منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 22 Mar 2016, 06:20 PM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي فــلسطين … الحــقُّ الـمضــاع ، من الدرر الغالية للشيخ عز الدين رمضاني حفظه الله.

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله وبركته

فــلسطين … الحــقُّ الـمضــاع
للشيخ عز الدين رمضاني حفظه الله

لا يخفى على ذي عقل أنَّ أمَّتنا في هذه الآونة تعيش ظرفًا عصيبًا وجوًّا كئيبًا، وتمرُّ بمحنة اشتدَّت نارها اشتعالًا ولهيبًا.

فهذه الدِّماء الَّتي تسيل وِدْيانًا وأنهارًا هي دماء المسلمين، وهذه الأعراض الَّتي تُنتهك سرًّا وجهارًا هي أعراض المسلمين
وهذه المقدَّسات الَّتي تخرَّب هدمًا ودمارًا هي مقدَّسات المسلمين، وسط تماطل وتواطؤ عالميٍّ رهيب، تجمَّعت فيه أحقاد
المعادين لدين الإسلام، وتجلَّى فيه التَّلاعب بقيم وحقوق الأنام، يقابله صمت إسلاميٍّ عجيب تراكمت عليه أسباب الخذلان
والهوان، وتمادى به التَّفريط والتَّقصير والتَّجاهل والنِّسيان، وكأنَّ المسلمين لم تحلَّ بدارهم قارعة، ولم تنزل بهم نازلة، ولم
تَبْكِ فيهم باكية، ولم تُستلب منهم مقدَّسات، مع أنَّ الواجب أن يقوم المسلمون قيام رجل واحد؛ لأنَّهم كالجسد الواحد إذا
اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى، وأرضهم أرض واحدة إذا ضاع شبر منها هبَّ الجميع لنجدته واسترجاعه.

وليس بجديد أن يطرق سمع العالم ما يحدث للمسلمين في أرض فلسطين في هذه الأيَّام، من غزو ساحق وحصار خانق
دُبِّر له على مسمع من العالم وأنظاره من طرف يهود صهيون، إخوان القردة والخنازير.

وقضيَّة فلسطين ـ كجميع قضايا المسلمين ـ محنةٌ امتحن الله بها ضمائرهم وهممهم وأموالهم ووحدتهم
وحقٌّ مضاع فرَّط أهلُه في الحفاظ عليه.

ابك مثل النِّساء ملكًا مضاعًا * * * لم تحافـظ عليه مثل الرِّجال

إنَّ مشكلة المسلمين اليوم ليست في عددهم، فهم كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ»
وقد شبَّه هذه الكثرة بغثاء السَّيل، وهو ما يبس من نبات الأرض فيجرفه السَّيل ليلقيه في الجوانب، إشارة إلى حقارته ودناءته
وشبَّههم به لقلَّة شجاعتهم وضعفهم وخذلانهم، وتفريطهم في الأخذ بأسباب النَّصر الحقيقيَّة، والَّتي منها أنَّ النَّصر والتَّمكين
لهذه الأمَّة إنَّما هو ثمرة لإيمانها بالله وإقامة شرعه، فإذا مكَّنوا لدين الله في حياتهم مكَّن الله لهم في الأرض وأظهرهم على
أعدائهم، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
﴾ [النور: 55]
ومنها الإعداد لتقوية شوكة المسلمين ماديًّا واقتصاديًّا ليتمكَّنوا من مواجهة أعدائهم وردِّ العدوان عن أنفسهم كما قال تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60].

وهذا القتال لا يمكن أن يكون إلَّا إذا اجتمعت كلمة المسلمين كما اجتمعت كلمة الكفَّار على حرب المسلمين
قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)﴾ [التوبة].

قال ابن كثير: «أي كما يجتمعون إذا حاربوكم، فاجتمعوا أنتم أيضًا إذا حاربتموهم وقاتلوهم بنظير ما يفعلون».

والسُّؤال الَّذي يطرح نفسه في كلِّ مرَّة: هل اجتمعت كلمة المسلمين اليوم على الحقِّ الأبلج المبين، من الاعتقاد الصَّحيح
والمنهج السَّليم والرُّؤية الصَّائبة في معاجلة المستجدَّات وقضايا الوضع الرَّاهن، منطلقين من أصول الشَّرع المطهَّر كتابًا وسنَّةً وإجماعًا؟

والجواب أنَّ الكلمة لم تجتمع بعد، ولن تجتمع ما دام في صفِّهم من يدين الله بسبِّ الصَّحابة والقول بعصمة الأئمَّة والتَّحزُّب للطَّوائف
والجماعات وما إلى ذلك من المعتقدات الفاسدة والأفكار والتَّوجُّهات الدَّخيلة على أمَّة الإسلام ودينها.

ولابدَّ أن يعي المسلمون أنَّ الكفَّار لا يهدأ لهم بال، ولا يستقرُّ بهم حال، ولا يضعون أسلحتهم ولا يكفُّون ألسنتهم بالسُّوء حتَّى
يتخلَّى المسلمون عن دينهم ويهجروا إلى الأبد شخصيَّتهم وتذوب هويَّتهم بين سائر الملل الضالَّة، قال تعالى:
﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد شخَّص الدَّاء وأبان عن السَّبب الَّذي جعل الكفَّار لا يكترثون بتهديد المسلمين لهم
ولا يهتمُّون بردود أفعالهم المنحصرة في المظاهرات الشَّعبيَّة والتَّنديدات الكلاميَّة والاجتماعات الطَّارئة.

أمَّا السَّبب الأوَّل: فلأنَّ المهابة والخوف قد نزعهما الله من قلوب الكافرين، فلم يعد الرُّعب يقضُّ مضاجعهم ويزلزل حصونهم كما في
سابق العهد التَّليد، كما قال تعالى: ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) ﴾ [الحشر]
وكما قال أيضًا: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ…﴾ [آل عمران: 151].

وأمَّا السَّبب الثَّاني: فهو أنَّ الله يقذف في قلوب المسلمين الوهن، وهو الضّعف والهوان والجبن والخذلان، وهذا ما ابتلوا به حقًّا
ووُصِفوا به الآن صدقًا وعدلًا، وموجب هذا الوهن وسببه كما بيَّنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
في قوله في الحديث: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَّةُ المَوْتِ».

إنَّ القول لدى الله لا يبدَّل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

فلا سبيل لوقف جرائم الغادرين، ولا سلاح يردُّ كيد المعتدين إلَّا بمعالجة الأسباب الَّتي أوصلتنا إلى الضّعف والانتكاسة، والعمل على
إزالتها وتعويضها بالأسباب الجالبة للنَّصر والتَّمكين، فإنَّ القضايا العادلة والحقوق المشروعة لا تنال بالهوينا والضّعف، ولا تنال
بالأقلام والأفلام، والإعلام والأحلام، وإنَّما تنال بتغيير ما بالنُّفوس من اعوجاج وانحراف، وإصلاح العقول والقلوب قبل خوض
المعارك والخطوب.


* * *
([1]) نشر في مجلَّة «الإصلاح»: العدد (7)/محرَّم ـ صفر 1429هـ.
من الموقع الرسمي للشيخ

عز الدين رمضاني حفظه الله

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013