منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08 Feb 2012, 01:58 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي أَوَهَّابِيَّة أَمْ سَلَفِيَّة؟!! رسالة العلامة محمد المكّي بن عزّوز إلى الشّيخ عبد الرزاق البيطار

بسم الله الرحمن الرحيم






أَوَهَّابِيَّة أَمْ سَلَفِيَّة؟!!




رسالة العلامة محمد المكّي بن عزّوز الجزائري إلى الشّيخ عبد الرزاق البيطار






الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فهذه دُرَّة مُضيَّة، وجوهرة بهيّة؛ تنير سبيل السالك، وتضيء حندس الحوالك، بقول صادق، وأسلوب رائق، وصَوْغٍ فائق، فارتوى الـمـُـغْتَذي بأزاخِرِ علومه، واقْتَنَصَ الـمُحْتَذي من غوالي دُرَرِهِ وفُهومه، فأنار سبيله في الآفاق، وغدا منارَ هَدى يتجلَّى به الأفاضل الحذَّاق. خطَّها بإتحاف، ونسجها بعناية وإرهاف، فأكسبها بهاءً، وأورثها سناءً؛ تلكم العبارات الرَّشيدة، والإلزامات السَّديدة، والإفحامات الشَّديدة، في الاحتجاج على المتنصل الرَّدي، وإزهاق مزعمه البذي.

تلكم هي رسالة الشَّيخ العلامة محمد المكي بن عزوز العالم النّحرير، إلى الشيخ عبد الرزاق البيطار؛ يستنصحه فيها ويَسْتَرْشِدُهُ حول السّلفيين؛ وما يثار على دعوتهم من أراجيف، وما يحاك حولها من تزييف،ممتطيا جواد الرَّشاد في التِمَاسِ الحقائق، مقتديا بخير العباد في التزامِ أقْوَمِ الطرائق، فوفقه الله إلى الهداية، ورعاه في السنة خير رعاية.

أبان فيها الشيخ المكي -رحمه الله- عن سديد معتقده، ورد على شانِئِهِ ومنتقِدِه؛ ببراعة وإفصاح، واقتدار على حسن الإيضاح.

فها أنا ذا ألتقط شوارده، وأستجمع موارده، وأتقصَّى شواهده؛ أقدِّمها للقارئ الكريم في زيِّها المأمول، وسبكها المصقول، فتصغى له الألباب والعقول، والسَّيف من حصوله مسلول...

هذا وقد ضَمَّن كتاب الشّيخ المكي الأستاذ جمال الدين القاسمي، في رسالته إلى الشّيخ محمود شكري الألوسي؛ يزفُّ له خبر توبة الشيخ محمد المكي بن عزوز ورجوعه إلى مذهب السّلف([1]).


نصُّ رسالة الشّيخ جمال الدين القاسمي إلى الشّيخ محمود شكري الألوسي



بسم الله الرحمن الرحيم



سيّدي إمام عصره، وفريد دَهره، نَفَعَ المولى بعلومه الأَنام، وأعاد علينا من مَعارفه على الدَّوام.

