منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04 Jun 2013, 10:04 AM
ياسين مزيود ياسين مزيود غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 122
افتراضي من سمات أهل الزيغ رد الأحاديث الصحيحة المحكمة واتباع الأحاديث المتشابهة للعلامة عبد المحسن العباد

الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛ فقد اطلعت على مقالة قبيحة لحصة آل الشيخ نشرتها صحيفة الرياض في 13/7/1434هـ ركبت فيها رأسها وحكَّمت عقلها، فردَّت حديث شرب أبوال الإبل الثابت في الكتب الستة وغيرها وهو حديث محكم واضح الدلالة، وعوَّلت على حديث متشابه جاء في مسند الإمام أحمد (16058) وغيره، وهو: «إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه بعيد منكم فأنا أبعدكم منه»، واعتبرته معياراً لما يُقبل ويُرد من الأحاديث بالعقل، وهذه طريقة أهل الزيغ يتبعون المتشابه الذي تقبله عقولهم ويدعون المحكم الذي لا تقبله عقولهم، وأورد هنا مقاطع من هذه المقالة الشنيعة يتضح بالاطلاع عليها تلوث عقلها وشدة انحرافها عن الحق والهدى، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما كما في فتح الباري (6/333): «من ترك الحق مَرَج عليه رأيه والتبس عليه دينه»، قالت:

1. «تتجافى جنوب الكارهين عن المضاجع، يصلون ليلهم بنهارهم شاحذين هممهم، بحثاً عن ضحية يرمونها على مذبح الكراهية، وبكل التهم والحقد والضغينة والبغضاء ينهشون عرضها وإيمانها وعقلها وإنسانيتها، ثم يحشدون جنودهم ـ المؤدلجين لخدمة مصالحهم ـ ليتنادوا مبشرين بشطب الضحية ونفيها ومحوها، وما أن ينتهوا من ضحية ـ سواء أفلحوا في نصب شراكهم ضدها أو أخفقوا ـ حتى يشرعوا رحلة التفتيش عن ضحية أخرى، هدف واحد تحمله على أكف الكراهية عقولهم وأفئدتهم التي فرغت إلا من تدنيس تربة الخير والحق والعدل، إننا مخدوعون بأحكام الرجال عندما نستخدم أقوالهم قبل وضعها في ميزان الشك والنقد، فتكتسب قداسة شمولية، كمقولة النووي والذهبي وغيرهما بأن (كتاب البخاري أصح كتاب بعد القرآن)، لتتحول القداسة من التمحور حول الرجال كمعصومين، إلى شمول الأقوال كمقدس، وكأن الله أنزل كتابين على المسلمين؟!»

2. «وبمتابعتي للهجمة الشرسة على الزميل محمد آل الشيخ الكاتب في جريدة الجزيرة عندما التمس بقاعدة واضحة لنقد المتن تساؤلاً فطرياً مشروعاً حول بعض الأحاديث، كحديث شرب أبوال الإبل، وحديث السمع والطاعة للأمير، وإن جلد ظهرك وسرق مالك، تمنيت لو جاء رد أحد (المتدينين) ـ مع التحفظ على المصطلح ـ على الكاتب رداً علمياً أميناً، لكن للأسف وكالعادة جاءت غالبية الردود؛ ردود تصفيةٍ؛ حزبية الأصل والمنشأ، ففضلت المشاركة إيماناً بأن الله سبحانه يُظهر حكمته لمن تقوده رغبة الحق أولاً، وتهفو أمانته للبحث الغاض عن الانتماءات العنصرية، إلى حيث رحابة العدالة وجدية الرؤية المبرهنة، بما توفره جاهزية المؤمن الصادق لقبول الحق باستشعار فؤاده أولاً، مصداقاً للحديث المرفوع للرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه بعيد منكم فأنا أبعدكم منه)، فمؤمن يؤمن بقيمة قلبه وشعوره وبشريته وفطرته وصفاء سريرته حقيق عليه تقبل وتطبيق هذا المعيار، إلا أن للحزبيين ومصالحهم قولاً آخر، يردون كل حديث له مع الإنسانية التقاء طريق، في تهافتهم المحموم بعقيدتهم الكارهة المنطلقة في عبثيتها إلى دروب الغي والضلال والتعدي الصريح على الإنسان فيسوقونه لمهاترات لاينتهي سوقها؛ فبائع منها ومشترٍ..