه بالقرآن والسنة (5).
ثالثا: مما عُلم عِلمَ اليقين أن أكثر الذين جادلوا الشيخ ربيعا هم على طريقة الشيخ فركوس، ومن المتعصبين له، بل بعضهم رؤوس الفُرقة ومشايخها كجمعة ولزهر، فما بالهم لم يذكروا له حججهم، وقد تكلموا معه وتكلم معهم من غير واسطة، أفلا يدلّ هذا على أن حجتهم داحضة، وأن الشيخ ربيعا جبلٌ من جبال العلم، لا تغرّه الكثرة ولا يعتبرها حجة كما هو حال أصحاب الشيخ فركوس في هذه الفتنة.
ولو سلّم مسلّم أن الشيخ ربيعا مغلق عليه، فما قول هؤلاء المفرقين بين أهل السنة عن الشيخ عبيد وقد دعا رأسَ الفتنة _جمعة_ إلى أن يقدَم عليه بالأدلة، فنكل وفرّ فراره من الأسد، وما قول الشيخ فركوس عن الشيخ عبد الله البخاري الذي جلس مع جمعة وبيّن له ما هو عليه، فهل يرى الشيخ فركوس أن هؤلاء جميعا مغلق عليهم.

هذا حكم الشيخ فركوس على الشيخ العلامة ربيع لما لم يوافقه على مشروعه، مع أنه في أول أيام الفتنة_ لما زعم جمعة أن الشيخ ربيعا وافقه _ كان يقول: "قد تكلم الشيخ ربيع، ويكفينا كلامه"، فلِم لم يكفه كلام الشيخ ربيع بعد ذلك في ثنائه على من أثنى عليهم، ولِم لم يكفه كلام الشيخ ربيع في تحذيره من أصحاب الشيخ فركوس وتبيِينه لانحرافهم وتميعهم وكذبهم، أم أنهم لما ظنّوا أن الشيخ ربيعا معهم كان خيرهم وابن خيرهم، فلما علموا أنه مخالف لهم صار شرهم وابن شرهم (6).
ثم لو قلبها قالب فقال: إن الشيخ فركوسا هو المغلق عليه الذي لا يدري ما حوله، والحجة في هذا أنه همَّش كل من يخالفه، سواء أكان عالما أم شيخا فاضلا، فلا يصل إليه إلا ما يأتيه من جماعته التي ثبت عنها الكذب والبهتان، ولا يستقبل من يجادله ويخالفه ويدلي بحجته كما يفعل الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ عبد الله البخاري، وكما يفعل المشايخ عندنا، فإن هؤلاء يسمعون حجج الطرفين ويحكمون بالحق والعدل، بخلاف الشيخ فإنه أراد أن يهمِش فهُمش شيئا فشيئا، فلو أن قائلا قال هذا فما هو جواب الشيخ عن هذا!؟ كيف والشيخ ربيع لايزال يردّ على من هو معك في التحذير من السلفيين كجمعة ولزهر وغيرهما، بل يسمع بباطل أهل البدع في ببلد غير بلده فيردّ عليه كما فعل آخرا مع عباس شومان.

وموقف الشيخ فركوس مع مخالفته للقرآن والسنة في الأمر بالتحاكم إليهما فيما شجر-وهذا لا يكون إلا بين طرفين مختلفين-، فإنه دالّ على ضعف الحجة عنده، لأن الذي عنده حجة يدلي بها خاصة إذا طولب بذلك، والشيخ فركوس كلما سئل عن المسائل التي أخذها على غيره من أهل السنة ذكر ما لا علاقة لهم به، أو قال: "أنا لا أريد أن أرجع إلى الخلف وأعيد ما سبق"، والشيخ منذ بداية الفتنة لم يتقدم خطوة في بيان الحجج، فكيف يرجع إلى الخلف من لم يتقدم قط، وكيف يعيد ما لم يكن.
وقد قال الله تعالى: {فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحقّ لله وضل عنهم ما كانوا يفترون} فبين الله تعالى أن من لم يأت بحجة على دعواه بعد التوجه إليه ومطالبته بها، فإن الحق يكون لخصمه، لأن الله استدل على بطلان قولهم وصدْق قوله بعدم إتيانهم بالبرهان، لأن تقدير الآية: فقلنا هاتوا برهانكم فلم يأتوا به فعلموا أن الحق لله، وما قبل الفاء علة لما بعدها.

