منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 15 Mar 2022, 07:40 AM
أبو عبد الله حسين أبو عبد الله حسين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2019
المشاركات: 5
افتراضي وقفات مع صاحب حساب "محب الصدق وذام المراوغة" -الحلقة الثالثة-

بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع صاحب حساب "محب الصدق وذام المراوغة"
الحلقة الثالثة

انظر المرفقات لتحميل المقال pdf

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقال المتستر: "على الجميع أن يحمد علامة الديار الشيخ فركوس،...".
أقول: اعلم أنك في جملتك هذه قد أوجبت على السلفيين حَمْدَ الدكتور فركوس مطلقا، بقولك: "على الجميع"، وهذه اللفظة من ألفاظ الوجوب على ما هو مقرر أصوليا، وليس يُفْهَم منها إلا هذا حتى تأتي القرينة الدالة على غيره، ولا قرينة في كلامك تدل عليه، بل سياق كلامك يدل على الوجوب كما يفهمه "كل منصف عاقل"، فلا تُلَبِّسْ على القراء بقولك: "إنه لم يخطر ببالك الإيجاب"، فقصدك كما يقال: "اجعله في جيبك أو في ذلك الكوكب"، فأنت هنا تتكلم عن مسألة عقدية خطيرة وهي حمْد المخلوق مطلقا فكان عليك التفصيل والبيان، إذ يقبُح في هذا المقام الإطلاقُ والإجمال، وأنت مشرف على مناقشة دكتوراك في العقيدة! وأنت الذي لا يحابي في العقيدة والتوحيد أحدا! ولعل غُلوَّك وتقديسك أعماك عن قول الإمام ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية، وأنساك ما قرأته فيها غير مرة-إن كنت قرأتها!-:
فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ ... طلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ ... أذهان والآراء كل زمان

واعلم أن الحمد المطلق لا يكون إلا لله عز وجل(1) وهذا من الفروق التي يذكرها العلماء بين حَمْدِ الخالق وشُكْرِه وبين حَمْدِ خَلْقِه وشُكْرِ غيرِه، فقد سئل الشيخ الإمام ابن باز -رحمه الله-كما في تعليقه على تفسير ابن كثير-عن حمد المخلوق وشكره على الإطلاق؟ فأجاب بأن الحمد والشكر المطلقين لا يكونان إلا لله عز وجل، أما المخلوق فإنه يُحمد ويُشكر على قدر ما فيه من الصفات الحميدة والتي يرضاها الله جل وعلا.(2)
ورحم اللهُ أمَّنا أمَّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها لما قالت مُتَدَلِّلَة على زوجها وحِبِّها نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله براءتها من السماء على قلبه وحيا، فأمرها أبواها أن تقوم إليه وتشكره فقالت كلمتها المشهورة: "فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ" البخاري 4141، ترسيخا منها رضي الله عنها لمعالم التوحيد، وأن المستحق للحمد وحده هو الله العزيز الحميد.
ثم على ماذا يحمد الدكتور فركوس؟ على هذه الفتنة التي أحدثها وكان رأسا فيها ولم يأت على ما اتهم به إخوانه ببينة ولا برهان إلا ما كان من افتراء وبهتان، ورَمْيٍ للمشايخ بالمنكرات والأمورِ العظام، وهذا كله لا يرضاه الله ذو الجلال، ولا تقبله النفوس، فكيف يحمد عليه الدكتور فركوس!
قال المتستر: " ونسأله سبحانه أن يردهم إلى شيخهم وأخيهم الأكبر علامة الديار أبــي عبد المعز محمد فركوس ردا جميلا، فيرجعون بعد ذلك إلى تحلية مجلتهم بفتاواه المؤصلة".
أقول: أظن أن رجال مجلة الإصلاح لم يتركوا ركن الفتاوى خِلْوًا، ولا مِنبر الدكتور فركوس شاغِرًا، حتى يرجعوا إلى الدكتور فركوس فيُحِلُّوا مجلتَهم بفتاواه! بل حَلَّوْا هذا المنبر بمن هو خير منه وأعلم، وأفقه وأحكم، استبدلوا فتاوى العلماء الربانيين ونصائح أئمة الدين، السِّعديِّ والألباني وابن باز وابن عثيمين وربيع ومقبل ورجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بفتاوى الدكتور فركوس!، ولا أشك أنه لا يختلف سلفِيَّان ولا يتنازع سُنِّيَّان في كون هذا أفضلَ وأنفع، وأبرك وأجمع، خاصة إذا عُلِم أن الدكتور هو الذي فارقهم، وشنَّ الحرب عليهم، فأيهم أولى بالرجوع إلى الآخر! إن كان لك مُسْكَةُ عَقْلٍ وشيءٌ من الفهم يا متستر!
ولو قلنا برجوع أحد إلى الآخر لأمرنا الدكتور فركوسا بالرجوع إلى إخوانه، وذلك لأمرين اثنين:
1-لأنه هو الذي فارقهم وأبى الاجتماع بهم والجلوس معهم ومعالجة الأمور فيما بينهم، ورضِيَ بالكلام فيهم عند من يجلس إليه من العوام وغيرهم وشَحْنِ صدورهم عليهم.
2-لأن علماء الأمة الربانيين –ربيعا وعبيدا-أمروه بالاجتماع معهم للتحاور والتناصح فيما بينهم، وألا يشق صف السلفيين ويشتت شملهم.
ثم كيف يُحَلُّون مجلتهم بفتاواهُ، وقد تبيَّن أن كثيرا منها ليس له، إنما أخذه عن غيره من أهل البدع والمجهولين، وبعضِ من ينسب إلى أهل السنة والقطبيين، ناهيك عن فتاواهُ الشاذَّةِ التي تفرَّد بها عن علماء الملة وأحدث بها البلبلة في أوساط الأمة، فكان الحَزْمُ ألَّا تُنْشَرَ فتاواه ولا يُشَهَّرَ بها ويُرْجَعَ إلى الأصل العتيق والمعين الوثيق، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة".
وأما استدلالك على رجوع مشايخنا إلى الحق برجوعهم إلى الدكتور فركوس بحديث رجوع المرأةِ الناشز إلى زوجها والعبدِ الآبق إلى سيده، فاستدلالٌ في غير محلِّه، وَلَيٌّ لما دلَّ عليه الحديثُ بنصِّه ومنطوقه، ومَيْلٌ به عن ظاهر معناه وصَرْفٌ له عن صريح فحواه، فإن هؤلاء المذكورين تجب عليهم طاعةُ مَنْ فارقوهم إما بعقد زواج أو ملك يمين، لذا رتَّب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك الفعلِ الوعيدَ الشديد والزجرَ الأكيد، بعدم رفع صلاتهم، وعدمِ مجاوزتِها لأعناقهم، فأين وجه المشابهة بينهم وبين من ذكرت؟، ما لك وللقياس يا متستر! فقياسك هذا "من جنس قياس الربا على البيع، والميتةِ على المذكّاة، والتحليل الملعون فاعلُه على النكاح "(3)، فابحث عن دليلٍ آخرَ تستدِلُّ به على تَنَطُّعِك وتقديسك وتَشَدُّقِك وتقليدك، فإن هذا الدليل ليس يُسْعِفُك، فإنك تمشي في هذه الفتنة التي ذهبت بعقلك وغيَّرت في تفكيرك على طريقة "تكلم واعتقد ثم استدلَّ واستشهِد".
وعلى فَرْضِ صِحَّةِ قياسِك، وصوابِ تشبيهِك، فإن المفارق لهم قال عنهم: "طلقتهم بالثلاث" وأظن أنه غيرُ خافٍ عليك حكمُ المبتوتة!
وكلامك هذا يَجُرُّنا أيضا إلى الكلام عن تعليق فؤاد عطاء الله السوفيِّ نزيلِ الجوفِ بالمملكة العربية السعودية على مجلة الإصلاح وقت صدورِها أيامَ الفتنة، فحكمَ عليها "بالحزبية" لكونها لم تذكرْ فتاوى شيخِه المقدَّسِ فيها، فأقول له مثلَ ما قلتُ لك، وأزيده فأقول: تالله إن كلامك هذا هو عين الحزبية، وهو يدل على جهلك بالحزبية، وواجبٌ عليك شرعا التوبةُ والتبرؤ منه.