ألا كسدت تجارة المبطلين! ولئن كان استشعار صحيح الرواية من سقيمها واضحاً لأهل النفوس؛ دقيقة الحس والتصور والفهم، فيردفها قواعد تعينها على التمييز، فالفقهاء خاصة بعد مقتل عثمان بن عفان والحسين بن علي رضي الله عنهما وضعوا قواعد لنقد المتون لمواجهة حركة وضّاعي الحديث الذين كثروا مع طلائع الحكم الملكي في عصر بني أمية، وحركة الوضاعين هدفها الدس والكذب على الرسول الكريم لتشويه الشرع وطمس حقائق القرآن، ومقاصد الشرع، وبمنهجية صارمة كان الفقهاء لا يقبلون أي متن لأي حديث مهما بلغت صحة سنده إلا بما وافق شروط التصحيح، فشروط المتن تقي من أي أخطاء في النقل يقع من صحابي أو غيره، ومع هذه الشروط لايعني عدم احتمال وقوع الغلط منهم، فقد خطّأ الصحابة بعضهم بعضاً كما في استدراكات عائشة على الصحابة، لذا كانت قواعد نقد المتن وسيلة علمية للتدقيق في صحة الحديث، فالقواعد المنهجية في قبول متن الحديث تشمل 15 قاعدة لا يُقبل الحديث متناً إذا صادم واحدة منها، من هذه القواعد: ألا يخالف بدهيات العقول، ألا يخالف القواعد العامة في الحكمة ـ الطب ـ والأخلاق، ألا يشتمل على سخافات يصان عنها العقلاء، والطب والحكمة والعقل ترد متن رواية شرب أبوال الإبل بحسب المنهجية التي اعتمدها الفقهاء في الشرطين السابقين، فإذا أضيف لهما معيار الحس والذوق السليم الذي حواه الحديث الأول فإن تصور شرب بول الإبل تنفر منه المهج السليمة، وتنكره قلوب وأشعار وأبشار المؤمنين، أما إن أبى من أبى فليشرب أبوال الإبل، ولن يمنعه منكر مستهجن بقلبه وحسه وشعوره، وليضرب بشروط الفقهاء عرض الجدار وطوله»
3. «يحذر الأستاذ والباحث الشرعي عبدالله العلويط من اتخاذ الدين والعلم مطية، ويرى أن التشنيع على الكاتب والمطالبة بمحاكمته دليل على الحزبية، فبعضهم قد يوافق على رد الرواية ولكن حينما علم أن محمد آل الشيخ هو من فعلها تظاهر بأنه لا يرى ذلك، وانتصر لسنة رسول الله كما يقول، وهو توظيف وغلو للروايات، فالرواية وإن كانت في البخاري يجوز للفرد ردها بعقله حتى لو لم يكن متخصصاً».
4. «بهيمنة التيار المنغلق أُغلقت أبواب العقل، وصودر حق التفكير الفرداني الحر، فاضمحل التفكير بعمومه إلى أن تلاشى التوظيف العقلاني للنص في عصر الانحطاط أثناء حكم المتوكل، وهيمن على الوعي الإسلامي فيه فضل النقل على العقل، فتوقفت لغة البحث الحي الجاد، ويكفي كاستدلال نقلي صرف ترسيخ قيمة السند وإهمال المتن بالرغم من أن السند وسيلة والمتن غاية، وليس ذلك بمستغرب، فمواضع الاستدلال شأن عقلي يفعّل القواعد، ولا يكتفي بتسجيلها للفرجة، ونحن اليوم أمام أشد لحظات الاستحقاق التنويري الديني الفلسفي لإنقاذ العقل من نومة غفلته السادرة منذ قرون».
وهذه بعض التعليقات على ما تضمنته هذه المقاطع:
1. ما ذكرته في المقطع الأول من وصفها بالكراهية للذابِّين عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة المنكرين على من تطاول عليها بالرد والاستهزاء، يجاب عنه بأن بيان الحق وإنكار المنكر واجب، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، فالمسلم العاقل يحب كل من يحبه الله ورسوله من الذوات وكل ما يحبه الله ورسوله من الاعتقادات والأقوال والأفعال، ويبغض كل من كان وما كان بخلاف ذلك، وليست المحبة والكراهية محبة وكراهية أهل الانحراف الذين يحبون من لا يتعرض لانحرافهم ولو كان كافراً ويكرهون كل من يتعرض لباطلهم من أهل السلامة والاستقامة على الحق والهدى، وقد قال الله عز وجل: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا الله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وهذا الكلام منها في الكراهية شبيه بكلام الزنديق تركي الحمد: «سيد الخلق جاء بعقيدة الإنسان، فحوَّلها البعض إلى عقيدة بغضاء الإنسان»، «كل الأديان تدعو إلى الحب، فمن وجد في قلبه ذرة من كره فهو ليس على شيء وإن صام وصلى»، وقد رددت عليه بكلمة بعنوان: «الزنديق تركي الحمد ثعبان ينفث سمومه في بلاد الحرمين» نشرت في 20/2/1434هـ.
