الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتَّقين ولا عدوان إلا على الظَّالمين:
[حكم العالم لا يجعل المحقَّ مبطلاً ولا المبطل محقًّا ]
- أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضي الله عَنْهَا: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّمَا أنا بَشَرٌ، وَإنكُمْ تَخْتَصِمُونَ إليَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ أَلحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي نَحْو مَا أَسْمعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخيهِ شَيْئاً ، فَلا يَأْخُذْهُ، فَإنَّمَا أقْطَعُ لَهُ قِطعَةً مِنَ النَّارِ".
[ المؤمن لا يبيعُ دينه بالدّرهم والدِينار ]
- كَانَ المَأْمُوْنُ يُجْرِي عَلَى عَفَّانَ بن مُسْلِم الصَّفَّار كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ -,فَلَمَّا دَعَوهُ إلى القولِ بخلقِ القرآنِ ، وقَرؤوا عليه كتاب المأمون وقيلَ له مَا تَقُوْلُ؟ فَقَرَأَ :{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حَتَّى خَتَمَهَا.فَقال: أَمَخْلُوْقٌ هَذَا ؟
فَقَيلَ: يَا شَيْخُ! إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُجِبْهُ إِلَى الَّذِي يَدْعُوكَ إِلَيْهِ، يَقْطَعْ عَنْكَ مَا يُجرِي عَلَيْكَ. فَقالَ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوْعَدُوْنَ} [الذَّارِيَاتُ: 22]. [سير أعلام النبلاء للذهبي ص244ج10 – ط الرسالة]وفي [تاريخ دمشق(12/ 271)]: فلمَّا رجعَ إلى داره عذَلَهُ نساؤهُ, ومن في داره , وكان في داره نحو أربعين إنساناً , فدقَّ عليه داقٌّ البابَ, فدخل عليه رجلٌ مَعهُ كيس فيه ألفُ درهمٍ, فقال: يا أبا عثمان ثبَّتك الله كما ثبتَّ الدِّين, وهذا في كل شهر.
[ لا يُعرف الرّجال إلا بعد البلاء ]:
كما قال صلى الله عليه وسلم:"ولمنِ ابتليَ فصبرَ فَواهَا " قال بشر الحافي: أُدخِل أحمدُ في الكير فخرج ذهباً أحمر .
–وتاريخ الأمَّة يزخر بأمثلة كثيرة في ثبات أئمّة الهدى على السُنَّة وعدم مبالاتهم بما ينجرُّ عن ذلك من تضييق في الرِّزق,أو سجنٍ أو تعذيبٍ. وتأمّل حال البويطي :
- قَالَ الرَّبيعُ بنُ سُلَيْمَانَ: لَقَدْ رَأَيْتُ البُوَيْطِيِّ عَلَى بَغْلٍ، فِي عُنُقِهِ غُلٌّ، وَفِي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الغُلِّ سِلْسِلَةٌ فِيْهَا لَبِنَةٌ وَزْنُهَا أَرْبَعُوْنَ رِطْلاً، وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنَّمَا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ بـ (كُنْ) ، فَإِذَا كَانَتْ مَخْلُوْقَةً، فَكَأَنَّ مَخْلُوْقاً خُلِقَ بِمَخْلُوْقٍ، وَلَئِنْ أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ لأَصْدُقَنَّهُ -يَعْنِي الوَاثِقَ- وَلأَمُوْتَنَّ فِي حَدِيْدِيَ هَذَا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ يَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي هَذَا الشَّأْنِ قَوْمٌ فِي حَدِيْدِهِم.
[سير أعلام النبلاء للذهبي ص59ج12 – ط الرسالة].
- وقال الشيخ أبو إسحاق في طبقات الفقهاء: وكان أبو يعقوب البويطى إذا سمع المؤذن وهو في السجن يوم الجمعة، اغتسل ولبس ثيابه، ومشي حتى يبلغ باب السجن، فيقول السجان: أين تريد؟. فيقول: أجيب داعي الله، فيقول: ارجع عفاك الله فيقول: اللهمَّ إنك تعلم أني قد أجبت داعيك فمنعوني.
جزاكم الله خيرا شيخنا أبا همام وسلمت يمينُك
والله لا يثبت المرء في زمن الفتن المدلهمّة إلا بنصوص الكتاب والسنة وما يعضدها من مثل هذه الآثار للسلفية الفذَّة التي تبين معادن الرجال حقا وصدقا
نسأل الله أن يثقّل موازينكم بما خطّت يراعكم ودُمتم -وسائر مشايخنا وإخواننا الثابتين على الحق- مفيدين لإخوانكم.
جزاكم الله خيرا أبا همام وبارك فيكم.
مشاركاتكم متميزة بارك الله.
ونحن ثابتون بتثبيت الله لنا، والفضل بعد الله لمشايخنا وكبارنا في بلدنا ونحن معهم وأعراضنا دون أعراضهم ولن نتركهم بإذن الله.
ثبتكم الله شيخ عبد القادر