المسألة الثانية عشرة
إذا سقط الأصل سقط الفرع

مما سمعه الناس بصوت الشيخ قوله في سياق التحريض على مشايخ الإصلاح: (إذا سقط الأصل سقط الفرع)، والله عز وجلّ يقول: {يأيها الذين ءامنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى} وقال تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا}، وهذه الكلمة إنما هي شيء قليل من كثير مما دُبِّر في السرّ وكِيد به أهل السنة في الخفاء، لكن العجيب أن تكون من الشيخ فركوس الذي بوّأه كثير من الناس منازل العلماء، وهل سمع الناس عن الشيخ ابن باز أو غيره من العلماء الربانيين فعلا مثل هذا!؟ والله إن هذا لا يكاد يرِد على القلب، لعلمنا بخشية العلماء وحياة قلوبهم، فهذا أمر.
وأمر آخر: هو أن الشيخ فركوسا كأنه ينظر إلى الدعوة السلفية على أنها دعوة حزبية أو إخوانية لها قياداتها وتنظيماتها، فإذا سقط منهم الرأس سقط مَن دونه، وهذا الذي يسير عليه كثير من جماعته في هذه الفتنة التي ظهرت فيها الحزبية الجاهلية التي هي نظير تحزب أهل البدع المشهورة، وما درى الشيخ أن الدعوة دعوة سلفية ربانية، لا أصل في أشخاصها ولا فرع، وإنما هم كلهم عبيدٌ لله، وكل واحد فيهم رهين بعمله، لا يغني أحد عن أحد شيئا، فإذا سقط ما سميته الأصل، فإن ما سميته فرعا لا يلزم سقوطه، لأنه لا فرع ولا أصل، وإنما هي سلفية يُتعبد الله بها، لا تقليد ولا تعصب ولا أصحابها إمعات، فلو سقط المشايخ أو فسقوا أو أشركوا -أعاذهم الله من ذلك- فإن ذلك ليس بلاحق لطلابهم إلا إذا وافقوهم، فما بال الشيخ يُسقط هذا بذاك لزاما، وقد أبطل الله هذا فقال: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، وروى الترمذي وغيره عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ، أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ، أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ لاَ يَجْنِي جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلاَ وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ، أَلاَ إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ، فَلَيْسَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلاَّ مَا أَحَلَّ مِنْ نَفْسِهِ، أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ رِبًا فِي الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ غَيْرَ رِبَا العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ)، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم أمور الجاهلية في أعظم مشهد شهده أصحابه معه، حتى يكون العلم بها عامّا، وجعل من جملة ما أبطله أخذ الرجل بجناية غيره، وإسقاطه لسقوط غيره.

خاتمة

فهذه أقوال سمعت من الشيخ بصوته، أو نُقلت عنه مما قاله في مجلسه، كان الشيخ في فسحة من أمره لولا أنه ولج هذا المولج واتّخذ تلك الوليجة العرجة، وأعمل في أهل السنة شيئا من أمر الجاهلية قد بيّنتها بما هي عليه في منصوص الشريعة، عسى أن يجتنبها من أراد السلامة لنفسه، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) [رواه البخاري رقم 6882]، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وسلم تسليما، والحمد لله ربّ العالمين.