وأما ما ذكرته من تسلسل الردود على المنحرفين عن جادة الحق والصواب الذين أطلقت عليهم «ضحايا» فسبب هذا التسلسل عدم حصول التأديب لأوائلهم التأديب الذي يمتنع معه وقوع من بعدهم بمثل ما وقعوا فيه، كما قال عثمان رضي الله عنه: «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في حق الكفار الذين يعاهدونه وينقضون العهد إذا لقيهم في الحرب أن يجعلهم نكالاً لمن بعدهم من الكفار فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}، وكذلك أهل الزيغ والضلال المنحرفون عن جادة الصواب إذا حصلت العقوبة لأوائلهم كانت سبباً في سلامة من بعدهم من الانحراف المستوجب للعقوبة.
وأما ما ذكرته من استنكارها على النووي والذهبي أن صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن وأن في ذلك تقديساً للرجال والكتب، فإن من المعلوم أن التعويل على كلام أهل العلم والفقه في الدين وليس على كلام أهل الزيغ والانحراف، والكتب المؤلفة في الصحيح أصحها صحيح البخاري وصحيح مسلم، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (20/321): «فإن الذي اتفق عليه أهل العلم أنه ليس بعد القرآن كتاب أصح من كتاب البخاري ومسلم»، ولن يضير هذا الذي اتفق عليه أهل العلم أن ينكره من هو أجنبي عن العلم الشرعي، كهذه الكاتبة وزميلها فيما ذكرَتْه في المقطع الثالث: «فالرواية وإن كانت في البخاري يجوز للفرد ردها بعقله حتى لو لم يكن متخصصاً»، والسنة وحي من الله كما قال الله عز وجل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ثم متى كان أهل الزيغ والضلال مؤهلين لنقد الأحاديث والرجال والكتب بأهوائهم؟!
2. ما ذكرته في المقطع الثاني من تأييدها لزميلها محمد بن عبداللطيف آل الشيخ في إنكار التداوي بشرب أبوال الإبل وعدم التصديق به وإن كان مروياً في الصحيحين وغيرهما هو من أمثلة وقوع الطيور على أشكالها وهو من التعاون على الإثم والعدوان واتباع الأهواء والشهوات، وقد قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
وأنبه بمناسبة ذكر هذا الزميل أنه علق في تويتر في 17/7/1434هـ على كلمتي التي نشرت قبل أيام بعنوان: «الآن ظهر انفلات النساء الذي كان يخشاه المشايخ عند تأسيس تعليم البنات» بقوله: «ولكن هناك مثل الشيخ العباد مازال يصر على أن ممانعة من اعترضوا على تعليم المرأة صحيح في رأيه!!»، وقد عمي أو تعامى عن قولي في السطر الخامس من تلك الكلمة: «ومن المعلوم أن تعليم النساء ما ينفعهن في أمور دينهن ودنياهن مع سلامتهن من الضرر في دينهن وأخلاقهن أمر مطلوب»، ومقصودي من تلك الكلمة بيان بعد نظر المشايخ وتخوفهم من حصول الانحراف من بعض النساء في المستقبل، وقد وافقت الدولة على جعل الإشراف على تعليم البنات منوطاً بالشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، فكان هو وغيره من المشايخ حراساً للفضيلة، وسلمت النساء في زمن ولاية المشايخ من الانفلات الذي حصل لهن بعد ذلك، لاسيما في زمن الوزير التغريبي الجديد الذي هان عليهن فيه كشف الوجوه فصرن يخرجن من المدارس وفيهن كاشفات الوجوه، والذي حرص كثيراً على تدريس اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات في جميع سنوات المرحلة الابتدائية، وقد ذكرت ذلك وغيره من منكراته في كلمة بعنوان: «الأحداث الأخيرة أظهرت لولاة بلاد الحرمين الناصح والماكر والعدو والصديق» نشرت في 30/6/1432هـ.
