منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 Jan 2010, 05:31 PM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي " العدل .. حقيقته و أهمّيّته " بقلم فضيلة الشّيخ عبد الغنيّ عوسات الجزائري حفظه الله .


بسم الله الرحمن الرحيم


العدل .. حقيقته و أهمّيّته


بقلم فضيلة الشيخ :


عبد الغني عوسات الجزائري


- حفظه الله و رعاه -






الحمد لله العدل المبين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله أعدل الخلق أجمعين ، و على آله و صحبه الثّقات العدول الّذين يحكمون بالحقّ و به يعدلون ، و على من اهتدى بهديه و التزم سنّته و جعل العدل خلقه في الدّنياو الدّين ، أمّا بعد :

فإنّ العدل نظام كلّ شيء و قوام كلّ أمر و ميزان كلّ حكم ، عليه قامت الأرض و السّماوات ، و به جاءت الشّرائع و الرّسالات ، فأنزل الله به كتبه ، و بعث به رسله ، و أمر به خلقه : { إنّ الله يأمر بالعدل و الإحسان } [ النحل : 90 ] ، و قال تعالى : { لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم النّاس بالقسط } [ الحديد : 25 ] .

فما أنزل الله تعالى من كتاب إلاّ و جاء فيه الحثّ على العدل في ثنايا الخطاب ، و ما أرسل من رسول إلاّ أمر أمّته بالعدل على سبيل الإيجاب ، و لقد أمر الله تعالى به و حثّ عليه في كثير من آيات الكتاب لكون الدّين يقوم عليه و الدّنيا تستقيم به ، فيعدّ العدل أساس تشريع الأحكام و عمود مقاصدها و قوام كل التّصرّفات و المعاملات ، و عماد كلّ المواقف و الالتزامات سواء الحقوق منها و الواجبات ، و شامل و مستغرق لكلّ الظّروف و الحالات ، و هو ضمان لأحسن المآلات ، و ذلك لأنّ انتظام حياة النّاس جميعها منوط بقدر ما عندهم من العدل و ما يحقّقونه منه .

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله : " و أمور النّاس تستقيم في الدّنيا مع العدل ، و ذلك أنّ العدل نظام كلّ شيء ، فإذا أقيم أمر الدّنيا بعدل قامت و إن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ، و متى لم تقم بعدل لم تقم و إن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة " (1) ، و لمّا كانت الأمّة المحمّديّة آخر و خاتمة الأمم جعلها الله تعالى شاهدة على النّاس كلّهم و قيّمة على الأمم جميعهم- تبلّغهم دين الله و تشهد لهم بالعدل و الإيمان أو عليهم بالظّلم و الطّغيان ، قال تعالى : { و كذلك جعلناكم أمّة وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس } [ البقرة : 143 ] كان العدل فيها قائما و دائما ، و في دعوتها و رسالتها عامّا و تامّا و هامّا ، ذلك لأنّ الله تعالى لم يكتف بإيجاب العدل على هذه الأمّة و إنّما أراد أن تجعله خلقا من أخلاقها أو صفة من صفاتها تمتاز و تتميّز بها من دون النّاس .

فالعدل سائد فيها سريرة و سيرة ، و قائد لها دعوة و مسيرة ، لا تحابي فيه قريبا لقرابته و لا تضارّ عدوّا لعداوته ، قال تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين إن يكن غنيّا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا و إن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرا } [ سورة النساء ] ، و قال تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى و اتّقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون } [ سورة المائدة ] .

قال ابن جرير الطّبري رحمه الله : " يعني بذلك جلّ ثناؤه : يا أيّها الذين آمنوا بالله و برسوله محمّد صلّى الله عليه و سلّم ليكن من أخلاقكم و صفاتكم القيام لله شهداء بالعدل في أوليائكم و أعدائكم ، و لا تجوروا في أحكامكم و أفعالكم فتجاوزوا ما حدّدت لكم في أعدائكم لعداوتهم لكم و لا تقصّروا فيما حدّدت لكم من أحكامي و حدودي في أوليائكم لولايتهم لكم ، و لكن انتهوا في جميعهم إلى حدّي ، و اعملوا فيه بأمري " (2) .

فالعدل إذًا راسخ في هذه الأمّة ثابت في حياتها ، و دائم مستغرق لكلّ أحوالها ، و هي قائمة عليه و محكومة به و لا تتأخّر عنه ، و لو كان فيه مراغمة للعواطف : { و لا يجرمنّكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى } [ المائدة : 8 ] ، و كذلك تستديم و تستحبّ وجوبه و لو كان فيه مراغمة لكافّة عواطف المودّة و القرابة – السّببيّة منها و النّسبيّة – قال تعالى : { يا أيّها الذّين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين } [ سورة النّساء ] .