‏أُهدي المقام السّامي من السّلام أَعطرَه، ومن الشَّوق أَوفَرَه، وأرجو أن لا تنسوني من دعواتكم المَرضية في الأوقات السَّنية. ثم قبلُ؛ قد قدمت للسِّيادَة كتابا عن وصول نموذجات صديقنا الشابندر([2])، والآن رأيت تقديم هذا الكتاب لتَبشير مولانا بما يَسُرُّه ويَسُرُّنا.
وهو أن حَضرة العالم النِّحرير، سليلُ العلماء الأفاضل السيّد محمد المكي بن عزوز التونسي([3]) نزيل الآسِتانة([4]) كان من أشدّ المتعصّبين للجهميّين والقبوريين، ثم بَصَّرَهُ الله تعالى الحقَّ فاعتَنَقَهُ، وأصبحَ يدافع عنه.
وهذا الفاضل لشهرةِ بَيتهِ ونباهةِ أمرهِ يُعَدُّ بألوف، وقد هاجر من نحو اثني عشر عاما من تونس إلى الآسِتانة ، وكان ردَّ على الصَّيادي([5]) فيٍ تأليف سماه »السَّيف الرَّباني في الرّد على القَرْماني«والقرماني اسم بلا مسمى انتحله الصّيادي، وعزا له كتابا كان لفَّقَهُ على عادته -عليه ما يستحق- في الافتراء والاختلاق، وكان أعظم حال على أماني السيد ابن عزوز.
‏ثم إنّ الأستاذ الكبير صفينا البيطار لما زار الآسِتانة هذا العام مع الوفد الدمشقي زار السّيد وجرَّ البحث إلى مسائل سَلَفية، ثم إنّ الأستاذ كاتَبَهُ من شهر فأجابه الآن بجواب نقلت محل الشَّاهد منه، وأشرت إلى طالب عندنا فنَقَلَ صورة ما نقلتُه وتَروه طيّ هذا الكتاب.
‏وإذا كان لمولانا أيّده الله أصدقاء في الآسِتانة يُكاتبهم فلا بأس بمكاتبة السَّيد المنوَّه به، وإني في هذا البريد سأكتب له بما أرسلتُ لفضيلتكم من كلامه، وأُعرِّفه بسامي مقامكم، عساه يزداد بصيرة ونورا، فالحمد لله على توفيق هذا السَّيد وهدايته لما هُدي له.
‏هذا وقد زارني في هذا العيد صديقنا الشيخ مصطفى الغلاييني([6]) صاحب مجلة »النبراس«([7])،‏وجرّ الحدث إلى ما ألفه النبهاني([8]) جديدا من كتابه المسمى »جواهر البحار في فضل المختار«([9])،‏وذكره منامات ابنته عائشة له،‏وتسميته إيّاها بالمبشرات؟ فقال لي الغلاييني: لو أنّا نردّ عليه بمثل ما يَستدلّ لذَكَرنا مناما لأحد صالحي بيروت، بل من لا يختلف أحد منهم في صلاحه، وهو: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: إني لست براض عن النّبهاني، أو ما بمعناه.
‏ثم زارني أحد الكاملين([10])، وكان سبق له وظيفة في بيروت، فسمَّى لي الرجل وأنه حسن فتح الله، وقد وعدني هذا الكامل بأن يذكر لي ترجمة حال النّبهاني الصحيحة التي يعلمها، وأنه يستقدمها لنا ونقدمها للسّيادة.
‏وقد بلغني أن الحاج مقبل الذّكير([11]) كان طبع هو والشيخ قاسم بن ثاني كُتُبًا وقفا منها:»المقنع«([12])، ومنها: »الدين الخالص«([13]) وغيرهما. ومن الغريب أن لم نتحف بشيء منها، فإن كان لهما وكيل أو صديق يكاتبهما أو سيادة مولانا؛ فالمأمول إرسال صندوق منها للشام. وقد كان السّناني([14]) عليه الرّحمة كتب إلى الحاج مقبل على إثر طبعه »شرح الإقناع«([15]) بإرسال صندوق منه فوفّى ووزع على من انتفع به الانتفاع التام.


‏والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


في 02 ذي الحجة سنة 1328. الفقير جمال الدين القاسمي




نص رسالة الشيخ المكي بن عزوز إلى الشيخ عبد الرزاق البيطار:



[قال الأستاذ جمال الدِّين القاسمي]: اطلعتُ على رسالة بخط العلامة الفاضل السّيد محمد المكي بن عزوز التونسي نزيل الآسِتانة الآن، ‏ضمن كتاب راسل به الأستاذ العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار([16])، وهذا نصّ رسالته:

كتبتُ إلى حبيب لي في المدينة المنورة([17]) ما نصُّهُ:

سؤالٌ خصوصي: أخبِرني بإنصاف، واعلم أنك مسؤول في عَرصات القيامة([18]) عن ذلك، أخبرني عن الوهابية([19]) الذين تَرَوْن: معاملتهم، وحالتهم مع السّنة، والحضرة النّبوِية، فأنا إلى الآن ما اجتمعتُ بوهّابي، وقد تناقضت عندي المسموعات بالأذن والمرئيات في الكتب بالأعين! وبيان التناقض نُقرِّرُهُ لك يا حبيب لتعرف كيف تجيبني، فإن المقام خطير:

بعض الناس يقولون الوهابية يحقِّرون المقام النّبوي، ولا يرون فرقا بينه وبين بقعة خالية في الأرض، ويقولون لمن شرب الدّخان أشركتَ بالله، وهذا لا معنى له، ويضلّلون من أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنارة، ويكفِّرون من زار قبرا ودعا الله عنده ويستحلون دمه([20]).