وأما ما ذكرته من التعويل على حديث: «إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم» السالف الذكر واعتباره معياراً لما يُقبل ويُرد من الأحاديث، فيجاب عنه بأن متنه من المتشابه ولا يجوز اعتباره معياراً لما يُقبل من الأحاديث بالعقل؛ لأن العقول متفاوتة، فما يقبله عقل هذا ينكره عقل هذا، وما ينكره عقل هذا يقبله عقل هذا، ثم إن أكمل العقول عقول الصحابة ومن سار على نهجهم، وهؤلاء هم المعنيون بهذا الحديث، وليس معنياً به الذين يتبعون المتشابه اعتماداً على عقولهم من التغريبيين الماكرين بهذه البلاد حكومةً وشعباً، وقد ذكر المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير (1/382): أن المراد به المؤمنون الكاملون الإيمانَ الذين استضاءت قلوبهم من مشكاة النبوة، وقال الشيخ الألباني معلقاً على الحديث في كتابه صحيح الجامع الصغير (612): «الخطاب خاص بالصحابة وأهل العلم بالحديث ونقاده ممن هم مثلهم في صفاء القلوب وطهارة النفوس والمعرفة بسيرته صلى الله عليه وسلم»، وأيضاً فإنه يلزم على طريقة هؤلاء المتكلفين الذين اعتبروه معياراً لما يُقبل ويُرد من الأحاديث أن كل حديث يُنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صحيح المعنى أن يُقبل ولو كان موضوعاً، مثل حديث: «ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد» رواه الطبراني من طريق عبدالقدوس بن عبدالسلام بن عبدالقدوس بن حبيب عن أبيه عن جده عن الحسن عن أنس، أورده الألباني في: «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» (611) وقال عنه «موضوع عبدالقدوس الجد كذاب، وابنه اتهمه بالوضع ابن حبان»، ومتنه جميل المعنى تقبله العقول ومع ذلك لا يجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه مكذوب عليه.
ومع وضوح كون هذا الحديث متشابهاً فإن الكاتبة تؤكد على اعتباره معياراً لما يقبله عقلها وعقول أمثالها لما يُقبل ويُرد من الأحاديث، وذلك بقولها: «فمؤمن يؤمن بقيمة قلبه وشعوره وبشريته وفطرته وصفاء سريرته حقيق عليه تقبل وتطبيق هذا المعيار، إلا أن للحزبيين ومصالحهم قولاً آخر، يردون كل حديث له مع الإنسانية التقاء طريق»!! وأهل السنة الذين وصفتهم بـ«الحزبيين» يصدِّقون بكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنسان والجان وغير ذلك.
أما ما زعمته أنها وأمثالها الذين وصفتهم بدقة الحس يميزون بين الصحيح والضعيف بذلك وبما وضعه الفقهاء من قواعد فهي دعوى لا مكان لها ولا اعتبار بها؛ لأن عقول أهلها تلوثت بما يريده أعداء الإسلام من القدح في دين الإسلام على أيدي بعض أبناء المسلمين الذين شذوا عنهم واتبعوا غير سبيلهم، والحقيقون بأوصاف دقة الحس وسلامة التصور وحسن الفهم هم أهل الحق والهدى الذين يعوِّلون على النقل ويتهمون العقول، ثم من هم الفقهاء الذين زعمت التعويل على قواعدهم في نقد الأحاديث؟! وبلا شك أنها لا تعني فقهاء الشريعة الذين يعولون على الأحاديث الصحيحة ولا يقدحون فيها بأهوائهم، وإنما تعني فقهاء جنسها ممن يجلب الضرر لنفسه ولمن يقتدي به، ولهذا قالت: «وبمنهجية صارمة كان الفقهاء لا يقبلون أي متن لأي حديث مهما بلغت صحة سنده إلا بما وافق شروط التصحيح»، ومن أبرز فقهاء الشريعة الذين صنفوا في الفقه كتباً واسعة الإمام أبو عمر ابن عبدالبر (463هـ) وكتابه: «الاستذكار»، والإمام عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي (620هـ) وكتابه: «المغني»، والإمام أبو زكريا يحي النووي (676هـ) وكتابه: «المجموع شرح المهذب»، وقد حماهم الله من وضع قواعد لرد الأحاديث الصحيحة بعقولهم.