لم تعرف أمّة العدل بهذه الصّورة الصّافية ، و لم تقم به بهذه الصّفة الشّاملة الخالصة الصّادقة إلاّ على يد الأمّة المحمّديّة الّتي جعلها الله نبراسا للنّاس و هي خير أمّة أخرجت للنّاس ، قال تعالى : { كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله } [ آل عمران : 110 ] .

لم يكن العدل في حياة هذه الأمّة مجرّد صفة تتفاخر بها أو مثل تتظاهر بها أمام الأمم دون ممارسة أو تطبيق ، و لكنّه كان واقعا عاشته و مارسته بصدق و التزمت به و طبّقته بحقّ و بهذا جعلها الله تعالى شاهدة و حجّة على البشريّة ، قال تعالى : { و كذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس و يكون الرّسول عليكم شهيدا } [ البقرة : 143 ] ، قال ابن كثير رحمه الله : " شهادة أمّة محمّد صلّى الله عليه و سلّم على جميع الأمم يوم القيامة برهان على عدالة هذه الأمّة و شرفها " (3) .

فالعدل مبدأ عظيم و ميزان قويم في كلّ الشّؤون و الأحوال الخاصّة و العامّة ، و لذلك جاء الأمر به و الحثّ عليه و القيام و الالتزام به في كلّ الأقوال و الأفعال العقديّة منها و التّعبّديّة و الحسّيّة منها و المعنويّة ، القاصرة منها و المتعدّية .

* و من المواضع – مثلا – المطلوب فيها العدل من المكلّف :

- العدل في حقّ الله تعالى : و يتمثّل في عبادته وحده لا شريك له و طاعته و عدم معصيته و شكره و عدم الكفر به ، قال ابن تيميّة رحمه الله : " أصل العدل العدل في حقّ الله تعالى و هو عبادته وحده لا شريك له ، فإنّ الشّرك ظلم عظيم كما قال لقمان لابنه : { يا بنيّ لا تشرك بالله إنّ الشّرك لظلم عظيم } [ سورة لقمان ] " (4) .

- و كذلك في العبادة : مطلوب العدل و ذلك بالوقوف عند الحدّ المشروع و القيام به على الوجه المشروع ، و ذلك بالاقتصاد في العبادات على ما ورد في السّنّة من غير غلوّ فيها و لا جفاء عنها ، قال ابن تيميّة رحمه الله : " إنّ الشّرع جاء بالعدل في كلّ شيء و الإسراف في العبادات من الجور الّذي نهى عنه الشّارع ، و أمر بالاقتصاد في العبادات ... فالعدل في العبادات من أكبر مقاصد الشّرع " (5) .

- و كذلك الّذي تولّى أمر الحكم بين النّاس و عليهم : أن يتحلّى بالعدل و يتجلّى العدل في حكمه بتحرّيه له ، قال تعالى : { و إذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل } [ النّساء : 58 ] ، و إنّ الأمر بالعدل في الأحكام شامل لجوانب كثيرة من الدّين المرتبطة بالدّعوة إلى الله و الاحتساب و التّوجيه و التّعليم في الأمور الدّقيقة أو الجليلة ، الكبيرة أو الصّغيرة ، حتّى الّذي يحكم بين الصّبيان في الخطوط ، فإنّ الصّحابة – رضوان الله عليهم – كانوا يعدّونه من الحكّام .

- و من المجالات و المواضع الّتي يطلب فيها العدل كذلك الدّماء و الأموال و الأعراض : و ذلك أنّ العدل فيها هو الميزان بحقّ و تطبيقه بحقّ برهان الصّدق ، و ذلك بمقابلة العادي بمثل فعله ، و جزاؤه من جنس عمله .

قال ابن تيميّة رحمه الله : " و أمر العالم في الشّريعة مبنيّ على هذا و هو العدل في الدّماء و الأموال و الأبضاع و الأنساب و الأعراض ، و لهذا جاءت السّنّة بالقصاص في ذلك و مقابلة العادي بمثل فعله " (6) ، " و من التّصرّفات و التّجاوزات ما يستحقّ أن يكون الجزاء عليهما شديدا سديدا ، و منها ما يلزم فيه الرّفق و يستحبّ فيه اللّين ، و الخلاصة أنّ الشّريعة الكاملة جاءت باللّين في محلّه و الشّدّة في محلّها ، فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك ، و لا يجوز – أيضا – أن يوضع اللّين في محلّ الشّدّة و لا الشّدّة في محلّ اللّين ، و لا ينبغي أن ينسب إلى الشّريعة أنّها جاءت باللّين فقط و لا أنّها جاءت بالشّدّة فقط ، بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكلّ زمان و مكان و لإصلاح جميع الأمّة ، و لذلك جاءت بالأمرين معا و اتّسمت بالعدل و الحكمة و السّماحة " (7) .