كتبه: خالد فضيل


الهامش:
(1)- خلق أفعال العباد للبخاري (صفحة 43).
(2)- هذا وقد كتب لزهر : "حدثني أخي الوقور الدكتور عبد المجيد جمعة أن مصطفى مبرم حدثه:
أن الشيخ فركوسا لما زار الشيخ ربيعا لأول مرة كنت عند الشيخ، فلما خرج الشيخ فركوس من عنده وضع الشيخ ربيع يديه على رأسه متعجبا وقائلا: سبحان الله! مثلُ هذا الشيخ يُطعن فيه؟! (لأن الشيخ كان يظن أن الشيخ فركوسا من الشباب)" اهـ، وهذا_على ما في النقل من وهم، فإن الكلام منقول عن الشيخ محمد بازمول وليس عن الشيخ ربيع_ فإنه يدلّ على أن الشيخ ربيعا لا يعرف الشيخ فركوسا من قبل مَشِيبه، وإنما عرفه في السنوات الأخيرة.
(3)-وأوغل من هذا ما فعله الرجل المعثار لزهر سنيقرة لما ذهب إلى تلمسان وعقد مجلسا سأل فيه عن الشيخ مصطفى قالية ثم أجابهم بتحذير أهل المجلس من مجالس الشيخ مصطفى قالية الذي تغرب في غرب البلاد لنشر التوحيد بين العباد، فجاء هذا المعثار فحذر من مجالس شرح كتاب التوحيد، ولو أنه رزق البصيرة والعقل لنظر في حاله_وهو الذي ولي الإمامة ما يزيد عن الثلاثين سنة فلم يشرح فيها كتاب التوحيد ولو مرة واحدة.
(4)- ومن ذلك ما نقل في موقع لزهر من شهادة زكري للشيخ فركوس أنه محدث، وهذا من الكذب الذي لو عرض على الشيخ فركوس فلعله لا يقرّه، ومثل هذا مما يجعل الرجل لا يقبل قوله في المدح والقدح، لأنه دالّ على جهله بعلم الحديث من جهة، وجهله بعلم الشيخ من جهة، فإن الشيخ لا يكاد يلوي على علم الحديث أبدا، ولعله أخطأ من شدة التزلف والتحزب، لكن العجيب في هذا أن تجد لزهر يشيد بهذه الشهادة ويحيل عليها مع علمه أنها شهادة زور، وأن الشيخ ليس بمحدث، وأن منزلة المحدث لا يكاد يبلغها إلا الفرد بعد الفرد في هذه الأزمان، والله المستعان.
(5)- ومثل هذا ما وقع للشيخ من إدراج لكلام سمير سمراد في كلام ابن باديس، فتفطن له بعض الناس، فما كان من الشيخ إلا أن ينسب الغلط لموقعه، وهذا فيه أن الشيخ لا يُنسب إليه الغلط، بل إن كان حقا فمن الشيخ، وإن كان غلطا فمن الموقع، والشيخ منزه عن ذلك!
ومثله ما نقله لزهر عن الشيخ فركوس أنه قال: "لو تكلم في الشيخ ربيع يسقط"، ثم إن لزهر وهّم نفسه، وأنه هو القائل فكان أن نسب تنقص الشيخ ربيع لنفسه وبرّأ منه الشيخ فركوسا، إلا أن هذا القول بعينه نُقل عن جمعة، فهل جمعة كذلك وهم في نسبة القول للشيخ فركوس!؟ وهل يُصَحح هذا الغلط بأن ينسب إلى جمعة أم أنهم يتفقون على تعصيبه بلزهر!؟ لأنه الرجل الفدائي للجماعة.
(6)-ومن سمع ما نشر من مقاطع صوتية للشيخ ربيع، والمجادل عن هؤلاء المفرقين يذكر حججهم فيبطلها الشيخ بالعلم والحجة = علم علمَ اليقين أن لا حجة لهؤلاء إلا حمية الجاهلية التي تؤزهم أزّا إلى مخالفة أصول السنة كالأمر بالاجتماع وعدم التفرق وتحكيم الكتاب والسنة.
(7)- كثر في هذه الأيام تباكي بعض الناس على الشيخ فركوس بعدما رأوا بعض الردود عليه، فقالوا: لقد فعلتم ما لم يفعله الصوفية والمتحزبة وغيرهم من أهل الأهواء بالشيخ، وتجرأتم على مالم يتجرّؤوا عليه.
وجواب هذا أن نقلبه عليهم فنقول: لقد تجرأ الشيخ فركوس على ما لم يتجرأ عليه أهل البدع قاطبة من رميه للشيخ بالتلقين الذي هو إبطال لعلم الرجل، وطعن في بطانته من غير بينة أبان عنها، بل لا يعدو الشيخ فركوس أن يكون في طعنه مقلدا لقوم كذبة، وتقليد الصادقين مذموم فكيف بالكاذبين.
ونظير فعل اليهود ما نُشر آخرا عن جمعة بصوته أن الشيخ ربيعا كان يتفرس فيهم الاحتواء، فكان يمدحه بالفراسة لما كان يظنه معه، فلما تفطن الشيخ ربيع لحرب جمعة على السلفيين، حذّر منه، فبعد أن كان الشيخ ربيع عند جمعة يتفرس صار يُرفس.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله حيدوش ; 18 Jan 2019 الساعة 08:57 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 Jan 2019, 07:10 PM
أبو البراء خالد أبو البراء خالد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 59
افتراضي