قال المتستر مستدلا على أن مجرَّد الطعن في الدكتور فركوس يكون صاحبه من أهل البدع بقول أبي زرعة رحمه الله تعالى: "علامةُ أهل البدع الوقيعةُ في أهل الأثر".
أقول: مالك لا تكاد تفقه ما أقول لك، إن ما حصل بين الدكتور فركوس وبين بعض مشايخ الإصلاح لا يعدو أن يكون من قبيل كلام الأقران وهو من جملة ما يطوى ولا يروى، كيف! والدكتور كان هو البادئَ وكان هو أظلمَ وأطغى.
أما استدلالك بأثر أبي زرعة على وَسْمِ من طعن من مشايخ الإصلاح أو غيرِهم في الدكتور فركوس بالبدعة وجَعْلِ ذلك "من المعلوم بالضرورة من أصول السلفية"، فهذا من جملة الأدلة على جهلك بفهم آثار أهل السنة وما أكثرَ جهالاتِك بها!، فقد كلَّمتُك سابقا لما أتيتني بهذه الشبهة لِتَدِينَ بها مشايخَنا فقلت لك ناصحا ومُوَجِّها ولهذه المقولةِ مُوَضِّحا: إن هذا الأثر ليس محلُّه في طعن أهلِ السنة بعضِهم في بعض، لأن الطعن الحاصل بينهم ليس الحاملُ له هو بُغْضَ السنةِ والأثر، فقد يكون الدافعُ له اتباعَ الهوى والحسدَ وسوءَ الفهم وغيرَ ذلك من الأعذار، ولكن كما قال الحافظ ابن عبد البر وهو يصف حالك في هذا الباب: "قد غلط فيه كثير من الناس، وضلت نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك"(4) وعليه فليس يتمشَّى هذا الأثر في هذه الفتنة، إذ ليس مُجَرَّدُ الطعنِ في أهل السنة يُصَيِّر صاحبَه من أهل البدعة.
هذا، وقد أورد الحافظ ابن عبد البر في جامعه طَرَفًا من كلام العلماء بعضِهم في بعض من الصحابة فمَن بعدهم من التابعين وأتباعهم ثم قال: "فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمةِ الأثبات بعضِهم في بعض فليقبل قول...من ذكرناه في هذا الباب ما ذكرنا عن بعضهم في بعض فإن لم يفعلْ ولن يفعلَ إن هداه الله وألهمه رشده فليقف عند ما شرطنا في أن لا يقبل فيمن صحَّت عدالته وعلمت بالعلم عنايته، وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتصاون وكان خيره غالبا وشره أقل عمله فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به، وهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله ... ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما ندر من بعضهم في بعض على الحسد والهفوات والغضب والشهوات دون أن يعني بفضائلهم ويَرْوِيَ مناقبهم حُرِمَ التوفيق ودخل في الغيبة وحاد عن الطريق جعلنا الله وإياك ممن يسمع القول فيتبع أحسنه"(5)، وأنا أشهد أن الدكتور فركوسا تكلَّم في إخوانه بالباطل ورماهم بالعظائم، ولم يأت على ما قال بدليل قائم، فإن قال قائل: وهل يحتاج إلى أن يأتيَ ببرهان على ما قال وأخطاؤهم صارت مكشوفة للعِيان لا ينكرها أحد حتى العُميان، فأقول: رحم الله شيخنا أبا عبد الله عمر الحاج مسعود حفظه الله تعالى حيث قال عن المفرِّقة رؤوسا وأتباعا: "صاروا يبحثون في خطب مشايخنا ودروسهم، بل يتتبعون عوراتهم ويتتبعون مجالسهم...، وفي الحقيقة كان الأمر ضدَّهم، لأن هذا الوقت أظهر لنا أخطاءهم وعيوبهم، فظهرت وقد كانوا مستورين"(6)، وقد فتَّش الناس عن أخطاء الدكتور فركوس ووزيريه جمعةَ وأزهرَ فوجدوها تفوق أخطاء مشايخنا بأضعاف مضاعفة، كثنائهم على الملحدين وأهلِ البدع وتحقيقِهم لكتب المبتدعة وبيعِها، بل "انقلب السحر على الساحر"، فما رمَوْا مشايخَنا بشيء من ذلك إلا كانوا هم المتصفين به المتشبِّعين منه كالسرقات العلمية والتأكل بالدعوة والجلوس مع المخالفين والمبتدعة، ولكل واحد منهم أمثلة حية، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم مِن رواية ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هذا الْمِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، وَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْ عَوْرَةَ الْمُسْلِمِ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ ولوْ في جَوْفِ بَيْتِهِ"، أخرجه ابن حبان في صحيحه 5763.
قد يقول قائل: إنك تبالغ في هذا الوصف، فأقول: كَلَّا، فقد شهِد على صدق ما قُلْتُ أحدُ رؤوسِ الفتنة عندنا وأقرَّ الشيخَ ربيعا حفظه الله عليها، بل قال له تصديقا لها ومُقِرًّا بها لما قال له الشيخ ربيع حفظه الله: "أخطاؤكم تفوق أخطاءهم" فقال له جمعة: "بارك الله فيك"، ومرادُ جمعة بهذه الجملة الموافقةُ والإقرار، كما قرره جمعة نفسُه لما قرأ رسالته "رسالة إلى خالد حمودة ومن على شاكلته" على الشيخ ربيع فقال له عند ختمها: "بارك الله فيك" فخرج جمعة من عنده وهو يقول وافقني الشيخ ربيع على ما فيها لأنه قال لي "بارك الله فيك"!.
وحتى تفهم-وأرجو ألا أعيد الشرح عليك ثانية، لأنني أفهمتك ذلك في مجلسٍ سَبَق فسكتَّ كما هي عادتك، لكنك أبيت اليوم إلا المعاندة والمكابرة-فأقول لك: إن المراد بأثر أبي زرعة هو ما كان من أهل البدع الذين أعيتهم السنن والآثار، فلمَّا لم توافِقْ أهواءهم طعنوا في أهلها، ونفَّروا الناس منهم لأجل تمسُّكهم بها وانتسابهم إليها، لذا تجدونهم يُعَيِّرونهم بها كقولهم عن أهل السنة: حشوية، مجسمة، مفوِّضة،...في سلسلة طعونات معروفة.
قال الإمام ابن حبان في كتابه الثقات (6/212-213) عند ترجمته لحماد بن سلمة مُوَضِّحًا هذه الآثار شارحا لهذه الأخبار: "ولم يكن من أقران حمادٍ مثلُه بالبصرة في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لأهل البدعة ولم يكن يثلبه في أيامه إلا قدري أو مبتدع جهمي لِمَا كان يُظْهِر من السنن الصحيحة التي ينكرها المعتزلة"، فقد بيَّن رحمه الله وغفر له العِلَّة من كون لا يطعن في حمّادٍ إلا جهميٌّ أو قدري، وذلك لأنه رحمه الله تعالى كان يروي الأحاديثَ التي ينكرونها وينشُر الآثار التي ترد على اعتقادِهم السَّيِّء وتَدْحَضُ مذهبهم الرديء، وقد حصل لعبد القادر حري المسكين من الفهم السقيم لهذا الأثر ما حصل لك فأورده في كتابةٍ له بعنوان: "المتَّهمون عند أهل السنة" وجاء فيها قوله: "2-قد يقولون ومن مثل حماد؟ والجواب: لكل زمان حماده والعبرة بالمنهج لا بالأشخاص"، وهو إنما يعني بهذا الدكتور فركوسا ويُعَرِّض بمشايخ الإصلاح ومن وقف معهم، -وإن كان قبلُ يَلْمِزُ الدكتور فركوسا في منهجه، وأنه لا يسأل في مسائل المنهج!- وهذا عنوانُ جهلِه بآثار السلف ويدل على الفوضى العلمية التي أنتجتها هذه الفتنة العِمِّيَّة، فأخرجت لنا أمثالَك وأمثالَ عبد القادر حري وإبراهيم بويران ونور الدين يطو(7) وعبد الصمد سليمان، وغيرِهم ممن يسيء فَهْمَ الأحاديثِ النبوية وتنزيلَ الآثار السلفية، فإلى الله المشتكى، وعلى أمثال هؤلاء ربيعةُ الرأيِ بكى.
ومن الأمثلة الشاهدة في هذا الباب طعْنُ البوروبي في الدكتور فركوس، فلا شك أن طعْنَه فيه إنما كان الحاملُ عليه هو بغضَهُ لِمَا كان يُظْهِرُه الدكتور فركوس من عقيدة ينتمي بها إلى السلفية وينتسب بها إلى السنة، كما تدل عليه صوتياتُ البوروبي اللئيم وكتابُه الرَّكِيك العقيم.
أقول: هذا هو حماد بن سلمة رحمه الله تعالى الذي يُشَبَّه به الدكتور فركوس! قلْ لي بربِّك: أين وجهُ الشَّبَهِ بينهما، فحماد بن سلمة رحمه الله تعالى معروف بشدته على أهل البدعة والدكتور فركوس شديد على مشايخ أهل السنة ودعاتها، وفي المقابل متساهل مع من يبيع كتب البدعة ويحقِّقها ويثني على المخالفين والمبتدعين، بل حماد بن سلمة رحمه الله تعالى مشهور بروايته لأحاديث السنة المثبتة للعقيدة السلفية السليمة، والدكتور فركوس لا يُعْرَف له قراءة لكتب السنة كالصحيحين والسنن الأربعة والمسانيد وغيرها، وكذلك كتب العقيدة كشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للَّالكائيّ والشريعة للآجرِّيِّ والإبانة لابن بطة العكبري وغيرها، فضلا عن أن يشرحها ويردَّ بها على أهل البدعة.
ولا تقل لي: قد شرح الدكتورُ عقائدَ ابن باديس! فأقول: إنه لم يزدْها إلا تطويلا وتعقيدا، لا تأصيلا وتقعيدا، ولولا أن الشيخ العلامة الناصحَ ربيعَ بن هادي المدخليَّ حفظه الله تعالى نصحه بأن يهتم بالعقيدة والتوحيد تعلُّمًا وفهْما ثم بعد ذلك تعليما ونَشْرا، لما رفع بهما رأسا ولا ما تناول عقيدة ابن باديس شرْحا، ولكنه انبرى إليها استحياءً، كما كان يقول ذلك نجيب جلواح عنه وهو حافظ سرِّ الدكتور فركوس! وأخبرُ الناس به وأقربُهم إليه.

أما عن طعن مشايخ الإصلاح المزعومِ في الدكتور فركوس الذي يتناقله الناس عنهم، فيمكن تقسيمه إلى قسمين:
القسم الأول: طعنهم فيه قديما، وأقصد به أيامَ فتنةِ فالحٍ الحربي، فإن مما أشاعه الدكتور فركوس عن بعض مشايخ الإصلاح(8) في فتنته هذه، أنهم كانوا يطعنون فيه أيام فتنة فالح، وهذه الجملة يمكن الكلام عنها من ناحيتين اثنتين، من ناحيةِ صِدْقِ الخبر ومن ناحية كذبه:
فأما الناحية الأولى: فيُحكَم على الخبر أنه كذب غير صحيح، وأنا أشهد أن كُلًّا من المشايخ: عوسات وعيسي-حفظهما الله-كانوا يُحْسِنون الثناء عليه ويدافعون عنه، فهؤلاء الذين كنت أحضر دروسهم ومحاضراتهم، وألتقي بهم في بعض الأحيان وأسألهم، فأما الشيخ عبد الخالق فلم تكن تربطني به علاقة تلك الأيام، ومن كان يعرفه لا يحفظ عنه كلاما في الدكتور فركوس.
وأما الناحية الثانية: فأن يكون الخبر صحيحا لا غبار عليه، فهذا أدهى وأمرّ لأن حالهم لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكونوا تابوا من ذلك ورجعوا، واستسمحوا الدكتور فركوسا واستغفروا، فحسُنَت حالهم واستقام أمرهم واجتمعوا فيما بينهم كما كان شأنهم، فيكون الدكتور فركوس قد آخذهم بما غفر الله لهم وتكلم فيهم بما تاب الله عليهم، وهذا لا شك في كونه منهجَ الحدادية، بل من خصوصيات منهجهم.
الحال الثانية: أن يكونوا بَقَوْا على طعنهم واستمرُّوا في غَيِّهِم!، فلا تَمُرُّ بهم فرصةٌ إلا ويطعنون في الدكتور فركوس! "الذي من يطعن فيه كان من أهل البدع، لأنه من المعلوم من الدين بالضرورة"!(9) والشيخ مع ذلك ينصح بهم ويشيد بأعمالهم ويثني على جهودهم ويذكر أنهم نصحوا المخالفين، وبَقِيَ مُستمِرًّا في العمل معهم في المجمع طيلة عَقْدٍ من الزمن، بالكتابة في المجلة وإصدار البيانات معهم في النوازل المدلهمة إلى آخر يوم فارقهم فيه وهم لا يزالون على ذلك المنهج المخالف!، بل كتب في موقعه الرسمي أنه "تَجْمَعُه بهم وحدةُ العقيدة وصفاءُ المنهج"(10)، فيكون بفعله هذا قد غشَّ الأمة ولم يَمْحَضْ لها النصيحة، وهذا لا شك في كونه منهجَ المميِّعة.
فاختر لشيخك "العلامة الناقد النحرير المتفرس البصير" أحدَ المنهجين الذي هو أولى به، ولا إخاله إلا جمَع المنهجين وتاريخُ دعوتِه خيرُ شاهد وفتنته هذه أكبر دليل على ذلك.
أما القسم الثاني: وهو طعْن مشايخِ الإصلاح في الدكتور فركوس أيام اجتماعهم في دار الفضيلة، وهذا أيضا لا يخلو من ثلاثِ أحوالٍ، ذكرتها لك في مجلس من المجالس التي كنا نعقدها أنا وأخي الحسن لنصحك، أعيده عليك الآن بشيء من التفصيل ورفعٍ للإجمال:
الحال الأولى: أن يطعنوا في منهجه ويتكلموا في عقيدته اللذين كان يمثل بهما الدعوة السلفية النقية!، فهذا لا يُتَصَوَّر منهم، إذ كيف يفعلون ذلك والعقيدة السلفية النقية هي التي كانت تجمعهم وعنها يصدرون في بياناتهم، فتبيَّن أن هذا لم يحصل أصلا ولم يقع بتاتا.
الحال الثانية: أن يتكلموا عن فتاواه ويتناقشوا فيها، سواءٌ عند حضوره أو أثناءَ غيابه، فهذا لا شيء فيه بل قد يكون من النصيحة له، وهو إنما كتب ما كتب، إلا ليقرأ الناس ذلك فمن مخالف ومن موافق، ومِن متعصب له ومن منتقِد، والحكم في ذلك إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح، وليست كتاباتُه ولا كتاباتُ غيرِه -سواء كانوا من الأئمة أو من غيرهم فضلا عن أمثاله-معصومة ولا من السماء مُنزَّلة، حتى يُسَلَّم لها ولا يُتَكَلَّمَ فيها، ويكونَ من انتقدها قد طعن في أصحابها فضلا عن أن يكون طعن في المنهج والسنة ويصيرَ من أهل البدعة!، هذا إذا كانت هذه الفتاوى والكتاباتُ من خالص اجتهادِه وما أدّاه إليه استنباطُه وانتهى به تفكيرُه، فكيف إذا كانت مسروقة قد أخذها عن غيره أو حشاها بكلام أهل البدع في المعتقد وغيره.
ويَحْسُن في هذا المقام إيرادُ صورة من صور طعن مشايخ الإصلاح في الدكتور فركوس كان يتداولها المتعصبة الجهلة وقد حدثتني أنت بها مرة، وهي أن الشيخ عثمان حفظه الله تعالى سئل عن مسألة فأجاب، فقال له السائل: الشيخ فركوس يفتي بخلاف إجابتك، فقال له الشيخ عثمان مغضبا: الشيخ ابن باز يفتي بما أقول، فكان هذا طعنا في الدكتور فركوس عند المفرقة!
ومرة وقع للشيخ عثمان حفظه الله تعالى أن رفع صوته بمجمع من المشايخ، أيام أن كان رئيسا على اجتماع المشايخ في دار الفضيلة لأمر يخص الدعوة، ولكنه سارع واستسمح المشايخ عن خطئه، غير أن المفرقة أَبَوْا إلا أن يطعنوا فيه بها، ولكنه منهج الحدادية، بل الأخس منه!
وقصة أخرى للشيخ الأستاذ الدكتور رضا بوشامة حفظه الله تعالى وذلك لما جعلوا على غلاف مجلة الإصلاح عَلَمَ الجزائر، غضب الدكتور فركوس من ذلك وردَّ المجلة ولم يقبلها وعاتب المشايخ عليها، وقال لهم: إن العلم يمثل الديموقراطية والنظم الكفرية و...، فكان من جملة من ناقشه فيها الشيخ الأستاذ الدكتور رضا بوشامة حفظه الله تعالى فقال له بأدب: إنك مخطئ في تقريرك هذا، لأن هذا العلم يمثل الدولة التي ينتسب إليها الشخص، وليس وراءه شيء مما تريد أن تقرره، وأنت تحمل تحتك بطاقة التعريف الوطنية وتسافر بجواز السفر وفيهما صورة هذا العلم، فسكت الدكتور فركوس وقال: "تبقى محلَّ شبهة"، وما زاد على ذلك كلمة، فلما خرج من الاجتماع ذكر للمقربين إليه أنه أساء معه الأدب، وتناقل الناس عنه ذلك ومنهم أنت، ولكنها بصيغة أخرى: وهو أنه رفع يده ونكَّتها عليه وقال له بصوت رفيع: "راك غالط"، فلما سمعنا بهذا أتيت أنا وأخي الحسن شيخنا أبا عبد الله عمر الحاج مسعود حفظه الله تعالى فذكرنا له الخبر، فاستغربه كثيرا وقال لنا بالحرف: "أشهد أن طَبْعَ الشيخ رضا بوشامة هادئ" وقال لنا أيضا بالحرف: "أشهد أنه يعامل الله فينا، ولا أزكيه على الله تعالى"، ونفى أن يكون خاطبه بهذا الأسلوب المتناقل عنه، وقال: "إنما هي مجالس كنا نجلسها للمناقشة"، وهذه شهادة معاين لمحل الحادثة، ومن هو في الصدق والأمانة.
الحال الثالثة: أن يتكلموا في شخصه ويطعنوا في ذاته، فهذا مما نعيذهم بالله منه ونُنَزِّهُهم عنه، وإن قُدِّر وأن حصل شيء من ذلك ولم يكن ديدنا لهم، فنسأل الله أن يغفر لهم ويعفوَ عنهم، ولا تعدو هذه المعصية أن تكون من الذنوب التي تحت المشيئة، ولا يقال فيها أكثر من ذلك، ونجيب جلواح على ما أنقل شاهد!؟.
وهذا يدلنا على أن فرية الطعن في الدكتور فركوس مُجرَّدُ أوهام ووسواس دفع إليها الهوى وحظوظ النفس، نسأل الله أن يسلمنا من ذلك.
وأنا أشهد على مشايخنا الذين كانت تربطني بهم صلة ومنهم الشيخ عبد الخالق ماضي الذي أكثر الناس من الطعن فيه لأجل الدكتورِ فركوس، أنه حفظه الله كانت تجمعني به مجالسُ خاصة وأخرى عامة فيأتي ذِكْرُ الدكتورِ فركوس فلا أسمع منه وفقه الله إلا إكبارَه للدكتور واحترامَه له والإشادة به، ومن زعم غير ذلك فليأتِ بشهادته ووجهِ الطعن فيه، أما ردُّ فتاواه وانتقادُها فإن أهل العلم لا يزال بعضُهم يرد على بعض، ولم نسمع عن أحد منهم جعل ذلك طعنا في الآخر، ولا يقول ذلك إلا متعصب جاهل.
قد يقول قائل: قد سمعنا بآذاننا طعْن الشيخ عبد الخالق ماضي في الدكتور فركوس!
فيقال لهم: نعم، فقد سمع الناس أيضا طعن الدكتور فركوس في الشيخ عبد الخالق ماضي، وكلامنا نحن عن طعن الشيخ عبد الخالق ماضي في الدكتور فركوس قبل الفتنة لا أثناءها، فطَعْنُ الشيخ عبد الخالق ماضي وغيرِه من مشايخ الإصلاح في الدكتور فركوس طَعْنٌ متبادَل، حصل أثناء الفتنة، بل طعن الدكتور فركوس فيهم أعظم، إذ كان هو البادئ وهو الظالم، ولأنه طعن في دينهم وأخلاقهم.

