منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 10 Apr 2017, 02:30 PM
أبو الرميصاء مصطفى قلي أبو الرميصاء مصطفى قلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 56
افتراضي تفريغ لخطبة بعنوان: "إلزم رجليها فثم الجنة" لفضيلة الشيخ أبو محمد عبد الخالق ماضي-حفظه الله-



• الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه. أمَّا بعدُ:
• فهذا تفريغ لخُطبة جمعة : ٧ محرم ١٤٣٦ هـ
• لفضيلة الشيخ أبو محمد عبد الخالق ماضي - حفظه الله -
• المكان : مسجد الإصلاح الكاليتوس الجزائر العاصمة
• تحت عنوان : إلزم رجليها فثم الجنة


الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ باللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠-٧١].


أمّا بعدُ:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخير الهدى هدى محمد، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أما بعد:
أيها الناس تدبروا في هذا المخلوق واعرفوا له قدره وقوموا بما أوجب الله عليكم نحوه قلبٌ رحيم وصدرٌ حنون مجبولٌ على الشفقة نفسٌ كبيرةٌ وسعة ما لم تسعه ألاف النفوس خلق يوم خلق فركبت فيه الرحمة حين خالطت أحشائه وسرت سريان الدم في عروقه يُحِب وإن لم يُحَب ويحنو وإن أغلظ له لا يجازي بالسيئة السيئة بل يغشى المسيء برًا وإحسانا لكأنما جمعت خصال الرقة والشفقة فضفر بها دون سائر الخلق لم أصفه بعدُ لكم أيها الإخوة إنه المخلوق الذي قدم وضحى ولم يزل كذلك كم حزن لتفرح وجاع لتشبع وبكى لتضحك وسهر لتنام وتحمل الشدائد والصعاب في سبيل راحتك إذا فرحت فرح وإن حزنت حزن إذا داهمك الهم فحياته في غم أمله أن تحيا سعيدًا راضيًا رضيا مناه أن يرفرف السرور في سمائك ويسكن الحبور في ربوعك إنه المخلوق الضعيف الذي يعطي ولا يطلب أجرا ويبذل ولا يريد شكرا هل سمعت يا عبد الله عن مخلوق يحبك أكثر من ماله بل أكثر من دنياه بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه نعم يحبك أكثر من نفسه هل أدركت من هذا المخلوق إنه الأم، الأم وكفى رمز الحنان.

تأمل يا رعاك الله حال صغرك تذكر ضعف طفولتك فقد حملتك أمك تسع أشهرٍ وهنًا على وهن حملتك كرهًا ووضعتك كرها تزيدها بنموك ضعفًا وتُحملها فوق طاقتها عناءً وهي ضعيفة الجسم واهنة القوى وعند الوضع رأت الموت بعينيها زفرات وأنين غصص وآلام ولكنها تتصبر وتتصبر وعندما أبصرتك بجانبها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحك وتحسست أنفاسك تتردد نسيت آلامها وتناست أوجاعها رأتك فعلقت فيك آمالها ورأت فيك بهجت الحياة وزينتها ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها تغذيك بصحتها وتنميك بهزالها وتقويك بضعفها طعامك لبنها وبيتك حجرها ومركبك يداها تحيطك وترعاك تجوع لتشبع أنت وتسهر لتنام أنت فهي بك رحيمة وبك شفيقة إن غابت عنك دعوتها وإن أعرضت عنك ناديتها وإذا أصابك مكروه استغثت بها تحسب الخير كله عندها وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لا حضتك بعينها تخاف عليك رقة النسيم وطنين الذباب فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي أخذت تحيطك بعنايتها وتتبعك نظراتها وتسعى ورائك خوفًا عليك ثم كبرت وأخذت منك السنون فأخذ منها الشوق والحنين صورتك أبهى عندها من البدر صوتك أندى في مسمعها من تغريد البلابل والطيور ريحك أروع عندها من الأزهار والطيب سعادتك أغلى عندها من الدنيا لو سيقت إليها بحذافيرها يرخص عندها كل شيء في سبيل راحتك حتى ترخص عندها نفسها فتُأثر الموت لتعيش أنت سالمًا معافى.