وهؤلاء القادحون فيهم يقولون على سبيل القدح: هم تابعون ابن تيمية أحمد تقي الدين!،‏فهنا جاء التّناقض، فإن ابن تيمية إمام في السّنة كبير،‏وطود عظيم من أطواد العرفان،‏حافظ للسنة النبوية، ومذهب السّلف،‏يذبُّ عن الدِّين،‏ويقمع المارقين؛ كالمعتزلة([21]) والقدرية([22])، ‏والرافضة([23]) الجهمية([24])،‏ما فارق سبيل الصَّحابة والتَّابعين والأيمة الأربعة قَيْدَ أنملة،‏وإن كان حنبليا في الفروع،‏فهو في أصول الدّين جامع لمذاهب الأربعة الأيمة،‏والأربعة الخلفاء الراشدين ومن سلك سبيلهم.

فإن كان الوَّهابية حقيقة على منهج ابن تيمية وابن القيم ونحوهما من فقهاء الحنابلة السّنية فهم أسعد الناس بالشريعة! لأن ابن تيمية وأصحابَه لم يُسِئ القولَ فيهم إلا القاصرون عن درجاتهم، علما وتحقيقا، والراسخون في العلم شهدوا بعلوِّ مكانتهم.

وإن كان الوهابية متّصفين بالصّفات الذّميمة المشار إليها أولا، فأول خصم لهم ابن تيمية ونظراؤه من أيمة الحنابلة، فليسوا بتابعيه.

- وبعض الناس يقولون: الوهابية هم القائمون بالسنة، المتجنّبون للبدع، المتبعون للحديثالشريف، وعلى مذهب أحمد بن حنبل وطريقة السّلف في الاعتقاد.
‏وقد كنت طالعت الرسائل المؤلفة من محمد بن عبد الوهاب وأصحابه، ورأيت ما كتبه الجبرتي([25]) في »تاريخه«([26]) من عقائدهم وسيرتهم، فما هي إلا طريق السنة ليس فيها ما ينكر.

‏ورأيتُ رسائل القادحين فيهم ينسبون لهم الدواهي والعظائم، والوهابية يَنفون ذلك عن أنفسهم، لا يَحتجون لحسن تلك القبائح.

تَنَبَّه للفرق بين قول المتنَصِّل مما نُسِبَ إليه وقولِ مُحسِّنِ ما نسب إليه:

فالأول منسلخٌ من اعتقادِ ذلك وفعلِهِ، معترفٌ بقبحِهِ، مكذِّبٌ لمن وَصَفَهُ به.

و الثاني معترف باتِّصافِهِ.

- تأمّل هذه النقطة، وفي الحقيقة (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[البقرة 134].

فأنا أسألك عن الوهابية الحاضرين في عصرنا، فإن رجلا أخبرني أنهم يكونون مقيمين في المدينة، ويأتون إلى المسجد ولا يَقِفون على القبر الشّريف يسلّمون عليه وعلى الصّاحبين ونحو ذلك، فإن صَحَّ هذا فما أقبحَ هذا الجفاء بالعداوة لصاحب القبر الشريف([27]).

‏فأريد منك أن تجتمع بفلان وفلان في محل لا رابع لكم إلا الله، فإن زدتم آخر تعرفونه مثلكم فيما ألاحظه منكم،‏فذلك عُهْدَتُهُ عليكم،‏و تقرؤون كتابي هذا بتأمُّل،‏وتجيبونني بما تَحَصَّلَ لكم،‏ذاكرين قوله تعالى:‏(وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)[الأنعام 152].