وأما زعمها أن تصور شرب أبوال الإبل تنفر منه المهج السليمة فهو كلام غير مستقيم، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يرشد إلا إلى شيء مباح الأكل والشرب، وليس معناه أن المطلوب من كل أحد أن يشربه، فإن الناس متفاوتون فيما تقبله النفوس من الأطعمة والأشربة المباحة، فمنهم من يعجبه طعام أو شراب تعافه نفس غيره كما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم في عدم أكل الضب؛ لأن نفسه تعافه ولم يألف أكله، وقد أقر الصحابة الذين أكلوه بحضرته ممن تشتهيه نفوسهم.
وأما زعمها أن الطب والحكمة والعقل ترد متن رواية شرب أبوال الإبل، فمن المعلوم أن العقول السليمة تقبل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك مقتضى الحكمة، وأما رده من جهة الطب فلم تشر الكاتبة إلى دراسة طبية تؤيد ما زعمته، ولا يرد الطب الصحيح ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل الدراسات الطبية تؤيد ما جاءت به السنة، وفي صحيحي البخاري (5684) ومسلم (5770) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أخي يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلاً، ثم أتى الثانية، فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه، فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه فقال: فعلتُ، فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً، فسقاه فبرأ».
وأما حديث السمع والطاعة للأمير وإن جلد الظهر وأخذ المال الذي أنكرته تبعاً لزميلها، فقد أخرجه مسلم عن حذيفة رضي الله عنه من طريقين (4784، 4785) وهو يتعلق بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم وعدم الخروج على الولاة وإن جاروا، ولفظ الطريق الأولى: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، ولفظ الثانية: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع»، وهذه عقيدة السلف كما قال الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: «ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا»؛ لأن الضرر الذي يحصل بالخروج عليهم أضعاف الذي يحصل بجورهم.
3. وما أقبح وأشنع وأفظع ما ذكرته في المقطع الثالث وهو: «فالرواية وإن كانت في البخاري يجوز للفرد ردها بعقله حتى لو لم يكن متخصصاً»!! فإنه يوضح منتهى الانفلات والتمرد على شرع الله ودينه ورد السنة الصحيحة بالعقول السخيفة الفاسدة من كل من هب ودب.
4. ما زعمته من ذم عصر الخليفة العباسي المتوكل ووصفه بعصر الانحطاط وأنه هيمن على الوعي الإسلامي فيه فضل النقل على العقل، أقول: هذا كلام لا يصدر إلا من عقول منكوسة، والخليفة المتوكل رحمه الله هو الذي أظهر السنن وأمات البدع، ولا يَذُم ما حصل في عهده من إظهار السنن إلا من أعمى الله بصيرته، وكيف يُذم عصر هيمن فيه على الوعي الإسلامي فضل النقل على العقل؟! وما ذكرته من ذم لعصر المتوكل شبيه بكلام الزنديق الرافضي حسن المالكي الذي أثنى على المأمون الذي نصر المبتدعة وآذى أهل السنة، وذم المتوكل الذي نصر السنة وأنهى المحنة، وقد ذكرت هذيانه في ذلك ورددت عليه في رسالة: «الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي» طبعت مفردة وطبعت عام 1428هـ ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/293).
وأقول في الختام: إن حصول الانحراف عن طريق الحق والهدى لأي فرد في بلاد الحرمين مصيبة، وحصوله من الكاتبة وزميلها وهما من أسرة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أشد مصيبة، والمصيبة أعظم وأعظم في تولي ابن عمهما عبداللطيف آل الشيخ رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في 19/2/1433هـ التي انحرفت في عهده عن الطريق السليمة التي سار عليها من سبقوه، وقد ذكرت نماذج من هذا الانحراف للهيئة في كلمة: «أشكال التغريب الطارئ أخيراً على بلاد الحرمين في الوزارات والإدارات الحكومية وغيرها» نشرت في 5/5/1434هـ، وكلمة: «كاتبو وكاتبات صحيفة الجزيرة يحاورون الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» نشرت في 15/8/1433هـ، وإن من الخير لهذا الرئيس الذي ابتليت به رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يُقال من هذا المنصب وأن يستقيل إذا لم يُقَل ليسلم في دينه ويسلم غيره من ضرره.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق بلاد الحرمين حكومة وشعباً لكل خير ويحفظها من كل شر، وأن يقيها شر الأشرار وكيد الفجار من الغربيين والتغريبيين، وأن يهدي من ضل من المسلمين ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
على هذا الرابطhttp://al-abbaad.com/index.php/articles/106-1434-07-23

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, العبّاد, ردالأحاديث

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013