منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24 Feb 2010, 12:35 AM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي الكلُّ يُفتي إلا المفتي

بسم الله الرحمن الرحيم
الكلُّ يُفتي إلا المفتي

الحمد لله ربِّ العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على أله و صحبه أجمعين .
مِن الآفاتالمانعة مِنْ قَبول الحق , أنْ يكون المتكلم مِن حدثاء الأسنان , مَنْ لايعرف للعلم قدراً , و لا يرفع له ذكراً , و لا يقيم له وزناً , و مع ذلكيِدّّعي العلم و قوة الفهم , و سرعة الإدراك , فيحمله ذلك على العجلة فيإصدار الفتاوى و الأحكام في مسائل النوازل , مِنْ سفك الدماء , و هتكالحرمات , و تمزيق الأعراض , و تفريق الإخوان و الأحباب و الأصحاب , واستحلال ما حرّم الله و رسوله , بجامع الخلطة و العشرة لآحاد العلماء , ولو كان في سفرة أو سفرتين , ليوم أو يومين , و لا يعلم أنّه مِن سَقْطالمتاع .
و العجب مِمَّنيدّعي الإنصاف و العدل و محبة العلماء , و يجري على لسانه الطعن فيهم , وإصدار الفتاوى في هجرهم , و إسقاطهم بلا حجة , فمثل هذا أحق الناس بالسكوتو الاعتراف بالجهل و القصور , فإنْ كان و لابدَّ متكلماً و مادحاً أوقادحاً , فلا يكون متكلماً بالجهل, و عائباً لما لا يفهمه , بل يقدِّم بينيدي ذلك تقوى الله و الاشتغال بالعلم , حتى يعرفه حق المعرفة , فهذا وغيره مِن الجهلة , لا يعرفون ما يقولون , فغاية ما يجري بينهم مِن خصام وسباب و مشاتمة , و كثرة الفتاوى بغير علم , فصاروا بذلك عاراً على طلبةالعلم , و أهانوا شرفه , و هذا مِن أعظم المصائب التي أصابتهم , فشُغْلهمالشاغل , الثلب في أعراض الأحياء و الأموات مِن المشهورين بالعلم والتصنيف و الدعوة , فهؤلاء أحق الناس بمنعهم مِن مجالس العلم , و الأخذعلى أيديهم مِن الدخول في مداخل أهله و التشبه بهم , و ذلك لما جلبوه مِنالشر على العلم و أهله , و هذا مِن مهام العلماء و ولاة الأمور .
قال الشيخ ابنعثيمين – رحمه الله - :" الإفتاء منصب عظيم , به يتصدى صاحبه لبيان مايُشكل على العامة من أمور دينهم , و يرشدهم إلى الصراط المستقيم , و لذلككان هذا المنصب العظيم لا يتصدر له إلا مَنْ كان أهلاً له , لذلك يجب علىالعباد أنْ يتقوا الله تعالى , و لا يتكلموا إلا عن علم و بصيرة "
( كتاب العلم ص 49 )
و لهذا جاء الوعيد الشديد مِن الله تعالى لمن يتكلم في دين الله بلا علم , بتحليل أو تحريم ,فقال تعالى :
" و لا تقولوالما تصفُ ألسنتكم الكذبَ هذا حلالٌ و هذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب , إنَّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون , متاعٌ قليل و لهم عذابٌأليم "
و قال – صلىالله عليه و سلم - :" مَنْ أُفتيَ بغير علم , كان إثمه على مِنْ أفتاه , ومَن أشار على أخيه بأمر يعلم أنَّ الرشد في غيره فقد خانه "
( رواه أبو داود و الحديث حسن )
و قال – صلى الله عليه و سلم - :" مَنْ أفتى بفُتيا غير ثَبْت , فإنّما إثمه على مَن أفتاه "
( رواه ابن ماجه و الحديث حسن )
وقال ابن أبي ليلى – رحمه الله – :"أدركتُ مائة و عشرين مِن الأنصار مِنأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذاحتى ترجع إلى الأول , و ما منهم مِن أحد يحدِّث بحديث أو يسأل عن شيء , إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه "
و سُئل القاسمبن محمد عن شيء , فقال إنِّي لا أحسنه , فقال له السائل : إنِّي جئتك لاأعرف غيرك , فقال له القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي و كثرة الناس حولي , و الله ما أحسنه ! فقال شيخ مِن قريش جالس إلى جنبه : يا ابن أخي الزمها , فوالله ما رأيناك في مجلس أنبل منك اليوم , فقال القاسم : و الله لأنْيُقطع لساني أحبُّ إليَّ مِن أنْ أتكلم بما لا علم لي به "
( إعلام الموقعين 4 / 178 – 179 )
أينعلمك مِن علم القاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة السبعة , يا مَن وقعتَفيما وقع فيه أنصاف المتعلمين , مِن الجرأة على الله في الفتوى , و أنتمِن أجهل الناس في أحكام الله .
قال ابن القيم – رحمه الله - :" فمَن أقدم بالجرأة على ما ليس بأهل مِن فتيا أو قضاء أوتدريس , استحق اسم الذم , و لم يحلّ قبول فتياه و لا قضائه , و هذا حكمدين الإسلام .
و قال كذلك :" كان بعض أهل العلم يضرب على فتوى مَن كتب و ليس بأهل , و قال : فقد نصالإمام الشافعي و أحمد و غيرهما مِن الأئمة أنّه لا يحل للرجل أنْ يفتيبغير علم , حكى في ذلك الإجماع "
( المصدر نفسه 4 / 170 – 171 )
والفتوى بغير علم خيانة للمسلمين يستحق صاحبها العقوبة , لأنّ هذا العملنابع مِن حب العظمة و الشهرة , الذي يترتب عليه إضلال الناس , فكان عليهمالإثم و الوزر.
