منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 01 Jun 2018, 04:47 PM
أبو حامد الإدريسي أبو حامد الإدريسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 36
افتراضي إرث الآثار في تخريج رواية هشام بن عمَّار

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم



إرث الآثار في تخريج رواية هشام بن عمَّار






الحمد لله بِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّه الصَّادق الأمين، نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:

فهذه أمامنا روايةٌ مكذوبة عن الإمام مالك بن أنسٍ ــ رحمه الله ــ مرويَّة عن أحد تلامذته ورواته وهو: [هشام بن عمَّار بن نصير بن ميسرة بن أبان السُّلميِّ؛ ويقال: الظفريِّ أبو الوليد الدِّمشقيِّ خطيب المسجد الجامع بها](1). وكم من رواياتٍ كثيراتٍ مرويَّة ــ كذباً وزوراً ــ عن طريق تلاميذ هذا الإمام الهمام، باعتباره أنَّه إمام في (السُّنَّة!!!) وإمام في (الحديث)؛ وهذه واحدة منها عن طريق هذا التَّلميذ، ولكن هيهات لها ثمَّ هيهات! لذلك ارتأينا أن نخرِّج هذه الرِّواية هنا، وقد أسميناها بـ "إرث الآثار في تخريج رواية هشام بن عمَّار"؛ والله الموفَّق وهو الهادي إلى السَّبيل.
فنقول:
أخرج الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"(13/131/1362) قال: أنبأنا أبو الحسن عليُّ بن الحسين الموازينيِّ، عن أبي الحسن محمَّد بن عليِّ بن محمَّد بن صخرٍ الأزديِّ، أخبرني أبو بكرٍ محمَّد بن أبي سعيدٍ الخراسانيِّ، نا عطيَّة بن سعيدٍ، نا أحمد بن فارس، نا مكِّيُّ بن بندار، نا الحسن بن عبد الواحد القزوينيِّ، نا هشام بن عمَّار، نا مالكٌ، عن الزُّهريِّ، عن أنسٍ(2)؛ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"خُلِقَ الوردُ الأحمرُ من عَرَقِ جبريل(3) ليلة المعراج، وخُلِق الورد الأبيض من عَرَقي، وخلق الورد الأصفر من عَرق البُراق".
قلت: هذا إسنادٌ موضوع؛ وآفته اثنان:
(الأولى): جهالة الحسن بن عبد الواحد القزوينيُّ هذا؛ وهو ــ كما حكاه الحافظ في "لسان الميزان"(3/66) ــ الحسن بن عليِّ بن عبد الواحد. وقال: "روى في [خلق الورد الأحمر] خبراً كذباً؛ وهو غير معروف". وقال مرَّة أخرى (3/85): "بخبرٍ باطلٍ رواه عنه مكِّيُّ بن بندار". وحكى فيه عن ابن ناصرٍ؛ قال:
"اتُّهم وروى حديثاً في الورد لا أصل له".
ومثله كذا عند الإمام الذَّهبيِّ في "الميزان"(1/502). وقد قالا ــ أي: كلٌّ من الذَّهبيِّ وابن حجر في "الميزان"(2/157) و"اللِّسان"(4/73) ــ في ترجمة (سعيد بن محمَّد بن نصر) عن الحسن بن عبد الواحد القزوينيِّ؛ فقالا: "لا يدرى من هما؛ قاله أبو النَّجيب الأرمويِّ". ونحوه ما حكاه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(13/131)؛ إلاَّ أنَّه قال:
"قرأت بخطِّ عبد العزيز الكتَّانيِّ: قال لي أبو النَّجيب عبد الواحد بن عبد الله الأرمويِّ: سعيد بن محمَّد(4) والحسن بن عبد الواحد مجهولان".
والغريب أنَّ الحافظ ابن عساكر؛ قال: "الحسن بن عبد الواحد القزوينيُّ سمع بدمشق هشام بن عمَّار، روى عنه مكِّيُّ بن بندار وسعيد بن محمَّد بن نصر"(5).
(والثَّانية): مكِّيُّ بن بُندار هذا؛ وهو بن مكِّيُّ بن عاصمٍ أبو عبد الله الزَّنجانِيُّ، اتَّهمه الدَّارقطنيِّ بوضع الحديث(6).
قلت: ومن أجل ذلك فقط رواه ابن الجوزيُّ في "الموضوعات"(3/62)، وذكره كذا السُّيوطيُّ في "اللآليء المصنوعة"(2/376)، وقال: "باطلٌ؛ المتَّهم به المقدسيُّ(7)"؛ وكذا في "البحر الذي زخر في شرح ألفيَّة الأثر"(2/867) له أيضاً، والقاريُّ في "الموضوعات الصُّغرى"(ص/70)؛ ونقل عن النَّوويِّ؛ قال: "لا يصح".
المهمُّ أنَّ الجميع ــ وأعني بهم ابن عساكر والذَّهبيُّ والحافظ ــ قد قالوا جميعا: "وهذا حديثٌ موضوعٌ وضعه من لا علم له، وركَّبه على هذا الإسناد الصَّحيح". وكذا الإمام ابن الجوزيُّ والنَّوويُّ وابن ناصر والسُّيوطيُّ والقاريُّ ــ كما رأينا ــ، ومن المعاصرين أيضاً الشَّيخ الألبانيُّ في "الضَّعيفة"(2/187/767).
وقول ابن عساكر: "وركَّبه على هذا الإسناد الصَّحيح"؛ أي هشام بن عمَّار فمن بعده إلى الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم، وإلاَّ فبقيَّة السَّند فوق هشام فيهم من قد ذكرنا فيهم من الكلام؛ والله أعلم.
وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً.