قال المتستر واصفا الدكتور فركوسا: "قال العلامةُ النَّاقدُ النِّحريرُ المُتفرِّسُ البصيرُ، في نصيحته وتوجيهه إلى منتدى التصفية والتربية تلكمُ النَّصيحةُ التي تُعتبر مَتْنًا جامعا لهذه الأحداث، والتي حرَّرت محلَّ النِّزاع، وأبانت محور الخلاف"
أقول: كلامي عنها من جهتين:
أما الجهة الأولى فقولك عن الدكتور فركوس: "العلامةُ النَّاقدُ النِّحريرُ المُتفرِّسُ البصيرُ"، فأقول: لا تَغْلُ يا متستر، فلسنا نعرف الدكتور فركوسا إلا أستاذا جامعيا له اهتمامٌ بالفقه وأصولِه، أما أن يكون ناقدا بصيرا فدون ذلك خَرْطُ القتاد، فقد تبيَّن من خلال هذه الفتنة وظهر بجلاء أنه تنكَّب طريقَ العلماء الراسخين وضلَّ السبيل الذي عليه أئمةُ الجرح والتعديل، فلم نقرأ له في هذه الفتنة إلا الألفاظَ البدعية والمصطلحاتِ الفضفاضةَ المطّاطية، ولم نسمع منه إلا الاتهاماتِ الكاذبة والأحكامَ الجائرة المبنيَّةَ على الظنون الخاطئة.
وقد قرأنا كتبه ورسائله ونظرنا في فتاواه وتصفَّحنا موقعه، فلم نجده يتكلم في الفرق بَلْهَ الأشخاصَ إلا ما كان نقلا عن غيره من العلماء أو أهل البدع والأهواء، كما في كتابته عن القاديانية والعلمانية وغيرهما.
ومنهج الدكتور كما هو معلوم عند الخاص وهو غير خافٍ عليك، أنه لا يتكلم عن الأشخاص وإنما يكتفي بانتقاد الأفكار؟! وإلا فاذكر لي من تكلَّم فيه بعينه وحذر منه بشخصه في صوتية أو كتابة، ولا تأتني بجعجعاته المسربة ولا غمغماته المكتوبة فإنها لم تَزِدِ الرَّعاعَ إلا حيرة والفتنةَ إلا طولا.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف يُطلَق عليه بعد هذا وصفُ "الناقد البصير" وقد علمت من منهجه ما علمت؟
وهذا الحكم ينسحب على عبد المجيد جمعة شريكه في هذه الفتنة من باب أولى الذي ينفث سمومه بين الشباب وأتباعه خفية، فإني رأيتك تصفه كذلك ببعض الأوصاف السابقة(11).
فإن أردت أن تنظر إلى صاحب هذا الوصف بحق وتتعرف على من يُلَقَّبُ به بصدق، فما عليك إلا أن تُقَلِّبَ مُقْلَتَيْك وتُمَتِّعَ ناظريك بالقراءة في كتب العلامة المحدث قامعِ أهل البدع وفاضحِ الأحزاب والفرق ربيعِ بن هادي المدخليِّ الذي هو صاحب هذا اللقب "العلامةُ النَّاقدُ النِّحريرُ المُتفرِّسُ البصيرُ" بلا منازع، في ردوده على أهل البدع بشتَّى أصنافِها ونُصرتِه لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ودفاعِه المستميتِ عن حِياضها، فجزاه الله خيرا وسقاه من حوض نبيِّ الرحمة ورَفَعَ درجته في الجنة.
وارجع إلى "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين" من كتاب التوحيد لإمام الدعوة النجدية محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، نعم! بشرح الشيخ العلامة الفقيه ابن عثيمين عليه، واقرأه بتجرُّد وتمعُّن وبنية الشفاء والتطهُّر، لعلك تُنْقِص من حِدَّة غلوك.
وأما الجهة الثانية: فقولك عن نصيحته إلى منتدى التصفية والتربيةبأنها: "حرَّرت محلَّ النِّزاع، وأبانت محور الخلاف".
فأقول: أين يُذهب بك يا متستر؟، فليس ما جاء فيها هو محلَّ النزاع ومحورَ الخلاف، بل أتى بذلك ليَذُرَّ الرماد في العين، وإنما محل النزاع ومحور الخلاف ما أخبرك به الدكتورُ نفْسُه لما ذهبت إليه مرتين، وجئتنا من عنده بخبرٍ يقين، حيث قال لك كلاما ظاهرَ الْمَيْن:
1-إذا دخلتُ على مشايخ الإصلاح تظاهروا باحترامي وتبجيلي، وقاموا بمصافحتي وتقبيل رأسي، وإذا خرجتُ من عندهم تكلَّموا فيَّ، وقال بيديه حاكيا حالة التقطيع.
2-إنهم تتبعوا عورته حتى بلغ الأمر بهم إلى أن صوَّروا ابنه!؟.
3-أقسمتَ لي بالله أنك لا تُخْبِرُني بها وطلبتَ مني أن آتيَ الدكتورَ فركوسا وأسأله بنفسي عنها، ولست أدري لماذا لم تُخْبِرْني بها ألأنك كنت في شكٍّ منها أم هالك خبرُها، وأطمئنك أنها وصلتني عنه من طريقك ممن أخبرته بها وطريقِ غيرِك ممن سمعها منه، وهي فرية 4000000،00دج (أربع مئة مليون سنتيم) الصلعاء التي انتشرت بين الجهلة المساكين انتشار النارِ في الهشيم، ويكفي في ردِّها وبيانِ بطلانها اضطرابُ كلام مفتريها وتناقضُ أخبار ناقليها، فمرَّةً أن مشايخ الإصلاح أخذوها وزيادةً عليها من أرباب الأموال باسم الدكتور! خالصةً لهم من دونه!؟ وقسموها فيما بينهم دون غيرهم كما في صوتية الدكتور فركوس المسربة(12)، ومرة أخذ هذا المبلغَ من بلاط! الشيخان الفاضلان والمربيان العفيفان عزُّ الدين رمضاني وعبدُ الخالق ماضي -حفظهما الباري ولا نزكيهما على الله المتعالي- فأخذا ثُلُثَيِ المبلغ لصالح أنفسهما ودفعا الثلث الباقيَ لدار الفضيلة كما في رواية أحمدَ القِرياتيِّ عنه(13)، وفي أخرى أنهم أقاموا حفلا تكريميا لحفظة كتاب الله تعالى في فندق تُقَدَّر تكاليف هذا الحفل بـ400000،00دج (أربعين مليون سنتيم) فطلبوا من أرباب الأموال أن يُسْهِموا في هذا الحفل والذي قدَّروه لهم على زعم الدكتور فركوس بـ4000000،00دج (أربع مئة مليون سنتيم) كما بلغتني روايتُك عنه وأخبرني بها من سمعها منه، وناتجُ هذه المعادلة أنهم استعملوا المبلغ المطلوب للحفل التكريمي والمقدر بـ:400000،00دج (أربعين مليون سنتيم) واستَوْلَوْا على الباقي المقدر بـ3600000،00دج (ثلاث مئة مليون سنتيم وستين مليون سنتيم).
فهذه هي طرق القصة التي أمكنني جَمْعُها واستطعتُ تحصيلَها، وقد تكون رواياتٌ أُخَرُ لم أذكرْها لعدم الوقوف عليها.
المهم أن هذه القصة ظاهرة البطلان واهية الأركان يشهد على ذلك تذبذب مخرجها واضطراب حملتها وتضادُّ أخبارِها، ولا يمكن حَمْل بعضِها على بعض كما رام إلى ذلك المتعصبة، إذ ذلك متعسِّرٌ على النقدة المهرة فكيف بالرَّعاع الجهلة، ناهيك عن تقويتها! خاصَّة وأن مخرجها واحد وهو الدكتور فركوس وأبهم من أخبره بها ولم يذكر لنا صاحبها، وعُلِمَ أن بعض من نُسِبَتْ إليه هذه الفرية أنكرها كما فعل ذلك بَلَّاط(14)، وتبرَّأ منها من رُمِيَ بها بل أقسم على عدم صحتها كما هو حال الشيخين العفيفين عزِّ الدين رمضاني وعبدِ الخالق ماضي-حفظهما الباري-، وعليه فلا يستطيع أن يقول هذه القصة إلا من نُسِبَت إليه وقَلَّ حياؤه وتعظيمه لربه.
فلما أكملت من قصك الخبر وأتممت نقلك هذا الأمر الجلل!، قلت لك أنا سائلك فهل أنت مجيبي؟ فقلتَ لي: نعم، فقلتُ لك: الذي تنقله عن الدكتور فركوس-وأنت الثقة في النقل عنه الحافظ لما ترويه عنه-هل هو مسألة منهجية بحتة أم هو مسألة شخصية؟ فبُهِتَّ وسكت، فقلت لك: أعيد عليك السؤال ثانية، الذي تنقله عن الدكتور فركوس هل هو مسألة منهجية بحتة أم هو مسألة شخصية؟ فَبُهِتَّ وسكت ولم تنبس ببنت شفة، فقلت لك: "عندك غلوٌّ في الدكتور فركوس ومحمد المدخلي"، فبقيت على سكوتك مبهوتا ولم ترجع إلي جوابا.
وكان عليك حالتئذ أن تجيب بـ "نعم" أو "لا"، فإذا أجبت بالأولى دل على جهلك بمسائل المنهج وأنك لا تفهم منه شيئا، كما هو حالك الآن.
وإن أجبت بالثانية وهو الجواب الذي كان عليك أن تجيب به خُصِمت.
لكنك آثرت السلامة فلم تجب بـ "نعم" ولا بـ "لا"، فقلت في نفسي لعلَّ هذه الكلمةَ تكون لك رادعة، ومن التقديس والغلو الذي تعيشه مانعة، {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
وثَمَّ مؤاخذةٌ مهمة جدا لم يذكرها لك الدكتور فركوس وهي أن اسمه لم يكن يظهر في غلاف مجلة الإصلاح إلا في الشريط الأصفر السفلي، وهذا في الحقيقة هَضْمٌ لجناِبه وعدم تقديرٍ له! وقد أفصح عن هذا جمعةُ كما في رسالة واتس آبية(15) وكما كان ينقله نجيب جلواح إلى من كان يجلس معه ويصدقه من الإمَّعة والأوباش.
وقبل أن أختم هذه النقطة أريد أن أناقشك في هذه الجملة التي نقلتها عن الدكتور فركوس، وهي في هذه الفتنة جِدُّ مهمةٍ وخدمتِ الدكتورَ فركوسا أيَّما خدمة، فأقول:
ما يتعلق بطعن المشايخ في الدكتور فركوس:
أولا: أسألك، من أخبر الدكتور فركوسا بطعن المشايخ فيه؟ لا شك في كونه "جلواح نجيب" ذاك المخلوق الغريب والكائن العجيب -اللِّي كانْ يَدِّي الكْلامْ ويْجِيبْ-(16)، "اللُّقَيْطى الخُلَّيْطى"(17)، فهو الرجل السِّرُّ والشخص الغامض في هذه الفتنة، الذي له الأثر الكبير في شحن صدر الدكتور فركوس على مشايخ الإصلاح خاصة، فالله حسيبه.
أما ابنُ الدكتورِ فركوسٍ المقيمُ في المدينة، فلك أن تسأل ابنَ خالتك عبدَ الرحيم بورابة القابعَ في المدينة عن منهجه، فهو الثقة عندك في نَقْلِ أخبار المدينة لك! سَلْهُ عن أصحاب ابنِ الدكتور فركوس ورفقائه وعند من يحضر ومع من يجتمع و...، هذا وقد أرسل الشيخ العلامة الناصح ربيع بن هادي المدخلي رسالةَ نُصْحٍ إلى الدكتور فركوس عن طريق بعض مشايخنا الذين يطعن فيهم الدكتورُ فركوس اليوم، نصَحَه فيها بأن يُخَلِّصَ ابنَه من بَراثِن مميعة المدينة الذين احتووه، فسارع الدكتور فركوس إلى المدينة وأحضر ابنه عند الشيخ العلامة ربيع في بيته ليدفع عنه تهمة التمييع.
ثم يأتي من بعد ذلك ويجعل ابنه من جملة الأمور المنهجية التي يدين بها مشايخ الدعوة السلفية، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وقد سألنا مشايخنا عن حقيقة تتبعهم لابنه، فأجابوا كلُّهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون، ما يكون لنا أن نفعل هذا ونعوذ بالله أن نصل إلى هذا المستوى.
نعم! هذه هي أدلتك يا دكتور فركوس، أمور نفسية وقضايا شخصية ليس إلّا، أَلبستَها لَبوس المسائل المنهجية وأعطيتَها صِبْغَة دينية، حتى تَرُوج في سوق الجهلة والمتعصبة والرعاع والمقلدة، ولكنها ولله الحمد لم تقم عند الصيارفة من العلماء النقدة وطالبي صِحِّةِ الدعوى بالأدلة، ووالله إن القلب ليعتصر ألما وإن العين لتسيل دمعا لما آلت إليه الدعوة السلفية في الجزائر وغيرها وإلى المستوى المنحَطِّ الذي وصل إليه رموزُها! ولمثل هذه الحقيقةِ المفضوحة! ولكنه الدين وأعراض المظلومين.
ولعلك يا متستر لَمَسْتَ ذلك في كتاباته وكلامه، فإنه يؤكِّد كثيرا على الطعن في شخصه والانتقاص من قدره، وعدم توقيره وقلة احترامه، كما ذكر ذلك لك ولغيرك وكما في مناقشته لصالح بن زيان حيث قال له عن مشايخ الإصلاح: "تابوا من الطعن فيَّ!..."، وكذلك في مقاله الشهري المعنون بـ"تبيين الحقائق للسالك لتوقي طرق الغواية وأسباب المهالك": "فكلُّ من جرت على لسانه -طعنا وظلما في شخصي ومنهجي-، فلا أجعله في حِلٍّ وأنا خصمه يوم القيامة"، وكذلك في مقاله الأخير "شهادة للتاريخ" مُتَكَلِّما عن نفسه: "...وذريعة للمساس بالمخالف والطعن في عرضه ومنهجه بغير وجه حق"، ولما جاء الكلام عن عبد المالك رمضاني لم يُرَكِّزْ إلا على طعنه فيه وتعريضه به، ولم يُعَرِّجْ على المسائل المنهجية التي خالف فيها الحق وجانب فيها الصواب، والصُّوَرُ في ذلك كثيرة والأمثلة وفيرة، وليست تخفى على من حضر مجالسه الفجرية، كيف يُقَدِّم أموره الشخصية على المسائل المنهجية، ولا تقل لي يا متستر: إن "الواو" في مقاله لا تفيد الترتيب وإنما تفيد مطلق الجمع، فيقال لك فإنها وإن كانت "لا تدل على الترتيب ولا التعقيب، تقول: صمت رمضان وشعبان وإن شئت شعبان ورمضان بخلاف "الفاء" و"ثم"، إلا أنهم-أي: العرب-يُقَدِّمون في كلامهم ما هم به أهم وهم ببيانه أعنى وإن كانا جميعا يَهُمّانهم ويَعْنِيانهم" كما قرر ذلك سيبويهِ في كتابه(18)، فهذه بعض دلالات حرف "الواو" وأحكامِه عند أهل الفن، وأنت القائل في مقالك هذا "وكم لحرف العطف "الواو" من دلالات وأحكام لأهل الاعتبار"، و"كم" هذه تفيد التكثير كما هو مقرر في علم النحو وعليه فأرجو منك أن تذكر لي معانيَ أخرى لهذا الحرف لا تَقِلُّ عن ثلاثة وهي أقلُّ الجمع، فإن زدتَّ فمن عندك وما أريدك أن أشقَّ عليك ولا لأحرجك، ولكن ليعرف القراء مستواك ويقفوا على منتهى علمك وصِدْقِ دعواك.
وحيث إنك ذكرت مقال الدكتور فركوس الموسومَ بـ"نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية" والذي جاء فيه وصْفُ مشايخنا ظلما بأنهم يتاجرون بالدعوة ويتأكلون بالدين وهذا من أعظم ما رماهم به الدكتور فركوس، غير أنه لم يأتنا فيه بتعريف لهذا اللفظ المستعمَل، ولا تمثيلٍ لصُوَرِه التي ينطبق عليها فبها نحكم، وتَرَكَهُ مطلقا فكل واحد به يتكلم، وبما تملي عليه نفسه وهواه يُفَسِّر، كما هو حال هذا الباهت المتستر.
وأستسمح القراء الكرام في فتح نافذة غربية، للإطلال على جهالات رويبضة مغنية، وأقصد بالذات سليمانَ عبد الصمد الذي خرج بكتابة له بعنوان: "رفع الملامة عن الشيخ أبي أسامة" حاول فيها جهْدَه الردَّ على مقالٍ لشيخنا عمرَ وإدانةَ الشيخِ عبدِ الخالق ماضي-حفظهما الباري-بالتكسب بالدعوة، فذكر أمورا يستحْيِي من ذِكْرِها الرجالُ الفحول، وأصحابُ المروءات الذكور، فمن ذلك:
1-أن الشيخ عبد الخالق حصل له حادث في الطريق إلى الغرب وبقي عليه خمسة ملايين سنتيم يدفعها إلى من حصل له معه حادث.
2-أن الشيخ عبد الخالق لما سافر إلى ماليزيا في رحلة سياحية طلب ممن معه أن يُسْكِنوه في فنادقَ فخمةٍ ويطعموه من أجود الطعام.
3-أن الشيخ عبد الخالق كان يتقاضى راتبا على إلقائه الدروسَ في مغنية.
4-أن الشيخ عبد الخالق لم يُعْطِ البنّاء أجرتَه.
5-حرص الشيخ عبد الخالق على مصاحبة الأغنياء!
فأقول: لا تخلو أخبارُك هذه من أحد أمرين:
الأمر الأول: أن تكون كاذبة مردودة وهذا هو الظاهر منها، وهكذا يكون الحكم عليها، فإنك لم تأتنا بشهادة شهودك الذين تنقل عنهم هذا الخبر.
الأمر الثاني: أن تكون أخبارا ثابتة ووقائعَ حقيقية، فأقول تَنَزُّلًا: أين وجه المتاجرة بالدعوة فيها؟ فليس ثَمَّ وجْهٌ يدل عليها، إنما هي تكلفاتٌ فاقت تكلفاتِ مُتَّبِعِي المذاهب المتبوعات في الانتصار لقول إمام المذهب، وإيجادِ وجهٍ لها يوافق ما جاء في السنة المطهرة والكتاب العزيز الممجَّد، مع أنه يوجد فَرْقٌ بين المفرقة وبين أتباع المذاهب المتعصبة، لأن الأئمة قَعَّدوا لأقوالهم وأصَّلوا لمذهبهم وتَكَلَّفَ لها مُتَعَصِّبَتُهم، أما المفرقة فإنهم تكلفوا لمصطلحات بدعية نطق بها متبوعُوهم ولقَّنها لهم رؤوسُهم، لا يعرفون معناها فضلا عن أن يقفوا على أحكامها وما يتعلق بها، كما هو الحال بالنسبة لمصطلح التهميش الذي جعله هذا المتستر أصلا، وأيضا لفظ المتاجرة بالدعوة الذي رمى به الدكتور فركوس في هذه الفتنة جزافا.
وحيث إنك لم تأتنا بتعريف لهذا المصطلح الفضفاض "المتاجرة بالدعوة" ولا بيانٍ له، فإنني أطرح أسئلة أشكلت علي أريد من هذا المتعصب المريد المتستر الرِّعديد أن يجيبني عليها، ويزيل عني ما حصل لي من إشكال فيها، وهي كالتالي:
1-هل من يؤلف المؤلفاتِ ويطبع الرسائلَ والمطوياتِ، ويبيعها بأسعار زائدة على غيرها يكون متاجرا بالدعوة؟
2-ثم هل منِ اجْتَزَأَ شيئا من تلك الكتب والرسائل والمطوياتِ، وأعاد نشرها في مجلة خاصة به فيبيعها، وليس وراءَ ذلك مصلحةٌ مرجوَّةٌ تَرْجِعُ على الدعوة، إلا ما كان من أرباحٍ زائدة راجعة إلى صاحب الكلمة، يكون من جملة المتاجرين بالدعوة؟
3-هل من اشْتُرِيَت له دارٌ مؤثَّثَة وأُهْدِيَت له سيارة حسنة وأُعْطِي مالا معتبرا غير مرة في ظرف بريديٍّ خاصٍّ، كلُّ هذا لأجل منصبه الدعوي وقبولُه له يكون من المتاجرة بالدعوة؟
4-هل من كان يؤتى له بالخزف الفاخر! ويستشرف الناس ويعطى من الأموال ما يُكَمِّل به بناءه الفوضويَّ! غيرَ المأذون به شرعا ولا قانونا، من المتاجرة بالدعوة؟
5-هل من كان يأتي بالطلبة إلى بيته ويُعَلِّمُهم التوحيد! ويُدَرِّسُهم العقيدة! ويأخذ على ذلك أجرا، يُعَدُّ من المتاجرة بالدعوة؟
أفتوني في أمري! إنها أسئلة كثيرة مُحَيِّرة تُطْرَح حول هذا المصطلح الملقى في هذه الفتنة العفنة، والذي أذكى نارها وأطال عمرها، وأنا في انتظار إجابتك عن هذه الأسئلة، فإن لم تأتني بها وأجزم أنك لن تأتيَني بها، فإني أحكم عليك وعلى رؤوس التفريق في بلدنا بالتكسب بالدعوة، وإنك لتعي جيدا ما أقول، فلا تدعني أكشف المستور.