واعلموا أن من البلايا المتسلّطة على الدّين، وإيمان المسلمين؛ أنه صار الذي يصدع بالحديث النبوي الصحيح مقدما له على عصارة المتفقهين يقال له: أنت وهابي.

‏وأحكي لكم لطيفة: كنت سألت بعض متفقهة مكة الحنفية عن رجل أعرفه من أكبر الفضلاء، قلت له: كيف حال فلان؟ فقال لي: ذلك وهّابي. فقلت له: كيف وهابي؟ قال: يتّبع البخاري! فلما حكيتها للسيد عبد الرحمن الجَزولي([28]) عليه الرحمة والرضوان-وأنا نزيلٌ عنده إذ ذاك- ضحك وقال: هل البخاري شيخ الوهابية؟!!

وقد سمعتُ كثيرا من الناس يقولون: من يتبع الحديث فهو وهابي، ومن يعتقد عقيدة السّلف فهو وهابي، فقلت لهم أنا لا أعرف الوهابية، وكلامكم يدل على أنهم سنيون صرفا؛ فقد مدحتموهم مدحا كبيرا من حيث قدحتم فيهم، نتمنى أن يكون مقلّدة المذاهب كلهم هكذا إن كنتم صادقين فيما تقولون، لكن الجاهل يَهْرِفُ بما لا يعرف، ولذلك يقال له: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)[القصص: 55]، وقال تعالى:(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الأعراف 199].

وليكن في جوابكم بما شاهدتموه لا بما نقله المغفلون والأعداء المتعصّبون، هدانا الله وإياكم إلى القول السّديد. انتهى كلامه.

وجاء في كتاب السّيد محمد المكي المنوه به للعلامة البيطار ما مثاله:

وما أشرتم إليه في مكتوبكم من السَّير على منهاج الكتاب والسّنة وعقيدة السّلف،‏فَأَنْفُثُ نَفْثَةَ مَصْدُورٍ، مُغْتَمِّ القلبِ بما يرى ويسمع من قلب حقائقِ الأمور.

‏أنتم مَنَّ الله عليكم بجلساء موافقين لِمَشْرَبكُم في التِمَاسِ الحقائق، والتزامِ أقْوَمِ الطرائق،‏ذَوْقٌ وإنصاف،‏واتِّصافٌ بأجمل الأوصاف،‏كرفقائكم الذين شرَّفوا منزلنا معكم،‏وأكرمونا بتلك الأخلاق الكريمة، وكالأستاذ الجمال القاسمي وغيرهم ممن لم نحظ برؤيتهم فبلغوهم سلامي، وخلوص غرامي، وأما الحقير هنا - أي في الآسِتانة - فكما قال القائل:

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم *** الله يعلم أني لم أقل فندا


‏إني لأفتح عيني حين أفتحها *** على كثير ولكن لا أرى أحدا([29])




فلا أجد من أطارحه مسائل العلم الصحيح؛ لأن الناس بالنّظر إلى هذا المقام على قسمين:

جاهل لم يزاول العلم أصلا،‏فهو لا يفقه ما نقول،‏وحسبه إن سأل أن أجيبه بزبدة الحكم،وهو أحبُّ إليَّ ممن عَرَفَ بعضَ العلم إن لم يَفْتِنْهُ فاتِن، لأنه وإن لم أستفد منه مذاكرةً تَفَكّهَ عَقلي، وتَنَقَّحَ نَقلي، فقد أفادني من الله أجرا، وقد يكون لغيره سلسبيل تلك الإفادة أجرى.

والقسم الثاني: طالب علم زاول العلم فشمّ رائحته، وجَمَدَ على ما عهد من شيخ مثله،‏فهذا أحسن أخلاقه أن لا يسمع لقولك ولا يتحدث بما يؤذي،‏وإنما قلت أحسن،‏لأن غيره من أهل العناد الحمقى يضلّلون من خالف ما اعتادوه.