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «ارْجِعْ فَبَرَّهَا» ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا» ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وهو حديث صحيح.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَلَقَدْ أَتَيْتُ وَإِنَّ وَالِدَيَّ لَيَبْكِيَانِ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وهو صحيح.

وأخرج عبد الرزاق ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَبَايَعُوهُ وَأَسْلَمُوا قَالَ: «مَا فَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْكُمْ تُدْعَى كَذَا وَكَذَا؟» ، قَالُوا: تَرَكْنَاهَا فِي أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهَا» ، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بِبِرِّهَا وَالِدَتَهَا» ، قَالَ: «كَانَتْ لَهَا أُمٌّ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَجَاءَهُمُ النَّذِيرُ أَنَّ الْعَدُوَّ يُرِيدُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ، فَارْتَحِلُوا لِتَلْحَقُوا بِعَظِيمِ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا تَحْتَمِلُ عَلَيْهِ فَعَمَدَتْ إِلَى أُمِّهَا، فَجَعَلَتْ تَحْمِلُهَا عَلَى ظَهْرِهَا، فَإِذَا أَعْيَتْ وَضَعَتْهَا، ثُمَّ ألْزَقَتْ بَطْنَهَا بِبَطْنِ أُمِّهَا وَجَعَلَتْ رِجْلَيْهَا تَحْتَ رِجْلَيْ أُمِّهَا مِنَ الرَّمْضَاءِ ٍ[أي:شدة الحر] حَتَّى نَجَتْ» والحديث ضعيف لأنه مرسل، يحيى بن أبي كثير لم يدرك أبا موسى الأشعري ولا أبا عامر.

إنها الأم يا من تريد النجاة إلزم رجليها فثم الجنة

عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ مَيَّاسٍ قال: كُنْتُ مَعَ النَّجَدَاتِ [أي:مع الخوارج] فَأَصَبْتُ ذُنُوبًا لاَ أَرَاهَا إِلاَّ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، [وعدد ذنوبه] قَالَ [أي:ابن عمر]: «لَيْسَتْ هَذِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ، هُنَّ تِسْعٌ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ نَسَمَةٍ [أي:قتل النفس]، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِلْحَادٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَالَّذِي يَسْتَسْخِرُ [أي:يستهزئ بالناس] وَبُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ»، قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: «أَتَفْرَقُ النَّارَ [أي:أتخاف النار] وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟»، قُلْتُ: إِي وَاللهِ، قَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟»، قُلْتُ: عِنْدِي أُمِّي، قَالَ: «فَوَاللهِ لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلاَمَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ، لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ، مَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ» أخرجه البخاري في الأدب المفرد وغيره وهو حديث صحيح.

عباد الله: إن البر بالأم دأب الصالحين وسيرة العارفين أراد ابن الحسن التميمي قتل عقرب فدخلت في جحر فأدخلها أصابعه خلفها فلدغته العقرب فقيل له في ذلك فقال خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي وتلدغها.


وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ- رَحِمَهُ اللَّهُ -: بَلَغَتِ النَّخْلَةُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَعَمَدَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِلَى نَخْلَةٍ فَاشْتَرَاهَا فَنَقَرَهَا وَأَخْرَجَ جُمَّارَهَا [والجمار هو لب النخلة الأبيض وهو ألذ شيءٍ في النخلة] فَأَطْعَمَهَا أُمَّهُ، فَقَالُوا لَهُ: مَا يَحْمِلُكُ عَلَى هَذَا؟ وَأَنْتَ تَرَى النَّخْلَةَ قَدْ بَلَغَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ؟، قَالَ: «إِنَّ أُمِّي سَأَلَتْنِي وَلَا تَسْأَلُنِي شَيْئًا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهَا».

وهذا زين العابدين كان أبر الناس بأمه وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة [أي:لا يأكل معها في صحن واحد] فقيل له إنك أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة فقال أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها من الطعام فأكون قد عققتها.

إنها الجنة يا طالب الجنة إلزم رجليها فثم الجنة

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: « الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ [أي:أعلى أبواب الجنة] فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ» رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وهو حديث صحيح.