قال المتستر: "فما يطعن بالمدينة في منهج الأخ الفاضل عبد العزيز بوفلجة-ثبته الله على الحق ووفقه لكل خير-إلا مميع رمضاني أو رحيلي أو حلبي أو شريفي أو مقتنع بالعمل تحت فروع الجمعية الحزبية الجزأرية الصوفية الأشعرية، تأثرا بعابدين أو مريديه"
أقول: "آن لأبي حنيفة أن يمدَّ رجليه" ولأبي عبد الله حسين أن يضحك من رُكَبِ قدميه، أتجعل من يطعن في طالب علم لا يزال محتاجا إلى الجلوس في حِلَقِ العلماء للنَّهَل من علومهم والأخْذِ من أخلاقهم، تجعله محنة في مدينةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم العامرةِ بالعلماء، ولا يطعن فيه إلا من وصفت!
فالذي يقرأ كلامك هذا يُخَيَّلُ إليه أنك تتكلم عن الشيخ العلامة ربيع أو أخيه العلامة عبيد اللذين هما بحقٍّ محنةُ كلِّ حلبي وأشياعِه.
ولو كنا ممتحِنِين أحدا في منهجه في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لامتحنَّا بالمحدثين العالمين والإمامين الجليلين ربيعِ بن هادي المدخلي وعبدِ المحسن بن حمد العَّبّاد -حفظهما الله ربُّ العِباد- اللذين صارا محنةً لكلِّ حداديٍّ غال أو مميِّع جاف، فإنك قد تجد من عنده غلوٌّ في الشيخ ربيع يجفو الشيخَ العباد وفي المقابل كذلك، والسعيد الموفَّق من عُصِمَ من هذا وذاك، وعليه فمن رأيته يذكرهما بخير ويثني عليهما بالجميل فارجُه، وإلا فاحذره واغسِلْ يديك منه ولا تَعُدْ إلى مُجالسته والركون إليه، والحقيقة الْمُرَّة أنك من هذا الصنف فإنه ثبت عنك الطعنُ فيهما والتنقيص من أقدارهما، فسبحان من جمع فيك هذين الضِّدَّين وبلاك بهذين الوصفين.
سبحان رَبِّ العرش مُتْقِنِ صُنْعِه ومؤلِّفِ الأضداد دون تعانُد
وكلامك هذا يدل على أنه عندك خلل كبير في فهم آثار السلف وتنزيلِها على أهلها، لذا حصل لك ما حصل من الخلط، ووقعْتَ فيما وقعت فيه من الخبْط، فعمدتَ إلى نصوص سِيقَت في المبتدعة ونزَّلْتها على إخوانك من أهل السنة، سالكا في ذلك منهجَ الخوارجِ المارقة والفرق الثائرة المرتزقة، حيث انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار الملعونين فجعلوها في المؤمنين الموحِّدين، فاعجب من هذا الفهم المشترك وهنيئا لك هذا السلف المبارَك! في فهم آثار الأئمة ونصوص الوحيين الكتابِ والسنة.
قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي: "وأنبه إلى أن بعض الشباب المتحمس قد يدرس كتب السلف ولكن لا يحسن تطبيق ما يصله من الآثار فينزلها في غير منازلها، فلا بد أن يرجع إلى العلماء في كيفية تطبيقها، لأنه إذا ذهب يطبق بعض الأشياء بفهمه الخاطئ قد يضر نفسه ويضر الإسلام والمسلمين، وهذا قد حصل، فجاء بعض الشباب المتحمس من الحدادية الجديدة والقديمة يعتنون بالآثار وهم لا يحفظون القرآن، يهتمون بالآثار ولا يحفظون الحديث ويعتنون بآثار السلف،...وهكذا هذه الأمور تحتاج إلى فقه، فالحدادية كانوا يحفظون الآثار وأوّل من حاربوا أهل السنة وشنُّوا عليهم حربا بقراراتهم الهمجية، وتوجهوا إلى العلماء يسقطونهم واحدا تِلْوَ الآخر حتى وصلوا إلى ابن تيمية، وجاءت من جديد تسلك هذا المسلك بالطعن في العلماء وإسقاطهم، والتمسك بآثار منها ما لا يصح ومنها ما لا يصح ولكن لا يفهمون مقاصدها"(19)