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- :" إنّ كل مَن يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون "
قال الأعمش : فذكرتُ ذلك للحاكم فقال : لو حدثتَني به قبل اليوم ما أفتيت في كثير مما كنت أفتي "
و قد رأى رجلربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي , فقال : ما يبكيك ؟ فقال : أُستُفتيَ مَنلا علم له ,و ظهر في الإسلام أمر عظيم , قال : و لَبَعض مَن يفتي ههنا أحقبالسجن مِن السُرّاق .
فقال بعضالعلماء : فكيف لو رأى ربيعة زماننا , و إقدام مَن لا علم عنده على الفتيا , و توثبه عليها , و مدَّ باع التكلف إليها , و تسلقه بالجهل و الجرأةعليها مع قلة الخبرة و سوء السيرة و شؤم السريرة , و هو مِن بين أهل العلممنكر أو غريب , فليس له في معرفة الكتاب و السنة وآثار السلف نصيب , و لايُبدي جواباً بإحسان , و إنْ ساعد القدر فتواه " ( المصدر نفسه 4 / 168 – 169 )
هذا الجهلبالفتوى , و التسرّع في إصدارها مِن غير أهلها , و عدم التثبّت منها , أوقع أهلها في ظلم العباد مِن التحابي , و التشهي و هوى النفس .
قال ابن القيم – رحمه الله - :" و بالجملة فلا يجوز العمل و الإفتاء في دين الله بالتشهيو التخيّر و موافقة الغرض , فيطلب القول الذي يوافق غرضه , وغرض مَنيحابيه , فيعمل به , و يفتي به و يحكم به , و يحكم على عدوه و يفتيه بضده , و هذا مِن أفسق الفسوق , و أكبر الكبائر , و الله المستعان.
و قال : و لايجوز له إذا كان في المسألة قولان : قول بالجواز , و قول بالمنع , أنْيختار لنفسه قول الجواز و لغيره قول المنع " ( المصدر نفسه 4 / 172 )
و هذا ما وقعفيه أهل الجهل و الهوى فيجيزون لأنفسهم الكلام في أعراض العلماء ثلباً وطعناً , و يتخذون مِن هذا قربة إلى الله – زعموا – و في المقابل إذا تكلممتكلم فيهم أو في أحدهم بالدليل و البينة , سرعان ما أفتوا بالتحريم , فكيف يجيزون لأنفسهم , و يحرمون على غيرهم , و هذا مِن علامات أهل البدع .
قال وكيع – رحمه الله - :" أهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم "
( ذم الكلام و أهله ص 338 )
وأوقعهم الجهل في التقليد و التناقض , و تضارب الأقوال ,مِن الجرأة علىالتقوّل على الله بغير علم , و تحقير ما عظمه الله من الفتوى .
قال ابن حزم – رحمه الله - :" كان عندنا مفتٍ قليل البضاعة , فكان لا يفتي حتى يتقدمهمَن يكتب الجواب , فيكتب تحته : جوابي مثل جواب الشيخ , فقُدِّرَ أنْاختلف مفتيان في جواب , فكتب تحتهما : جوابي مثل جواب الشيخين , فقيل له : إنهما قد تناقضا , فقال : و أنا أيضاً تناقضتُّ كما تناقضا "
( المصدر نفسه 4 / 169 )
وهذا شأن بعض المنتسبين للفتوى , فإذا أفتى أحدهم أو مَن يقلدونه , قالوابفتواه , و إذا تراجع عنها , تراجعوا , و هكذا, القول ما قال شيخهم , و لادليل على الفتوى الأولى , ولا دليل على الفتوى الأخرى.
قال ابن القيم –رحمه الله - :" و سمعت شيخنا يقول : سمعت بعض الأمراء يقول عن بعضالمفتين مِن أهل زمانه, يكون عندهم في المسألة ثلاثة أقوال : أحدها الجواز , و الثاني المنع , و الثالث التفصيل , فالجواز لهم , و المنع لغيرهم , والثالث عليه العمل " ( المصدر نفسه 4 / 172 )
و على ولاة الأمور أن يأخذوا على أيدي هؤلاء الجهلة و يمنعونهم من الفتوى .
قال ابن القيم – رحمه الله - :" و كان شيخنا – رضي الله عنه – شديد الإنكار على هؤلاء , فسمعتُه يقول : قال لي بعض هؤلاء : أجعلتَ محتسباً على الفتوى ؟ فقلتُ له : يكون على الخبازين و الطبّاخين محتسب , و لا يكون على الفتوى محتسب " ( المصدر نفسه 4 / 177 )
يا مَن تنتسبإلى الفتوى , و أنت مِن غير أهلها , إنْ أردتَّ الوصول إلى شيء مِن هذهالأمور , فعليك بحلقات العلم و العلماء , حتى تتأهل للفتوى , و لا يمكنتحقيق هذه الثمرة إلا بإخلاص النية لله في الطلب , و التواضع للعلم والعلماء و الصبر , و عدم العجلة في قطف الثمرة , و ترك العُجْب والخُيَلاء , و عدم التصدّر قبل التأهّل , و ترك التشفي و الانتقام , والتطاول على العلماء , فإنَّ منزلة العلم و أهله , هي المنزلة التي لاتساميها منزلة , و إنْ علت , و لا تساميها رتبة , وإنْ ارتفعت , و اتركالفتوى لأهل الفتوى , مِن العلماء الكبار مِمَّن شابتْ لحاهم في العلم , وهذا مجالهم و تخصصهم , فجزاهم الله خيراً , و نفع بهم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
كتبه
سمير المبحوح
/ 8ربيع الأول / 1431 هـ
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, الفتوى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013