جزاك الله خيرًا أيها الفاضل، وأعظم أجرك، وأجزل ثوابك.
ما أحسن العلم لمَّا يجلو بحقيقته زيف الجهالات، ويكشف برونقه ونصاعته غيهب الأباطيل، فكم من مغرور يظنها حقا وهدى ولا يدري أنها إذا رُدت إلى الكتاب والسنة وعُرضت على الأصول الصحيحة بالنظر السليم، تبين ما فيها من زيف وما انطوت عليه من حيف.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 Jan 2019, 07:38 PM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 128
افتراضي

الأستاذ الفاضل خالد فضيل..

قد رقمت مقالة قواعدها مبنية على أساس متين، ليس للشيخ فركوس أمامها إلا أن يتراجع عن أخطائه!

نسأل الله تعالى أن يكفينا شر الفتن وشر أهلها.

جعلك الله مباركا أينما كنت أخي فضيل.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي ; 18 Jan 2019 الساعة 08:01 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 Jan 2019, 07:48 PM
أبو معاوية محمد شيعلي أبو معاوية محمد شيعلي غير متواجد حالياً
أبو معاوية شيعلي العباسي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
الدولة: مدينة بلعباس
المشاركات: 93
افتراضي

لقد ظهر بجلاء منهج السلف الصالح في تقبل أخبار الثقات والقول بوجوب قبولها، وأنه تقوم بها الحجة، وأن من يخالف هذا المنهج مبتدع.

وهذا التبديع صادر من أئمة الفقه وأهل الحديث، كما نقل ذلك ابن عبد البر -رحمه الله-.

ويقول الألباني مُلَخِّصاً بحثه في وجوب قبول خبر الآحاد:

" وبالجملة فأدلة الكتاب والسنة وعمل الصحابة وأقوال العلماء تدل دلالة قاطعة - على ما شرحنا - من وجوب الأخذ بحديث الآحاد في كل أبواب الشريعة سواء كان في الاعتقاديات أو العمليات وأن التفريق بينهما بدعة لا يعرفها السلف ولذلك قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى ( 3 / 412 ) :

وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات ( يعني العقيدة ) كما تحتج بها في الطلبيات العمليات...الخ".
من مقال "" الحلبي يؤصل من قبل ثلاثين عاما أصولا ضد منهج السلف في الجرح و التعديل "" لفضيلة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 Jan 2019, 07:55 PM
أبو جويرية عجال سامي أبو جويرية عجال سامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 147
افتراضي