فاتقي الله أيها الابن في أمك كفكف دمعها وخفف حزنها واعلم أنه من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحمد الله الذي جعل الدين يسرًا بلا حرج والصلاة والسلام على محمدٍ المبعوث بالحنفية السمحة دون عوج وعلى آله وصحبه ومن على سبيله اندرج.

أما بعد:فهذه رسالةٌ بعثتها أمٌ مجروحةٌ مكلومةٌ إلى ولدها وريحانة فؤادها بعد أن فارقها وأصبح لا يأتيها فبعد أن ذكرته بما فعلته معه منذ أن حملته في بطنها إلى أن كبر وغادر البيت وانقطع عنها قالت حتى إذا اشتد عودك واستقام شبابك وبدأت تظهر عليك معالم الرجولة فإذا بي أجري يمينًا ويسارا لأبحث لك عن المرأة التي طلبت وأتى موعد زفافك فتقطع قلبي وجرت مدامعي فرحةً بحياتك الجديدة وحزنًا على فراقك ومرت الساعات ثقيلة فإذا بك لست ابني الذي عرفت لقد أنكرتني وتناسيت حقي تمر الأيام ولا أراك ولا أسمع صوتك وتجاهلت من قامت لك خير قيام لا أطلب منك إلا القليل اجعلني من بين أصدقائك وأبعدهم خطوةً لديك اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك لأراك فيها ولو لدقائق.

يا بني، احدودب ظهري وارتعشت أطرافي وأنهكتني الأمراض لا أقوم إلا بصعوبة ولا أجلس إلا بمشقة.

يا بني، لا يزال قلبي ينبض بمحبتك لو أكرمك شخصٌ يومًا لأثنيت على حسن صنعه بك وشكرت له جميله وأمك أحسنت إليك إحسانًا لا تراه وأسدت إليك معروفًا لا تجازيه لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات فأين الجزاء؟! وأين الوفاء؟! إلى هذا الحد بلغت بك القسوة وأختك الأيام.

يا بني، كلما علمت أنك سعيدٌ في حياتك زاد فرحي وسروري ولكني أتعجب وأتساءل أي ذنبٍ اقترفت حتى أصبحت عدوةً لك لا تطيق رؤيتي لا لن أرفع الشكوى ولن أبث الحزن لأنها إن ارتفعت فوق الغمام واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق ونزلت بك العقوبة وحلت بدارك المصيبة لا لن أفعل فإنك لا تزال ابني وفلذة كبدي وريحانة حياتي.

أفق يا بني فقد بدأ الشيب يعلو مفرقك وتمر السنوات ثم تصبح أبًا شيخًا كبيرا والجزاء من جنس العمل وستكتب رسائل لابنك بدموعٍ مثلما كتبت لك وعند الله تجتمع الخصوم والسلام.

عباد الله: إن حق الأم على الولد عظيم وشأنها كبير لا تدعها باسمها بل نادها بما تحب لا تجلس قبلها ولا تمشي أمامها إلا أن تخاف عليها قابلها بوجهٍ طلق قبل رأسها إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية تكلم معها باللين أطعمها إذا اشتهت صنفًا أهدي لها قبل أن تسأل شيئًا تحسس ما تحب فاجلبه لها أطعها في غير معصية الله لا تسبقها بأكلٍ أو شرب أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة غض الطرف عن أخطائها وزلاتها لا تتأسف ولا تحدث أحدًا تريد الشكاية منها احترمها ولا تتكبر عليها ولا تكثر مخالفتها فيما تريد كأن تراجعها في اهتمامها ببناتها أو تصرفها في مالها فإن هذا من العقوق ادخل السرور عليها صاحبها بالمعروف واطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء.

فاللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تحفظ أمهاتنا وآبائنا وأن ترحمهم وأن تبارك في أعمارهم واختم لهم بالحسنى واغفر وارحم من مات منهم وجازهم بالحسنات إحسانا وبالذنوب عفوًا وغفرانا إنك ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

_______________________________
وفرغه: أبو الرميصاء مصطفى قلي

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013