سُئِلتُ مرةً في مجلسٍ: هل تجوز الاستغاثة بأولياء الله؟ فقلت: لا يستغاث إلا بالله. وفي المجلس شيخ كبير ممن يعاني تدريس العلم: عارضني بأنه يجوز، فقلت له: ما دليلك؟ فقام مُغْضَبًا قائلا وهو ذاهب: دليلي قول اللُّقَّاني:

و أثبتن للأوليا الكرامه *** ومن نفاها فانبذن كلامه([30])





فانظروا الدَّليلَ وتنزيلَه على الاعتراض، هؤلاء لا يفرقون بين معنى الاستغاثة([31])، ومعنى الكرامة([32])، وهو من الضَّروريات.

و مما أتعجب منه وأتأسف، ما رأيته في نتائج مخالطاتي لأهل العلم ومناظراتي ومذاكراتي: أني أجد الشّبَّان والطَّلبة الصِّغار أقرب قبولا للحق، وذوقا للصّواب، وسرورا بالدّليل من الشّيوخ، وأكثرُ الشّيوخ جامدون على ما ألفوه، ومن أحبارهم ورهبانهم عرفوه، ولا أدري: هل ذلك لطول قعودهم في أرض التّقليد صاروا كمن وُقِّتَ له أوتاد والتحمت تلك الأوتاد بالأرض، فلا يستطيعون النّهوض منها؟ أم لأن غالب الشيوخ أكبر منّي سنّا؟ فهم يأنفون من أن يستفيدوا ممن هو أصغر منهم؟ أم كيف الحال!؟([33])

وعلى كل حال أتذكر عند ذلك قول الشاعر:

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** ولن تلين إذا كانت من الخشب([34])



وإني أحمد الله تعالى على أن أنقذني من أسر التقليد، وصرت إذا رأيت تعنتهم واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أتلو قوله تعالى مذكرا لنفسي آلاء الله:(كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) [النساء 94] ، لأني كنت أرى قول فقيه: «المعتمد كذا ، أو استظهر شيخنا كذا»؛ كأنه بين دفتي المصحف،‏والله بل آكد - أستغفر الله - لأني أقول: الآية لا أفهمها مثله، ونظن كل كلمة قالها مالكي فهي من مقولات مالك، أو حنفي فأبوحنيفة أو شافعي . . . إلخ والخروج عن الأربعة كالكفر ولو أيَّده ألف حديث. والحمد الله الذي عافانا مع بقاء احترامهم ومحبتهم في قلوبنا([35]).

وأخبركم أني لما بدأت في الاستضاءة بنور الحديث ووزن خلافات الأئمة والفقهاء بالأدلة،‏وصرت أصلّي بالقبض و الرفع. . . إلخ،‏وذلك سنة ستّ عشرة وثلاثمائة وألف، أُلقيَ لي في المنام قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)لبقرة 142]، وقمت بها من المنام على لساني.

و لا تنسونا من الدعاء، و دمتم بخير و السَّلام عليكم و رحمة الله وبركاته.