قال المتستر:" وختامُ هذه الفَقْرةِ، إعلامُ إخواننا بأنَّ بَعْضَ رجالِ المجلَّةِ، قد فجروا في الخصومةِ، لـــمَّا أُدينوا بموقفهم مِن مُمَيِّعةِ المدينةِ، فقالوا: "ها هو جُمعةُ يَنزلُ عند أَحَدِهم من كُنَّا نَظُنُّه أحسنَهم حالا ، ويَنبَسِطُ إليه، ويؤاكلُه مع المسامَرَةِ"، ولكن أبى الشَّيخُ الوَقورُ في مَجلِسٍ في السَّنةِ الماضيةِ، إلَّا كشفَ هذه الشُّبهةِ، فأخبر حفظه الله ، بأنَّه لا يَنزلُ عنده، وإنَّما هو من باب قبول مرَّتين الضِّيافةِ، -كذا بفصل المضاف "قبولِ" عن المضاف إليه "الضيافةِ" بكلمة "مرتين" ومع ذلك عمل فيه!، وهذا من جهلك المركَّب ولَحْنِك المقبَّح، واجترائك على الكتابة وعدمِ إحكامك مبادئَ النحو واللغة-تألُّفا له حين رآه لا يَطعنُ في العُلماء والأئمَّةِ، وهو منهجُهُ مع كُلِّ مَن لا يطعنُ، حتَّى في هذه الأحداث، مع عَدَمِ إغفال النَّصيحةِ، وأخبر بأنَّه أبدى له في آخر التقاءٍ به شيئا، بل كثيرا من الجَفوةِ، واكتفى معه بالمصافَحةِ، فغفر اللهُ لمن أساء الظَّنَّ بالشَّيخ الوَقور، فظنَّ أنَّ ذلك كان لأجل التَّزويد بالمخطوطاتِ، ثم لا داعي للفجور في الخُصومةِ، والشَّيخُ الكريمُ وأخوه أزهرُ، قد جعلا في حِلٍّ كلَّ مَن التبس عليه الأمرُ في أوَّلِ الأحداثِ، فصَدَرَ منه انتقاصٌ، أو طعنٌ، ثمَّ بادر إلى التَّوبةِ والتَّحلُّلِ، فلم يَبق بعد هذا معنًى للفُجور في الخصومةِ، إلَّا نَقْصَ أو فَقْدَ الرُّجولةِ والمروءةِ، والحمدُ لله على السَّلامة."
أقول: لي معك في هذه الفقرة وقفات:
الوقفة الأولى:
قولك عن بعض رجال المجلة أنهم فجروا في الخصومة لما أُدينوا بموقفهم من أصحاب الدراسات العليا بالمدينة، فأنت إنما تعني بذلك شيخَك الشيخَ عمرَ الحاج مسعود-حفظه الله تعالى-الذي ربّاك وعلَّمك، وبماله وجاهه نفعَك، وأنت تعلم علم اليقين أنه لا تربطه بأصحاب الدراسات العليا علاقة ولا تجمعه بهم صلة، فكيف تُقْحِمُه في شيء هو بعيد عنه، وإنما ذَكَر لك هذا عن جمعة من باب الإلزام وحتى لا يطغى في الميزان.
الوقفة الثانية:
الرجل الذ ي أبهمته هو الذي رمزت له في طلاسمك بـ (م،ر) والمقصود به عديلُك وصديقُك مصطفى رحيم! الذي تلتقي به عند نزولك المدينة، ومن ذلك ما كان أيام فتنة المفرقة، اللهم ما كان في هذه الأعوام الأخير، فإنه لم يصلني من أخبارك شيء، وسيأتي الكلام عنه في حينه.
والذي حيَّرني من كلامك أنك نقلت عن جمعة أنه لم ينزل عنده إلا مرتين! من باب قبول الضيافة، فأقول: قاتل الله الكذب، اعلم يا متستر أن عبد المجيد جمعة كلما ينزل إلى المدينة هو من يتصل على مصطفى ويتواعدان على اللقاء وليس العكس، وليس يُعْرَفُ عبد المجيد جمعة في المدينة إلا به، وسَلِ المدينةَ النبوية يُجِبْكَ أهلُها عن علاقة جمعة بمصطفى، فإن لم تهتد إلى أحد فإني أحيلك إلى ابنِ خالتِك عبد الرحيم بورابة القابعِ في المدينة، والذي التحق بها عام الفتنة سنة1439ه، فكان من جملة اتصالاته بك ما أخبرتني وأخي الحسنَ به من أن الطلبة في الجامعة النبوية مُغْتَرُّون بصحبة عبد المجيد جمعة لمصطفى! فماذا أنت قائل؟ وإن كنت أنسى فَلَسْتُ أنسى ما أخبرتنا به لما أرسلك الأخ مصطفى إلى عبد المجيد جمعة في بيته بباب الوادي لتأخذ منه بعض الأغراض الخاصة التي كنت تحتاجها.
بل إن أخي الحسنَ يشهد بأنه جلس مع عبد المجيد جمعة في بيت مصطفى في المدينة النبوية في منتصف شهر رمضان عام 1439ه -قبل استقالة الدكتور فركوس من مجمع دار الفضيلة بحوالي عشرين يوما والتي منها بدأت بوادر الفتنة-وسمروا جميعا إلى ساعة متأخرة من الليل مع انبساط في الكلام، حتى إن أخي الحسن تَعَجَّبَ من معاملة الأخ مصطفى لعبد المجيد جمعة وكأنه صديق له وزميل ورفيق وحميم، وليس يتعامل مع شيخٍ من الشيوخ، وهذه شهادة أخي الحسن على مجلس حضره بنفسه وهو من الثقات الأثبات عندك!
بل حصل وأن ذهب كل من الأخ مصطفى وعبد المجيد جمعة جميعا في سيارة خاصة من المدينة النبوية إلى مكة المكرمة معتمرَيْن مع بعض أصحاب الدراسات العليا ممن يرميه جمعة الآن بالتميع، وما خَفِيَ من لقاءاته به الكثير ونحن في غنية عن البحث عنها، فما ذكرتُ يكفي في إثبات كذب جمعة وأنه كانت تربطه بمصطفى علاقة حميمية.
وفي ختام هذه الوقفة أقول لك: هل من جلس مع عبد المجيد جمعة مرتين يكون منه بهذه المنزلة؟ والجواب: أتركه لك إن كنت لا تتبع الكذاب.
الوقفة الثالثة:
نقلتَ عن عبد المجيد جمعة أنه قال عن الأخ مصطفى: لا يطعن في العلماء، فأقول: وأنا على ذلك من الشاهدين فهو معروف بِلِينِه أخلاقه ودماثة طباعه ومشهودٌ له بأدبه وبحُسْنِ سمته.
وأشهد على أنه كان يذكر محمد المدخلي بخير قبل الفتنة وغيرَه من مشايخنا بالمدينة وغيرِها، مع أن محمد المدخلي كان ممن تكلَّم فيه وحذر منه، وكان الأخ مصطفى يتحسَّر على عدم جلوس محمد المدخلي مع إبراهيم الرحيلي عند الشيخ العلامة المحدث عبد المحسن العباد -حفظه الله-لما ضرب لهما موعدا للجلوس عنده والتناقش لعله يحصل بذلك خير، فيرجع المخطئ ويتوب المذنب، فحضر الرحيلي ولم يتأخّر، وامتنع عن الحضور إمامُك الشجاعُ المبجَّل!
أما نَقْلُك عن عبد المجيد جمعة أنه نصح الأخَ مصطفى فإنه يشهد على خلاف ذلك، بل لم يفتح له هذا الموضوع أصلا لا من قريب ولا من بعيد.
ثم ما هو أولى بالنصح! مسائل الحلبي وأضرابِه التي أكل عليها الدهرُ وشرب؟ أم فتنة الصعفقة التي حدثت مُؤَخَّرا وركب حمارَها كلُّ من هبَّ ودبّ؟
الوقفة الرابعة:
نقلت عن جمعة أنه جفا مصطفى في آخر لقاء جمعه به، فأقول: ما الذي تغيَّر؟ أليس الرجل لا يطعن في العلماء والأئمة! وعبد المجيد جمعة من منهجه أن يجامل هؤلاء ولا يتكلمَ فيهم، ولو كانوا حلبيين؟! ورمضانيين؟! ورحيليين؟! وعابديين؟! وينشَطون تحت الجمعيات الحزبية؟! أم أن الأخَ مصطفى صار يطعن في العلماء والأئمة؟ هذا ما لا أعرفه عنه، فإن كان وحصل ذلك فلتَذْكُرْ لنا طعنه فيهم.
أم أن المخطوطاتِ التي كان يزوِّدُه بها نفدت فانتهت المصلحة التي كانت تجمعهما ولو على حساب المسائل المنهجية!، ولعله عرف قدر نفسه وذلك بعد ردَّيِ الأستاذِ الدكتور الشيخ رضا بوشامة والأخِ الشيخِ خالد حمودة عليه، وبيانِ كلٍّ منهما اجتراءه على فنِّ تحقيقِ المخطوطات وإتيانه فيه بالعجائب والطامّات، فقرَّر اعتزال هذا الميدان، وتنكَّر لمن كانت له اليد الطولى في تزويدِه بنوادر المخطوطات طيلةَ أعوام.
أم أن الحكمة في هذه الفتنة والمصلحةَ التي تقتضيها هذه الفوضى تستدعي أن يجفُوَ من كان يسامره ويضاحكه قبلها بأيام!
أم أن فتنة الصعفقة أشد من الفتن التي سبقتها!
ما هذا التلاعب يا هذا! هل أنت مصدِّق لما تنقل وتكتب!
الوقفة الخامسة:
قولك معتذرا لنفسك: " فغفر اللهُ لمن أساء الظَّنَّ بالشَّيخ الوَقور، فظنَّ أنَّ ذلك كان لأجل التَّزويد بالمخطوطاتِ"، فأقول: إن كنتَ يا مجيدَ المراوغة تقصد بالظنِّ اليقينَ كما هو عُرْفُ القرآن الغالب، فإنك في ذلك صادق، لأنك كنت تُقْسِم لي بالله جَهْد يمينك على أن عبد المجيد جمعة لا يتواصل مع الأخ مصطفى إلا لأجل تزويده بالمخطوطات، وأنت القائل في مقالك هذا: "والحالفُ على الثابت القطعي ليس بمُتألِّي."-كذا والأصلُ وهو الأفصح أن تقول: "بمتألٍّ" بحذف الياء من الاسم المنقوص، ولعلك لم تراجع دروس النحو التي كنت تحضرها عند عبد الحليم توميات!، فإن ضاعت منك -ولا إخالها تضيع منك لأنك استفدت منها أيَّما استفادة!-فلا أقلَّ من أن ترجع إلى مقدَّمَة ابن هشام في النحو مع شرحه هو عليها.
وإن كنت تقصد بالظن احتمالَ الراجح وهو ما يُعْرَف بغلبة الظن، فهذا كسابقه في الحكم.
وإن كنت تقصد بالظن الظنَّ السيِّءَ المذمومَ كما يدل عليه سياق كلامك، فهذا يدل على أن حالك مُتَدَهْوِرَة ونفَسَك متذبذبة وأن أدلتك التي بنيت عليها مواقفك المخزية لا تعدو أن تكون ظنونا سيئة، فإنه لم يسلم منها لا شيوخُ التفريق الذين تتظاهر بالتعصب والانتصار لهم، ولا مشايخ الإصلاح الذين تطعن فيهم، ولا إخوانك الأقربون ولا الأبعدون الذين لم ترقب فيهم إلًّا ولا ذمَّة، وقد جمعتُ لك معجما لوساوسك وقاموسا لسوء ظنونك التي رميت بها غيرك والتي لا دليل لك عليها فوجدتها كثيرة، لعلي أخرجها في حينها، وأخشى عليك إن استمرَّ بك الأمر وبقيت على هذه الحال أن تصير سيِّءَ الظنِّ حتى بنفسك التي بين جنبيك، حالَ الموسوسين، ولا أرى الأمر بعيدا.
وعلى كل حال فيلزمك على هذا الظن الأخير كفارةُ يمين، ويستوجب منك الاستغفارَ الكثير، لأنك وقعت في كبيرة التألي على الله العليّ، وما أدراك ما كبيرة التألي!، التي أكثرت من الكلام عنها في كل النوادي، وجعلت تطعن بها في مشايخ الإصلاح وبيانهمْ "براءة للذمة" السلفي، لكونهم رمَوا شيخَك المقدس ومتبوعَك المعصوم محمد بن هادي المدخلي بكبيرة التألي، ورحت تُصَعِّد فيها وتُخَفِّض، وتُلَقِّنها كلَّ جويهل متذبذب، وقلتَ: لابد من تَرْك مشايخ الإصلاح لأنهم رموا الشيخ المدخلي بكبيرة التألي! فأقول لك: إذا كان هذا حالَ من رمى غيرَه بالتألي مع وجود شبهة في ذلك، فكيف الحال بمن وقع في الـتألي! كما هو حالُك المزري وواقعُك المخزي، ولكن قد تسقط عنك هذه الكفارة ولا يطلب منك كبيرُ استغفار، وذلك لما تعانيه من كثرة الوسواس وما تعيشه من خيالات وأوهام، فاسْتَفْتِ شيوخَك الفقهاء! لعلهم يجدون لك مخرجا وحلًّا، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعجل بشفائك وذهابِ الوسواس عنك.
الوقفة السادسة: نقْلك عن عبد المجيد جمعة وأزهر سنيقرة أنهما جعلا في حل ٍّكلَّ من وقع منه طعنٌ فيهما أو انتقاص، فأقول: لماذا بادرت إلى الاستحلال وسارعت إلى طلب المسامحة والاعتذار؟ مع أنك كنت تتكلم فيهما بصدق وتطعن فيهما بحق، وها هي طعوناتك فيهما:
أما عبد المجيد جمعة فـ:
1-مصاحبته لمن تصفهم بالمميِّعة من أصحاب الدراسات العليا بالجامعة النبوية، وتناقضُه في كيفية التعامل معهم، كنصيحته لابن خالتك عبد الرحيم بورابة كيف يتعامل معهم في المدينة، فجئت من عنده، متعجِّبا من تأصيله، ومستغربا من تفريقه.
2-تواصله مع أحمد سالم وما أدراك ما أحمد سالم! وانبساطُه معه في المخاطبة ومجاملته ومداهنتُه في المعاملة، مع أن هذا الأخير من أعضاء وكُتَّاب موقع "الكل" وصاحبُ قناة عبد المالك رمضاني وهو من يصف الدكتور فركوسا بالمميِّع!؟(20) ومع ذلك لم يُسْمَع عن عبد المجيد جمعة دفاعٌ عن شيخه فركوس ولا تبرُّؤٌ من هذا الرجل وتحذيرٌ منه مع أنه طعن في الأكابر! بل الموجود خلافُ ذلك وهو أنه لو كان يستطيع الوصول إليه لحمله على ظهره ولكن مرضُه بعرق النَّسا منعه من ذلك!(21) والله المستعان.
3-وصفه للشيخ الشجاع عثمان عيسي حفظه الله بـ"الخبيث" كما أخبرك بذلك ثقاتُك من بلدية "الرغاية" الذين سمعوا هذا الكلام منه مشافهة، فعَظُمَ ذلك في قلبك وأنكرته أيَّما إنكار.
4-اتهامه الشيخ عثمان عيسي حفظه الله تعالى بأنه صاحب حساب "أبي الدرداء"، وإصرارُه على إلصاق الحساب به.
5-طعنه في كل من الأفاضل: الشيخ مصطفى قالية والشيخ حسن بوقليل من غير حجة ولا بينة ولا دليل، كما في رسالة الظلم "رسالة إلى خالد حمودة ومن على شاكلته"، ولم أذكر الشيخ حمودةَ ومرابطا لأنه قد ظهر لك حالهما!
6-وقوعه في عرض الشيخ الأستاذ الدكتور رضا بوشامة-حفظه الله ورعاه ودفع عنه كل تهمة-، وهذا من أبشع ما لاكه المفرقة في هذه الفتنة النتنة رؤوسا وأذنابا.
7-وصفه بالكذب، وذلك لما كان يُنْقَل عنه أنه نصح الأستاذ الدكتور الشيخ رضا بوشامة حفظه الله تعالى ستَّ سنوات ولم يقبل منه، فنفى المشايخ ذلك وقالوا بأنه لم ينصحه، وجرَّنا الحديثُ عنه إلى أنه يكذب فيتكلم في بعضهم سرًّا وينفيه جهرًا، وضربت لك مثالين: كلامه في رابح مختاري وكلامه في عمر حمرون، ففي الخفاء يتكلم فيهما وفي الجهر ينكر طعنه فيهما بل يُقسِم على أنه لم يتكلم فيهما، فقلتَ لي معتذرا له منافحا عنه: "يقصد أنه لم يتكلم فيهم للعلن إنما هو في الخاص فقط"، والأمر كذلك حصل له أيام الفتنة في المسجد النبوي حيث طعن في مشايخنا، فلما أخرج الذين حضروا مجلسه الكلام وكتبوه نفاه، ووكَّل الله على من نقله وألقاه، فتفاجؤوا من إنكاره واستغربوا نفيه لخبرهم، فسارعوا إلى تكذيب أنفسهم تحسينا منهم الظن بشيخهم، وحفاظا على سمعتهم، والله المستعان.
أما أزهر سنيقرة فـ:
1-بيعه لكتب أهل البدع وترويجه لها.
2-طعنه في الشيخ ربيع الطعنَ الصريح.
3-قولك عنه إنه "يكذب" وذلك في تلاعبه بكلام الدكتور فركوس الثابتِ عنه لما قال: "لو يتكلم فيَّ الشيخ ربيع أو غِيرُوا لسقط ولذهبت مصداقيته في الجزائر"، وهذه الكلمة نسبها أزهر إلى شيخه فركوس فلما تبرأ منها شيخُه سارع إلى إلصاقها بنفسه وقال: "أنا قلتها" حتى يَفْدِيَ بذلك شيخَه ويُخَلِّصَ من التَّبِعَة ريحانتَه، غير أنه جاء من طريقٍ آخرَ معروفٍ عند المفرقة في هذه الفتنة بسلسلة الذهب! زرارقة عن جمعة عن فركوس(22) أنه قال: وذكر القصة بحذافيرها، فعضَد بها الرواية الأولى المسندةَ للدكتور فركوس وأسقط الرواية الثانية التي أسندها أزهر لنفسه، فصار أزهر قد اختلط بأخَرَة ولم يَعُدْ يضبط ما يخرج من فم رأسه، هذا إذا أحْسَنَّا به الظن وإلا فهو كذّاب أشِر يتحرَّى الكذب في كتاباته وصوتياته وله ينشُر، عامله الله بعدله وكفى السلفيةَ من شرِّه، المهم أن هذه الكلمة قالها الدكتور فركوس في اجتماعاته السرية لمن يثق بهم ويظن أنهم يحفظون الأمانة ويكتمون السر، لكن أبى الله تعالى إلا أن يُفْتَضَحَ وتخرجَ هذه الكلمة الآثمة من وزيريه في هذه الفتنة أزهر وجمعة، ولعل أزهر كان يُسَجِّل الدكتور فركوسا كما هي عادته مع من يكلمه، فلْيتشجَّع ولْيُخْرِج لنا هذه الكلمة بصوت الدكتور فركوس! ولا يكتم الشهادة!.
وبيننا وبين صِدْقِ كلامِ فركوسٍ الأيام، من سيسقط من أعين الناس وتذهب مصداقيته بين الأنام، المتعاظِمُ في نفسه أم المتواضع لربه!، وقد تيقَّن بأن هذه الكلمة قد قالها الدكتور فركوس كلُّ أحد حتى البليد، ولم ينكرها إلا من غطى قلبَه التعصُّبُ والتقليد.
أقول مذكِّرا لك: إنك لما سمعت هذه الكلمة من أزهر ينقلها عن الدكتور فركوس قلتَ لي بالحرف: "هذا طعْنٌ في الشيخ الربيع"، وعَظُم عليك أمرُها وصَعُبَ عليك قبولُها، فلما طلبتُ منك الحكم على الدكتور فركوس بأنه مبتدع –وذلك على مذهبك في الحكم بالبدعة على كل من طعن في أهل السنة مطلقا، بِغَضِّ النظر عن الطاعن فيهم والسبب الدافع له في ذلك-وقلتُ لك بأن زرارقة أكَّد الخبرَ من طريق جمعة، لم تجد جوابا إلا بالهروب من قاعدتك وقلت: "يكذبان!"، نعم هذه هي إجابتك السخيفة في تخليص الدكتور فركوس من الحكم عليه بالبدعة وتبرئته من هذه الكلمة الفظيعة الشنيعة، فـ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}، ولكنك لم تسلم من وصف أزهر بصفتين اثنتين:
أ-طعنه في الشيخ ربيع، حيث نسب تلك الكلمة العفنة إلى نفسه.
ب-وكذبه في نسبة هذا الكلام الخبيث إلى الدكتور فركوس.
4-جلوسه مع صاولي وحَيْدَتُه في الإجابة عن ذلك، وهذا مما حيَّرك كثيرا واستغربته طويلا، بل جعلك تضحك منه وتسخر به.
5-قوله: "إن الشيخ فركوسا لم يكن يزور الشيخ ربيعا حياء منه!"، والمتواتر عنه عند الخاص والعام أنه لم يكن يزوره لأنه لم يكن يؤمن بمنهجه ولا يعترف به، كما نقل ذلك عنه تلميذه وخرِّيجه محمد الحاج عيسى، فحينها قلنا: إن أزهر يكذب وهو متقصد له ويريد من وراء ذلك تلميعَ صورة الدكتور فركوس عند من لا يعرفه من العامةِ الحديثي عهدٍ بالاستقامة والشباب المغرَّرِ بهم ممن ليس لهم قَدَم في الالتزام سابقة.
الوقفة السابعة:
كلامك عن الرجولة والمروءة، فأقول: أما الرجولة والمروءة فلو تركت غيرك تكلم عنها، فليست منك ولست منها، فاتركها لأهلها لأنك مع الرجال كالنعامة وفي حسابك المستعار كالضياغمة، وما حصل لك عند جلوسك مع الشيخ الفحل عبد الخالق ماضي-حفظه الله-أكبر شاهد وخير دليل، فقد جئت من عنده ورجعت من مجلسه خائفا تترقب، وفرائصك من الرعب ترتعد.