حق لهذا المقال أن يرفع كما رفع منهج السلف ، وأعلى رايته بعيدا جدا وعاليا جدا عن نقع التقليد وأتربة التقديس وأضرحة التعظيم الفكرية بغير حق ، جزاك الله خيرا وبارك فيك وفيما خطه يمينك ، وهذه الملاحظات مما اتفق العقلاء على استنكاره ويجد القاريء راحة كبيرة وهو يطالع ما خطه الأستاذ خالد وفقه الله لكل خير ، لخلو كتابته من الانتفاخ والتعقيد والتهويل ، ولتميزها بذلك النفس السلفي الأصيل الذي افتقدناه كثيرا في هذه المرحلة على طريقة المتعصبة الذين يقول فيهم المعلمي اليماني رحمه الله :« فتجد ذا الهوى كلما عرض عليه دليل لمخالفيه أو ما يوهن دليلاً لأصحابه شق عليه ذلك وأضطرب وأغتاظ وسارع إلى الشغب،فيقول في دليل مخالفيه:*هذه شبهة باطلة مخالفة للقطعيات، وهذا المذهب مذهب باطل لم يذهب إليه إلا أهل الزيغ والضلال ... ، ويؤكد ذلك بالثناء على مذهبه وأشياخه ويعدد المشاهير منهم ويطريهم بالألفاظ الفخمة، والألفاظ الضخمة، ويذكر ما قيل في مناقبهم ومثالب مخالفيهم، وإن كان يعلم أنه لا يصح، أو أنه باطل!
ومن أوضح الأدلة على غلبة الهوى على الناس أنهم - كما تراهم - على أديان مختلفة، ومقالات متباينة، ومذاهب متفرقة،*وآراء متدافعة ثم تراهم كما قال الله تبارك وتعالى:*«كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»*.
فلا تجد من ينشأ على شيء من ذلك ويثبت عليه يرجع عنه إلا القليل، وهؤلاء القليل يكثر أن يكون أول ما بعثهم على الخروج عما كانوا عليه أغراض دنيوية.. »القائد الى تصحيح العقائد 14/13
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 Jan 2019, 08:35 PM
عبد الرزاق عباد عبد الرزاق عباد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2018
المشاركات: 7
افتراضي

إني لأقرأ المقال جامعا بين المتعة والأسى، متعة الطرح والبيان، مع الأسى على ما آل إليه أمر الشيخ فركوس ومن معه والمتعصبة من ورائهم
ولو أن إنسانا منهم قرأ المقال بعين مريد الخير لنفسه لما بقي حربا على أناس ينشرون السلفية بكل حرقة
غير أن الواقع المرير غير هذا فأكثرهم يقرأ بعين عوراء والله المستعان
غير أنك أيها الأستاذ الفاضل قد نصحت وبينت وأديت ما عليك فجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 Jan 2019, 08:41 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي

جزاك الله خيرا أبا إسحاق على هذا المقال الجليل

أما هذه فخطيرة جدا وقل من تنبّه لها:

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 Jan 2019, 08:44 PM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 757
افتراضي

بارك الله في قلمك السلفي الذي صدع بالحق والتزم العدل والأدب والإنصاف ونصر الحق بقوة ولم يخش في الله لومة لائم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه [أو شهده أو سمعه]) ".
تعليق الإمام الألباني -رحمه الله تعالى- :
وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس، أو طمعا في المعاش.

فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب والشتم، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي ومخالف للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه فكيف يكون حال من لا يكتفى بذلك بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم مسايرة منه للرعاع، أو مخافة أن يتهموه هو أيضا بالباطل إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم؟ ! فاللهم ثبتنا على الحق، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

المصدر : سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها
جزاك الله خيرا

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله حيدوش ; 18 Jan 2019 الساعة 08:49 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 Jan 2019, 09:04 PM
أشرف حريز أشرف حريز غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 115
افتراضي

جزى الله أخي خالد على هذا التوضيح و لقد حضرني قول الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله في عيون البصائر2/292 : أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نجم بالشر ناجمها ، و هجم ليفتك بالعلم و الخير هاجمها ، و سجم على الوطن بالملح الأجاج ساجمها ،إن هذه الأحزاب كالميزاب ، جمع الماء كدرا ، و فرقه هدرا، فلا الزلال جمع، و لا الأرض نفع.
أسأل الله أن يرد إخواننا إلى الحق و أن يجمعنا عليه
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 Jan 2019, 09:16 PM
كمال بن سعيد كمال بن سعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 238
افتراضي

جزاك اللّه خيرا شيخ خالد كفيت ووفيت مقال فيه رد على كثير من المسائل أو بالأحرى الشبه التي علقت في أذهان أتباعهم بصرهم اللّه بالحق ووفقهم لاتباعه ومن الأسباب التي أدت إلى التعصب ومشابهة الصوفية الغلو في الأفاضل وجعلهم فوق النقد ولو بالطرق الشرعية والغلو في الأفاضل من أوسع أودية الباطل