في ذي الحجة سنة 1327


حافظ ودكم


محمد المكي بن عزوز التونسي










___________________

([1])انظر الرسائل المتبادلة بين القاسمي والألوسي للأستاذ محمد العجمي (101-110).
([2]) محمود حلبي بن محمد سعيد الشابندر أحد أقارب الألوسي، أنشأ مطبعة عرفت بمطبعة الشابندر طبع فيها نفائس التراث بإشارة من الألوسي.
([3])أبو عبد الله محمد المكي بن مصطفى بن محمد بن عزوز الشريف البرجي النفطي المالكي؛ المصلح المجاهد، السّلفي البصير النّاقد، الأصولي الفقيه، والمحدّث النّبيه، له عناية بالأسانيد والرواية، ورعاية بالفقه والدراية، واليد الطولى في العلوم العقلية والنقلية، والراحة البيضاء في تعاطي أنواع التعاليم الشرعية، الرَّحَّال الأديب، الشاعر اللّغوي الأريب، بلغت مؤلفاته الآفاق، وضربت لها الأكباد والأعناق، من أجَلِّ ما كتب: هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك-ط، العقيدة الإسلامية الصغرى والكبرى-ط، الأجوبة المكية على الأسئلة الحجازية-ط، توفي بالآستانة سنة 1334هــ.انظر ترجمته في شجرة النور الزكية (/1423)، فهرس الفهارس للكتاني (2/856)، الأعلام للزركلي(7/109)، معجم المؤلفين (12/49)، ترجمة المكي بن عزوز لعبد الرحمن الجيلالي مجلة الشهاب (6/216).
([4])إسطنبول حاليا.
([5]) محمد أبو الهدى الصيادي الرفاعي الحسيني المتوفى سنة 1327‏، من شيوخ الصوفية، انظر الأعلام للزركلي(6/94).
([6]) هو الشيخ مصطفى بن محمد الغلاييني، خطيب مصلح، من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، تولى رئاسة المجلس الإسلامي ببيروت،له مؤلفات منها: نظرات في اللغة و الأدب-ط، لباب الخيار في سيرة النبي المختار توفي سنة 1364‏. انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي(7/244‏).
([7]) مجلة النبراس أصدرها الشيخ مصطفى الغلاييني ببيروت لمدة سنتين في العهد العثماني.
([8]) أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل النبهاني البيروتي صوفي قبوري، من بديع ما كتب!: شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق!!
([9]) ذكر بعنوان جواهر البحار في فضل النبي المختار. انظر فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لعبد الحي الكتاني (2/1110).
([10]) لابد من تقييد الكمال بما امتدح الله به الإنسان: كالعلم، والجود، والاستقامة، أما الكمال المطلق في جميع الصفات فهو لله وحده لا شريك له، قال تعالى: (قل هو الله أحد).
([11])أحد تجار نجد وأعيانها المقيمين في البحرين، انظر «مشاهير علماء نجد وغيرهم» لعبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ (3/64).
([12]) كتاب المقنع في الفقه الحنبلي تأليف الإمام موفق الدين ابن قدامة المتوفى سنة 620.
([13]) الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق؛ كتاب فقهي من تأليف محمود محمد خطاب السبكي المالكي المتوفى سنة 1352، والكتاب مطبوع في تسعة أجزاء بالمكتبة المحمودية السبكية
([14]) جمال الدين السناني.
([15]) «الإقناع في حل ألفاظ أبي الشجاع» كتاب في الفقه الشافعي من تأليف الخطيب الشربيني.
([16]) عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي: عالم بالدين، ضليع في الأدب والتاريخ، حفظ القرآن في صباه، وتمهر في علومه. وكان حسن الصوت به، و اشتغل بالأدب مدة، واقتصر في آخر أمره على علمي الكتاب والسنة. وكان من دعاة الإصلاح سلفي العقيدة، وقورا، حسن المفاكهة، طيب النفس. من كتبه «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ط» ترجم به معاصريه، و«الرحلة» اشتمل على عدة رحلات إحداها القدسية والثانية البعلية. وله بضع عشرة رسالة في الأدب والتاريخ.
([17]) الأولى أن يطلب اللفظ الشرعي وقد جاءت في القرآن باسم المدينة، وسماها العلماء المدينة النبوية حتى تحوز الشرف، فإن كل مدينة دخلها الإسلام فهي منورة. انظر الشريط رقم (172) من سلسلة لقاء الباب المفتوح.
([18]) قال شيخ الإسلام في الواسطية: (يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة). والعرصات جمع عرصة وهي الموضع الواسع الذي لا بناء فيه، وعرصات القيامة: مواقف الحساب.
([19]) أطلق بعض الأدباء! اسم الوهابية على من وافق معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي؛ تعمية للحق، وتضليلا للخلق، ولا يزال أهل الزيغ يرمون الصالحين من عباد الله بأبشع الأوصاف تزهيدا فيهم وتنفيراعنهم، ولك في الأنبياء عبرة.
([20]) دعاء الله عند القبور بدعة شنيعة ليس لها في الشرع أصل، يشدد على فاعلها سدا لذريعة دعاء المقبور الذي هو شرك بيّن.قال الإمام مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم ويصلي. فقصد الدعاء عند القبر كرهه السلف، متأولين في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيدا».
([21]) المعتزلة فرقة إسلامية تنتسب إلى واصل بن عطاء الغزال، تميزت بتقديم العقل على النقل، وبالأصول الخمسة التي تعتبر قاسما مشتركا بين جميع فرقها، من أسمائها القدرية والوعيدية والعدلية، سموا معتزلة لاعتزال مؤسسها مجلس الحسن البصري بعد خلافه معه حول حكم الفاسق .
([22]) القدرية هم نفاة القدر، الذين يقولون: لا قدر والأمر أُنُف، أي مستأنف، وهذا ‏نفي لعلم الله تعالى السابق، واعتقاد أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها.
([23])قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: «والرافضة: هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم».
([24]) الجَهْميَّة فرقة منتسبة إلى الإسلام ظهرت في أواخر دولة بني أمية بعد ظهور القَدَريّة الأولى والمعتزلة. أنشأها جَهْم بن صفوان السمرقندي أبو محرز، من موالي بني راسب المتوفى عام 128هـ، فنسبت إليه.
([25]) عبد الرحمن بن حسن الجبرتي: مؤرخ مصر، ومدون وقائعها وسير رجالها، في عصره.ولد في القاهرة وتعلم في الأزهر، وولي إفتاء الحنفية في عهد محمد علي، توفي سنة 1237هـ.
([26])«عجائب الآثار في التراجم و الأخبار»– ط، ويعرف بتاريخ الجبرتي، ابتدأه بحوادث سنة 1100 هـ وانتهى إلى سنة 1236 هـ، وقد ترجم إلى الفرنسية.
([27]) السُّنَّةُ في ذلك أن يُسَلِّمَ إذا قدم من سفر ونحوه، أما تَقَصُّدُ القبر للسّلام عليه فلا يجوز إذ يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تتخذوا قبري عيدا»، فعن نافع قال: كان بن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه. مصنف عبد الرزاق، كتاب الجنائز، باب السلام على قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم (6724).
([28]) عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد التملي، الجزولي، الحشمي أبو زيد المتوفى سنة 1269هـ، فاضل. له مناقب الشيخ أبي عبد الله الخصيكي-ط، انظر معجم المؤلفين (5/151).
([29]) من ديوان الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
([30]) جوهرة التوحيد للُّقَّاني.
([31]) الاستغاثة طلب الغوث، قال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم).
([32]) الكرامة خوارق عادات يجريها الله على يد ولي من أوليائه، تكريما له أو إحقاقا لحق قام به. وأهل السنة يثبتون الكرامات خلافا لغيرهم من فرق الضلال كالمعتزلة ومن شاكلهم.وقد أجاد الشيخ المكي في فتح مغلق هذه المسألة في رسالته للشيخ رشيد رضا التي نشرت في مجلة المنار بعنوان «من بحث الكرامات».
([33])قد شابه قولهم قول قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم).
([34]) البيت لسابق للبربري، ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، وتمامه:
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل *** وليس ينفع عند الكبرة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** ولن تلين إذا قومتها الخشب