ومما جاء عن هذا المتستر أنه أعاذ رجلا من أن يرى نفسه أعقل من الدكتور فركوس، حيث قال هذا الرجل: "والعجيب أن عقلي في فهمه وافق عقل شيخنا العلامة فركوس في توجيه كلام الإمام ابن باز".
أقول: ليس في كلامه ما يدل على أنه رأى نفسَه أعقلَ من الدكتور فركوس وأفهم، وإنما ذكر أن فهمه وتوجيهه لفتوى الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله وافق فهم الدكتور فركوس وتوجيهَهُ لها، فَلِمَ كلُّ هذا التهويل والتزمّت والتقديس والتعنت!
واللهِ إن أمرك لعجيب مُحَيِّر، لم أكن أظن أن الغلوَّ بلغ بك هذا المبلغ الذي لم أسمع به عن أحد من المنتسبين إلى العلم، كيف تعيذه بالله من أن يرى نفسه أعقل من الدكتور فركوس وهو لم يزد على أن ذَكَر موافقةَ فهمِه لفهم الدكتور فركوس، فقد كان عمرُ الفاروق رضي الله عنه يرى الرأيَ فينزل الوحي به ويقول القول فيُشَرِّع الله الحكم به، حتى قال عمر رضي الله عنه: "وافقت ربي أو وافقني ربي"-تروى بالشك وبالإثبات-، وأُلِّفَت المؤلفاتُ باسم "موافقات عمر"(23) أي: موافقة عمرَ رضي الله عنه لربِّه في التشريع أو موافقة اللهِ تعالى لعبده عمرَ رضي الله عنه في الحكم، ولم نسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أو عن أحد من علماء هذه الأمة المرحومة أنه قال: نعيذ بالله عمر من أن يرى نفسَه مُشَرِّعا مع الله عز وجل أو أعلم منه تعالى!، بل كانت هذه الموافقات تُعَدُّ من المناقب لهذا المحدَّث الملهم، وأنت ترى موافقة مخلوق لمخلوق في الفهم أمرا خطيرا وشيئا عظيما.
ثم أليس ثَمَّ في الأمة من يكون أفقه منه وأبعد نظرا في مسألة من المسائل، فقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، أم أن الدكتور فركوسا صار معصوما؟ لا يعارَض قولُه ولا تردُّ فتاواه ولا يعترض حتى على فهمه! ومن وقع في شيء من ذلك ولو كان محقا فإنه يصير طعّانا فيه يريد إسقاطه.
ما هذا الغلو يا متستر!
بل قد يكون كِلاهما أخطأ في فهم كلام الإمام ابن باز رحمه الله، فكيف يعاذ هذا الرجل بعد ذلك من أن يكون فهمه أفضلَ من فهم الدكتور فركوس؟.
فها هو أمير المؤمنين الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجمع شباب قريش يسألهم ويستشيرهم في النوازل تنزل به لعله يجد ضالته عندهم وبغيته في فهمهم، فقد قال ابن شهاب الزهري موصيا غيره من الشباب: «لَا تَحْقِرُوا أَنْفُسَكُمْ لِحَدَاثَةِ أَسْنَانِكُمْ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ïپ´كَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ الْأَمْرُ الْمُعْضِلُ دَعَا الْفِتْيَانَ فَاسْتَشَارَهُمْ يَبْتَغِي حِدَّةَ عُقُولِهِمْ»(24)، كل هذا يقوله هذا الرجل الملهم الذي وافقه الله في غير ما حُكْم، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو كان بعده نبي لكان عمر، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ." أبو داود برقم 2961 والترمذي برقم 3682 واللفظ له وأحمد 5145، إلى غير ذلك من المناقب، ومع ذلك تسمع منه رضي الله عنه من التواضع الجمّ وهضم حق النفس ما لا تجده عند المفرقة اليوم رؤوسا وأذنابا.
ولنذكر شاهدا لهذه المسألة المذكورة من حال واقعنا وفتنتنا التي نعيشها، وهو بَعْدَ مجيئك من عند الدكتور فركوس وقصِّك علينا من خبره المتعوس المنحوس، ومن ذلك أنه قال لك: "لو تركتُ زمامَ الدعوةِ لمشايخ الإصلاح لذهبوا بها إلى التميُّع"، مع أنه لم يذكرْ لك ما ينتقده عليهم سوى أمورِه الشخصية وبعضِ ما بَهَتَ به مشايخَ الدعوة السلفية، فقال لك أخي الحسن عند ذلك بالحرف الواحد-وهو شابٌّ لم يُكْمِلْ عَقْدَه الرابعَ بعدُ-معارَضةً لقول الدكتور فركوس: "وأنا أخشى أن لو بقيَتِ الدعوة على هذا الحال لذهب بها إلى الحدادية"، فسكتَّ كعادتك ولم تقل شيئا، فانظر كيف كانت نظرة أخي الحسنِ أَبْعَدَ نظرا من نظرة الدكتور فركوس، وكيف ذهبت دعوتكم إلى مذهب الحدادية بل الأخسِّ منه، كما حكم عليها علماؤنا الأكابر، والسر في ذلك أن الدكتور فركوسا بنى فِتْنَتَه على أموره الشخصية، فاستقلَّ بفهمه ورأيِه، ولم يستشِرْ غيرَه ممن يكبَرُه عِلْمًا ولم يسمع لمن هو أصغر منه سِنًّا، وضرب بنصائح العلماء الأئمة المكتوبة والمسموعة عُرْضَ الحائط وألقاها بالجانب.
فإن كنت في شكٍّ مما ذكرتُ لك فارجع إلى نفسك وانظر في حالك، كيف صِرْتَ تَعْرِف ما كنتَ تُنْكِر وتُنْكِر ما كنت تَعْرِف من مذهب الحدادية الذي صِرْتَ به في هذه الفتنة تُعْرَف، مما تمَّ في هذا الردِّ بيانُه وكَشْفُه، ويأتي في آخر الوقفات تلخيصُه.