* و حتّى لا يقع العبد في الظّلم و البهتان و التّجاوز و العدوان و هو يلتمس العدل و الإحسان : فلا بدّ أن يكون العلم و الفرقان مرآته العدل و الميزان و من علم عمل به على حقيقته و صفته ، أمّا الجاهل فلا يتصوّر منه العدل في قضيّة شرعيّة يجهلها ، و لمّا كان العدل لا بدّ أن يتقدّمه العلم ، إذ من لا يعلم لا يدري ما العدل ، و النّاس من القضاة و غيرهم ثلاثة أصناف : العالم العادل ، و الجاهل ، و الظّالم .

فالعدل مطلوب على وجه الوجوب في المكروه و المحبوب و العدول عنه ظلم و حوب فإنّه واجب في الغضب و الرّضا و المنشط و المكره و السّرّ و العلن و مع الغنيّ و الفقير و القويّ و الضّعيف و الصّديق و العدوّ و القريب و الغريب ، قال تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنّكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى } [ المائدة : 8 ] .

و من كمال محبّة الله و رسوله للعدل أنّه أمر به الإنسان في كلّ شؤونه حتّى في شأن نفسه و خاصّة أمره حيث نهاه عن حلق بعض رأسه و ترك بعضه ، لأنّه ظلم للرّأس و ذلك لمّا ترك بعضه كاسيا و بعضه عاريا (8) ، و كذلك نهيه للعبد أن يجلس بين الشّمس و الظّل (9) ، فإنّه ظلم لبعض بدنه ، و كذا نظيره مشي الرّجل في نعل واحدة ، بل إمّا أن ينعلهما أو يحفيهما (10) .

فهذه كلمات مختصرة في حقيقة العدل و أهمّيته في القول و الفعل ، و ذكر بعض مواضعه على سبيل الذّكر و المثال لا الحصر ، فالله نسأل أن يرزقنا العدل في الأقوال و الأعمال و سائر الأحوال .





الحواشي :

(1) " مجموع الفتاوى " ( 28 / 146 ) .
(2) " جامع البيان " ( 10 / 95 ) .
(3) " النّهاية في الملاحم و الفتن " (2 / 9 ) .
(4) " الجواب الصّحيح " ( 1 / 106 ) .
(5) " مجموع الفتاوى " ( 25 / 249 – 250 ) .
(6) " مجموع الفتاوى " ( 18 / 167 ) .
(7) " فتاوى ابن باز " ( 3 / 204 ) .
(8) كما في حديث ابن عمر رضي الله عنه : أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم نهى عن القزع . أخرجه البخاري و اللّفظ له ( 5921 ) و مسلم ( 2120 ) .
(9) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم صلّى الله عليه و سلّم : " إذا كان أحدكم في الشّمس – أي في الفيء – فقلص عنه الظّلّ ، و صار بعضه في الشّمس و بعضه في الظّلّ ، فليقم " . أخرجه أبو داود ( 4821 ) ، ينظر : " صحيح الجامع " ( 748 ) .
(10) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال : " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا " . أخرجه البخاري ( 5855 ) ، و مسلم ( 2097 ) .



انظر : مجلّة الإصلاح – العدد الثامن عشر – المحرّم / صفر 1431ه.




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 Jan 2010, 06:46 AM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

حفظ الله فضيلة الشيخ عبد الغني عويسات و جزاه المولى خير الجزاء ..

و أنت أخي الناقل بارك الله فيك و جزاك الله خيراً

واسمح لي أن أضيف هذه اثراءً للموضوع :
قال الشيخ محب الدين الخطيب - رحمه الله - في رسالته : [ إحياء سنن الإسلام و قواعده ] :

