تذكير للمرأة المسلمة عند خروجها من بيتها

[بلال بريغت]

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإن مما تتساهل فيه المرأة المسلمة في هذه الأيام خروجها متعطرة سواء خرجت لصلاتها أم خرجت لأي سبب كان كما هو واقع و مشاهد ، و لتعلم أختي المسلمة أن فعلها هذا محرم شرعا و قد جاءت فيه الأحاديث الدالة على عدم مشروعيته فمن أخذت بها فقد أطاعت رسول الله صلى الله عليه و سلم و من خالفتها فقد عصته و من عصت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد عصت ربنا تبارك و تعالى لقوله تعالى : ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾[النساء:80] ، و عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله)([1])
ومن هذه الأحاديث ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)([2]) وفي رواية لابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال : (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد، لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل)([3]) و ليس المراد من الغسل غسل الجنابة و لكن تغتسل ليذهب أثر الطيب و هذا ما يؤكده الحديث الذي رواه أبو داود و النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْتَغْتَسِلْ مِنْ الطِّيبِ كَمَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ)([4])
قال القاري: (أي مثل غسلها من الجنابة بأن تعم جميع بدنها بالماء إن كانت طيبت جميع بدنها ليزول عنها الطيب، وأما إذا أصاب موضعا مخصوصا فتغسل ذلك الموضع، وإن طيبت ثيابها تبدل تلك الثياب أو تزيله، وهذا إذا أرادت الخروج وإلا فلا)([5]).
و قد يقول قائل أن هذه الأحاديث جاءت في خروج المرأة للمساجد خاصة و إن كان هذا صحيح فهناك أحاديث جاءت عامة لأي خروج كان فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أيما امرأة استعطرت ثمّ خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية)([6]) ، وإن كان وصف المتطيبة في الحديث بالزانية لا يقصد منه الزنا الحقيقي الذي يوجب الحد، بل هو زنا العين بنظر الرجال إليها، قال القاري: (لأنها قد هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها، ومن نظر إليها فقد زنى بعينه، فإذا هي سبب زناه بالعين فتكون آثمة بإثم الزنا)([7]) ، و زنا العين ثابتة بنص رسول الله صلى الله عليه و سلم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:(كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ)([8])


=======
[1] : أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية حديث رقم (1835).
[2] : أخرجه مسلم كتاب الصلاة باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ، حديث رقم (444).
[3]:أخرجه ابن ماجه كتاب الفتن باب فتنة النساء حديث رقم (4002)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (1031).
[4] : أبو داود كتاب الترجل باب ما جاء في المرأة تتطيّب للخروج حديث رقم (4174) ، و النسائي كتاب الزينة باب اغتسال المرأة من الطيب حديث رقم (5127)
[5] : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/136)ط.العلمية.
[6] : أخرجه النسائي كتاب الزينة باب ما يكره للنساء من الطيب حديث رقم (5126)، وأبو داود كتاب الترجّل باب ما جاء في المرأة تتطيّب للخروج حديث رقم (4173)، والترمذي كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة حديث رقم (2786)،وحسنه الألباني في جلباب المرأة المسلمة(137).
[7] : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/136)ط.العلمية.
[8] : رواه مسلم في كتاب القدر : باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره حديث رقم (2657).

[أبو محمد سامي لخذاري السلفي]

جزاكم الله خيراً

[أبو تراب عبد المصور بن العلمي]

أحسن الله إليكم

[بلال بريغت]

بارك الله فيكما