قال المتستر: "وفي بيت مريدي ماضي، وبطانتِه المقرَّبةِ، أصحابِ حساب: "محاربة التَّعصبِ""
أقول: أعجبُ من فعلك وحكمك!، لم تذكرهم بأسمائهم جُبْنًا وعرَّضت بهم باسم هذا الحساب اتِّهامًا، ولم تُقِمْ على دعواك دليلا ولا برهانًا، والظاهر أنك تعيب عليهم فَتْحَهُم هذا الحسابَ باسمٍ مستعار، وكأنك تكتب بصريحِ اسمِك الذي سمّاك به والدُك، فأكون مخطئا في نسبة هذا الحساب إلى محمد كربوز! فاللهم غَفْرًا، غير أني لم أُعْدَمْ منه فائدة لأنه إذا كان هذا اسمَك الصريح الذي سمّاك به أبوك اللغويُّ الفصيح، فإنه يكون قد أثرى المكتبة اللغوية بمثالٍ عزيزٍ في فنِّ النحو في "باب العَلَم" وانقسامِه إلى منقول ومُرتجَل، والمنقول أنواعٌ ومنه المنقول من جملة وهو المعروف بالأعلام المركَّبة كالتسمي بـ: "شاب قرناها" و "تأبط شرًّا"، لكن "الذي سُمِعَ عن العرب هو النقل من الجملة الفعلية...فأما الجملة الاسمية فلم يُسَمُّوا بها، وإنما قاسها النحاة على الجملة الفعلية" كما قال ذلك الشيخ اللغوي الأديب محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله الرحيم في تنكيته على شرح ابن عقيل(25)، وكم أَعْوَزَ النحاةَ إيجادُ مثالٍ حيٍّ لهذا النوع، فإنك تجدهم يمثِّلون له بأمثلة نظرية لا حقيقة لها في الواقع كأن يُسَمَّى أحدُهم: "زيد قائم" فهذا مجرَّدُ مثالٍ للتقريب فحسْب، وأما في الواقع فإنك لا تجد أحدا تَسمّى بذلك، لكنك كَفَيْتَهُمُ المؤنةَ بالتسمي بـ"محب الصدق وذام المراوغة" وزِدتهم من عندك نافلة فأتحفتنا باسمٍ جديدٍ "الصواعق المرسلة على الاحتوائيين والصعافقة"(26)، فحمدتُ اللهَ على هذه الفوائد الدرر، وأطلب منك المزيد من هذه الأسماء الغُرر، حتى تكون مرجِعا للمشتغلين بعلم النحو ونُمَثِّلَ بها مستقبلا في "باب العَلَم".
قال المتستر للشيخ خالد حمودة في ختام مقالته: "هذا ولو كتبتَ ما كتبت بعد هذا المقال، فإنَّك مُهمَّشٌ بإذن الله، إلَّا أنَّه قد ظهر بأنَّك متَّصِفٌ بامتيازٍ بكونِك صاحبَ هوى وبما وصفك به شيخُنا الناقد البصير الدكتور الفقيه عبدُ المجيد حفظه الله ، ولهذا لا أجد خاتمةً أفضلَ من خاتمة رُدودِه عليك، فقد قال حفظه الله : "وبعد هذا الجواب، ظهر لي من حال خالد حمودة أنّه: مُتعالِمٌ، مُتَشَبِّعٌ بما لم يُعط، حَظُّه مِن العلم القُشُورُ، وأنَّه مُتطاوِلٌ، سَيِّءُ الأدب، لا يَصلح للدَّعوة، ولا للتَّعليم، وصدق فيه قول أبي الأسود الدؤلي:
يا أيُّها الرَّجُلُ المعلِّمُ غيرَه هلَّا لنَفسك كان ذا التعليمُ
تَصِف الدَّواءَ لِذي السِّقام وذي الضَّنَى كَيْما يَصِحُّ به وأنت سَقيمُ
وأراك تُصلِح بالرَّشاد عقولَنا نصحًا وأنت مِن الرَّشاد عَدِيمُ
اِبدأ بنَفسك فانهَهَا عن غَيِّها فإذا انتَهت عنه فأنت حكيمُ
لذا لا تنتظر منّي بعد اليوم جوابًا، وَقُلْ ما شئت، وتوتر (على لغتك) وثرثر بما شئت، وخير جوابي عنك: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، والإعراضُ عن الجاهلين هو خيرُ دواءٍ لهم.
يُخاطبني السّفيهُ بكلِّ قُبْحٍ فأَكْرَهُ أن أكون له مُجيبا
يزيد سفاهةً فأزيد حِلمًا كعُودٍ زادَه الاحراقُ طِيبَا""