"
ميزان الإسلام
[ خلق الاعتدال ]
أفضل ما تحمل عليه نفسك و ذَويك

أثمن ما نصحتُ به لابني ودفعته إليه ، وأعظم ما ألزمتُ به نفسي وحملتها عليه ، ( خُلق الاعتدال ) . وكلما غُمَّ عليَّ أمر ، وترددت في تعيين وجهة الصواب فيه ، جنحت منه إلى ناحية الاعتدال ، فوجدت فيها الخير كله .
إذا كان الغلو ـ في النادر من الأمور ـ أجدى و أعظم خيراً من الاعتدال ، فالاعتدال أدنى إلى الخير و أجدى على المرء من أكثر صنوف الغلو . و المعتدل محمود حتى في الأمور النادرة التي يكون فيها الغلو أعلى مرتبة من الاعتدال . و مرجع الاعتدال ( العدل ) ، وهو رأس الفضائل وقلبها و موضع السرِّ منها ، ومنه اشتق الله سبحانه لنفسه اسماً من أسمائه الحسنى وما كانت الفضيلة فضيلة إلا وهي في مكان الاعتدال ، فإذا تجاوزته إلى أحد طرفي الغلو يميناً أو شمالاً ، سلباً أو إيجاباً ، أوشك أن تكون من الرذائل التي جاءت الديانات بتقبيحها ، و تواصى الحكماء بالتنفير منها وقامت الأنظمة للزجر عنها . وهل كان التواضع إلا الجانب المعتدل بين طرفي الذل و الكبرياء ؟ وهل كان للمجاملة جمال إلا بابتعادها عن رذيلتي الشراسة و المداهنة ؟ وهل كان الكرم كرماً إلا بتوسطه بين خساسة البخل و سفاهة التبذير ؟ وهل الشجاعة إلا الحالة الوسطى بين التهور و الجبن ؟ وهل تجد في الحياة طريقاً إلى هدفك أقرب من الطريق الوسط المعتدل ؟
و الاعتدال أخو الرفق و التيسير . وقد قال رسول الرحمة صلوات الله عليه وسلامه : « إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه »[1] . وقال صلى الله عليه وسلم : « ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله »[2] . و « كان صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً في بعض أمره قال : بشّروا ولا تنفِّروا ، ويسروا ولا تعسروا »[3] و قال صلى الله عليه وسلم « الدين يُسر ، ولن يغالب الدينَ أحدٌ إلا غلبه »[4] و قال صلى الله عليه وسلم : « إياكم الغلو في الدين ، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلوِّ في الدين »[5] و قال صلى الله عليه وسلم : « إن المنبتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى »[6].
و بالاعتدال تدنو من صاحب الإفراط و قد توفق إلى تقريبه منك ، وبه تشرف على صاحب التفريط وقد تتمكن من إقناعه بضرر ما هو فيه . وسيزعم لك جاهل أنك بما التزمته من الاعتدال تكون لا من هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، فلا يخدعك ذلك عما أنت فيه لأنك لا تكون إلى هؤلاء أو أولئك إلا و أنت بعيد عن مباءة[7] الخير ، و في نجوة[8] عن موطن السلامة .

الاعتدال ، الاعتدال . ذلك ما أوصيك به ونفسي فهو طبك في صحتك ، إذا التزمته في مأكلك ومشربك وجهودك وهو ثروتك في معيشتك ، إذا التزمته في نفقاتك ومعاملاتك .
وهو ما تدخره لمعادك ، لأنه من معاني التقوى ، وهل التقوى إلا أن تتقي الشر الواقع في أحد طرفي الإفراط و التفريط ، وتكون في جميع تصرفاتك عادلاً معتدلاً .
الوقاية من الأمراض تقوى ، و مناطها الاعتدال . و الوقاية من المهالك تقوى ، و قوامها الاعتدال . و الوقاية من عُشراء السوء تقوى ، و لا تكون إلا بالاعتدال . و الوقاية من التبذير و الشُّح تقوى ، وهي هي الاعتدال .
خُلق الاعتدال ميزان الدين و زينة الحياة الدنيا ، فإذا كنت تنشد السعادة هنا وهناك فكن في جميع تصرفاتك متوخياً جانب الاعتدال ، فالاعتدال من الرفق و الرفق خير كله ، وقد جربت ذلك بنفسي ، فأردت أن لا أبخل به على أحد ممن أحبُّ ." ا.هـ


ــــــــــــــــــــ هامش ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ


[1] صحيح مسلم [6545] .

[2] رواه أبو داود [4809] وغيره ، وصححه الإمام الألباني بهذا اللفظ، وهو في صحيح مسلم بدون لفظ ( كله ) برقم [6542] .
[3] انظر – مثلاً – صحيح البخاري [ 7172] .
[4] رواه البخاري [39] ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
[5]صحيح ، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة [ 1283] .
[6] ضعيف ، انظر السلسلة الضعيفة [2480] .
[7] المباءة : المنزلة .
[8] بعيد عنه ، بريء منه .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 Jan 2010, 10:19 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي


آمين و إيّاك أخي الكريم
و بوركت على إثراء الموضوع
وفّقك الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 Jan 2010, 10:54 AM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظك الله جميعا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 Jan 2010, 11:00 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو معاذ محمد مرابط مشاهدة المشاركة
حفظكم الله جميعا
آمين و إيّاك أخي الفاضل.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013