قال العلامة المعلمي رحمه الله في ( التنكيل /1 /184 ) : من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل ،ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ، ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم ، ويرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلوا في عيسى (عليه السلام ) كان الغلاة يرمون كل من أنكر عليهم بأنه يبغض عيسى ويحقره ونحو ذلك ، فكان هذا من أعظم ما ساعد على أن انتشار الغلو ، لأن بقايا أهل الحق كانوا يرون أنهم إذا أنكروا على الغلاة نسبوا إلى ما هم أشد الناس كراهية له من بغض عيسى وتحقيره ، ومقَتَهم الجمهور ، وأوذوا فثبطهم هذا عن الإنكار ، وخلا الجو للشيطان ، وقريب من هذا حال الغلاة الروافض وحال القبوريين ، وحال غلاة المقلدين .
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 Jan 2019, 09:24 PM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي

هي حقا وصدقا عواصم من قواصم لطالما حسبها ظمآنون ماء فلما أتى عليها شهود الحق من نصوص الوحيين ومنهج السلف بحق تأصيلا وتفصيلا ظهرت أنها سراب لا حظ له من الحق إلى أن كان قائله ممن يحسن به الظن ولا يظن به الجهل والظلم، لكن الله قضى أن من أعرض عن الاهتداء بوحيه ضل وأضل.

جزاك الله خيرا أبا إسحاق وزادك الله من فضله وتسديده، ولا حرمنا الله قلما كقلمك يقوده الدليل ويحدوه الفهم السليم، ولولا أننا في زمن ينبهرالناس بالأسماء ولها ينقادون أكثر وأعظم من إذعانهم للعلم والحجة لما استنكف أحد أن يشهد لمقالك بالصحة وعلو الحجة ولما رددت عليه بالزيف والجهالة.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 Jan 2019, 09:53 PM
أبو أيوب صهيب زين أبو أيوب صهيب زين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: بسكرة
المشاركات: 351
افتراضي

جزاك الله خيرا.. جزاك الله خيرا أستاذ
أسأل أن يرزقنا وإياهم التواضع والصدق. آمين.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18 Jan 2019, 09:55 PM
بوتخيل بوبقرة بوتخيل بوبقرة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 27
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي الفاضل، وجعله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 18 Jan 2019, 10:13 PM
أبو عبد الرؤوف فاتح الأوراسي أبو عبد الرؤوف فاتح الأوراسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 18
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء على ما بينت وما أوضحت وما قدمت من نصح، فاللبيب من يقرأ كلامك على أنه نصيحة مشفق على أخيه ومحب للخير للجميع ويكون شعاره "رحم الله من أهدى إلي عيوبي" فهذا يستفيد من كلامك ويتوب ويرجع إلى الحق وهذا ليس عيبا بل رفعة وعز، أما من أعمى الغرور وحب الرياسة بصيرته فنسأل الله أن يرده إلى الحق ردا جميلا
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 18 Jan 2019, 10:23 PM
أبو محمد الزواوي أبو محمد الزواوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 9
افتراضي

بارك الله فيك الأستاذ خالد على ما رقمت، فالذي وقع فيه القوم من تعظيم زائد و غلو و إطراء فاحش في مشايخهم فيه خدش للتوحيد فقد شابهوا في هذا الملل السابقة والروافض والصوفية والذي أوصلهم إلى هذا هو الغلو والتقليد الأعمى، وكذلك ممن خاف منهم الصدع بالحق لخوفه من أن تزول عليه شيء من دنياه،مكانة أو هجر الناس له أو تجارة فكل هذا يخدش في توحيد المرء ويقينه بالله، فجزاك الله خيراً لإشارتك لهذه الأمور المهمة التي هي في الحقيقة أصول يبني عليها المرء دينه، كما تبين كذلك أن على الدعاة السلفيين مشايخا وطلبة علم عمل كبير أمامهم لتكريس هذه الأصول في الشباب وتربيته على تعظيم وتقديس الدليل لا الأشخاص.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013