أقول: بنفس هذا الجواب غرَّد هذا المتستر في حسابه المستعار بعد ردي عليه في الوقفة الأولى، وأقول لك: لا أقول كما قال جمعة الفرّار ولكن أقول كما قال الشيخ توفيق عمروني الكرّار في "بيانه وتوضيحه" لما أثاره جمعة الثرثار المِهذار: "فالسلفية-يا شيخ جمعة-دعوة العلم والحجة والبيان، وهي تُوَرِّث الشجاعة على مقابلة المخالف المعارض ومناظرته" وكما قال: "السلفي لا يُخِيفُه العلم أبدا"(27).
وإلى إبراهيمَ بويران أوَّلِ المعلقين على هذا المقال، يا من أنت في فهْم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم متذبذب حيران، ويا من أتى في هذه الفتنة بـ"غماغم الثيران"، ألم تقرأ في هذا المقال ما وقع فيه كاتبُه من هذيان، وكذبٍ وبهتان، ومن ذلك تعريضه بالشيخ ربيع في مسألة الإيمان، وأنت الغائص في كتب الشيخ ربيع طولَ زمان!، فاستخرجت منها الجواهرَ الحسان، وكان مما استخرجته منها، أن مِن طُرُق الحدادية الجُدُدِ في الطعن في الشيخ العلامة ربيع الخروجَ عن محلِّ النزاع وإثارةَ: "أمور أخرى متعلقة بمسائل التكفير، وأخرى بمسائل الإيمان"، وإنما تعني بمسائل الإيمان "جنس العمل، وهل العمل شرطٌ في صحة الإيمان أو في كماله"(28).
ما بك عَمِيتَ عنها، ألأنه ذكَّرك بماضيك الذي كنت عليه!، أم أنه أحدث لك حنينا إلى شيخك الحجوري الذي رحلت إليه!.
ويا أيها المتستر هذا كتابي إليك، وفيه نصيحتي لك وانتقاداتي عليك، فخُذْهُ بقوة واجعله بين يديك، واخلع ثوب التعصب المقيت والتقليدِ الأعمى من عِطْفَيْك، و{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} "وأنا أدينك بخطِّك، لا بكلامي ولا بكلام غيري، وقد أحكمت لك الحَكَمَة وزمامُها بيدي، وكان الظنُّ بك أن لا تضربَ هذه اليدَ إن لم يكن لك وفاءٌ للصداقة القديمة، فخوفا أن يُفْلِت الزمام، ولكنك لا تُبْقِي ولا تذر"(29)، و"يا أيها القارئ له، لك غُنْمُه وعلى مؤلِّفه غُرْمُه، لك ثمرته وعليه تبعته، فما وجدت فيه من صواب وحقٍّ فاقبله ولا تلتفت إلى قائله بل انظر إلى ما قال لا إلى من قال، وقد ذمَّ الله تعالى من يردُّ الحقَّ إذا جاء به من يبغضه ويقبله إذا قاله من يحبه، فهذا خُلُقُ الأمة الغضبية قال بعض الصحابة اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضا ورُدَّ الباطلَ على من قاله وإن كان حبيبا، وما وجدت فيه من خطأ فإن قائله لم يألُ جهد الإصابة ويأبى الله إلا أن يتفرد بالكمال...وعلى المتكلم في هذا الباب وغيرِه أن يكون مصدرُ كلامِه عن العلم بالحق، وغايتُه النصيحةَ لله ولكتابه ولرسوله ولإخوانه المسلمين وإن جعل الحق تبعا للهوى فسد القلب والعمل والحال والطريق...فالعلم والعدل أصلُ كلِّ خير، والظلم والجهل أصل كل شر، والله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأمره أن يعدل بين الطوائف ولا يتَّبِع هوى أحد منهم."(30)
والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.

يُتْبَع بالجزء الثاني والمتعلِّق بـ"وقفات مع توترات ومراسلات صاحب حساب محب الصدق وذام المراوغة"، يسَّر الله إتمامَه ونشْرَه على خير.

وكتب: حسين شريّط.
الهوامش
(1 ) انظر: مقدمة القول السديد في مقاصد التوحيد للشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي ص 5.
(2 ) انظر: تعليقات للشيخ ابن باز على مقدمة تفسير القرآن العظيم وتفسير سورة الفاتحة لابن كثير ص 145.
(3 ) إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان لابن القيم 1/430-431.
(4 ) جامع بيان العلم وفضله 2/250.
(5 ) جامع بيان العلم وفضله باختصار 2/270-271.
(6 ) كلمة له في مجلس بوفاريك بحضور ثلة من مشايخنا الكرام، وهو مجلس مسجل مشهور متداول.
(7 ) يراجع مقاله "شهادة معاين لمجلس نصح" في الدفاع عن مقدسه، وفيه رمى الشيخ عز الدين رمضاني حفظه الله تعالى بالبدعة فقال عنه مُمَثِّلا به: "أهل البدع يتكاتمون كل شيء إلا الصحبة"، وأنا أشهد أن نور الدين يطو أتى الشيخ عز الدين أيام الفتنة في دار الإمام في مجلس اجتماع الأئمة فصافحه وسأله عن حاله، ويشهد على هذا كلٌّ من: محمد كربوز صاحب الحساب المردود عليه وعماد زروقي.
(8 ) والمقصود بهم المشايخ عبد الغني عوسات وعبد الخالق ماضي وعثمان عيسي حفظهم الباري.
(9 ) انظر: صرع الطعان العياب ص 49.
(10) كتابة في موقعه الرسمي بعنوان "تكذيب واستنكار لما نشرته العديد من الصحف الإعلامية الجزائرية كـ: "الحدث" و"الشروق" و"الحوار"".
(11) انظر: صرع الطعان العياب ص68.
(12) رابط صوتية الدكتور فركوس https://youtu.be/HiheEOp8DwI
(13) شهد على هذا غير واحد من إخواننا على ذلك، منهم أخونا الفاضل عبد الرحمن السعيداني تنظر تغريدته على الرابط:
https://drive.google.com/file/d/1PuE...w?usp=drivesdk.
(14) انظر محادثة بلّاط في الإيمو:
https://drive.google.com/file/d/1Q2H...w?usp=drivesdk
(15) تنظر على هذا الرابط http://bit.ly/Djm3khl1 ، http://bit.ly/Djm3khl2 .
(16) كلمة تقال عندنا بالدارجة معناها "النمام".
(17) قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين (5/101): "وإذا التَقطَ الكلام للنميمة قلتَ: "لُقَّيْطَى خُلَّيْطَى" حكاية لفعله.".
(18) انظر: الكتاب 1/34 وبدائع الفوائد 1/106، وعنون لها ابن القيم بـ: "فائدة عظيمة المنفعة" وزادها السهيلي بسطا وتبيينا وابن القيم شرحا وتذييلا في كلام طويل يقارب الست والثلاثين صفحة، فليرجع إليه من أراد البسط والتوسع.
(19) مرحبا يا طالب العلم ص 459-460.
(20) ينظر مقالٌ لهذا الرجل في موقع "كل السلفيين" بعنوان: "من هو أقرب إلى التمييع، الشيخ فركوس أم الشيخ عبد المالك رمضاني؟"
(21) ألق نظرة على هذه الروابط وفيها تجد ملاينة عجيبة وحفاوة غريبة من جمعة لأحمد سالم لم يَحْظَ بها المخالف ولا المسالم: http://bit.ly/SlmDjm1، http://bit.ly/SlmDjm2، http://bit.ly/SlmDjm3،
http://bit.ly/SlmDjm4، http://bit.ly/SlmDjm5.
(22) أخيرا قد علا سند زرارقة فصار يروي عن الدكتور فركوس مباشرة وأسقط جمعة في النقل فاستغنى عن الواسطة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء!
(23) تنظر في ذلك منظومة للسيوطي باسم: "قطف الثمر في موافقات سيدنا عمر".
(24) أخرجه ابن عبد البر في جامعه 1/309.
(25) انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/125 حاشية رقم (1).
(26) غيَّر هذا المتستر الجبان اسم حسابه المستعار السابق بهذا الاسم إيغالا منه في التستر والجبن، وقد تكون له حسابات أخرى بأسماء مستعارة، نسأل الله الرجولة والشجاعة.
(27) "بيان وتوضيح لما ذكره الشيخ عبد المجيد جمعة-وفقه الله-حول جلسة عبد المالك بدار الفضيلة وما يتعلق بها" للشيخ توفيق عمروني ص11.
(28) انظر مقاله: أوجه الشُّبَه بين الاحتوائيين...
(29) جمهرة المقالات ص 412.
(30) مدارج السالكين في منازل السائرين باختصار 4/554-556.

الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf الوقفة_الثالثة_مع_صاحب_حساب_محب_الصدق.pdf‏ (1.04 ميجابايت, المشاهدات 583)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 Mar 2022, 09:15 AM
أبو عبد الرحمن التلمساني أبو عبد الرحمن التلمساني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 252
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي حسين .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 Mar 2022, 12:10 PM
أبو أويس موسوني أبو أويس موسوني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 81
افتراضي

جزاك الله خيراً أخي حسين على ما كتبت نصحا لله ولدينه ولمحب المراوغة والبعيد عن الصدق هو وأمثاله من بني تفريق .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 Mar 2022, 12:35 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي

مقال نافع كسابقَيه حوى حقائق منسية حول فتنة التفريق وردّا دقيقا على أحد أبواقها
فبوركتَ وبوركت يمينك أخي حسين وجعل ما تكتب في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 Mar 2022, 07:17 PM
مختار حرير مختار حرير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 70
افتراضي

جزاك الله خيراً أخي حسين ونفع بك وبما خطت يمينك.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 Mar 2022, 09:26 AM
أبو عبد الله حسين أبو عبد الله حسين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2019
المشاركات: 5
افتراضي

بارك الله فيكم، وجزاكم خيرا.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 May 2022, 12:12 PM
أبو جميل الرحمن طارق الجزائري أبو جميل الرحمن طارق الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 414
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخ حسين على هذه الانتقادات الصائبة ولتي تبين أمرين
ضعف البضاعة العلمية عند هؤلاء وإن سودوا وجوههم بالمداد
وضعف الشخصية التي طغت على كثير ممن ينتسب إلى هده الدعوة السلفية
والذي ينتج مع المزيجين سوء القصد فتكتمل البلية نسأل الله السلامة
وفي الأخير نرجوا لهم الهداية والتوبة وإلا فقد فارقوا السبيل
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013