([35]) لا بد من إضافة تُوَجِّهُ الكلام وجهة سلمية: وهي أن المحبة تجب بقدر الطاعة والامتثال، فنحب أولياء الله ونبغض أعداء الله المناوئين لشرعه، الصادين عن سبيله.وهذا من أوثق عرى الإيمان.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 08 Feb 2012 الساعة 11:25 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 Feb 2012, 12:09 AM
أبو عبد الرحمن حسني السطائفي أبو عبد الرحمن حسني السطائفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر ::.سطيف.::
المشاركات: 75
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن حسني السطائفي
افتراضي

جزى الله الأخ الفاضل شمس الدين على ما سطرت يمينه


ورحم الله العلامة التونسي مكي بن عزوز
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 Feb 2012, 07:52 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي

وجزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 Feb 2012, 10:01 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي شمس الدين على الجهد الموفق

درّة عزيزة طيب الله فؤادك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 Feb 2012, 11:24 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي

وجزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم
شكرا على المرور المميز
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 Feb 2012, 09:12 PM
طارق ابن المبارك طارق ابن المبارك غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 59
افتراضي

بارك الله فيك على هذا المجهود الطيب وننتظر المزيد حيث ما كنت
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 Feb 2012, 03:35 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي

وجزاك الله خيرا وبارك فيك أخي
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013