كتبه العبد الفقير راجي عفو ربِّه: أبو حامد الإدريسي
يوم الجمعة 17 رمضان 1439هـ لموافق لـ 1 جوان 2018م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لقد وثَّقَه يحيى بن معين، وقال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقال الدَّارقطنيُّ: صدوق كبير المَحَلِّ، وقال العِجْلي: ثقة صدوق، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبَّان في "الثِّقات".
وقال يحيى بن معين: هشام بن عمَّار أحبُّ إليَّ من ابن أَبي مالك، وقال عنه مرَّة: كَيِّسٌ كَيِّس.
أنظر ترجمته في: "تهذيب الكمال"(30/242ـ255) للمزِّيِّ و"معرفة القرَّاء الكبار"(1/195ــ198) و"تاريخ الإسلام"(18/521) و"الكاشف"(2/337) كلُّها للذَّهبيِّ، و"غاية النِّهاية"(2/354ـ356) و"الأعلام"(8/87) للزِّركليِّ و"الثِّقات"(9/233) لابن حبَّان و"التَّقريب"(ص/364) للحافظ و"تذكرة الحفَّاظ"(2/451)؛ وغيرها.
(فائدة): ورُوِيَ عن هشام بن عمَّار أنَّه؛ قال: "باع أبي بيتًا بعشرين دينارًا وجهَّزني للحجِّ، فلمَّا صرتُ إلى المدينة أتيتُ مجلسَ مالك ومعي مسائلُ، فأتيتُه وهو جالسٌ في هيئة الملوك وغلمان قِيَام، والنَّاس يسألونه وهو يجيبهم، فقلتُ: ما تقول في كذا؟ فقال: حَصَلنا على الصبيان، يا غلام احمله، فحملني كما يُحمل الصبيُّ، وأنا يومئذ مدرك، فضربني بِدُرَّة مثل دُرَّة المعلمين سبعَ عشرةَ درَّة، فوقفت أبكي، فقال: ما يبكيك؟ أوْجَعَتْكَ هذه؟ قلتُ: إنَّ أبي باع منزله، ووجه بي أتشرَّفُ بك وبالسَّماع منك، فضربتني، فقال: اكتب، فحدثني سبعةَ عشرَ حديثًا، وأجابني عن المسائل". كذا في "معرفة القرَّاء الكبار"(1/196ـ197) للذَّهبيِّ.
(2) وفي "البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر"(2/867) للسُّيوطيِّ زيادة: "رضي الله تعالى عنه".
(3) في "لسان الميزان"(2/219) للحافظ ابن حجر بلفظ: "جبرائيل".
(4) لكن الحافظ ابن حجر زاد هذه الزِّيادة؛ فقال: "ورأيت في "طبقات همذان" لصالح بن أحمد ما نصُّه: سعيد بن محمَّد بن نصر بن عبد الرَّحمن بن عَمْرو بن مموس القطَّان، روى عن يوسف بن يزيد القراطيسيِّ وبكر بن سهل الدِّمياطيِّ وأحمد بن خليد وهارون بن موسى الأخفش، وَأبي علاثة الفرضيِّ؛ وَغيرهم.
وكان يحضر معنا مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد، وكتبنا عنه، وحضر معنا مجلس جعفر الشَّنيِّ لسماع "تاريخ" محمَّد بن يزيد يعني ابن ماجة.
وخرج إلى قزوين فوافيت قزوين وقد أخرج لهم "تفسير عبد الغنيِّ" رواه عن بكر بن سهل، وجمع له بها دنانير، ثمَّ خرج إلى جرجان، ومات بها سنة اثنتين وثلاثين؛ وهو شيخ ليس بذاك".
والشَّاهد من هذه الزِّيادة ــ وبغضِّ النَّظر إن كان هو أو غيره ــ هو قول صالح بن أحمد فيه: "هو شيخٌ ليس بذاك".
(5) أنظر "تاريخ دمشق"(13/131) لابن عساكر.
(6) أنظر "التَّذييل على كتب الجرح والتَّعديل"(ص/311) و"الدَّليل المغني لشيوخ الإمام أبي الحسن الدَّارقطنيُّ"(ص/469) و"الرَّوض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم"(1/94و2/1302) و"كشف الحثيث"(ص/261) و"المغني في الضُّعفاء"(2/676) للذَّهبيِّ و"تاريخ بغداد"(13/121) للخطيب البغدادي و"لسان الميزان"(6/87) للحافظ ابن حجر و"الميزان"(4/179) للذَّهبيِّ؛ وغيرها.
(7) المقدسي هذا هو الحسن بن عليِّ بن عبد الواحد المقدسي كما في "الكشف الحثيث عمَّن رمي بوضع الحديث"(ص/93) للسَّبط ابن العجمي، بدل القزوينيُّ.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 02 Jun 2018 الساعة 12:12 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, مسائل, حديث, روايةهشام

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013